القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مِهْيار الدَّيْلمِي الكل
المجموع : 7
نديمي وما الناسُ إلا السُّكارَى
نديمي وما الناسُ إلا السُّكارَى / أدِرْها ودعني غداً والخُمارا
من العجزِ تركُ الفتى عاجلاً / يَسُرُّ لأمرٍ يُخافُ انتظارا
وعَطِّلْ كؤوسَك إلا الكبيرَ / تجِدْ للصغيرِ أُناساً صِغارا
وقرِّبْ فتىَ مائةٍ أو يزي / دُ قد أُكمِلَ الشيبَ إلا الوقارا
تُسِرُّ المَسَرَّةَ أحشاؤه / ويُبْرِزُ للعين طيناً وَقَارا
لوِن سواه رأيتُ الغلا / مَ ينفُضُ عن كتِفَيْه الغُبارا
وذي مِبزلٍ كزنادِ المكب / بِ يَقدَحُ بالبَزْلِ منه شرارا
فسلَّ من النار في وجهه / لساناً فأمسك فاهُ حِذارا
وخادَعهُ عن خَلوقيَّةٍ / تُذوِّبُ في كأسها الجُلَّنارا
جَنَتْ فقرَ شُرَّابها المسلمين / وأغنت بغُمَّى اليهودَ التِّجارا
عَقرْنا البُدورَ لهم في المهو / رِ حتى جلَوها علينا عُقارا
يطوف بها عاطلُ المِعصَميْ / نِ يُلبِسهُ الجامُ منها سِوارا
شفيقٌ على الحبِّ من غيره / إذا قلت ما أحسن البدر غارا
ولا ومُقَبَّلِهِ ما فَرَقْتُ / أريقتُه الخمرُ أم ما أدارا
هنيئاً لِلْهَوِيَ إنِّي خلع / تُ حلمِي له وتركتُ الوقارا
وصرتُ فتَى غَبَقاتِ الملوكِ / عشِيّاً أخا النشواتِ ابتكارا
ودادِيَ والدهرُ ما دامَ دامَ / وشعرِيَ والنجمُ ما سارَ سارا
وفيحاءَ من دورهم زرتُها / وأخلِقْ بها جَنَّةً أن تُزارا
تَلجلَجَ في وصفها المحدَثون / وحُدِّثَ رِضوانُ عنها فحارا
تعرَّبَ قاسمُها عادلاً / فخطَّ وتحسبه العينُ جارا
صُحُوناً طِوالاً كما تقتضِي / شجاعتُنا وحصوناً قِصارا
وشَقَّ لبستانها عن ثَرىً / إذا طلعَ النبتُ فيه أنارا
وقد بَثَّ في ظلِّ شجرائهِ / عُيونَ الأذَى رِقبَةً واستتارا
تخفَّرَ منها بمسلوبةٍ / سوى ورَقٍ أُلحفَتْهُ إزارا
من الهِيفِ حين يجورُ النسيمُ / على غصنها لا تُطيق انتصارا
نحولٌ عَرَضْتُ له بالسِّمانِ / وصُغرَى تجنَّبتُ منها كِبارا
ومنشورةٍ ستَرتْ نفسَها / فخاطت قميصاً ولاثت خِمارا
وعزَّتْ فصانت سوى ساقها / وما إن أباحته إلا اضطرارا
تُشمِّر عنه جلابيبَها / لعادته أن يخوضَ الغِمارا
فكادت تُواريه ضنّاً به / ومن حسنها أنّه لا يُوارَى
تُشكِّكُني وهي طوع الريا / حِ تَتْبعُها يَمنَةً أو يَسارا
أتدنو لتُسعفَني بالعِنا / قِ في مثلها أم تَصدُّ ازورارا
وتجلو عليك بناتِ الفسيلِ / إذا كَستِ السَّعَفاتُ الثمارا
غدائرُ غيدٍ يُضفِّرنَها / وتأبى عليهنّ إلا انتشارا
جلبنا له الماء من شاهقٍ / جزانا بحسْبِ الصعود انحدارا
وما سال حتى أسلنا اللُّجيْنَ / ولا عَزَّ حتى أهنَّا النُّضارا
إذا ما تحلَّق مستعلياً / تَعلَّقَ بالطبع يبغي الفِرارا
فثَوَّرَ خَمْساً إذا ما نطقنَ / بأخبارِهِ خِلتَ نقعاً مُثارا
إذا جادهنَّ ندىً جُدْنَهُ / وإن فرَّ طِرْنَ إليه نِفارا
هوِينَ الأَمانةَ حتى اجتهدنَ / لِيقضينَهُ ماءَه المستعارا
تَروسُ عليهنّ في وسْطِهِن / نَ كُبرَى تعولُ بناتٍ صِغارا
برزنَ يُخيَّلْنَ للناظرين / صوامعَ من حولها أو مَنارا
إذا سدَّدتْ لطعانٍ قَناً / حذفْنَ إليها نُصولاً طِرارا
حوتْهنّ معجزةُ الآيتينِ / تجودُ الحيا وتُمدُّ البحارا
فمن بين خَرْكاءَ مضروبةٍ / على تَلعةٍ حَمَلتْها اغترارا
تَولَّى مَجَاريَها فوقها / من الماء سمحٌ كريمٌ نِجارا
إذا ما أُديرَ لها مرّةً / لتُعجِبَ جادت فدارتْ مرارا
لها آيةٌ لم تكن قبلَها / ولكن ظَهرَنا عليها اقتدارا
ترى ظلَّها جامداً مائعاً / وتحمِلُ ضدَّين ماءً ونارا
ومثلِ العروسِ عروسٌ تُديمُ / يداها على مِنكبيْها النِّثارا
إذا ما جَلَوها أبتْ حِشمةً / بكرسيِّها أن تُطيق القَرارا
طلبنا لها الكُفءَ من قومها / فعزَّ وكان سوى الكُفء عارا
فعدنا نُزرّ عليها السُّجوفَ / فترضى بها عفّةً واختفارا
وكالظبي يُظلمَ باسم الجِمال / فيطغَى إباءً ويُغضِي اغتفارا
ويُزبِدُ فوه لُغاماً إذا / تفرَّق عن شَفَتيْه استطارا
يسير رَوِيّاً إذا ما اغتدت / كبودُ المطايا عِطاشاً حِرارا
ولولا الذي فَعلَ الطِّنْبَلَنْبُ / لقد أنجدَ المدحُ فيه وغارا
ولكنّه خافرٌ للذما / مِ جاورتُهُ فأساءَ الجِوارا
بغاني فلم أنجُ مع نَهْضَتي / ورحبِ خِطَائِيَ منهُ فِرارا
