القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد المحسن الكاظمي الكل
المجموع : 25
أَطرقت مَهما دارَ في خلدي
أَطرقت مَهما دارَ في خلدي / ذكرُ الشَباب وَعهده النضرِ
إِطراقة المأموم وَهوَ شجٍ / قلقُ الضَميرِ مبدّدُ الفكرِ
وَالعَين داميةٌ فأدمُعها / تَنهلّ مِن بيض ومن حمرِ
وَلَواعجُ الزفرات في صعد / تمتَدّ بين الصدر والنحرِ
قُل لِلعَذول إِلَيك عن عَذلي / ذَهَب العرام وَأَنت لا تَدري
رَحل الشباب وَربّ مرتحل / وَلّى وخلّف أَطيَب الذكرِ
أَمعاهد الأَحبابِ هَل خبر / تسري به الأَرواح ما تسري
ما لي إِذا فيكَ الخُطوب جَرَت / غير الدُموع عليهم تَجري
ذَهَبوا فَمِنهُم من قَضى وطراً / بِاللّامعات البيض والسمرِ
ذَهَبوا فَمِنهُم من قَضى وطراً / بِالصافِنات الدهم والشقرِ
كانوا وَكُنّا في نَدى وَوَغى / ساقين من حلوٍ ومِن مرِّ
كانوا وَكُنّا ما الخُطوب سَطَت / نفري من الأَحداث ما نَفري
كَم سائِل لبّيت دعَوته / وَدَفعت عنه الشرَّ بالشرِّ
وَمروَّعٍ سكّنت روعتهُ / وَغَمرته بالنائل الغمرِ
كَم شدت لِلراجين من أَملٍ / وَجبرت للعافين من كسرِ
حَتّى إِذا اِفتَرَس الزَمان يَدي / وَوقعت بَينَ النابِ وَالظفرِ
لَم أَلقَ مِمّن كنت أَكلؤه / لي كالئاً يأوي إِلى وَكري
لَم يَبقَ لي في الدهر من جلد / يَسطيع حمل نَوائِب الدهرِ
قَد خانَني من كنت أحسبهُ / يَبقى مَعي في العسر واليسرِ
ذَهَبَت بِصبري الحادِثات فَلا / أَسف أَردّده عَلى صَبري
لا تطلبنّ علالتي أَبَداً / إِنَّ النَوائِب أَحرجت صَدري
كَيفَ التعلّل وَالزَمان مَعي / متلوّن كتلوّن
وَطَوارِق الأَسقام ما برحت / تَنتاب كالأَحزاب في مصرِ
كلفٌ يحنّ وَلَيسَ يألو
كلفٌ يحنّ وَلَيسَ يألو / صَبراً عَن اللائين وَلّوا
إن يَضمَحلّ هَوى المَها / فَهوى الحمى لا يَضمَحِلُّ
كلفٌ يَزيد ثَباته / إن قيل ذو كلف يزلُّ
وَلَئِن خَلا قلب فمن / همّ المَعالي لَيسَ يَخلو
قالوا سَلا أَوطانه / وَأَخو الصَبابة لَيسَ يَسلو
وَلَقَد حسبت أَحبّتي / فَوَجدتهم كثروا وَقَلّوا
وَذكرتهم في حين قَد / نَسي الوداد أَخ وَخلُّ
وَاللَيل شاب قذاله / وَالفَجر في الحجرات طفلُ
تَجري الدُموع عَلى الصَهي / لِ وَما لِخَيل الدمع صهلُ
يا عين طلّك وابلٌ / أَبَداً ووبل سواك طلُّ
وَجواك يا وَطني له / بِبواطن الأَحشاء شعلُ
لَولا الضَنى وَصروفه / لشئا إِلَيك الذكر رجلُ
ذِكراك يا وَطَن الصبى / ذكراي أَرحل أَو أَحلُّ
وَيلَ الألى نَصروا القويَّ وَأَيَّدوا
وَيلَ الألى نَصروا القويَّ وَأَيَّدوا / وَعَلى الضَعيف تأَلَّبوا وَتجمهروا
الرفق بالحَيوان فَرضٌ عندهم / وَالرفق بالإِنسان شَرٌّ مُنكَرُ
لَكَ في الحَشاشَةِ يا أُمَيمُ مَقيلُ
لَكَ في الحَشاشَةِ يا أُمَيمُ مَقيلُ / رَبعٌ أَغَرُّ وَمَنزِلٌ مأهولُ
عَونانِ عَيني وَالفُؤادُ عَلى دَمي / مَن لي به وَالقاتِلُ المَقتولُ
فَعَلى أَسيل خُدودِ آرامِ النقا / أَمسَت نُفوسُ العاشِقينَ تَسيلُ
ميلٌ كَأَنَّ عُهودَها بقُدودِها / مَعقودَةٌ فَتَميلُ حَيثُ تَميلُ
مِن كُلِّ ماطِلَةٍ لَوَت دَيّانَها / كَيفَ التَقاضي وَالغَريمُ مَطولُ
لا تأملن صِلَةً وَإِن هي واعدت / هَيهات كُلَّ عِداتِها تأميلُ
قَد حرّمت وَصلي وَحَلَّ لها دَمي / فَغَدا لَها التَحريمُ وَالتَحليلُ
نَفسي الفِدا لِقوامها وَرضابها / هَذاك عَسّالٌ وَذا مَعسولُ
أَفَهَل إِلى ذاكَ الرضاب مُعَرِّجٌ / أَم هَل لهاتيكَ اللثاتِ سَبيلُ
أَمسى الهَوى جُمَلاً فَفازَ ببعضها / بَعضٌ وَأَصبَحَ عِنديَ التَفصيلُ
وَتَنَزَّلَت سُوَرُ الغَرامِ عَلى الوَرى / مِدَحاً فَكانَ بمدحتي التَنزيلُ
هَيهاتَ ما لاقى كَثيرٌ في الهَوى / شَغَفي وَلا قاسى هَوايَ جَميلُ
فلأقطَعَنَّ من الهَوى أَعلاقه / أَو يَشتَفي داءٌ لَديَّ دَخيلُ
أَمُعَلِّلَ الأَحشاءِ في نيل المُنى / هَيهات لا يُجدي الحَشا تَعليلُ
رَتِّل بذكر مُساعِدِ بن خَليفَةٍ / فَلَقَد حلا في ذكره التَرتيلُ
أَسَدٌ مَخالِبُه الأَسِنَّةُ وَالظبى / وَله ثنيّة كُلّ مَجدٍ غيلُ
وَمُبَجَّلٌ عَظُمَت مَهابَةُ عَزمِهِ / فينا فَحَقَّ لِمِثلِهِ التَبجيلُ
فيهِ يُذابُ الكَربُ وَهوَ مُعَظَّمٌ / وَبِهِ يُجَلّى الخَطبُ وَهوَ جَليلُ
لَو أَنَّ عَضبَ الدهر صادَف حَدَّهُ / لَغَدا وَحدّ حُسامِهِ المَفلولُ
أَو أنَّ حاتمَ وابن يحيى فُضِّلا / في الجود كان لِجودِهِ التَفضيلُ
المَجدُ تَحتَ بساطِهِ مُتَواضِعٌ / وَالعِزُّ فَوقَ رواقِهِ مَسدولُ
سأقول لا كَذِباً وَكُلُّ مَقالَةٍ / قالٌ إِذا فاتَت عُلاكَ وَقيلُ
أَنتَ المُنى إِمّا سَرَيت إِلى مُنى / وَإِذا سأَلتُ نَدىً فأَنتَ السُولُ
مَثَّلتُ في جدواك وَكّافَ الحَيا / وَبِمِثلِ جودِكَ يَحسُنُ التَمثيلُ
إِن يَسمَحِ الغَيثُ الملثُّ عَلى الوَرى / فَعَلى نَداكَ غَدا لَهُ التَطفيلُ
أَو تسحبِ الذَيلَ العُفاةُ فَطالَما / سُحِبَت بِرَبعِكَ لِلعُفاة ذُيولُ
الفِكرُ عَن إِدراكِ كُنهكَ قاصِرٌ / وَالعَقلُ عَن تِمثالِهِ مَعقولُ
سَأصول فيكَ عَلى النَوائِب بَعدَما / كانَت عَليّ النائباتُ تَصولُ
هَذا غَريمُ الدَهرِ طالَ مطالُهُ / فاِغرم فَإِنَّكَ ضامِنٌ وَكَفيلُ
إِن يأفل البَدرُ المُنيرُ عَلى الوَرى / فَبُدورُ فَضلِكَ ما لَهُنَّ أُفولُ
وَاِسلم إِلى العَلياءِ طوداً شامِخاً / تأوي الأَنامُ لِظِلِّهِ وَتقيلُ
قِف فالعُيونُ إِلى سَناكَ تُشيرُ
قِف فالعُيونُ إِلى سَناكَ تُشيرُ / وَاِهنأ فملكك في القُلوب كَبيرُ
قِف واِستَمِع مِن ناظِمٍ أَو ناثِرٍ / يَعنو له المَنظومُ وَالمَنثورُ
مِدَحاً لَها في كُلِّ سمع نَشوَةٌ / وبكلّ قَلبٍ طربةٌ وَسُرورُ
جُملاً يفصّلها البَيان مصوِّراً / وَبَيان أَفصح ناطِق تَصويرُ
إِنَّ الشعور إِلى ثَناكَ مُوَجَّهٌ / لَولاكَ ما هَزَّ الأَنامَ شُعورُ
صُنتَ الحُقوق فَقَدَّرَتكَ رِجالُها / وَكَذا الرِجالُ وَهَكَذا التَقديرُ
أَطراكَ حَتّى شانَئوكَ وَطأطأوا / لَكَ صاغرينَ وَفي القُلوبِ سَعيرُ
نَظَروا إِلَيكَ فأذعَنوا إِذ لَم يَروا / رجُلاً يُقالُ لَهُ سِواكَ خَطيرُ
وَمناوئين تقصَّدوكَ وأدركوا / أَنَّ التَعرُّضَ للأُسود غُرورُ
خبطت ضَمائرهم بليل ظنونها / أَزمانَ والظنّ المُريبُ كَثيرُ
حَتّى بَدا صُبحُ الحَقيقة واِنجلَت / تِلكَ الغَياهِبُ واِنمحى الديجورُ
لَجأوا إِلَيكَ وَأَنتَ دونَ المُلتَجى / حِصنٌ مَنيعُ الجانَبينِ وَسورُ
كَم مَوقِف صَلّوا لذكركَ عنده / وَعَلا لك التَهليلُ وَالتَكبيرُ
طَلَبوا نظيرك آملين جِهادَه / لَو كانَ لِلبدر المُنير نَظيرُ
وَلفسَّروا آياتِ فَضلك في الوَرى / بالنجم لَو لَم يَعوز التَفسيرُ
لَو كانَ مأوى الفَضل أَجواز الفَلا / لَسَعَت إِلَيكَ أَكامُها وَالغورُ
أَو كانَ في نهر المَجَرَّة مَعبَرٌ / لِلمَجدِ كانَ بِها إِلَيكَ عُبورُ
شهدت لك الدُنيا وَلَمّا يَستَطِع / إِنكارَ فَضلِكَ جاحِدٌ وَكَفورُ
في كُلِّ جيل من صَنيعك منّة / وَبكلّ دار حامد وَشَكورُ
كَم رحت توقظ كلّ غرٍّ جاهِلٍ / حَتّى اِستَفاق الجاهِل المَغرورُ
وَظَلَلت تَقتَصِد الحَياة إِلى الَّتي / أَودى بِها الإِسراف وَالتَبذيرُ
لَك يا عَليّ عَلى البِلادِ فَرائض / قَد حانَ وَقت أَدائها وَنذورُ
قَد كانَ منك لَها عَلى طول المَدى / هاد يُضيء سَبيلها وَيُنيرُ
يفديك يا مَن هَمّه إِرشادُها / من همّه التَضليلُ وَالتَغريرُ
علمتها وَالجَهل في أَعماقها / كالنارِ يَكمن تارَة وَيَثورُ
وَأَريتها وَالأَمر غير ميسّر / أَنّ العَسير عَلى المَجدِّ يَسيرُ
لا الدهرُ يَمنَع عاملاً أَن يَرتَقي / لعلىً ولا عنت الخطوب يضيرُ
مَن لَم يكن بالجدّ يدرك قصدهُ / لا الرأي ينفعه وَلا التَدبيرُ
لَولا اِختِلافات المَدارك ما اِعتَلى / منّا عَظيم واِستكان حَقيرُ
كَم قصّرَ الساعون في أَغراضهم / وَالسعي في غير الهُدى تَقصيرُ
ما كلّ ذي طمرين يصدق عزمهُ / فلربّ دعوى في العَزائِم زورُ
ما كلّ من أَبصرته بين الوَرى / نطس بأدواء العباد بَصيرُ
ما كلّ مَن أَعلى عقيرته عَلى / تَذليل آيات الصِعاب قَديرُ
لَو أَنّ كلّاً بالِغٌ ما يَشتَهي / ما كانَ في هَذا الوجود فَقيرُ
يا مَن أَرانا العلم كَيفَ رواجه / بَينَ الملا وَالجَهل كَيفَ يَبورُ
يَحيا صَنيعك في الأَنام وَبعضهم / يَحيا وَذكر صنيعهم مَقبورُ
ما لِلبِلاد سِوى يراعك مرشدٌ / وَسوى جهادك منقذ وَمجيرُ
مَن ذا يَكون لَها وَيحسن قودها / إِن جلجلت نوب وَساءَ مَصيرُ
بُعثت بعصرك لِلمَكارِم وَالعلى / حِقب تقادم عهدها وَعُصورُ
وَشأى اليَراع بك الظبى وَتفرّعت / مِن بحرِ فكرك للأنام بحورُ
جوّ السِّياسة أَنتَ ملء فراغه / فيبابه بكَ آهلٌ مَعمورُ
ما زالَ منك لحلّها إِن أَشكلت / حذق بكشف الغامِضاتِ خَبيرُ
قَد صدرتك فزنت عاطِل جيدها / شَرفاً وحقّ لمثلك التَصديرُ
أَدركت بالأمدِ القَصير محلّة / مِن دونها الأمد الطَويل قَصيرُ
عشرونَ شدّت إِلى العلا وَثلاثة / أَضحت لها تومي العلا وَتُشيرُ
واصلتَ سعيكَ ربع قرنٍ هادِياً / وَالسَعي في طرق الهدي مَشكورُ
وَوهبت للأَوطانِ نفسك هادِراً / تَحمي الحُقوق وَللفَنيق هَديرُ
مَن كانَ مثلك فادِياً أَوطانه / فَبِمِثلِهِ الوَطن العَزيز فَخورُ
مَسعاك لِلعَدل المحبّب في الوَرى / محيي وَللظلم الذَميم مبيرُ
كَم قمت تَهتف طالِباً بِحقوقها / فَرداً وَردّد صوتك الجمهورُ
وَوقفت في وجهِ الزَمان مُعارِضاً / مِن أَن يغير عَلى الحقوق مغيرُ
مُتَبسِّماً وَالحادِثات عَوابِس / في وَجهه وَفم الخُطوب فغورُ
كالأَرقمِ النضناضِ ليسَ يَروعهُ / ناب وَلا يلوى به أظفورُ
بِعَظيم مَسعاك الَّذي أَفرغته / ملئت قُلوب بالهدى وَصدورُ
وَبقصرِ همّتك الَّذي شيّدتهُ / شيدت بروج للعلى وَقصورُ
أَرضٌ نبت بجوها بك أَصبحَت / وَلها مَرابِع في النُجوم وَدورُ
أُوتيت مِن حكمٍ يحارُ بِكُنهها / وَصف ويقصر دونها التَعبيرُ
وَصَرائم مَوصولةٌ بصرائمٍ / يَرنو إِلَيها الدهر وَهوَ حَسيرُ
وَثبات جأشٍ لا يزعزع ركنهُ / صرف وَلَيسَ يَروعه مَقدورُ
وَحميّة لا تَنطَفي جَمراتها / فَشرارها في الخافِقَين يَطيرُ
آراؤُكَ اِختَمَرَت وَسارَ بذكرِها الس / ساري وَرأي الأَكثَرينَ فَطيرُ
وَبذورُ فِكرك قَد نَمَت وَتفرّقت / مِنها بِآفاق البلاد بُذورُ
أَنعافها وَالورد عذب صارِدٌ / وَالرَوض فينان الفُروع نَضيرُ
ماذا يَقول الكاتِبون بِفاضلٍ / لولاه ما فضل الصَليل صَريرُ
كانوا النجوم وَكنت بَدراً بينهم / وَاليَوم كلّ الكاتبين بدورُ
قالوا اِستَقال من المُؤيد ربّه / وَسَرى إِلى جسم البَيان فُتورُ
وَتقوّل المتخرّصون وَذو القلى / لك عاذِل وَأَخو الوداد عَذيرُ
أنّي وَفي الحالين أَنّك قطبه / وَعليك أَفلاكُ البَيان تَدورُ
مِمّا يزيل الهمّ قولك لم تن / هممي وَلا قَلَمي الرَهيف كَسيرُ
عد لِليَراع محبّراً وَمحرّراً / يَزهو بك التَحبير وَالتَحريرُ
لا تغمدن شبا يراعك إِنَّه / عضبٌ يفلّ شبا الخطوب طَريرُ
حكّم يراعك فهو أَعدَل حاكِمٍ / إِن راح يظلم حاكِم وَيَجورُ
فَإِذا أَبيت وَكانَ عذرك واضِحاً / وَهُناك أَنباء قضت وَأُمورُ
فَاِبعَث إِلَينا من لدنك خَليفةً / يَحمي حِمى أَوطانه وَيجيرُ
وَاِختر لنا مَن يَحذو حَذوكَ سالِكاً / سُبل الهُدى وَيسير حيث تَسيرُ
إِنَّ المُؤَيّد وَالقُلوب تَحوطَه / رَغم الحسود مؤيّدٌ مَنصورُ
أَولاكَ مَولى المجد أَعظَم مَنصِب / سامٍ وَأَنتَ بِما وليت جَديرُ
يهنيك منصبك الجَديد وإنّه / نسب يصير المجد حيث يَصيرُ
جاءَ البَشير به إِلَيكَ وَجاءَنا / منه لعشّاق اليَراع نَذيرُ
لا غرو أَنَّكَ من سلالة أَحمَدٍ / وَعلى سلالته الكِرام غَيورُ
كثر التطرّق في الطَرائق فاِبتَدَر / وَاصلح فَأَنتَ المصلح المَشهورُ
بَينَ الحَقائق وَالطَرائق في الوَرى / حجب يَحول سدولها وَستورُ
فَاِجهَد لَها حَتّى تبين بِنورها / ما ثَمَّ محتجب وَلا مَستورُ
وَلَقَد أَقول لمنكريك وَما لهم / في ذاكَ إِلّا الحزن وَالتَفكيرُ
