القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 29
رقدتِ وأسهرتِ ليلاً طويلا
رقدتِ وأسهرتِ ليلاً طويلا / وحمّلتِنا الحبَّ عِبْئاً ثقيلا
وكنتِ تعاصين قول الوشاةِ / فلمّا مللتِ أطعتِ العذولا
ولو كنتِ يومَ لِوى عالِجٍ / وقفتِ شكونا إليك الغليلا
فإنْ أنتِ أنكرتِ ما نَدّعيه / جعلنا النّحولَ عليه دليلا
ودمعاً تحبّس قبل الفراقِ / ويومَ الفراقِ أصاب المَسيلا
سقى اللّهُ جيراننا بالكُحيلِ / وحيّا به الظَبْيَ أحوى كَحيلا
ولقّاهُمُ بالنّعيم الكثير / وإنْ لم يُنيلوكِ إلّا قليلا
ففي القلب منهم على ضَنِّهمْ / غرامٌ يماطلني أنْ يزولا
معاشرُ لا يألفون الوفاءَ / لصبٍّ ولا يعرفون الجميلا
إذا أمرضوا لم يعودوا المريضَ / وإنْ قتلوا لا يَدون القتيلا
وكم فيهمُ من مليحِ الدَّلا / ل تستلب العينُ منه العقولا
يُحيّيك بالورد من وجنتيهِ / ويسقيك من شفتيه الشَّمولا
ومِن شَعَفٍ ظَلْتَ من بعدهم / تُرَثِّي الرّسومَ وتبكي الطُّلولا
وتسأل كلَّ طويل الصُّمو / تِ يأبى له خلْقُه أنْ يقولا
ولولا شقاوةُ جَدِّ المحبّ / لحقنا على سَفَوانَ الحُمولا
عشيّةَ سرنا على كُثرهمْ / نُباريهمُ بوجيفٍ ذميلا
هنيئاً لنا في مليك الملو / ك أنْ ملك الأرض عَرضاً وطولا
دعوتَ الجبالَ فلم تمتنعْ / فكيف ترى لو دعوتَ السّهولا
وشمّاءَ كالنّجم مرفوعةٍ / تفوت المُنى وتُزِلُّ الوُعولا
سَمَوْتَ إليها وظنّ الغبي / يُ أنّك لا تستطيع الوصولا
فما رِمْتَ حتّى وَلْجَتْ الصَّميمَ / وغادرتَ ما عزّ منها ذليلا
وكانت وليس سبيلٌ إلى / معاقلها فنهجتَ السّبيلا
تغاضيتَ عنها صنيعَ البطيّ / فلمّا عزمتَ سبقتَ العجولا
لعَمْر أبيها لقد رامها / فتىً يركب الصّعبَ سَمْحاً ذَلولا
فتىً لا يبيتُ على رِيبَةٍ / وَلا يَأخذ الأمر إلّا جليلا
ولم يُرَ قبلك مستخرجاً / من الغِيلِ والأسدُ فيه الشُّبولا
وحيٍّ خبطتَ على غِرَّةٍ / فأبدلتَهمْ بالرُّغاءِ الصّهيلا
تأنّيتَهمْ موهناً كي يروا / صباحبهمُ مقبلاً والخيولا
عليهنّ كلُّ شجاعِ الجَنا / نِ لا يجد الذُّعرُ فيه مَقيلا
وكم لك من معجزٍ باهرٍ / نراه فننكر منّا العقولا
تجيء به واحداً لا تريد / معيناً ولا تستشير الخليلا
كليثِ العَرين يجرّ الفريسَ / إلى نفسه لا يريد الأكيلا
فللّه دَرُّك من مُعمِلٍ / سناناً طريراً وعضباً صقيلا
ومن واقفٍ فوق رجّافةٍ / تَزِلُّ الأخامصُ عنها زليلا
ويفديك كلُّ بخيل اليدين / يمنّ الكثيرَ ويُعطي القليلا
تَراه إذا ما اِستَحرّ الطّعانُ / كزَفِّ العوامل يمضي جَفولا
أَما والّذي زاره المحرمون / على أنْ يُنيلَهمُ أو يُقيلا