رماني فأصمَى بسهمٍ له / يدور مع المتَّقي كيفَ دارا
إذا هو فَوَّقهُ للثيا / ب ألقَى جروحاً تُضِلُّ السِّبارا
فأردَى ردائي وجاءت إلي / ك دُرَّاعتي تبتغي منكَ ثارا
قتيلي لديكَ فلا تذهبنَّ / عليكَ دماءُ ثيابي جُبارا
وبيتٍ إذا الدهرُ ضامَ الشتاءَ / تَعوَّذَ منه به فاستجارا
صحِبتُ الخريفَ به في المصيفِ / وذكَّرني الليلُ فيه النَّهارا
وأهدَى الهواءَ له ناشرٌ / جناحيْن لو حَمَلاه لطارا
تنصَّت للريح مستفهماً / بأذْنيْن لا يحملان السِّرارا
إذا عَبَرتْ مطلَقاتُ الريا / ح يسلُكْنَه ظِلْنَ فيه أَسارى
فتلفِظُ منها السُّمومُ الشّرارَ / ويُلقى إلينا النسيمُ الحِبارا
غرائبُ روَّضتَ يا ابن الكرام / برأيك منها الشَّموسَ النَّوَارا
وباهلتَ بالأرض فيها السما / ءَ فاعترفت خجلاً وانحصارا
وقبَّحتَ في جنب تحسينها / بأعين أربابهن الديارا
فلو صاحبُ السَّدِّ لاحت له / تبيَّن فيما بناه العَوارا
وقيستْ لكسرَى بإيوانه / قَلاهُ ولم يُعطَ عنها اصطبارا
أرتك بدائعَها هِمّةٌ / تُهينُ عليك العظيمَ احتقارا
وفضْلٌ يُجَلِّيكَ يومَ الرِّها / نِ مَنْ لا يُبَذُّ ومَنْ لا يُجارَى
فأقسِمُ باللّه لو أنصفو / ك قِسْماً وَردُّوا إليَّ الخِيارا
لما كنتُ أرضَى لك الخافقيْ / ن مُلكاً ولا جَنَّةَ الخُلد دارا
ينام على الغدر من لا يَغارُ
ينام على الغدر من لا يَغارُ / ولا يُظلمَ الحرُّ فيه انتصارُ
علَيَّ اختيار اختيارُ الحبيبِ / وإن خانني فإليَّ الخِيارُ
ملكتُ فؤادي على بابلٍ / وعقَّ أخاه الفؤادُ المُعارُ
وفيمن سمحتُ به للحُمو / ل أبيضُ ليلٍ سُراه نهارُ
إذا شكرتْ حُقْبُهُ خصرَه / تظلَّم من مِعصَميْه السِّوارُ
وبدرٌ وما عُدَّ من شهره / سوى هجره والتجنِّي سِرارُ
تطلّعَ يُتبِعني مقلتي / ه مختمراً من حُلاه الخِمارُ
وكنتُ الحليمَ وفي مثلها / تخِفُّ الحلومُ ويهفو الوقارُ
أُحبُّ الجفاءَ على عزِّةٍ / ولا أحمل الوصلَ والوصلُ عارُ
قَضيتَ وتهوَى ويرضَى الفتى / بطيفٍ يزور وربعٍ يُزارُ
وهبَّتْ تلوم على عفّتي / وتحذر لو قد كفاها الحِذارُ
تقول القناعةُ موتُ الفتى / إذا أُلِفتْ والحياةُ اليسارُ
وما الناسُ لو أنصفتني الحسا / بَ والأرضُ إلا صديقٌ ودارُ
وما ارتبتُ حتى رأيتُ اليمي / نَ تُعقَد في الحقِّ عنها اليسارُ
وتَطمعُ بالشعر لي في الغنى / متى نَصح الطمعَ المستشارُ
ولم تدرِ أنّ المساعي الطوا / لَ آفتُهن الحظوظُ القِصارُ
وما علمُ طبِّك من علّتي / وصبريَ والكرمُ الإصطبارُ
إذا لم يُبَيِّنْ أَسىً أو أُسىً / فكيف يَبينُ غنىً وافتقارُ
خَبَرتُ رجالاً فما سرَّني / على الودّ ما كشفَ الإختبارُ
ولما غلِقتُ برهن الوفاء / لهم تركوني بنجدٍ وغاروا
فلا يُبعد اللّهُ من ظلمهم / أخلاَّءَ حَصُّوا جَناحي وطاروا
وجرَّبتُ حظِّي بمدح الملوك / مِراراً وكلّ جناها مُرارُ
وكم من مُقامٍ توقَّرتُ في / ه طاروا له فرحاً واستطاروا
وخفَّتْ مسامعُ هنَّ الجبالُ / وجفَّتْ أناملُ هنَّ البحارُ
وأُخرَى ولم يأتني نفعُها / ويا ليت لم يأتِ منها ضِرارُ
إذا ما دعوتُ زعيمَ الكفا / ةِ أدركني الماءُ والخطبُ نارُ
وقام لها ناهضَ المنكِبيْن / يُقلَّصُ عن قدَميْه الإِزارُ
إذا خاض نَقْعَيْ حِمىً أو حِجاً / تفَرَّج عن حاجبيْه الغمارُ
كريمٌ تبرَّعَ بالنصر لي / وبالخيلِ من دون نصري انتشارُ
أَبَى أن أضامَ وردَّ الفِرارَ / عليّ وأقصى سلاحي الفِرارُ
بلا قَدَمٍ تتقاضاه لي / فتُرعَى له ذمّةٌ أو ذِمارُ
بلى في التجانس حقٌ جناه / عليّ وجارُك بالجنس جارُ
عجبتُ لباغيَّ أن أسترَقَّ / وكسرَى أَبِي ولساني نِزارُ
أرادَ لنقصٍ به بذلَهُ / وربحيَ في بيع عِرضي خَسارُ
أمانٍ أصابت له في سواي / وخابت معي والأماني قِمارُ
دمُ الفضلِ ثارَ بِهِ أن يُطَلَّ / فتىً لا ينام وللمجدِ ثارُ
قؤولٌ إذا الألسنُ المطلَقا / تُ قيَّدَها حَصَرٌ وانكسارُ
يُرَى فَوْرُهُ واصفاً غَوْرَهُ / وهل يصفُ النارَ إلا الشّرارُ
كفى الدولتين عناءُ الحسي / ن مَن يُستشارُ ومَن يُستجارُ
وقُلِّبتا وإليه مصي / رُ أمريْهما وعليه المَدارُ
وقمتَ ودون المَقام الحميدِ / مزالقُ يصعُبُ فيها الفَرارُ