إِنّ اِبن يوسف وَالهلال وَليده / قمرٌ يُضيء دجا الزَمان مُنيرُ
بَيناه مُكتَهِلٌ يخفّ إِذا بِهِ / شَيخ كَما شاءَ الجَلال وَقورُ
يهدي وَلَيسَ لما يسجّل في الوَرى / بِهُداه تَبديل وَلا تَغييرُ
إِيه عليٌّ فَأَنتَ ملك فَضائلٍ / لكَ في العلا تاج علا وَسَريرُ
آلاؤُكَ الغرّ الحسان تمنّعت / مِن أَن يُقال لبعضها مَحصورُ
أَثمار غرسك في الوَرى قَد أَينعت / فالجهل علم وَالغَياهِب نورُ
هَذى عَزائمك الَّتي قَد أَصبَحَت / تَنبو العَزائم دونَها وَتَخورُ
جاءَت بِما باتَ الحَسود لأجلهِ / تَغلي مَراجل حقده وَتَفورُ
شيّدت حزباً واِبتنَيت جَماعَةً / يَأوي لَها المثؤور وَالمَوتورُ
هَذاك للإصلاح شيدَ وَهذه / بالصالِحاتِ فَناؤُها مَعمورُ
رُفعت لِتَخفيف المَصائب رايَة / هيَ في الحُروب إِلى السَلام سَفيرُ
علم فُؤاد الصالِحات بنشره / جذل وطرف المكرمات قَريرُ
في ظِلِّهِ الضدّان قَد جُمعا عَلى / كرمِ الهِلال فَمُذنِب وَغَفورُ
قالوا الهِلال فهلّلت سوح الوَغى / وَتهلّل المَجروح وَالمَكسورُ
أَضحَت تُرفرف في الوَغى أَعلامه / وَلها ورود في الرَدى وَصُدورُ
تُمسي وَتُصبِح وَالمنون مصرّة / يَطوي المَنايا ظلّها المَنشورُ
وَالحقد بَينَ رحابه مُتزايل / وَالذَنب تَحتَ ظِلاله مَغفورُ
عطف النَبيّ يرفّ حول بنوده / وَعلى جَوانبه الحَنان يَدورُ
وَمشاهد قَد أَصبَحَت من هَولِها / الأَرضُ ترجف وَالسَماءُ تَمورُ
ثَبَتَ الهِلال بِها وَلَو نادوا لَها / رَضوى هَوى رَضوى وَزالَ ثَبيرُ
طلعَ الهلال وَلَم تغر حَسَناته / حيثُ الخُطوب المُزعجات حضورُ
بِاللَه وَالرُسل الكِرام مَعوّذ / مِن أَن يثير به الشُكوك مثيرُ
لا تبطل الأَعداء سعيَ رجاله / الحقّ مُنتَصِر لهم وَظَهيرُ
بُشرى جماعات الهِلال بذكرهِ / فَهوَ اللباب وَما عَداه قشورُ
عطرت بِذكركم البلاد وَذكركم / مسك تضوّع نشره وَعَبيرُ
لَو كانَ لِلجبل الأشمّ ثَباتكم / ما دُكَّ لمّا خرّ موسى الطورُ
أَو كانَ في أسد الشَرى إِقدامكم / ما كانَ في تلك الأُسود أَسيرُ
قولوا لِروما ما لِروما عِندَنا / إِلّا النكال المرّ وَالتَدميرُ
فَعَظيمهم يومَ الجلاد محقّر / وَكبيرهم يَومَ الطراد صَغيرُ
كثرت جموعهم وَمن أَفرادهم / بَينَ الخيام الكلب وَالخَنزيرُ
دُم يا عليّ لَها فإِنّك ذخرها / وَنَصيرها إِن قيل عزّ نَصيرُ
ما زلت تبعثُ في النُفوس أَمانيا / وَتَجِدّ حَتّى يَبعَث الدُستورُ
وَنُجوم سعدك لا تَزال طَوالِعا / وَشُموس فضلك لا تَزال تُنيرُ
دار الأَحِبَّة خَبّرينا
دار الأَحِبَّة خَبّرينا / عَن أَهلِك الخبر اليَقينا
نظرَ الظماء فَلَم يَروا / في بابك الورد المعينا
نَضحت عليك عُيونهم / بدمِ القُلوب وَقَد صدينا
وَسقينَ مِن طلّ الدُمو / عِ وَوبلهن وَما رَوينا
يا دار أَهلوك اِستقل / لوا بِالقلوبِ مُطوّحينا
يا دار أَينَ تحمّلوا / وَلَووا الأَعنّة ظاعنينا
أَينَ اِستقلّ الحاديا / ن بِهم لدن حديا الظعونا
أَينَ الأُلى لم يَبرَحوا / غادينَ عندكَ رَائِحينا
أَينَ الألى إِن قيل خَط / بٌ أَقبلوا يَتَزاحمونا
تَرَكوكَ نَهباً للخطو / ب وَعِندَها أَمسوا رهونا
يا دارهم هَل تَعلَمينا / أَيّ الدِيار ميممينا
دار فلا يَتَواصَلو / نَ بِها وَلا يَتَزاورونا
يا دار ماذا حَلَّ يَو / م تحمّلَ المتحمّلونا
إِنَّ الَّذي أَذكى القُلو / بَ هُوَ الَّذي أَقذى العُيونا
قيلَ التصبّر مدلج / إِذ قيلَ ساروا مدلجينا
يا دار زَمجرةُ العفر / ني فيك قَد عادَت أَنينا
يا دار حالك ظاهِرٌ / لا تَطمَعي أَن تَكتمنيا
هَل غادَر الدمع المذا / ل لذي جوى سرّاً مصونا
يا دار ما أَحلاهُمو / ممسين فيكَ وَمُصبِحينا
ما بالهم قَد أَصبَحوا / عَنّا جَميعاً نازِحينا
ما بالهم من غير ذَن / بٍ بِالتَجافي عاقَبونا
كَيفَ اِستَباحوا حرمة ال / عهدِ الوَثيق فَقاطَعونا
عَهدي بهم إن شاهَدوا / مِنّا القَطيعَة واصَلونا
وَإِذا أَساءَ لهم مسي / ء يَغفرون وَيحسنونا
حاشاهم لم يهجروا / طَوعاً وَلَكِن مكرهينا
سَئِموا مرابضهم فرا / حوا في البَلاقعِ مصحرينا
وَنبت مَضاجعهم فبا / توا في الترابِ موسّدينا
هَل مِن سَبيلٍ للألى / بِلظى نَواهم قَد صلينا
هَل عندهم أَن الأَحب / بة للأَحِبَّة شَيقونا
أَمزوّدين قُلوبنا / برح الأَسى زوّدتمونا
أَهل الحِمى لَيسَ الحِمى / مِن بعدكم لِلمحتَمينا
أَحبابنا ما هَذه / شيمُ الرفاق الصادِقينا
بِاللَهِ يا أَحبابنا / عودوا إِلَينا أَو خُذونا
أَنَسيتموا تلك العهو / د وَلَم تَعودوا ذاكرينا
أَم عاجَلَتكم ساعة / شَغلتكم فَتركتمونا
لِلَّهِ أَيَّة ساعَةٍ / لَم تمض حرقتها سنينا
هيَ ساعَة زلزالها / في القَلب أَنسانا مسينا
هيَ ساعَة البين الَّتي / لَم تدن إلّا كَي نَبينا
يا دار لا تَتوهّمي / فيك الأَحبّة عائِدونا
هَيهات لَيسَ بِنافِع / قول المطرق عاودونا
ذَهَبوا وَهَل رجعى لِقَو / مٍ لِلمَقابر ذاهبونا
لا تنكر العينان سف / راً في الضُلوعِ مخيمينا
عانِ البَلابِل وَالشُجونا / وَتعجّل الدمع السَخينا
واِستَقبِل الوجد المُقي / مَ وَشيّع الصبر الظَعينا
واِدفن رَجاءك حيث أَض / حى من ترجّاه دَفينا
خَلّ الدُموع وَشأنها / تدمى المَحاجِر وَالشؤونا
وَدعِ الحمام عَلى الأرا / كِ يهزّ بالنوحِ الغُصونا
ما كلّ مطويّ الضُلو / ع عَلى الجوى عرف الحَنينا
هَيهات أَن يَدري الخلي / يُ بما يكنّ الواجِدونا
أَدري الخليّ بِمَن شَجينا / وَبأيّ خطب قَد دهينا
أَم هَل دَرى ساقي الهُمو / م بأيّ كاس قَد سُقينا
فَلَقَد شَرِبنا بِالَّتي / عوذت مِنها الشارِبينا
كَأساً شَرِبناها عَلى / حرّ الجوى كدراً وَطينا
ما لِلزَمان وَما لَنا / يَقسو وَنَطمَع أَن يَلينا
أَبَداً تَجدُّ صروفه / فينا وَنحسبها مجونا
كَم حال ما بَينَ الخَلي / ط وَقطّع السبب المَتينا
ما بال مصر تبدلّت / حركات نابضها سكونا
باتَت وَباتَ ضَمينها / تَحتَ الثَرى تَبكي الضَمينا
أَو غالَها الساطي فدك / كَ لَها المعاقل وَالحُصونا
أَم هالَها الناعي غَدا / ةَ نعى لَها الركن الرَكينا
يا هَل دَرى ناعيه من / ذا قَد نَعى لِلعالَمينا
أَنَعى عليا أَم نعى / غرر الفَضائِل أَجمَعينا
يا مَن نعيت لنا ودد / نا قبل يَومك لَو نعينا
لَكِنَّما المقدار يَج / ري كَيفَ شا لا كيف شينا
أَبَت الحَوادِث أَن تجينا / إِلّا بِنَعي الأَفضَلينا
هنّ الخُطوب نَوازِلا / تَعلو المخارم وَالرُعونا
تدلي العقاب سماً كما / تخلي منَ الأسد العَرينا
ما لِلمَنايا مولعا / تٍ بالكِرام الأطيبينا
تَتَناوَل الحرّ الكَري / م وَتترك الوغد الهَجينا
ذر يا حمام لَنا الأقل / ل وَخذ إليكَ الأكثرينا
ما أَكثَر المُتمردي / نَ وَما أَقَلّ الأَكرَمينا
مِن أَيّ نافِذَة رمينا / وَبأيّ فاجعَة فجينا
أَرخَصت عاديَةَ الرَدى / كَنزاً نضنّ به ثَمينا
وَهدمت نازِلة القَضا / حِصناً نَلوذُ بِهِ حَصينا
وَحَجبت عَنّا نيّراً / لَولا سَناه ما هدينا
كانَت بِهِ الآفاق بي / ضا فاِنقلبن عليهِ جونا
يا مَن رُفعت عَلى الأكف / فِ أعيذُ مَجدك أَن يَهونا
يَزداد خطبكَ في الأَنا / مِ فَظاعة حيناً فَحينا
وَلربّ خَطبٍ إِن عَدا / ترك الأَعزّ المستكينا
خطبٌ يعمّ الأَبعدي / نَ كَما يخصّ الأَقرَبينا
خَطبٌ تحزّم وقعهُ / دنيا تواتينا وَدينا
وَعَدا عَلى الإِسلام عا / ديهِ فَأَصمى المُسلِمينا
يا كاتِباً حسدت صَحي / فَته الكِرام الكاتِبونا
ثَكَلَتكَ أُمّ المكرما / ت وَحيدها البرّ الأَمينا
وَبَكتك بالعين الَّتي / بَكَت الهداة الراشدينا
لَهجت بشكرك يا علي / ي وَأَنصَفَتكَ المنصوفا
بِالأَمسِ كانَ مناوئو / كَ لِبَعضِ فضلك جاحدينا
وَاليَوم كلّ العالَمي / نَ عَلى ثَنائِكَ مجمعونا
وَكَذاكَ من نفع الوَرى / أَثنوا عليهِ شاكرينا
قم واِستَمِع آيات فض / لك في الأَنامِ إِذا تَلينا
آيات صدقٍ قَد تخا / وص دونها المتخرّصونا
أوتيت من حكم تها / فت دونَها المُستَرشِدونا
فَبمثلِ ما أُوتيت فل / يَتَنافَس المُتنافِسونا
وَليعملنّ لمثل ما / عملت يَداكَ العامِلونا
أَخلصت للأَوطان ود / داً لَم يهبه المُخلِصونا
وَمَحضتها النصحَ الصري / حَ فكنتَ خير الناصحينا
لا غروَ أَن أدمى عَلى / فُقدانك الوطن الجفونا
من ذبّ عنه ربع قر / نٍ حقّ أَن يُبكى قُرونا
أَعليّ حجبك القَضا / ء وَكنت مقوله المبينا
مَن ذا تركتَ لأمّة / تخذتكَ في الجلّى مُعينا
مَن ذا يذبّ عَن الحِمى / وَيَذودُ عَنه الطامعينا
أَو لست أَوّل مَن دَعا / فَصَغى إِلَيهِ السامِعونا
تَدعو إِلى الحكم الَّذي / يحصي ذُنوب الحاكِمينا
تَدعو إِلى الشورى الَّتي / تحيي شِعار المقسطينا
لا لِلَّتي عبثت برو / نقها أَكفّ القاسطينا
كَم مَوقِف لك وَالزَئي / رُ بمثله يَغدو طَنينا
كَم مأقطٍ ضنكٍ ثبت / تَ بِهِ وزلّ الثابِتونا
أَعجبت أَقطاب السيا / سة فاِنثَنوا بك معجبينا
وَخطمت آناف العدا / ة فَطأطؤا لك صاغرينا
وَمَلكتَ أَرسانَ الأُمو / رِ ورضتَ مصعبها الحرونا
فَإِذا دعوت أولى النَدى / لبّوا نِداءَك مهطعينا
وَإِذا أَرَدت ذَوي النهى / قيدوا لِرأيك مذعنينا
أَسّستَ للإصلاح حز / باً ضمّ خيرَ المُصلحنا
قَد خار حزبك من تخي / يرَ واِصطَفاكَ المصطَفونا
كَم رحت تَهتف طارِقاً / بابَ النَدى للمطرقينا
وَلَكم وقفتَ مؤيّداً / حقّاً غزاه المبطلونا
أَبطلتَ حجّتهم بأو / ضَح حجّة تسم الجَبينا
وَلكم سعيتَ مُجاهداً / كَي تنقذنّ مُجاهدينا
وَجمعت في ظلّ الهلا / ل جَماعة المتطوّعينا
تَسعى لتنقذ خيرَ قَو / مٍ في العَراء مصرّحينا
تَشفي غَليل معاشرٍ / بِلَظى القَواضِب يصطلينا
آليت أَن تشأ الأنا / مَ فكنت أَصدقها يَمينا
نازَلتَ دَهركَ أَعزلا / وَذوو الكفاح مدجّجونا
وَحَملت عبئاً طالَما / أَوهى الكَواهِل وَالمتونا
وَنَزَلتَ ميدان البيا / ن فَكنت فارسهُ الأرونا
فَقرعتَ كلّ مجالدٍ / وَأَبيت إِلّا أَن يدينا
وَغلبتهُ مُتفنّناً / يَومَ الغلاب به فُنونا
وَقطعتَ دابِر من عثا / علناً وَلَم تقطع وَتينا
وَفَتحتَ أَبواب الرجا / أَغلقن دونَ المُرتجينا
وَولجتَ مِن طرق العلا / ما لَم يلجه الوالِجونا
وَصبرتَ حَتّى نلت أق / صى ما يَنال الصابِرونا
وَذوو الحِجى آحادها / بَلغت بِمسعاكَ المئينا
يَقِظاً تذبّ عَن الحِمى / وَذوو المَطامِع راصِدونا
ما زلت في سبل الحَيا / ةِ تَسير سير الحازِمينا
تَعلو وَتَهبط في مجا / هلها شَمالاً أَو يَمينا
اللَه ما يَلقى العَلي / م حيالَ جهلِ الجاهلينا
ظنّ الجَهول وَقَد لحق / ت حرمت حظّ السابِقينا
ما كلّ شوط الحادِثي / نَ وَراء شوط الأَقدَمينا
فلربّما جاءَ الأَخي / رُ فبذّ شأو الأَوّلينا
ولربّ فارد بردهِ / يَحوي الخَلائِق أَجمَعينا
حسب الفَتى مِن دهرهِ / أَن عادَ جمّ الحاسدينا
يَرقى إِلَيكَ الشامِتو / نَ وَخلف نعلكَ واقِعونا
حسبوكَ متّ وَرُبّما / قَد خابَ ظنّ الحاسِبينا
ما كلّ مَن غبر الزَما / ن بِهِ غَدا في الغابرينا
مُحيي الفَضائِل لَيسَ يص / بحُ في عدادِ الميّتينا
أَعليّ ذكرك لَم يغب / عَنّا وَلَم نكُ قَد نسينا
تَفديك كلّ نَقيبةٍ / مرنت عَلى الحسنى مرونا
هَذا المُؤَيّد وَهوَ خل / فك قدوة لِلصالِحينا
أَضحى البَيان وكل من / عرف البَيان له مدينا
وكفاك أرباب البيا / نِ بنوكَ إن عدّ البنونا
مرآة نفسك بينَنا / تأبى المَكارِم أَن تَبينا
تلقي أَشعّتها عَلى / كُلِّ النُفوس فيَهتَدينا
القَول مرآةُ الحجى / وَالعَقل أَولى أَن يزينا
وَالطَبع إِمّا خف أك / سب ربّه العقل الرَزينا
أَثمارُ غرسك أَينَعت / بَينَ الوَرى للمجتَنينا
مَن شاء أَن يجني جنى ال / أخلاق وَالرأي الرَصينا
فَإِذا نعتّك للأَنا / نَعَتّ أَصدقها يَقينا
طلق المحيّا باسِما / حيث الغَطارِف عابِسونا
أَنضتهُ شدّة بأسهِ / فَنما بها كرما وَلينا
كالصلّ نضنضَ كامناً / في بردهِ الزاهي كمونا
عالي العَقيرة لَيسَ يخ / فضُ منه لوم اللائِمينا
يُملي وَيَكتب وَالأَعا / ظِم حوله يَتشاوَرونا
