المجموع : 16
أَترى بريدي بالِغاً يا جوجا
أَترى بريدي بالِغاً يا جوجا / أَم غالَهُ أَمرٌ يَكونُ مَريجا
عَمِيَت عَلَينا إِذ نَأَى أَخبارُهُ / لَكَأنَّه سَلَك السَماءَ وُلوجا
أَو أَنَّهُ خَسَفت بِهِ يَهمَاؤُهُ / وَهَوى إِلى بَهموتِها تَعريجا
يا مَن بِهِ علِقَت حَبائِلُ هِمَّتي / وَغَدا إِلى الزَمَنِ الكَريهِ بَهيجا
وَوَردتُ مِنهُ بَحرَ فَضلٍ زاخِرٍ / فَغنيتُ عَن وِردي سِواه خَليجا
وَرفلتُ مِن عزّي بِهِ في حُلَّةٍ / شرُفَت يَداً وَأَرومَةً وَنَسِيجا
فَخرت بِهِ الشُهبُ الدَراري وَاعتَلَت / حَتّى حَلَلنَ مِن السَماءِ بُروجا
يَكسو الطُروسَ مفوَّفا وَمدبَّجا / يَتَجنَّب التَقعيرَ وَالتَثبيجا
فَترى البَلاغَةَ قَد بَدَت أَنوارها / حَتّى بَهَرنَ مَهارقاً وَدُروجا
إِنَّ ابنَ فَضلِ اللَهِ فَضلٌ كُله / يَسعى ذَميلاً لِلنَدى وَوسيجا
مِن نَبعةٍ قَرشيَّةٍ عَدويَّةٍ / عُمريَّةٍ عَبِقَت شَذاً وَأَريجا
خَطَبَتهُ أَبكارُ المَعالي رُغَّباً / إِذ كُنَّ عجَّت مِن سِواهُ عَجيجا
وَسَمَت إِلى عَلياه أَوَّلَ نَشئِهِ / وَسِواه يَسمو لِلعُلا تَدريجا
لَجَّت وَرامَت مِنهُ وَصلاً إِنَّما / شَرَف المُحبِّ بِأَن يَكون لَجوجا
فَأَجابَها مِن بَعدِ لأي راغِباً / عَنها وَهيَّج شَوقَها تَهييجا
شَرفَ الحَريرُ بِأَن غَدا لَك مَلبَسا
شَرفَ الحَريرُ بِأَن غَدا لَك مَلبَسا / لِم لا وَجسمُك مِنهُ أَلينُ مَلمَسا
يا شادِناً ما اِزدادَ مِنّي وَحشَةً / إِلا وَزادَ القَلبُ فيهِ تَأنُّسا
طَلسَت عُقولُ الناسِ لَمّا أَن غَدا / يَمشي الهُوَينى في قِباءٍ أَطلَسا
مُتَنَسِّمٌ عَن نَفحَةٍ مِسكيَّةٍ / مُتَبَسِّمٌ عَن أَشنَبٍ في أَلعَسا
هُوَ ثالثُ القَمَرينِ وَهوَ أَتمُّها / نوراً وَأَبعدُها مَدى أَن يُلمَسا
إِنَّ التَفاوُتَ في العُلُوِّ لَموضِحٌ / مَن كانَ أَعلَى في المَنازلِ مَجلِسا
فَالبَدرُ في أُولى السَما وَالشَمسُ في ال / وُسطى وَمن أَهواهُ حَلَّ الأَطلَسا
وَلَقد بَعَثتُ مِن الكَلامِ قَوافياً
وَلَقد بَعَثتُ مِن الكَلامِ قَوافياً / تَحوِي مِن السحرِ الحلالِ بَدائِعا
نادَت عَصِيّاً لِلمَقالَةِ صَعبَها / فَأَجابَها سَهلُ المَقادَةِ طائِعا
جَوابَةً يَعنى الرُواةُ بِحفظِها / فَتهزُّ ذا إِنشادِها وَالسامِعا
وَتَوَدُّ الحاظٌ للذَّةِ سَمعِها / مِن غيرَةٍ أَن لَو خُلِقنَ مَسامِعا
نَقَر البِلادَ فَيَستَوي في سَمعِها / ما كانَ مِنها دانياً أَو شاسِعا
وَلَقَد ذَخَرتُكَ لِلنَوائبِ عُدّةً
وَلَقَد ذَخَرتُكَ لِلنَوائبِ عُدّةً / وَوثِقتُ مِنك بِألمَعِيٍّ أَروَعِ