وقبلكَ قد جرَّبوا واجتَنَوا / وبعدَك وانتصحوا واستشاروا
وحلَّوا بسيماك مَن جرَّدو / ه لو قُطِعتْ بالحُليِّ الشِّفارُ
فذاك مُدِلٌّ على عجزه / يُؤمَّرُ وهو عِيالٌ يُمارُ
طريرُ العِيانِ صديُّ اللسانِ / خُطَا لفظِهِ خطأٌ أو عِثارُ
إذا نشر الكِبرُ أعطافَه / طوت بشرَه الغَرَماتُ الصِّغارُ
لثوب الرياسةِ ضيقٌ علي / ه معْ وُسْعِ أثوابهِ وانشمارُ
غريبٌ إذا أن فيها انتسب / تَ أدلَى به نسبٌ مستعارُ
جزتك عن المُلك يومَ الجزاء / وعن فخره يومَ يُجزَى الفخارُ
غوادٍ من الحمدِ والإعتراف / غوارفُ من كلِّ عذبٍ غِزارُ
تجودك نَعماءَ تزكو النفو / سُ فيها وتَغْنَى عليها الديارُ
وعنّي سوائرُ إما تحطُّ ال / رواةُ وقاطنةٌ حيث ساروا
عذَارَى يُجلَّى لهنَّ الجمالُ / ويُخلعُ في حبِّهنّ العذارُ
يُخَيَّلُ ما نشرَتْ من علاك / عياباً متى نشرتْها التِّجارُ
إذا حَبَّرتْ أمّهاتُ القري / ض أخبارَها وبنوه الكبارُ
تمنَّوا بجهدِهم عفوَها / على ما سَبَوا غيرَهم أو أغاروا
يُقرُّ لمجدك إِكثارُها / بما سلَفتْ أنّه الإقتصارُ
فإن شفعَ العبدُ في مذنبٍ / نجت وجروحُ الأماني جُبارُ
وإن بلغَ الشكرُ حقَّ امرىء / فغايتُها مَعَك الإنتصارُ
إذا رُفِعَتْ من شَرافَ الخدورُ
إذا رُفِعَتْ من شَرافَ الخدورُ / فصبرَك إن قلتَ إني صبورُ
ستعلمُ كيف يُطَلُّ القتي / لُ بعد النوى ويُذَلُّ الأسيرُ
فإن كنتَ منتصِراً فاستقدْ / بثأرك والعيسُ عَجلَى تثورُ
وإلاّ فَلِن جانباً للفراقِ / فما كنتَ أوَّلَ جَلْدٍ يخورُ
ألا تُسعداني بعينيْكما / وما كنتُ قبل الهوى أستعيرُ
فقد حار لحظِيَ بين اثنتين / هوىً منجدٍ وخليط يغورُ
ترى العينُ ما لا يراه الفؤادُ / فيقصِدُ قلبي وطرفي يجورُ
وقفتُ وقد فاتني بالحُمو / لِ غضبانُ ليلٍ سراه قصيرُ
عنيفٌ إذا ساقَ لم يلتفتْ / لساقٍ تَطيحُ ومخٍّ يَريرُ
كفاه مع العيس حسنَ النشاط / حنينيَ في إثرها والزفيرُ
ولما تعيَّفتُ فاستعجمت / مَيامنُ كانت بخيرٍ تطيرُ
ولم أدرِ والشكُّ يَنفِي اليَقينَ / إلى أيِّ شِقَّيْ طريقي أصيرُ
تَنَبَّه من هاجعاتِ الرياحِ / فدلَّ عليكم نَسيمٌ عطيرُ
وخاطَفَ عينيَ برقٌ تُشا / مُ في حافَتيْه الطُّلَى والنحورُ
وفي الظُّعْن مشتبِهاتُ الجَما / ل تَشقَى بأعجازهنّ الصدورُ
حملنَ إلى قتلنا في الجفون / سيوفاً حمائلهن الشعورُ
وقُلِّدنَ دُرّاً تحدَّيْنَ عنه / كأنّ قلائدَهنَّ النحورُ
بكيتُ دَماً يوم سفح الغويرِ / وذاك لهم وهو جهدي يسيرُ
ومن عجبِ الحبّ قَطْرُ الدما / ءِ من مقلتي وفؤادي العقيرُ
وليلٍ تعلَّقَ فيه الصباحُ / فما يستَسِرُّ وما يستنيرُ
يعود بأوّلِ نِصفيْه لي / إذا قلتُ كاد وجاء الأخيرُ
كأنّ سنا الفجر حيرانَ في / ه أعمَى تقاعدَ عنه بصيرُ
نسيرُ به ونحطُّ الركابَ / وغيهبُه جانح لا يسيرُ
كأنّ الثريّا على جنحه / يدِي من مَقام الهوى تستجيرُ
سريتُ أشاورُ فيه النجومَ / ومالِيَ بالصبح فيها بشيرُ
إلى حاجةٍ في العلا همَّتي / إليها تطول وحظّي قصيرُ
وهل ينفعُ الرمحَ ما لم يُنَطْ / بكفٍّ تُطاعِنُ نصلٌ طريرُ
عَذيرِيَ من وجه دهري الوَقَاحِ / وأين من المتجنِّي عَذيرُ
ومن غَدرِ أيّامه العادياتِ / على ما أذمَّتْ عليه تُغيرُ
ألم يكفِها أنّ غصنَ الصِّبا / ذَوى واستردَّ الشبابَ المعيرُ
ولو نظرَتْ حسَناً لم تَمِلْ / عليَّ ومالِيَ فيها نظيرُ
ومولىً إذا أنا قلتُ احتكم / تفاحشَ يحبِسني أو يجورُ
رماني وقال احترِسْ من سوايَ / ليشعَبَ قلبيَ منه الفُطورُ
ألم يأتِه أنّه لا يُجَس / سُ غَوري ولا يطَّبيني الغؤور
وأن حِمَى هِبةِ اللّهِ لي / من الضيم لو رام ضيمي مجيرُ
ومن يعتصمْ بمعالي أبي ال / معالي يبِتْ كوكباً لا يغورُ
يبِتْ للغزالةِ من دونه / ذراعٌ قصيرٌ وطرفٌ حسيرُ
حَمَى سَرحَ سودَدِه أن يرا / عَ أشوسُ دون حِماه هصورُ
وقام بنُصرة إحسانه / فتىً لا يُخذِّلُ وهو النصيرُ
طليقُ المحيا إذا ياسروه / وجَهمٌ إذا حاربوه عسيرُ
له خُلُقانِ من الماء ذا / كَ ملحٌ وهذا فُراتٌ نميرُ
وطعمانِ إن طَمِعَ الحلوُ في / ه قام يدافعُ عنه المريرُ
إذا انتُهِكتْ للعلا حُرمةٌ / تنمَّرَ منه أبيٌّ غيورُ
وإن جئتَ محتلباً كفَّه / سقى من أوامك ضرعٌ دَرورُ
