المجموع : 26
راق الربيع ورقَ طبعُ هوائهِ
راق الربيع ورقَ طبعُ هوائهِ / فانظر نضارة أَرضه وسمائه
واجعل قرين الورد فيه سلافة / يحكي مُشعشعُها مُصعّدَ مائه
لولا ذبول الورد قلت بانه / خدُّ الحبيب عليه صبغ حيائه
هيهات اين الوردُ من خدّ الذي / لا يَستحيل عليك عهدُ وفائه
الورد ليس صِفاتُه كصفاته / والطيرُ ليسَ غِناؤها كغنائهِ
يتنفس الاصباح والريحان من / حركات معطفه وحسن روائه
ويجول في الارواح روح ما سرت / رياهُ من تلقائه بلقائه
صرف الهوى جسمي شبيه خياله / من فرط خفته وفرط خفائه
وقف الفراق امام عيني غيهبا
وقف الفراق امام عيني غيهبا / فقعدت لا ادري لنفسي مذهبا
يا موقداً بجوانحي نار الآسى / رفقاً فماء الدمع قد بلغ الزبى
نبت الصبا في صحن خدي روضة / لو لم يدب الصُدغ فيها عقربا
وكفاك حسنُ الحسن نوعيه فمن / برد أذيب ومن عقيق ألهبا
اعددت من جنح الدجنة جنة / وتخذت من خطف البوارق مركبا
وذهبت اطلب حيث ينبعث الندى / فوجدت في كف الرشيد المطلبا
ملك غدا معنى غريباً في العُلى / وغدت به الايام لفظاً معربا
اجلى من السيف الصقيل المنتضى / صفحاً وأمضى من ظباه مضربا
جاورته فلقطت منه جوهراً / ونظرته فقبستُ منه كوكبا
ركب اللبان كأن في ألفاظه / راحاً معتقةً وشدواً مُطربا
يلقي الكُماة فتنثني مذعورة / فكأنه أسد يمرُّ على ظِبى
راقت على عليائه آدابه / فكأنها زهر تفتَّح في ربى
تلقى بكل مكاند يسعى بها / عينا مفجرة ومرعى مخصبا
يهب الديار المستغلة والهضا / ب المستقله والبسيط المعشبا
والسابريَّ مضاعفا والمهرى / ي مثقفاً والمشرفيَّ مشطبا
والجيش في اللواء مؤيد / والخيل في وهج الكريهة شُزّبا
لحظ النجوم بمقلتيه فراعها
لحظ النجوم بمقلتيه فراعها / ما أبصرت من حسنه فتردّت
فتساقطت في خده فنظرتها / عمداً بمقلة حاسد فاسودت
يا روضة أضحى النسيم لسانها
يا روضة أضحى النسيم لسانها / يصف الذي تُخفيه من آراجها
ومن اعتدى ثم اهتدى لطريقةٍ / ما ضل مَن يسعى على منهاجها
طافت بكعبتك المعالي اذرأت / ان النجوم الزهر من حجاجها
شغلت قضيتُك النفوس فاصبحت / مرضى وفي كفيك سر علاجها
هلا كتبت الى الوزير برقعة / تصبو معاطفه الى ديباجها
تجد السبيل بها ولاتُك عنده / وينير سعيهم بنور سراجها
انت السماء فما بها لك رفعة / اطلع علينا الشهب من ابراجها
وضحت مفارقُ كل فضل عنده / فاجعل قريضك درة في تاجها
والورد تحت الطل فيها مشبه
والورد تحت الطل فيها مشبه / خدا يذوب من الحياء فيقطرُ
وكأن نرجسها أصيب بروعتي / فعلاه لون مثل لوني أصفر
فكأنما الريحان روحي كلما / تتغير الأشياء لا تتغيَى
وَعَمرتَ بالاحسان أفق ميورقةٍ
وَعَمرتَ بالاحسان أفق ميورقةٍ / وبنيت فيها ما بنى الاسكندر
