أَراعكَ ما راعَني مِن رَدى
أَراعكَ ما راعَني مِن رَدى / وجدتُ له مثلَ حزّ المُدى
وَهَل في حِسابك أنّي كَرَعْتُ / برُزءِ الإمامِ كؤوس الشّجا
كأنّي وقد قيل لي إنّه / أتاه الرَّدى في يَمينِ الرّدى
فَقُل لِلأَكارمِ مِن هاشمٍ / ومن حلّ من غالبٍ في الثَّرى
رِدوها المَريرة طولَ الحياةِ / وكم واردٍ كَدِراً وما اِنروى
وشقّوا القلوبَ مَكانَ الجُيوبِ / وجُزّوا مكانَ الشّعورِ الطُّلى
وحلّوا الحُبا فعلى رُزْئِهِ / كِرامُ الملائكِ حلّوا الحُبا
ولِمْ لا وما كتبوا زلّةً / عليه وأيُّ اِمرئٍ ما هَفا
فيا ليتَ باكيَهُ ما بكاهُ / ويا ليت ناعيَهُ ما نعى
ويا لَيتنِي ذقتُ عنه الحِمامَ / ويا لَيتَني كنتُ عنه الفِدا
هوَ المَوتُ يَستلبُ الصالحينَ / وَيَأخذُ مِن بَيننا مَن يَشا
فَكَم دافَعوه فَفات الدفاعُ / وَكَم قَد رَقَوْه فَأَعيا الرُّقى
مَضى وهوَ صِفْرٌ منَ الموبقاتِ / نقيَّ الإزارِ خفيفَ الرِّدا
إِذا رابَهُ الأَمرُ لَم يأتِهِ / وإن خَبُثَ الزَّادُ والَى الطَّوى
تعزَّ إِمامَ الوَرى وَالّذي / بِه نَقتَدي عَن إِمامِ الوَرى
وَخَلِّ الأَسى فَالمَحلُّ الّذي / جَثَمتَ بِهِ لَيسَ فيهِ أَسى
فَإِمّا مَضى جَبلٌ وَاِنقَضى / فَمِنكَ لَنا جَبلٌ قَد رَسَا
وَإِمّا فُجِعنا بِبَدرِ التمامِ / فَقَد بَقيت مِنك شمسُ الضُحى
وَإِن فاتَنا مِنهُ لَيثُ العَرين / فَقَد حاطَنا مِنكَ لَيثُ الشَّرى
وَأَعجَبُ ما نالَنا أَنَّنا / حُرِمنا المنى وَبَلَغنا المنى
لَنا حَزَنٌ في محلِّ السرورِ / وَكَم ضَحِكٍ في خِلالِ البُكا
فَجَفْنٌ لَنا سالِمٌ مِن قَذىً / وآخرُ مُمتَلِئٌ مِن قَذى
فَيا صارِماً أَغمدته يدٌ / لَنا بَعدكَ الصارِمُ المُنتضى
ويا رُكُناً ذَعْذَعته الخطوبُ / لَنا بَعدَ فَقدِكَ رُكنٌ ثوى
وَيا خالِداً في جِنانِ النّعيمِ / لَنا خالدٌ في جِنانِ الدُّنا
فَقوموا اِنظروا أَيّ ماضٍ مَضى / وَقوموا اِنظُروا أيّ آتٍ أتى
فَإِنْ كانَ قادرُنا قَد مضى / فَقائِمُنا بَعدَهُ ما مَضى
ولَمّا دُوينا بِفَقدِ الإمامِ / عَجِلتَ إلينا فكنت الدَّوا
رَضيناكَ مالكَنا فَاِرضنا / فَما نَبتَغي مِنكَ غَيرَ الرِّضا
وَلَمّا حَضرناكَ عندَ البِياعِ / عَرَفنا بِهَديك طُرقَ الهُدى
فَقابَلتَنا بوَقارِ المَشيبِ / كَمالاً وَسِنُّك سِنُّ الفَتى
وَجِئناكَ تَتلو عَلَينا العزاءَ / فَعزَّيتَنا بِجَميلِ العزا
وَذادَتْ مَواعِظُك البالغاتُ / أَخامِصَنا عَن طَريقِ الهَوى
وَعَلَّمتَنا كَيفَ نَرضى إِذا / رَضي اللَّه أَمراً بِذاكَ القَضا
فَشَمّرْ لَنا أَيُّهاذا الإمامُ / وَكُن لِلوَرى بَعدَ فَقرٍ غِنى
وَنَحِّ عَنِ الخَلقِ بَغيَ البُغاةِ / وَعُطَّ عَنِ الدّينِ ثوبَ الدُّجى
فَقَد هَزَّك القَومُ قَبلَ الضِّرابِ / فَما صادَفوكَ كَليلَ الشَّبا
وَأَعلَمَهم طولُ تَجريبِهم / بِأَنَّكَ أَولاهمُ بِالعُلى
وَأَنّك أَضرَبُهم بِالسّيوف / وَأَنَّك أَطعنُهم بالقنا
وَأَنّكَ أَضرَبُهم في الرّجا / ل عِرْقاً وأطولُ منهم بنا
وَأَنّك وَالحَربُ تُغلى لها ال / مَراجلُ أوسعُ منهم خُطَا
وَأَنّك أَجوَدُهم بالنُّضارِ / وَأَنَّكَ أَبذَلُهم لِلنّدى
سَقى اللَّهُ قَبراً دَفنَّا بِهِ / جَميعَ العَفافِ وَكُلَّ التُّقى
وَجادَ عَلَيهِ قُطارُ الصّلاةِ / فَأَغناهُ عَن قَطَرات الحَيا
ومَيْتٌ له جُدُدٌ ما بَلين / مآثرُهُ لا يَمَسُّ البِلى
وَإِنْ غابَ مِن بَعدِ طولِ المَدى / فَإِنَّك أَطوَلُ مِنهُ بقا