أَيْنَما كنتَ تُمَنَّي وَتَعِدْ
أَيْنَما كنتَ تُمَنَّي وَتَعِدْ / جارَ بي فيكَ هوايَ وَقَصدْ
يا جليداً لم يَدَعْ لي جَلَداً / هل لِيَوْمِ الصبِّ مِنْ بُعْدِكَ غَدْ
لا أشاجيك وقد بَرَّحْتَ بي / دُوْنَكَ اليومَ فَذَرْني والسَهَد
اتئدْ مِنْ قبلِ أنْ توديَ بي / ثم لا يَنْفَعُنِي أَنْ تَتَّئِد
نَقَضَ العهدَ الذي كانَ عَهِدْ / لم أَقُلْ وَاصَلَ حتى قُلْتُ صَدْ
مرحاً بين النصابي والصبا / كلما لا عتبه بالحب جد
هزَّ منه الحسنُ يثني عطفه / لو يكونُ الغصنُ لدناً لم يَزِد
وجلا الإدلالُ منه منظراً / قام بالعُذَّالِ فيه وقعد
وَأَدارَ الموتَ في لحظِ رشاً / كلما شاءَ انْتَحى قلبَ أَسَد
يا شقيقَ النَّفْسِ رأياً وهوىً / أنتَ في قلبيَ رُوْحٌ وجسد
أَمُضِيْعِي بينَ هَجْرٍ ونَوىً / وعلى ذاك فمالي عَنْكَ بُد
علَّمَتْ عيناكَ عينيَّ الهوى / فأنا منكَ ومني في كمد
رامَ من أُبْغِضُ مني خُطَّةً / طال ما ناضلت عنها مَنْ أوَد
دونَ سِرّي منْ حِفاظي عَزْمَةٌ / صَدَرَ المِقْدَارُ عنها وَوَرَدْ
قد رميتُ الدَّهْرَ منْ حيثُ رَمَى / فَسَلِيهِ أيُّنا كانَ أشد
وأخذتُ الناسَ عن هاكَ وها / بالتي إلا تُجَوَّزْ لا تُرَد
وطويلِ الليلِ مُسْتَوْفِزِهِ / يَتَلظَّى بين خَوْفٍ وومد
كلما حدث عني نفسه / حل أثناء حباه وعقد
قد تَعاطَاني وَدُوني حَتْفُهُ / رُبَّما أوْدَى الفتى منْ حيثُ ود
يا خليليَّ ولا واللهِ ما / طِبْتُ نفساً قطُّ عنها لأحد
أدركاني ما أرى أن تُدْرِكا / سَدَّت البَلْوى مناديحَ الجسد
وأعِدَّاني لأُخْرى مِثلِها / ليس للإنسان إلا ما أعَد
لا يَغُرَّنكَ شيءٌ بائدٌ / إنه لو كانَ شيئاً لم يَبِدْ
سدَّدَ الموتُ لأعمارِ الورى / فَلْيَعِشْ مَنْ شاءَ ما عاشَ لُبَد
أنا من عزِّكَ يا يَنَّاق في / ذِرْوَةِ العَلْيَا إلى الرُكْنِ الأَشَد
أُقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ يا حُسَّدي / قد نَمَى المالُ وقد أَثْرَى العدد
وكفاني نُوَبَ الدهرِ فتىً / لم يزلْ منهُ عليهنَّ رَصَد
طلبَ السؤددَ حتى نالَهُ / بطلٌ شَيحْانُ أو خَصْمٌ أَلَدْ
قلْ لمن أَذْعَنَتِ الدُّنيا لهُ / لا تَمَتَّعْتَ بِها إنْ لم تَسُد
نعمَ رِدْءُ الموتِ بأسٌ أو ردى / كلما أوعدَ خَطْبٌ أو وعد
فإذا لذَّ لك العيشُ فَصُلْ / وإذا أَعْجَبَكَ المالُ فَجُد
وإذا تُدْعَى لمجدٍ فاحْوِهِ / إنما العَاجِزُ مَنْ لا يَسْتبد
كاعتزامِ ابنِ عبيد اللهِ لا / هَوَّنَ القُرْبَ ولا هابَ البُعُد
طبَّقَ الآفاقَ منهُ عَارِضٌ / ذو شآبيبَ تَهَادَى أو تَهُد
فإذا شيتَ فشُؤْبُوبُ حياً / وإذا شيتَ فشؤبوبُ بَرَدْ
ألمعيٌّ والقضايا شُبَهٌ / أوْحَدِيٌّ وصروفُ الدهر حُد
قُلَّبِيُّ القلبِ مشدودُ القُوَى / لم يَغِبْ غائبُهُ إلا شَهِدْ
رابطُ الجأشِ وقد جَدَّتْ به / عَزَماتُ الدهر منْ هَزْلٍ وَجِد
ارْجُهُ يوماً وَخَفْهُ حِقْبَةً / فبأَخطار العدا راش الأوَد
وادْعُ نَجْلَيهِ إذا لم تَدْعُهُ / فَعَلى ذلك أَنْشَا مَنْ وَلد
أَسدا عرِّيسةٍ بدرا دُجىً / بلغا كُنْهَ النُّهى قَبْلَ الأشُد
شدَّ هذا في المعالي أزْرَ ذا / مثلما نِيطَتْ ذراعٌ بِعَضُد
لستُ للسُّبَّاق إن لم يَسبقا / في مدى كلِّ طِرادٍ مَنْ طَرَد
وطئا تُرْبك إنْ لم يَرثا / مجدك الموروثَ عن جَدٍّ فجد
هذه شِنْشِنَةٌ من أَخْزَم / وسواءٌ مَنْ نَفَى أو مَنْ جَحَد
اقضِ مُشْتطاً على كلِّ هوىً / واجرِ مُسْتَولٍ على كلِّ أمد
إن أُصِبْنَا فإليكَ المُشْتَكى / أو أَصَبْنَا فعليكَ المُعْتَمد
أوْ نَبَتْ دنيا على عادتها / فعلى دنياك نَعْلُو وَنُعَد
وَفِدَاكَ اليومَ من أَرْشَدْتَهَ / فأَبَى إلا عِنَاداً أَوْ فَنَد
كلُّ مغلوبٍ على أَكثرِهِ / لا رأى حَزْماً ولا قال سَدَد
غاظَهُ أَنْ لم يَنَلْ ما نلتَهُ / حيثُ لم يجهدْ ومن حيثُ جهد
يا سراجَ الفخرِ يا غايتَهُ / دعوةً لم تُبْقِ في العَيْشِ نكد
هذه فانشطْ إليها مِدَحي / تَنْفُثُ الآدابَ سِحْراً في العُقَد
كلُّ عذراءَ إذا أَهْدَيْتُهَا / لم تَرِدْ قوماً ولم تَخْصُصْ بلد