وفَى بالسيادة لَدْنَ القضيبِ / ولم تتعاقبْ عليه العصورُ
ورُشِّح عاتقُه للنِّجادِ / ولم تُلْقَ أخرازُه والسيورُ
حمولٌ قويمُ قناةِ الفَقارِ / إذا ركعتْ للخطوبِ الظهورُ
رحيبُ الأضالِع ثَبْتٌ إذا / تنفَّس من ضِيقهن الضَّجورُ
غنيٌّ بأولِ آرائه / إذا ما استبدَّ فما يستشيرُ
سماتُ ابنِ عشرين في وجههِ / وفي حلمه عشراتٌ كثيرُ
كريمٌ تفرَّع من أكرمِي / نَ كَوْرُ فخارِهمُ لا يحورُ
وُسُومُهُمُ في جباهِ الدهو / ر بالعزِّ تبقَى وتَفنَى الدهورُ
إذا مات منهم فتىً فابنُه / حياةٌ لسؤدُدِه أو نشورُ
بنَى البيتَ لا ترتقي الفاحشاتُ / إليهِ ولو حَمَلتْها النُّسورُ
رفيعُ العمادِ ترى بيتَه / مكانَ ابتنى منكبيْه ثَبيرُ
تَزالَقُ عنه لحاظُ العيونِ / فترجعُ عن أفْقِهِ وهْي زُورُ
ولو لم يكنْ في العلوِّ السماءَ / لما طلَعتْ منه هذي البدورُ
لنيرانهم في مُتونِ اليفَاعِ / لحاظٌ إلى طارق الليل صُورُ
مواقدُ تُضرَمُ بالمندليّ / وتُنحرُ من حولهنَّ البُدورُ
عُلاً شادَها مجدُ عبد الرحيم / على خُطّةٍ خطَّها أرْدَشِيرُ
فروعٌ لهمْ قَلَمُ المُلك من / أصولٍ لهم تاجُهُ والسريرُ
فداكم شقيٌّ بنُعماكُمُ / تلثَّمَ عجْزاً وأنتم سُفورُ
له حين يبطُشُ باعٌ أشل / لُ من دونكم وجَناحٌ كسيرُ
ضعيفُ جناحِ الحشا بائحُ ال / لسان بما ضمَّ منه الضميرُ
يغيض بأذرعكم فِترُه / وكيف ينالُ الطويلَ القصيرُ
تدورُ عليه رَحَى غيظِهِ / بكم وعليكم تدورُ الأمورُ
على صدره حسَدٌ أن غَدَتْ / بأوجهكم تستنيرُ الصدورُ
لكم كلّ يومٍ بما ساءه / بشيرٌ ومنكم إليه نذيرُ
فللسيف والسَّرجِ منكم فتىً / أميرٌ وللدّست منكم وزيرُ
وليس له غيرَ عضِّ البنان / وذمِّ الزمان عليكم ظهيرُ
بكم وضَحتْ سبُل المكرُماتِ / وبات سِراجُ الأماني يُنيرُ
ومالتْ إليّ رقابُ المدي / حِ تُصحِبُ وهي عَواصٍ نُفُورُ
وكان جباناً لسانُ السؤالِ / فأصبح وهو جريءٌ جسورُ
ملكتم نواصِيَ هذا الكلام / فليس بهنَّ سواكم يطورُ
لذاك وأنتم فحولُ الرجا / ل يهواكم الشعرُ والشعر زِيرُ
وهَبْتُ لساني وقلبي لكم / فيوماً ودادٌ ويوماً شُكورُ
وأصبحتُ منكم فمن رامني / سواكم فذاك مَرامٌ عسيرُ
لك الخيرُ إني فتىً منك شِمْتُ / نداك فأسبَلَ نوءٌ غزيرُ
وجوهرة لم تلِدْ مثلَها / على طول غوصِيَ فيها البحورُ
وربَّ ندىً لك مستملَحٌ / صغيرُك عندِيَ فيه كبيرُ
يطيبُ فأبصرتَ منه مكانَ / رضاي وغيرُك عنه صبورُ
لئن قمتَ فيه بشرط الوفاء / على فَوْرةٍ لم يعقها فتورُ
فما كان أوّلَ ما يعجزو / ن عنه وأنت عليه قديرُ
وكم أملٍ لي حَصيصٍ وثقتُ / بأنّ جناحك فيه يطيرُ
وعنديَ من أمّهات الجزاءِ / وَلودٌ وأمُّ القوافي نَزورُ
تزورك في كلّ يومٍ أغرَّ / بحقٍّ من المدحِ ما فيه زُورُ
أوانسُ جودُك من كفئها / إذا أبرزتْها إليك الخدورُ
وأمدحُ قوماً ولكنني / إليك بما قلتُ فيهم أُشيرُ
رعَتْ بين حاجِرَ والنَّعفِ شهرا
رعَتْ بين حاجِرَ والنَّعفِ شهرا / جَميما وعبَّتْ شآبيبَ غُزْرا
مِراحاً محلَّلةً عُقْلُها / ترى الخصبَ أوسعَ من أن تُجِرَّا
مكرمةً عن عِصِيّ الرُّعاةِ / فإن كان لابدَّ ردعٌ فزجرا
ولا ظُعُنٌ ثَمّ مرحولةٌ / تجرُّ الجنوبَ ولا ضيفَ يُقْرى
إلى أن غدا الهضبةَ ابنُ اللَّبو / ن فيما تَرَى العينُ والنابُ قصرا
فكان على ذاك شَمُّ السَّفا / ولسُّ الهشيم وإن كان مُرَّا
وماءٍ تَعرمَضُ أوشالُهُ / ببابلَ أشهَى اليها وأَمْرى
بلادٌ منابتُ أوبارها / عليها ربَتْ يوم تُنْزَى وتُذرَى
وأفلاؤها ومساقيطُها / تَقامَصُ فيها قَلُوصاً وبَكْرا
وتُحمَى بأرماحِ فرسانِها / إذا شُلَّت الإبْلُ طرداً وطَرَّا
وفيها الكواعبُ والمحصَنا / تُ من مقتنيها عَواناً وبِكرا
نجومُ قبيلٍ إذا ما طلعن / أغرنَ النجومَ وإن كنَّ زُهْرا
وكلّ ثقيلةِ حملِ الإزار / خفيفةِ ما ضمَّ عُنْقا وخَصْرا
ترى الغصنَ تحسبه في النسيم / أخاها وإن كُسِيَتْ يوم يعرَى
أمنها وإن نام ليلُ الوشاة / وعاد المَواقدُ في الليل حُمْرا
ومرَّ يصوِّبُ سرحُ النجوم / خيالٌ ألمَّ ولا حينَ مَسرَى
ألمَّ بمعتنقٍ ساعديْه / يطارح منها الأمانيَّ ذِكرا
فما رابه من صعيد الغوي / ر إلا تحوّلهُ الليلَ عِطْرا
ولما أضاء الذي حوله / تطلَّع يحسَب ظمياءَ بدرا