فكأنها بغداد أنت رشيدها / ووزيرها وله السلامة جعفر
يوم تكاثف غيمُه فكأنه
يوم تكاثف غيمُه فكأنه / دون السماء دخان عود أخضرِ
والطل مثل برادة من فضة / منثورة في تربة من عنبر
والشمس في حجب السماء كأنها / حسناً تستر تحت كلّةِ تُستُرِ
سقطت من الوفاء على خبير
سقطت من الوفاء على خبير / فذرني والذي لك في ضميري
تركتُ هواك وهو شقيق ديني / لئن شُقَّت برودي عن غدور
ولا كنت الطليق من الرزايا / لئن أصبحت أجحف بالأسير
أسير ولا أسيرُ الى اغتنام / معاذ اللَه من سوء المصير
اذا ما الشكر كان وان تناهي / على نعمى فما فضل الشكور
جذيمةُ أنت والزبّاء خانت / وما أنا من يقصّر عن قصير
أنا أدرى بفضلك منك أني / لبست الظلّ منه في الحرور
غنيُّ النفس أنت وان ألحت / على كفيك حالات الفقير
تصرف في الندى حيل المعالي / فتسمُحُ من قليل بالكثير
أحدث منك عن نبعٍ غريبٍ / تفتح عن جنى زهر نضير
وأعجب منك أنك في ظلام / وترفع للعُفاة منار نور
رويدك سوف توسعني سرورا / اذا عاد ارتقاؤك للسرير
وسوف تُحلني رتب المعالي / غداة تَحلُّ في تلك القصور
تزيد على ابن مروانٍ عطاء / بها وأنيف ثمَّ على جرير
تأهب أن تعود إلى طلوع / فليس الخسفُ ملتزم البدور
وضحت وقد فضحت ضياء النّيرِ
وضحت وقد فضحت ضياء النّيرِ / فكأنما التحفت ببشر مُبشرِ
وتبسمت عن جوهر فحسبته / ما قلدته محامدي من جوهر
وتكلمت فكأن طيب حديثها / متعت منه بطيب مسك اذفر
هزت بنغمة لفظها نفسي كما / هزت بذكراه أعالي المنبر
اذ نبتُ واستغفرتها فجرت على / عاداته في المذنب المستغفر
جادت على بوصلها فكأنه / جدوى يديه على المقل المُقتر
ولثمت فاها فاعتقدتُ بانني / من كفّه سوغت لثم الخِنصِر
سمحت بتعنيقي فقلت صنيعة / سمحت علاه بها فلم تتعذر
نهدٌ كقسوة قلبه في معرك / وَحَشاً كلين طباعه في محضر
ومعاطف تحت الذوائب خلتها / تحت الخوافق ماله من سمهري
حسنت أمامي في خمار مثل ما / حسن الكميُّ أمامه في مغفر
وتوشحت فكأنه في جوشنٍ / قد قام عَنبره مقام العثيَرِ
غمزت ببعض قسيه من حاجب / ورنت ببعض سهامه من مَحجر
أومت بمصقول اللحاظ فخلته / يومي بمصقول الصفيحة مُشهَر
وضعت حشاياها فويق أرائك / وضع السروج على الجياد الضُّمر
من رامةٍ أورُومةٍ لاعلم لي / أأنت عن النعمان أم عن قيصر
بنت الملوك فقل لكسرى فارسٍ / تُعزَى والاقُل لتُبّع حمير
عاديت فيها عزّ قومي فاغتدوا / لا أرضهم أرضى ولا هم معشري
وكذلك الدنيا عهدنا أهلها / يتعافرون على الثريد الأعفر
طافت علي بجمرةٍ من خمرةٍ / فرايت مرِّيخاً براحة مشتري
فكأن أنملها سيوف مبشرٍ / وقد اكتست علق النجيع الأحمر
ملكٌ أزرة بُرده ضُمّت على / باس الوصي وعزمة الاسكندر
تزل الحيا بنزوله في معهد
تزل الحيا بنزوله في معهد / لَبِس المسرة ربعه المأنوس