ولاذوا خضوعاً بأحجاره / وجرّوا بعَقْوَتهنّ الذُّيولا
وشُعثٍ تلاقَوْا على المَأزِمَيْنِ / يَزُجُّون صبحاً مَطيّاً كليلا
ومضطبعين ببيض الثّيابِ / تراهمْ على عَرَفاتٍ نزولا
لَقَد خَصّك اللَّه بالمأثُراتِ / إذا ما عُددن عدمن العديلا
وجاد الزّمانُ لنا فيكمُ / وكان الزّمان ضنيناً بخيلا
فيا غيثنا لا تَرِمْ أرضنا / ويا شمسَنا لا تجزنا أُفولا
ويا جبلَ اللَّهِ في أرضهِ / لرُوَّاده أعفنا أن تزولا
فأنتَ الّذي نلتُ منه المنى / ثناءً جميلاً ونيلاً جزيلا
وأسكنتني وصروفُ الزّما / نِ تُصحرني منك ظِلّاً ظليلا
وكنتُ البَهيمَ طويلَ الزّمان / فأوضحتَ لي غُرراً أو حُجولا
أنيروزَ مالكنا دُمْ له / وكنْ بالّذي يبتغيه كفيلا
وعدْ أبداً طارقاً بابَه / متى ما مضيتَ نويتَ القفولا
وإنْ أنتَ أفقدتنا غيرَه / فأَهدِ إليه البقاءَ الطّويلا
ألا لا تصِدْني بإطماعةٍ
ألا لا تصِدْني بإطماعةٍ / فلستُ على طمعٍ مقبلا
فإنّيَ ممّنْ إِذا سمتَه / قبيحاً يُذَمُّ به قال لا
وما ليَ في الذّلِّ من موطنٍ / ولا أجعل الفُحشَ لي منزلا
ومُرٍّ بلا دَنَسٍ أصطفيه / على ما به دَنسٌ إِنْ حَلا
أُصيبتْ مقاتلُ كلّ الرّجال / وما أن أصابوا لِيَ المقتَلا
وكم ذا فرجتُ لهمْ ضيّقاً / وكم ذا كفيتُ لهمْ مُعضِلا
وقوفِيَ في ذا الورى الخاملِ
وقوفِيَ في ذا الورى الخاملِ / وقوفُ المشوقِ إلى العاذلِ
تصافح سمعِيَ أقوالُهمْ / ولا يرجعون إلى طائلِ
فعَرْضُ البلاد على العارفي / نَ أضيقُ من مهجةِ الباخِلِ
ومَن صدّ عن مثل أفعالهمْ / كمنْ صدّ عن كُفَّة الحابِلِ
ولمّا خبرتُ جميعَ البلا / دِ لم أَرَ أضيَعَ من عاقِلِ
ولولا ذوو النّقصِ في دهرنا / لَمَا عُرفَ الفضلُ للفاضِلِ
تعاظم مِنِّيَ ما أبتغِيهِ / فما إنْ أُعلَّلُ بالباطلِ
وعوّدتُ قلبي فراقَ الحبيب / فما حنّ شوقاً إلى راحلِ
ولا خَدَعَتْهُ ذواتُ الحَلِيِّ / فيُصْبِيَهُ مَلَقُ العاطِلِ
وَما العزّ إلّا لِمَنْ لا ترا / هُ عينُك في موقفِ السائِلِ
إذا ما رأى الخِصْبَ عند اللّئامِ / أقامَ على البلد الماحِلِ
وظَلّ وبالك كلُّ الرّخيّ / مِنَ المجد في شُغُلٍ شاغِلِ
يُعيّرني الضّيقَ أهلُ اليَسار / ولا مالَ يبقى على نائِلِ
وكيف أضِنُّ على شاكرٍ / بظلٍّ يفارقني زائلِ
إذا لم يفارقْك في عامِهِ / فأنتَ المفارِقُ من قابِلِ
ألا ما لقلبٍ بأيدي الغُواةِ
ألا ما لقلبٍ بأيدي الغُواةِ / يُعلَّل في الحبّ بالباطلِ
يرنّ اِشتكاءً إلى نازلٍ / وإمّا اِشتياقاً إلى راحلِ
ويُضحِي قتيلَ بدور الخدو / رِ وَجْداً وما من دمٍ سائلِ
وَكيفَ اِنتفاعي بأنّي كتمت / بنطق الغرامِ عن العاذلِ