فللّه بابلُ نفّاثةً / وإن ضرّت الحلم سحراً وخمرا
على أنها منزلٌ لا يكا / د يحمِل في غالب الأمر حُرَّا
ومزلقةٌ بالفتى لا تكون / لذي حاجةٍ وابنِ فضلٍ مَقَرَّا
إلى كم أطامنُ عُنْقي بها / خُمولا وأعرُكُ جنبيَّ فقرا
وأتبعُ إلفي وحزمي يقول / وراءَك في غير ذا المِصر مِصرا
كفى الناس لؤماً بمثلي يضي / ع فيهم ويطلبُ منهم مَفَرَّا
فَلِمْ يغمز الدهرُ حملاً علي / يَ ما لك أبعدك اللّه دهرا
أمن أجل أني بفضلي وسع / تُ أهلَكَ توسعني منك شرَّا
وما زلتُ أحفِل بالغدرِ منك / وأنكر جورَك حتى استمرَّا
ولو قد وفت لعميد الكفا / ةِ أيّامُه لم أنل منك غدرا
إذن لوقتنيَ حصداءُ منه / تُطير سهامَك ثَلْماً وكَسرا
وكنتُ أعزَّ حِمىً أن أضامَ / وأمنعَ في حَرَم الأمن ظَهرا
وردَّك عنّي ولا الطود فَلَّ / بكفيك منّي ولا الليثُ فرّى
عوائد ما أسلفتْني يداه / على نائباتك غوثاً ونصرا
لئن كنتَ أسحلتَ في كفّه / من العهد حبلاً فتيلاً مُمَرَّا
وأصبحتَ تنهَدُ بغياً إليه / بشهباءَ بيَّتَّهَا أمسِ مَكرا
فلم تُنحِ إلا على المكرماتِ / ولا هِضتَ إلا السماحَ المبرَّا
لغادر جهلُك قلبَ العلا / خفوقاً بها وحشى المجدِ حَرَّى
ضممتَ عليه جَناحَ العُقوق / فُرحتَ بها قد تأبَّطتَ شرّا
فسل عنه كيدَك يا دهرُ كيف / ثناك ثباتاً وأعياك صبرا
وكيف حشَدتَ له وارتقيتَ / فلم تستطع طودَه المشمخِرّا
وَفَى ناهضاً بك حتى رددتَ / صروفَك عنه رَذايا وحَسرَى
وما كنتَ والأَسَدُ الوَدرُ أنتَ / لتُعلِقَ بالحرِّ ناباً وظُفْرا
ولكنّها دولةٌ أعرضتْ / ودنيا تَنَقَّلُ مَرَّاً ومَرَّا
هو الحظّ يعقِل من حيث جُن / نَ والمالُ يرجعُ من حيث مَرَّا
وخيرُ بنيك الذي إن نقَص / تَ من حاله ازداد مجداً وفخرا
وما كَنَزَ المرءُ خيراً له / من الحمدِ والحسبِ العِدِّ ذُخرا
إذا سلم العرضُ عرضُ الكريم / وعزّ فلا وفَرَ اللّهُ وَفْرا
لعلّ مُجعجِعَها أن يطيلَ / لها في الأزمَّةِ سَحباً وجَرَّا
ويتركها وسواءَ الطريق / تساقُ إلى غايتيها وتُجرَى
فتأتي ويا قربَها من مُنىً / يقول لها الدهر صفحاً وغَفْرا
مبيناً بما قد جنى تائباً / إليك بسالفِ ما قد أصرَّا
ترى للندامةِ في صحفتي / ه سطراً مبيناً وللذلِّ سطرا
لعمري لئن صوّحتْ دوحةٌ / لقد أعقبت غُصُناً منك نَضْرا
وسيعَ الظلالِ على قومه / شهيَّ الجنَى ناعماً مسبَكِرَّا
رِباطاً لشملِهمُ أن يشِذَّ / ودَعْماً لسقفهِمُ أن يَخِرَّا
بك انتظم العقدُ من بعد ما / تهاوَى فعطِّلَ جيداً ونَحْرا
ضممتَ قَواصيَهم بعد ما / تعاطَوْا عصا البين صَدْعاً وقَسْرا
وكنتَ لهم كأبيك الكريم / حُنُوَّ الرءوم وعَطفاً وبِرَّا
فلم يهوِ طودٌ وأنتَ الكثيبُ / ولا مات زيدٌ إذا كنت عَمْرا
أطافوا بناديك واستحلبوك / فأحسنتَ حَوْطاً وأغزرتَ دَرَّا
وما ضرَّهم أنهُم يعدَمو / ن غيثاً وقد وجَدُوا منك أثرى
مَخايلُ كنتُ توسَّمتُها / قديماً وعيَّفتُها فيك زَجْرا
وأيقنَ صدرِيَ أنّي أراك / لأهلك وجهاً وللناس صَدْرا
بما كنتَ أبعدَهم هِمّةً / وأمتنَهم في الملمّات أَسْرا
وأضيقَهم عُذْرةً في السؤال / وأوسعَهم ليلةَ القُرِّ قِدْرا
وأجلَى إذا الشُّبُهاتُ اختلط / ن رأياً وأمضَى لساناً وأجرَى
أمور إذا اجتمَعتْ للفتى / أراد به اللّهُ في العزِّ أمرا
سُدِ اليومَ أبناءَ عبد الرحيم / فأنت غداً سيّدُ الناس طُرَّا
وثقْ ببشائِرَ تُملَى عليَّ / فما كذِّبتْ لِيَ في الخير بُشرى
أنا ابنُ الوفاءِ الذي تعلمو / نَ لم أنوِ نَكْثاً ولم أطوِ غمْرا
قسيمُكُمُ إذ أساء الزمانُ / كما كان قاسَمكم حين سَرَّا
حُليّاً على عَطَل المهرجا / ن يُعصَبْنَ تاجاً ويُرصَفْنَ شَذْرا
فإن تك وقتاً أخلَّتْ بكم / فربَّ انقطاعٍ وما كان هَجْرا
ولولا تلاعبُ أيدي النوى / بكم ما أغبَّتْ ثناءً وشُكرا
أدمعُك أم عارضٌ ممطرُ
أدمعُك أم عارضٌ ممطرُ / أم النفسُ ذائبة تَقطُرُ
دَعوا بالرحيل فمستذهِلٌ / أضلَّ البكاءُ ومستعبِرُ
وقالوا الوداعُ على رامة / فقلت لهم رامةُ المحشَرُ
وأرسلتُ عَينيَ بالأَنعَميْنِ / لتُبصِرَ لو أنها تُبصرُ
فما حَمَلتْ خبراً يُستطا / بُ إلّا الذي كذَبَ المُخبِرُ
وعنَّفني منذرٌ خالياً / ألفتَ وفُورِقتَ يا منذِرُ
