دَعِ النَّوْحَ خَلْفَ حُدوجِ الرَّكائِبْ
دَعِ النَّوْحَ خَلْفَ حُدوجِ الرَّكائِبْ / وَسَلِّ فُؤادَكَ عَنْ كُلِّ ذاهِبْ
بِبِيضِ السَّوالِفِ حُمْرِ المَراشِ / فِ صُفْرِ التَّرائِبِ سُودِ الذَّوائِبْ
فَما الْعَيْشُ إلاّ إِذْا ما نَظَمْتَ / بِثَغْرِ الحَبابِ ثَنايا الحَبائِبْ
أُحاشيكَ مِن وَقْفَةٍ بِالطُّلولِ / تَبُلُّ الصَّدى بِصَداها الْمُجاوِبْ
تُكَلَّفُ صُمَّ الحِجارِ الكَلامَ / وَكَمْ فِي جُنونِ الهَوى مِن عَجائِبْ
وَلَوْ كُنْتَ تَشْكو هَوىً صادِقاً / لَما عَلَّلَتْكَ الأَمانِي الكَوإِذْبْ
تَأَمَّلْ حَريقَ كُؤُوسِ الرَّحيقِ / تَرَ الماءَ يَجْمُدُ وَالخَمْرَ ذائِبء
لَها فِي الزُّجاجَةِ رَقْصُ الشَّبابِ / وَمَفْرِقُها أَشْمَطُ النَّبْتِ شائِبْ
وَتزْبِدُ غَيْظاً إِذْا أُبْرِزَتْ / مِنَ الدَّنَّ كالْمُحْصَناتِ الكَواعِب
كَأَنَّ الحَبابَ عَلى رَأسِها / جَواهِرُ قَدْ كُلِّلَتْ فِي عَصائِبْ
بِحُمْرَتِها صَحَّ عِنْدَ الْمَجوسِ / أَنَّ السُّجودَ إلى النَّارِ واجِبْ
شَهِدْنا وَمُطْرِبُنا خاطِبٌ / زَواجَ ابْنَةِ الكَرْمِ بِابْنِ السَّحائِبْ
فَمِنْ قَطَراتِ الرَّذإِذْ النِّثارُ / وُمِن وَشْيِ زَهْرِ الرَّبِيعِ المراتِبْ
رِياضٌ كَخُضْرَةِ زَهْرِ السَّماءِ / وَأَزْهارُها مِثْلُ زُهْرِ الْكَواكِبْ
وَلِلْوَحْشِ سِرْبٌ بِقيعانِها / وَلِلطَّيْرِ فِي جَوِّها سَطْرُ كاتِبْ
بَرَزْنا إلى الرَّمْيِ فِي حَلْبَةٍ / حِسانِ الوُجوهِ خِفافِ المَضارِبْ
بَنادِقُهُمْ فِي عُيونِ القِسِيِّ / كَأَحْداقِهِمْ تَحْتَ قِسْيِ الحَواجِبْ
فَتِلْكَ لَها طائِرٌ فِي السَّماء / وَهذِي لَها طائِرُ القَلْبِ واجِبْ
وَحَلَّتْ سَوابِقُ شُهْبٍ خَواطِفَ / حُجْنُ الْمَناسِرِ حُوُّ المَحالِبْ
بُزاةٌ لَها حَدَقُ الأَفْعُوانِ / وَأَظْفارُها كحُماتِ الْعَقارِبْ
فَلِلأُفَقِ نَسْرانِ ذا واقِعٌ / وَذا طائِرٌ حَذَرَ الْمَوْتِ هارِبْ
وَأطْلَقَ كَلْباً لَهُ ضَارِياً / يُباري هُبُوبَ الصَّبا وَالجَنائِبْ
تَطيرُ بِهِ أَرْبَعٌ كالرِّياحِ / وَيَفْتَرُّ عَنْ مُرْهَفاتٍ قَوَاضِبْ
وَتُضْرَمُ فِي لَيْلِ جِلْبابِهِ / شُعاعُ شِهابٍ مِنَ الْعَيْنِ ثاقِبْ
وَعُدْنا نَجُرُّ ذُيولَ السُّرورِ / وَالطَّيْرُ وَالْوَحْشُ مِلءْ الحَقائِبْ
كَما ابْتَهَجَتْ مِنْ سُرُورٍ خِلاطُ / وَقَدْ جاءَ مُوسى يَجُرُّ الْمَواكِبْ
مَليكٌ إِذْا سارَ بَيْنَ السُّيوفِ / تَرَى الْبَدْرَ بَيْنَ اشْتِباكِ الْكَواكبْ
وَتَزْأَرُ مِنْ تَحْتِ ذاكَ الرِّكابِ / أُسُودٌ لَها مِنْ ظُباها مَخالِبْ
فَتِلْكَ اللَّهإِذْمُ زُهْرُ النُّجومِ / وَمُعْتَكِرُ النَّقْعِ جِنْحُ الْغَياهِبْ
بَدا فَهَوَتْ فِي التُّرابِ الثُّغورُ / كَما انْتَظَمَ الدُّرُّ فَوْقَ التَّرائِبْ
يُنادونَهْ بِاخْتِلاَفِ اللُّغاتِ / كَتَلْبِيَةِ الْحَجِّ مِنْ كُلِّ جانِب
يُخيفُهُمُ بَأْسُ بَرْقِ الْحِديدِ / وَيُطْمِعُهُمْ سَحُّ سُحْبِ الْمَواهِبْ
تَؤُمُّ الْجَوارِحُ أَعْلامَهُ / تَروحُ بِطاناً وَتَغْدُو سَواغِبْ
كأنَّ السَّناجِقَ أَوْكارُها / فَكَمْ عُصَبٍ فَوْقَ تِلْكَ الْعَصائِبْ
أَيَا مَلِكَ الأرْضِ حَقّاً إِلَيْكَ / مَآلُ مَشارِقِها وَالمَغارِبْ
سَتَمْلِكُ أرضَ قُسَنْطينَةٍ / ومَا كانَ لِلرُّومِ مِنْها يُقارِبْ
كَأَنِّي بِأبْراجِها قَدْ هَوَتْ / وَصَخْرِ الْمِجانِيقِ فِيها ضَوارِبْ
وَقَدْ زَحَفَ الْبُرْجُ زَحْفَ العَروسِ / إلَيْها يَجُرُّ ذُيولَ الكَتائِبْ
فَما لُبْسُهُ غَيْرَ نَسْجِ الْحديدِ / ومَا حَلْيُهُ غَيْرَ بِيضِ القواضِبْ
وَأضْرِمَتِ النَّارُ حَشْوَ النُّقوبِ / وَثارَ الدُّخانُ كَجِنْحِ الغياهِبْ
وَلَيْسَ الْكَهانَةُ مِنْ شِيمَتِي / وَلكِنَّ حِزْبَكَ بِاللَّهِ غالِبْ
لَكَ اللَّهُ مِنْ قائِلٍ قاتٍلٍ / يُجادِلُ بِالكُتْبِ أو بِالكَتائِبْ
فَما مَجْلِسُ العَدْلِ يَوْمَ القَضاءِ / بِأَوْلَى بِهِ مِنْ سُرُوجِ السَّلاهِبْ
فَدُمْ سَنَداً لِلْعُفاةِ الكُفاةِ / تُريِهمْ غَرائِبَ بَذْلِ الرَّغائِبْ