أحَقّاً طَربتَ إلَى الرّبْرَبِ
أحَقّاً طَربتَ إلَى الرّبْرَبِ / ومُذْ شَطَّت الدارُ لَمْ تَطْرَب
رُوَيْدَكَ أعْرض عنكَ الشبابُ / وحسْبُك بالعارِضِ الأشْيَب
فَكَيْفَ تَعِنُّ لِعينِ المَها / وتُشرِقُ لِلْمُشْرقِ الأشْنَب
وَإنّ الغَرامَ عَلَى كَبْرةٍ / لإحْدى الكَبائِرِ فَاسْتَعْتِب
أبَعْدَ نُضوبِ مِياه الصِّبا / وَتَصْويح يانِعِه المُخْصِب
تحِنُّ إلى مَلْعَبٍ للظّباء / بِكُثْبانِ رامَةَ أو غُرَّب
فهَلا إلى مَلْعبٍ لِلأسودِ / نَعمت بِمَنظرِهِ المُعْجب
يُقَامُ الجِهَادُ بِهَا والجِلادُ / لِكلِّ فَتىً مِدْرَهٍ مِحْرَب
وَيَضْرَى عَلى الفَتْكِ بِالضّارِيات / وإن غَالَبَ القِرْنَ لَمْ يُغْلَب
تَرَاهُ مُبيداً لأهلِ الصليب / بِفَلّ خمسهمُ الأصْلَب
ضَوار ضَوارِبُ أظفارِهَا / تُعِيرُ الظُّبَى رقّةَ المَضْرب
فَمِنْ أَسَدٍ شَرِسٍ مُحْنَقٍ / ومِنْ نَمِرٍ حَردٍ مُغْضَب
أثِيرَتْ حَفَائِظُهَا فانْبَرَت / تَسَابَقُ في شأوِها الأرْحَب
تُصِيم المَسَامِعَ مِنْ زَأْرها / عَوادِيَ كالضُّمَّر الشزُّب
وَتَنْبُو العُيون لإقْدَامِها / مُذربةَ النابِ والمِخْلَب
لُيُوثٌ إِذا ذمَرَتْ صَمّمَت / وإن لَغَبَ الذّمْرُ لم تُغْلَب
كَواشِرُ عَنْ مُرْهفاتٍ حَدادٍ / متى تصْدَعِ الشملَ لم يُشعَب
نُيوب نَبَتْن مِن النّائِبات / وأزْرَينَ بالصارِمِ المُقْضِب
تَنُوء ثِقالاً ولَكِنّها / أخَفُّ وُثوباً من الجُنْدُب
كأنّ لَها مَأرَباً في السّماء / فَتَسْمُو لِتَظْفَرَ بِالمَأرَب
ومُقْتحِمٍ غَمرات الرّدى / إذَا ما ادّعى الناسُ لم يكذِب
يُلاعِبُها حَيْثُ جَدّ الحِمامُ / فتفْزَعُ مِنْهُ إلى مَهْرَب
يَكُرُّ عَلَيْهَا وَلا جُنَّةٌ / سوى كُرَةٍ سهْلَة المَجْذب
يُدَحْرِجُها ماشِياً ثِنْيَها / عَلى حَذرٍ مِشْيَة الأنكب
عَجِبتُ لَها أحجَمَتْ رَهْبَةً / وأقْدَمَ بأساً وَلَم يرْهَب
وَقَتْهُ الأَواقي علَى أنّهُ / تَسَنّمَهَا صّعْبَة المَرْكَب
وَثاوٍ بِمَطْبَقَةٍ فَوْقَه / مَتَى تَطْفُ هامَتُهُ تَرْسُب
يُهَجْهِجُ بالليثِ كَيما يَهيج / ويأوِي إِلى الكَهفِ كالثّعلب
كذلكَ حتّى هوَتْ نَحوَهَا / عُقابُ المنيّة مِنْ مَرْقَب
وعَاجَتْ عَلَيْهَا قَواسِي القِسِيّ / فَعَبّتْ مِن الْحَيْن في مَشْرَب
وشَالَتْ هُنَاكَ بِأذْنَابِها / لِيَاذاً من العقرِ كالعَقْرب
فَيا لِقَساوِرَ قد صُيّرَتْ / قَنَافِذَ بالأَسْهُمِ الصُّيَّب
ويَا لمَآثِرَ لَوْ عُدِّدَتْ / لأَعيَتْ عَلى المُسهِب المُطنِب
غَرَائِبُ شَتّى بهرْن العقول / جُمِعْنَ لَدَى مَلِك المَغرِب
فَإنْ جَوّدَ الفكرُ لم يُغربِ / وإنْ قصّر الشعر لم يُذنب
إمَامُ هُدىً نُورُه ثَاقِبٌ / وَزهْرُ الكَواكبِ لمْ تثقُب
عَلى مَذْهبٍ للإمَامِ الرّضى / تَقَيله وَعلى مَشْعَب
يُهيبُ لِدَعْوَتِهِ بالأنَامِ / فَيُرْضي الإلَه ويُرْضي النّبي
ظَهيرُ الهِدايةِ أهدَى الظهور / إلَيْهَا نَصيباً وَلَمْ يَنْصب
وَحِيداً تَواضَعَ في عزّة / وَمَوْطِنُه هامَةُ الكَوْكَب
لَهُ شرَفُ البيتِ دونَ الملوك / وطيبُ الأرُومَة والمَنْسَب
نَمَاهُ أبو حَفْصٍ المُرْتَضى / إلى المَحْتِد الأطْهَر الأطْيَب
وأحْرَزَ سُؤْدَدَهُ عَنْ أبِي / مُحَمّدٍ السّيّد المُنْجب
وَفَى لِلْعُلَى بِحُقُوقِ العُلى / نُهوضاً على المَرْكبِ الأصْعَب
وَجَلّتْ مَنَاقِبُهُ الزُّهْرُ أنْ / تُقَوّضَ بالحُولِ القُلَّب
تَقَلّدَهَا إمْرَةً أحْرَزَتْ / بِمَنْصِبهِ شَرَفَ المنْصِب
وَقَام بِهَا دَعْوَةً مَزَّقَتْ / بِأنْوَارهَا حُجُبَ الْغيهَب
بَعيدُ المَدى بِالقَنا مُحْتَمٍ / قريبُ النّدى بالتقى مُحتَب
نَأى راقِياً وَدَنَا قارياً / فبُشرَاك بالأبعَد الأقرَب
ولَم أرَ شَمس الضُّحى قَبلَه / وَبَحراً وطَوْداً عَلى مَغْرِب