يُعطي اليراعة حقّها / وَيفي حقوقَ الزائرينا
وَخط القَتير قذاله / كَهلاً وَما عمّ القرونا
خَمسينَ جاز وَحجّة / كانَت سنين هدى تُضينا
مثل الكَواكِب تَزدَهي / بَل بالكَواكِب يَزدَرينا
هَذا هُوَ الرجل الَّذي / سادَ الرجال الأَمثلينا
هَذى هيَ الأَخلاق لا / ما يدّعيه المدّعونا
أَعليّ ها نحنُ الألى / جنّوا بما توحي جُنونا
أَرنا مواقفك الَّتي / عادَ الزَمان بِها ضَنينا
يعزز عليك بأن تَرى / عزّ اليَراع يَعود هونا
أَنتَ الَّذي أَعليتهُ / شأناً فَفاتَ بك الشؤونا
وَجعلتهُ علماً يُشي / رُ إِلى سَناه المُهتَدونا
قلمٌ تَصول مَع القَضا / ءِ بهِ وَلا تَخشى المنونا
بِشباه خذلان القوي / يِ وَنصرة المُستَضعَفينا
وَبيانهُ كالسِحر بَل / مِن فَوق سحر الساحرينا
يَسعى وَيلقف كالعَصا / بِصيالهِ ما يأفكونا
لَولا شباهُ ما اِتّقت / نوب الزَمان المتّقونا
قَد كانَ سلوة من سلا / وَعلالة المتعلّلينا
وَاليَوم أَطماع التسل / لي وَالتعَلل قَد طوينا
يهنيك بتّ منعّماً / وَسلمتَ مِمّا قَد لَقينا
وَأمنتَ عادية الأَسى / وَمصاحبوك مروّعونا
أَتُراهُم قَد أَمّلوا / لقياكَ أَم هُم يائِسونا
بِقُلوبهم وَعيونهم / عاجوا لدارك شاخصينا
سألوكَ أَن تَدنو وَكَي / فَ وَقَد نَويت نوى شطونا
ما كانَ عَهدي حينَ تس / أَل لا تُجيب السائِلينا
رَفَعوا الرؤوس فَلَم يَرو / كَ وَأَبّنوك مُنكّسينا
خَمسينَ عاماً لَم تَعض / أَيام بَينَ الأَربعينا
لَو عوّضونا عنكَ بالد / دُنا وَمجدك ما رَضينا
فَلأنتَ ملء قلوبنا / ما إِن بَقينا أَو حيينا
أَنتَ الَّذي هوّنت أَن / تَلقى العَظائِم أَن تلينا
علّمتنا الصبرَ الجَمي / ل إِذا أُصبنا أو رزينا
وَأريتنا كَيفَ الثَبا / تُ إِذا تَمادى الخطب فينا
كَيفَ السَبيل إِلى الهُدى / وَسناك قَد لبس الدجونا
أنّى اِلتفتّ فَلا أَرى / إِلّا كَئيباً أَو حَزينا
خَلتِ الديار فَلَيسَ بَع / دكَ مَن يسرّ الناظرينا
فَاِذهب فَأَنتَ نَسيج وح / دك لا نَظير وَلا قَرينا
قَد رحت يسقيك الحَيا / وَنَروح نَستَسقي الجُفونا
نَشكو فُراقك عالمينا / أنّا إِليه راجِعونا
أَبَداً تَروحُ رَهينة أَو تَغتَدي
أَبَداً تَروحُ رَهينة أَو تَغتَدي / في طارِف من وَجدها أَو متلدِ
نَفس يحفّزها الغَرام فَتَنثَني / مُنقادَة طوع الغَرام بمقودِ
ما كنت أَخضَع لِلدمى يَوم النَقا / بيدي لَو اِنّ زمام قَلبي في يَدي
للحبّ سُلطان يَصول وَلَم يَكُن / كالحُبِّ للأَحرار من مستعبَدِ
كَم مهجة حكم الهَوى بفنائها / وَقَضى عَلَيها كلّ طرف أَجيدِ
حكم العُيون عَلى قُلوب ذَوي الهَوى / حكم المَنايا لَم يَكُن بمردّدِ
مَن أَخطأته سِهامها فَلَقَد نَجا / حيناً وَمن أَصمته فَهوَ بِها رَدي
مَن ذا يردّ لَها شبا إِما رنت / صَرف القَضاء إِذا جَرى لَم يرددِ
أَيّ الكماة يشيمها وَسيوفه / لَم تنثلم وَقناه لَم تتقصّدِ
قُل لِلجُفون تكفّ عَنّي نبلها / تَقدي بِما قَد صابَ أَحشائي قدي
إِنَّ الَّتي أَسرت هَواي هيَ الَّتي / أَوهَت قوى جِلدي وركن تجلّدي
وَتعمّدت قَتلي عشيّة أَقبلت / وَلربّما قتلت وَلَم تَتعمّدِ
فَأَنا القَتيل وَأيّما متشحّط / بدم الوَريد وَلَيسَ قاتله يَدي
اللَه يا ذات السوار بمهجةٍ / ما بَينَ قرط قَد وهت أَو معضدِ
شيمي لحاظك فالخُدود غنيّة / عَن ناصِر في فَتكِها أَو مسعدِ
هَذا أَسير هَواك لَو أَطلقته / أَطلقت خير فَتى بحبّك مصفدِ
اللَه أَيّ متيّم هَذا الَّذي / عبث الغَرام بِهِ وأيّ معمدِ
أَينَ الزلال وَأَينَ منّي شربة / أطفي بِها حرّ الجَوى المتوقّدِ
فَليهن مَن سلمت حشاه وَليبت / مِمّا شَجاني خالياً وَليرقدِ
أَو ما تَراني كَيفَ صيّرني الهَوى / شَبحاً أَروح كَما الخيال وَأَغتَدي
لَم يبقِ مِنّي البين غير بقيّة / إِن لَم تَكُن ذابَت أَسى فكأن قَدِ
وَلربّ دار جزتها فاِستوقَفَت / طرفي مَعالِم رَسمها المتأبّدِ
فَوقفتُ أَنشدها وَقَد عفّى البلى / آياتها وَكأَنَّني لَم أَنشدِ
فَوَجدتها عبراً وَعدت كَواجِدٍ / مُستَعبِرٍ مِمّا رأى متنهّدِ
فَتَصعّدت غضويّة وَتصوّبت / وَظَللت بَينَ مصوّب وَمصعّدِ
أطوي الضُلوعَ عَلى لَواعِج زفرةٍ / تَزداد وَجداً كُلمّا قلّت اِخمدي
وَيردّ قَلبي ذائِباً في تربها / وَجدٌ يُذيب لظاه قلب الجلمدِ
أَقلعت عَنها وَالجَوى متسعّر / بَينَ الجَوانِح كالشِهاب الموقدِ
وَنزلت في أُخرى إِذا هيَ جنّة / فَيحاء قَد حفّت بحور نهّدِ
من كُلِّ أَعفر سانِح في تربها / يَعطو بسالفتي غَزالٍ أَغيدِ
وَمنعّم لعبَ الدَلال بعطفهِ / لعب النَسيم الغضّ بالغصن النَدي
مُتَمايل مثل النَزيف وَلَم تَكُن / مالَت بِها منه كُؤوس الصرخدِ
تِلكَ الوجوه المشرقات عَلى الربى / مِثل البُدور عَلى الغُصون الميّدِ
جدّدت وَجدي وَهوَ غير مخلّق / وَلربّما جدّدت غير مجدّدِ
أَبدأنهُ وَأَعدنه فاِنتابَني / تِطراب نَفسي لِلبَوادي العوّدِ
وَلَقَد أَراها وهي في شرخ الصِبا / طَوعاً لداعية الحسان الخرّدِ
حَتّى إِذا غال المشيب قذالها / واِبيضّ غربيب العذار الأَسودِ
قامَت تمنّيني الهَوى فَزَجَرتها / وَدنَت تعنّفني فَقلت لَها اِبعدي
هَيهاتَ قَد ماتَت تَباريح الجَوى / وَدفنت شطريها مَعاً في ملحدِ
وَصَحَوت من خمرِ الصبا وَخماره / وَنفضت عَن عينيّ طيب المرقدِ
ذَهبت ليالٍ كنت أَحمد وَصلها / وَأَتَت لَيال بعدها لَم تحمدِ
وَتصرّمت أَيّام لَهوي واِنقَضى / عهد بمثل بَهائه لَم أَعهدِ
من بعد ما خضت الزَمان وَأَهله / وَضربت في أَغواره وَالأَنجدِ
وَكرعت في يوميه يوم في الهَنا / رغد وَيَوم في المَصائِب أنكدِ
أَيقنت أَنَّ العزّ ينشر عند من / يَطوي المفاوز فدفداً في فدفدِ
وَعلمت أَنَّ المرء لَيسَ بِسائِدٍ / ما لَم تشذ بِهِ صَريمة ملبدِ
دَعها تهب إِلى المغار الأَبعد / وَتعجّ في ليل العجاج الأَربدِ
هيَ ساعة إِمّا ردى فَيريحها / عَن قصدها أَو نيل أَقصى المقصدِ
ما تِلكَ نَفسي إِن دَعاها لِلوغى / داعٍ وَقالَ لَها اِقدمي تتردّدِ
أَنا من علمت إِذا الضَراعم هومت / كلأ العرين بمقلة لَم ترقدِ
وَإِذا العَزائِم أَخمدت أَنفاسها / هتك الدجا بِعَزيمة لَم تخمدِ
أَو خيّمت نوب الزَمان رست له / قدم تَقوّض بالجبال الركّدِ
لا عزمتي في نازِل تَنبو وَلا / زندي مَتى تورى الزنود بمصلدِ
فَإِذا غضبت فأيّ قلبٍ لَم يطر / رعباً وَأَيّ فَريصة لَم ترعدِ
وَإِذا رَضيت تهلّلت سحبُ النَدى / وَاِخضرّ ذابِل كلّ عود مخضدِ
سَل بي تخبّرك العلى أنّي اِمرؤٌ / عقد العلا وَتميمه لَم يعقدِ
وَأَصابَ شاكلة الغُيوب بخاطرٍ / في يَومه للأمر ينظر من غدِ
ما زالَ يَصحَبُها بفكرٍ ثاقِبٍ / لا يَغفل المرمى وَراء محصدِ
حَتّى اِرتَقى أَوج العلاء وَلَم يدع / للمرتقين إِلى العلا من مصعدِ
بمهنّدٍ مِن عزمهِ أَنّى سطا / أَودى شباه بحدّ كلّ مهنّدِ
وَمسدّد من فكره أَنّى يمل / بسنانه يعضد بكلّ مسدّدِ
كَم راح ملتَجئاً إِليّ وَكَم غَدا / من رائحٍ بَينَ الوَرى أَو مُغتَدي
فرّجت كربته وحطت حريمه / وَحَجبته عَن كلّ خطب مُؤَيّدِ
وَفتحت أَبواب الجدى من بعد ما / أَبوابه أَغلقن دون المجتدي
أَنّى اِلتفت تجد لذكري رنّة / في كُلِّ وعد صادِق وَتوعّدِ
تلك الجَزيرة فاِلتفت في تربها / هَل تلق من أَثر لِغَيري مخلدِ
وَاِنظر إِلى النهرين تلف بَني الرجا / لِلقاي بينهما حرار الأكبدِ
وَاِضرب بفكرك في الأَنام فهل تجِد / فيها كفرعي زاكياً أَو محتدي
إِنّي ولدتُ مَع المَكارِم وَالعلا / وَرضعتُ ثديّ الفَخر قَبلَ المولدِ
وَنشأتُ في بحبوحةِ الشرفِ الَّذي / تَرنو النُجوم لِضوئه من أَرمدِ
وَأِحطتُ بالستّ الجهات من العلا / وَجمعت شملَ نظامها المتبدّدِ
يا طالِباً منّي الثَناء لِيَرتَدي / أَبرادَ فخرٍ مثلها لم يرتدِ
لا تسلكن سبلَ المَطامِع دونه / إِنَّ السَبيل إِليهِ غير ممهّدِ
إِنّي فَتى قيّدت نطقي أَو أَرى / ندبا يفكّ نَداه كلّ مقيّدِ
حَصّنته مِن أَن يشاد بِهِ اِمرؤٌ / في الناس حظّ علاه غير مشيّدِ
وَحجبته مِن أَن يفوه بمدحة / إِلّا لِذي كرم أَغرّ ممجّدِ
فَعقودُ نَظمي لا يفصلها فمي / إِلّا لِجيد في المَعالي أَجيدِ
مَن شاء أَن يحظى بِمَدحي فَليَكُن / مِثلي حَميداً أَو كمثل محمّدِ
ذاكَ الَّذي شهدَ الخَلائِق أَنَّه / خيرُ الخَلائِق سائِد وَمسوّدِ
متفرّد بِالمكرماتِ وَلَم يَكُن / بِالمكرماتِ سواه من متفرّدِ
نيطت بِهِ أَحكامُ شرعةِ أَحمَدٍ / فَتهلّلت أَحكام شرعة أَحمدِ
وَغَدَت وَقَد أَكَل الصَدى أَسيافها / مجلوّة بِيَمين خير مجرِّدِ
في كفّ أَغلب راح يجني أَيما / عزّ ومَن يَزرَع بأرض يحصدِ
يَستَنبِط الأَحكامَ مُجتَهِداً بِها / عِلماً فيوحيها لكلّ مقلّدِ
يَغدو لَهُ وَيَروح أَنّى يغتدي / وَيَروح عزم مطلق لَم يصفدِ
كالرمحِ إِلّا أَنّه لا يَلتوي / وَالسَيف إِلّا أَنَّه لَم يغمدِ
يَنزو نزوّ الأسد إِمّا جلجلت / نوب وَينساب اِنسياب الأسودِ
فَيهينُ سورتها شَديد مراسه / فَتَهون دون مراسه المتشدّدِ
بِمذرّب من حدّه ماضي الشبا / وَمصوّب من رأيه المستحصدِ
نَفسي فِداء دون ذاك المُفتدى / ولربّ نفس دون هذا المفتدي
أَولانيَ الصنعَ الجَميل فزدته / حَمداً ومن يول الصَنيعة يحمدِ
وَمَحضتهُ الودّ الصَريح فكان لي / وَهَواه خير محبب وَمُوَدَّدِ
فيؤوا لربع هَواه روّاد العلا / وَتفيأوا ظلّ النَعيم الأبردِ
ربع جَميم العَلم غير مصوّحٍ / فيه وورد الفَضل غير مصرّدِ
يَتَناوَل الحاجات فيهِ من يَرى / حاجاته نيطت بهامِ الفرقدِ
وَروى حياض نداه حائمة الرجا / تروي به في العزّ أَطيب موردِ
عذب عَلى قلبِ المُحبِّ مساغه / وَشجى بحنجرةِ اللئيم الأوغدِ
ما زلت يا غيث الوَرى وَمُغيثها / وَمقرّ كلّ فَضيلة لَم تجحدِ
طلّاع أنجدة فما من متهمٍ / يَعدوك في الشورى وَلا من منجدِ
كَم عقد مشكلةٍ حللتَ بِصارِمٍ / مِن فكرتيك فعاد غير معقّدِ
وَكَذاكَ كَم ركن توطّد للعلا / بِسنا هداكَ وَكانَ غير موطّدِ
لَكَ أَيُّها الشهم الَّذي جمعت به / فرق المَكارِم بعد طول تبدّدِ
قلبٌ عَلى خيرِ التُقى لَم يَنَطبع / وَيدٌ لغيرِ البذل لم تتعوّدِ
وَنقيبة إِمّا تنمّر قصدها / في الأَمر حادَت عَن طريق الحيّدِ
وَمآثر لَو كانَ يمكن عدّها / لِعددتها لكنّها لَم تعددِ
فَلأنتَ في ذا العصر أَفضل سيّدٍ / إِن قيلَ من في العَصرِ أَفضَل سيّدِ
أَمُحَمَّد ما أَنتَ إِلّا حجّة / دحضت بها حجج الزنيمِ الملحدِ
لَو جازَ لاِنقطعوا إِلَيكَ وَصيّروا / تِمثال شخصك قبلة لِلمَسجِدِ
وَلَووا إِلَيكَ رقابَهم من ركّع / يَقضون مفروض الوَلاء وسجّدِ
واِستَشهَدوا بِجَميل ذكرك كُلَّما / ذَكَروا النَبيّ أَوان كلّ تشهّدِ
وَلَقَد أَرى قَوماً عظمت عليهم / لَمّا رأوك فضلتهم في السؤددِ
وَملكت ناصيةَ العلا وأريتهم / أنّ العلا طوع الكَريم الأَمجدِ
يَقِظاً إِلى أَن نلتَ قاصية المُنى / وَالطيف يعبث في عُيونِ الهجّدِ
هَيهاتَ أَن تَرقى إِلَيكَ ظنونهم / تَعلو السَماء عَن الربى وَالأَوهدِ
شَهِدوا غباركَ ساطِعاً فَتَراجَعوا / وَوجوههم مغبرّة في المشهدِ
ما كلّ ما رأت العُيون بمدرك / أَرأيت أَنَّ النجم يدرك باليَدِ
حَتّى إِذا خابوا وَأَخفَق سَعيُهم / حقدوا وَمَن يخفق بسعي يحقدِ
حَسَدوكَ عَن علمٍ بأنَّكَ خيرهم / يا خيرهم أرغم أنوف الحسّدِ
دَع عَنكَ هاتيكَ القُلوب بِغَيظها / تنقدّ أَو قسراً لأمرك تنقدِ
فَسدت خَلائقهم فَمَهما حاوَلوا / إِصلاحَها بسواك كانَ بأفسدِ
لا يَرأبوا إِلّا إِذا ما طأطأت / لَك خشّعا من أَشيَب أَو أمردِ
فَتجذّ منهم كلّ عضو فاسدٍ / وَتعيضهم عنه بما لم يفسدِ
كَم قلت للراجي شبيهك في الوَرى / لا تطمعن بِوجود ما لَم يوجدِ
هَذا الإِمام ومن أُصيب برشدهِ / لا يَدرِ ما فضل الإِمام المرشدِ
مَن جاءَه متحيّراً في أَمره / يَرجع إِلى وضح الطَريق الأَقصدِ
يا عالم الدنيا الوَحيد إِليكَها / من شاعِر الدُنيا العَليم الأَوحدِ
لأواصلنّ بك القَوافي ناشِراً / عصر ابن أوسٍ وَالوَليد وَأَحمدِ
