صادَتْكَ مهاةٌ لم تُصَدِ
صادَتْكَ مهاةٌ لم تُصَدِ / فلواحِظُها شَرَكُ الأُسُدِ
مَنْ تُوحي السحرَ بناظرةٍ / لا تُنْفَثُ منه في العُقَدِ
لمياءُ تَضَاحَكُ عن دُرَرٍ / وبروقِ حياً وحَصَى بَرَدِ
يَندى بِالمِسكِ لِراشِفِهِ / وسلافِ القَهوةِ والشهدِ
وَذَمَاءُ الليلِ على طَرْفٍ / كترحّلِ روحٍ عن جَسَدِ
ورضابُ الماءِ بفيكِ جَرَى / في جوهره عَرَضُ الصَّرَدِ
وكَأَنَّ كَليمَ اللَّه بَدا / منه في الأفْقِ بياضُ يَدِ
أَسَفي لِفِراقِ زَمانِ صبا / وركوبي قَيْدَ مَهَا الخُرُدِ
مِن كُلِّ مُطابَقَةٍ خُلُقي / بِوَفاءِ سُروريَ أَو كمدي
هيفاءُ يُعَجّزُهَا كَفَلٌ / فتقومُ وتقعدُ بالرُّفَدِ
لونُ الياقوتِ وقسوتُهُ / في الوجنةِ منها والكَبدِ
ولها في جيدِ مُرَوَّعَةٍ / حَلْيٌ صاغَتْهُ من الغَيَدِ
نَقَضَتْ وصلي بتتيُّعها / بالهجرِ ونَومي بِالسّهدِ
وأصابَ السودَ سهامُ البي / ضِ بِبَيْنِ البيض وبالنكَدِ
عَجَبي لإصابةِ مُرْسَلِهَا / منْ جَوْفِ ضلوعي في الخَلَدِ
يا نارَ نشاطي أين سنا / كِ وأين لظاكِ بمفتأدي
زَندي وَلَدتكَ وقَد عَقِمَتْ / عن حَملِ السِّقْطِ فَلَم تَلِدِ
أَحيَيتِ بِذِكري مَيْتَ صباً / أَبكيهِ مسايرةَ الأبَدِ
وطَلَبتِ الضدَّ لأوجِدَهُ / وجموحي في الصدِّ فَلَم أَجِدِ
ولوَ انَّ كَريماً تَفْقدُهُ / يُفْدى بالنفس إذنْ لَفُدي
أذهبتُ الحزن بمُذْهَبَةٍ / وبها ذَهّبْتُ لُجَيْنَ يدي
ولقد نادمْتُ ندامى الرّا / حِ بِمُطّرفي وبِمُتّلَدي
بمعتّقَةٍ قَدُمَتْ فأتَتْ / للشَّرْبِ بلذّاتٍ جُدُدِ
سُبِيَتْ بِسُيوفٍ من ذَهَبِ / مِن أَهلِ السبتِ أَوِ الأَحَدِ
وإذا ما عُدّ لها عُمُرٌ / مَلأتْ كَفَّيْكَ منَ العَدَدِ
يَطفو في الكاسِ لَها حَبَبٌ / كَصِغارِ مَساميرِ السّرَدِ
وإِذا ما غاصَ الماءُ بِها / في النّار تردّتْ بِالزبَدِ
ونَفَيتُ الهَمَّ بِبِنتِ الكَر / مِ وَنَقرِ العودِ فَلَم يَعدِ
ولَبِثتُ مُشَنَّفَةً أُذُني / بِتَرنُّم ذي النّغَم الغردِ
فالآن صددتُ كذي حَذَرٍ / عن وِرْدِ اللَّهوِ فلم أَرِدِ
وطردتُ منامَ الغيِّ عن ال / أجفان بإيقاظِ الرّشَدِ
ونَقَضتُ عُهودَ الشَّربِ فَلا / ودّ أُصفيه لأهلِ دَدِ
لا أَشرَبُ ما أَنا واصِفُهُ / فكأنّي بينهمُ قَعَدِي
وَنَقَلْتُ بعزمي من بَلَدٍ / قَدَمَ الإسْرَاءِ إِلى بَلَدِ
