تولدتَ عني وعن واحدٍ
تولدتَ عني وعن واحدٍ / فسميتَ بالغائبِ الشاهد
فلولا قبولي وأسماؤه / لما كنت عني وعن واحد
فيا من هو النعتُ في عينه / ومَن نعتُه ليس بالزائدِ
لقد رمتُ أمراً فلم أستطع / كما رامه الصَّيد بالصائدِ
تراوغُ عن سهمه قاصداً / وأين الفِرارُ من القاصد
ومِن أعجبِ الأمر أني به / صدرت ولم يك عن واردِ
وكيفَ الصدورُ وما في الصدورِ / سوى مقبلٍ عنه أو شارد
تعاليتُ لما تعاليتم / وما أنت بالواحد الواجد
أنا واحدٌ واجدٌ كونكم / ولستُ لعيني بالفاقد
أنا ثابتٌ لستُ عن مثبت / كما أنا عن موجِدٍ ماجد
فإنّ غناه بأعياننا / مُحالٌ عليه لدى الناشد
ولكنه مثلُ ما قاله / غنيٌ عن العالم الراصد
وذاك الغنيُّ بلا مِرية / وإياك من نفثةِ العاقد
تعالى عن الفقر في ذاته / علوّ الحفيظِ على الراقد
تعوّذتُ منه به مثلَ ما / تعوّذت من غاسقٍ حاسد
فنعتي الإقامة في موطني / كما نعته عنه بالوافد
فينزل ربي إلى خلقِه / ولا وَصفٌ للخلقِ بالصَّاعد
إليه ولكن لآياته / كما جاء في المحكم النافذ
يقرّ ويجحّد إقرارُه / وأين المقرُّ من الجاحدِ
أزينه وهو لي زينة / كما زيّن القلبُ بالساعدِ
طردتَ الذي لم تُرد قربَه / وسميتَ عبدَك بالطاردِ
إذا امتحن الله عبّادَه / نفوزُ بمعرفةِ العابدِ
كما الأمُّ تضربُ أولادها / لتظهر مرتبةُ الوالدِ
دعاني إلى رفدِه جودُه / فجئتُ مع الوفدِ كالوافد
وكان معي حالَ ما جئتُه / وما كلُّ من سارَ كالقاعدِ
فسيري به مثلَ سيري له / فأنعتُ بالسائقِ القائد
أذود الردى عن جناب الهدى / لا علم في الناس بالذائد
وما ذدته عنه إلاّ به / فيا خيبة العالمِ الحائدِ