وَأبردن حشى المَوالي تارِكاً / كبد العَدوّ بغلّة لَم تبردِ
وَأؤلفن بك الشَوارِد مالئاً / رحب الأقالم بالقَوافي الشرّدِ
ولأشكرنّك ما بقيت لأنّني / أَلفيت شكرك فرض كلّ موحّدِ
في كُلِّ قافية إِذا أَنشدتها / بثناك طاربها لسان المنشدِ
فَاِسلم وَدُم للدينِ خير مُؤَيّد / وَاِسلم وَدم للدين خير معضّدِ
لِمَن النَجائِب سيرهنّ وَخيد
لِمَن النَجائِب سيرهنّ وَخيد / تَطوي وَتنشر دونهنّ البيدُ
بغيا الورودِ مِنَ الفرات شَواخِصاً / لِلنيل لَو في النيل طاب ورودُ
طَربي إِذا ما قيل قلص للسرى / حاد وشمّر سائق غرّيدُ
عوج الخَياشم يَندفعن إِلى الحمى / ما لَم يسطن فَذائد وَمذودُ
لِتحنّ حَتّى يَنثَني مِن فَوقها / طرباً كأنَّ حَنينها تَغريدُ
وَيَقول راعيها إِذا هي أَقبلَت / تِلكم جمال أَم جبال قودُ
وَكَأَنَّما فيها الركوب وَلائد / وَكأَنَّما أَكوارهنّ مهودُ
فَإِذا مررت عَلى الديار رأيتها / تَرنو كَما تَرنو الظِباء الغيدُ
فالربع إِذ تَحنو عليه بدمعها / كاِبن اللبونِ حنت عليه رفودُ
وَأَظنّها ذكرت بهِ أَوطانها / وَالرفد في أَعطانها مرفودُ
فَتَقَطّفت عزماتها وَتردّدت / عَن قصدها وَتواصل الترديدُ
وَلرحت فيها أستردّ وَديعةً / لَو أَن ما أَودعته مَردودُ
وَظللت أَنشد وَالأَماني ظلّة / بعراصهنّ وَقَلبي المَنشودُ
يا ناق عوجي فالربوع وَأَهلها / مِمّا أَلَمَّ كَما ترين همودُ
سارَت تنثّ بوخذها سيرَ الألى / ساروا وَسيرُ دموعهم تَوخيدُ
وَأَتَت تخبّرنا وَما بادَ الهَوى / أَنّ الأَحِبَّة يَومَ سلع بيدوا
وَغلطت بل لمن الضَوارِب في الفَلا / تَحدو بهنّ بَوارِق ورعودُ
مثل القباب مسيّرات في الثَرى / تَجري وَما لمسيرهن ركودُ
يَحملنَ ما تعيا بهِ تِلكَ الَّتي / أَعيَت عليها أَنسع وَقتودُ
وَيَسَعنَ من نجد البلاد وَغورها / ما لَم تسعه تَهائِم وَنُجودُ
وَمنعّمات بينهنَّ كَما الدمى / بيض حَبائلها العُيون السودُ
أَبَداً تَروح مَع القُلوب وَتَغتَدي / هذي تصاد هَوى وَتلك تَصيدُ
مَشياً وَئيداً في الدِيار وَإِنَّما / مشي الظِباء السانِحات وَئيدُ
هيف الخصور تَقصّفت إِمّا اِنثَنَت / منها عليك مَعاطِف وَقدودُ
وَإِذا تعرّض ما يَروق المجتلي / فَعَوارِض مصقولة وَخدودُ
يَنظرن إِن غفل المراقب خلسةً / عَن أَعين إِنسانها مزؤودُ
وَيمسنَ مِن فرط النُعومة في النقا / مثل القَواضِب وَالقَواضِب ميدُ
يَسري إِليهنَّ الصبا فتردّه / بِشَذا العَبير غَدائِر وَجعودُ
وَيَعود من تلك القَلائص حامِلاً / ما الوَرد يحسد نشره وَالعودُ
يشرقن مِن خلل السجوف عَواطياً / حَتّى تبين ترائب وَنهودُ
وَإِذا تَراسلت القُلوب تَتابَعَت / رسل الغَرام فمقلة أَو جيدُ
ما أَسعد المُشتاق لَو أَسعفنه / أَسعفنه لَو أَنَّه مَسعودُ
تَرمي وَسَهم الناظِرين سَديد / دعجاء ناعمة الصبا أَملودُ
قَد أَقسَمت أَلّا تكفّ سهامها / ما لَم يضرّج أَخدع وَوَريدُ
تَقسو وَتأَنَف أَن تلين لِعاشِق / أَو أَن تَلينَ الصخرة الصيخودُ
أَو أَن يُقال قَضى فلانٌ حسرةً / بِفلانة أَو ماتَ وَهوَ شَهيدُ
هَيهاتَ من يَقوى عَلى حربِ الظبا / إِنّ الكميّ بمثلها رعديدُ
هَوّن عليك إِذا ذللت وَإِنَّما / قَضتِ الصَبابة أَن تَهون الصيدُ
وَاِنعم بناعمةِ الشَبيبة إِنَّها / طرقتك وَهناً وَالوشاة هجودُ
وَدَنَت وَقَد أَضنى وأعمد بعدُها / فَدَنا إِلَيها المدنف المعمودُ
وَتبسّمت فَبَكَيت من طربي بها / فَتشابهَ المنثور وَالمَنضودُ
ما تَنثَني أَو تَنثَني لي مهجة / لا العَذل يَثنيها وَلا التَفنيدُ
ليشوقني منها إِذا هي أَسفَرَت / خدّ بعقربِ صدغِها مَرصودُ
ما كانَ أَطيَب شمّه وَوروده / لَو أَنَّهُ المَشمومُ وَالمَورودُ
قالوا تَصبَّر تحظ منها بالمنى / أَنّى وَركن تصبّري مَهدودُ
أَترى تَجِدُّ لَنا لَيالينا الَّتي / بليت وَذكر نَعيمهنّ جَديدُ
وَتَعود ثانية وَأَعلَم أَن ما / تَمضي به الأَيام لَيسَ يَعودُ
بخلت بجدّتها فَقلت علالة / يا نَفس صَبراً إنَّها سَتَجودُ
تِلكَ العُهود الطيّبات وَلَم تَكُن / تَحلو كهاتيك العهود عهودُ
أَيّام كنت وَلا يدي مَغلولة / عَمّا أَروم وَلا فَمي مَصفودُ
كنت الطَليق وَلَم أَكُن أَخطو بها / خَطو المطرِّق أَوهَنتهُ قيودُ
خمدت وَلَكِنّ التذكّر ضارِب / في أَضلعي وَشواظه مَوقودُ
ذهبت وَقَد أَبقَت تَباريح الجَوى / وَلَها قيام في الحَشى وَقعودُ
وَجرت كَواكِبها نحوساً بعدَما / كانَت تَسير عليّ وَهيَ سعودُ
فَوراك مطراب العشيّ فَإِنَّني / كلفٌ بِغَير الغانياتِ عَميدُ
خُض بي أَحاديث العلاءِ وَخلّني / مِمّا تلفقه الكعاب الخودُ
أَوَ بعد ما وقفَ الأسى بِجَوانِحي / وَمَشى إِلى أَجفانيَ التَسهيدُ
وَغَدَوتُ مُنفَرِداً وَشيبي واخط / فودي وَغصنُ شَبيبَتي مَخضودُ
تَستامني أَن أنثَني طوع الدمى / هَيهات ما صَعبي إِلَيك مقودُ
قَد عَزَّ أَن يَدنو إِلى عقد الهَوى / طرف بأطناب العلا مَعقودُ
آليت لا أَلهو بِغَير عَزيمَةٍ / لِشهابها في الخافِقين وقودُ
حَتّى تبرّد في المجرّةِ غلّتي / وَيجرّ لي فَوقَ السماك برودُ
وَيَظلّ يحسد بعض مَجدي بعضه / إِن ضَلَّ عنه كاشح وَحسودُ
وَحلفت لا أَعنو لغيرِ أَخي عَا / يَنمو إِليَّ إِخاؤُهُ وَيَزيدُ
مَحمودُها السامي وَهَل بَينَ الوَرى / إِلّاه سامٍ في العلا مَحمودُ
يَعنو إِليهِ الدهرُ في غلوائهِ / فَيَهون صرف الدهرِ وَهوَ شَديدُ
هُوَ وَالزَمان إِذا تنكّر حادِث / قرنان لَكِن سيّد وَمسودُ
لَو كانَ للأَيّامِ بعض صفاتهِ / عاشَ الشقيّ بهنّ وَهوَ سَعيدُ
فَإِذا اِحتَبى في الدست قلت متالع / تَرسو قَواعِد عزّه وَزرودُ
أَو إِبن غيلٍ أَيقظته حميةٌ / فَعنت لهيبتهِ الكِرام الصيدُ
غَيثٌ وَلَيثٌ جاد ذاكَ بوبله / وَهَمى فُروض الآملين مجودُ
وَسَما وَطالَ فللنجومِ تحدّر / وله عليها في العَلاء صعودُ
وَجَرى إِلى الغايات حَتّى حازها / واِرتاحَ يفضل صيدها وَيَسودُ
سَبق الخيال إِلى مناهُ فاِستَوى الت / تقريب دون مناه وَالتَبعيدُ
وَأَرى الظُنون مقيّدات إِن جَرى / في حَلبَتيهِ لِلظنون قيودُ
أَمُطاولاً محمودَ في عَليائهِ / أقصر فَإِنّ المجد عنك بَعيدُ
هَذي مكارمهُ أَيوجد شبهها / كَلّا فَما لشبيههنّ وجودُ
ذِكراهُ حَيّ مثله لا كالَّذي / حيّاً يُعدُّ وَذكره ملحودُ
كُنّا نحدّ الكائِنات جَميعها / لَو أَن حدّ علائه مَحدودُ
وَأَقول يا اِبن النيل كفّك في النَدى / كالنيلِ إِذ تَسخو به وَتَجودُ
وَأَرى بَنانك مُستمرّاً فيضها / وَالبَحر ينقصُ مرّة وَيَزيدُ
بِسناك تَبيضّ اللَيالي السود / وَإِلَيكَ يأوي الحائِم المَطرودُ
أَأَبا محمّد أَنتَ أَوّل جائِد / وَأَخير من يُنمي إِليهِ الجودُ
تُسدي بِلا منٍّ وَوجهك ضاحك / جذلا وَغيرك عابِس مَكمودُ
وَتفي وَوعدك بعدُ طفلٌ يافِعٌ / وَسِواك يهرم عنده المَوعودُ
لك يا عَقيد المَكرُماتِ بحيث ما / لِلمكرُمات فَتىً سواك عَقيدُ
مَجدٌ كَما اِقتَرح العلاء مجمّع / وَندى كَما اِشترط السَخاء بَديدُ
وَشَبا اِعتِزام لا يفلّ كَأَنَّه / في الروعِ من حدّ القَضا مَقدودُ
أَنتجت في الأَيّام كلّ فَضيلةٍ / وَحلبت أَشطرها وَأَنت وَليدُ
وَنَشأت في دستِ الوزارة مورياً / لِزنادها حيث الزُنود خمودُ
وَرضعت أَوّل درّها وَتركتها / وَشلا وآخر درّها تَصريدُ
وَطلبت منقطعَ العَلاء فَنِلتَهُ / مُتَيَقِّظاً وَالطالِبونَ هجودُ
وَلنلت منها ما يَزيدك رفعةً / لَو فَوقَ ما نالَت يَداكَ جَديدُ
إِن تَنأ عَنها فالجَديد مَخلّقٌ / أَو تدنُ مِنها فالخَليق جَديدُ
لَم يَنعَدِم ذِكر الفَضائِل في الوَرى / أَبَداً وَذكرك في الوَرى مَوجودُ
عَوداً عَلى بدءٍ يُرَفرِف ظلّها / وَلأنت مُبديها وَأَنت معيدُ
إِن تمسِ مَحسوداً عَلى ما نلت من / فضلٍ فمثلك في الوَرى مَحسودُ
أَو أَنكرت آيات فضلك مِن عمى / جهّالها فالعالمون شهودُ
قَد شدت مَجداً لا يَزول وَإِنَّما ال / مَجدُ يَبقى وَالرِجال تَبيد
شد واِبن ما هُدمت قَواعِدُه فكل / ل المَجدِ فيما تَبتَني وَتشيدُ
وَليغدُ مثلك مَن يَرم نيل العلى / أَو لا فَنيل المكرمات بعيدُ
وَكَأنتَ فَلتكنِ الرجال بسالةً / أَو لا فَلا رجلٌ به معدومُ
كَم مَوقِف لك وَالظبى في ضنكة / مُتثلّمات وَالقَنا مَقصودُ
أَصحرت فيهِ فاِنثَنَت فرسانه / وَثبتّ حيث الراسياتُ تَميدُ
وَشهدت كلّ وَقيعة حَتّى لَقَد / أَنسى الوَقائِع يَومك المَشهودُ
أَقدمت حَتّى قالَ من شهد الوَغى / أَكَذا يَكون الفارِس الصنديدُ
وَكَذا يَسود الناس من كانَت لَهُ / مِن عَزمَتَيهِ عدّة وَعَديدُ
أَصبحت في هَذا الزَمان وَحيده / وَكَذا أَخوك البدر فَهوَ وَحيدُ
ما أَنتَ إِلّا غصن فضل مثمِرٍ / عِزّاً وَباقي العالمين جَريدُ
أَمّا القَريض فَقَد غدوتَ أَباً له / وَبَنوه حولك ركّع وَسُجودُ
ما جَرولٌ إِمّا وَثَبتَ بجرولٍ / يَومَ المقال وَلا لبيد لبيدُ
أَنتَ المرجّز وَالمقصد إِن يَكُن / رجز يَروق المجتلي وَقصيدُ
للشعر آلِهَة وَأَنتَ إِلههم / في الشعر تفضلهم به وَتَسودُ
ولربّ ذي فكرٍ وَهى عَن سردهِ / خوراً وَأَنتَ لسرده داودُ
ما زالَ جوهره يُصاغ وَهَل له / شرواك يحسن صوغه وَيجيدُ
لَولاكَ يا ربّ القَوافي لَم يكن / تَحلو القَوافي أَو يَروق نَشيدُ
هَذا عُكاظُ وَكلّ حكمك نافِذ / إِذ كلّ حكمٍ دونه مَردودُ
وافاكَ عيد النحر فاِقبل هديهُ / وَاِسلم فأَنتَ لكلّ عيد عيدُ
دُم تستمدّ بك البَرايا وَليدم / يسع البريّة ظلّك المَمدودُ
وَليبقَ ذكرك في الأَنام مخلّداً / فَلِغَيرِ ذكرك لا يطيب خلودُ
ما اِخترت إِلّا أَن تَدوم منعّماً / لَو قيل ماذا تَشتَهي وَتريدُ
لَعِبَ الطَبيب وَلا عَجب
لَعِبَ الطَبيب وَلا عَجب / ولربَّ جِدٍّ في اللَعب
ذَكر الحَبيب وَبُعده / وَدلاله إِمّا قرب
هَزَّ الخَواطِر كُلَّما / بالغيد شَبَّبَ أَو نسب
غنّى بِما غَنّى فكل / لُ أَخي هَوى ثملٌ طرب
أَطرى فَقُلتُ مُجامِلٌ / يَسقي الثَرى مِمّا شَرب
وَسَخا فَقُلتُ مملَّكٌ / يَهَبُ الوَرى مِمّا سلب
في لَيلَةٍ قَد جاذَبت / كلّ اِبن شَوقٍ فاِنجذب
ما إِن بَدا حاكي الصَدى / حَتّى تَوارى واِحتجب
فَكأَنَّما قَد خافَني / خَوفَ السَليم مِن الجَرب
وَلّى وَما غنّى الكِرا / م وَلا عَلى وَتَرٍ ضَرب
قُل للطَّبيب جَرى القَضا / ءُ فَلا مَرَدَّ وَلا هَرَب
حسب الزَمان يعيدني / لَيسَ الزَمانُ كَما حسب
أَتعودُ جدّة مدنف / شَربَ البلى فيما شرب
أَمؤمّلي نيل المُنى / ظفر المَنيَّة قَد نشب
وَمن الضلال علالتي / نَفسي وَنجمي قَد غرب
قَضَت الصَبابة أَن أَعي / ش مِن الصَبابة في وصب
وأصرَّ قاسي حكمها / أَن لا يُفارِقني النصَب
أَذكيت يا آسي العيو / ن فُؤادَ صبٍّ مُكتئب
وأَهَجتَ عِندي لوعةً / لَم يطفها الشمّ العذب
كالنارِ تَحتَ العشب إِن / أَصغَت لريح تَلتَهِب
أَذكَرتَني عهد الشَبا / بِ وَما قضيت من الأرب
فَمن الرباعِ إِلى اليفا / عِ إِلى التلاعِ إِلى الكثب
وَمنَ الخصورِ إِلى النُحو / رِ إِلى الثغورِ إِلى الشنب
حيثُ الهَوى غضٌّ تهز / زُ خطاه أَعطاف القضب
وَالروض تَصقل زَهره / أَيدي الربابِ المُنسكب
وَالسرب مِن عفر الظبا / يَبدو وآخر ينسرب
كالسرب مِن غيدِ الحِمى / يرفُلنَ في حُلَلٍ قشب
وَبَنو الهَوى متفيّئو / نَ ظِلال أثل أَو غَرَب
ما منهمُ إِلّا فَتى / عفُّ الضَمير أَخو أَدَب
يَلهو وَيَلعَبُ لا يَخا / فُ ظَمى وَلا يَخشى سَغب
إِن جاعَ فالصيدُ الحَلا / لُ وَإِن ظَمي فإِلى الثغب
لا الدارُ نازِحَةٌ وَلا / عَنها المشوق بمغتَرِب
لِلَّه أَيّة محنةٍ / جاءَت وَأَيّ هنا ذهب
ليحنّ قَلبك وَليذب / وَليهم دمعك وليصب
أَسَفاً عَلى ذاك الزَما / نِ الغضّ وَالمَرعى الخصب
إيهاً معيد النظمِ ير / فُلُ منك في البُرد القشب
دَرَّت لبون الفكر مِن / كَ فَقامَ نُطقُكَ يَحتَلِب
كلت الثَناء إِلى اِمرئٍ / يثني عَلَيكَ مَدى الحقب
وَسَبقته في الفَضل فاِص / غِ لشكرِ معترفٍ وَصب
