المجموع : 3
أعن الإِغريِض أم البَرَدِ
أعن الإِغريِض أم البَرَدِ / ضَحِكَ المتعجّبُ مِنْ جَلَدِي
يا هاروتيّ الطَّرْفِ تُرى
يا هاروتيّ الطَّرْفِ تُرى / كم لكَ نَفَثَاتٌ في العُقَدِ
فطعنتَ الأُسْدَ بلا أَسَلٍ / عَبَثاً وقتَلْتَ بلا قَوَدِ
رَشَأٌ يصْطادُ الأُسْدَ وكمْ / رامَتْهُ الأسْدُ فلم تَصِدِ
وَاهاً لجديدٍ منك وَهَى / وشبابٍ بانَ فلم يَعُدِ
رُضْتُ الأَيّامَ جَوامحَها / وكففتُ اللُّدَّ عن اللَّدَدِ
وَبَلَوْتُ النَّاس فلستُ أَرَى / كبني عبَّادٍ من أَحَدِ
القومُ بحار مَسجورا / تٌ مَحْفُوفَاتٌ بالزَّبَدِ
لم يِعدِم وارِدُهَا دُرَرَ ال / آدابِ ولا دُرَرَ الصَّفَدِ
أَبنِي عبَّاد ما حَسُنَتْ / إِلّا بِكمُ الدُّنيا فَقَدِ
نَقَدَ الكُرَماءَ الدّهرُ معي / فَتَخَيَّرَكُمْ في المُنْتَقَدِ
وقضى لَكُمُ بالفَضْل على / من في أدنَى أو فِي البُعُدِ
دانَتْ بغدادُ لقُرْطُبَةٍ / وخَلائِفُها للمُعْتَمدِ
سمِعُوا برَشادِ فَتى لَخْمٍ / فنَفَوْا هارون عن الرَّشَدِ
قَرأوا شِعْرَ اللَّخِمِّي فلم / يرْضَ المُعْتَزُّ عن الولدِ
يا فرْعَ المُنْذِرِ والنُّعْما / نِ بلغتَ النَّجْمَ فُطلْ وَزِدِ
طفِئَتْ أنوارُ أُميَّةَ فِي / قَصْرِ الخُلفاءِ فقلتَ قِدِ
نافَسْتَ بقصرِهمُ إِرَماً / فكأَنَّ أُمَيَّةَ لم تشِدِ
مُرْ واِفتَح باقِيَ أنْدَلُسٍ / ما فِي صَبَبٍ أو فِي صَعَدِ
عبد الرحمنِ ولِي خَمْسِي / نَ وأنتَ تَزيدُ على العَدَدِ
لو أن الأرْضَ بلا جبلٍ / وعليها حِلْمُكَ لم تَمِدِ
بشَّارٌ أمّكَ مُمتدِحاً / فَأْنَسْ بِغَرَائِبِهِ الشُّرُدِ
يكبو عَبُّودٌ فِي خببِي / فالعَيرُ وَرَاءَ المُنْجَرِدِ
ولعلَّ بلادَكَ لِي وطن / فأَحُطَّ الرَّحْلَ عن الأُجُدِ
وأقابِلَ منك سنى قمرٍ / لو قابلَه الأَعمَى لهُدِي
يا ليلُ الصبُّ متى غدُه
يا ليلُ الصبُّ متى غدُه / أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ
رقدَ السُّمَّارُ فأَرَّقه / أسفٌ للبيْنِ يردِّدهُ
فبكاهُ النجمُ ورقَّ له / ممّا يرعاه ويرْصُدهُ
كلِفٌ بغزالٍ ذِي هَيَفٍ / خوفُ الواشين يشرّدهُ
نصَبتْ عينايَ له شرَكاً / في النّومِ فعزَّ تصيُّدهُ
وكفى عجباً أَنِّي قنصٌ / للسِّرب سبانِي أغْيَدهُ
صنمٌ للفتنةٍ منتصبٌ / أهواهُ ولا أتعبَّدُهُ
صاحٍ والخمرُ جَنَى فمِهِ / سكرانُ اللحظ مُعرْبدُهُ
ينضُو مِنْ مُقْلتِه سيْفاً / وكأَنَّ نُعاساً يُغْمدُهُ
فيُريقُ دمَ العشّاقِ به / والويلُ لمن يتقلّدهُ
كلّا لا ذنْبَ لمن قَتَلَتْ / عيناه ولم تَقتُلْ يدهُ
يا من جَحَدتْ عيناه دمِي / وعلى خدَّيْه توَرُّدهُ
خدّاكَ قد اِعْتَرَفا بدمِي / فعلامَ جفونُك تجْحَدهُ
إنّي لأُعيذُكَ من قَتْلِي / وأظُنُّك لا تَتَعمَّدهُ
باللّه هَبِ المشتاق كَرَى / فلعَلَّ خيالَكَ يِسْعِدهُ
