المجموع : 44
وبارزةٍ بين أحبارِها
وبارزةٍ بين أحبارِها / بروز الشموس لإسفارها
وقد فصلت بين ثِقل الكثيب / ولين القضيب بزُنَّارها
تمِيس كمثل غصون الرياض / وتضحك عن مثل نُوّارها
ترى الماء والنار في خدّها / قد امتزجا فوق أبشارِها
فلا النارُ تعدو على مائها / ولا الماءُ يعدو على نارها
وفاتقةٍ ظلمةَ الحِندِسِ
وفاتقةٍ ظلمةَ الحِندِسِ / إذا نعس الناس لم تنعَسِ
متوّجة فوق يأفوخها / بتاجٍ من اللهبِ المشمِسِ
إذا أوقِدت نثرت أدمعا / عليهِ من الذهبِ الأملس
وإن نام جُلاَّسُها لم تنم / وإن جلس العَبْدُ لم تجلِس
ولم أر أكرم من طبعِها / تجود على الشَرْب بالأنفُس
وصفراء تُكثر إيناسها
وصفراء تُكثر إيناسها / تعيش إذا قطعوا راسها
تغازلها الريح في مَرّها / ولكن تقطِّع أنفاسها
ولم أر مَنْ قتلت نفسها / سِواها لترضيَ جُلاَّسها
نَظَرْتُ إلى النِيلِ في مَدِّه
نَظَرْتُ إلى النِيلِ في مَدِّه / بِموج يزِيد ولا ينقصُ
كأن معاطفَ أمواجِه / معاطفُ جاريةٍ ترقصُ
بعثت إليك بنيلوفرٍ
بعثت إليك بنيلوفرٍ / يفوق مدى صفة البارع
بأحمرَ قانٍ وذي زُرقةٍ / واصفَر في لونه فاقعِ
تأنَّقتِ الأرضُ في نَبْتهِ / تأنُّقَ مقتدِرٍ صانع
فجاء كبردِ ثُغُور المَهَا / وفاح كعنبرها الرادعِ
وطاب كطِيبك يوم النّدى / ولفظِك في أذُن السامعِ
وساقٍ يُدير إلْفهِ
وساقٍ يُدير إلْفهِ / لهِيباً من النار في كفّهِ
عُقاراً كخدَّيْه مُحْمَرُّها / وإسكارُها كَظُبا طَرْفِهِ
تَحَمَّلْتُ من حُبِّه فَوْقَ ما / تَحَمَّل خَصْراهُ من رِدْفِهِ
وصَيَّرْت نَقلي على كأسِه / شفاءَ شِفاهيَ مِن رَشْفهِ
بِبُلْبَيْسَ لاقيتُ وَشْكَ النوى
بِبُلْبَيْسَ لاقيتُ وَشْكَ النوى / فلاقاه عن عجلٍ خَسْفُهُ
ولا جاده الغيث مِن منزلٍ / كأنّ مجالسَه كُنْفُهُ
وحسبك من منزِلٍ موحِشٍ / ثلاثة أخماسِهِ وصفه
وصامتةٍ ناطقَهْ
وصامتةٍ ناطقَهْ / بألفاظِها شائِقهْ
تئنّ بلا زفةِ / ولا كبدٍ خافقه
كأنّ قواديسها / لها أبداً وامقه
فَأَجْسَامُها وُتَّبٌ / وأدمعها دافقهْ
تردِّدُ مِن صوتها / لحون لها رائقة
مُغَنّيةٌ تارة / وزامرةٌ حاذقهْ
جزالة شِعرِك في لفظه
جزالة شِعرِك في لفظه / وتأويلُه الواضح الرّائِقُ
ومُنطاعُه لك يحكي لنا / بأن هواك هوىً صادقُ
كأنك من نَفْسِ كلِّ امرِئٍ / لألفاظِه قائدٌ سائقُ
فكلّ فؤادٍ به مغرمٌ / هَوىً وإليه جَوىً تائِقُ
يودّ إدامته السامِعونْ / ويعبده القارئ الناطق
كما يفتُق الريحُ نشرَ الرياضْ / ويشكو لمعشوقه العاشق
وِدادك مِنّا وإن كان لا / يترجِم عن قدره الحاذق