وقالوا تحمَّل ولو ساعةً / فقلت لهم مُدّتي أقصرُ
ولكن تطالَلْ بعينِ النصيح / لعلَّك مُستشرِفاً تنظرُ
أجنب الغضا يقبلُون الركا / بَ أم عَرْعَراً قال بل عَرْعَرُ
فلا تذكرون لقلبي السلو / وَ إن كان ذاك كما يُذكَرُ
سقى اللّهُ ما كَرُمتْ مزنةٌ / وما وَضَعَتْ حاملٌ مُعصِرُ
وحنَّت فَدرَّتْ على أرضها / سماءٌ تبوح بما تُضمِرُ
ملاعبَنا بالحمى والزما / نُ أعمَى وليلُ الصِّبا مقمِرُ
وعصرُ البِطالةِ مثلُ الربيع / حَياً أبيضٌ وثَرىً أخضرُ
وظبيةُ جارٌ إذا شاء زا / رَ لا تستريبُ ولا تَحذَرُ
إذا لذّة اليوم عنا انطوت / وثقنا بأخرى غداً تُنشَرُ
وفي الحيّ كلُّ هلاليَّةٍ / هلالُ السماء بها يُكْفَرُ
تذلُّ على عزّها للهوى / وتُسبَى وأنصارُها حُضَّرُ
تسيل الأسنَّةُ من دونها / ونحنُ على سرّها نَظهَرُ
فذاك وهذا لوَ اَنّ الزمانَ / إناءٌ إذا راق لا يَكدُرُ
تلوَّنَ في صِبغ أيّامه / تلوُّنَ ما نسجَتْ عَبقَرُ
فيومٌ تَعَرُّفُهُ غفلةٌ / ويومٌ تجنُّبُهُ مُنكَرُ
يَجِدُّ ويبلَى فطوراً غريبٌ / وطوراً يَسدُّ الذي يُعوِرُ
وحاجةِ نفسٍ سفيرُ الرجا / ء يُورِدُ فيها ولا يُصْدِرُ
تكونُ شجىً دون أن تنقضي / وبابُ القضاءِ بها أعسرُ
بَردتُ لسانِيَ أن أشتكي / أذاها وصدري بها يَزْفِرُ
وعهدٍ رَعيْتُ وذي مَلَّةٍ / وصلتُ من الحق ما يَهجُرُ
أردتُ بقيَّتَهُ فانعطفتُ / عليه وجانبُه أزوَرُ
سها فتناسى حقوقي علي / ه وهو على سهوه يَذْكُرُ
أبالحق تهدِمُني بالجفاء / وأقطارُ عرضك بي تَعْمُرُ
وتشربُ ظلْمِيَ مستعذباً / وظلمي مُمِرُّ الجنا مُمقِرُ
سأضربُ عنك صدورَ المطيِّ / وفي الأرض مَغنىً ومستمطَرُ
نوازِعُ تقمحُ وِرْد الهوانِ / فتطمحُ تُسهلُ أو تُوعرُ
وأنّ لها في رجالِ الحِفاظِ / مَرَاداً إلى مثله تُزجَرُ
وفوق ثنايا العلا أعينٌ / يُهَشُّ إليها ويُسْتَبْشَرُ
وفي جَوِّ عجلٍ إذا أعتمتْ / وضلَّتْ نجومُ هُدىً تَزْهَرُ
وأفنيةٌ تقبِضُ الوافدين / إذا رُفِعتْ بينهم كَبَّروا
يَفيءُ لهم ظلُّها بالهجيرِ / وتأرجُ طِيباً إذا أسحروا
متى تَرِد الماءَ بالزابِيينِ / وترعَى صَرِيفِينَ أو تَعبُرُ
تَخُضْ في جَميمٍ يَعمُّ السنامَ / وينصُفُهُ العُنقُ المسفِرُ
وتكرعُ منبسطاتِ الرقا / بِ لا يردُ الناسُ أو تَصدُرُ
وللراكبيها القِرَى والحمى / ورِفدٌ يطيبُ كما يَكثُرُ
ومعقورةٌ واجباتُ الجُنوبِ / صفايا وفهّاقةٌ تهدر
فزاحم بها الليلَ حتى تكونَ / لها الصادعات له الفُجَّرُ
مَواقِرُ بالحاجِ تُبْطَنُ حي / ثُ تَطرَحُ أثقالَها الأظهرُ
فلا يعطفنَّك عن همّة / هممتَ بها بارحٌ يُزجَرُ
فلا الجَدُّ يدفعه أعضبٌ / ولا الحظّ يصرفه أعورُ
ولا أنتَ رامٍ بها جانباً / يُشطُّ ولا نِيَّةً تَشْطُرُ
وعند أبي القاسم المكرما / تُ تَنمِي وأغصانُها تُزهِرُ
كريم يَرى أنه بالملا / م يُقْذَعُ أو بالغنى يُفْقَرُ
إذا استأثر اللّهُ بالمنفساتِ / من المال فهو بها مؤثَرُ
يُهين الحياةَ بحبّ الفناءِ / وكفّاه في حسب يَغمُرُ
ويُعطِي عطاءَ ابن عيسى ابنهُ / وما بين بحريْهما أبحرُ
فهذا يجود على فقره / وذاك على جوده موسرُ
ففي الضيم عنه فؤادٌ أصمُّ / إذا قَطر الصخر لا يقطُرُ
وأنفٌ يجيشُ به منخراه / إذا سُدّ في آخرٍ منخرُ
ونفسٌ إذا العيش كان اثنتين / عُلاً تُقتنَى وغنىً يؤثَرُ
مضت في سبيل الأشقّ الأعزِّ / ولم يُصْبِها الأروحُ الأصغرُ
ويومٍ من الدمِ ساعاتهُ / قميصُ النهار به أحمرُ
تبطَّنه خائضاً نفعَهُ / يُقَلَّص عن ساقه المِئزرُ
حميّةُ من لا تنام التِّرا / تُ خلفَ حشاه ولا تُهدرُ
وضوضاء قطَّر بالمفحَمي / ن ظهرُ مطيّتها الأزعرُ
تخلَّصها فمُه فانجلت / كما فارق الصدفَ الجوهرُ
فوِتر مضاعٌ به يستقاد / وفضلٌ مذالٌ به يُنصرُ
إذا قال فاعقِد خيوطَ التميم / عليك فألفاظه تَسْحَرُ
ويا تارك الخمرِ لا تأتِهِ / فإنّ خلائقَه تُسكِرُ
يريك بظاهره غادةً / تَزُمُّ حياءً وتستخفِرُ
وفي فهمه لك نَضنَاضَةٌ / خَدورٌ وفي درعه قَسْورُ
تعطَّر من طِيبه المجدُ عنه / وعن قومه الأطيبُ الأطهرُ
ملوكٌ قديمهُمُ كالحديث / وبالفرع يُعرَفُ ما العنصُرُ
وما أخلفوا أن يُحلِّي الزما / نَ منهم أميرٌ ومستوزَرُ