في بَطْنِ الفُلكِ مُصارَعَةً / زَمَني وعلى ظَهْرِ الأُجُدِ
ووجدتُ الدِّينَ له حسناً / سَنَداً فَلَجئتُ إلى السنَدِ
صَمَدَ اللاجونَ إلى مَلِكٍ / مَنصورٍ بالأحَدِ الصّمَدِ
كالشمسِ سناها مُقْتَرِبٌ / وذراها مِنكَ عَلى بُعُدِ
وَإِذا ما آنَسَ مِنهُ سَناً / مَنْ ضَلَّ بِجُنحِ اللَّيلِ هُدي
خُصَّتْ بِنَوالٍ شيمَتُهُ / عَجِلٍ وكلامٍ مُتّئِدِ
لا وَعْدَ له بالجود وَمَنْ / يبدأ بعطاءٍ لا يَعِدِ
وبِنِيّةِ شهمٍ مُنْتَصِرٍ / للَّه جميلِ المُعْتَقَدِ
فَيَصونُ العِرضَ بما بَذَلَتْ / لِلوَفدِ يَداهُ مِنَ الصّفدِ
وَيسدّ الثغرَ وسيرتُهُ / تَجري في المُلكِ على سَدَدِ
ويسلّ ظُبَاهُ بِكُلّ وغىً / ويسيلُ نداهُ بِكُلِّ يَدِ
وَتُريكَ اليَومَ بَصيرَتُهُ / ما يُخْفي عنك ضَميرُ غَدِ
ولهُ هممٌ تَبْني رُتَباً / خُصَّتْ بِعَلاءٍ مُنفَرِدِ
إِلهامَ الدينِ وَحامِيَهُ / قَوِّم بسُطاك ذَوي الأوَدِ
فُتّ السُّبَّاقَ بما كَحَلُوا / بغبارك عيناً في الأَمَدِ
والريحُ وراءَك عاثرةٌ / في الأيْنِ تُكَبّ وفي النُّجُدِ
نَصْرٌ أُيّدْتَ به ظَفَراً / والساعِدُ يُنْجَدُ بالعضُدِ
يا غيثَ المحلِ بلا كذبٍ / وشجاعَ الحربِ بلا فَنَدِ
لحظاتُ أناتِكَ جانِبُها / أرْسَى في غَيظِكِ من أُحُدِ
وَلِواؤُكَ تَقْدُمُ هَيْبَتُهُ / بعديدٍ يُلبِكُ في العَدَدِ
وَكَأنّ عدُوّكَ خافِقُهُ / بِجَناحِ فُؤادٍ مُرتَعِدِ
إن كنتُ قَصَرْتُ مُحَبَّرَةً / تَسهيمَ المُحكَمِ ذي الجُدَدِ
فَالعَذْبُ يَجِلّ بِقِلَّتِهِ / وعَلَيهِ عِمادُ المُعتَمدِ
وأُجاجُ الماءِ بِكَثرَتِهِ / لا رَيِّ بِهِ لِغَليلِ صَدِ
والشِّعر أَجَدتُ بِمَعرِفَتي / تَأنيسَ غَرائِبهِ الشُّرُدِ
لَو شِئتُ لَقُلتُ لِقافِيةٍ / في الوَزنِ تَخِبُّ إِلَيكَ خِدي
بِصَقيلِ اللَّفظِ مُنَقَّحِهِ / لا سَمعَ يَمرّ به بِصَدِ
لا زيفَ به فيريكَ قذىً / في عَيْنِ بَصيرةِ مُنتَقِدِ
لا يَسمَعُ فيهِ مُستَمِعٌ / زَفَراتُ أَسىً كَالمُفتَقِدِ
فصفيرُ البلبلِ مُطّرَحٌ / في الأيْكِ له صوتُ الصُّرَدِ
تَستَحسِنُ عَودَةَ مُنشِدِهِ / وتقولُ إذا ما زادَ زِدِ
فَبِغامُ الرِئمِ حلاوَتُهُ / وجزالتُه زَأرُ الأسدِ
وَبِذِلّةِ أهلِ السبت قَضَى / ويذلّ له أهْلُ الأحدِ
فَانصُرْ وافخَرْ وأدِرْ وأشِرْ / وَأَبِرْ وأَجِرْ وأَغِرْ وَسُدِ