المجموع : 3
بِنَفْسِي عَلَى قُرْبِهِ النَّازِحُ
بِنَفْسِي عَلَى قُرْبِهِ النَّازِحُ / وَإِنْ غالَنِي خَطْبُهُ الْفادِحُ
تَصافَحَ تُرْبَتُهُ وَالْنَّسِيمُ / فَنَشْرُ الصَّبا عَطِرٌ فائِحُ
كَأَنَّ الْمُغَرِّدَ فِي مَسْمَعِي / لِفَرْطِ اكْتِئابِي لَهُ نائِحُ
أَيا نازِلاً حَيْثُ يَبْلى الْجَديدُ / وَيَذْوِي أَخُو الْبَهْجةِ الْواضِحُ
ذَكَرْتُكَ ذِكْرى الْمُحِبِّ الْحَبِيبَ / هَيَّجَها الطَّلَلُ الْماصِحُ
فَما عَزَّنِي كَبِدٌ تَلْتَظِي / وَلا خانَنِي مَدْمَعٌ سافِحُ
مُقِيمٌ بِحَيْثُ يَصَمُ السَّمِيعُ / وَيَعْمى عَنِ النَّظَرِ الطّامِحُ
يَرِقُّ عَلَيْكَ الْعَدُوُّ الْمُبِينُ / وَيَرْثِي لَكَ الْحاسِدُ الْكاشِحُ
كَأَنْ لَمْ يَطُلْ بِكَ يَوْمَ الْفخَارِ / سَرِيرٌ وَلا أَجْرَدٌ سابِحُ
وَلَمْ تَقْتَحِمْ غَمَراتِ الْخُطُوبِ / فَيُغْرِقَها قَطْرُكَ النّاضِحُ
سَقاكَ كَجُودِكَ غادٍ عَلَى / ثَراكَ بِوابِلِهِ رائحُ
يُدَبِّجُ فِي ساحَتَيْكَ الرِّياضَ / كَما نَمَّقَ الْكَلِمَ الْمادِحُ
أَرى كُلَّ يوْمٍ لَنا رَوْعَةً / كَما ذُعِرَ النَّعَمُ السّارِحُ
نُفاجا بِجِدٍّ مِنَ الْمُعْضِلاتِ / كَأَنَّ الزَّمانَ بِهِ مازِحُ
نُعَلِّلُ أَنْفُسَنا بِالْمُقامِ / وَفِي طَيِّهِ السَّفَرُ النَّازِحُ
حَياةٌ غَدَتْ لاقِحاً بِالْحمِامِ / وَلا بُدَّ أَنْ تُنْتَجَ اللاّقِحُ
وَكُلُّ تَمادٍ إِلى غايَةٍ / وَإِنْ جَرَّ أَرْسانَهُ الْجامِحُ
وَما الْعُمْرُ إِلاّ كَمَهْوى الرِّشاءِ / إِلى حَيْثُ أَسْلَمَهُ الْماتِحُ
لَقَدْ نَصَحَ الدَّهْرُ مَنْ غَرَّهُ / فَحَتّامَ يُتَّهَمُ النّاصِحُ
حَمى اللهُ أَرْوَعً يَحْمِي الْبِلادَ / مِنَ الْجَدْبِ مَعْرُوفُهُ السّائِحُ
أَغَرُّ يَزِينُ التُّقى مَجْدَهُ / وَيُنْجِدُهُ الْحَسَبُ الْواضِحُ
أيا ذا الْمَكارِمِ لا رُوِّعَتْ / بِفَقْدِكَ ما هَدْهَدَ الصّادِحُ
فَما سُدَّ بابٌ مِنَ الْمَكْرُماتِ / إِلاّ وَأَنْتَ لَهُ فاتِحُ
أَبى ثِقَةُ الْمُلْكِ إِلاّ حِماكَ / حِمىً وَالزَّمانُ بِهِ طائِحُ
وَما كُلُّ ظِلٍّ بِهِ يَسْتَظِلُّ / مَنْ شَفَّهُ الرَّمَضُ اللاّفِحُ
طَوى الْبَحْرَ يَنْشَدُ بَحْرَ السَّماحِ / إِلى الْعَذْبِ يُقْتَحَمُ الْمالِحُ
فَبادَرْتَ تَخْسَأْ عَنْهُ الْخُطُوبَ / دِفاعاً كَما يَخْسَأُ النَّابِحُ
تَرُوعُ الرَّدى وَالْعِدى دُونَهُ / كَما رَوَّعَ الأَعْزَلَ الرَّامِحُ
عَطَفْتَ عَلَيْهِ أَبِيَّ الْحُظُوظِ / قَسْراً كَما يُورَدُ الْقامِحُ
وَباتَ كَفِيلاً لَهُ بِالثَّراءِ / وَالْعِزِّ طائِرُكَ السّانِحُ
صَنائِعُ لا وابِلُ الْمُعْصِراتِ / نَداها وَلا طَلُّها الرّاشِحُ
وَأُقْسِمُ لُوْ أَنَّ عِزّاً حَمى / مِنَ الْمَوْتِ ما اجْتاحَهُ جائحُ
وَلكِنَّ أَنْفُسَ هذا الأَنامِ / مَنائِحُ يَرْتَدُّها الْمانِحُ
وَأَيُّ فَتىً ساوَرَتْهُ الْمَنُونُ / فَلَمْ يرده رَوْقُها النّاطِحُ
