المجموع : 39
بَراغيثُ مَحجوبٍ لَم أَنسَها
بَراغيثُ مَحجوبٍ لَم أَنسَها / وَلَم أَنسَ ما طَعِمَت مِن دَمي
تَشُقُّ خَراطيمُها جَورَبي / وَتَنفُذُ في اللَحمِ وَالأَعظُمِ
وَكُنتُ إِذا الصَيفُ راحَ اِحتَجَم / تُ فَجاءَ الخَريفُ فَلَم أحجَمِ
تُرَحِّبُ بِالضَيفِ فَوقَ الطَري / قِ فَبابِ العِيادَةِ فَالسُلَّمِ
قَدِ اِنتَشَرَت جَوقَةً جَوقَةً / كَما رُشَّتِ الأَرضُ بِالسِمسِمِ
وَتَرقُصُ رَقصَ المَواسي الحِدادِ / عَلى الجِلدِ وَالعَلَقِ الأَسحَمِ
بَواكيرُ تَطلعُ قَبلَ الشِتاءِ / وَتَرفَعُ أَلوِيَةِ المَوسِمِ
إِذا ما اِبنُ سينا رَمى بَلغَماً / رَأَيتَ البَراغيثَ في البَلغَمِ
وَتُبصِرُها حَولَ بيبا الرَئيس / وَفي شارِبَيهِ وَحَولَ الفَمِ
وَبَينَ حَفائِرِ أَسنانِهِ / مَعَ السوسِ في طَلَبِ المَطعَمِ
رأيت الجنون جديرا به
رأيت الجنون جديرا به / حريا أخو المهجة الحاقدة
سلاح ثقيل بلا مضرب / وحمل ثقيل بلا فائدة
أحوم على حسنكم ما أحوم
أحوم على حسنكم ما أحوم / وأذكركم بطلوع النجوم
وأصبو إليكم وأشتاقكم / كما اشتاق طيب الشفاء السقيم
وما بيننا غير هذا الفناء / وهذا الجدار وهذى الحريم
وهذى الرياض وهذا الحياض / وهذا النخيل وهذى الكروم
ونحن كمن فرت بينهم / ممالك في الحرب تحمى التخوم
إذا شئت لقياك خنت الملي / ك وإن لم اشأ خنت قلبي الكليم
ويا ليل طلت وطال الأسى / فما لك حد ولا للهموم
فماذا تريد بهذا السكون / وماذا تريد بهذا الوجوم
ويا ماء ما تبتغى بالخرير / ويا نجم بالخفق ماذا تروم
ويا زهر لا حسدتك القلوب / فشملك في العاشقين النظيم
ويا طير يهنيك طيب الكرى / وطول العناق وفرط النعيم
سما بك غصن على كثرة / وضاق عن أثنين قصر عظيم
فيا طير يهنيك طيب الكرى
فيا طير يهنيك طيب الكرى / وطول العناق وفرط النعيم
سما بك غصن على كثرة / وضاق عن أثنين قصر عظيم
وما بيننا غير هذا الفناء / وهذا الجدار وهذا الحريم
وهذى الرياض وهذى الحياض / وهذا النخيل وهذى الكروم
ونحن كمن فرقت بينهم / ممالك في الحرب تحمى التخوم
علمت بأن الحطام انصرف
علمت بأن الحطام انصرف / وأدبر ما كان إلا الشرف
وأنك بعت المنى واشتري / ت فخانك في ذاك سوق الصُدف
وأسرفت تبغى عريض الغنى / أقبلك من ناله بالسرف
وما هو إلا انقباض اليدين / رجاء الصيان وخوف التلف
وحبك مالِك حب الحياة / وحفظك مالك حفظ التحف
فقلت لعل الأديب انتهى / وكان له عظة ما سلف
أتدركه حرفة جازها / قديما إلى غيرها في الحرف
وقد هجر النظم نظم الجمان / وقد هجر النثر نثر الطرف
ومن كان ثروته عقله / يبيع الجواهر بيع الخزف
رأيت كلابا بدار السعادة
رأيت كلابا بدار السعادة / عداد الأهالي بها أو زيادة
ولكن بينهما فارقا / ففيهم حماس وفيهم بلاده
مقسمة فرقا في الطريق / كما يقسم الجيش جندا وقاده