فكأنما ماء الضمامُ مُدامةٌ / وكأن ساحات الديار كؤوس
بلد اعارته الحمامة طوقها / وكساه حلة ريشة الطاووسُ
عرج بمنعرجات واديهم عسى
عرج بمنعرجات واديهم عسى / تلقاهم نزلوا الكثيب الأوعسا
اطلبهم حيث الرياض تفتحت / والريح فاحت والصباح تنفسا
مَثّل وجوههم بدورا طلعا / وتخّيل الخيلان شهبا كُنَّسا
واذ أردت تنعما بقدودهم / فاهصر بَنعمان الغصون المُيسا
بابي غزال منهم لم يتخذ / الا القنا من بعد قلبي مكنِسا
لبس الحديد على لُجَينِ أديمه / فعجبت من صبح توشح حندسا
واتى يجرّ ذوائباً وذوابلا / فرأيت روضاً بالضلال تحرّسا
لا ترهب السيف الصقيل بكفّه / وارهب بعارضه العذار الاملسا
رام العدا عذلي عليه ففتّهم / والنجم ليس بممكن أن يلمسا
وفككت بُغَيهم وفزت وهكذا / فكُ الصحيفةِ خلص المتلمسا
كابد الى العزّ الهجير ولا تكن / في الذل ما بين الضلال معّرسا
واذ وصلت الى الأمير مبشر / فاجعل بساطك في ذراه السندسا
نوع وجنّس في مناك فانه / ملكٌ تنوع في العلا وتجنّسا
حنيت جوانحه على جمر الغضا
حنيت جوانحه على جمر الغضا / لما رأى برقاً اضاء بذي الاضا
واشتمٌ في ريح الصبا أرج الصبا / فقضى حقوق الشوق فيه بأن قضى
والتف في حبراته فحسبتها / من فوق عطفيه رداء فضفضا
قالوا الخيال حياته لو زارهُ / قلت الحقيقية قلتم لو غمضا
يهوى العقيق وساكنيه وان يكن / خبر العقيق وساكنيه قد انقضى
ويود عودته الى ما اعتاده / ولقلَّما عاد الشباب وقد مضى
ألفِ السرى فكأن نجما ثاقباً / صدع الدجى منه وبرقاً مومضا
طلب الغنى من ليله ونهاره / فله على القمرين مالٌ يقتضي
مهما بدت شمس يكون مذهبا / واذا بدا بدر يكون مغضَّضا
هذا أفاد وفاد غير مقصر / جهد المقل بان يموت مغوّضا
ولرب ربة حانة نبهتها / والجو لؤلؤ طلِّه قد رضرضا
وقد انطفت نار القرى وبقى على / مسك الدجى مذرورُ كافور الغضا
والليل قد سدّى وألحم ثوبه / والفجر يرسل فيه خيطا أبيضا
ومتى ركبت لها أعالي أيكة / نشرت جناحاً للرياح معرضا
والبحر يسكن خيفة من ناصر / أرضى الرئاسة بعد موت المرتضى
ملك سمت علياه حتى دوّحت / وزكا ثرى نعماه حتى روضا
ماء الغمائم جرعة مما سقى / وسنا الاهلة خلعة مما نضا
خفقت عليه راية وذؤابة / فكأن صلاً نحو صلٍ نضنضا
لم ترضه أسدُ البسيطة صاحبا / فاختط مع أسدِ المجرة مَريضا
ضحك الربيع بحيث تلك الأربع
ضحك الربيع بحيث تلك الأربع / لما بكى للغيث فيه مدمعُ
عاطيت فيها الكأس جُؤذر كلَّةٍ / يعطو بأكناف القلوب ويرتع
رقَّ الصبا في خده ورحيقه / في كفّه فموشع ومشعشع
وعلى فروع الايك شاد يحتوي / طرباً لآخر تحتويه الأضلع
يندى له رطب الهواء فيغتدي / وَيُظلُّهُ وَرقُ الغصون فيهجع
تخذ الأراك أريكة لمنامه / فله على الأسحار فيها مضجع
