القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 37
تقاصرَ عمرُ الظلامِ الطويلْ
تقاصرَ عمرُ الظلامِ الطويلْ / ولا بدَّ من أجلٍ للعليلْ
وضاقَ بهِ الأفق ضيقَ القبور / فزمَّ الكواكبَ يبغي الرحيلْ
وراحَ فخفَّتْ همومُ القلوبْ / كما سار بعدَ المقامِ الثقيل
لقدْ كدتُ أبغضُ لونَ الظلامْ / لولا شفاعةُ طرفٍ كحيلْ
طوى الشمسَ فاختبأت أختها / نفورَ الغزالِة من وجهِ فيلْ
وكانتْ إذا احتجتْ قبلهْ / تجاذبها نسماتُ الأصيلْ
أرى البدرَ غارَ فأغرى بها / وكلُّ جميلٍ يعادي الجميلْ
أم الحظُّ أرسلَ لي ذا الدجى / فكانَ الرسالة وجه الرسولْ
أم الليلٌُ قد قامَ في مأتمٍ / فمنهُ الحدادُ ومنهُ العويلْ
ولم أنسَ ساعةَ أبصرتُها / وجسم النهارِ كجسمي نحيلْ
وقد خرجتْ لتعزي السماءْ / عن ابنتها إذ طواها الأفولْ
على مركبٍ أشبهتهُ البروج / تمرُّ بهِ كالبروقِ الخيولْ
إذا قابلتهُ لحاظُ العيونْ / سمعتَ لأسيافهنَّ صليلْ
وإن قاربتهُ ظنونُ النفوس / رأيتَ النفوسَ عليهِ تسيلْ
وقد أخرجتْ نفحاتُ الرياضْ / زكاةَ الرياحينِ لابنِ السبيلْ
وقد عبثَ الدلُّ بالغانياتْ / فذي تتهادى وهذي تميلْ
كأنَّ الحواجبَ قوسٌ فما / تحركَ إلا جلتْ عن قتيلْ
كأنَّ القلوبَ أضلَّتْ قلوباً / فكانتْ لحاظُ العيونِ الدليلْ
حمائمٌ في حَرَمٍ آمنٍ / بهذي الضلوعِ بناهُ الخليلْ
وما راعها غيرُ لونِ الدجى / يصدئُ لوحَ السماءِ الصقيلْ
فيا قبحَ الليلُ من قادمٍ / بوجهِ الكذوبِ ومرأى العذولْ
بغيضٌ إلينا على ذلَهِ / وشرٌّ من الذلِّ بغضُ الذليلْ
وكم عزني بالأماني التي / أرتني أنَّ زماني بخيلْ
ومن أملِ الناسِ ما لا يُنالْ / كما أنَّ في الناسِ من لا يُنيلْ
ألا عاطني الخمرَ إنَّ الزمانَ
ألا عاطني الخمرَ إنَّ الزمانَ / على مِيمِها وعلى رائِها
وانعشْ بها زهراتِ السرور / فقد نبتتْ قبلُ من مائها
لعرشِ السماءِ ارتقتْ أمُها / وفي الأرضِ أعراشُ آبائها
فلبستْ لغيرِ ملوكِ الكلام / وبنت الملوك لأكفانها
ولا غروَ إن زادَ أعداؤها / فقدْرُ النفوسِ بأعدائها
أليسَ من الطلمِ للخمرِ أنْ / تُذَمَّ بأشهرِ أسمائِها
رحيقٌ كماءِ الشبا
رحيقٌ كماءِ الشبا / بِ من وجنةٍ يقطرُ
بكأسٍ كبدرِ الدجى / ظلامي بها مقمرُ
وساقٍ على ساقِهِ / يرجرجهُ المئزرُ
تحجبها كفهُ / وفي خدِّهِ تظهرُ
أراهُ لنا قائداً / ونحنُ لهُ عسكرُ
كأنَّ صفاءَ الرحي / قِ نافسهُ الكوثرُ
فمن ربحَ اليومَ ذا / فذاكَ غداً يخسرُ
منى النفسِ لو بقيتْ لي المنى
منى النفسِ لو بقيتْ لي المنى / ومن للشقيِّ بيومٍ سعيدِ
تعيدُ إلينا السرورَ القديم / كأنَّا خُلقنا بها من جديدِ
وتذكرنا الأزمن الخاليات / كذكرِ العظيمِ ليالي المهودِ
فهاتِ اسقني بالكؤوسِ الكبار / فما أحسنَ الفمُّ فوقَ النهودِ
نضارُ لمن يدهُ كالنحاس / ونارٌ لمن قلبه كالحديدِ
هو الدهرُ آتيكَ أو ذاهبُ
هو الدهرُ آتيكَ أو ذاهبُ / وصادِقُكَ الوعد أو كاذبُ
فدعهُ كما شاءَ من ذا ترى / يجدُّ ومن حولهُ لاعبُ
وإن كنتَ في أملٍ فاقتصدْ / فمعطي النفوس هو السالبُ