مقيمٌ بحيث أقام الفؤا / دُ وَالقَلْبُ والكبِد الخافِق
وإِنك لَلْفاتحُ الْمُسْتَقِ / ل والقائِلُ اللَّسِنُ السابِق
وليس يَزيد هواك الثناءْ / لنّ هواك بِه فائق
وخمرٍ ترشّفتُ سَلسالها
وخمرٍ ترشّفتُ سَلسالها / وأَجْرَيتُ في الشَّرب جِريالها
نعمتُ بها قبلَ وقتِ العذول / لأُشمِتَ بالشكرِ عُذّالها
لدى روضةٍ رَقَّمَتْها النجوم / سقتها السحائب تَهْطالها
فجاءت مُزَخْرَفَةً كالعروس / تُحَلَّى النواوِيرُ مِعْطالها
كأنَّ كواكبَ نُوَّارِها / مصابيحُ تُوقِد ذُبَّالها
وغانِيةٍ تشتكِي فَتْرةً / إذا جاذَبَ الخصرُ أَكفالها
نَرَى كَنَقَا الدِّعِص إِدبارَها / ومِثلَ الغزالةِ إِقبالَها
سقَتْنا المدامَ وأَلحاظُها / من السِحرِ تفعل أَفعالها
إذا اشتعلتْ نارُها في الكؤو / سِ أَلْهَبْتُ بالمزجِ إشعالَها
وإِن أُعمِلت نَغَمات القِيا / نِ أَدْمَنْتُ للكأس إِعمالها
سأَدفعُ بالراح جيشَ الهموم / ومن عالَ نفسي وما غالها
فكم حيلةٍ لِيَ في الغانيا / تِ تُعْيي مِن الناس محتالها
إذا غادةٌ منعت نَيْلَها / ببخل ولم تَخْشَ تَبْخالها
صرفتُ إليها عِنانَ المدام / وعلَّ الكؤوسِ وإنهالَها
فذلّتْ وقد عزّ مِنها المَرام / وما كنتُ آمُلُ إذلالَها
إلى اللهِ أَشكو مرِيضَ الجفون / ملِيحَ الشمائِلِ مُخْتالَها
تظلَّم مِنِّي وما إِنْ يزال / ظَلومَ المحاسِنِ مُغتالَها
دَلالاً عَلَيَّ وكُنْتُ امْرَأً / أحِبّ من الخَودِ إِدلالَها
فنُعْمٌ ولم أَرَ إنعامَها / وجُمْلٌ ولم أر إجمالها
تعلّقْتُ ليلى كمِثلِ المهَاةِ / خَذولاً تراتِع خُذّالَها
وإِني لأَحْسُدُ عينَ الرّقيب / إذا لم أَنَلْها وقد نالها
تَرَى خَجَل الخَدِّ مِثل المدام / إذا أظهر الحسنُ إخجالَها
وفرعاً لها مِلثل لونِ اسمِها / أَثيثاً يصافِح خَلْخالَها
ولو عُلِّمَ الغصنُ مِن مَيْسِها / تعلّم مِنها وصلى لها
وكنت امرأً غَرِقاً في المجو / نِ عَفَّ السجِيَّةِ مِفْضالَها
ففرَّغتُ نفسِي من الغانيات / وصيّرتُ في المجد أَعمالها
بأَبيضَ كالبدرِ طَلْقِ اليَدَيْنِ / تُسابِقُ جَدْواه سُؤَّالَها
هو البحرُ تُغْرِق أَمواجُه / بِحارَ النّوالِ ونُوّالَها
هو الليثُ تُنْسِيك أهوَالُه / زئيرَ الليوثِ وأَهوالَها
إمام إذا طاوَلَتْهُ الملوك / إلى فضلِ مَنْقَبةٍ طالها
وإن نال في اليوم أَكرومةً / تناول في الغدِ أَمثالَها
رأيت الإمام نِزَاراً به / تُتِمّ الخلافةُ أَحزالها
إمام إذا أَمر الحادثا / تِ أَرسل حالينِ أَرسالها
فَيُحْيِي الولِيَّ ويُرْدِي العدوّ / بِكفٍّ تُفَرِّق أَموالَها
من النفر الغُرِّ ممّن تَرَوْن / خيارَ البرايا وأَبدالها