حتى اذا ما هزه نَفَسُ الصبا / والصبح هزك منه شدوٌ مبدع
وكأنما تلك الأراكة منبر / وكأنه فيها خطيب مصقع
وكأنما خبر المؤيد خبرتي / فلسانه بالشكر فيه يسجع
وضحت به العليا فمنهج قصدها / منه الى ظهر المجّرة مهيع
يندى عليك وأنت منه خائف / وكذاك لجَ البحر مغن مفزع
فأشد ما تلقاه عند ليانه / وكذا الأرق من الحسام الاقطع
باللَه شحَّ على حياتك انها / سبب به تحيا البريةُ أجمع
ما كان أرفع موضعي اذ كان لي / في جانب العلياء عندك موضع
أيام أطلب ما أشاء فينقضي / وزمان أدعو مَن أشاء فيسمع
انت السحاب على مكان ينهمي / بالمكرمات وعن مكان يقلع
أبكو المؤيد بالنجيع فما قضى
أبكو المؤيد بالنجيع فما قضى / حق المكارم مَن بكاه بدمعه
كنا به في روض عزٍّ مثمر / نجنى الأماني غضةً من نبعه
والان حطّ لنا فكأنما / وقفت مجاري الرزق ساعة خلعه
أبصرت أحمد ناسخاً فرأيت ما
أبصرت أحمد ناسخاً فرأيت ما / أعني وأعيى أن يحد ويوصفا
وكأنما منح السماء صحيفةً / والليل حبراً والكواكب أحرفا
يوم العروبة كان ذاك الموقف
يوم العروبة كان ذاك الموقف / أني شهدت فأين من يستوصف
هلا ثناك على قلب مشفق
هلا ثناك على قلب مشفق / فترى فراشا في فراش يحرق
قد صرت كالرمق الذي لا يرتجى / ورجعت كالنَفَس الذي لا يلحق
وغرقت في دمعي عليك وغمني / طرفي فهل سبب به أتعلق
هل خدعةٌ بتحية مخفية / في جنب موعدك الذي لا يصدق
أنت المنية والمنى فيك استوى / ظل الغمامة والهجير المحرق
لك قدّ ذابله الوشيح ولونها / لكن سنانك أكحلٌ لا أزق
ويقال انك ايكة حتى اذا / غنيت قيل هو الحَمام الأورق
يا من رشقت الى اسلو فردني / سبقت جفونك كل سهم يرشق
لو في يدي سحري وعندي أخذةٌ / لجعلت قلبك بعض حين يعشق
لتذوق ما قد ذقت من ألم الجوى / وترقّ لي مما تراه وتشفق
جسدي من الأعداء فيك لأنه / لا يستبين لطرف طيف يرمقُ
لم يدر طيفك موضعي من مضجعي / فعذرته في أنه لا يطرق
جفت عليك منابتي ومنابعي / فالدمع يَنشَغُ والصبابة تورق
وكأن أعلام الامير مبشر / نشرت على قلبي فأصبح يخفق
ملك بفتح اللام جوهر هديه / من جوهر الشمس المنيرة أشرق
الخيزرانة تلتظي في كفِّه / والتاج فوق جبينه يتألق
فكأن صوب حيا وصعقة بارق / ما ضم منه نديه والمأزق
متابعد الطرفين جودُ غافل / عما يحل به وعزمُ مطرق
بأس كما جمد الحديد وراءه / كرم يسيل كما يسيل الزئبق
لا تُعجب الأملاك كثرة ما لهم / النبع أصلب والأراكة أورق
ضدان فيه لمعتد ولمُعتف / السيف يجمع والعطاء يفرق
عبقت بنار الحرب نغمة عوده / ما كل عود في وقود يعبق
وانهل من كفّيه نوءٌ مغربٌ / سيان فيه مغرّبٌ ومشرق
يلقى العفاة يمينه وكأنها / قلب الى لقيا الأحبة شيق
يا أول الاعداد في أهل الندى / ولأنت في جمِّ الكريهة فيلق