بِخَريدةٍ عربيّة / لَم يحكها الخُردُ العُرُب
وَطَريفة بِخطورها / يهدا الفُؤاد إِذا وَجب
بكَ رحّبت مِنّي الحَشا / فَاِهنَأ بمنزلك الرحب
أَنتَ الجَلاءُ لِناظِري / يَ فَما النُضارُ وَما الذَهب
مَن كنت أَنتَ صَحيبَهُ / عرف الوَفاء إِذا صحب
أَو كنت أَنتَ طَبيبه / أَخذ الأَمان من الشَجَب
أَطرَيتَني فَوَجَدتُ نف / سي في الشكوكِ وَفي الريَب
يا نَفسُ لا يخلب حجا / كِ أَخو الحجى فيما خلَب
لا يَخدَعَنَّكِ شاعِرٌ / الشعر أَعذبه الكذب
زين المَجالِس أَنتُم / من حاضرين وَمن غيب
لَكُم عَلى أَهل النُهى / فضل الرَبابِ عَلى العشب
عُذري لكم أَنّي فَتى / حجبت قَريحتَه النكب
لَم يَستَطِع شكر الصَني / ع وَما عَلَيهِ قَد وَجب
إِن فاتَكم نَسَبُ البِلا / دِ فَأَنتُم فَوقَ النَسَب
لا تُنكِروا ضَربات قَل / بي فالأَسى فيهِ ضرب
تخذ الشَغافَ له خِباً / وَنياط أَحشائي طنب
فَإِذا شحبتُ فَإِنَّما / بعضي عَلى بعضي شحب
فَقَدت عُيوني ضَوءَها / فَعَلى عُيوني أَنتَحِب
إِن أَقض مِن أَجل الصَبا / بة أَو قَضَيتُ بِلا سَبَب
فَخُذوا الطَبيبَ بِمهجَتي / فَبنانه بدمي خضب
لَو أَخلص النصح الأسا / ة نَجا الضَنيُّ مِن العطب
سركيسُ حَسبُكَ قبّة / فضلت بِمَعناها القبب
بعكاظ إِن شِئتَ اِدعُها / أَو فاِدعُها نادي الطرب
جمعت بِفَضلِكَ نخبة / مِن قادَة الرأي النجب
وَلَقَد حَوَت ما طابَ مِن / غُرَر الحَديثِ وَما عذب
شَرِبوا عَلى ذكر الحَبي / بِ وَما الحَبيبُ سِوى الأدب
صَهباء من نطف الخَيا / لِ تَروق لا نطف العنب
هَيهات ما فعلت بِلُب / بٍ فعلها ذات الحبب
هَل كاتِبٌ مُتَفنّنٌ / كسليم يبهر إِن كتب
لَبِقٌ بِتَصريف الكَلا / م يَروض منه ما صعب
ماذا أَقول وَفي فَمي / ماءٌ وَفي قَلبي لهب
إِما نسبتُ القَومَ قا / لوا رُبَّ دخلٍ في النسب
وَالناسُ لَو عقلوا جَمي / عهم بَنو أُمٍّ وأب
ما الفَضلُ إِلّا لاِمرئٍ / كسب الحِجى فيما كسب
لا خَير في نَسَبٍ إِذا / لَم يَعلُ فيهِ المنتسب
حَسبُ الفَتى آدابُهُ / حَسَباً إِذا ذكر الحسب
حَقّاً أَقول وَلَم أَبل / رضيَ المُعانِدُ أَم غضب
إِنّي صحبتُ رِجالَهُم / وَخبرتهُم عند الكرب
فَوَجَدتُ عند كَبيرهم / وَصَغيرهم إِمّا اِنتسب
نَفساً تَواضَعُ لِلحَضي / ضِ وَهمّة فَوقَ الشهب
وَشباة عزمٍ لا يفل / ل شباتها الماضي الذرب
من كُلِّ وَضّاح الجَبي / ن أَغرّ وَضّاء الحسب
إِنَّ عَضَّهُ نابُ الأَسى / ترك الأَحِبَّةَ واِغترب
من لي بِمَطرورٍ ذرب / ينضى فيعصفُ بِالحَطَب
يُوحي له وجدانُهُ / جُملاً تُزانُ بِها الكتب
أَسرَ القلوبَ بأسرها / إِمّا تغزّل أَو عتب
وَسبى العُقول إِذا خطى / وَعَلى مَنابِرها خطب
وَإِذا أَشارَ إِلى القَوا / في أَقبلت طوع الطلب
يعطي الرِجال بقدرهم / ما تَستَحِقُّ من الرُتَب
وَيَردُّ لِلمَظلوم حَق / قاً ضاعَ عند المُغتَصب
وَيُريكَ مِن نفثاتهِ / ما الصلّ منه إِن يسب
وَتراهُ في وَثبانه / ما اللَّيثُ منه إِن وثب
اِنظر إِلى الدُنيا وَلا / تَعجَب لِمنظرها العجب
الغَربُ من يَقظانه / كاللَيثِ أَدرَكَ ما طلب
وَالشرقُ من غفلاتهِ / كالطفلِ يَلعَب بِاللَّهب
أَرأيت كَيفَ العلم أط / لع من شُموس لَم تغب
وَأَخو الجَهالة غافِلٌ / وَعَلى المغفّل ما اِكتَسَب
لِلَّهِ قَومٌ أَدرَكوا / سِرَّ الحَياة وَما يجب
أَخَذوا بآفاق الظُنو / ن فَلَم تضلّ وَلَم تخب
دَأَبوا فَنالوا ما اِشتَهوا / وَالمَجدُ حصَّة من دأب
وَسَعوا فأَثمر سَعيهم / وَالعزّ سلمه التعب
لا تشبهوا هَذا بِذا / مِن غير ما شبه لِصَب
شَتّان بَينَ العودِ يذ / كو في المَجالِس وَالكرب
هَذا مهان في الطري / قِ وَذا حصانٌ في العَيب
قَومٌ شُموس عُلومهم / بَينَ الوَرى لا تحتجب
مَلَكوا الظُنون وَحلّقوا / فَوقَ الظُنون إِلى الأرب
رَكِبوا الهَواء وَمَهَّدوا / طرق الهَواء لمن ركب
زَحموا الطُيور وَغادَروا / صعد الطُيور إِلى صبب
وَتَناوَلوا هامَ السَما / ءِ وَمَزَّقوا شملَ السحب
جابوا البِلاد وَحَوَّلوا / جدبَ البِلاد إِلى خصب
باتوا وَباتَ وَليدهم / في المَهدِ يَهزأُ بالنوب
فمن المهاد إِلى النجا / دِ إِلى الطراد إِلى الغلب
وَمنَ الأديم إِلى الغُيو / مِ إِلى النُجوم إِلى القطب
أَكَذا الرِجال وَهَكَذا / شيمُ الرِجال مَتى تهب
أسد كأسد الغرب إل / لا أَنَّها أَبَداً تشُب
هَذا يَجِدّ وَذاكَ تَح / رس عينه الخيس الأشب
لا تَأخُذنّك مرية / سل عنهم الدنيا تُجب
كسبوا الفخار وَخلّفوا / غرر المَعالي للعقب
صدق المجدّ فَلَيسَ في الد / دنيا محال أَو عجب
يا مغضي الأَجفان قم / لِلأمرِ واِنظر مِن كثب
وَاِحمِ الحَقيقة من يَد / غارَت عَلَيها تستلب
هَب أَنّ طرفك فاقد / هَل نور قَلبك قَد ذهب
وَشباةُ عَزمك قَد نَبَت / أَم بحرُ فِكرك قَد نضب
هَيهات لا يبلى اِعتزا / مُكَ ما بِجسمك مِن وَصَب
مَن كانَ مثلك لَم يخف / عَنت الخُطوب وَلَم يهب
فَتسلّ بالأَبطالِ واِغ / ضض عَن أَحاديث الهيب
وَاِفضض عياب الطي / بِ وَاِملأها بذكرهم الرطب
هَذا هُوَ السحرُ الحَلا / لُ فمِل بِسمعك واِحتَقِب
أَدرى المفوّه مصطفى
أَدرى المفوّه مصطفى / صفرت وَطابَ بَغيضهِ
أنّ الحَوادِث أَقعَدت / ني عَن أداء فروضهِ
ليصخ لِعذرِ أَخي ضنى / قلق الضَمير جريضهِ
وَلَقَد أَرى وَالعام مك / سوّ العرى بنحوضهِ
أَدَباً يَفيض عَلى الوَرى / لِلَّهِ درّ مفيضهِ
يَجلو عَرائِس خاطِرٍ / كالبَرق عند وَميضهِ
وَبَنات فكرٍ لَم يَصل / ها الفكر عند وَفيضهِ
فكر إِذا ما الأَمرُ أش / كل حلّ عقد غُموضهِ
هُوَ من علمت فكلّ فض / ل نابت بأروضهِ
فَإِذا اِنتَمى الأَدَب الصرا / ح له اِنتَمى لمحيضهِ
قَد حَلَّ عقدة كلّ صع / بٍ قبل شدّ عروضهِ
من بعد ما سكنَ الرجا / ء أَنابه بنبوضهِ
يا مَن تَنزّى للعلى / كالشبلِ بعد ربوضهِ
عرّضت نفسكَ للتخي / يل قبل حين عروضهِ
وَاِخترت أَشرف مذهبٍ / فَسلكت غير دحوضهِ
فَملكتَ أَرسنة النظا / مِ وَرضتَ صعب عروضهِ
وَظَللتَ تلعبُ بعدها / بِجموحه وَمروضهِ
وَكَذا إِذا نهض المجد / د يراح بعد نهوضهِ
وَطّدت رُكناً قَد أَمن / نا الدهر من تَقويضهِ
وَحلفتَ لا تبقى عَلى / داهي الكَلام حَريضهِ
صِل كَيفَ شئت بسمره / بَينَ المَلا وَببيضهِ
ما الرمح في تطعانهِ / وَالسَيف في تَفريضهِ
بأَشدّ فَتكاً مِن نَظي / مك في فُؤاد رَفيضهِ
فَشَبا لِسانك لا شبا / عضب الفَرار نَحيضهِ
وَيراع فكرك لا السنا / ن يهاب عند نفوضهِ
الشعر فَوَّضَ أَمره / وَنحاك في تَفويضهِ
وَعليك أَسبغ برده / لتجرّ ذيل رَحيضهِ
فَقَبضت من مَبسوطهِ / وَبَسَطت من مَقبوضهِ
وَتَرَكته من بَعدما / بالغتَ في تأريضهِ
يَختال بَينَ وَريقهِ / مُتبختِراً وَغَضيضهِ
فَإِذا رآهُ النور غض / ض النور من إِغريضهِ
أَمصوّراً ما في الوجو / د بقضّه وَقضيضهِ
إِنَّ الَّذي أَعطاكَ أَع / طى القدح كفّ مفيضهِ
حلّق بقادمةِ الجنا / حِ وطِر بِغَيرِ مهيضهِ
أَشرقت فَوقَ سَمائِهِ / وَسواك دون حَضيضهِ
ديوانُ شعرك حيّر الش / شعَراء في تَقريضهِ
ماذا يَقول مُقرِّضو / ه وَأَنتَ ربّ قَريضهِ
ما الروض روّضه الرَبي / عُ وَزادَ في تَرويضهِ
واِفتضَّ غادي القطر عذ / رة زهره بَغضيضهِ
أَضحَت تغازِله ذكا / فَاِفترّ ثغر أَريضهِ
وَجَلَته ماشطة الصبا / فَعلا شَذا إِنقيضهِ
بألذّ من مَختومهِ / نَشراً ومن مَفضوضهِ
وَأجلّ من مَرفوعهِ / وَقفاً وَمن مَخفوضهِ
هَذا البَيان فَقل لمن / قَد ظَلَّ دونَ نَقيضهِ
قَد فاتكَ القَول الصَحي / ح فَملت نَحوَ مريضهِ
صَمتاً فَذا أَسد الكَلا / م فَما طنين بعوضهِ
دنف تخوَّن جسمه
دنف تخوَّن جسمه / برح الضَنى بمضيضهِ
يَحتالُ أَن يَبرا وَما / مِن حيلة لنفوضهِ
حَتّى ممرّضه جَفا / هُ وملَّ من تَمريضهِ
أَنا ذَلِك الدنف الَّذي / سغب الضَنى لنحوضهِ
وَرَمى بهِ من شاهِق / زلق الطَريق دحوضهِ
فَهَوى يرضرضه الهَوى / مَن ذا رأى كرضوضهِ
ما بَينَ جَنبيه فُؤا / د شَج الفُؤاد جريضهِ
قعد الزَمان به وَحا / لَ الدهر دونَ نُهوضهِ
وَلربّما وثب المَجه / جه بعد طول ربوضهِ
يَقضي الفُروض لجيرة / لَم تَقضِ بعض فروضهِ
لا تَحسَبَن عرق الوَفا / فيهم يعد لنبوضهِ
هَيهات ما في وطبهم / إِلّا صراح مخيضهِ
دَع عَنكَ راقصة الحمى / وَأصخ لصوتِ غريضهِ
كَم همت في واديه بَي / نَ كَحيله وَغَضيضهِ
وَغزيّل قَد مَرَّ بي / بالجزع في تَوريضهِ
وَعليّ حرّض طرفه / اللَّه من تَحريضهِ
وَلَقَد أَقول له وَقَل / بي في أَشَدّ رموضهِ
يا مُعرِضاً عَن صبّه / اِردد صدى معروضهِ
وَاصلتَ ذا النسب الخَلي / ط وَملت عَن مَمحوضهِ
إِن لَم تَجِد بجمام وَص / لِكَ لي فجد ببروضهِ
يَرعاكَ طرف متيّم / ما ذاقَ طعم غموضهِ
وَقرضت قَلبي وَهُوَ قر / ض ردّه بقروضهِ
يا حَبّذا لَو ردَّ لل / مشتاق بعض قروضهِ
عثر الزَمان فَلا لعا
عثر الزَمان فَلا لعا / وَقَضى الأَسى أَن نجزعا
دمعٌ طَغى طوفانه / فَوقَ اليفاع فأَفزعا
وَجَوى ذكت جمراتهُ / كَي تَستَفزّ وَتلذعا
زفرات تَستقري الجَوا / نِح وَالحَشا وَالأَضلعا
لَو جازَ يَوماً أَيقَظَت / مِن عهدِ عادٍ هجّعا
وَتتبعت أَخذاتها / بلظى التَجنّي تبّعا
هَيهات أَن تسدي لوا / عجها الجَميل وَتشفعا
أَيّ الشُعوب سطا عَلى / أَمن الشعوب فروّعا
وَرَمى فَلَم يترك لَدى / قوس الفَجائِع منزعا
أَنسى البِلاد مصيفها / من هَوله وَالمربعا
وَعَدا عَلى اِستِقلالها / في أَن يَعود وَيَرجعا
شعب نَما اِستقلاله / بِدمائه وَترعرعا
خلع الفَضيلة لابِساً / ثَوب الفخار مرقّعا
أَمن الوَقيعة يَوم جع / جع بالبلاد فَأَوقَعا
هُوَ ظالِم فيما أَتا / هُ وَكاذِب فيما اِدّعى
لا أَعطَيت حريّة / تعطي القَليل لِتَمنَعا
عصف البلاد مقوّضاً / ذاكَ الجناب الأَمنَعا
أَنحى عَلى عرش الجَلا / ل فثلّ منه وَضَعضَعا
وَأَلَمّ بِالقَلب الصَحي / حِ فشقّ منه وَبضّعا
ما زالَ يغري بالروا / سي المزعجات الروعا
حَتّى إِذا بلغ الذرى / دكّ الشمام وَزَعزَعا
وَأَثار كامنة الشُجو / ن كَما أَثار الأجرعا
أَبَت الشُجون لطابع / من أَن يرى متطبّعا
وَالمَرء إِما أعوز الص / صنع الجَميل تصنّعا
يولي الجزوع نَصيحةً / بِالصبر إِن يتذّرعا
إِنّ الرزايا خبرت / رزء الشآم تنوّعا
راد الشآم فَلَم يدع / مرعى يراد وَمَرتَعا
حورانها أَمسى وَغو / طتها يباباً بلقعا
في كُلِّ دار جلجلت / نوب وَخطب جَعجَعا
وَمَشى الجدوب لمنزلٍ / فيهِ المصوّح أَينعا
كَيفَ السكوت عَلى جَوى / لَو مَسَّ طوداً صدّعا
وَصَدى فَظائعه دوى / في المشرقين فأَسمعا
أنّى نظرت رأيت مب / كى لِلبلاد وَمجزعا
وَلَئِن طلبت شَريعة / تجد المَطامِع شرّعا
وَإِذا اِلتفتّ فَلا تَرى / إِلّا المريع المفزعا
تلقى حيارى في العَرا / ءِ مذعرات جوّعا
وَتَرى سجوداً عند مخ / تلف المَصائِب ركّعا
نوب تفرّع خيمها / ما شاءَ أَن يَتَفَرّعا
لِلعرب شعب أَينَما / سيم الهَوان تمنّعا
وَحَمى إِذا ما سمته / خفضَ الجناحِ ترفّعا
ما كانَ سعي عادِل / بل حكم ظَلّام سَعى
وَتَحكّم من طامِع / جَلب الهُموم وَجرّعا
أَعدى علَينا الإنتِدا / ب فَكانَ خَطباً أَفظعا
وَكَذا المَطامِع كلّما / أَقنَعتها لن تقنعا
ما نامَ عَنّا مطمع / إِلّا ليوقظ مطمعا
أَتَرى العَقيق مجاوبا / إِما سألَت وَلَعلَعا
ما ذا بحوران وَما / في الغَوطَتين تجمّعا
نكبات دهر ما أمض / ضَ بلاءهنّ وَأَوجعا
قرع المطرّق عندها / نابا وأدمى إِصبَعا
لنداك يا شهبندر الد / دنيا تصيخ لِتسمعا
وَإِلى دعائك تنصت ال / حسنى لتعرف من دَعا
كنت الطَبيب لدائنا / كنت الدَواء الأنجعا
كنت الزَعيم لنا كَما / كنت الطَرير الأَقطَعا
أَخذ العراق نَصيبه / وَرَعى الوَفا فيما رَعى
أَعطى الأخوّة حقّها / مستقبلاً وَمشيّعا
إِن ينصرن فَطالَما / نصر الكَريم الأَروعا
أَو يتبعنّ نداءه / أَمر النَدى أَن يتبَعا
أَو تستنر بِضيائِهِ / أَبدى سَناه وَأَطلَعا
يا قَلب عذرك بيّن / في أَن تتيم وَتَنزَعا
أَتُراك تبلغ سلوة / وَالفَرض أَن تتوجّعا