جُبِلَت عَلى حُبِّيكَ روحي دَهرَها / فَمَحبَتي طَبعٌ بِغَيرِ تَطَبُّعِ
وَلَقد نَشرتُ ثَناءَكَ الأَرِجَ الشَذا / لَمّا طويتُ عَلى وِدادِكَ أَضلُعي
فَهَواكُمُ وَسَناكُمُ وَنَداكُمُ / في مُهجَتي في ناظِري في مَسمَعي
جُمِعَت ليَ الخَيراتُ بَعدَ شَعاعِ
جُمِعَت ليَ الخَيراتُ بَعدَ شَعاعِ / لَمّا دَعاني نَحوَ فَضلِكَ داعِ
وَفَخَرتُ لَمّا أَن خَرَرتُ مُقبِّلا / رِجلاً لَها في الخَيرِ أَيّ مَساعِ
شاهَدتُهُ وَسَمِعتُ فَضلَ خطابِه / يا حسنَ منظرٍ وَطيبَ سَماعِ
أَحيا أَبا حَيّان ناشِرُ بِشرِهِ / وَحَباهُ بِالإِيناسِ وَالامتاعِ
فَبِحُبِّ صَدرِ الدينِ دِنتُ تَقَرُّباً / لِلّهِ في رَيثي وَفي إِسراعي
هُوَ أَوحَدٌ في العلمِ وِترٌ ما لَهُ / ثانٍ وَفي الإِحسانِ ذو إِشفاعِ
ذو هِمَّةٍ مَلَكِيَّةٍ ذو شيمَةٍ / مَلَكية للخَيرِ فيهِ دَواعِ
وَإِذا يَحُلُّ بِمَنزِلٍ أَضحى بِهِ / مَأوى الغَريبِ وَمَطمَحُ الأَطماعِ
وَإِذا ترحَّلَ طاعِناً أَبقى بِهِ / نوراً لِسارٍ أَو قِرىً لِجياعِ
وَبمَعطَسِ الأَرجاءِ مِن نَفَحاتِهِ / أَرجٌ يَضوعُ شَذاً بِكُلِّ بِقاعِ
إِنَّ الإِمامَةَ في العُلومِ جَميعِها / ثَبتَت لَهُ بِالنَقصِ وَالإِجماعِ
إِنَّ العُلومَ رِياض إِلا أَنَّها / أنفٌ وَأَنتَ لَهُنَّ أَولُّ راعِ
مُتَوَقِّدٌ إِن كانَ ذهنٌ خامِداً / يَقِظٌ وَفِكرُ الشَهمِ ذو تَهجاعِ
تَتَوقَّفُ الأَفهامُ حَسرى دونَ ما / أَدرَكتَ فَهيَ لِذاكَ ذات نِزاعِ
حَتّى إِذا تُلقي لَها ما فاتَها / أَبصَرت كَيفَ النَفثُ في الأَرواعِ
ما كُنتُ أَدري مَع تَشَعُّبِ دِريَتي / إِنّ البَراعة في شَباةِ يَراعِ
حَتّى رَأَيتُ بَنانَه بِيرَاعهِ / يبدي البيانَ مُوَشَّعَ الأَوضاعِ
وَيَشي بِنَفسٍ فَوقَ طُرسٍ حُلَّةً / فَتَلوحُ شَمسُ العامِ ذاتَ شعاعِ
كلَمٌ مِن السِحرِ الحَلالِ تَأَلَّفَت / يَعبَثنَ بِالأَلبابِ وَالأَسماعِ
لكَسَوتَني بُردَ الفَخارِ مُفَوَّفاً / أَضحَت بِهِ صَنعاءُ غَيرَ صَناعِ
فَسحِبتُهُ زَهواً كَأَنّي تُبَّعٌ / في حِميرٍ ذو المُلكِ وَالتُبّاعِ
أَظهَرتَني بَعدَ الخَفاءِ كَأَنَّني / صُبحٌ بَدا أَو جَذوةٌ بِيَفاعِ
حَسبي عُلىً بَينَ الأَنامِ وَسُؤدُداً / أَني مِن الغِلمانِ وَالأَتباعِ
لَما رَأَتني مُقبلاً حَدَرَت عَلى
لَما رَأَتني مُقبلاً حَدَرَت عَلى / شِبهِ الهلالِ مِن الدَمَقسِ نَصيفا
وَتَلَفَّعت برِدائِها لكنَّها / رَقَّت فَحَيَّت بِالسَلامِ أَسِيفا
وَأَنالَت الهَيمانَ ما شاءَ الهَوى / قُبَلاً وَأَمراً عِندَنا مَعرُوفا
فَكَأَنَّها غَيثٌ تجَهَّم سحبُهُ / لِلرَوضِ ثَمَّتَ درَّ فيهِ وَكِيفا