شهرت علاك فما يشار لغيرها / والخيل أشهرها الجواد الأبلق
بشرى بيوم المهرجان فانه / يوم عليه من احتفالك رونق
طارت بنات الماء فيه وريشها / ريش الغراب وغير ذل شوذق
وعلى الخليج كتيبة جرارة / مثل الخليج كلاهما يتدفق
وبنو الحروب على الجواري التي / تجري كما تجري الجياد السُّبَق
خاضت غدير الماء سابحة به / فكأنما هي في سراب أينُقُ
ملأ الكماة ظهورها وبطونها / فأتت كما يأتي السحاب المُغدق
عجباً لها ما خلت قبل عيانها / أن يحمل الأسدَ الضواري زورق
هزت مجاذيفاً اليك كأنها / أهداب عين للرقيب تحدق
وكأنها أقلام كاتب دولة / في عرض قرطاس تخط وتمشق
يا ناصر العلياء دونك من فمي / دراً على أجياد جودك ينسق
وتقل فيك الشهب لو هي أحرف / والليل حبر والمجرة مهرق
شكراً لأنعمك التي البستني / منها الشبيبة حين شاب المفرق
فاثبتني ظل الندى واثرت لي / ذكراً هو الريحان بل هو اعبق
تباً لمحطوط يروم مكانتي / والنجم من اذيالها متعلق
من كان ينفق من سواد كتابه / فانا الذي من نور قلبي انفق
لِلّه طرف جال يا ابن محمد
لِلّه طرف جال يا ابن محمد / فجنت به حوباؤه التأميلا
لما رأى أنّ الظلام أديمه / أهدى لأربعه الهدى تحجيلا
وكأنما في الردف منه مباسم / تبغي هناك لرجله تقبيلا
غنته في شجر الأراك بلابل
غنته في شجر الأراك بلابل / فتحركت في الصدر منه بلابل
وتذكر العهد القديم فشاقه / وتذكرُ الأحباب شغل شاغل
أيام للنعمى عليه رفارف / ولكلِّ أوراق الشباب ذلاذل
والعيش يقطر نفرة فكأنه / خد به ماء الشبيبة جائل
والسجف مرفوع عن القمر الذي / قمر الدجنة من سناه آفل
غصن تحرك في الحليّ وفي الحلى / عن مائل قلبي اليه مائل
ومخيم بين الجوانح راحل / تحكى سلالتهنّ لمة راحل
وسنان ورد جماله في خده / غضّ ونرجس مقلتيه ذابل
كرمت عليه لواحظي بدموعها / ذلا له وهو العزيز الباخل
وكأنما هي في السماحة طيء / وكأنما هو في السماحة وابل
يا صاحب الحدق التي قد ضمنت / من سحرها ما لم تضمّن بابل
عذلوا عليك وخنت عهد مبشر / ان كنت أعلم ما يقول العاذل
ملك تهلّل واستهل فخلته / صبحاً منيراً فيه غيث وابل
وكأنما نور الربيع ونوره / في الحسن أخلاق له وشمائل
وكأنّ نشر زمانه مع بشره / بكر لأيام الصبا وأصائل
أغني العفاة عن السؤال تبرعاً / بالجود حتى ليس يوجد سائل
وأخافَ في الأجم الأسود فلم يكن / ليصول منها في البسيطة صائل
وكأن سطوته معاينة الردى / وغرار صارمه القضاء النازل
حَبَكَ السحاب دروعه لكن له / فوق السحاب من الصباح غلائل
ساعٍ بنور الهدى في صون الذي / هو للمكارم من يديه باذل
فمواطن الاقدام منه مشاعر / ومحاسن الأفعال منه مشاغل
لو رام رُومةَ جاءه أربابها / والبيض أغلال لهم وسلاسل
