القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دَرّاج القَسْطَلّي الكل
المجموع : 2
بَقاءُ الخلائقِ رَهْنُ الفَناءِ
بَقاءُ الخلائقِ رَهْنُ الفَناءِ / وقَصْرُ التَّدانِي وَشيكُ التَّنائي
لقد حَلَّ مَنْ يَومُهُ لاقترابٍ / وَقَدْ حان مَنْ عُمْرُه لانتِهاءِ
هلِ المُلكُ يَملِكُ ريبَ المَنونِ / أَمِ العِزُّ يَصْرِفُ صَرْفَ القضاءِ
هُوَ الْمَوْتُ يصدَعُ شَمْلَ الجميع / وَيَكسو الرُّبوعَ ثيابَ العفاءِ
يَبزُّ الحياةَ ببطشٍ شديدٍ / ويَلقى النفوسَ بدَاءٍ عياءِ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ استَباحَتْ يَداهُ / كَريم الملوكِ وَعِلْقَ السَّناءِ
وَوافى بسَيِّدَةِ السَّيِّدا / تِ مأْوى البِلى ومُناخ الفناءِ
هُوَ الرُّزْءُ أَلْوى بعزمِ القُلوبِ / مُصاباً وَأَوْدى بحُسنِ العزاءِ
فما فِي العويل لَهُ من كفِيءٍ / وَلا فِي الدُّموع لَهُ من شِفاءِ
فَهيهاتَ فِيهِ غَناءُ الزفيرِ / وَهيهاتَ مِنهُ انتصَارُ البُكاءِ
وأَنَّى يُدافَعُ سُقمٌ بسُقمٍ / وَكَيْفَ يُعالَجُ داءٌ بداءِ
فَتلكَ مآقي جُفونٍ رِواءٍ / مُفَجَّرَةٍ من قلوبٍ ظِماءِ
فلا صدرَ إِلّا حريقٌ بنارٍ / ولا جَفنَ إِلّا غَريقٌ بماءِ
فقَد كادَ يَصدَعُ صُمَّ السِّلامِ / وَيُضرِمُ نارَ الأَسى فِي الهواءِ
وَجِيبُ القلوبِ وشَقُّ الجُيوبِ / وشَجوُ النَّحيبِ ولَهْفُ النِّداءِ
فمن مُقلَةٍ شَرِقَتْ بالدُّمُوعِ / ومن وَجْنَةٍ شَرِقَتْ بالدِّماءِ
وسَافِرَةٍ من قِناعِ الحياءِ / ونابذةٍ صَبْرها بالعراءِ
وبيضٍ صَبَغْنَ بلَوْنِ الحِدا / دِ حُمْرَ البُنودِ وبيضَ المُلاءِ
نَواشِجَ فِي سابغاتِ المُسُوح / وضافي الشُّعورِ بلُبسٍ سَواءِ
أَنَجْماً هَوى فِي سماءِ المعالي / لتبكِ عَلَيْكِ نُجومُ السَّماءِ
فحاشى لِرُزْئِكَ أَن يَقْتَضيهِ / عويلُ الرِّجَالِ ولَدْمُ النِّساءِ
لِبيضِ أَيادِيكِ فِي الصَّالِحاتِ / تمسَّكَ وجهُ الضُّحى بالضِّياءِ
وقلَّ لفقدِكِ أَن يَحْتَبِي / عَلَيْهِ الصَّباحُ بثوبِ المساءِ
فيا أَسَف المُلكِ من ذاتِ عِزٍّ / تعوَّض منها بعزِّ العَزاءِ
وروْحِ القبورِ لمجدٍ مُقيم / وتَرْح القصورِ لربعٍ خَلاءِ
ولو قَبِلَ الموْتُ منها الفِدَاءَ / لضاقَ الأنامُ لَهَا عن فداءِ
لئِنْ حُجِبَتْ تحتَ رَدْمِ اللُّحُودِ / وَمِنْ قَبلُ فِي شُرُفاتِ العَلاءِ