ولي ألسُنٌ شاهداتٌ به / من الدّمع والجسدِ النّاحِلِ
ولولا الهوى قاهرٌ للرّجا / لِ ما لِيم في النّاسِ من عاقلِ
وزَوْرٍ أتاني وكلُّ العيون / من النّومِ في شُغُلٍ شاغِلِ
وكم بيننا حائلٌ هائلٌ / وأوْهَمَ أنْ ليس من جائلِ
ولولا لذاذةُ ذاك الغُرو / رِ ما كان في الطّيف من طائلِ
وما ضرّ أنْ فاتني آجلاً / وقد مسّني النّفعُ في العاجلِ
ولا نُكْرَ في الحقّ إنْ لم أنله / إذا جاء نفعِيَ من باطِلِ
أقول لركبٍ على أينُقٍ / سِراعٍ كذئبِ الغضا العاسلِ
وقد أكل السّيرُ أوصالَها / وأيْنُ السُّرى خير ما آكلِ
فما شئتَ من تامكٍ ناحلٍ / وما شئتَ من ضيّقٍ حائلِ
أَلا فاِعدِلوا بي بتلك المنى / إلى عَقْوَةِ الأوحدِ العادلِ
دعوا قائلاً غيرَ ما فاعلٍ / وعوجوا على القائل الفاعلِ
إلى صائلٍ لم تَطُفْ مرّةً / عليه صِقالاً يدا صاقِلِ
فتىً يُعمِلُ السّيفَ يوم الهياج / ويَتَّركُ الجُبنَ للنّابلِ
وما كان يوماً وقد مسّه الل / لغوبُ من الجِدِّ بالهازِلِ
فللّه دَرُّكَ من زائدٍ / عطاءً على أملِ الآملِ
ومن مُلحِقٍ بالجبان الشّجا / ع فضلاً وذا الجود بالباخلِ
ويوم يُسقّي الرّدى حاضريه / بلا وارشٍ وبلا واغلِ
شهدتَ فكنتَ مكانَ العَفار / وللرّمح في موضعِ العاملِ
وإنّي لأعشق منك الكمال / فلم أر قبلك من كاملِ
وآسى على زمنٍ مرّ بِي / وما لِيَ مثلك من كافلِ
لدى معشرٍ أَنَا ما بينهمْ / بلا منزلٍ منهمُ آهلِ
فدُرُّ قريضي بلا ناظمٍ / وغرُّ مقالي بلا قائلِ
وحَليُ كلامي وما اِستَأصلوه / مَدَى الدّهر منهم على عاطلِ
ولولا مكانك كان الملوك / بلا عضدٍ وبلا كاهلِ
ولا دافعٍ شرَّ ما حاذروه / ولا ناهضٍ لهم حاملِ
وكم ذا أعدتَ لهمْ مُلكَهمْ / وقد صار في كُفّةِ الحابلِ
فأضحى على ثابتٍ راسخٍ / وقد كان في هائرٍ مائلِ
وقد جرّبوا منك ما جرّبوه / غَداةَ المنى في يد الباسلِ
وخالوك جهلاً كمن يعهدون / وَكَم غُرّ ذو الحزمِ بالجاهلِ
ولمّا طلعتَ ولم يشعروا / فأيقَظَهمْ من كرى الغافلِ
أطاعَ لك الصّعبُ بعد الجِماح / وبان لنا الحقّ من باطلِ
وإنّ خُراسانَ زَلْزَلتَها / وما لَكَ من رُكُنٍ زائلِ
وساروا إليك كأُسْدِ الصَّريم / فطاروا مع النَّعَمِ الجافلِ
وأضحى كثيرهُمُ كالقليل / وناصرهْم منك كالخاذلِ
وأسمَعتَنا أنّةَ المُعْوِلات / على القوم أو رنّةَ الثّاكلِ
وأشبعتَ منهمْ سِغابَ السُّيوف / وروّيتَ منهمْ صَدَى الذّابلِ
ولمّا رأوا صَهَوات الجياد / عَليهنّ كلُّ فتىً باسلِ
رمتْ كلَّ سيفٍ ورمحٍ بها / على الرّغمِ منها يدُ الحامِلِ
فلم تَرَ غيرَ قتيلٍ هوى / تَدَوَّسُهُ الخيلُ أو قاتلِ