ومنها السمين بحجم الخروف / ومنها الضئيل بحجم الجرادة
ويحلو لها النوم فوق الشريط / وتحلو لها في الطريق الولادة
وقد يفسد الجو من نتنها / وعندهم حفظها كالعبادة
إذا ثار يوما عليك العدا
إذا ثار يوما عليك العدا / وخفت من الحقد والحاقد
فلا تكترث بعصاباتهم / ولُذ بقفا حضرة الوالد
رأى وجهه باردا جامدا
رأى وجهه باردا جامدا / فراح يسنّ عليه الجلم
ولو كان صانعه منصفا / بصيرا لقط عليه القلم
وصاحب عود به عازف
وصاحب عود به عازف / يحركه عن هزار غرد
أنامله تلتقى في الفؤاد / وريشته تنبرى للكبد
أَمَنسُ إلى كم تضل السبيلا
أَمَنسُ إلى كم تضل السبيلا / فُتنت وحيرت فيك العقولا
أبحث البراز بهذى البلاد / وكان البراز بها مستحيلا
وتوشك تجعله ديدنا / وتدعو الفضالي إليه فضولا
فلم تخش بالأمس رب اللواء / ولا هِبت رب القوافي خليلا
أمن أجل حادثة تنقضى / بأدنى العتاب تدق الطبولا
وتدعو الشهود إلى الملتقى / وتبعد والخصم عن مصر ميلا
وتطعن مطران في أنفه / وما أنف مطران شيئا قليلا
طعنت الأشم الأبىّ العيوف / الأنوف السميك العريق الطويلا
طعنت الصحافة في أنفها / طعنت الرصيف الحصيف النبيلا
طعنت الجوائب في ربها / ولم تخش جورجي بها أو مشيلا
خليلىَ مطران نلت الشفاء / ولا ذقت بعد لمنس دويلا
فأنت تهز صقيل اليراع / ومنس يهز الحسام الصقيلا
وأنت المقدّم في بعلبك / ومنس المقدّم في أهل لِيلا
ومالك في السيف عند البراز / فبارز رسائله والفصولا
وعلمه كيف يصول اليراع / فتخجل منه الظبا أن تصولا
ويا أنف مطران أنف الإباء / عزاء جميلا وصبرا جميلا
بكت لجراحك عيني دما / وفرض على دمها أن يسيلا
فإن شئت خذ نورها مرهما / وخذ هدبها للتداوى فتيلا
أنلني يدا خلقت للقبل
أنلني يدا خلقت للقبل / فمن نالها بالسماك اتصل
أقبلها قبلة للجلال / وأخرى لنائلها المرتجل
تضاءل عن جودها حاتم / ونالت من الحمد مالم ينل
وكم في الجديد من الطيبات / وإن ضربوا بالقديم المثل
تُجدّد في الناس آى المسيح / تميت القنوط وتحيى الأمل
إذا منعت فضلها سابق / وإن منحت فضلها لم يزل
وطالع شاكرها المشترى / وطالع كافرها في زحل
علمت ويعلم من في الوجود / إذا قال مولاى قولا فعل
أخو عزمة وعده والوعيد / هما الرزق في سيره والأجل
تمرّ الوعود كمرّ السحاب / ووعدك كالبحر يمشي المهل
يعم العباد ويغشى البلاد / إذا الغيث في أرض قوم نزل
ويارب ريث أفاد الجزيل / أذا ما أفاد اليسير العجِل
أمولاى إن تك أكرمتني / جميلك من قبلُ عند وصل
وفضل أبيك على كاهلي / وعن بر جدّك بي لا تسل
وأنتم بناة العلى بالنوال / وآونة بالظُبَى والأسل
أحاديثكم ملء سمع الزمان / إذا ما حديث الكرام أنتقل
طلعتم على الشرق كالنيرات / فزنتم سماواته من عطل
هنيئا لك العيد والتهنئات / من العصر أملاكه والدول
وعشت لأمثال أمثاله / إليك الهناء ومنك الجذل
