المجموع : 4
درى الدهراي غشمشم أردى
درى الدهراي غشمشم أردى / وأيّ شمام لهاشم هدّا
ويا هل درى أي مارنَ دقَّ / وأية كفّ أطار وزندا
أما آن للدهر أن يستردا / فيلوي وعيداً وينجز وعدا
هو الدهر لأسهمه يُتقى / وإن قيل نهنه رمى السهم عمدا
فما عاد إلا أصاب واصمي / وما كفّ إلا أعاد وأبدى
وما ناب إلا انثنى ظافرا / يحكم ظفرا وناب أحدّا
وما نحن إلا كشاء الرعاة / يروِّعُنا الموت شلّاً وطردا
وما الموت إلا كغرب الحسام / فما غبَّ إلا ليأكل غمدا
ولا بدّ للمرء من كبرة / وأنّي ولم يلف عن ذاك بدّا
وهل يُفلتُ المرء من صرعةٍ / يوسّد فيها على الترب خدّا
فليت بنات ليالي الخطو / ب تمنِّع وصلا وتمنح صدا
وأعظمُ ما هدّ ركن الجلاد / وأوهن عظماً ومزّق جلدا
وجدّد ثوب عنّا مُخلقا / واخلق ثوبَ عُلىً مستجدّا
مصاب أصاب أهيل الغري / وغار فطبَّق غورا ونجدا
رمى مضرا وقريش البطاح / وصكّ نزار العلى ومعدّا
بما رد خطبٍ دهى الخافقين / مشيباً فلم يعدُ شيباً ومردا
طوى من غوارب بحر العلوم / خضمّاً إذا جزر البحر مدّا
وما غاض حتى اكتست من ندى / يديه الأباطح شيحا ورندا
لقد فلّ مقضب شرع النبي / وقطع بالرغم للدين سردا
وأصدأ إفرند صقل الحسام / فاثكل غرب الحسام الفرندا
قضى من يرد عوادي الخطوب / ويلجم منها أقبّ ونهدا
قضى مَن إذا اعتركت رَوعةٌ / أعدّ جنانا لدى الروع جلدا
مُرمّاً يصافح وجه الثرى / بوجه كشقة بدرٍ تبدّى
وما كنت أحسب ثغر المنون / يُعلق فيه نواجذَ دردا
بيوم أطال غليل الصدور / وقلَّص عن ساق ذي الفضل بُردا
تعطل بعدك جيد العلوم / وقد كنت في منحر الفضل عقدا
فيا بدر هلا أقابل بدراً / لوجهك أم هل أطالعُ سعدا
فقدتك فقد الربيع الغمام / وقد غبّ صوبُ الغمام فاكدى
فبعدك لم استرب بالخطوب / ولست أعادي زماناً تعدى
وهل اشمخنَّ بأنف أشم / وأضمر بعدُ على الدهر حقدا
بقيتُ أخادع كيد الزمان / وأمشي على الدهر عكساً وطردا
كأني امتطيت قرى ضالع / تدحرج يطلب في السير وخدا
وكم عزة لك قعساً أبت / طلابي من مشرع الذل وردا
لعزّ على المجد أن يكثر ال / عويل بيوم بعد المجد أودى
لئن غاب بدرُ هدى نيرٌ / هدينا ببدر هدىً منه أهدى
فتى جمع الفضل أطرافه / علاءً وعلما وهزلاً وجدا
فتىً عُقمَ الدهر عن مثله / فعاش كمثل الجمانة فردا
فيا ابن المغاوير من هاشم / ضواري تضري على الزجر هدا
وضخم المناكب من زاحموا / مناط الكواكب عزا ومجدا
تراهم إذا اعترضوا في اللقا / شناخيب شمّاً صياخيد صلدا
مطاعينُ جردا مطاعيم بزلا / مواهيب عرفا مكاسيب حمدا
ردِ الصبر واعلم بأن الردى / فما اعتدّ إلا أصاب وأردى
وكفكف دموعك فهو الحمام / يمرّ فلم يبق حرّاً وعبدا
ولم ينج من سامهُ خطة / وإن جرّ مجرىً وسوّمُ جردا
ولم يبق منا على حاسر / ولا دارع أحكم الزعف شدا
وسيان منا امرء أعزل / وشاكٍ له بالسلاح استعدا
