القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو القاسم الشابي الكل
المجموع : 2
اسْكُني يا جِراحْ
اسْكُني يا جِراحْ / واسْكُتي يا شُجُونْ
ماتَ عَهْدُ النُّواحْ / وزَمَانُ الجُنُونْ
وأَطَلَّ الصَّبَاحْ / مِنْ وراءِ القُرُونْ
في فِجاجِ الرَّدى / قَدْ دفنتُ الأَلمْ
ونثرتُ الدُّموعْ / لرِيَاحِ العَدَمْ
واتَّخذتُ الحَيَاةْ / معزفاً للنَّغَمْ
أَتغنَّى عليهْ / في رِحابِ الزَّمانْ
وأَذبتُ الأَسَى / في جمالِ الوُجُودْ
ودَحَوْتُ الفؤادْ / واحةً للنَّشيدْ
والضِّيا والظِّلالْ / والشَّذَى والورودْ
والهوى والشَّبابْ / والمنى والحَنانْ
اسكُني يا جراحْ / واسكُتي يا شُجونْ
ماتَ عَهْدُ النُّواحْ / وزَمَانُ الجُنُونْ
وأَطَلَّ الصَّبَاحْ / مِنْ وراءِ القُرُونْ
في فؤادي الرَّحيبْ / مَعْبَدٌ للجَمَالْ
شيَّدتْهُ الحَيَاةْ / بالرُّؤى والخَيالْ
فَتَلَوْتُ الصَّلاةْ / في خشوعِ الظِّلالْ
وحَرَقْتُ البُخُورْ / وأَضَأْتُ الشُّمُوعْ
إنَّ سِحْرَ الحَيَاةْ / خَالدٌ لا يزولْ
فَعَلامَ الشَّكَاةْ / مِنْ ظَلامٍ يَحُولْ
ثمَّ يأتي الصَّباحْ / وتَمُرُّ الفُصُولْ
سوف يأتي رَبيعْ / إن تقضَّى رَبيعْ
اسكُني يا جراحْ / واسكُتي يا شُجونْ
ماتَ عَهْدُ النُّواحْ / وزَمَانُ الجُنُونْ
وأَطَلَّ الصَّبَاحْ / مِنْ وراءِ القُرُونْ
مِنْ وراءِ الظَّلامْ / وهديرِ المياهْ
قَدْ دعاني الصَّباحْ / ورَبيعُ الحَيَاهْ
يا لهُ مِنْ دُعاءْ / هزَّ قلبي صَداهْ
لمْ يَعُدْ لي بقاءْ / فَوْقَ هذي البقاعْ
الْوَداعَ الوَداعْ / يا جِبَالَ الهُمومْ
يا ضَبابَ الأَسى / يا فِجاجَ الجحيمْ
قَدْ جرى زَوْرَقي / في الخِضَّمِ العَظيمْ
ونشرتُ القلاعْ / فالوَداعْ الوداعْ
غَنَّاهُ الأَمْسُ وأَطْرَبَهُ
غَنَّاهُ الأَمْسُ وأَطْرَبَهُ / وشَجَاهُ اليومُ فَما غَدُهُ
قَدْ كانَ لهُ قلبٌ كالطِّفْلِ / يدُ الأَحلامِ تُهَدْهِدُهُ
مُذْ كانَ له مَلَكٌ في الكونِ / جَميلُ الطَّلعَةِ يَعْبُدُهُ
في جوفِ اللَّيْلِ يُناجيهِ / وأَمامَ الفَجْرِ يُمَجِّدُهُ
وعلى الهَضَباتِ يُغنِّيهِ / آياتِ الحُبِّ ويُنْشِدُهُ
لولاهُ لما عَذُبَتْ في / الكونِ مَصَادِرُهُ ومَوارِدُهُ
ولَما فاضَتْ بالشِّعْرِ الح / يِّ مَشَاعِرهُ وقَصَائِدُهُ
تمشي في الغابِ فتَتْبَعه / أَفراحُ الحُبِّ وتَنْشُدُهُ
ويرى الآفاقَ فيُبْصِرُها / زُمَراً في النُّورِ تُراصِدُهُ
ويرى الأَطْيارَ فيَحْسَبُها / أَحلامَ الحُبِّ تُغَرِّدُهُ
ويرى الأَزهارَ فيَحْسَبُها / بَسماتِ الحُبِّ تُوارِدُهُ
فَيَخَالُ الكونَ يُناجيهِ / وجَمالَ العالَمِ يُسْعِدُهُ
ونُجومَ اللَّيلِ تُضاحِكُهُ / ونَسيمَ الغابِ يُطَارِدُهُ
ويَخالُ الوَرْدَ يداعِبُهُ / فرحاً فتعابثه يَدُهُ
ويرى اليُنْبوعَ ونَظْرَتَهُ / ونَسيمُ الصُّبْحِ يُجَعِّدُهُ
وخريرُ الماءِ لهُ نَغَمٌ / نَسَماتُ الغابِ تُرَدِّدُهُ
ويرى الأَعشابَ وقَدْ سَمَقَتْ / بَيْنَ الأَشجارِ تُشاهِدُهُ
ونِطاقُ الطِّفلِ تُنَمِّقُها / فَيَجُلُّ الحُبَّ ويَحْمدُهُ
يا للأَيَّامِ فكم سَرَّتْ / قلباً في النَّاسِ لتُكْمِدُهُ
هيَ مِثْلُ العاهِرِ عاشِقُها / تسقيهِ الخمرَ وَتَطْردُهُ
يُعْطيكَ اليومُ حلاوتها / كالشَّهْدِ ليَسْلُبَها غَدُهُ
بالأَمسِ يعَانِقُها فرحاً / ويضاجعُها فَتُوَسِّدُهُ
واليومَ يُسايِرُها شَبَحاً / أَضناهُ الحزنُ وَنَكَّدَهُ
يتلو في الغابِ مَرَاثيهِ / وجُذُوعُ السَّرْوِ تُسانِدُهُ
ويُماشي النَّاسَ وما أَحَدٌ / مِنْهُمْ يَشْجِيهِ تَفَرُّدُهُ
في ليلِ الوَحْشَةِ مسْراهُ / وبِكَهْفِ الوَحْدَةِ مرقَدُهُ
أَصواتُ الأَمسِ تُعَذِّبُهُ / وخيالُ الموتِ يُهَدِّدُهُ
بالأَمسِ لهُ شفَقٌ في الكونِ / يُضيءُ الأُفْقَ تورُّدُهُ
واليومَ لَقَدْ غَشَّاهُ اللَّيلُ / فما في العالمِ يُسعدُهُ
غنَّاهُ الأَمسُ وأَطْرَبَهُ / وشَجَاهُ اليَومَ فَما غَدُهُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025