خصيب الرحاب رهيب الجناب / إذا ما أمرتَ الزمان امتثل
ويا لطَّف الله بالمسلمين / وكان لنا العون فيما نزل
تحية عمرو لك بل عمر
تحية عمرو لك بل عمر / وأهلا بكم أيهذا القمر
تجرّ البحيرة أذيالها / وتسبق بين يديك الزمر
وتمشى مجمَّلة بالحلىّ / وقد تتجلى ذوات الخفر
وتزهو بزينتها كالعروس / وأنت الخطيب الحبيب الأغر
وما زينت لك بين القلوب / أجل وأجمل مما ظهر
وتبعث من ملحها حفنة / لعين الحسود إذا ما نظر
تجلّى الصباح على أفقها / فألقى بغرّته وانتظر
وبشرها بك خفق الريا / ح وبعد الرياح يكون المطر
تهب على الريح من شوقها / كأن سليمان بالريف مر
سألت حبيبيَ في قبلة
سألت حبيبيَ في قبلة / فما نعنيها بحكم الخجل
فلازمت صبرىَ حتى غفا / وملت على خدّه بالقبل
فنضّى عن الجفن ثوب الكرى / وعما جرى بيننا لا تسل
وقال جرحت بوقع الشفاه / خدودي وذنبك لا يحتمل
فقلت أنت جرحت الحشا / وأدميته بسهام المُقَل
وفي الشرع أن الجروح قصاص / جُرح بجرح حكم عدل
فأبدى الحبيب ابتسام الرضا / ومال كغصن النقا واعتدل
وقال وحق سواد العيو / ن التي علمتك رقيق الغزل
لتستهدفنَّ لنبل اللحاظ / إذا عدت يوما لهذا العمل
ولم أبت الشيخ وهو الغنى
ولم أبت الشيخ وهو الغنى / وكل ما في الزواج المهور
وهل يملأ التيس عين المهاة / وهل تحمل الكركدن القصور
وهب لي ريالين تحت الحساب
وهب لي ريالين تحت الحساب / وبعد غد نلتقى ههنا
بعد أن ينظر أمامه انتظر ياجمال / بربك فالحظ قد أحسنا
فهذا أخو زيَنب مقبلا / فسر حيث شئت ودعنى أنا
ولم لا وجدَّته نملة
ولم لا وجدَّته نملة / إذا وقفت أو مشت حصَّلت
وتُدخل في بيتها ما تصيب / ولا يُخرج الدهر ما أدخلت
لو انقلبت من جميع الجهات / على القش في فمها ما انفلت
ترى المال في بيتها في اللحا / ف وتحت البلاط وحشو الشِلت
عجبت يأتي البخيلَ المالُ وهو يرى / أن البخيل إليه غير محتاج
وقلَّ ما جاء حرا ماجدا ومشى / إلى الكريم الكثير الهم والحاج
آه ما أكثر حاجى / من بحاجاتي أناجي
أزمة دُرتُ فلم / الق لها وجه انفراج
رأى فيه عيبا وإن لم نجد
رأى فيه عيبا وإن لم نجد / على اللحم عيبا سوى قلته
فقد كان أنضج لحم رأيت / وقد كان كالمسك في نكهته
ومن بخله تفتح القهوات / وتغلق وهو على شيشته
يقضى بها طرَفي يومه / ويمضى بها طرفي ليلته
رأيتُ على صخرة عقربا
رأيتُ على صخرة عقربا / وقد جعلت ضربَها ديدنا
فقلت لها إنها صخرة / وطبعَك من طبعها أليَنا
فقالت صدقتَ ولكنني / أردت أعرِّفها من أنا
تحار البلاغة فيك فكي
تحار البلاغة فيك فكي / ف إذا حاول النطق محرومها
فدون خلالك منثورها / ودون فعالك منظومها
ولكن أقول لقولك أنت / رفيع البلاغة مفهومها
من العدل أنك للعدل قمت / لترضَى الحقوقُ ومهضومها
وإن إرادة حلمي دعاك / لأعلى الأرائك مرسومها
لأنهم يظلمون العُلى / وأنت وحقك مظلومها