هفا القلبُ عن وَصلِ هِيفِ القدودِ
هفا القلبُ عن وَصلِ هِيفِ القدودِ / وماءُ الصِّبا مُورِقٌ منه عُودي
فُطِمْتُ ولي وَلَعٌ بالعُلى / أُجاري الصِّبا في مداها المديدِ
وما زلْتُ وطئاً فُوَيْقَ السِّماك / إلى قُطْبِها ناظراً في صعودِ
وما يُورِدُ الشيخَ إلّا الَّذي / تلوحُ شمائِلُهُ في الوليدِ
حفظتُ الدُّمَى لهوى دُمْيَةٍ / ويُحْفَظُ للبيتِ كلّ القَصيدِ
ولكنْ رأيتُ العلى ضَرّةً / تُنَافِرُ كلّ فتاةٍ خرودِ
فثُرتُ وثارتْ معيْ هِمّةٌ / قيامي لَها فارعٌ مِنْ قعودِ
وما نَوّمَتْ عَزْمَتي بلدةٌ / تُنَبّهُ في الغمر عَجْزَ البليدِ
ولا طَفْلَةُ العيش وهنانَةٌ / أروجٌ بنفحَةِ مِسْكٍ وعودِ
تُوَدِّعُ للبينِ كفّاً بكَفٍّ / ونحراً بنَحرٍ وجيداً بجيدِ
ومَنْ يطلبِ المجدَ ينزلْ إلى / قَرَا النّهد عن نَهدِ عذراء رودِ
ويَرْمِ على الخوفِ عَزْماً بعَزْمٍ / وليلاً بليلٍ وبيداً ببيدِ
وللَّه أرْضي التي لم تَزَلْ / كناسَ الظّباءِ وغِيلَ الأسودِ
فمن شادنٍ بابليّ الجفونِ / نفورِ الوصالِ أنيسِ الصدودِ
يديرُ الهوى منه طرفٌ كليلٌ / يَفُلّ ذلاقةَ طَرْفي الحديدِ
ومن قَسْوَرٍ شائِكِ البُرْثُنَينِ / له لِبْدَةٌ سُرِدَتْ من حديدِ
يصولُ بمثلِ لسانِ الشُّوَاظِ / فيولِغُهُ في نجيعِ الوَريدِ
زبانيَةٌ خُلِقُوا للحروبِ / يَشُبّونَ نيرانَها بالوقودِ
مساعِرُهُمْ مُرْهَفَاتٌ بُنِينَ / لهدّ الجماجمِ من عَهدِ هودِ
همُ المخرجونَ خبايا الجسومِ / إذا ضَرَبُوا بِخَبايا الغُمودِ
همُ المائِلونَ على الحاقِدينَ / صدورَ رماحِهمُ بالحقودِ
نُجومٌ مَطالِعُها في القَنا / ولكنْ مغاربُها في الكُبودِ
تخطّ الحوافرُ من جُرْدِهِمْ / محاريبَ مبثوثَةً في الصَعيدِ
تَخِرّ رؤوسُ العدى في الوغَى / لها سُجّداً يا لَه مِن سُجودِ
وبَرْقٍ تألّقَ إيماضُهُ / كَخَفْقِ جناحِ فؤادٍ عميدِ
يريكَ التِواءَ قسيّ الرماةِ / إذا ما جُذِبْنَ بنَزْع شديدِ
سَقَى اللَّه مِنهُ الحمى عارضاً / يُقَهْقِهُ ضاحكُهُ بالرعودِ
مَكَرَّ الطرادِ وثَغْرَ الجهادِ / ومجْرَى الجيادِ ومَأوَى الطريدِ
بحيثُ تقابلُ شوساً بشوسٍ / وغرّاً بغرِّ وصِيداً بصيدِ
وأجسامُ أحيائهمْ في النّعيمِ / وأرواحُ أمواتِهِمْ في الخُلودِ