المجموع : 29
بيضُ الحمائم حسبهنَّهْ
بيضُ الحمائم حسبهنَّهْ / أني أُردِّدُ سجعهنّهْ
رمزُ السلامة والودا / عة منذ بدءِ الخلق هُنَّه
في كلِّ روض فوق دا / نيةِ القطوف لهنَّ أَّنهْ
ويملْنَ والأَغصانَ ما / خَطَرَ النسيمُ بروضهنَّه
فإذا صلاهنَّ الهجي / ر هببْنَ نحو غدير هنَّه
يهبطن بعد الحومْ مث / ل الوحي لا تدري بهَّه
فإذا وقعن على الغديْ / ر ترتبتْ أسرابهنَّه
صفَّيْن طول الضّفَّتي / ن تعرَّجا بوقوفهنَّه
كلٌّ تقبِّلُ رسمَها / في الماءِ ساعةَ شُربهنَّهْ
يطفئنَ حرَّ جسومهن / نَ بغمسهنَّ صدور هَنَّه
يقعُ الرَّشاشُ إذا انتفضْ / نَ لآلئاً لرؤوسهنَّه
ويطرْنَ بعد الابترا / د إلى الغصونِ مهودهنَّه
تُنبيك أجنحةٌ تصف / فق كيف كان سرورهنَّه
ويُقر عينَكَ عبثهن / ن إذا جَثَمْن بريشهنّه
وتخالهنّ بلا رؤو / س حين يُقبلُ ليلهنّه
أخفينها تحت الجنا / ح ونمن ملءَ جفونهنّه
كم هجنني ورويتُ هن / هنّ الهديلَ فديتهنَّه
المحسناتُ إلى المري / ض غدونَ أشباهاً لهنّهْ
الروّض كالمستشفيا / تِ دواؤها إيناسهنّه
ما الكهرباء وطبّها / بأجلَّ من نظراتهنّه
يشفي العليلَ عناؤهن / نَ وعطفهنّ ولطفهنّه
مُرُّ الدواء يفيك حل / وٌ من عذوبة نطقهنّهْ
مهلاً فعندي فارقٌ / بين الحمام وبينهنّه
فلربما انقطع الحما / ئم في الدُّجى عن شدوهنّه
أمَّا جميلُ المحسنا / ت ففي النهار وفي الدجنّه
خَطر المَسا بِوشاحه المتلون
خَطر المَسا بِوشاحه المتلون / بَين الرُبى يَهب الكَرى للأَعين
وَتَلمس الزَهر الحييَّ فَاطرَقت / أَجفانه شَأن المُحب المُذعن
وَدَعا الطُيور إِلى المَبيت فَرفرفت / فَوق الوكون لَها لحون الأَرغن
وَتَسللت نَسماته في إِثره / فَإِذا الغُصون بِها تَرنح مدمن
آمال أَيام الرَبيع جَميعها / حسن وَعيبال اِكتَسى بِالأَحسن
جَبل لَهُ بَين الضُلوع صَبابة / كادَت تَحول إِلى سِقام مزمن
وَتَفجَرت شِعراً بِقَلبي دافِقاً / فَسَكَبَت صافيهِ لِيَشرب مَوطِني
يا مَوطِناً قرع العداة صِفاته / أَشجيتَني وِمِن الرَقاد مَنَعتَني
يا مَوطِناً طَعَن العِداة فُؤاده / قَد كُنت مِن سكينهم في مَأمن
لَهفي عَلَيك وَما التَهافي بَعدَما / نَزَلوا حِماك عَلى سَبيل هين
وَأَتوك يَبدون الوِداد وَكُلُهُم / يَزهو بِثَوب بِالخداع مبطن
قَد كُنت أَحسَب في التَمَدُن نعمة / حَتّى رَأَيت شَراسة المُتَمَدن
فَإِذا بِجانب رفقه أَكر الوَغى / وَإِذا الحَديد مَع الكَلام اللين
الذَنب ذَنبي يَومَ همت بِحبهم / يا مَوطِني هَذا فُؤادي فَاطعَن
وَاغمر جراحك في دَمي فَلَعَله / يَجدي فَتَبرأ بَعدَهُ يا مَوطِني
