المجموع : 3
طربتُ متى كنتُ غيرَ الطرُوبِ
طربتُ متى كنتُ غيرَ الطرُوبِ / فلم أُعْرِ طِرْفَ الصّبا من ركوبِ
فيوْماً إلى سَبْيِ زقّ رَويٍّ / ويوْماً إلى صَيْدِ ظبْيٍ ربيبِ
ومهما كبَا بي فمن نشوَةٍ / يوافِقُها بين كأسٍ وكوبِ
لياليَ بينَ المَهَا غَيْرَةٌ / عليّ تخوضُ بها في حرُوبِ
ولو أنّ قِدْحَ شبابي أُجِيلَ / على الشمس لاختارَها في نصيبِ
وتَزْحَمُني كُلّ فتّانةٍ / بتفّاحةٍ غَلّفَتْها بِطِيبِ
ويُطْلِقُني من عقالِ العناقِ / صَباحٌ يُنَبّهُ عينَ الرّقيبِ
وفي كَبِدي جرْحُ لحظٍ عليلٍ / وفي عَضُدي عضّ ثغرٍ شنيبِ
ورَيحانةٍ أُمّها كرمة / تَنَفّسُ في كفِّ غصن رطيبِ
مُعتّقة في يَدَيْ راهبٍ / على دنّها ختْمُهُ بالصّليبِ
إذا أمْرَضَتْكَ وخفتَ الصّبُوحَ / فَمُمْرِضُها لك غَيْرُ الطبيبِ
تباكرُ من صَرفها شَرْبَةٌ / فتاةَ الوثوب عجوزَ الدبيبِ
كأنّ الحبابَ لها جُمّةٌ / معممةٌ رأسَها بالمشيبِ
إذا صُبَّ ماءٌ على صرفها / رأيتَ لهُ غَوْصَةً في اللهيبِ
فتخرجُ من قعرها لؤلؤاً / يُنَظّمُ للكأسِ فوقَ التريبِ
تناولْتُها ونسيمُ الرّياضِ / ذكيّ النسيمِ عليلُ الهبوبِ
وغيدٍ لطائفُ ألحانها / تُنَغّمها لسرورِ الكئيبِ
فكلّ مُقَمّعَةٍ بالْعَقِيقِ / من الدّرِ أغصانَ كفٍّ خضيبِ
تُنَبّهُ مُطْرِقَةً في الحجور / تُغْري الأَكفّ بشقّ الجيوبِ
إذا أسْمَعَتْ حسناتِ الغناءِ / شَرِبْنا عليها كؤوسَ الذنوبِ
وَسُودِ الذوائبِ يسْحَبْنَها / كَسَعْيِ الأساودِ فوْقَ الكثيبِ
تَوَافَقُ بالرقص أقدامُهُنّ / يطأنَ بها نَغَماتِ الذنوبِ
يُشِرْنَ إلى كلّ عضْوٍ بما / يَحُلّ به في الهوى من كروبِ
بَسَطْنا لها وهي مثل الغصونِ / تميسُ بهَبّ الصّبا والجنوبِ
على الأرضِ منا خدودَ الوجوه / وبينَ الضّلوع خدودَ القلوب
قناةٌ من الشّمْعِ مَرْكوزةٌ
قناةٌ من الشّمْعِ مَرْكوزةٌ / لها حَرْبَةٌ طُبِعَتْ من لهب
تُحرِّقُ بالنّارِ أحشاءَهَا / فتدمعُ مقلتها بالذهب
تَمَشّى لنا نُورُها في الدّجى / كما يتمشّى الرّضى في الغضَب
عجبتُ لآكلةٍ جِسْمَهَا / بروحٍ تشاركها في العطب
وَعِظْتَ بلمّتك الشائبه
وَعِظْتَ بلمّتك الشائبه / وفقد شبيبتك الذاهبَهْ
وسبعينَ عاماً ترى شمسَها / بعينك طالعةً غاربه
فوَيحك هل عَبَرَتْ ساعةٌ / ونفسُك عن زلّةٍ راغبه
فرغت لصنعك ما لا يقيك / كأنّك عاملة ناصبه
وغَرّتك دنياك إذ فوّضت / إليك أمانيّها الكاذبه
أصاحبةٌ خلتها إنها / بأحداثها بئست الصّاحبه
أما سلبتْ منك بُرْدَ الشباب / فهل يُسْتَرَدّ من السالبه
وإنّ دقائقَ ساعاتها / لِعُمْرِكَ آكلةٌ شاربه
وإنّ المنية من نحوها / عليك بأظفارها واثبه
ألمْ تَرَها بحصاةِ الردى / لِكلّ حميم لها حاصبه
كأنّ لنفسك مغنيطساً / غَدَتْ للذنوب به جاذبه
فيا حاضراً أبداً ذنبُهُ / وتوبتُهُ أبداً غائبه
أذِبْ منك قلباً تُجاري به / سوابقَ عبرتك الساكبه
على كلّ ذنبٍ مضى في الصبا / وأتعبَ إثباتُه كاتبه
عسى اللّه يدرأ عنك العقابَ / وإلّا فقد ذُمّت العاقبه