وولَّوا وفارسهمْ في الممات / بحدِّ سيوفك كالرّاجلِ
وظنّوا نكولَك لمّا دعوك / وحاشاك من خُلُقِ النّاكلِ
وليس الشّجاعةُ هتكَ الوري / د طعناً ولا ضربةَ القابلِ
ولكنَّها باِمتِطاء الصّوا / ب والحزم في الموقفِ الهائلِ
فلا تَلُمِ النَّاسَ في شوقهمْ / إِلى غيثك المسبِلِ الهاطلِ
ولِمْ لا يَحِنّ إلى المخصبا / ت مَن كان في البلد الماحِلِ
فإن كنتَ قد غبتَ عن بابلٍ / فذكرُك ما غاب عن بابِلِ
ومثلُ مثولك بين الرّجال / ثناؤك في المجلس الحافلِ
وما زلتَ تمطلنا باللّقا / ءِ للحزم عاماً إلى قابلِ
ومَن كان إرجاؤه باللّقا / ءِ مصلحةً ليس بالماطلِ
فقولِي لقومِيَ إنّي اِعتصمت / بعرِّيسَةِ الأسدِ الصّائلِ
فلا مُفزِعٌ أبداً مُفزِعي / ولا هائلٌ أبداً هائلي
ولا مثل عزّي به لاِمرئٍ / ولا لِكُلَيْبِ بني وائلِ
وكيف أخاف وأنتَ الخَفير / لداري ورحلِيَ من غائِلِ
أَلا فاِحبُنِي بدوام الصّفاء / فحسبِيَ ذلك من نائلِ
وَقَد حُزتَ منّي جميع القبول / وأرجوك أنّك لي قابلي
وإنّي لأرضى بأنْ كنتَ بِي / عليماً وكلُّ الورى جاهلي
وَما أنْ أُبالي جفاءً لهمْ / إذا كنت وحدَك لي واصلي
ولمّا جلعتك لِي مَوْئِلاً / دعاني الورى خيرَ ما وائلِ
فأسندتُ ظهري إلى يَذْبُلٍ / وألقيتُ ثِقْلي على بازِلِ
وإنّي مقيمٌ وإن أجدبتْ / بلادي عَلى الرّجل الفاضلِ
ولستُ بغير الطّوالِ الخُطا / إلى الفخر في النّاس بالحافلِ
ولا مِن حياض الأذى والصَّدى / يُزعزعني قطُّ بالنّاهلِ
وَليسَ الفتى للّذي سار عن / ه من دَنَسِ العِرْضِ بالغاسلِ
فخذها ومِن بعدها مثلَها / فكمْ ذا تُنبّه من غافلِ
مقالاً يبرّح بالقائلين / وقد جاء عفواً من القائلِ
ولَم أكُ قبل اِمتداحي علا / ك إلّا كبُرْدٍ بلا رافلِ
فهبْ لِيَ ما فات من زلّةٍ / فما زلتَ تصفح عن واهلِ
وفي الشّعر إمّا خمولُ النّبيه / وإمّا التَّنابُلُ للخاملِ
وما كلُّ مَن قرعتْ كفُّهُ / لأبوابه فيه بالدّاخلِ
فلا زال نجمُك نجمُ السّعو / دِ غيرَ الخفيِّ ولا الآفلِ
وبُقّيتَ مشتملاً بالثَّواء / بغير رحيلٍ مع الرّاحلِ
ألا إنّ قلبِيَ من بعدكمْ
ألا إنّ قلبِيَ من بعدكمْ / أفاق وفارقني باطلي
فأصبحتُ خلوَ ضمير الفؤاد / وقد كان في شُغُلٍ شاغلِ
وما لِيَ يا قومُ تعريجةٌ / بذاتِ حُليٍّ ولا عاطِلِ
ولا أنا أطمعُ في جائدٍ / ولا أنا أيْأَسُ من باخلِ
ولا بتّ أشتاق من صبوةٍ / إلى غاربٍ بالنّوى آفلِ
ولا كنتُ أحفل في بلدةٍ / مقيماً بمُستَوْفِزٍ راحلِ
ومن عجبٍ أنّ ذات السّوار / تواصِلُ مَن ليس بالواصلِ
يُصبُّ بها يَمَنِيُّ النِّجار / وتسكن وسْطَ بني وائلِ
وتعتاض من جانبٍ فاهقٍ / من الخِصْبِ بالجانب الماحِلِ