لقد علمتني تجاريبُها / بأن القنوعَ هو الواجبُ
فدعني بربكَ لاتسقني / فإن التمني لها صاحبُ
وإما أبيت فمهلاً إذاً / أنا ذلكَ الملكُ العاصبُ
ولي الأرضُ مشرقُها والمغيب / هنا جانبٌ وهنا جانبُ
فهاكَ وهاتِ وخلِّ الأنام / يحجبهم عنيَ الحاجبُ
إذا ما شربنا أرى الأرض تمشي / وكل امرىءٍ فوقها راكبُ
طرحنا غمامَ الأسى للسماءِ / فرأس السماء به شائبُ
ومن عَنتِ الراحِ تدني المنى / وتحضرها وأنا غائبُ
لها رقةٌ كدبيبِ الكرى / فلا غروَ أن يحلمَ الشاربُ
عجبتُ لأهلِ الهوى أنهم
عجبتُ لأهلِ الهوى أنهم / يعيشونَ موتى بأرماسهمْ
سكارى بكأسٍ سقتْ مغرماً / وما انقصَ الدهرُ من كاسِهمْ
كأنَّ الهمومَ بانفاسهم / تكونُ ويا حرَّ أنفاسهمْ
أعِرنيَ عينيكَ يا عاذلي
أعِرنيَ عينيكَ يا عاذلي / لعلي أرى الحقَّ كالباطلِ
فعيني قد انصبغتْ بالفؤاد / كمثلِ الزجاجةِ والسائلِ
كلانا يراها وهيهاتَ ما / تَوَجَّعَ بالثكلِ كالثاكلِ
ولو كانَ للصيدِ عينُ الذي / يصيدُ لما اغترَّ بالحابلِ
هويت وأطعمتَ جسمي النحول / فَويْلاهُ من شَرَهِ الآكلِ
كأني ثيابي عليَّ الربيع / كسا جانبَي بلدٍ ماحلِ
كأنَّ عيوني بموجِ الدموع / خِضَمٌّ لهُ الجفنُ كالساحلِ
كأني ودمعي في مقلتي / أرى كفني في يدِ الغاسلِ
ليَ اللهُ هل أنا إلا فتىً / أجدُّ ودهريَ كالهازلِ
ومن سادَ في قومهِ الجاهلون / أضرَّتْ بهِ شيمةُ العاقلِ
كأنَّ الزمانَ بقايا دُجىً / أنا فيهِ كالقمرِ الآفلِ
نزلتُ على حكمهِ طاعةً / لوحي على مهجتي نازلِ
ومن كانَ قاضيهِ من يحب / رأى جائرَ الحكمِ كالعادلِ
يعيبونَ فيها نحولي فَلمْ / يُرى النجمُ في الأُفْقِ كالناحلِ
وكيفَ يُعابُ الحسامُ الصقيل / أرقَّتْ شَباهُ يدُ الصاقلِ
مُهَفْهَفَةٌ فكانَ الهوى / يحاربنا بالقنا الذابلِ
وأعجبُ من أملي وصلها / وبعضُ المنى قاتلُ الأملِ
لها مهجتانِ تحبُّ وتسلو / وما تحتَ ضدينِ من طائلِ
وشى العاذلونَ بأني سلوت
وشى العاذلونَ بأني سلوت / وأنَّ الجفونَ ألفنَ الرقادْ
فلما رأتني من خدرها / أشارتْ لقلبي بالابتعادْ
وهزتَ ستارتها باليدينِ / تعلمني كيفَ خفقُ الفؤادْ
رأيناهُ يخطرُ في روضةٍ
رأيناهُ يخطرُ في روضةٍ / كأنْ قد تعلمَ من بانها
فكانتْ بهِ جنةُ العاشقين / وكانَ فؤادي كرضوانها
وما سميَّ الروضُ باسمِ الجنان / لو لم يكن بعضَ ولدانها
ملأتَ المحطةَ بالعاشقين
ملأتَ المحطةَ بالعاشقين / فهذا يغيرُ وذاكَ يغارْ
وقلبيَّ مما تمزَّقَ أضحى / كأنَّ عليهِ يمرُّ القطارْ
بربكَ ماذا فعلتَ بنا / وما لكَ عندي ذوي الحبِّ ثارْ
قتلتَ وأحرقتَ حتى القطار / يسيرُ وفي قلبهِ منكَ نارْ
تولى زمانُ بني آدمٍ
تولى زمانُ بني آدمٍ / وهذا الزمانُ زمانُ القرودُ
وما الموتُ إلا اصطحابُ الثقيلِ / ولولاهُ فازَ الورى بالخلودِ
نسيتم ودادي فلم
نسيتم ودادي فلم / تزوروا ولم تسألوا
وسيانَ عندي فلا / أقولُ اهجروا وأوصلوا
ومن كانَ بي جاهلاً / فإني بهِ أجهلُ
يطولُ لحيتهُ كالحبال
يطولُ لحيتهُ كالحبال / فيا ليتَ عمري من طولها
كمروحة الخيشِ في العارضينِ / نطري الهواءَ بتبليلها
