المجموع : 33
عَزاءٌ تَولّى وَحزمٌ دهشْ
عَزاءٌ تَولّى وَحزمٌ دهشْ / لِهَينٍ تحبَّبَ حَتّى بطشْ
فَلا لا يغرنْكَ صدرٌ صَفا / وَوَجهٌ إِذا ما تبينت بشْ
فَكانَ يداهن حَتّى دَهى / كَصلٍّ تلاين حَتّى انتهش
وَكَم من رِجال وَجرّبتهم / وَهذا تَخلَّى وَذيّاك غش
وَكانوا لساناً يجيد الثَنا / وَقَلباً أَراه للقيايَ هش
وَكُلٌّ سرابٌ تَراه كَما / وَلَست تَراه يبل العطش
فَجرّب تَرى خَيرَهم شرَّهم / وَحقّق لتبدي الوُجوه النَّمَش
فَما الناس إِلا قبور زَها / بَناها وَيدري بِها من نبش
وَجانب فكل تَراها كَذا / حَقير الثَمار عظيم العَرش
وَكَالعهن يصغُرُ في قبضه / وَيَكبُرُ في العَين حَيث انتفش
أَرى الدَهرَ بحراً طَمى بِالعَنا
أَرى الدَهرَ بحراً طَمى بِالعَنا / فَسر بِالسَفائن قرب الشطوطْ
أَرى العَيشَ طُوداً بعيدَ الذَرى / فَقلل صُعوداً يَهون الهُبوط
فَخفف رحالك إِنّ المَدا / مَديد وَداراً ترجّي شحيط
وَهيِّئ حساباً فَربّي حسيب / وَدبر فراراً فَربّي محيط
رَأَيت الأماني وَغاياتِها
رَأَيت الأماني وَغاياتِها / وَنَحنُ نحاول إدراكَها
كعنقاء تسمو وَلَكن لَها / تمدّ العَناكبُ أشراكَها
صيودٌ محال وإنا نَرى / بكف الخيالات إمساكها
وَلو يَعلم الرشد من قَد غَوى / أَهان الملوكَ وَأَملاكها
وَلو كانَ يَدري الخَفايا لما / جَلا الصفوَ فيها وَلا فاكها
فَدهرٌ أَدار بدار الرَدى / وَأَبكت لياليه ضحّاكها
فَلم يَنجُ بِالإفكِ أَفّاكه / وَلم يَرع للنسك نُسّاكَها
جدير بِأَن لا يرجيهِ من / دَرى ما المَعالي وَما شاكها
فَكَم فيهِ ذكرى لذي فكرةٍ / تذكِّرُ وَالغيُّ أَنساكها
فَعيشٌ قَليلٌ عَلى راحةٍ / كَثيرٌ إنِ اللَهُ أَولاكها
عرَفتَ الليالي وَما أَجهلَكْ
عرَفتَ الليالي وَما أَجهلَكْ / وَمرّ الزَمان وَإن أَمهلكْْ
رَأَيتَ افتراس المَنايا المُنى / وَناداك إياك من قد هلك
وَأَبصرتَ كَيفَ انتقالُ الهَوى / وَمَن قَد تَخلّى لِمَن قَد تَرك
أَترجو وَفا غادرٍ ما رَعى / فَراغاً لغيرك إِذ أَشغلك
أَما أَنذرتك الليالي بِمَن / سلاك بدار البلى إذ سلك
أَما روّعتك القُرونُ الأُلى / تفانَت وكُلٌّ جفا ما ملك
فجُز بديار العفا وادّكرْ / فَكَم من قرينٍ بها كان لك
تَرى كُل ذي منطق صامتاً / بِما نالَ من هَولها أَنذرك
رأيت الغريبَ على فضلِه
رأيت الغريبَ على فضلِه / بفيض البعيد بعيد القريب
كأن الزمان على رأسه / منادٍ ينادي الغريب الغريب
نعم في اللئيم يلوحُ الوفا
نعم في اللئيم يلوحُ الوفا / ولكن عليه الخنا شاهدُ
كذا الثلج يبدو لمن يجتلي / صفاء ولكنه بارد
أرى الموت يحلو وهذي الحياة
أرى الموت يحلو وهذي الحياة / تمرُّ وكلُّ ذويها يمرّ
فماذا نرجّي وما نتقيه / إذا مرّ خيرٌ وأعقب شرّ
خلقنا فإما إلى جنةٍ
خلقنا فإما إلى جنةٍ / وتلك بعيد وإما لنارْ
وعندي لهذي هدايا صغار / وعندي لتلك الذنوبُ الكبارْ
دعاني فؤادي لذلِّ الهوى
دعاني فؤادي لذلِّ الهوى / وكانت دواعي فؤادي النظرْ
وطالت أمانٍ وهيهات نيلٌ / وشيءٌ بعيدٌ منالُ القمرْ
ألا ربَّ ليلٍ بأُنسٍ مضى
ألا ربَّ ليلٍ بأُنسٍ مضى / شربنا المدامَ إلى أن فرغْ
وَهِمْنا إلى أن تخلّى الهوى / وقلنا النظام لحدٍّ بلغْ
دعاني الهوى والنُّهى دعوةً
دعاني الهوى والنُّهى دعوةً / وكُلَّاً أجبتُ لما يبتغي
فَهِمتُ وكان الصبا مقبلاً / وعدتُ وقد عادَ لا ينبغي
أخا الرأي هوِّن عليكَ الهَوى
أخا الرأي هوِّن عليكَ الهَوى / فإن الزَمان استهانَ الوَفا
اذا ما طَوى والديك الثَرى / فعمّا قليلٍ عليك العَفا
شَبابٌ تَولى وَعُمرٌ مَضى
شَبابٌ تَولى وَعُمرٌ مَضى / وأنسٌ تخلَّى وَصفوٌ سلفْ
فيا عَين حتامَ هذا البكا / ويا قَلبُ فيمن يكون الشغفْ