فتلك مآثِرُها فِي التُّقى / وبذْلِ اللُّهى مَا لَهَا من خَفاءِ
جزاكِ بأعمالكِ الزَّاكِيا / تِ خَيْرُ المُجازِينَ خَيْرَ الجزاءِ
ولُقِّيتِ فِي ضَنْكِ ذَاكَ الضَّريحِ / نسيمَ النعيم وطِيبَ الثَّواءِ
فيا رُبَّ زُلْفى لدى المشْرِقَيْ / نِ أَبْضَعْتِ فابْتَعْتِها بالعلاءِ
وعاري الجَناحَيْنِ نُبِّئتِ عَنهُ / فأَمسى وَقَدْ رِشْتِهِ بالعطاءِ
ودعْوةِ عانٍ بأَقصى الدُّروبِ / سمعتِ لوجهِ سميع الدُّعاءِ
وَذي حُبوَةٍ بفناءِ المَقامِ / سَنَحْتِ لَهُ بِسِجالِ الحِباءِ
فلِلَّهِ من طارِقٍ لليالي / رماكِ بيوْمٍ كيومِ البراءِ
فودَّعْتِ فِيهِ إِمامَ الهُدى / وَدَاعَ نوىً مَا لَهَا من لِقَاءِ
نَجيبكِ والمصطفى للخلافَ / ةِ من سَلَفَي خاتَمِ الأَنبياءِ
وما رَدَّ عنكِ سِهام الحِمامِ / بحرْزِ الجنابِ وعزِّ الفِناءِ
ودَهرٍ مُطيعٍ وسورٍ منيعٍ / وقصرٍ رفيعٍ مشيدِ البناءِ
وزَأْرِ الأُسودِ وخفقِ البنودِ / وجمع الحشودِ بملء الفضاءِ
بكلِّ كمِيٍّ جريء الجَنانِ / وكلِّ أَميرٍ منيفِ اللِّواءِ
وَوالٍ رعى اللهُ مَا قَدْ رَعاهُ / فأبلاهُ فِي الصُّنع خَيْرَ البلاءِ
تبلَّجَ عنه سنا يعرُبٍ / تبلُّجَ قَرْنِ الضَّحى عن ذُكاءِ
وهُزَّتْ مضاربُهُ عن حُسامٍ / وَفُرَّتْ نواجِذُهُ عن ذَكاءِ
فتىً قارضَ اللهَ عن نَفس حُرٍّ / بَراها لِتخْليدِ حُرِّ الثناءِ
وَأَقحَمَها مُخطراتِ الحُروبِ / وأَحْبَسَها فِي سبيل السَّواءِ
وجاهَدَ فِي اللهِ حقَّ الجهادِ / وأَغْنى عنِ المُلْكِ حقَّ الغَناءِ
وَشدَّ عَلَى الدين سورَ الأَمانِ / وَسدَّ عن الشِّركِ بابَ النَّجاءِ
وسيفٌ إِذَا لأَلأَتْهُ الحُرو / بُ طارَ العُداةُ بِهِ كالهباءِ
وَأَلْبَسَهُ النصرُ ثوبَ الجَلالِ / وتَوَجَّهَ الصبرُ تاجَ البهاءِ
فَلَوْ أفصحَ الدهرُ عمَّا يكِنُّ / لناداهُ يَا صَفْوَةَ الأَوْلِياءِ
هُو المَلِكُ العامِرِيُّ المُسمَّى / يَدَاهُ كفيلَيْ حياةِ الرَّجاءِ
عزاءٌ إِمامَ الهُدى فالنُّفو / سُ مَا إِنْ سِواكَ لَهَا مِن عَزاءِ
وَعُوِّضْتَ منها جزيلَ الثَّوابِ / وَمَدَّ لَكَ اللهُ طُولَ البقاءِ
وأَهْدِ بِهَا فِي الفَلا والسُّرى
وأَهْدِ بِهَا فِي الفَلا والسُّرى / ويَوْمَ التَّلاقي وحِينَ الثَّوَاءِ
وتحتَ العَجاجِ ووَسْطَ الهِياجِ / وَفِي بحرِ آلٍ وَفِي بحرِ ماءِ
وأَوْصِلْ بِهَا لأَصيلِ العَشِيِّ / بقَرْنِ الضُّحى والضحى بالمساءِ