وما ضرَّ من قد مضى محرزا / أباً كعليٍّ وأحمد جدا
أخيَّ لقد فتَّ نظما شرودا
أخيَّ لقد فتَّ نظما شرودا / تلفُّ سهولَ الملا والنجودا
سبقت زيادا به وزهيرا / وكعبا وزدتَ عليهم لبيدا
أريد لأخلق فرعا جديدا / فيسبقني الأصل معنى جديدا
إذا أنكر الناسُ عرفان معنى / بديع أقمت القوافي شهودا
ولما تقلدت عقد القريض / وقلدت جيد القريض عقودا
طوت منك صحف المهارق مالو / نشرن لبيداً لعاد بليدا
قوافيَ أن فضَّ عنها الختام / تبدَّت تضوع خرائد خودا
يجود بها لك طبعٌ زجاحٌ / فينقشها كدمى القصر غيدا
جلوت لئالئ أصدافها / فحلين جيدا وعطلن جيدا
وسومتها كالجياد الوراد / تداوي وتفري حشا ووريدا
نبلت نبال كتاناتها / فشلَّت طريدا وآوت طريدا
بعثت بها مائلات اللبود / كأنك عنها انتزعت اللبودا
رميت بها البيد ملست المتون / فولَّت تجوب موامي بيدا
تسور صلالا بأقصى الحدود / لها نفثات تذيبُ الحديدا
فطوراً تكون لدانٍ نجيّاً / وطور تكون لناءٍ بريدا
سوارٍ تريك البعيد قريبا / بها وتريك القريب بعيدا
فللَه درّك من شاعر / فريدٍ ينظِم درّاً فريدا
فما زلت تلقح لفظا عقاما / يولد في الطرس معنى ولودا
محمد لو قد نشاهد عصر الش / شهيد لخلناك فيه الشهيدا
وحين أفدت الأنام بفضلٍ / عميم حسبناك فيه المفيدا
ذرِ اللوم فالعين لا ترقدُ
ذرِ اللوم فالعين لا ترقدُ / عشية عنَّ لها المرقد
أو الكاس يمزج لي صرفها / بعذب لماه الرشا الأغيد
سبى العقل أحور ساجي اللحاظ / يبيت يغازلهُ الفرقد
دع الأسد الورد من ذي الغضا / غزال الصريمة مستأسد
غزالُ غدا القلب مرعىً له / على أن دمعي له موردُ
رقيقُ حواشي الخدود الرقاق / ولكنَّ أحشاءه جلمد
تطلع يفتق أكمامه / بوجه هو الطالع الأسعد
تلفع بالغار منه الغوير / واعشب في رنده الفدفدُ
أحباي والبين ملقى الجران / على القرب بالبعد لا تبعدوا
إذا لم تجودوا بوصلٍ عدوا / فيا ربما ينفع الموعد
ويا ليتما علَّلوا المستهام / بقرب المزار وإن أبعدوا
عسى الكاس تعقب حمراءها / فيبيضُّ باللون ما سوَّدوا
وجاءت تدافع مشي القطاة
وجاءت تدافع مشي القطاة / فتاة النصارى بحرّ البرود
زرود فهلا تريح المطي / بوادي الخزامى وجنبي زرود
تخوض الجداول في زورق / يشقُّ بمسراه عذب الورود
تملّ كنائس بطريقها / لتجزي المحب بنجز الوعود
تشير سرارا بحمر الأكف / وتبدو جهاراً ببيض الخدود
تدير السلافة نشوانة / وتفترُّ عن خصر ذي برود
تحنّ إليّ حنين النياق / وتحنو عليَّ حنوَّ الولود
وتعدو تسحُّ عقيق الدموع / على النحر فوق جمان العقود
ومن طوَّق الناس إحسانه / كطوق الحمائم نعمى وجود
تزاحمت الوفد في بابه / فهم في فناه قيام قعود
ترمُّ الركاب إلى مورد / رقيق المشارب عذب الورود
فتىً ساد أقرانه سوددا / ولا عجب مثله أن يسود
ففي الحلم أحلم من أحنف / وفي المجد جاوز أقصى الحدود