وقاضٍ ينفِّذُ أحكامَهُ / إذا أمر الناسَ لا يؤمَرُ
هُمُ لعشيرتهم كالسما / ءِ كلُّ الذي تحتها يصغُرُ
لهم كأسُ نَشْوتها بالعَشِيِّ / وخيلُ الصباحِ إذا استُذعِرُوا
وفيهم مَرابعُها والصفي / يُ والقِدحُ إن عُلِّيَ الميسِرُ
وما سار من ذكرها في السماح / فهم ريَّشوه وهم طيَّروا
مضَوا سلفَ المجد واستعمَروا / ديارَ العلا سعْيَ من أَخَّرُوا
وقد علموا بابنهم يومَ را / شَ أن رمائمَهم تُنْشَرُ
وما هبةُ اللّه إلا المدا / مُ من مثلِ كَرْمِهِمُ تُعْصَرُ
فلا عَصْمُ سودَدِهم بالقنا / يُحَلُّ ولا عودُهم يُقشَرُ
ومنتحِلٍ سِمةَ الفاضلي / ن والفضلُ من شكله ينفرُ
تقلَّد فيما ادعى غيره / هوىً وهو في اللؤم مستبصرُ
رآك كمُلتَ فظنَّ الكمالَ / لكلّ فتىً رامَهُ يقدِرُ
ولم يدرِ أنَّ الحجا متعِبٌ / ولا أن حبَّ العلا مُفقِرُ
حَلتْ نومةُ العجزِ في عينه / فلم يدرِ ما فضلُ من يَسهَرُ
لك الخيرُ فاسمع فإنّ الحدي / ثَ يُقْتَصُّ ثمّ له مَنشَرُ
يَهُبُّ شَراراً ويمشي على ال / سروح فتُلهَبُ أو تُسعَرُ
ولا تُرْعِني سمعَ خالي الضلو / ع ممّا أُجِنُّ وما أُظهرُ
فغيرك مَن لا أُبالي بما / شكوتُ أيسمعُ أم يَوْقَرُ
وغير حياضك ما لا أحومُ / عليه ولو أنه الكوثرُ
إلام تَحَرُّمُ شعري بكم / يضيعُ وذمَّتُهُ تُخْفَرُ
ويُمْطَل دَيْني ودِين الوفا / ء تاركُه عندكم يَكْفُرُ
وللمطل والصبر وقتٌ يُحَدُّ / فكم تمطُلون وكم أصبرُ
ألم تعلموا أنني ما بقي / تُ أَنظُركُم ثمّ لا أُنظَرُ
أذمُّ زماني وبي حاجةٌ / إلى القول شاهدُها يحضُرُ
وأرسل من رَسَن الإقتضاءِ / أواناً أعرِّض أو أذكُرُ
فلا بالشكاية فيما أبو / حُ أحظى ولا بالذي أستُرُ
وقد كنتُ أشكو وأيّامُكم / جِعادٌ وعامُكُمُ أغبرُ
وأعذرُ والحالُ فيما أرو / م عن قدر همّتكم تقصرُ
فكيف وقد أُمطِرتْ أرضُكم / وأُفعمَ واديكُمُ أعذرُ
وأمرُ البلاد ورزقُ العباد / إليكم وعن مثلكم يصدرُ
قدرتم فمنّوا فكم ليلةٍ / سهرتُ إلى اللّه أن تقدروا
فما في الحميّة أن يمنَع ال / مليءُ وذو حقّه مُعسرُ
دعوناكُمُ من وراء التي / لسانُ البليغ بها يَحصِرُ
وعن خَلّةٍ باطنٍ داؤها / تُجَمّلُ بالصمت أو تُستَرُ
مَكحَّلَةٍ خشِنٍ مسّها / إلى أكلنا فَمُها يُفْغَرُ
يعزّ على المجد والمكرما / ت أنّا بأنيابها نُعقَرُ
ونحن من الدهر بل منكُمُ / بما سدّ خَلَّتَنا أجدرُ
شموسٌ ببغداد منكم تضيء / ونحن بأقسامنا نَعثرُ
وبالجزع فالمنحنى من دُجَيلٍ / سحابٌ على غيرنا يَهمِرُ
ونحن نظنّ بأيّامكم / كما ظنّ بالثمرِ المؤبرُ
فهل فيكُمُ وبَلَى فيكُمُ / فتى يُصرِخُ الفضلَ أو ينصُرُ
فيذكر من حقِّنا ما نُسي / ومثلُ أواصرِنا يُذكَرُ
وأُمٍّ يفوزُ بإعلانها
وأُمٍّ يفوزُ بإعلانها / بنوها ويُدْهَوْنَ من سرِّها
عجوزٌ ولودٌ تَعُدُّ البعولَ / كثيراً وكلٌّ أبو عُذرِها
إذا نتجت طامثاً كان ذا / ك أشبهَ في الحزم من طُهرِها
يطاها بنوها وهم مسلمو / ن حتى تعودَ إلى كفرِها
تدبِّرها أختها في الرَّضاع / فتمضِي الأمورُ على أمرِها
إذا ولدت بطنُها للتمامِ / فتىً شَهَرتْه على ظهرِها
لها الفخر بالذكر والانتساب / إليها وتبعد عن ذكرِها
طوى الليلَ راكبُ أخطارِهِ
طوى الليلَ راكبُ أخطارِهِ / على شَحْط دارِيَ من داره
خيالٌ وفَى بضمان الهوى / فجاء رسولاً لغدّارِهِ
سَرى من ضنينٍ بمعروفه / تَعرَّضَ فيّ لإنكارِهِ
حبيبٌ جبانٌ بغير الوصال / شجاعٌ بإهداء آثارِهِ
طُرِقتُ بما زار من طيفه / كأني طرِقتُ بعطَّارِهِ
تطلّعَ يُقصِرُ ليل التمام / طلوعَ كواكبِ أسحارِهِ
بأشنبَ يسمحُ للراشفين / بنهب ودائعِ خمَّارِهِ
إذا أسكرتْ دائراتُ الكؤوسِ / صحا الشاربونَ بأدوارهِ
أقام فوافى وجلَّى به / من الصبح أخبثُ أطيارِهِ
وبرقُ خشوعيَ من طيفه / وماءُ جفونيَ من نارِهِ
تَعرَّض لي شفق الأتحمي / يِ تنزو الرياحُ بأشطارِهِ
فطارحني من حديث العُذَيبِ / وفاكهني طيبَ أخبارِهِ
أراني مَواقدَ نيرانه / بعيداً ومجلسَ سُمّارِهِ
وذكَّرني زمناً ما شربتُ / دموعيَ إلا لتَذكارِهِ
وليلاً عدمتُ ضياءَ السرو / رِ منذ فُجعتُ بأقمارِهِ
وهِيفاً غَذاهنّ وادي النعيمِ / بجنّاته وبأنهارِهِ
ملَكن الهوى فأعرن القلو / بَ ماشئن منه سوى عارِهِ