يا مولعاً بِهَوى الحمى / أَضحى الحمى بك مولعا
أَعلمت ماذا أَخلف ال / عهد القَصير وَأَودعا
أَرأيت ماذا أجّج الذ / ذكر الجَميل وَأنبعا
أَذكى بلابل كمّناً / فينا وَفجّر مدمعا
سورية اِضطعجت عَلى / أَملٍ أَقضّ المَضجَعا
وَتخال هاجعة وَسب / بة عاشِق أَن يَهجَعا
هبّت فَوارسها لِتَع / تَرِضَ العداة وَتدفعا
سلطان لا يَخشى الحتو / فَ وَعادِل لَن يَفزَعا
عرب يقونَ العرب كل / لَ مُعانِد أَو يَقلعا
وَصَلوا إِلى الأوج الَّذي / أَعيا السيوف القطّعا
يَتَسابَقون إِلى المنا / يا حاسرين وَدرّعا
إِن يَزمع الهمّ الكفا / ح فكلّ همّ أَزمعا
خاروا الممات أَعِزَّة / مِن أَن يَعيشوا ضرّعا
نذر الحَياة ذَميمة / وَالمَوت أَحمَد مشرعا
يا ربع أَجمل بقعة / فيك الجَمال تربّعا
غرّ الطموع غروره / وَإِلى سناك تطلّعا
هَيهات يغرب من غَدا / لسنا الفَضيلة مطلعا
حَسِبوك قاعاً صَفصفاً / وَبلوك غاباً مسبعا
مَنَعوا الحَمائِم أَن تَنو / ح عَلى الأراك وَتسجعا
الحرّ يوجس خيفة / من أَن يكاد وَيخدعا
لَيسَ الضَلال بحائِل / بَينَ الهُدى أَن يَسطَعا
وَالضرّ لَيسَ بِقادِر / أَن يستزلّ الأنفعا
ظَلَموا فأَلفوا مصرعاً / للظلم يَتلو مصرعا
وَجنوا وَلمّا يَجتَنوا / إِلّا الشنار الأشنعا
شَرِبوا النمير مصفّقا / وَسقوا الزعاف المنقعا
وَتكشّفت نيّاتهم / وَالصبح لَن يتقنّعا
في الناس يحرم مخلص / وَأَخو الرياء تمتّعا
هُم يأملون بأن تَهو / ن الآبيات وَتخنعا
وَتوهّموا أَنّ الحمى / يلقي الأعِنَّة طيّعا
وَالمَجد تأبى نفسه / أَن تَستَكين وَتضرعا
هَيهات عرنين الهُدى / ما كانَ يَوماً أجدَعا
راض المَصاعِب رائِض / جعل العَصيّ الأطوعا
فطَمته فاطِمة سوى / ثَدي العلى لَن ترضعا
دنف به وقف الضنى / دون الصراح فألمعا
لَو كنت بالنغم الحسا / ن ملحّناً وَموقّعا
لضربت في شوط المجل / لي آمِلا أَن يبدعا
شَمس الحَقيقة أَوشَكَت / أَن تَستَبين وَتطلعا
أَولى بنا في مثلها / بالحَزم أَن نتدرّعا
وَنَموت من دون العلى / وَالمَجد أَو نَحيا مَعا
أَنتَ البِلادُ وَما تُقلّ
أَنتَ البِلادُ وَما تُقلّ / أَنتَ الأَعزّ بِها الأَجَلُّ
أَنتَ الجِبالُ ثَوابِتاً / إن قيلَ أَهلُ الرأي زلّوا
عش للبلاد وَأَنت نَه / لٌ للبلاد وَأَنتَ عَلُّ
ما زِلتَ تطلع فيهم / كالبدر لا يعروه أفلُ
هَل يَصدأ العزم الطَري / ر وَأَنتَ للعزمات صقلُ
من كانَ سعداً حدُّه / عِندَ الشَدائِد لا يُفلُّ
بِاللَهِ أَنتَ وَبالمَلي / كِ وَبالألى وَلوا وَأَولوا
وَبقومك القوم الألى / في حلبَة الأَقوامِ جَلّوا
وَبِعزمكَ الماضي الَّذي / تَمضي الشُكوكُ مَتى يسلُّ
أَصبَحتَ فينا واحِداً / في الذكر يعظمُ أَو يجلُّ
يا سعد ظلّكَ شامِلٌ / يأوي إِلَيهِ المستظلُّ
إن قلتُ أَنتَ الناسُ كُل / لُ الناسِ يَوماً لَستُ أَغلو
يَصبو إِلَيكَ المشرقا / نِ وَأَنتَ للإثنين حبلُ
إِمّا يَمُتُّ فَلَيسَ قَط / عٌ أَو يبتُّ فَلَيسَ وَصلُ
الغَربُ لا يَرضى بِما / لِلشرق يعقد أَو يحلُّ
يَومان ما أَحلاهُما / وَالذكر لليومين يَحلو
يَومٌ تفرّق شملهُ / يَومٌ تجمَّع منه شَملُ
إِذ يبتَدي الحُكم الصَحي / حُ وَيَنتَهي الحكم الأَشَلُّ
تهنيك آمالٌ وَعت / كَ وَأَنتَ للآمال فألُ
يا سَعدُ أَهلك كرّمو / كَ وَأَنتَ للتَكريم أَهلُ
هَيهات ما لِسواكَ عق / دٌ في أمورهم وَحلُّ
عدلوا فَكُنتَ حُكومَةً / وَحكومةُ الدستور عَدلُ
جاءَ الزَمان عَلى يَدي / ك يَتوبُ وَالبُشرى تهلُّ
اِغفر له زلّاته / أَيّ الخَلائِق لا يَزَلُّ
وَليذهَبنَّ بكلّ من / يُمسي وَيصبح وَهوَ كلُّ
لا خَيرَ في رَجل تؤخ / خره عَن الإِقدام رجلُ
هَيهات لَم تبرُد له / حُرقٌ وَلَم يَبتَلّ غلُّ
الصَيدُ في أَخلاقهم / بَعضٌ وَأَنتَ اليَوم كُلُّ
يَقف الزَمان وَأَنتَ تَم / شي في طَريقكَ لا تملُّ
أَنتَ العَظيم همامَةً / أَنتَ الهمامُ المصمئلُّ
منك الهداةُ تَعلّموا / أَنَّ المحرَّم لا يحلُّ
وَالصَعبُ إِن عالجته / بِتَتابع العزمات سَهلُ
القَولُ لَيسَ بِنافِعٍ / حَتّى يَزين القَولَ فِعلُ
من لَم تَكن أَخلاقُهُ / نَهجا له فالعلم جهلُ
ما زِلتَ تحملُ هَمَّ قو / مك أَو يَقولوا خفّ حَملُ
وَتَذودُ عَنهم من أَبا / حوا واِستَباحوا وَاِستحلّوا
وَتظلّ تعمَل أَو تَرا / هُم قَد تَولّوا واِضمحلّوا
وَتَرى بلادك حرّةً / وَلَها عَلى الأَحرار دَلُّ
الحكم جاءَ إِلَيكَ يَس / عى وَالمَسافَةُ لا تَقلُّ
وَقَد اِستَوى فيهِ الأَعز / ز لَدى التَشاور وَالأذلُّ
حلّيت جيدَ الحكم حَت / تى لا يَشين الجيدَ عطلُ
وَحللتَ في دَست الوَزا / رة كَي يَطيب بك المحلُّ
يا سَعدُ أَنتَ دُعاءُ قو / مك كُلّما صاموا وَصَلّوا
قَد أَجزَلوا لَك شكرهم / وَالأَجرُ عِندَ اللَه جزلُ
يهنيك شَعبٌ حافِلٌ / لَك كُلَّ يَوم منه حَفلُ
يا شَعب سَعدٌ ليثك ال / وثابُ وَالسعديّ شبلُ
فَرضٌ عَلَينا حبّ شَع / بٍ حبّ سَعدٍ فيهِ نفلُ
أَوزارةَ الشَعبِ اِستَهل / لي إنَّ شعبك يَستهلُّ
عَصراً تناقله العصو / رُ وَذكره في الخلق نقلُ
وزراءَنا جدّوا بِنا / عملا فجدُّ الدهر هزلُ
إن تُغفِلوا أَعمالكم / فَوزارة العُمّال غُفلُ
طالَ المَطال فَهَل يقص / صر في يَد العمّال مطلُ
أَبناءَ مَصرٍ كلّكم / سَعدٌ وَسَعدٌ لا يكلُّ
هَذا أَبوكم فاِبتَنوا / ما يَبتَنيه وَلا تخلوا
وَزِنوا الرِجال فَربّما / في خفّة الميزان ثقلُ
لا تُثلمنكم خمرة / راووقها عَسلٌ وَخَلُّ
وَتعهّدوا أَن تَملأوا / تِلكَ المَقاعد حين تَخلو
وَسلوا النهى تتبيّنوا / أَنّ اِحتلال القوم سِلُّ
وَالداء هان عُضاله / إِن عالج الأَدواء عَقلُ
وَلربّما صدق الألى / قالوا وَقولهم الأدلُّ
عُقدٌ مسائلنا وَما / غَيرُ الجَلاء لهنّ حلُّ
يا مصر بخلك في الوَرى / جودٌ وَجودُ سواك بخلُ
نُمسي وَروضك ناضِرٌ / أَبَداً وَنصبح وَهوَ خضلُ
بخسوكِ إِذ يَتَساومو / ن وَربحهم خسرٌ وَبطلُ
خلّوكِ واِنصَرِفوا بِغَي / ر هُدى إِذ اِنصَرَفوا وَخلوا
لَيتَ الألى وُلّوا أُمو / رك قبلَ هَذا اليوم ولّوا
لكفوكِ شرّاً طالَما / شَقي العِبادُ به وَضلّوا
وَإِذا سألتِ حَقيقة / دلّوا عليها واِستَدَلّوا
ووقوك يَوماً كُلّهُ / أَلَمٌ وَأَشجانٌ وَثُكلُ
نَفيٌ وَتَعذيب وَسِج / نٌ واِستباحاتٌ وَقَتلُ
بعداً لِيَوم قربُه / غَدرٌ وَتَضليل وَختلُ
إنّ القلوب عليهم / جمر وَدمع العَين وبلُ
يا مصر أَنتِ رواية / يَبدو لَها فصل فَفَصلُ
وَكَذا السياسة يَختَفي / شَكلٌ لَها وَيبينُ شَكلُ
وَعدٌ فَوَعدٌ لا يغب / ب وَراءه إلّ فإلُّ
وَلَعَلَّ هَذا اليَوم فص / لٌ لِلمَطامِع وَهيَ وَصلُ
وَلعلّه حقّ عَلا / وَالحَقّ إن تنصرهُ يعلُ
وَلعلّه يوم المُنى / وَلعَلَّ تصدقنا لعلُّ
وَلَعَلَّ سَعداً لَيسَ يَش / غله عَن الأَوطان شغلُ
أَبَداً يَسيرُ وَلا يُقا / ل لسيره عجل وَمَهلُ
خلدت محامِدُه الَّتي / طول المَدى لا تَضمَحِلُّ
يا نيلُ أَنتَ أَبٌ لَنا / وَأَبو الأَعِزَّة لا يذلُّ
مَن كنت أَنتَ أَبا لَهُ / فَبنوه قَد نهلوا وَعلوا
لِبَنيكَ أَمثالٌ وَما / لأبيكَ في الآباء مثلُ
فَإِذا همُ نَسَجوا عَلى / منواله عَزّوا وَجَلّوا
الحلُّ وَالتِرحالُ في / كَ إِلَيكَ إن رحلوا وحلّوا
إِن طابَ فَرعٌ منك في / مصر فَفي السودان أَصلُ
وَالفرع لَولا أَصله / ما زاد فيهِ منه فَضلُ
لك في العراق وَفي الشآ / م وَنجد وَالحرمين أَهلُ
وَلَك الأبرّ من الجَزي / رة ما يبرّ أَخ وخلُّ
يَتَساءَلونَ وَما لَهُم / إِلّاك يا ذا المنّ سؤلُ
أَن تَستَقلَّ كَما تَرج / جوا فالرَجا أَن يَستقلّوا
غَنّى وَرَدَّدَ في البِلاد
غَنّى وَرَدَّدَ في البِلاد / ما شاءَ مِن نَغَمٍ وَزاد
وَشَدا كَما شاءَ الهَوى / وَشدت تجاوِبُه شَواد
يا مَن تَغَنّى باِسمِهِ / مِن رائِحٍ فينا وَغاد
هنِّ البِلادَ بعيدِها / وَالعيدُ أَن تَهنا البلاد
وَاِطلع عليها مِثلَما / طَلعَ الهِلالُ عَلى النجاد
وَرِدِ الرياضَ وَمَن شئا / وَرَدَ الحياضَ بِها وَراد
وَاِحمل لِقَومِكَ باقَةً / مِمّا تُنمّقه وَهاد
أَو فاِمش بَينَ جموعها / وَشموعها مَشي اِتّئاد
وَأَصِخ لِصَوت كبارها / وَصِغارها عندَ التناد
في كُلِّ قاصِبَةٍ وَدا / نيةٍ أَخو سَمعٍ وَشاد
غيدُ الظباءِ بِها رَوا / ئِحُ في خَمائلها غَواد
اللَيلُ بَينَ شُعورها / وَالصبحُ ما سَتَر البِجاد
يَومٌ تَصيدُ ظِباؤُهُ / وَأسودُه فيهِ تُصاد
فتنت مَلائكة السَما / في الأَرض فاتِنَة تَهاد
إِمّا بإيرادٍ تحد / دى العاشقين أَو اِرتياد
إطرَب عَلى ذكر الحِمى / وَاِضرب عَلى وترِ الفُؤاد
طيرُ السَماءِ وَطيرُنا / كُلٌّ بِنغمتهِ أَجاد
تَبدو لَنا نَغماتُهُ / وَعَلى المَنابِر تستعاد
وَأَخو الجوى من أَيكه / يرتدُّ في ظِلٍّ براد
هَذاك يَقصدُ ما يُري / دُ وَقَصدُ هَذا ما يراد
حالان ما أَحلاهُما / وَالدَهر صاب أَو شهاد
يَتفارَقانِ إِلى مَدىً / يَتَلاقيانِ عَلى معاد
أَيُّ الفَريقَينِ اِستَوى / وَأَمادَهُ طَربٌ فَماد
يا طَيرنا لا تسرفي / لَحناً وَفي الطَرَب اِقتصاد
لا يأخذَنَّكَ ذا السَنا / النار آخرها رماد
قُل للشراكِ تجمّلي / ماذا بيوم الإصطياد
ما كُلُّ من نَصبَ الحَيا / ئل نالَ مِن عَرضٍ وَصاد
وَلربّما نجتِ الطيو / ر وَهُنَّ في حَلقِ الصِفاد
حَدِّث أَخاكَ وَلا تَزِد / عَن طارق أَو عَن زياد
يَحلو الحَديثُ وَطولهُ / من بعدِ طولِ الإضطهاد
يا حَبّذا ذا الإتفاق / وَحَبَّذا ذا الإتحاد
أَتَيا بِما لَم يأته / فينا التَطاحنُ وَالجلاد
ما كانَ يهدمهُ التبا / غضُ عادَ يبنيهِ التواد
مِمّا يَزيدُ لنا المنى / نيلُ الأَماني في اِطراد
إِذا لَيسَ في ذا اليومِ إِل / لا كلّ خافٍ فيهِ باد
آياتُ سَعدٍ هَذهِ / لا ما تلفّقهُ سعاد
هُوَ مَن علمتَ فَلا ملا / مٌ يدَّريهِ وَلا اِنتِقاد
شادَ الفخارَ لأمّةٍ / بِجهادِها أُمَمٌ تُشاد
حَتّى يَرى في يَومِهِ / يُلقى إِلى مصرَ القياد
وَيَرى لَها اِستقلالِها / حازَ الكمالَ كَما أَراد
وَيَرى سيادتها بدَت / بَينَ الحواضرِ وَالبواد
وَيَرى لَها أَيامَها / أَعيادَ لا تخشى النفاد
عيدُ البِلادِ هُوَ الَّذي / مجد البلادِ بِهِ يُعاد
تَمضي عليه الأَربعو / نَ وَواحِدٌ فيها يُزاد
ضَنَّ الزَمانُ بِما يجي / ءُ بِهِ زَماناً ثمّ جاد
اليومَ يقعدُ فيهِ ما / بالأَمسِ كانَ له اِنعقاد
اليومَ يَجتَمِعُ الَّذي / بالأَمسِ صيحَ بِهِ بداد
اليومَ يَرفعُ رأسَه / وَيَزينُ مجلسه فُؤاد
لِفؤاده تاج العُلا / وَلسعده ثَنيُ الوساد
اليومَ قامَ بِهِ الَّذي / من أَجلِهِ قامَ الجهاد
اليومَ يُفتَحُ مَجلِسٌ / للنائبين عَن البلاد
كُلٌ له كرسيّه / وَلكلّ منتخب سناد
ولكلّ فرد رأيهُ / ما كُلُّ رأي ذا سداد
الفردُ لَيسَ بهيّنٍ / تأَتي الجموعُ من الفِراد
وَالرأيُ يجمَعُ نافِذاً / إِن مَحَّصوه عَلى اِنفراد
الأَمرُ شورى بينكم / إِن كانَ للأَمرِ اِستناد
نوّابَ مِصرٍ أَنتمُ / وَشيوخها نعمَ العباد
أَنتُم إِذا اِحتَدَّ اللسا / نُ العضبُ أَلسنةٌ حداد
أَنتُم إِذا ضَلَّ الجهو / لُ غَداً إِلى الحسنى هواد
خَيرُ الرِجالِ لَدى النضا / لِ من اِستَفادَ ومن أَفاد
روضوا الصعابَ بحكمَةٍ / وَتجنّبوا سُبُلَ العناد
القصد لَيسَ بِناجِح / إلّا عَلى سنن الرشاد
وَالرأيُ تَقليداً لكم / غيرُ الَّذي لكم اِجتهاد
أَعطى النيابَةَ حَقّها / مَن ذبَّ عَن وطن وَذاد
وَقَضى الفُروضَ كوامِلا / مِن غَيرِ نَقصٍ واِزدياد
وَاِنسلَّ من ريبٍ كَما / اِنسلَّ البياض من السَواد
وَلربَّ معتاد جَرى / منهُ عَلى غير اِعتياد
وَاللَهُ عَونٌ للأُلى / لَهمُ عَلى اللَهِ اِعتماد
صونوا تراثَ جدودكم / من كُلِّ عاديَةٍ وَعاد
وادي المُلوكِ هُوَ الَّذي / هاموا بِهِ في كُلِّ واد
وَقفت له الدنيا لَدُن / وَقفَ الطموع بِهِ وكاد
توت عنخ آمونَ الَّذي / ذهبَ الزَمانُ بهِ وَعاد
أَمسى يحدّثكم بِما / خَلفَ السَتائرِ أَو يكاد
حَسب الزَمانَ يعيده / لَو شاءَ يبديه أَعاد
أَيَعودُ من أَيّامه / أَوفَت عَلى أَيام عاد