أُعيذك من مُهبِلاتِ الزّمان / حكمن على الرّجل العاقلِ
ومن نفحاتٍ عَدَوْن النَّبيه / وعُجن على منزلِ الخاملِ
ومن آنفٍ أضرعته الخطو / بُ حتّى تعرّض للنّائلِ
ومن كَلِمٍ جَدَّ بالسامعين / وجدّ عن المنطقِ الهازلِ
ومن طمعٍ للفتى خائبٍ / ومن أَمَلٍ في الغنى حائلِ
ومن صَبْوَةٍ نحو مُسْتَقلعِ ال / غُروسِ وشيكِ النّوى زائلِ
ومن خُدَعٍ لبُدور النُّضار / وهبن المذلّةَ للسّائلِ
وقد علم القومُ أنّي شَطَطْتُ / بسَرْحِيَ عن مَسْقَطِ الوابلِ
وأَجْمَمتُه يرتعيه العدوّ / نجاءً عن الخُلُقِ السّافلِ
ولمّا أنفتُ من الأعطياتِ / رميتُ الوفيَّ على الماطلِ
فأصبحتُ عُريانَ من مُنْيَةٍ / تسوق الهوانَ إلى الآملِ
أقول لقومٍ يودّون أنْ / تصوب عليهمْ يدُ الباذلِ
فما شئتَ من مَلْطَمٍ ضارعٍ / وماءِ حياءٍ لهم سائلِ
إذا كان نفعُكمُ آجلاً / فلي دونكمْ راحةُ العاجلِ
أَيا ظبيةً في رُبى جاسِمِ
أَيا ظبيةً في رُبى جاسِمِ / سُقيتِ حَيا واكفٍ ساجِمِ
طلعتِ لنا في خلالِ الهضابِ / فبُحتِ بسرِّ اِمرئٍ كاتِمِ
تناهَى العواذلُ في عَذْلهِ / وأعيا على رُقْيَةِ اللّائِمِ
فللّهِ حلمُكَ يا ابنَ الحسي / نِ يوم اِلتَقينا على واقِمِ
وقد ضمّنا موقفٌ للوداع / خلا للمحبّين من زاحِمِ
كأنّي أُجيلُ لفقد اليقي / نِ في صَحْنِهِ مُقْلَتَيْ حالِمِ
وَبيض الوجوه سباط الأكف / فِ في السِّرِّ والبيتُ من هاشمِ
سَرَوْ يخبطون الدّجى والظّلا / مَ غمد الفتى البطلِ الصارمِ
أقول وقد بشّروا بالوزيرِ / ألا مرحباً بك من قادمِ
وردتَ ورودَ زُلالِ السّحا / بِ شُنَّ على كَبِدِ الحائمِ
وكنّا وأنتَ بعيدُ المَزا / رِ نثراً فرادى بلا ناظمِ
نُصانعُ فيك عيونَ العُداةِ / ونحذر من قبضةِ الظّالمِ
فمن مظهرٍ شوقَهُ بائحٍ / ومن كاتمٍ وجْدَه كاظمِ
إِذا اِضطرَب الشوق في قلبهِ / تمايلَ كالغُصُنِ النّاعمِ
أطِلْ عَجَباً من خطوب الزّمان / ودُنياً تَلاعَبُ بالعالمِ
ولا تحسَبَنْ أنّ صرْفَ الزّما / ن تنبو ظُباهُ عن الحازمِ
فلو كان نَصْفاً أنامَ القيام / وقام بكلّ فتىً نائمِ
وكم فيه من عادمٍ عائمٍ / ومن واجدٍ للغِنى آجمِ
وإنّي أُشيرُ برأيٍ يضمُّ / إلى النُّصْحِ تَجْرِبَةَ العالمِ
أقِمْ حيث يُشجى بك الحاسدون / وخلِّ الهوادَةَ للنّادِمِ
وكن غُصّةً في لَهاةِ العدوِّ / ورغماً على مَعْطِسِ الرّاغمِ
ولا تبعُدَنْ عن نداءِ الصّريخِ / وعن هبّةِ الثّائرِ العازِم
فلا بدّ من وثْبٍة للذّئا / بِ طُلْساً إلى الغنمِ السّائمِ
ولستُ بمستبطئٍ للزّمان / وقد ضمنوا سرعةَ السّالمِ
ولولاك كنتُ نَفورَ الجَنا / نِ لا أستنيمُ إلى رائِمِ