فهنّ ظواهرُ ما غابَ منه / وهنّ بواطنُ أسرارِهِ
وأبله لا تجد العينُ في / ه نهجاً يُقَصُّ بآثارهِ
يقلّ عليه انتفاعُ الدليل / بتجريبه وبتَكرارِهِ
ندَبتُ له يدَ طَبِّ الحسابِ / بأخماسه وبأعشارِهِ
غنيٌّ عن النجم أن يَستدلَّ / بواقعه وبطيَّارِهِ
ونبّهتُ ذا رقدةٍ حُلوةٍ / فقام لأمري وإمرارِهِ
يُخال بخُبرته بالفضا / ء أُعطِيَ قِسمةَ أقطارِهِ
يدارِي إلى السوط جفناً خيوطُ ال / كرى ممسكاتٌ لأشفارِهِ
فملنا إلى جنح ليلٍ يضيع / بياضُ الكواكب في قارِهِ
لعزٍّ تركنا غراماً به / سروجَ الطريق لأكوارِهِ
وأحرَى به أن يُجَلَّى دجاه / بوجهِ الوزير وإسفارِهِ
وأن يضعَ السيرُ أثقالَهُ / إذا رُفِعتْ حُجْبُ أستارِهِ
إذا شُرُف الدين حَطَّت به / قَدَرْنا سراها بمقدارِهِ
فطاب المُقامُ لقُطَّانه / وقرَّ المطيّ بسُفَّارِهِ
إليك افتضضنا عذارَى السهوبِ / بعُونِ الرجاءِ وأبكارِهِ
إلى خير من حلَّ شوقاً إليه / ركابُ المطيّ لأسيارِهِ
فحرَّمها أن تشمَّ الهوانَ / فتىً لا يُجارُ على جارِهِ
كريمٌ يعدُّك أغنيتَهُ / إذا أنت جئت لإفقارِهِ
كأنك أوّل أحبابه / إذا كنتَ آخرَ زوّارِهِ
دع الناسَ واعكف على بيته / فدَرُّ الندى تحت أحجارِهِ
رِواقٌ ترى المجد في صدره / ورزقَك ما بين أكسارِهِ
وهَبْ عُشُبَ الأرضِ للرائدين / إذا ما وليتَ بأقطارِهِ
حَمَى اللّهُ أبلجَ بدرُ التما / م يطلُعُ ما بين أزرارِهِ
وحيَّا على رغم زُهر النجو / م وجهاً يعمُّ بأنوارِهِ
وأعدى أعاديه من ماله / إذا جاد قلّةُ أعمارِهِ
همامٌ ظواهرُ أسْد الشرَى / تَلاوَذُ في الغابِ من زارِهِ
يُهيب بها بعد إصحاره / وتَرهَبُه قبل إصحارِهِ
حليم السطا ينزل الذنب منه / بواهبه وبغفَّارِهِ
تنام على الفُرُطات العظا / م عيناه إلا على ثارِهِ
نهيتُ عدوَّك لو أنه / بوعظيَ تاركُ إصرارِهِ
وقلتُ حذارَك لا تغترر / بصلّ الحَمَاطةِ في غارِهِ
فبعد سكينةِ مجموعهِ / تسوءك وثبة ثَوَّارِهِ
فلم ينتصحني ولم يعنني / وقد حان كثرةُ إنذارِهِ
ومرّ يجاري على الاغترا / ر من ليس من خيلِ مِضمارِهِ
أراد ليغمزَ صُمَّ القنا / بجُوفِ اليراع وخُوَّارِهِ
وشاور في البغي شيطانَهُ / فأطغتْه طاعةُ أمّارِهِ
وعارَض معجز آياتكم / بكذّابه وبسحّارِهِ
توغّل يدرُس آثارَكم / فأنغض من دون آثارِهِ
ومدّ ليحملَ ما تحملون / صليفاً ضعيفاً بأوقارِهِ
وكان يلام فلما لجا / إلى العجز قام بأعذارِهِ
ألم يكفِهِ غدرُ كرَّاته / به وتقلّبُ أطوارِهِ
وتجريبُه معَكم نفسَه / فيُنهي اللجاجَ بإقصارِهِ
ولما انتصرتَ بكافي المهمّ / أحسَّ بخذلانِ أنصارِهِ
ظَفِرتَ وها هو تحت الإسا / ر يأكل زائدَ أظفارِهِ
تُعفِّي الخطايا بإقلاعهِ / وتمحو الذنوبَ بإقرارِهِ
رضيتَ بقُلِّك حتى تعزَّ / ويرضَى الهوانَ بإكثارِهِ
فقنطارُ مالك دون الأذى / ومهجتُه قبلَ دينارِهِ
تجلَّتْ بسعدك غُمّاؤها / فتوقَ الصباح بإسفارِهِ
وغُرم الذي فات في ذمّة ال / قضاء وسابق أقدارِهِ
وقد جَنبَ الدهرُ من نفعه / منائحَ في حبل إصرارِهِ
سيأتي تنصُّلهُ آنفاً / فيسفر في حظّ أوزارِهِ
ودون جنا النحل وخَّازَةٌ / تشقّ على يد مشتارِهِ
بقيتَ لملكٍ إذا كنت فيه / فإثراؤه مع إصفارِهِ
ويا ربَّ بيتِ الندى لا أصي / بَ منك بسيّد عُمّارِهِ
ودارَ بما شئتَ قطبُ النجو / م تُعطَى سعادةَ أدوارِهِ
وزار جنابَك هذا الربيعُ / بمنخرق الخِلفِ درَّارِهِ
تجارِي سماحَك أنواؤُه / وخُلْقَك زُهرةُ أنوارِهِ
يؤديك نيروزُهُ سالماً / إلى صومه ثم إفطارِهِ
وبُقِّيتَ لي وَزَراً لا تَدرُّ / سحابيَ إلاّ بإعصارِهِ
لمضطَهدٍ يُسرُهُ ما اتسعتَ / وضيقُك آيةُ إعسارِهِ
رَماني زماني بما نابكم / فأغرق في نزع أوتارِهِ
وعمّق يجرحُ ما لا تنا / ل كفُّ الطبيب بمسبارِهِ
فمن كَلْم قلبي وإحراقِهِ / إلى فقر ربعي وإقفارِهِ
فلا يعدمنْكم شريبٌ لكم / على حلو دهرٍ وإمرارِهِ
سليم الأديم على ودِّكم / إذا راب كثرةُ عوّارِهِ
يمدُّكُم ما استطاع الثناءَ / بقاطنه وبسيَّارِهِ
إذا لم يجد حبوةً بالثراء / حباكم بصفوة أفكاره
فإن فاته بيدٍ نصركُم / أظلَّكُمُ نصرُ أشعاره

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025