وفاءً لنفسٍ أَمَدَّتْ سناها / بنورِ النهى وبنارِ الذَّكاءِ
وهدِيٍ هَداها سبيلَ العَفَافِ / ورأَيٍ أَراها هُدى كلِّ رَاءِ
كما قَدْ وَفَيْتُ لَهَا حِينَ عُجْتُ / بِغُلَّتِها فِي عُبابِ الوفاءِ
ينابِيعُ مجدٍ سَقَتْ نَبْعَةً / من الفضلِ دانِيَةَ الإِجْتِناءِ
زَكَا تُرْبُها فِي ثرى المَأْثُرَاتِ / فأَيْنَعَ إِثمارُها بالزَّكاءِ
فأَضْحَتْ تَثَنَّى بِرُوحِ الثَّناءِ / ويَنْمِي لَهَا عُنْصُرُ الإِنْتِماءِ
فكم أَفرَجَتْ عن نجومِ السُّعُودِ / وكم أَغْمَضَتْ من نُجُومِ الشَّقاءِ
وكم ظَلَّلَتْ من حَريرِ الهجيرِ / وكم أنْزَلَتْ من طريدِ العِشاءِ
رياضاً تفوحُ بِطيبِ الفَعَالِ / وزَهْراً يلوحُ ببشْرِ اللِّقاءِ
ونادَيْنَني بِضَمانِ النَّدى / وحَيَّيْنَني بحياةِ الرَّجاءِ
بما استُحْفِظَتْ من حفاظِ الجِوارِ / وَمَا أُبْلِيَتْ من حَميدِ البَلاءِ
بجامِعها شَمْلَ حِلْمٍ وعِلْمٍ / وهادٍ لَهَا شُكْرَ دانٍ وناءِ
ومن ولَدَتْ من كريمِ النِّجارِ / ومن أرْضَعَتْ بِلِبانِ الدَّهاءِ
رعى حَقَّ مَا استودَعَتْهُ المساعي / فأَوْدَعْنَهُ رَعْيَ خيرِ الرِّعاءِ
ونادَتْ بِهِ دَوْلَةُ السَّبْقِ حَيَّ / فأَعْدَتْهُ بالسَّبْقِ قَبْلَ النِّداءِ
تُجِيبيَّةٌ جابَ عنها الرَّدَى / كَجَوْبِ المُهَنَّدِ مَتْنَ الرِّداءِ
حقيقُ النَّصِيحَةِ أَنْ يَسْتَثِيرَ / لَهَا الدُّرَّ من تَحْتِ رَدْمِ الغُثاءِ
وأَلّا يُخَلِّيَ فِي ظِلِّها / ذَلِيلَ الذِّمامِ عَزِيزَ العَزَاءِ
فَبَشَّرَ عنها بِبَذْلِ الغِنى / وأَعذر فِيهَا ببذل الغناءِ
لِمُنْزِلِهِ مَنْزِلَ الإِخْتِصاصِ / ومُلْبِسِهِ شُرْطَةَ الإِعتِلاءِ
ومُعْتَدِّ أَقلامِهِ للكِتابِ / كتائِبَ مُشْتَرِفاتِ اللِّواءِ
مليكٌ تواضَعَ فِي عِزِّ مُلْكٍ / كسا دَهْرَهُ حُلَّةَ الكِبْرِياءِ
مُقَلَّدُ سَيْفِ الهُدى والهوادِي / مُتَوَّجُ تاجِ السَّنا والسَّناءِ
وأَغْزَى جيوشَ نداهُ القلوبَ / فجاءَتْهُ مُذْعِنَةً بالسِّباءِ
وخاصَمَ فِي مُهَجَاتِ الأَعادِي / فأُعْطِيَ بالسيفِ فصْلَ القضاءِ
كَأَنَّ الأَمانِيَ مَنٌّ عَلَيْهِ / فلا آيِبٌ دونَ ضِعْفِ الجزاءِ
فَلَبَّيْكَ لا مِنْ بَعيدٍ ولكنْ / عَذيرَكَ من مُعْذِراتِ الحَياءِ
حَمى فَاحْتَبَى بفناءِ اخْتِلالي / فباعَدَ بَيْني وبَيْنَ الحِباءِ
وقَنَّعَ وَجْهِي قَناعَاتِ حُرٍّ / فَقَنَّعَ دُوني وُجُوهَ العَطاءِ