وممن يكونُ غِياثَ البلاد / فيُبدِل بالروضِ إمحالها
وممن تراهم غداة الهياج / مَغاويرَ حرب وأزوالها
رَقّى بالنبِيّ وآلِ النبيّ / هِضابَ المعالِي وأَجبالها
سما بالوصِيّ إلى حالةٍ / لو النجمُ يَجْهَدُ ما نالها
تراه الملوك بعينِ الحلال / فقد صَغَّرَتْ حالُه حالَها
هو الحيّة الصّلّ من سُمِّها / تُميت وتَقتل أَصلالها
هو المسك من نِسبة غضّةٍ / إذا أَصبح الناس صَلَصالها
له شجراتُ عُلاً لم تكن / تَرَى نَبْعَ نجدٍ ولا ضَالها
ولو واجَه الشمسَ وجهٌ له / لأَبدَتْ له الشّمْسُ إجلالها
إذا أَشكلت مظلِماتُ الأمو / رِ أَوضح بالرُشْدِ إِشكالها
يفوق البِحارَ ندى كفّه / وصوبَ الغمامِ وتَهْمالها
نَهوضاً بأَعباءِ حملِ العهود / رَكوبَ العظائمِ حَمّالَها
وأَبيض جَرّدَ بِيضَ السيوف / فَقَتَل في الحربِ أَبطالها
يخوض بحار الوغى لِلوغى / كما خاضتِ الأُسْدُ أَوشالها
بِرأيٍ هو الدهر في قدرِه / يحطّ مِن الهَضْبِ أَوعالها
تزلزلتِ الأرضُ شواً إليه / فسكّن ذو العرشِ زلْزالها
وطوّقه الله تَدْبِيرَها / ومذ كان كان المسمّى لها
لِيهنِ الإمامةَ ما نِلته / فقد تَمم الله آمالها
لكانت تراسِلُه قبلَ ذا / يقِيناً ليحمل أَحمالها
وأَوحت إليه بأَمرِ الإله / قُبَيل الفطامِ وأَوحى لها
فجاءته من عجلٍ وادِعاً / تُسابق في الغيب إعجالها
وزُفّت إليه بأمرِ الإله / فأَلبسه الإله سِربالَها
وتَوَّجَهُ الله تِيجانَها / وأطلع في وجهِه خالها
وأُلبِس اَثوابَ إعزازها / ليِسحب في العِزّ أَذيالها
تَصدَّت لأَصيدَ يَرْعَى السوا / مَ مِنها ويحفظ أَهمالها
ولو ساسها أَحدٌ غَيْرُه / لأخرجتِ الأَرض أَثقالها
فعاش العزيزُ لها سالماً / يَشُدُّ عُراها وأَقفالها
يُعِزّ على الدهرِ أَنصارَها / ويضرِب بالسيف خُذّالَها
ترى نِعماً مثمراتِ الغصونْ / إذا قَولةٌ في النَّدَى قالها
وترجُف منه قلوبُ العِدَا / إذا صَولَةٌ فيهمُ صالَها
يُغذّي الأنامَ بمعروفِه / كما غذَتِ الأُسدُ أَشبالَها
يفوق الشموسَ وإشراقَها / ويعلو البدورَ وإِكمالها
ترى البدرَ والبحرَ في سرجِه / وليثَ الحروبِ ورئبالَها
به يَقْبَلُ الله فَرَضَ الصّيام / وحَجّ الحجيج وإهلالها
أبوكَ المعِزُّ هَدَى نورُه / لَدَى حَيْرَةِ النّاسِ ضُلاّلِها
وبَصَّرَهُمْ بعدَ طولِ العَمَى / وقَوَّمَ بالعَدْل مُنْهالَها
له آيةٌ في العلا لم يكن / عدوّ لِيدرِك إِبطالها
وأنتم شموسٌ إذا ما بدت / كَفَتْنا النجوم وأُفّالها
وكم نِعم ناعماتِ الغصون / لبِسنا بظِلّك اَظلالها
تفاءلتِ النفسُ نَيْلَ العلا / فَصَدَّقْتَ بالفِعل لي فالَها