ولو الجبال يهزها ليهدها / عادت أعاليها وهن أسافل
يُعطي ويمطي العالمين ففضة / أوعسجد أو سابح أو صاهل
أو ملبسٌ نسج النعيم جلاله / نسج الربيع وقد سقاه الهاطل
وقفت عليه من النفوس بواطن / وظواهر وأواخر وأوائل
وتجاذبته مشارق ومغارب / فتلطفته وسائل ورسائل
ولقلّ ذاك فانه القرم الذي / شمل البرية منه فضل شامل
لكم اذا اختصم الملوك لمفخر / حسبٌ يناظر عنكم ويناضل
فسخت مكارمكم مكارم غيركم / والحق يفسخ ما يخطّ الباطل
أضحى بك الأضحى رياضاً تجتلي / وَضُحَ السرورُ به ونيل النائل
زرت المصلى يومه في جحفل / أعلامه للعالمين موائل
غُدرُ الحديد عليهم وكأنما / بأكفهم للمرهفات جداول
وأتاك جيشهم على الجيش الذي / يختال بالمحمول منه الحامل
ومن الجنائب في الطريق جنائب / حسنت فقلنا انهنّ عقائل
مرحت فقلت قطا البطاح وربما / رفِعَت هواديها فقلتُ مطائل
في الطيف لو سمح الكرى تعليل
في الطيف لو سمح الكرى تعليل / يكفي المحب من الوفاء قليل
وينوب عن شخص الحبيب خياله / ان لم يكنه فانه تمثيل
برق السماء على الغمام علامة / وسنا الصباح على النهار دليل
والروض ان بعدت عليك قطوفه / وفدتك عنه الريح وهو بليل
حسب النسيم من اللطافة انه / صحت به الاجسام وهو عليل
وبمهجتي نجم له في مهجتي / مسرى ولي في نوره تعويل
حولت عهد مناخه بمناخه / فقضى بتحويلٍ لي التحويل
في ليل لمته سريت وفي يدي / سيف كطرة عارضية صقيل
شفق وشارقه علينا ورقه / فكأنما هو بكرة وأصيل
وتنوفة واصلتها بتنوفةٍ / لا يستبين بها اليك سبيل
تقف الرياح بها مقيدة الخطى / ويظل طرف النجم وهو كليل
لا يلتقي طرف إلى طرف بها / فالباع فيها واحد والميل
وركبت ما ترك الوجيه ولا حق / لا ما تخلف شدقم وجديل
ورميت عن قوس ينير لي الدجى / مما يخولني القنا وينيل
وكأنه قدح على أفق الضحى / وعلى جبين مبشر اكليل
ملك كما اتَّقَر الصباح وراءه / طلّ كما برد المساء طليل
جاورت منه البحر الا انه / عذب كما رشف اللمى تقبيل
وصبوت حيث تغازلتِ معي العُلى / فنما اليّ من السماك رسيل
كنف برود الغيث خصب جنابه / ويبيت فيه الدهر وهو نزيل
قوم لهم فلك البروج محلة / والبدر جار والشموس قبيل
واذ رنا للريح طرف شاخص / واحمر خدّ للحسام أسيل
وشدا صهيل مطرب فأجابه / من نحو ألسنة الغمود صليل
وقف الوغى منه على ذي هيبةٍ / يقف العزيز لديه وهو ذليل
واتتك من بغداد بكرمالها / عندي وان كثر الرجال كفيل
عذبت بماء الرافدين وربما / قد بلّ عطفيها بمصر النيلُ
جُمعت وشعري في بساطك مثل ما / جمعت بثينة في الهوى وجميل
ان لم يفتها أو تفته به فلا / تفضيل بينهما ولا تفضيل
انا ذاك لو أني أكون لكندة / ما فاتني فيها الفتى الضليل
لا عيب لي الا النحول رضيتة / ان المهند قاطع ونحيل