ما ضَرَّك لو داوَيْتَ ضَنَى / صَبٍّ يُدْنيكَ وتُبْعِدهُ
لم يُبْقِ هواك له رَمَقا / فلْيَبْكِ عليه عُوَّدُهُ
وغداً يَقْضِي أو بَعْدَ غَدٍ / هل مِنْ نَظَرٍ يتَزَوَّدهُ
يا أهْلَ الشوقِ لنا شَرَقٌ / بالدّمعِ يَفيضُ مَوْرِدُهُ
يهْوى المُشْتاقُ لقاءَكُمُ / وظروفُ الدَّهْرِ تُبَعِّدهُ
ما أحلى الوَصْلَ وأَعْذَبهُ / لولا الأيّامُ تُنَكِّدهُ
بالبَينِ وبالهجرانِ فيا / لِفُؤَادِي كيف تَجَلُّدهُ
الحُبُّ أعَفُّ ذَويهِ أنا / غيرِي بالباطِلِ يُفْسِدهُ
كالدَّهْر أَجلُّ بَنِيهِ أبو / عَبْدِ الرَّحْمنِ مُحَمَّدهُ
العفُّ الطاهِرُ مِئْزرُهُ / والحرُّ الطَّيَّبُ مَوْلِدُهُ
شفَعَتْ في الأَصْلِ وزارَتُه / وزكا فتفَوَّقَ سُؤْددُهُ
كَسَبَ الشَّرَفَ السامِي فغدا / فوْقَ الجوزاءِ يُشَيِّدُهُ
وكفاه غلامٌ أَوْرَثَهُ / إِسْحَاق المَجْدِ وأَحْمَدهُ
ما زالَ يجولُ مَدىً فَمَدىً / ويحلُّ الأَمْرَ وَيَعْقِدهُ
حتّى أَعطَتهُ رئاسَتُه / وسياسَتُه ومهُنَّدهُ
فاليومَ هو الملِكُ الأَعْلَى / مولَى مَنْ شَاءَ وسَيّدُهُ
ميمونُ العُمْرِ مبارَكُهُ / منصورُ المُلكِ مُؤيَّدهُ
هَيْنٌ لَيْنٌ في عِزَّتِهِ / لكن في الحرْبِ تَشَدُّدُهُ
يطوِي الأيّامَ وَينْشُرُها / ويُقيمُ الدهرَ ويُقْعِدهُ
شُهِرَتْ كالشّمسِ فضائِلُهُ / فأقرّ عداهُ وحُسَّدهُ
لا يُطرِبُهُ التَّغْريدُ ولَوْ / غَنَّى بالأَرْغُنِ مَعْبَدهُ
والخَمْرُ فلَيْسَتْ مِنْهُ ولا / لعبُ الشَّيْطانِ ولا دَدُهُ
تركَ اللَّذَّاتِ فهِمَّتُهُ / عِلْمٌ يَرْويهِ ويُسْنِدهُ
وبداً في المُلْكِ تُرَغِّبُه / وبُقىً في المالِ تُزهّدهُ
وذكاءٌ مثل النَّارِ جَلا / ظُلَمَ الشُّبُهاتِ تَوقُّدهُ
وهُدَىً في الخيرِ يُرَغِّبُه / وتُقىً في المُلك يزهّدهُ
وحَواشٍ رقَّتْ مِنْ أَدَبِ / حتّى فَضَحت من يِنشدهُ
لا عُذرَ لمادِحِهِ إن لَمْ / يدفق بغرِيبٍ يَنْقُدهُ
غَيْلانُ الشِّعْر قُدَامَتُه / جَرْمِيُّ النَّحْو مُبَرّدُهُ
وخَليلُ لُغاتِ الْعُرْبِ يق / فِي كتابَ الْعَيْنِ وَيَسْرُدهُ
لما خاطبتُ وخاطَبَنِي / لم يخفَ عَلَيَّ تَعَبُّدهُ
فنزلتُ له عن طرف السَّبْ / قِ وقلتُ بكَفِّكَ مِقْوَدهُ
لو يعدَم عِلْمٌ أو كَرَم / أيقنتُ بِأَنَّكَ تُوجِدهُ
من ذَمَّ الدهْرَ وزاركَ يا / مَلِكَ الدُّنْيا فَسَيَحْمَدهُ
إن ذَلَّ فجيْشُك ينْصرُهُ / أو ضَلَّ فرأْيُكَ يُرْشِدهُ
أو راحَ إلى أُمنيتِهِ / ظمآن فحَوْضُكَ يُورِدُهُ
أنتَ الدنيا والدينُ لنا / وكريمُ العَصر وأَوحَدُهُ
لو أنَّ الصَّخْرَ سقاهُ نَدَى / كَفَّيْكَ لأَوْرَقَ جَلْمَدهُ
والرُّكْنُ لو اِنّك لامِسُهُ / لاِبيَضّ بكفّكَ أَسْوَدُهُ
يَطوي السُّفّارُ إليكَ مَدىً / باللَّيْلِ فَيسْهَرُ أَرمدُهُ
ويهونُ عَلَيهِم شَحطُ نَوىً / يُطْوَى بِحَديثكَ فَدْفَدُهُ