ولمّا بلَوْتُ الورى أنكرتْ / وَما ظلمتْ إصبعي خاتمي
بلغتَ المُنى في جَميعِ المَرامِ
بلغتَ المُنى في جَميعِ المَرامِ / وَبُقّيتَ كَهفاً لِهَذي الأنامِ
وَحوشيتَ مِن عَثراتِ الزمانِ / وَبوعدتَ عَن طُرُقاتِ الحمامِ
وَلا زِلت في كل مطلوبةٍ / مِنَ العزّ فَوق الذرا والسنامِ
وَهنّيتَ بِالعيدِ عيد السعودِ / وَكيد الحسودِ ورغم المسامي
فَقَد جاءَ يُخبِرنا فيك بال / بقاءِ وَما ترتجي مِن دوامِ
وَإنّ الّذي بكَ من نعمةٍ / تعلّ وتَنهلُ درَّ التّمامِ
وإِنَّكَ تنفذُ في كلِّ ما / تُشيرُ إِليه نفوذَ السّهامِ
ولمّا فَضلت جميع الملوك / دَعَوناك فينا همام الهمامِ
وَما ضلّ عَن مأثُراتٍ أَقمت / عَلى الناسِ في النّاس غير النيامِ
وَكَم لَكَ مِن زَورةٍ في العدو / وِ والحرب مشبوبة كالضرام
ومن وقفةٍ في مضيق القرا / عِ وَالجيشُ مشتعلٌ بِاِنهِزامِ
تُديرُ كُؤوسَ المَنايا كَما / تُديرُ السُّقاةُ كؤوسَ المدامِ
وَوجهُكَ في ظُلُماتِ القَتامِ / كَبدرٍ يُضيء سَواد الظلامِ
وَأَنتَ عَلى ظَهرِ عالي التلي / لِ عَبلِ القوائمِ وافي الحزامِ
كَأنّك مِنهُ عَلى يذبلٍ / وَإِلّا عَلى هَضبةٍ مِن شمامِ
يُخوّضهُ مُمتَطيهِ البحورَ / وَيُعثِرهُ مِن كماةٍ بهامِ
فَيا اِبنَ القلالِ قلالِ الجبالِ / علاءً ويا اِبنَ البحورِ الطوامي
وَقَومٍ مَضوا لَم يَقولوا الخنا / وَلَم يَسمَعوا كَلِمات الملامِ
نَقيّينَ مِن كلّ ما شانهمْ / بَريئين من كلِّ عارٍ وذامِ
وليِدُهُمُ في حِجىً كالكهولِ / وواحِدُهمْ مثلُ جيشٍ لُهامِ
يُرَوْن نِحافاً وأيديهمُ / مُحكَّمَةٌ في الأمورِ الجِسامِ
كرامٌ ولكنّهم بَذلةٌ / لأموالهم برّحوا بالكِرامِ
أُحِبُّك حبَّ النّفوسِ الحياةِ / وَحبّ الشِّفاءِ خلالَ السَّقامِ
وما إنْ أُبالِي إذا كنتَ مِنْ / ورائي إذا جاءني من أمامي
وكنتُ نفوراً شديد الإباءِ / فَقادتْ بَنانُك منّي زمامي
وإنِّيَ ذاك الّذي ترتضيهِ / وَجرّبتَه في الأمور العِظامِ
كأنّي سِنانُك يومَ الطّعانِ / وماضي لسانِك يومَ الخِصامِ
وإنْ كنتَ منتقماً مرّةً / بكفّي أرَيْتُك كيف اِنتقامي
وإمّا ضربتَ بحدّي الرؤوس / ضربتَ بغير البَليدِ الكَهامِ
وإنّ لسانِيَ في الذَّبَّ عن / ك يجري متى شئتَ مجرى حسامي
فَخُذها فَكَمْ كَلِمٍ قد قَصُرْ / نَ أغنيننا عن طويلِ الكلامِ
كأنّ نَشاها نَشا روضةٍ / وَإِلّا فَرائحةٌ من مُدامِ
لَها رَتَكٌ في جميعِ البلادِ / كما أرْتَكَتْ جائلاتُ النّعامِ
فلا تستمعْ إنْ سَمعتَ القريضَ / سِوى ما أنظّمهُ من كلامي
سَلامٌ وَلا زلتَ ملآنَ مِنْ / تحيّتنا أبداً والسَّلامِ
أقول لصحبي وقد هوّموا