سَبَقْتَ إِلى الْمَجدِ شُوسَ الْمُلُوكِ / كَما سَبَقَ الْجَذَعَ الْقارِحُ
نَشَدْتُكَ لا تُعْدِمِ الرّاحَ راحا
نَشَدْتُكَ لا تُعْدِمِ الرّاحَ راحا / وَلا تَمْنَعَنَّ الصَّبُوحَ الصَّباحا
فَقَدْ أَصْبَحَ الْغَيْثُ يَكْسُو الْجَمالَ / وُجُوهاً مِنَ الأَرْضِ كانَتْ قِباحا
يُعِيدُ إلى الْعُودِ إِيراقَهُ / وَيَهْتَزُّهُ بِالنَّسِيمِ ارْتِياحا
بَكى رَحْمَةً لِجُدُوبِ الْبِلادِ / وَحَنَّ اشْتِياقاً إِلَيْها فَساحا
وَسَحَّ كَما غَلَبَ الْمُسْتَها / مَ وَجْدٌ فَأَجْرى دُمُوعاً وَباحا
كَأَنَّ الْغُيُومُ جُيُوشٌ تَسُومُ / مِنَ الْعَدْلِ فِي كُلِّ أَرْضٍ صَلاحا
إِذا قاتَلَ الْمَحْلَ فِيها الْغَمامُ / بِصَوْبِ الرَّهامِ أَجادَ الْكِفاحا
فَوافاهُ يَحْمِلُ مِنْ طَلِّهِ / وَمِنْ وَبْلِهِ لِلقِّاءِ السِّلاحا
يُقَرْطِسُ بِالطَّلِّ فِيهِ السِّهامَ / وَيُشْرِعُ بِالْوَبْلِ فِيهِ الرِّماحا
وَسلَّ عَلَيْهِ سُيُوفَ البُرُوقِ / فَأَثْخَنَ بِالضَّرْبِ فِيهِ الْجِراحا
تَرى أَلْسُنَ النَّوْرِ تُثْنِي عَلَيْهِ / فَتَعْجَبُ مِنْهُنَّ خُرْساً فِصاحا
كَأَنَّ الرِّياضَ عَذارى جَلَوْنَ / عَلَيْكَ مَلابِسَهُنَّ الْمِلاحا
وَقَدْ غادَرَ الْقَطْرُ مِنْ فَيْضِهِ / غَدِيراً هُوَ السَّيْلُ حَلَّ الْبِطاحا
إِذا صافَحَتْهُ هَوافِي الرِّياحِ / تَمَوَّجَ كَالطِّرْفِ رامَ الْجِماحا
وَدِيكاً تَرى الصُّفْرَ جِسْماً لَهُ / وَمِن فِضَّةٍ رِيشهُ وَالْجَناحا
إِذا الماءُ راسَلَهُ بِالْخَرِي / رِ أَحْسَنَ تَغْرِيدَهُ وَالصِّياحا
لَهُ شِيمَتانِ مِنَ الْمَكْرُماتِ / يُرِيكَ الْوَقارَ بِها وَالْمِراحا
إِذا هَمَ مِنْ طَرَبٍ أَنْ يَطِيرَ / لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ حَياءٍ بَراحا
إِذا ما تَغَنّى أَغارَ الْحَمامَ / فَرَجَّعَ أَلْحانَهُ ثُمَّ ناحا
غَداةٌ غَدا الْيَوْمُ فِيها صَرِيحاً / وَأَضْحى الْغَمامُ لَدَيْها صُراحا
كَأَنَّ حَياها يُجارِي الأَمِيرَ / لِيُشْبِهَ مَعْرُوفَهُ وَالسَّماحا
وَكَيْفَ يُشاكِلُ مَنْ لا يُغِ / بُّ مَجْداً مَصُوناً وَمالاً مُباحا
أَعّمَّ نَوالاً مِنَ الْبَحْرِ فاضَ / وَأَطْيَبَ نَشراً مِنَ الْمِسْكِ فاحا
فَدُونَكَ فاشْرَبْ كُؤُوساً تُصِيبُ / مِزاجاً لَهُنَّ السُّرُورَ الْقَراحا
إِذا ما جَلَوْنا عُرُوسَ الْمُدامِ / أَجالَ الْحَبابُ عَلَيْها وِشاحا
وَقَدْ فَسَحَ الوَصْلَ لِلْعاشِقينَ / فَصادَفَ مِنْهُمْ صُدُوراً فِساحا
إِذا كَرُمَ الدَّهْرُ فِي عَصْرِنا / فَكَيْفَ نَكُونُ عَلَيْهِ شِحاحا
أَتُرى أَبْصَرَهُ مِثْلِي الْقَدَحْ
أَتُرى أَبْصَرَهُ مِثْلِي الْقَدَحْ / فَغَدا زَنْدُ حَشاهُ يُقْتَدَحْ
وانْثَنَى مُنْكَسِراً مِنْ وَجْدِهِ / بِكَسِيرِ الطَّرْفِ كَالظَّبْيِ سَنَحْ
قَمَرٌ يَسْعَدُ لَوْ يُشْبِهُهُ / قَمَرُ اللَّيْلِ إِذا اللَيْلُ جَنَحْ
لَبِسَ الْحُسْنَ كَشَمْسِ الدَّوْلَةٍ الْ / مَلْكِ إِذْ يَلْبَسُ مَعْشُوقَ الْمِدَحْ