عَجَباً لِقَومي مَقعدين وَنَوّماً / وَعَدوهم عَن سَحقهم لا يَنثَني
عَجَباً لقومي كُلهم بُكمٌ وَمن / يَنطق يَقل يا لَيتَني وَلَعَلني
لم يوجسون مِن الحَقيقة خَيفة / لم يَصدفون عَن الطَريق البيِّن
إِن البِلاد كَريمة يا لَيتَها / ضَنت عَلى من عقها بِالمدفن
قالوا الشَباب فَقُلت سَيف باتر / وَإِذا تَثقف كانَ صافي المعدن
مَرحى لِشُبان البِلاد إِذا غَدا / كُل بِغير بِلاده لَم يَفتن
مَرحى لِشبان البِلاد فَما لَهُم / إِلّا السمو إِلى العُلى مِن ديدن
نَهض الشَباب يُطالِبون بِمجدهم / يا أَيُّها الوَطَن المَجيد تَيمن
القَلب مُتَصل الوَجي
القَلب مُتَصل الوَجي / فِ تَكاد تَلفُظه ضُلوعي
وَاللَيل لَم يَهب الكَرى / لَكِن حَباني بِالدُموع
وَالصُبح في مَهوىً سَحي / ق لا يبشِّر بِالطُلوع
وَالكَون نائم / وَالفكر هائم
يَتَلمس الحَسناء فا / تِنَتي بِهاتيك الرُبوع
عَيناي مطبقتان لَ / كنّي أَرى تِلكَ النُجوم
مُتَأَلِقات بِالفَضاء / عَلى غياهبه تَعوم
فَإِخال فاتَنتي تَمتع / بِينهن بِما تَروم
فَأَجيل عَينا / تَنهلُّ حُزنا
فَأَرى النُجوم تَريد أَن / تنقض فَوقي كَالرجوم
لا شَيء يَخترق السُكون / سِوى هَديل حَمائِمي
حَملته لي بَعض النَسا / ئم في الظَلام القاتم
فَودَدت لَو يَشفى الفُؤا / د مِن الأَسى المُتقادم
فَإِذا الهَديل / لا يَستحيل
قَلباً يَسير بِهِ الهَوى / في لجه المُتَلاطم
عَبَثاً أُخفف عَن فُؤا / دٍ لا يَقر لَهُ قَرار
عَبَثاً أُعَلله بِلق / ياها وَقَد شط المزار
حَذرته حُباً عَوا / قبه اللواعج وَالدَمار
لِلّهِ قَلب / أَغواه حُبٌّ
فَإِذا بِهِ جَم العَثار / وَيَستَجير وَلا يُجار
وغريرة في المكتبَهْ
وغريرة في المكتبَهْ / بجماِلها متنقِّبَهْ
أبصرتُها عند الصباحِ ال / غضِّ تشبه كوكْبَهْ
جلستْ لتقرأ أو لتك / تبَ ما المعلمُ رتَّبَه
فدنوْتُ أُسْترِقُ الخطى / حتَّى جلستُ بمقرُبَه
وحبستُ حتى لا أُرى / أنفاسيَ المتلهّبه
ونهيتُ قلبي عن خفو / قٍ فاضحٍ فتجنَّبه
راقبتُها فشهدتُ أن / نَ الله أْجزَلَ في الهبةَ
حملَ الثَّرى منها على / نورِ اليدْين وَقَلَّبَه
وسقاه في الفردوس مخ / تومَ الرحيق وركَّبَه
فإذا بها مَلَكٌ تنز / زَلَ للقلوبِ المتعَبَه
يا ليتَ حظَّ كتابها / لضلوعيَ المتعذِّبَه
حَضَنَتْهُ تقرأُ ما حوى / وحَنَتْ عليه وما انتبه
فإذا انتهى وجه ونا / لَ ذكاؤها ما استوعبَه
سَمحَتْ لأنْمُلِها الجمي / لِ بِريقِها كْي تَقلِبه
وسمعتُ وهْيَ تُغمغمُ ال / كلماتِ نَجْوى مُطربَه