أقول لصحبي وقد هوّموا / أصُبحٌ بدا لكُمُ أمْ ضَرَمْ
أضاء الظّلامَ ولم يُدْنِهِ / صباحٌ وأنَّى تضيءُ الظُّلَمْ
بريقٌ يعرّفني بالعقيق / ولو لم يَلُحْ لَمْعُهُ لم أنَمْ
كأنّ تخاطيطَه في السّواد / تخاطيطُ وارِسَةٍ أوْ عَنَمْ
كأنّ الرّياحَ شَنَنّ النُّضار / وإمّا نَضَحْنَ سماءً بدَمْ
أوِ الصّبحُ يقلُصُ ظلّ الظّلامِ / أو النّارُ ساريةٌ في فَحَمْ
وإمّا جوادٌ بهيمٌ بَدَتْ / لمُبصرِهِ غُرَّةٌ أو رَثَمْ
فيا حبّذا وَمْضُهُ لو أراك / وأنتَ بيَبْرين أهلَ العَلَمْ
أُناساً يدارون سُقْمَ السّقيم / ومن أجلِهِمْ دَبَّ ذاك السَّقَمْ
وكم ضِيمَ وسْطَ مغانِيهِمُ / فتىً قبل حبّهِمُ لم يُضَمْ
ولا خيرَ في بارقٍ لم يكنْ / رسولَ الحَيا وبشيرَ الدِّيَمْ
أقِلّا فشأنُكما غيرُ شاني
أقِلّا فشأنُكما غيرُ شاني / ولَستُ بطَوْعكما فاِتركاني
ولا تجشما عَذْلَ من لا يُصيخ / فما تُعدِلاني بأنْ تَعذُلاني
غرامي يغير ذوات الخدود / ووجدي بغير وِصالِ الغَواني
ولِي شُغُلٌ عن هوى الغانياتِ / وَما الحبُّ إلّا فَراغُ الجَنانِ
ومن أجلِ وَسْواسِ هذا الغرامِ / أقام العزيزُ بدار الهَوانِ
ولولا الهوى ما رأيتَ الشّجا / عَ يَقنِصُ في حومةٍ للجبانِ
ولِي عِوَضٌ بوجوهِ الصّوا / بِ مُشرقةً عن وجوه الحِسانِ
فأغنى من البِيض بِيضُ الضّراب / وأغنى من السُّمرِ سُمْرُ الطّعانِ
دعاني إليهِ فلَبَّيْتُهُ / مليكُ الورى والعُلا والزّمانِ
دعاني ولولا ولائي الصّريح / لدولتِهِ وَجْدُها ما دعاني
أَتَتْهُ ولم يأتها رِيبةً / يَغارُ على مثلها الفَرقدانِ
وكنتُ أراها له بالظُّنونِ / فقد صرتُ أُبصرها بالعيانِ
فدونَكَها دولةً لا تَبيدُ / كما لا يبيدُ لنا النَّيِّرانِ
بَناها لَك اللَّهُ في شامِخٍ / بعيدِ الرِّعانِ رفيعِ القِنانِ
فقد علم المُلكُ ثمّ الملو / كُ أنّك أوْلاهمُ بالرِّهانِ
وأنّك أضرَبُهُمْ بالحُسامِ / وأنّك أطعنُهمْ بالسِّنانِ
وأنّك أبذَلُهمْ للبدُورِ / وأملاهُمُ في قِرىً للجِفانِ
وأنّك سِلْماً وحرباً أحقُّ / بظهر السّرير وظهرِ الحِصانِ
وأنّك في خَشِناتِ الخطو / بِ أبعدُهُمْ عن محلِّ اللِّيانِ
فللّهِ دَرُّك يوم اِلتَوَتْ / عليك الخطوبُ اِلتِواءَ المثاني
وَقَد ذَهَبوا عَن طَريقِ الصّوابِ / وأنتَ عليه وما ثَمَّ ثانِ
دعوك إليها دعاءَ الرَّكوبِ / سُرَى اللّيل للقمرِ الأَضحَيانِ
وقالوا هَلُمَّ إلى خُطَّرٍ / تُقَعقِعُ بالشَّرّ لا بالشِّنانِ
عشيّةَ لاكوا ثِمارَ النُّكولِ / وذاقوا جَنى عجزهمْ والتّواني
ولاحتْ شواهدُ مشنوءَةٍ / ودلّ على النّارِ لونُ الدُّخانِ
