لِمَن هاته الفتنة النادرة
لِمَن هاته الفتنة النادرة / وما هاته الأعينُ الساحره
وما ذلك المرَحُ القدسيّ / وما هاته الضحكة الطاهره
تطوف مطاف الحنان العميم / وتسقط كالنعمة الوافره
وتمتدُّ مثل امتداد العباب / وترجع كالموجة الساخره
وتنقش أصداءها في القلوب / وتبقى مدى العمر في الذاكره
فيا رِقَّةً سُكِبَت في النفوس / كما تُسكبُ الخمرةُ القاهره
نسينا بك العالَم الدنيويَّ / وأسمعتِنَا نَغَمَ الآخره
ويا ربةً من نواحي الألمبِ / أطلّت على مهَجٍ شاعره
حنينا الرؤوس لمجد الجمالِ / ولُذنا بعرشكِ يا آسره
مثَّلتِ هذي الحياة / وصوّرت أدوارَها الزاخره
وحمَّلت روحَك أثقالها / وروحك كالريشة الطائره
وكلّفت قلبكِ خوض الجحيم / وقلبك كالجنة الناضره
دفعت به في اللظى كالخليل / وعدتِ مباركة ظافره
رجعتِ من النار ياقوتةً / مطهّرةً حرَّةً باهره
إن كرّمتكِ البلادُ / ودانت لمعبودةٍ قادره
فوالله ما فهمتك العقولُ / ولا قدرت قدرِك القاهره
فللشعر عينٌ يراكِ بها / بغير عيون الورى الناظره
يرى لك حُسنَ الشعاع الجميل / أغار على الظلمة الغامره
فجلَّلَ بالسحر هذي الدُّنى / وصيَّرها جنة زاهره
فنوَّر أكواخها الباليات / وهلَّل في دورها العامره
رسولٌ يجوس خلال الديار / وينزل كالرحمة الزائره
بعين قد اغرورقت بالدموع / لها مُقلةُ الغيمةِ الماطره
يطوف على الناس إنسانها / ومهجته للورى غافره