وآزَرْتُهُ بالتَّجَمُّلِ حَتَّى / طَوَيْتُ صدى ظَمَأٍ عَنْ سِقاءِ
أَميرٌ عَلَى ماءِ وَجْهِي ولكِنْ / فِدَاهُ بِعَيْنَيَّ ماءً بِماءِ
فأُرْصِدَ هَذَا لِحُرٍّ كريمٍ / وأُسْبِلَ ذا طَمَعاً فِي الشِّفاءِ
فقد حانَ من بُرَحَاءِ الضُّلوعِ / رَحيلٌ تَنادى بِبَرْحِ الخَفاءِ
عَلَى ذُلُلٍ من مطايا الشؤونِ / قَطَعْنَ إِلَيْكَ عِقالَ الثَّواءِ
عواسِفَ يَهْمَاءَ من غَوْلِ هَمي / يُقَصِّرُ عَنْها ذَمِيلُ النِّجاءِ
جَدَلْتُ أزِمَّتَها من جُفُونِي / وصُغْت أَخِسَّتَها من ذَمَائِي
وأُنْعِلُها قَرِحاتِ المآقي / فأخْصِفُها بِنَجِيعِ الدِّماءِ
فَمُنْجِدَةٌ فِي مَجالِ النِّجادِ / وغائِرَةٌ فِي غُرور الرِّداءِ
فكَمْ قَدْ شَقَقْنَ سَلىً عن سَليلٍ / وأَجْهَضْنَ عن مُسْتَسرِّ الوِعاءِ
وكم قَدْ رَدَدْنَ حياةَ نُفوسٍ / ظِماءٍ بِمَوْتِ نفوسٍ ظِماءِ
كَأَنَّ مَدَاهُنَّ فِي صَحْنِ خَدِّي / ركابيَ فِي صَحْصَحَانِ الفَضاءِ
تجوبُ التَّنائِفَ خَرْقاً فَخَرْقاً / وحاجاتُها فِي عُنُوِّ العَنَاءِ
بكُلِّ حزينٍ بِعالِي الحُزُونِ / ومُقْوٍ بكُلِّ بِلادٍ قَواءِ
وَمُسْتَوْهَلٍ حُمَّ منهُ الحِمامُ / لأَوَّلِ وَهْلَةِ ذَاكَ التَّنَائِي
كَأَنَّ تَجاوُبَ خُضْرِ الحَمَامِ / نَشِيجُهُمُ لِتَغَنِّي الحُدَاءِ
وَقَدْ أَوْطَنُوا أَرْبُعاً لِلْبِلَى / وَقَدْ وَطَّنُوا أَنْفُساً لِلْبَلاءِ
وكُلِّ خَليٍّ عن الإِنْسِ رَهْنٍ / لِجَنْبَيْ خَلِيَّةِ بَحْرٍ خَلاءِ
قريبَةِ مَا بَيْنَ نِضْوٍ ونِضْوٍ / بعيدَةِ مَا بَيْنَ مَرْأَىً وَرَاءِ
تمورُ بِضِعْفِ نُجُومِ الثُّرَيَّا / لَوِ انْفَرَدَتْ بأَديمِ السَّمَاءِ
ثمانٍ كأَسرارِ قَلَبِ الكَئِيبِ / ورابِعةٌ كَقِدَاحِ السِّرَاءِ
مَطالِبُهُمْ لِمَطالِ الضِّمارِ / وآجالُهُمْ لاقْتِضاءِ القضاءِ
فهل آذَنَتْ هِجْرَتِي أَنْ ترِيني / عواقِبَ تَجْلُو كُرُوبَ الجَلاءِ
وهل ظَفِرَتْ هِمَّتِي من هُمُومِي / بِثَأْرٍ مُنيمٍ وَوِتْرٍ بَوَاءِ
أَلَمْ يَتنَاهَ غُرُوبُ الغَرِيبِ / إِلَى مَطْلِعِ الشَّمْسِ فِي الانْتِهاءِ
ولم أَتَّخِذْ جُنْحَ لَيْلِ المحاقِ / جَناحاً إِلَى نُورِ لَيْلِ السَّواءِ
ولَمْ أَتَزَوَّدْ هَبِيدَ القِفارِ / إِلَى بَحْرِ أَرْيٍ جزيلِ العَطَاءِ
فأَصبَحْتُ من ظُلَمِ الإِكْتِئَابِ / عَلَى عَلَمٍ بَيْنَ قَرْنَيْ ذُكاءِ
