أَما وَاللَيالي وَأَحداثِها
أَما وَاللَيالي وَأَحداثِها / وَما عَلَّمَت مِن كِبارِ العِظاتِ
وَما هَذَّبَت مِن نُفوسِ الكِرامِ / وَما ثَقَّفتَ مِن عُقولِ الهُداةِ
لَقَد كَشَفَ الشَرُّ عَن ساقِهِ / وَشَمَّرَ لِلرَوعِ أَهلُ التُراتِ
فَمَن كانَ يَكرَهُ أَن يُستباحَ / فَذَلِكَ يَومُ الحِمى وَالحُماةِ
بَني مِصرَ مَن يَكُ ذا نَجدَةٍ / فَمِصرُ تُريدُ سَبيلَ النَجاةِ
أُحيطَ بِها فَهيَ مَكروبَةٌ / تَضُجُّ وَتَشكو ضَجيجَ العُناةِ
دَعوا كُلَّ شَيءٍ سِوى نَصرِها / وَلا تَدَعوها بِأَيدي الغُزاةِ
وَضُمّوا الصُفوفَ وَلا تَسمَعوا / لِأَهلِ الأَباطيلِ وَالتُرّهاتِ
فَلَن يَلبَثَ الأَمرُ أَن يَستَقيمَ / إِذا اِجتَمَعَ القَومُ بَعدَ الشَتاتِ
دُعاةَ الحِمايَةِ لا تَنعَقوا / فَما أَهلَكَ الناسَ غَيرُ الدُعاةِ
أَيملِكُ باطِلُكُم أَن يَسودَ / وَقَد وَضَحَ الحَقُّ ذو البَيِّناتِ
وَصَفتُم لَنا حَسَناتِ الكِتابِ / فَما إِن رَأَينا سِوى السَيِّئاتِ
يَضُمُّ الحِمايَةَ فيما يَضُمُّ / لِأَبناءِ مِصرَ مِنَ المُزعِجاتِ
يُعَلِّمُنا كَيفَ تُرمى الشُعوبُ / وَكَيفَ تُقَبَّلُ أَيدي الرُماةِ
لَعُمرُ الغُواةِ وَما أَحدَثوا / لَقَد سَئِمَت مِصرُ دَعوى الغُواةِ
إِذا نَحنُ شِئنا نَشَرنا لَهُم / صَحائِفَ تَطفَحُ بِالمُخزِياتِ
عَلى اللَهِ يَومَ يَقومُ الحِسابُ / جَزاءُ الخَبائِثِ وَالطَيِّباتِ
عَمِلنا لَهُ نَبتَغي وَجهَهُ / إِذا ما اِبتَغى القَومُ بَعضَ الهَناتِ
لَنا وِجهَةُ الخَيرِ في العالَمينَ / وَلِلنَفسِ وجهَتُها في الحَياةِ
وَفَينا لِمِصرَ عَلى حالَةٍ / مِنَ الهَولِ قَذّافَةٍ بِالوُفاةِ
تَطيرُ بِهِم فَتَسُدُّ الجِواءَ / وَتَلوي بِأَجنِحَةِ العاصِفاتِ
تَمورُ الدِيارُ لِهَزّاتِها / وَلَو أَمسَكَتها قُوى الراسِياتِ
نُجاهِدُ لِلمَجدِ حَقَّ الجِهادِ / وَنَشرَعُ لِلناسِ دينَ الثَباتِ
نَصونُ لِمِصرَ أَماناتِها / وَنَبتَذِلُ المُهَجَ الغالِياتِ
وَلَن تُستَباحَ حُقوقُ البِلادِ / إِذا اِستَودَعَتها نُفوسُ الأُباةِ
أَمانُ الحُصونِ وَغَوثُ الجُنودِ / وَحِرزُ السَوابِغِ وَالمُرهَفاتِ
أَلا إِنَّ مِصرَ لَحَقُّ البَنينَ / وَعِرضُ الأُبُوَّةِ وَالأُمَّهاتِ
وَمَحكَمَةُ الدَهرِ مِن بعدِنا / تُقامُ لِأَجداثِنا وَالرُفاتِ
إِذا ما قَضى الدَهرُ أَحكامَهُ / فَتِلكَ حُكومَةُ أَقضى القُضاةِ
يُقَلِّبُ عَينَيهِ مُستَوفِزاً / إِذا صيحَ بِالرِمَمِ البالِياتِ
لَهُ كاتِبٌ عَبقَرِيُّ اليَراعِ / سَرِيُّ الصَحيفَةِ حُرُّ الدَواةِ
تُذيبُ لَهُ كيمياءُ الدُهورِ / مِدادَ الغَياهِبِ وَالنَيِّراتِ
يَروعُ الظَلامَ بِسودِ الخِلالِ / وَيُشجي الصَباحَ بِبيضِ الصِفاتِ
أَرى المَرءَ يَأخُذُ مِمّا يَشاءُ / وَيَأخُذُ مِنهُ حَديثُ الرُواةِ
إِذا كُتِبَ المَجدُ في أُمَّةٍ / فَلِلعامِلينَ وَلِلعامِلاتِ
وَإِنَّ الأُمورَ بِأَشباهِها / وَبَعضُ الَّذينَ كَبَعضِ اللَواتي
وَكائِنْ تَرى مِن فَتىً لا يَقومُ / غَداةَ الحِفاظِ مَقامَ الفَتاةِ
نَقَمتُ عَلى مِصرَ طولَ الجُمودِ / وَيَحسَبُهُ القَومُ طولَ الأَناةِ
بَلَوتُ الأُمورَ وَكُنتُ اِمرَأً / ذَكِيَّ الجنانِ كَبيرَ الحَصاةِ
فَلَم أَرَ فيما يَنوبُ الشُعوبَ / كَجَهلِ السَراةِ وَظُلمِ الوُلاةِ