ما عادَ إِلّا هَيكَلٌ / لَولا الطلا لَغَدا رماد
العلمُ أَصلحَ شأنَهُ / وَالعلمُ عاثَ بِهِ الفساد
ساداتُ طَيبة فاتهم / في حلبةِ الحسنى فؤاد
فاتَ الملوكَ كرامَةً / وَبنعمةِ الإسلام زاد
هَل عند طيبةَ ما حوت / ه مصرُ من ذاك التلاد
تاريخ مَصرٍ لا تَهن / أَملتك آبيةُ المداد
وَحصونَ مصرٍ لا تَهي / رفعتك رافعة العماد
لا أبرقَ اليومُ الَّذي / تركَ الفَرائصَ في اِرتعاد
تركَ البريء طَريدةً / وَأَخا الهدى غَرَضَ الطراد
المنصفونَ لهم يَدٌ / وَالظالِمونَ لهم أياد
هُم أَيقظونا بَعدَ ما / سَئمَ الرقاد من الرقاد
الظلمُ علّمنا وَأي / قَظَنا وَكانَ هُوَ السهاد
لَيسَ الحَياةُ مآكلاً / وَمشارباً ملءَ المزاد
إِنَّ الحَياةَ خلائِقٌ / تَسمو بِصاحِبِها وَعاد
أَهلَ الحمى عزَّ الحمى / بكم مَتى سُدتم وَساد
وَالوا الجدودَ وَجاهَدوا / تُحيوا لَنا ما كانَ باد
وَمجاهدينَ بِلا تقىً / كَمُسافرينَ بِغَيرِ زاد
إِن شئتُم تَمَّ المُنى / أَو شئتم تَمَّ المراد
لَيسَ المُرادُ وَلا المُنى / إلّا بِتَحرير البلاد
سَنَرى المُنى وَنَرى الهَنا / إِن كانَ في الحبل اِمتداد
أَرَأَيتَ كَيفَ نَوى الرَحيلا
أَرَأَيتَ كَيفَ نَوى الرَحيلا / أَرأَيتَ كَيفَ سَرى عجولا
أَرأَيتَ كَيفَ الركب ما / لَ مُخالِفاً منّا الميولا
حثّ المَطايا شائياً / تِلكَ الَّتي شأت النصولا
وَحدا لهنّ فَأَصبحت / سبل الحزون لَها سهولا
مالَت إِلى كلّ الجِها / ت كأنَّها شربت شُمولا
أَيدي المَطايا خفّفي / يصل الوَخيد بك الذَميلا
وَترفّقي بثرى حمى / أَمسى الرفاق به حلولا
حملوا الجلال وَأَدلجوا / يا راحلين ضعوا الحمولا
يا راحلين تريّثوا / وَقِفوا عَلى الوادي قَليلا
تلكَ الذبالة غودِرَت / في الغَيهبِ الداجي ذبولا
تلكَ الربوعُ المشرقا / ت من السَنى أَمسَت طلولا
من كانَ ينزل قفرها / ويردّ موحشها أَهيلا
أَمسى تراباً وَالترا / ب عَلى محياه أَهيلا
أَرأَيتَ تلك النَفس كَي / فَ أَبَت عَلى الخسف النزولا
مَخضوبَة بدم المُنى / نصلت من الدنيا نصولا
من بعد ما هدت النُفو / سَ وَنبّهت منها الخمولا
الشرق جلّ مصابهُ / بزعيمه فَبَكى طَويلا
الشرق لَيسَ بمرتَض / بالشرق من سعد بَديلا
الشرقُ حارَ دليلهُ / يا مَن له كنت الدَليلا
الشرق ضاقَ مجالهُ / لسواك فيه أَن يَجولا
أَينَ البَيان وَسحره / وَالعزم لا يَغدو كَليلا
أَينَ الغنيّ برأيه / وَالسيف لا يغني فَتيلا
مَن ذا طَوى العلم الرَفي / عَ وَقلّص الظلّ الظَليلا
مَن ذا اِستَطال إِلى الَّذي / شاد البناء المُستَطيلا
طَعن اللَيالي طعنةً / مَنَعته فيها أَن يَصولا
وَرأته كرّ فَسلّمت / فَغَدا القؤول بها الفعولا
لَو شاءَ قتل الدهر ثم / مَ رَمى لألفاه قَتيلا
لرمى الحمامُ بمثلهِ / لَو أَدرك الطرف الختولا
يا أَيُّها الفحل الَّذي / بذّ الجهابذةَ الفحولا
هضبُ البَسيطة أَوشكت / من هول يومك أَن تزولا
بكر النعيّ فَطأطأت / شمّ الأُنوف له ذهولا
دَهت الزَمان بِفادِحٍ / جَفلَ الزَمان له جفولا
دهياء تَجتاح الفرو / ع مَتى أَناخَت وَالأصولا
قصّامة في مرّها / قَصمَت لنا الظهرَ الحمولا
جاشَت علينا بالرَعي / ل من الخطوب يلي الرعيلا
راع الشَبابَ نزولها / وَالشيب منّا وَالكهولا
بَينا لِسعدٍ يهتفو / نَ إِذا الهتاف غَدا عَويلا
حَمَلوكَ وَالعالي الذرى / وَطووك وَالمَجد الأَثيلا
حملوا المصاب وَأَغمَدوا / في تربك العضب الصَقيلا
ما كنت أَحسب أرؤساً / أَعلَيتها ترتدّ ميلا
لَولا القَضاء لأقبَلوا / يَتلو القَبيل لك القَبيلا
وَتجرّعوا عنك الدَوا / ءَ المرّ وَالداء الوَبيلا
واِستَقبَلوا بصدورهم / وَنحورهم تلك النصولا
غررُ المَعالي قَد أَبَت / إِلّاك يا سعد سَليلا
الثاكِلات وَحيدها / ملأت بك الدنيا ثكولا
يا بدر مصر طالِعاً / من ذا أَتاح لك الأفولا
أَمَقيلنا عثراتنا / هَلّا تركت لنا مقيلا
هلّا تَركتَ لَنا رَدي / فاً في مكانك أَو زميلا
عِبء الرئاسةِ باهِظٌ / مَن يحملُ العبء الثَقيلا
ليلُ السياسةِ حالكٌ / مَن ذا يضيء لَنا السَبيلا
مَن ذا وكلت بأمّة / يا مَن لَها كنت الوَكيلا
مَن ذا يَقوم مَقام شخ / صكَ جائِلاً فيها صؤولا
أَترى أقيلَ اليومَ سعدٌ / أَم رأى أَن يَستَقيلا
حاشاه ما كانَ السؤو / م منَ الجِهاد وَلا المَلوما
مَن كانَ ملء الأَرضِ أَص / بَحَ في الثَرى شبحاً ضَئيلا
من كانَ يَحمي غيل مص / ر قيلَ عنهُ اليومَ غيلا
لَيتَ الرَحيل وَلَيت لا / تجدي أَعادَ لَنا الرَحيلا
قَد كانَ لي أَمَل فَزا / وله الضَنى حَتّى أزيلا
لَم يبق لي برح الضَنى / إِلّا التألّم وَالنُحولا
القَلب شبّ أواره / هَل نهلة تَشفي الغَليلا
الداء عزّ دواؤُهُ / هَل نظرةٌ تبري الغَليلا
أَحَمامَة الوادي اِهدلي / إِنّي أُشاطرك الهَديلا
أَيكي وأيكك واحِد / يَبكي الخَليل به الخَليلا
قولي كَما قالَت يدي / بَيني وَبَينَ السَيف حيلا
كبرى المَصائِب حاولت / دون الأَماني أَن تَحولا
كبرى المَصائِب حوّلت / شَمس الضُحى فينا أَصيلا
قَد كنت أَعذل جازِعاً / وَأَرى العَذير له جَهولا
وَاليَوم أَعذر من بَكا / كَ وَواصلَ الدمعَ الهطولا
لَو جَمَّعوا شمل الدُمو / عِ لَزاد هَذا النيل نيلا
جرحتك يا شرق الخُطو / ب فرمّ جرحك أَن يَسيلا
الجرحُ إِن أَهملتهُ / أَعجلتَ لِلجرحِ النغولا
قُل لِلمَصائِب فلتهل / ما شاءَ خطب أَن يَهولا
نَفذ القَضاء فَلا تَرُم / مَنجى لسعدٍ أَو مقيلا
حسر الزَمان فشمّروا / وَذَروا وَراءَكمو الكَسولا
يَدعو إِلى نيل المُنى / من كانَ من قصد منيلا
فتكفَّلوا بِنَجاح من / بِنجاحكم كانَ الكَفيلا
وَتَضامَنوا تصل المنى / إِن غابَ من ضمن الوصولا
أَترى يعود لنا الهَنا / أَم ذاكَ لا يَنوي قفولا
أَيَعود فينا ممكناً / ما عادَ فينا مُستَحيلا
جادَ الزَمان به زَما / ناً ثُمَّ عادَ بِهِ بَخيلا
أَتَرى تَزول حياة من / أَحيا المَدارِك وَالعُقولا
مَن لي بِسعد إِن جَرى / مطر الخطوب بنا سيولا
هُوَ ذَلِك الرَجل الَّذي / عدم الرِجال له مَثيلا
فَإِذا تمثّل شخصه / مثلت لَنا الحُسنى مثولا
أَو عَنّ يَوماً فضله / فضل الوَرى أَمسى فَضولا
ذكراه قَد هاجَت جوى / في كلّ جانحة دَخيلا
هَيهات لا ترخي العُصو / ر عَلى مآثره سدولا
ما بال سعد لا يُجي / ب وَلا يردّ اليَوم سولا
يا سعد عذرك بيّن / يا سعد لا تَخشى العذولا
إِنّا وَردنا حنظلاً / ووردت أَنتَ السَلسَبيلا
دنيا بلوت خلالها / وَسبرتها عرضاً وَطولا
تَركَتك تُصلح شأنها / وَتَرَكتها قالا وَقيلا
وَسَتذكر الأَجيالُ صن / عك في الوَرى جيلاً فَجيلا
لَك أَفضَل الأَجرين في الد / دارين مِن أُخرى وَأولى
اليَوم يومك فاِبتدر / وأعد لَنا الصنع الجَميلا
عُد لِلمَواقفِ واِرتَجل / دعت القضيّة أَن تَقولا
أَولَيتنا المنن الجِسا / م فهاكه شكراً جَزيلا
وَاللَه أَولى أَن يزي / دَ لك الجزاءَ غداة تولى
اللَّيث أَصحر فاِرقبي / يا مصر في الغاب الشبولا
طولي بسعد إن أَبت / أَيّام سعد أَن تطولا
أَبناء سعدٍ حقّقوا / بالجدّ مقصده النَبيلا
سيروا عَلى منوالهِ / أَو أَن يقال القصد نيلا
هَل عندَ مَن تركَ القضيّة عاما
هَل عندَ مَن تركَ القضيّة عاما / آمال مصر أَصبَحَت آلاما
ما كانَ في ترك الأُمور مخيّراً / لكنّ أَمرَ اللَه كانَ لِزاما
رَحلَ الزَعيم أَبو البِلاد وَلَم يؤب / وَأَقام حيث أَبو العباد أَقاما
وَلّى وَأَسلمها الثَبات وَلَم يَكُن / وَلّى وَأَسلَم أَمرها اِستِسلاما
ترك الحِمى وَهوَ العَليم بحاجهِ / وَمَضى يلبّي الواحِد العلّاما
لَولا القَضاء جَرى عليه محتّماً / لَنَجا وَكانَ عَلى الحمام حماما
لَو عندَ سعد ما دَهى أَوطانه / من بعده نفض التراب وَقاما
وَمَشى إِلى ظلّامها بمذرّب / مِن عَزمهِ فَاِستأصل الظَلّاما
كَم ليم في سبل الجِهاد فَلَم يَبل / أَيَرى عَواذِر أَم يَرى لَوّاما
وَإِذا العَظيم جَرى إِلى غاياتهِ / خلّى المَديح وَراءه وَالذاما
حمل الخطوب عواصفاً وَالطارِقا / ت قواصفاً وَالنازِلات جِساما
هِمَمٌ علت أَقدارها وَتَجاوَزَت / حدّ الظنون وَفاتَت الأَوهاما
مَن ذا يسامي النجم في درجاتهِ / من كانَ سَعداً فَهوَ لَيسَ يُسامى
إِنَّ الَّذي أَعلى مقام بلادهِ / عزّاً فَذاكَ بها أَعزّ مقاما
هُوَ مَن علمت فَليسَ يرجع عزمه / عَن قصدهِ أَو يصرع الصمصاما
فَإِذا تنكّرت الحَوادِث ردّها / بِعَزيمة لا تَعرِف الإِحجاما
وَإِذا الخُطوب تقدّمت بزحوفها / أَلفيت سعداً قَد مَشى قَدّاما
من كانَ في لقيا الخطوب أَمامنا / فَهوَ الخَليق بأن يَكون إِماما
يَستَصغِر الجلّى إِذا هيَ جلجلت / عظماً وَلا يعنى بها اِستِعظاما
وَإِذا السُيوف تَجاوَبَت بصليلها / كانَ الصَليل بسمعه أَنغاما
وَإِذا بَدا وَالقَوم في جبروتهم / أَحنوا الرؤوس وَأَوطأوه الهاما
ندب تجمّعت العلا في ثوبهِ / وَتفرّقت بَينَ الوَرى أَقساما
عشق المَعالي وَهُوَ طفل يافِع / وَصبا وَهام بحبّهنّ هياما
وَلربّما عشق المَعالي ذو هَوى / لكن بقلبٍ لا يحسّ غَراما
أَخذَ العُلوم فَقالَ خابِر صدره / زغلول أُلهمَ علمه إِلهاما
جلّى فَكانَ الفذّ في حَلَباتها / شَيخاً شأى أَقرانه وَغلاما
وليَ القَضاء فَقالَ شاهد عدلهِ / العدل منذ اليوم عاشَ وَداما
إِنّ الّتي فتحت بفضل جهادهِ / قَد أَحكَموا إِيصادها إِحكاما
دار النيابة لَيسَ تَنسى بأسهُ / يَعلو بِها فتحاسب الحكّاما
وَسلِ الحكومة يَوم كانَ رئيسها / كَيفَ اِستقلّ وَصرّف الأَحكاما
ما بَينَنا سِوى الحقوق فَلا تَرى / مَن يَشتَكي عنتا وَلا إِرغاما
لا مهجة أَدمى وَلا حرية / أَصمى وَلا صحفاً وَلا أَقلاما
وَعَلَت صَراحته فَكانَت حجّة / لا لبس تسترهُ وَلا إِبهاما
لَم يَمضِ عام وَالحَياة عَزيزَة / حَتّى تراجع عزّها أَعواما
وَإِذا الحَوادِث خصَّ مصر لهيبها / عمّ العِراق شرارها وَالشاما
قَد عطّلوا الدستور لا بَل جندَلوا / ذاكَ الوَليد وأَنكروا الإِجراما
عَبثوا بِأحكامِ الشَرائع واِعتدوا / وَدعوا التحكّم بالنظامِ نظاما
حفلوا بأنفسهم وَقالوا ضلّة / عنت البِلاد لوجهنا إِكراما
لَبِسوا لَها ثَوب الخِداع وَأَلزَموا / ثقة الضِعاف بأمرهم إِلزاما
هَل جازَ عَبد اللَه أَمر مُنافِق / صلّى الصَلاة مريبة أَو صاما
وَلربّما خضعَ الأَخسّ تزلّفا / لِيُصيب جاهاً أَو يصيب حطاما
خير لِمَن أكلَ السَبيكة شارِباً / كأس المذلّة أَن يسفّ رغاما
وَمنَ المَصائِب وَالمَصائب جمّة / وَالعسف سلّ عَلى الرقاب حساما
ذو العيّ يصبح بيننا متكلّماً / وَفصيحنا لا يَستَطيع كَلاما
وَلَقَد نَرى في العالمين عَجائباً / وَنعدّ ما بين الأنام أَناما
وَهمو همو الأصفار مَهما حاوَلوا / أن يَجعَلوا أَصفارهم أَرقاما
ظَهَروا وَمن خلفِ الستار تمدّهم / أَيد غدون عَلى الشعوب جذاما
وَهم الألى إِن جامَلوا أَذنابهم / وَضَعوا لَهُم فَوقَ الأُنوف خزاما
فَإِذا هَمو خلقوا القصور لراشدٍ / جَعَلوا عليه حرابهم قواما
وَإِذا همو بِالمنكرات توسّلوا / عدّوا له حَسناته آثاما
فَإلى مَتى غمط الحقوق إِلى مَتى / وعلامَ نكران الجَميل عَلاما
أَحَسبتمو آجام سعدٍ قَد خلت / وَشبول سعد تَملأ الآجاما
الشبل ما عدم الوسيلةَ في الشَرى / من أَن يَكون لَدى الشرى ضرغاما
سَيَرى وَيَسمَع من طَغى طغيانه / مَهما تصامَم في الوَرى وَتَعامى
أن الَّذي شمم البلاد يقيمه / لا بدّ أَن يرسو بها وَيقاما
شتّان مَن شاد العَلاء ومن غَدا / فأساً لِبُنيان العلا هَدّاما
أَنا لست أَرجو الصلح إلّا ثابتا / طول السنين وَلا أَخاف خِصاما
لَكِنَّني أَخشى إِذا طالَ المَدى / بلغ الكَمين من الحمى ما راما
وَإِذا الوئام أَتى بأفظع ما نَرى / خَطباً فَلا كانَ الخِلاف وئاما
شرفاً لِقَوم كان سعدٌ منهمو / يَبني القَبيل وَيدعم الأَقواما
طلب النَظير له وَعاد بيأسهِ / من عالج الأصلاب وَالأَرحاما
هانَت عَظيمات الأُمور لدن رأت / سَعداً وَصحبا أَكرمين عداما
فسل المنافي هَل أَساغ رَقيبها / لهمو شرابا أَم أَساغ طَعاما
