قَضيتُ هَزيعَين من لَيلَتي
قَضيتُ هَزيعَين من لَيلَتي / وَحيداً أُسامِرُ نَرجيلَتي
وَكانون في خارِج الدار يَبكي / فَيشتدُّ فيهِ دجى الظُلمةِ
وَضَعتُ عَلى رُكبَتَيَّ حَراماً / وَصِرتُ أُنغِّمُ في فَرشَتي
إِذا برياحٍ من البابِ هبَّت / وَأَطفَأَتِ النورَ من شَمعَتي
فَلَمّا أَحاطَت بي الدامِساتُ / وَبطَّن أَسوَدُها حُجرَتي
تَبسَّم ثَغرٌ لِنَرجيلَتي / كَعبدٍ تبسَّمَ في العَتمَة
فَما كانَ أَجملَ من ثَغرِها / وَما كانَ أَعجَبَ مِن حيرَتي
تَحفَّ بتنبكِها زرقةٌ / تُحاكي مراشِفَ نوريةِ
وَلكِن رَاَيتُ بِها جاذِباً / يُحَرِّكُ في داخِلي صبوَتي
فَقَرَّبتُ من نارِها مرشفي / وَأَسمَعتُها تقسة القبلَةِ
وَلَو لَم يَكُن ثَغرها محرقاً / لكنتُ اِمتَصَصتُ من الجَمرَةِ
لِأَنّي لَم أَدرِ ماذا بِها / مِن العَذبِ يشبهُ محبوبَتي
فَقُلتُ لَها إِنَّ بي لَوعَةً / وَأَطلَقتُ في جَوفِها زَفرَتي
فَأَسمَعني صَدرُها زَفَراتٍ / أَثارَت شُجونِيَ في مُهجَتي
أَإِبنَةَ طهمازَ لَم تَزفري / نَ وَأَنتِ أَنيسيَ في وَحشَتي
رَأَيتُك رَمزاً لِكُلِّ شقِيٍّ / رَماه الهَوى في لظى الشَقوَةِ
أَجابَت أَنا الآنَ في نِعمَةٍ / لِأَنَّ حَبيبيَ في نِعمَةِ
وَلكِنَّني بَعد وَقتس قَصيرٍ / أُغادَرُ وَحدِيَ في خُلوَتي
فَيَبعدُ عَنِّيَ ثُغرُ مُحِبّي / وَيَسلو الَّذي كانَ مِن لَوعَتي
لِذاكَ تَرانِيَ أَبكي زَماناً / سَأصبِحُ فيهِ بِلا زَهوَةِ
فَإِنَّ الهَوى صدقُه كاذِبٌ / يُشَبِّهُهُ العَقلُ بِالنِجمَةِ
فَلا يَقبل الفَجرُ حَتّى تَراها / أَمامَ عساكِرِهِ وَلَّتِ
وَإِذ ذاكَ راود جَفني النعاسُ / فَأَطيقَ أَنمُلُهُ مُقلَتي
وَلَمّا اِستَتبتَّ الكَرى في جُفوني / شاهَتُ في الحُلمِ نَرجيلَتي