ورأيتُ في الفمِ بدَعةً / خلاَّبةً مستعذبه
إحدى الثنايا النِّيرا / تِ بَدَتْ وليس لها شَبه
مثلومةً من طرفِها / لا تَحسَبنْها مَثلَبَه
هيَ لو علمتَ من المحا / سنِ عند أرفع مرتبه
هي مصدّرُ السِّيناتِ تُك / سِبُها صدىً ما أعذبه
وأمَا وقَلبٍ قد رأتْ / في السَّاجدين تَقَلُّبَهْ
صَلَّى لجبَّارِ الجمالِ / ولا يزالُ مُعذِّبَه
خَفقانُه متواصلٌ / والليلُ ينشرُ غيهبه
متعذِّبٌ بنهارِهِ / حتى يزورَ المكتبهْ
أما وعينِكِ والقُوى الس / سِحريَّةِ المتحجبِّهْ
ما رُمْتُ أكثر من حدي / ثٍ طيبُ ثغركِ طَيبَّه
وأرومُ سِنَّكِ ضاحكاً / حتَّى يلوحَ وأرْقُبَه
لي بِالحَياة تَعلق وَتَشدد
لي بِالحَياة تَعلق وَتَشدد / وَالعُمر ما بَعدَ المَدى فَسينفد
نَفسٌ أُردده وَأَعلم أَنَّهُ / لِلمَوت بَينَ جَوانِحي يَتَرَدد
وَيَلمُّ بي أَلم أُخاتله بِما / يَصف الطَبيبُ فَيَستَكين وَيَخمَد
وَيسرني أَني نَجَوتُ مِن الأَذى / وَيلي كَأَني إِن نَجَوت مخلد
وَكَأَنَّني ضَلّلتُ سَيرَ مَنيتي / إِن الطَريق إِلى الفَناء معبّد
هَيهات لَستُ بِخادع عَينُ الرَدى / عَين الرَدى يَقظى وَعَينك تَرقد
أَنا أَنتَ بَعد المَوت لا مُستعبد / حرّاً فَأَحقره وَلا مُستعبَد
وَرَأَيت خَزاف الحَياة يَذلها / فَيَدوسها وَيعزّها فَينضد
هَل كانَ سَعد كَما علمت مِن الوَرى / فَيَموت كلا إِن سَعدَ لأَوحَد
هَبَت عَواصف نَعيه مصريةً / فَإِذا بِها شَرقية تَتَمَرد
وَطَفقت أَسأل يَومه فَإِذا بِهِ / يَومٌ لَعمر المَوت أَبكم أَسوَد
وَأَرتبت في الأَقدار لَيلة نَعيه / وَلحدت ريبي يَوم قيل سَيُلحد
فُجِعت بَنو مَصر بِفَقد زَعيمها / اللَهُ أَكبر أَي أَروَع تَفقد
يا سَعد يا ابن النيل رَنَّقَ ماءه / ثكلُ البَنين وَهَل كَسَعدِ يولد
مصر الَّتي فَقدتك قَلب خافق / وَالشَرق أَضلعه الَّتي تتَوقَد
وَكَأَنَّها كَبد يَصرّعها الأَسى / وَكَأَنَّهُ لَمّا تَعلقها يَد
عَبدتك مصر وَأَنتَ باعث مَجدها / إِن البُطولة مُنذُ كانَت تعبد
رَب البُطولة عَبدَها قَذَفت بِهِ / شَمل الخُطوب يَبيدها وَيبدد
يَلقى الخُطوب وَقَد طَغى تَيارها / فَإِذا بِهِ صَخر هُنالك جَلمد
وَإِذا بِها لجج تَدافع موجها / فَيصدها فَتحورُ عَنهُ وَيَصمد
وَإِذا بِهِ فَوقَ الأَكُفِّ مُكَلل / بِالغار يَكبره الوَرى وَيمجد
وَإِذا بِهِ تَحتَ الصَفيح بِمعبد / وَالكَعبة الغَراء حَيث المَعبد
وَإِذا بِهِ عَينُ الخُلود وَسره / تَعنو لَهُ حر الوجوه وَتَسجد
يا سَعد شَأنك وَالبُطولَةَ أَنَّها / تَجثو لَديك وَأَنتَ أَنتَ السَيد