إِن أَنسَ لا أَنسى الضَحايا حللوا / دَمهم وَكانَ عَلى الزَمان حراما
أَجروا عَلى النيلِ المفدّى من دمٍ / نيلا ومن جثث بَنوا أَهراما
لَم يحدثوا أَمراً ولكن جدّدوا / مَجداً طوته الغابِرات قداما
لا فرقَ ما بَينَ الَّذين تألّفوا / جَيشاً يَذود عَن البِلاد لهاما
سيّان كان الدين نصرانية / في نصرة الأَوطان أَم إسلاما
إِنّا اِتخذنا ديننا اِستقلالنا / وَلَقَد عبدنا اللَه لا أَصناما
خلقان مَحمودان كلّ مِنهما / يَسمو بصاحبه وَلَيسَ يسامى
نطق يَروع بيانه وَشجاعة / وَقفَ الجَلالُ لِذكرها إعظاما
أَخلال سعد واصلي أَبناءه / وَاِستَخلصي خلفاءه الأعلاما
قَومٌ إِذا في الأَرض ضاقَ مجالهم / ضربوا لهم فَوقَ النجوم خِياما
ضَرَبوا القباب عَلى الرؤوس وَطنّبوا / فَوقَ الأُنوف وَزَعزَعوا الآطاما
وَإِذا الكماة تعدّدت أَسماؤُها / عدّوا هماماً ايّدا فهماما
هَذي بَنو مصر وَتلك بَناتها / ملء الفجاج كرائماً وَكراما
الرافِعونَ لمصر رايات العلا / وَالرافِعات وما رفعن لثاما
يا سعد إِن تَرحل فَحسبك أُمة / خلّفت فيها البأس والإقداما
ما عنّ ذكرك وَالجَوى في غفلة / إِلّا ونبّه في الضلوع ضراما
ذكراك لا تدعُ المَجال لِغاصِبٍ / في أَن يُحاوِل أَن ينال مراما
فَلِسان ذِكرك في المَشارِق ناطِق / يعظ الشعوبَ وَيوقظ النوّاما
هَذا خَليفتك الَّذي اِستَخلَصته / وَأَقمته حيث الجَلال أَقاما
أَدّى الأَمانة حامِلاً أَعباءها / وَحَمى لنا الوَطَن العَزيز وَحامى
الضيم في وَطَن الأَبيَّ محرّمٌ / وَالحرّ إِن سيم الهَوان تَحامى
يا روح سعدٍ ردّدي الكلم الَّذي / بَهَرَ العقولَ وأَدهش الأَحلاما
يا أُمّ مصر وَأَنت أَكرم من أَرى / لِمقامها الإكبار والإفخاما
ناجى لنا تلك البقيّة واِنثَرى / تِلكَ الدراري وَالعقود نظاما
عيشي كَما عاشَت لمصر شمسها / يَغشى السهول سناك والآكاما
عيشي تَري غرس المُجاهد مورقاً / يسقى عهاداً من رضاك رهاما
وَتَرى الثمار وَقَد تَدانى قطفها / وَالجرح تمّ علاجه وَالتاما
فلتحي أمّ الشعب عيناً للملا / وَيَداً يلوذ بها الملا وَعصاما
وَليحي نوّاب الحمى وَشيوخه / ما عاشَ ذكر للثبات وَداما
عيشوا لِتَحقيق المنى وَترقّبوا / يَوماً يزين بذكره الأَيّاما
هَذا هُوَ الوحي المبين فهاكه / في الخالِدات تحيّة وَسَلاما
وَلتحي ذِكرى ذلك الفجر الَّذي / أَحيا الشُعور وأَنطق الأَفهاما
خلدت حياة لَيسَ يبرح ذكرها / عاماً تردّده البلاد فَعاما
أَحصَت عليك جهادك الأُمَم
أَحصَت عليك جهادك الأُمَم / وَتناقلتك العرب وَالعَجَمُ
خَلع العَظيم عليك حلّته / فَضفا الجَلال عليك وَالعظمُ
فَوقَ الجَلال وَفَوقَ فارعه / ما أَنتَ في العَلياء مستلمِ
خَفَقت عَلى ذكراك أَفئدةٌ / فيها شواظ الوجد مضطرمُ
أَقبلت وَالأَبصار شاخصة / جمدت عليها الأدمع السجمُ
يا يوم عش وَاِسلم فَأَنتَ يد / في مصر خالدة وَأَنتَ فمُ
فَعَلى يديكَ مَشت قضيّتها / وَعلى يديك رست لها قدمُ
يا يَوم من كرموا بك اِعتَرَفوا / وَاِستنكر الإحسانَ من لؤموا
أَحيَتك نَهضَتنا وَما برحت / تَحيا بها العزمات وَالهممُ
وَسَقاك شريان الحَياة دَماً / لَم يحكه في الطاهِرات دمُ
جاءَت ضَحايا للِكرام به / وَشعوب جرحاك الألى كرموا
قَد أَرخَصوا للنفسِ قيمتها / فَغَلَت لهم عند العلا القيمُ
جاؤوا بأنفسهم وَما بَخِلوا / فهمُ الكِرام السابِقون همُ
ذَهَبوا كَما ذهب الرَبيع وَقَد / تَرَكوا به ما تترك الديمُ
يا عيد نهضتنا الَّذي بعثت / في ظلّه أَعيادنا القدمُ
ما أَنتَ إلّا روضة أنف / نبتت بها الأَخلاق وَالشيمُ
وَالعَيش إِلّا أَنّه خضل / وَالورد إِلّا أَنّه شبمُ
يا مولد النهضاتِ عشتَ لها / إِنّ الألى وَلدوك لا عقموا
لا قلت أَنت الشمس طالِعَة / الشمس في الطلعات قد تسمُ
أَنتَ الهُدى أَعلى منائره / وَبنى سناه المفرد العلمُ
قامَ الزَعيم وَصاح صيحتهُ / فاِهتزّت الوديان وَالأكمُ
ما كادَ يزأر فيك زأرته / إِلّا وَكادَ الجرح يَلتَئمُ
لبّاه صحبٌ أَينما اِنتَثَروا / عادوا كعقد الدرّ فاِنتَظَموا
وَأَنابه عنه ووكّله / شعب صراح الحقّ منهضمُ
حمل المخيس صدره وَمَشى / غَضبان تحمي ظهره الأجمُ
أَملت عَلى الجبّار عزمته / ما كانَ ينويه وَيَعتَزِمُ
طلب الجَلاء وَصاحباه مَعاً / طلبا وَعاد الصمّ وَالبكمُ
فَتَزَلزَلَ الجبّار واِنفجَرَت / أَحشاؤُهُ وَتطاير الحممُ
وَدَعا ذئاب البحرِ فاِقتَرَبَت / وَكأنّ روّاد العلا غنمُ
وَأَهاب بالأسطولِ منتَقماً / فأَجابه الأُسطول يَنتَقِمُ
وَرَمى بهم في صخرة قذفا / وَالصخر دون الحقّ ينحطمُ
وَالشَعب لمّا ثار ثورتهُ / وَتكدّست جثث وَسال دمُ
فكّوا القيود وَأطلقوا فَمَشى / للغرب ليث الشرق يحتَكِمُ
وَهناكَ طاح الودّ فاِنتَفَضوا / وَهناك لاحَ الحقد فاِنقَسَموا
ولدن رأوا العقبات ماثِلَة / نكصوا عَلى الأعقاب واِنهَزَموا
جَمَعتهمُ الغايات فاِئتَلَفوا / وَأَتَت وَسائطهن فاِختَصَموا
هَل مثلُ يومكَ في الجِهاد له / ذكرٌ عَلى الأحقاب محترمُ
يَوم مَتى ذكرت مناقبهُ / فَمَناكب الجَوزاء تزدَحمُ
وَمَتى تمتّ به قرابته / فالنيل في الأدنين وَالهرمُ
أنّى تلفّت في مطالعه / ذكرُ الجهاد تلفّت العلمُ
أَنف الحمى أَن يستبدّ به / وَأَبى الهدى أَن يعبد الصنمُ
لِلَّه قَوماً في العلى غررا / ظَلمتهم الأَحكام فاِنظَلَموا
وَتوسّلت بالنفي عادتها / وَالنفي للأحرار لا يصمُ
أَمّا السجون فإِنّها عظمت / في كلّ ناحية بمن عظموا
فَعَذابها عذب لمن ثبتوا / دون الحمى ولمن به قحموا
سلها تُجبكَ عَن الألى بَرِئوا / سَلها تجبك عَن الأُلى ظلموا
فَالحرّ ما تَعلو عَقيرته / خلقوا له الأجرام واِنتَقَموا
وَإِذا البراءة صرّحت علناً / عَمدوا إِلى الشبهات واِتَّهَموا
جاعوا إِلى أكل البلاد فَلا / شرهٌ يجاريهم وَلا نهمُ
لا يَشبَعونَ وَلَو أُتيح لهم / ما في السَما وَالأَرض لاِلتَهموا
قَد أَنكر الخلّاق ذو طمع / لَم ترضه الأَرزاق وَالقسمُ
قَد حَكَّموا فينا الضِعاف هَوى / وَتستّروا خلف الألى حكموا
قُل للألى صرعوا الوَليد وَما / رأَفوا بمصرعه وَلا رحموا
توبوا عَسى تُنسى ذنوبكم / فَشِعار مصر الصفح وَالكرمُ
وَإِذا أَتى يَوم الحِساب فَلا / أسفٌ يفيدكم وَلا ندمُ
أَين الشَرائِع من مَظالمهم / أم أَين من دعواهم النظمُ
حريّة ذَبحوا صحائفها / فَبَكى دماً من وجده القلمُ
رقموا به تاريخَ سَطوتهم / وَفَظائِع التاريخ ما رقموا
لِلَّه يَوماً كلّه أَمل / لِلَّه يَوماً كلّه أَلَمُ
يوم به المنصورة اِحتَفَلَت / بضيوفها منصورة بهمُ
مِن كلّ قاصية وَدانيَة / جاؤوا كَموجِ البحر يَلتَطِمُ
قَدِمت وَفودهمو مرحّبة / إِذ قيلَ حرّاس الحِمى قدموا
ذَكروا حمى دستورهم فبكوا / وَتأمّلوا الحامين فاِبتَسَموا
أَلِنصرة الأَوطان زاحِفة / تلك الجيوش وَتِلكم اللجمُ
قَد حارَبوا الوفد الَّذي حسدوا / وَالوفد كلّ الناس لَو عَلِموا
خير لِمن ردموا لنا بركا / لَو أَنّهم بركانهم ردموا
زَعموا بناء الوفد سوف يهي / فَتَبَيّنوا غير الَّذي زَعِموا
الوفد وَالأَوطان تدعمه / كالطود رأس لَيسَ ينهدمُ
يا مصر قومك خير من ثَبتوا / في مدلهمّ الخطب واِقتَحَموا
يمضونَ في الجلّى إِذا نزلت / في حيث يَنبو الصارِم الخذمُ
قوم إِذا ما السعف أَرهقهم / صبروا عَلى الأَرهاق واِحتَشَموا
هَيهات ما خارَت عَزائمهم / لكنّهم في الأَمر قَد حَلِموا
يا يَوم لا تغرب وإِن غربت / شمس النَهار وَحالَت الظلمُ
سلمت علاك كَما سلمت لَها / وَعداك في الأَحقاب لا سَلِموا
وَلتسلم الذكرى تظلّلنا / راياتها لا الظال وَالسلمُ
ليواصلن الشرق راحمه / فالشرق مَقطوع به الرحمُ
وَيحارِب الأَيّام ما فتئت / حرباً عَلى الأَوطان تَحتَدِمُ
حَتّى تَسود به قَبائله / وَشعوبه في الأَرض تَلتَئِمُ
وَتَسود عرب الأَرض فائزة / بمرامها وَالترك وَالعجمُ
وَتجيء مصر يوم مفخرها / وَمكانها الذروات وَالقممُ
فَهناك مجدُ الشرقِ مبتدئ / وَهناك مجد الغرب مختتمُ
يا حبّذا يَوم المُنى
يا حبّذا يَوم المُنى / يَومَ الهَنا يَوم السعود
يوم بطَلعَتِهِ لَنا / جاءَ الزَمان بِما نُريد
طلعَ الحُسين به كَما / طلعَ الصَباح عَلى النجود
مَولاي بشرك هزّنا / هَزّ الصبا غضّ القدود
مَولاي عطفك فَوقَ سا / لِفة العلا عقد فَريد
مولايَ ذكرك وردنا / في الصالِحات من النَشيد
مَولايَ جودك نصرنا / إِن عضّنا الزَمن العَنيد
تَشريف مَولانا لَنا / عقد الفخارِ لكلّ جيد
مَولايَ يَومك عندنا / عيد وَلَكِن أَيّ عيد
العيدُ لفظ يَستَفيد / وَأَنتَ مَعناه المُفيد
إِنّا بَنوك المخلصو / نَ وَأَنتَ خير أبٍ وَدود
نحن رَعاياك الأُلى / سعدوا بمقدمك السَعيد
نَظَرَت إِلَيك قلوبنا / إِنّ العيونَ منَ الشهود
تَلقاك بالطرف الطمو / حِ إِلى الكَواكِب مِن بَعيد
تَلقاك بالشكر الَّذي / ما فوق كثرته مَزيد
تَلقاك بالقَلب الَّذي / ما فيهِ غيرك من لَبيد
تَلقاك بالأَمل الكَبير / وَأَنتَ مبديه المُعيد
بلّغتنا آمالنا / بِالرغمِ مِن أنفِ الحسود
أَحيَيت آمال الوَرى / وَسِواك يَحيا بالوعود
ما فَوق فضلك في الأَنا / مِ زيادة للمستَزيد
لِيَعِش لَنا سلطاننا / في العزِّ خفّاق البنود
زاد الهَنا بوجوده / ميلاد من زان الوجود
أَنا بالقدود وَأَنتَ بالأَغصان
أَنا بالقدود وَأَنتَ بالأَغصان / يا طير شأنك وَالغَرام وَشاني
همّي يطول مَدى وَهمّك ساعة / تَشدو عَلى فنن من الأَفنانِ
شتّان بَينَ أَخي هَوى لَم يأسه / بَين وَبين أَخي جوى أَسوانِ
إِن كنت ذا وجدٍ يبرّح في الحَشا / فأَنا وَأَنتَ لَدى الهَوى سيّانِ
أَو كنت من وَجدي خليّا فَليَكن / لي منك ذو عطف وَذو تحنانِ
يا طير إِن يخفق جناحك في الهَوى / يَوماً فَقَلبي دائِم الخفقانِ
أَصبو وَتَصبو غير أَنَّك سالِم / مِمّا شَجاني حُبُّهُ وَبراني
حَسبي وَحسبك لوعةً وَصَبابةً / أَنا أَوّل فيها وَأَنتَ الثاني
هَل أَنتَ عَوني في الزَمان وَصاحبي / إِمّا هتفت بصاحب معوانِ
بَيني وَبينك يا حمامة نسبة / مَوصولة الأَشطان بالأَشطانِ
أَبَداً كلانا لَم تعقه علالة / ببلوغ آمال لنا وَأَماني
أَو ليس قَلبك بالغصون معلّقاً / وَحشاي بالأَوطار وَالأَوطانِ
هَل من يكابد أَو يُعاني في النَوى / مِمّا نكابد حرّه وَنعاني
فَلَقَد عهدت الطير خير محدث / يَروي حَديث الدار وَالسكّانِ
يا طير هَل خبر وَكَم أَنا سائِل / يا طير هَل خبر عَن الخلّانِ
يا طير لا تركن إِلى النفر الألى / سدّوا عليك مسالك الطيرانِ
قُل لِلعقاب الغرّ إِن يد العدى / مدّت لهدم مَعاقِل العقبانِ
هَل نأمل اللائين حالوا بَينَنا / في الرائِعاتِ وَبَينَ كلّ أَمانِ
آليت بعد اليوم أَلّا أَبتني / مجداً بغير مهنّد وَسنانِ
وَأَنا الَّذي صقل الصَوارِم وَالقَنا / دَعماً فَذاكَ موطّد الأَركانِ
وَلَقَد ذكرت وَما ذكرت سِوى الصبا / وَهَوى بريعان الصبا أَصباني
فَإِذا طلبت فَلَيسَ أَطلب صاحِباً / أَرعى العهود له وَلا يَرعاني
وَإِذا صبوت هَوى فإِنّي لَم أَكُن / أَهوى حَبيباً لَم يَكُن يَهواني
لا إِلف حَتّى أَصطَفيهِ كَما اِصطَفى / وأراه خلّاً صالِحاً وَيَراني
قالوا اِستَمِع قصص الهَوى وَحَديثه / هَل حاجة للسمع بعد عيانِ
إِنّي أَلفت العشق في شرخ الصبا / وَتركته وَالسن في ريعانِ
وَكرعت في كَأسيه فيما ساءني / أَو سرّ من وصل وَمن هجرانِ
هَل أَنتَ مذّكر ليالينا الَّتي / سَلفت عَلى النَغماتِ وَالأَلحانِ
أَيّام كانَ البدر رهن إِشارَتي / وَالدهر ذو الجبروت من غلماني
حيث الجآذر وَالربارب سُنّحٌ / بِمَساقِط الأنقاء وَالكثبانِ
وَالشَمس تَرنو من فروج مجامر / نحو الرَبيع بناظِر فتّانِ
وَمعاطف الأَزهار تسرع في الربى / ميلا وَراء خطى النَسيم الواني
ما بَينَ إِعظام البلا
ما بَينَ إِعظام البلا / دِ وَبينَ إِجلال العِباد
أَحلِل محلّك في القُلو / بِ فَداكَ منا كل فاد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025