المجموع : 3
ألا تذكُرينَ ضياءَ القمرْ
ألا تذكُرينَ ضياءَ القمرْ / يُريني على شَفَتيكِ الدُّرَرْ
وزهراً تُحيِّيكِ أنفاسُهُ / وطلّاً عليهِ كدمعي انتَثر
وَهينَمَةً من نسيم الصَّبا / وماءً كشِعري جَرى وهدر
وشَكوى نُلطِّفُها بالدّموع / ونجوى تُرينا أدقَّ الصور
وبين الفؤادَينِ أحدوثةٌ / منعَّمةٌ كرنين الوَتر
ومن لحظاتِكِ يَبدو الشُّعاعُ / ومن لحظاتي يَطيرُ الشَّرَر
فقلتِ رُوَيدَكَ إنَّ جمالي / تَقِيهِ الملائكُ شرَّ البشر
فلم تكُ إِلا عبادةَ وجهٍ / يردُّ الشفاه ويُغري النَّظر
وعقدَ يدٍ بيدٍ رَخصةٍ / يفوزُ بتَقبيلها مَن صَبر
فيا حبذا عهدُ حبٍّ مَضى / ويا حبَّذا منهُ طيبُ الذكَر
ويا حبّذا سمَرٌ قد أسالَ / شعورَ الفؤادِ ونورَ البَصر
ويا حبذا الكفرُ إن كان في / عبادةِ حُسنِكِ قلبي كفَر
ويا حبذا تحتَ جنحِ الظّلامِ / وقوفٌ إِلى أن يلوحَ السحَر
هنالِكَ كنّا نخافُ الرّقيبَ / فنحسبُ همساً حفيفَ الشّجَر
لكِ اللهُ ما أجزعَ العاشقينَ / وأبسَلهم في ركوبِ الخَطَر
لأجلِ الغرامِ أحبُّوا الهلاكَ / فهل ينفعُ العاشقينَ الحذر
فلو كان ليلٌ بدونِ صباحٍ / لعاشوا وكلُّ الحياة سمَر
فتاتي الصغيرةُ تهوى النقارا
فتاتي الصغيرةُ تهوى النقارا / وقلبي زَقا وإليها استطارا
تعشَّقتُها بنتَ خمسٍ وعشرٍ / توقَّد في عَينها الحبُّ نارا
وفي وَجهها قطراتُ جمالٍ / على كلِّ قلبٍ تصيرُ شرارا
إذا لحَظتها العيونُ أرَتها / من الوردِ في خدِّها جلّنارا
تُزقزقُ عصفورةً وتطيرُ / فراشةَ رَوضٍ تحبُّ اخضِرارا
ويبرزُ من ثوبها ساقُها / دقيقاً فأهوى الثيابَ القِصارا
وفي وَجهها الزهراتُ تقولُ / لرامِقها ما أعزَّ الثمارا
وفي مِعصَميها سوارانِ صيغا / لأسري ففي الأسرِ أهوى السِّوارا
وفي جيدها عَقدُ درّ ثمينٍ / إذا برزت في الظلامِ أنارا
لها أُمها صنعتهُ وفيهِ / صليبٌ حَمى الطهرَ ليلَ نهارا
خفوقٌ على صدرِها كفؤادي / إذا التفتت فأرَتني الشِّفارا
مشت فرأتني بها لاحقاً / فخافت وهمّت ترومُ استتارا
فقلتُ فَديتُكِ لا تنفُري / ولو كنتُ منكِ أحبُّ النفارا
فقالت بصوت رخيم كذا / أتيت ولم تخش لوماً وعارا
فقلتُ لحسنِكِ جئتُ أُصلّي / وأفدي العفافَ وأحمي العَذارى
تَنَفَّستِ الظبيةُ النافِرهْ
تَنَفَّستِ الظبيةُ النافِرهْ / وأنفاسُها هبَّةٌ عاطِرهْ
وبالعَرقِ الخدُّ سوسانةٌ / عليها دموعُ النَّدى قاطِره
إلى نزهةٍ ذهبت بكرةً / فما أجملَ المعصرَ الباكره
ومرَّت على الزَّهرِ أترابُها / وبينَ الحقولِ غدَت طافره
وعادت وفي يَدِها طاقةٌ / وأخرى على صَدرِها ناضره
فكم قَطَفَت كفُّها زهرةً / وكانت لجارَتها ناثره
فؤادي كحقلٍ لها مسرحٌ / عليهِ وطلعتُها باهره
فتَجني عواطفَهُ ضمَّةً / وليست بما نثرَت شاعره