اللَهُ في سَبع وَستين اِنطَوت / وَالمَوت مَضاء العَزيمة يَطرد
نَصب الحَبائل جمة فَتَقَطَعَت / وَعهدته يَرمي السِهام فَيقصد
ما كانَ في المَنفى بِأَخفق مِنهُ في / مصر يَريشُ سِهامه وَيسدد
وَرَأى بطولتك الَّتي صَمدت لَهُ / وَكَأَنَّها درع عَليك مسرَّد
فَرَمى حَبائِله وَحَطم قَوسه / وَأَتى سَريرك خائِفاً يَتَرصَد
فَسَقاك خَمرةَ كَأسِهِ فَعَرفتها / وَجرعتها وَأَنا اِنتَهَيت تردد
نعم اِنتَهيتَ وَإِنما تِلكَ القوى / نور يَفيض وَجذوة لا تَهمد
فَهَدت سَبيل الشَرق في ظَلماته / فَجَرى يَغوّر في الحياة وَينجد
وَهَوَت بِكلكلها عَلى أَعدائِها / وَتَفَرَغَت مَصرٌ لِمَن يَتَنَمرَد
الفرقد الهادي يحجبّه الثَرى / فَمَتى يَؤوب وَأَينَ يَطَلَع فَرقد
يا حَسرَتاه عَلى البِلاد يَقيمها / غَدر المَنية بِالرَئيس وَيَقعد
زَفراتها زَفَراتُ مَصر تَصدَعَت / مِن هولهن قُلوبنا وَالأَكبد
عيبال مُنذ تَزَلزَلَت أَركانَه / ما اِنفَك يَسعده نَداك وَيَسعد
عَزَّيته بِمصابه وَوَصلته / حَسبي عَزاؤك نَعمةً لا تَجحد
جود خَتَمت بِهِ الحَياة وَإِنَّهُ / لختام أَلف صَنيعة لَكَ تَحمد
وَلَقَد نَعيت لَهُ فَباتَ وَحُزنه / عَين تَسيل بِهِ وَعَين تَجمد
هَذا ثَرى مَصرَ الَّتي أَحببتها / نَم هادِئاً يا سَعدُ طابَ المرقد
تَفديك أَفئِدَة تَود لَو أَنَّها / أَمسَت هِيَ الرَمس الَّذي تَتَوسد
وَتَود لَو أَن الأَزاهير الَّتي / قَد كَللوك بِها عُيون تَسهد
الروح وَالريحان خَير تَحية / وَالسَلسَبيل وَلَست تَظمأ مَورد
لَم يَخل مِنكَ الذكر في وَطَن وَما / بَرِحَت لِذكرك لَوعة تَتَجَدَد
كَفْكِفْ دموعَكَ ليس ين
كَفْكِفْ دموعَكَ ليس ين / فَعُكَ البكاءُ ولا العويل
وانهضْ ولا تشكُ الزما / نَ فما شكا إلاَّ الكسول
واسلكُ بهمَّتِكَ السَّبي / لَ ولا تقلْ كيف السَّبيلُ
ما ضَلَّ ذو أملٍ سَعى / يوماً وحكمتهُ الدَّليلُ
كلاَّ ولا خاب امرؤٌ / يوماً ومقصْدهُ نبيلُ
أْفنَيْتَ يا مسكيُن عُم / رَكَ بالتَّاوُّهِ والحزَنْ
وقعدتَ مكتوفَ اليديْ / ن تقولُ حاربني الزَّمنْ
ما لمْ تقمْ بالعبئِ أن / تَ فَمَنْ يقوم به إذن
كم قلتَ أمراض البلا / د وأنتَ من أمراضها
والشؤم علتها فهل / فتشت عن أعراضها
يا مَنْ حملْتتَ الفأْسَ ته / دِمها على أنْقاضِها
أُقعدْ فما أنتَ الذي / يَسْعى إلى إنهاضها
وانظرْ بعينيْك الذئا / ب تعُبُّ في أحواضها
وطنٌ يُباعُ ويُشترى / وتصيحُ فليحيَ الوطنْ
لو كنتَ تبغي خيْرَهُ / لبذلتَ من دمِك الثمنْ
ولقمتَ تضْمِدُ جرحهُ / لو كنتَ من أهلِ الفطنْ