وأشعرنا الحزمُ قبلَ اللّقاءِ / بيومٍ يسيل ردىً أرْدَنانِ
وأنتَ على ظَهر مجدولةٍ / من الشّدِّ والطّرْدِ جَدْلَ العِنانِ
كأنَّ الّذي فَوقها راكبٌ / قَرَا يَذْبُلٍ أوْ سَراتَيْ أبانِ
إلى أن حذبتَ صِعابَ الرّقابِ / وشُمَّ المخاطمِ جَذْبَ العِرانِ
وغيرُك يندم في فائتٍ / وليس له غيرُ عضِّ البَنانِ
وغرّهُمُ منك طولُ الأناةِ / وكم غرَّ في السَّرْعِ من بُعْدِ دانِ
فلا تستغرّوا بإطراقةٍ / تهابُ كإطْراقةِ الأُفعوانِ
ولا تحسبوا حِلْمَهُ دَيْدَناً / فكم نزع الحِلْمَ إصرارُ جانِ
وإنّك في معشرٍ شأنُهمْ / إذا شهدوا معركاً خيرُ شانِ
لهمْ رُمَمٌ كلّما رُجِّلَتْ / فبالسّائل العَصْبِ لا بالدِّهانِ
وأيْمانُهمْ خُلقتْ في الهِياجِ / لضربٍ يقطُّ الطُّلى أو طِعانِ
يحلُّون في كلّ مرهوبةٍ / محلَّ الغِرارِ الحُسامِ اليماني
وإنْ أنتَ طاعَنْتَ أغنَوْك في ال / قناةِ وقد حضروا عن سِنانِ
فيا رُكنَ أدياننا والجمالُ / لِملَّتنا في نأىً أو تَدانِ
أَبوك الّذي سامني مَدحَه / وما زلتُ عنه طويلَ الحِرانِ
إلى أنْ ثناني إليه الوِدا / دُ منه وكرّمني فَاِشتراني
وما زال يجذبني باليدي / نِ حتّى عطفتُ إليهِ عِناني
ولمّا رَقاني ولم أعيهِ / وأعيَيْتُ مِنْ قبله مَنْ رَقاني
فسيّرتُ فيه من الصّائباتِ / دِراكاً نحورَ العدا والمعاني
وأطربتُهُ بغناءِ المَديحِ / فأغنيتُهُ عن غِناءِ القِيانِ
فخذْ منّيَ اليومَ ما شئتَ مِنْ / صنيعِ الضّمير ونسجِ اللّسانِ
كلاماً يغور إليه البليدُ / وينقلُهُ مُسرعاً كلُّ وانِ
شَموساً يُبرِّحُ بالهاتفين / ولمّا هَتَفْتُ به ما عصاني
غنيّاً بصنعتِه لم يَطُفْ / بلفظِ فلانٍ ومعنى فلانِ
فلو رامه الأفقُ ما ناله / ولولاك كفواً له ما عداني
ولي خدمةٌ سلفتْ في الزّمان / صدعتُ بها غرّةً في زماني
ولمّا رأتْنِيَ منك اللِّحاظُ / حَمَتْني هنالك منك اليدانِ
وأُسكِنْتُ عندك ظلّاً أقول / كفانِيَ ما نلتُ منه كفاني
وما زلتُ مذْ ذاك تحنوا على / ودادك في الصّدرِ منِّي الحواني
يَهابُ مراسِيَ مَن رامني / ويُخطئني خِيفةً من رماني
ولولا دفاعُك عنّي لَما / تغَيَّبَ عن رَيْبِ دهري مكاني
ولا كنتُ ممّنْ يرى سيّئاً / بغيري ومقلتُهُ لا تراني
ولمْ لا أتِيهُ وأنت الّذي / تَنَخّلَنِي خِبرةً واِصطفاني
ولمّا اِنتَسبتُ إلى عزّهِ / حَميتُ الّذي كان قِدْماً حماني
فلا زِلْتَ من تَبِعاتِ الخُطوبِ / ومن كلّ طارقةٍ في أمانِ
وأصبحتَ مصطبحاً ما تَبيت / تُرامقُهُ من مُنىً أو تراني
ولا فارقَتْكَ ضُروبُ السّرورِ / ولا صارمَتْك فنونُ التَّهاني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025