ما كنتُ أَعلمُ قَطُّ أَنَّ جمالَنا
ما كنتُ أَعلمُ قَطُّ أَنَّ جمالَنا / تَلِدُ الظِباءَ ثَقيلَةَ الأَردافِ
حَتّى رَأَيتُ ابنَ الهجينِ خَفيفه / ظَبياً تَهادى حاملَ الأَخفافِ
رَشَأ حَوى كُلَّ المحاسِنِ فَاغتَدى / يَختالُ في بُردِ الشَبابِ الضافي
كَالبَدرِ في ظَلمائِهِ وَالغُصنِ في / غُلوائِهِ وَالدُرِ في الأَصدافِ
متنَسِّمٌ عَن مِسكَةٍ مُتَبَسِّمٌ / عَن لُؤلُؤٍ بادي السَنا شَفافِ
ظبيٌ تولَّد مِن هَجينٍ عِبرَةٌ / بَشرٌ لَطيفٌ مِن مَحلٍّ جافِ
لا غروَ في متولِّدٍ مِن صنفِهِ / إِنَّ الغَريبَ تَخالُفُ الأَصنافِ
كَذَبَ الَّذي زَعَمَ الطَبيعةَ أَثَّرت / هَذي الطَبيعةُ قَد أَتَت بِمُنافِ
هِيَ قُدرةُ الخَلّاقِ يَفعَلُ ما يَشا / في خَلقِهِ بِتَوافُقٍ وَخلافِ
دَلَّت عَلى أَنَّ المكوِّنَ فاعِلٌ / بِالإِختيارِ وَواهِبُ الأَلطافِ
وَصَبيِّ جَمّالٍ كَلِفتُ بِحُبِّهِ
وَصَبيِّ جَمّالٍ كَلِفتُ بِحُبِّهِ / مَنَح الجمالَ مَلاحَةً وَجَمالا
يَقتادُ أَبعُرَهُ لَهُ بأزِمَّةٍ / غُصُنٌ يجرر بِالجِبال جِبالا
وَيطيعُهُ مَع غِلظةٍ في طَبعِها / أَترى الجَمالَ يُلَطِّف الأَجمالا
فَإِذا اِمتَطى جَملا تَسنَّم رَبوةً / قَد حُمِّلَت مِن رِدفِهِ أَثقالا
في خَدِّهِ جَمرٌ وَفي لَفظاتِهِ / جَمرٌ يُلَدّ فُكاهَةً وَمَقالا
وَإِذا يُناغِي تربَهُ فَكَأَنَّما / نَغَمُ البَلابل هَيَّجَت بلبالا
يا حُسنَهُ شَعثاً كَأَن حلقاتُهُ / قِطَعُ الغَمامِ تكنَّفَتهُ هِلالا
وَلَقَد شَقِيت بِأَحدَبٍ مِن بَعدِ ما
وَلَقَد شَقِيت بِأَحدَبٍ مِن بَعدِ ما / قَد نلت بِالظَبيِ الغريرِ نَعيما
فَأَبو الغُصونِ مُنادِمٌ لَكَ بَعدَما / قَد كُنتَ للغُصنِ الرَطيبِ نَديما
جُبلَ النساءُ عَلى التَكَتُّمِ فَاحتَرز
جُبلَ النساءُ عَلى التَكَتُّمِ فَاحتَرز / مِن كَيدِهِنَّ فَإِنَّهُ لَعَظيمُ
فَمَتى تَعِفُّ فَرُبَّما عَفَّت فَإِن / تُهمَل فَكَشحٌ يُستَباحُ هَضيمُ
وَكَذا الصَبِيُّ إِذا عَرَتهُ خَصاصَةٌ / يَبدو لَهُ لَفظٌ يُعدُّ رَخيمُ
وَتَراهُ يَسمَحُ بِالَّذي هُوَ باخِلٌ / وَيَعودُ بَعدَ الحَمدِ وَهوَ ذَميمُ
قَد مَسَّ ظهرَ الأَرضِ حُرُّ جَبينهِ / فَيَقومُ وَهوَ مِن الحَياءِ عَديمُ
طوراً نَديمٌ للقِحابِ وَتارَةً / لِلائِطينَ الفاسِقينَ نَديمُ
وِإِذا التَحى فَفَقيرٌ أَو لصٌ وَفي / بابِ القُضاةِ أَو الوُلاةِ خَديمُ
لا تنظُرَنَّ لملبَسٍ وانظُر إلى
لا تنظُرَنَّ لملبَسٍ وانظُر إلى / ما تحتَهُ من فِطنَةٍ وَبَيانِ
ذِهنٌ كَأنَّ النارَ منهَ أُشعِلَت / وَفَصاحَةٌ تربى عَلى سحبانِ