فَمُلِّيتَ عُمْرَكَ ما تابعتْ / لنا بُكَرُ الدَّهْرِ آصالَها
سلام يؤدّيه عنّي الغدوُّ
سلام يؤدّيه عنّي الغدوُّ / إليك ووقتُ الضُّحى والأَصيلُ
سلامٌ له في صَميمِ الفؤاد / وفي داخلِ القلبِ مِنّي غَليلُ
ضَميريَ مُثْنٍ شَكورٌ وإنْ / سكتُّ فإنّي بصَمْتي أَقولُ
وإني إذا ما نَبا مُنْصُلٌ / لِمجدِك دِرع وسَيْفٌ صَقِيلُ
وأَصفرَ من ياسَمِيِنِ الرِياض
وأَصفرَ من ياسَمِيِنِ الرِياض / يلوح على زُرْقة الخُرَّمِ
فشبَّهْتُ هذا وذا بالسماء / بدتْ في صِغارِ من الأنجم
أو الشَّرَرِ المستِنيرِ الذي / تطايَرَ عن قَبَسٍ مُضْرَمِ
مِزاجُكما الخمَرَ بالماءِ لُومُ
مِزاجُكما الخمَرَ بالماءِ لُومُ / دَعاهَا كما ولدتْها الكُرومُ
وحُثَّا ولا تَخْشَيَا نَشْوَتي / فغَيري المُسيءُ عليها المَلُومُ
لأنّي يَسُرّ ارتياحي المُدام / ويَرضى خصالي عليها النَّديمُ
خليليّ قد جَنَّ ثوبُ الدُّجَى / وطاب الهواءُ ورَقَّ النسيمُ
فإن لم يكن فيكما مُسْعِدٌ / فإنّي بإسعاد نَفْسي زعيمُ
فقد حلّ بُولاقَ وَفْدُ السُّرورِ / وطاب لنا في رُبَاها النَّعِيم
خذوا بدمي لؤلؤَ المبتسمْ
خذوا بدمي لؤلؤَ المبتسمْ / وسحرَ العُيون ونظمَ الكَلِمْ
ودونَكُم شادِناً وجهُه / كشَمْس النهار وبدرِ الظُّلَم
له صَوْلَجانٌ كلَوْن الظَّلام / على وَجْنةٍ مثل لونِ العَنَمْ
رمتْك الليالي بأرزائها
رمتْك الليالي بأرزائها / ولم تعتمدْك ولم تعلمِ
فلمّا درت أن أحداثَها / عَظُمن على غير مستعظِم
وأنّ مَخاذِمَها نازَلتْكَ / فلاقتكَ أمضَى من المِخْذَمِ
وأجلدَ في الرّزء مِنْ خَطْبها / وأشجَعَ في الرَّوع من ضَيْغم
أعادتْ إساءتَها مِنّةً / لديك مجلَّلة الأنعُم
وأعطتْك أضعافَ ما أفقدتْكَ / وجاءتْك في زِيِّ مستسلمِ
وما غدرتْ بك بل غدرُها / بمُهجتها وهيَ لم تَفهَمِ
ليهنِك يا بدرَ أفقِ العُلا / وِلادةُ شمسك للأنجم
أتتك به خيرَ من يَعتزي / لمجد وأكرمَ من يَنتمي
يزينُ العُلا ويَبثّ النَّدَى / ويجلو سوادَ الدّجى المظلمِ
فهنّيتَه مَطَلَع الفَرقَدَين / ومُلِّيتَه مدّةَ الأزلَمِ
ولا زلت في شرف المكرمات / مكانَ السِّوار من المِعصَم
أكافيكَ بالمدح قبلَ الفعال / على ودّك الأطيب الأكرم
خُلِقْتُ لأعلو وجوهَ المهَا
خُلِقْتُ لأعلو وجوهَ المهَا / وأستر لينَ خدودِ الدمىَ
فلم تَرَ قَبْلي عيونُ الورى / على الغانيات ضُحىً مُعلَما
خذوا بدمي لؤلؤَ المبتَسم
خذوا بدمي لؤلؤَ المبتَسم / وسحرَ العيون ونَظْمَ الكَلِمْ
ودونكُم شادِناً وجهُه / كشمس النهار وبدر الظُّلِمْ