أضحى التشاؤُمُ في حدي / ثك بالغريزَةِ والسَّليقهْ
مِثل الغرابِ نَعى الدّياَ / ر وأسْمَعَ الدّنيا نعيقَهْ
تِلكَ الحقيقةُ والمريضُ / القلبِ تجرُحهُ الحقيقةْ
أملٌ يلوحُ بريقهُ / فَاستَهْدِ يا هذا بَريقَهْ
ما ضاقَ عيشك لو سعي / ت له ولوْ لمْ تشْكُ ضِيقَهْ
لكِنْ تَوَهَّمْتَ السَّقا / م فأسقمَ الوهْمُ البدنْ
وظننْتَ أنَّكَ قَدْ وَهَن / ت فَدَبَّ في العظم الوهنْ
اللهَ ثم أللهَ ما أْح / لى التَّضاُمنَ و الوفاقا
بوركْتَ مَؤتْمراً تأَّل / لف لا نزاعَ ولا شقاقا
كْم مِنْ فؤادٍ راقَ في / ه ولم يكنْ مِنْ قبلُ راقا
اليومَ يشربُ موطني / كأسَ الهناءِ لكمْ دهاقا
لا تعبأوا بمشاغبي / ن ترون أوْجههَم صِفاقاً
لا بُدَّ من فِئةٍ أُجِل / لكُمُ تَلَذُّ لها الفِتَنْ
تلك النفوسُ مِنَ الُّطفو / لة أُرْضعَتْ ذاكَ اللَّبنْ
نَشأت على حُبِّ الخِصا / م وبات يَرعْاها الضَّغَنْ
لا تَحْفِلوا بالمرْجفي / ن فإنَّ مَطْيَهمْ حقيرُ
حُبُّ الظهورِ على ظهو / ر الناسِ مَنْشَأُه الغرورُ
ما لمْ يكنْ فَضْلٌ يَزي / نك فالظُّورُ هو الفجورُ
سيروا بعيْن اللهِ أنتمْ / ذلكَ الأّملُ الكبيرُ
سيروا فقدْ صَفَت الصُّدورُ / تباركَتْ تلكَ الصُّدورُ
سيروا فَسُنَّتكُمْ لخْي / ر بلادكُمْ خَيْرُ السُّنَنْ
شدُّوا المودَّة والتآَ / لف والتَّفاؤُلَ في قَرَنْ
لا خوْفَ إنْ قامَ البِنا / ء على الفضيلةِ وارتكنْ
حيَّ الشبابَ وقُلْ سلا / ما إنَّكُمْ أَملُ الغَدِ
صَحَّتْ عزائمكُمْ على / دْفعِ الأَثيمِ المعْتدي
واللهُ مَدَّ لكُمْ يداً / تَعْلو على أقوى يدِ
وطني أزُفُّ لكَ الشَّبا / ب كأَّنهُ الزَّهَرُ النَّدي
لا بُدَّ مِن ثَمرٍ لهُ / يُوْماً وإنْ لمْ يَعْقِدِ
ريْحانُهُ العِلمُ الصَّحي / ح وروُحهُ الخلْقُ الحسنْ
وطَني وإنَّ القَلْبَ يا / وَطني بِحبَّكَ مُرْتَهَنْ
لا يَطمَئِنَّ فَإنْ ظَفِرْ / ت بما يُريدُ لكَ اطمأنْ
أهلاً بربِّ المهرجانِ
أهلاً بربِّ المهرجانِ / أهلاً بنابغةِ البيانِ
ملكِ القلوبِ المستقل / ل بعرِشها والصوْلجان
ومتوَّجٍ حالتْ أشعَّةُ / تاجهِ دونَ العيانِ
أْهلاً بشوقي شاعرِ ال / فُصْحى ومعْجزةِ البيانِ
يا فَرقدَ الشعراءِ كْم / من فرقدٍ لعُلاكَ رانِ
عَلَما الخلود مُنشَّرا / ن على سريركَ يَخْفُقان
جبريلُ ينفخُ في فؤا / دكَ ما يفيضُ على اللَّسان
وأمدًّ بالنفحات رو / حك حين طوَّف بالجنان
فإذا بأبكارِ الجنا / ن لديْكَ أْبكارُ المعاني
يا باكَي الفيحاءِ حي / ن أبتْ تقيمُ على الهوان
أيام كانت وردةً / بدم البواسل كالدّهان
أرسَلْتَ عنْ بردَى سلا / مك في لظى الحرب العوانِ