أَتَرى قُماشي غائباً في الصِينِ
أَتَرى قُماشي غائباً في الصِينِ / فَأُقيمُ أَطلُبُهُ لِعَشرِ سِنينِ
إِنَّ امرَأً يكِلُ الأُمورَ لِغَيرِهِ / هُوَ أَنوَكٌ بَل مُطبِقٌ بِجُنونِ
إِن مُبتَغٍ برَّ الأَنام بِأَسرِهم / لَكَمَن يُرَجّي النَشعَ مِن تِنِّينِ
أَلفُ الدراهمِ لَم أَصِل مِنها لما / أَبغيهِ مِن أَلفٍ سِوى التسعينِ
مِن بَعدِ أَربَعَةِ الشُهورِ أَتَت لي الت / تِسعونَ صَفقةَ خاسِرٍ مَغبونِ
قلّدتُ طرسي مِن حُلاكَ جَواهِرا
قلّدتُ طرسي مِن حُلاكَ جَواهِرا / فَغَدا وَمَنظَرُهُ البَهيمُ بَهِيُّ
درَرٌ تَوَدُّ الغيدُ مِن شَغَفٍ بِها / لَو كانَ مِنها للنُحورِ حُلِيُّ
أَبهَتنَ لَما لُحنَ كُلَّ مُفَوَّهٍ / فَالطَرفُ مُعيٍ وَاللِسانُ عَيِيُّ
لِلِّهِ مِنها مُذهباتٍ شُرَّدٍ / للتاجِ يَنمى دُرُّها الصدفِيُّ
كتم اللسانُ وَمدمعي قَد باحا
كتم اللسانُ وَمدمعي قَد باحا / وَثَوى الأَسى عِندي وَأنسي راحا
إِني لَصَبٌّ طيَّ ما نَشرَ الهَوى / نَشراً وَمازالَ الهَوى فضّاحا
وَبِمُهجَتي من لا أصَرِّح باسمِه / وَمِن الإِشارة ما يَكون صراحا
رِيمٌ أَرومُ حنوَّه وَجُنوحَه / وَيَرومُ عَني جَفوةً وَجِماحا
أَبدى لَنا مِن شَعره وَجَبينه / خَدين ذا لَيلاً وَذا إِصباحا
عَجَباً لَهُ يَأسو الجسومَ بِطبهِ / وَلَكم بِأَرواحٍ أَثارَ جِراحا
فَبِلَفظِهِ برءُ الأخيذِ وَلَحظهِ / أَخذُ البَريءِ فَما يطيقُ بَراحا
نادَمتُه في لَيلَةٍ لا ثالِثٌ / إِلا أَخوه البَدرُ غارَ فَلاحا
يا حُسنَها مِن لَيلَةٍ لَو أَنَّها / دامَت وَمَدَّت لِلوِصال جَناحا
نُورٌ بِخَدِّكَ أَم تَوَقُّدُ نارِ
نُورٌ بِخَدِّكَ أَم تَوَقُّدُ نارِ / وَضَنىً بِجفنِكَ أَم كُؤوس عُقارِ
وَشَذاً بريقكَ أَم تأرجُ مِسكةٍ / وَسنا بِثَغرك أَم شعاعُ دراري
جُمِعَت مَعاني الحُسنِ فيكَ فَأصبَحَت / قيدَ القُلوبِ وَفتنةَ الأَبصارِ
متصاوِنٌ خَفِرٌ إِذا ناطقتَهُ / أَغضى حَياءً في سَكون وَقارِ
في وَجهِهِ زَهراتُ رَوضٍ تُجتلى / مِن نَرجس مَع وَردةٍ وَبَهارِ
خافَ اِقتِطافَ الوَردِ مِن وَجناته / فَأدارَ مِن آسٍ سياجَ عِذارِ
وَتسللت نَمل العِذارِ بِخدِّه / ليرِدنَ شَهدةَ ريقِهِ المعطارِ
وَبِخَدِّه وَردٌ حَمَتها وردها / فَوقَفنَ بَينَ الوِرد وَالإِصدارِ
كَم ذا أَواري في هَواه مَحَبتي / وَلَقَد وَشى بي فيهِ فَرطُ أواري
إِن الدَراهمَ وَالنساءَ كِلاهُما
إِن الدَراهمَ وَالنساءَ كِلاهُما / لا تَأمَنَنَّ عَليهما إِنسانا
يَنزَعنَ ذا اللُب المَتينِ عَن التُقى / فَيرى إِساءة فعلِهِ إِحسانا