له صَوْلَجان كلون الظلامِ / على وجنة مثلِ لون العَنَم
وقولوا لمن سَفَكتْ مهجتي / بوهم الظُّنون وسوء التُّهَم
أحَلْتِ على الصُّدغ قتلَ المحبِّ / وعيناك ضرَّجَتاه بدَم
نعَمْ عقربُ الصُّدغ لدّاغةٌ / وليس لها غيرَ عينيك سَمْ
وناطقةٍ كلَّما حُرّكتْ
وناطقةٍ كلَّما حُرّكتْ / وليستْ بناطقةٍ في السكونِ
تئِنّ إذا دارَ دُولابُها / فتُطرِبُ سامعَها بالأَنينِ
وتَبكي وليست بمحزونةٍ / بكاءَ المِحبِّ الكئِيبِ الحزِينِ
فتَنطِق بالصوتِ لا مِن فمٍ / وتَقذِف بالدَّمْعِ لا مِن جفون
كأنّ لها ميّتاً في الثَّرَى / فأدمُعُها هُمَّعٌ كلَّ حِينِ
إذا زَمَرَت أطرَبتْ نفسَها / فغنّت بمختلِفاتِ اللُّحونِ
غِناءً يُرقِّص كِيزانهَا / ويُظهِر فِيهنّ وثبَ المجُونِ
فتَهوي فَوارغَ في بِئرِها / وتصعَدُ مِنها مِلاءَ العيونِ
كأنّ مَدامِعَها فِضّةٌ / مذوّبةٌ لونُها أَسْمجُوني
لِيهِنك يا مِلءَ عينِ الزّمان
لِيهِنك يا مِلءَ عينِ الزّمان / دوامُ السّرورِ ونيلُ الأماني
وأنّك أنت الإِمامُ الّذي / أَبان له الفضلَ نصُّ القُران
فيا مُلبِسي النِعَمَ السابِغات / وموجِبَ حقّي ومُعْلي مكاني
ملكتَ ثنائي ببذلِ الجميل / ووصلِ الأيادي وقربِ التّداني
فأصبحتُ عنك حَسِيَر الجفون / إذا رمتُ شكراً كَلِيلَ اللِّسانِ
فرُحْ عالماً أنّني شاكرٌ / سليمُ السَّريرِة صافي الجَنانِ
ذكرتُكَ ما بين كرِّ الكؤوس / وقد أقبَلَ الّلهوُ مُرْخَى العِنانِ
وقد جاوَبَ الزِّيرُ في جَذْبِه / مع البَمِّ ترجيعَ صوتِ المثَاني
وجاوَبَ قُمْرِيّةً فاختٌ / وعالتهُما نَغَماتُ القِيانِ
ونحن نقسِّم وَسْطَ الكؤوس / نُضاراً له حَبَبٌ كالجمُانِ
ولمّا تبدّت مَراجِيحُنا / تحرِّكها بالغَوالي الغَواني
ونحن من الماءِ في وابلٍ / مَشُوبٍ بخمرٍ ومِسكٍ وبانِ
فمِن مُعْمِل رَش زَرّافةٍ / ومن قاذِفٍ بسُلاف القِنانِ
وقد مَدَّ في النِّيلِ بدرُ الدُّجَى / صفيحةَ سَيْفٍ صَقِيلٍ يَمانِ
فلا زلتَ تَبقَى لِقَهرِ العِدا / وتمَلِك ما بقَي الفَرْقَدانِ
فأنت الّذي بك نلنا المنى / على كلّ حالٍ وفي كلّ شانِ
ومظهِرةٍ عَقْدَ هِمْيانِها
ومظهِرةٍ عَقْدَ هِمْيانِها / تَدِينُ بطاعةِ رُهبْانِها
تراءت لنا يومَ دَيْرِ القُصَيْرِ / وقد فوّقَتْ سهمَ أجفانِها
فلمّا قضت حَقَّ قُرْبانِها / وأدّت فريضةَ صُلْبانها
رمتْنا بلحظٍ يقُدُّ القلوب / ويجرَحُها قبلَ أَبْدانِها
فلَم أَرَ ذُلاًّ كذُليِّ لها / ولم أَرَ عِزّاً كسُلْطانِها
محبَبة أبداً لِلنفوسِ / وإن قَطَّعَتْها بهجْرانها
ألا بأبي جَوْرُ إدلالِها / عليَّ وإفراطُ عُدْوَانها