والمَشرِقُ أنبأَ مُتْهِمُهُ / بالفضلِ عليكَ وَمُنْجِدُهُ
والعينُ تراك فيُسْتَشْفَى / مطروفُ الجَفْنِ وَأَرْمَدُهُ
سعِدَتْ أيَّامُ الشَّرْقِ وما / طَلَعَتْ إِلّا بِكَ أَسْعُدُهُ
وأَضَاءَ الحَقُّ لِمُرسِيةٍ / لَمَّا أَورَت بك أَزْنُدُهُ
بالعدْلِ قمعتَ مظالِمَها / وَبِحُسنِ الرأَيِ تُسَدِّدهُ
وجلبتَ لها العُلَمَاءَ فلمْ / تَترُك عِلما تَتَزَيَّدُهُ
وزرعتَ من المعروف لها / ما عند اللّه ستَحْصُدهُ
واِهتَزَّ لإسْمِكَ مِنبَرُها / فليدعُ به من يَصْعَدهُ
قد كان الشيخُ أخا كرم / ينهلُّ عَلَى من يَقْصِدهُ
فمضى وبقِيتَ لنا خَلَفاً / من كُلِّ كريم نَفْقِدهُ
فاللّه يقيكَ السّوءَ لنا / وبرحمتِهِ يتَغَمَّدهُ
ولقد ذَهَبَتْ نُعْمَى عَيْشِي / وطريفُ المالِ ومُتْلَدهُ
أمُحِبُّكَ يدخُلُ مَجْلسه / فيقال أهَذَا مَسْجدُهُ
لا بُسْط به إلا حُصرٌ / فعسى نعماكَ تمَهِّدهُ
فاِبعَث لمُصَلٍّ أَبْسِطَةً / في الصَّفِّ لِيحْسُن مَقْعَدُهُ
وَعساك إذا أنعَمْتَ به / من صاحِبِهِ لا تُفْرِدُهُ
باِثنين يُغَطّى البَيتُ ولا / يُكْسَي بالفرْدِ مُجَرَّدُهُ
صلني بهما واِغنَم شُكرِي / فثنائِي عليكَ أُخَلِّدهُ
أَتُراكَ غَضِبتَ لما زَعموا / وطمَى من بحركَ مُزْبدهُ
وَبَدا من سيفِكَ مُبرِقُه / وَعلا من صوتك مُرْعِدهُ
هَل تأتِي الرّيحُ على رَضْوَى / فتقوّيه وتُصَعِّدهُ
أَنتَ المولى والعبدُ أنا / فبأَيِّ وَعيدِك تُوعِدهُ
ما لِي ذنبٌ فتعاقبُنِي / كذب الواشِي تَبَّتْ يدهُ
ولو اِستَحقَقتُ مُعاقَبَةً / لأبى كرمٌ تَتَعَوَّدهُ
عَن غير رضايَ جَرَتْ أشيا / ءُ تُغيضُ سواكَ وتُجْمِدهُ
واللّهُ بذاك قضى لا أنْ / تَ فلَسْتُ عليكَ أعدِّدهُ
لا تغد عليَّ بمُجْتَرِمٍ / لم يثْبُتْ عندك شُهَّدهُ
فوزيرُ العَصرِ وَكاتِبُه / ومرسِّلُه ومُقَصِّدهُ
يُبْدِي ما قلتُ بمجلِسِهِ / أَيضاً ولسوفَ يُفَنِّدُهُ
إِن كنتُ سببتكُ فُضَّ فمِي / وَكفرتُ برَبٍّ أَعْبُدهُ
حاشا أدبي وسنا حسبِي / من ذَمِّ كريم أَحْمَدهُ
سَتجودُ لعبدِكَ بالعفو / فيذيبُ الغَيْظَ ويطردُهُ
وقديمُ الوُدِّ ستذكرُهُ / وتجدِّدُهُ وتؤَكِّدُهُ
أوَ ليسَ قديمُ فخارِكَ ين / شينِي وَعُلاكَ يُشَيِّدهُ
يا بدرَ التّمِّ نكحتَ الشَّمْ / سَ فذاك بُنيّك فَرْقَدهُ
فَاِسلَم للدين تُمَهِّدُهُ / ولِشَمْلِ الكفْرِ تُبدِّدهُ
واِقبل غَيْداءَ محبَّرَةً / لفظاً كالدُّرِّ مُنَضّدُهُ
لو أَنّ جميلاً أَنشَدَها / في الحيَّ لذابتْ خُرَّدُهُ
أهديتُ الشِّعْرَ على شَحَطٍ / ونداك قريبٌ مَوْلِدهُ
ما أَجوَدَ شِعرِي في خَبَبٍ / والشعرُ قليلٌ جَيِّدهُ
لولاك تساوَى بَهْرَجُهُ / في سُوقِ الصَّرْفِ وعسْجَدهُ
وَلَضاع الشعرُ لذِي أدَبٍ / أو ينفقهُ من يَنْقُدهُ
فَعَليك سلامُ اللَّهِ مَتى / غنَّى بالأيك مُغَرِّدهُ