وقد لقبوها بستِّ اللحى / لتعظيمها ولتبجيلها
ألستَ تراها تجرُّ الذيولَ / فيحظى الصغارُ بتقبيلها
وكم بحثَ الناسُ في أصلها / وأي الوبا كانَ في جيلها
وكم حكموا انها علةٌ / وما علةُ غيري تعليلها
قرأتُ الكتابَ فكانَ الفؤاد
قرأتُ الكتابَ فكانَ الفؤاد / كأنكَ تلمسهُ باليدِ
وقبلتهُ ثمَّ أدنيتهُ / من القلبِ كالعينِ والإثمدِ
فطارَ بهِ طيبُ أنفاسكم / إلى أنْ تعلقَ بالفرقدِ
وقلتُ لعيني انظري للفؤاد / وما فعلَ الشوقُ بيَ واشهدي
فقالَ لها القلبُ هذا غرامي / وبعضُ غرامكِ أن تسهدي
فخذْ منيَ اليومَ قلبي وعيني / وذي الروحُ أسلمها في غدِ
أرى الهجرَ أن تذكرَ الهجرَ لي
أرى الهجرَ أن تذكرَ الهجرَ لي / فإنَّ القلوبَ بما تذكرُ
وإنَّ السماءَ إذا أبرقتْ / غدتْ بعدَ إبروقها تمطرُ
أخافُ عليكَ وما إن تخاف / وأنتَ المطاعُ بما تأمرُ
وما آفةُ النفسِ بعدَ المتاب / غلا الغرورُ بمن يغفرُ
أدرتَ عيونكَ في كلِّ وجهٍ
أدرتَ عيونكَ في كلِّ وجهٍ / ونطّقتَ باللحظاتِ الخصورا
وكدتَ تشكُّ بهنَّ القلوب / وتلحمُ أسيافهنَّ الصدورا
فلا عجبَ أن يصدَّ الحسان / وأن يتعلمنَ فيكَ النفورا
تلثمهنَّ بلحظِ وقاحِ / ويمنعهنَّ الحياءُ السفورا
لعلكَ تعلمُ أنَّ الظباء / ينفرنَ إما رأينَ البعيرا
وهبكَ خفيرا لهذي الطريق / فلستَ على النيّراتِ خفيرا
أرى نظراً كالطفيلي لا / يوجهُ حتى يعود حسيرا
فلو خلقَ للهُ فيكَ العيونَ / طيوراً لما بتَّ إلا ضريرا
لئن منعوكَ سلكَ المنام
لئن منعوكَ سلكَ المنام / ما انفكَ ما بيننا ينقلُ
أراها وقد جعلتْ تمطلُ / ذكاءٌ تضيءُ ولا تنزلُ
يضنُّ الجمالُ بأربابهِ / وأهلُ الجمالِ بهِ أبخلُ
وسيانَ في الطيرِ عصفورةٌ / إذا انفلتتْ منكَ والبلبلُ
فيا من جعلتُ لهُ خاتماً / متى تلبسُ الخاتمُ الأنملُ
تدوسينَ فوقَ الثرى مهجتي / وطيفكِ في أعيني يرفلُ
فمنكِ إليَّ ومني إليكِ / كلانا لصاحبهِ يحملُ
وذو الشوقِ يسعى على عينهِ / إذا قعدتْ بالهوى الأرجلُ
سلي الصبحَ كيفَ أراقَ الكرى / وعيني ما أوشكتْ تثملُ
رمى الفجرَ فانفجرتْ عينهُ / دماً فأتى بالندى يغسلُ
وأضرمَ من شمسهِ شعلةً / فجفَّ على حرِّها المقتلُ
كذاكَ أرى الناسَ في غدرهم / تساوى الأواخرُ والأولُ
أصالحُ قل لي متى نلتقي / فبعضيَ عن بعضهِ يسألُ
أراكَ تؤيّدني في البيانِ / كما اتحدَّ الفلبُ والمِقْوَلُ
ولولا الفؤادُ وميزاتهُ / لمالَ اللسانُ فلا يعدلُ
ألا أنذرَ الفئةَ الحاسدين / سيوفاً منا ضربتْ تفصلُ
وقل للعصافيرِ لا تبرحي / ولا تمرحي قد هوى الأجدلُ
عجبتُ لهمْ وعجيبٌ إذا / عجبتُ لمن لم يكنْ يعقلُ
وما يستوي الجفنُ فيه الغبار / وإن أشبهَ الكحلَ والأكحلُ
هم نخلوني فماذا رأوا / اَأَمسكَ نورَ الضُّحى المنخلُ
وثارَ الغبارُ فيا أفقُ هلْ / جلا لكَ مرآتكَ الصيقلُ
وأقبلَ فار فما للجبال / لم يلقَ عاليها الأسفلُ
وكيفَ يخيفُ الهلالَ الدجى / ويرهبُ عنترةَ المنصلُ
رأوا ليَ في حكمتي ثانية / كما ينظرُ الواحدَ الأحولُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025