وأَلْقَتْ يَمِيني عَصا الإِغْتِرابِ / من الأَمْنِ بَيْنَ العَصَا واللِّحاءِ
وأَوْطَنْتُ فِي قُبَّةِ المُلْكِ رَحْلِ / يَ بَيْنَ الرِّواقِ وبين الكِفاءِ
وأَوْفَيْتُ سُوقَ النَّدى والمعالي / بِدُرِّ المقالِ وحُرِّ الثَّناءِ
وَقَدْ شَهِدَ البَرُّ والبَحْرُ أَنِّي / بِقُرْبِ ابْنِ يَحْيى مُجَابُ الدُّعاءِ
وأَنَّكَ أَنْتَ الصَّريحُ السَّمِيعُ / إِذَا صَمَّ مُسْتَمِعٌ عن نِدائِي
وأَنَّكَ دُونِيَ طَوْدٌ مَنيعٌ / عَلَى الدَّهْرِ مُسْتَصْعَبُ الإِرْتِقاءِ
وأَنَّكَ أَنتَ الشَّفِيعُ الرَّفِيعُ / بِدائي إِلَى مُسْعِفٍ بالدَّوَاءِ
فكيف تخطّت إليَّ الرزايا / ولم أُخطِ في مُستجاد الوِقاءِ
وكيْفَ اعْتَصَمْتُ بِصَدْرِ الزَّمَانِ / وصَدْرِي قِرى كُلِّ داءٍ عَياءِ
وَقَدْ ضَرَّسَتْنِي حُرُوبُ الخُطُوبِ / وأَبْطَأْتِ يَا نُصْرَةَ الأَوْلِياءِ
وعُرِّفْتُ فِي نَكَباتِ الزَّمانِ / بِكُنْهِ الصَّديقِ ومَعْنى الإِخاءِ
فوا قَدَمِي من سلامِ العِثارِ / ويا أَلَمِي من سِهامِ الجَفَاءِ
وَمَا أَبْعَدَ القَفْرَ عن عَيْنِ راءِ / وَمَا أَقْرَبَ الوَقْرَ من سَمْعِ ناءِ
ويا طُولَ ظِمْئِي لِخَمْسٍ وعَشْرٍ / طريدَ الحياضِ بعيدَ الإِضاءِ
كَأَنِّيَ بِعْتُ التُّقى بالنِّفاقِ / فلا هؤُلاءِ ولا هؤُلاءِ
وكم عُقِرَتْ دونَ عُقْرِ الحياضِ / سَوَامِي وأُزَّتْ أَمامَ الإِزاءِ
فَرُحْتُ بِهَا مُخْمِصاً فِي البِطانِ / وأَصْدَرْتُها مُظْمِئاً فِي الرِّواءِ
وأَرْعَيْتُ سعدانَ سَعْدِ السُّعُودِ / نِواءَ المُنى وصَفايا الصَّفاءِ
وأَقْوى فأَنْحَرُ حَرْفاً سِناداً / وأَرْعى فأَحْلُبُ شَطْرَ الإِناءِ
بِسَبْعٍ كَسَبْعِ سَمامِ السَّمُومِ / وأَرْبَعَةٍ كَرُبُوعِ العَفاءِ
يُفَدُّونَ نَفْسِي من الحادِثَاتِ / وَمَا لِي ولا لَهُمُ مِنْ فِداءِ
وكَمْ ضَرَبُوا بِقِداحِ الحُنُوِّ / عَلَيَّ ففازُوا بِقِسْمٍ سَوَاءِ
وَقَدْ أَسلَمَتْهُمْ سمائي وأَرْضِي / فلا مِنْ ثَرَايَ ولا مِن ثَرَائِي
فيا ضِيقَ ذَرْعِي لَهُمْ بالزَّفِيرِ / عَلَى ضِيقِ ذَرْعِي بِضِيقِ الشِّتاءِ
وَقَدْ آذَنَتْهُمْ يَدِي واضْطِلاعي / بِعُدْمِ الوِقاءِ لهمْ والصِّلاءِ
فما بسوى حرِّ تلك الصدورِ / يُوَقَّونَ من بردِ هذا الهواءِ
وإِن راعتِ الأرضُ منهم جنوباً / تسلَّوا برعيِ نجومِ السماءِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025