وذرفتَ دمعاً لا يُكفْ / كف هيَّجتْةُ الغُوطْتانِ
البيتُ ممَّا قُلْتَهُ فيهِ / تخايلُ جنَّتانِ
أبداً رثاؤكَ فيهما / عينانِ دمعاً تجريانِ
هذا وإنَّ جناهما / لَلْصَّعْبِ فاعجب وهو دانِ
عَرِّجْ على حطّينَ واخ / شعْ يُشْجِ قلبكَ ما شجاني
وانظرْ هُنالِكَ هل ترى / آثار يوسف في المكانِ
أْيقِظ صلاحَ الدين رَب / ب التَّاج والسَّيف اليماني
ومثيرَها شَعْواءَ أي / يوبيَّةَ الخيْلِ الهِجانِ
بالعاديات لديْه ضبحاً / والأَسنَّةُ في اللَّبانِ
ترْمي بمارِجها وما / غيْرَ العجاجة من دخانِ
في كلِّ خطَّارٍ على ال / أَخطار صَبَّارِ الَجنانِ
حَلقَاتُ أدرعِهمْ قيو / د الموْتِ في دَرَك الطعانِ
وسيوفُهم ماءُ الحميمِ / على مضاربهنَّ آنِ
والخيلُ طَوْعُ كماتِها / في النَّقْعِ مُرْخاة العِنان
لا تنثني أو تحرزَ ال / قَصَباتِ في يومِ الرّهانِ
حِطَّينُ يومُك ليس ين / كر شاهديه الخافقانِ
تتطايرُ الأَرواحُ فيه / من السِّنان إلى السِّنان
وترى السِّهامَ مُقَوَّما / ت فوْقَ أجسامٍ حَوانِ
فإذا أديمُ الأَرض أح / مر من دمِ الافرنج قانِ
يُسْقَوْن من كأس الرَّدى / ومليكُهم ظمآن عانِ
حتى انجلى رَهَجُ الوغى / والنَّصْرُ مَرموقُ العنان
ومشى صلاحُ الدينّ تح / ت لوائِهِ في مِهْرجانِ
وعلا الأذانُ ورجَّعَتْ / تكبيرَهُ شَرَفُ الأذانِ
اَمقوِّضَ الدُّولاتِ مَنْ / لي مِنْ صُروفِك بالأَمانِ
دُكَّت صُروحٌ ما بنى / أْمثاَلها في المجدِ بانِ
جَلَّ المصابُ أبا علي / يٍ فابْكِ هاتيكَ المغاني
ذهبَ الذين عهدتَهم / لا يصبرون على الهوانِ
في مصرَ يطمعُ أْشعَبٌ / وهنا تنادى أْشعبانِ
وهنا التخاذُلُ في الشَّدا / ئد والتشَّاؤُمُ والتَّواني
والنَّفسُ يقتُلُ عزمها / طولُ التَّعلُّلِ بالأماني
خُذْها إليكَ وأنتَ عن / هايا أميرَ الشِّعر غان
حسناءَ فيها للصَّبا / نزقٌ على خَفَرِ الحسان
نفَحانُها مِنْ كرمْةٍ / تُعزى إلى الحسن بنِ هاني
هَيْهاتَ تبلغُ شأوَكَ الش / شعراءُ يوماً أوْ تداني
ما كنتُ أَرغبُ أن أسمَّى قاسياً
ما كنتُ أَرغبُ أن أسمَّى قاسياً / فأُنفِّر الأَحلامَ من عينيْها
والشوقُ يدفعني إلى إيقاظها / ويدي تُحاذرُ أن تُمدَّ إليها
وكأنما شعَرَ الرقادُ بنعمةٍ / فأقام غيرَ مفارقٍ جفنيها
ويلٌ لقلبي كيف لم يفتك به / مرأى تقلبُّها على جنبيها
وتنهَّدتْ مما تكنّ ضلوعُها / يا شوقُ ويحكَ لا ترع نهديها
حسبي جوىً أنّي نظرتُ لشعرها / ينكبُّ مرتشفاً ندى خدّيها
وأغارُ منه إذا اطمأنَّ بها الكرى / ويُثيرنُي متوسّداً زَنديها
أرنو بلهفة عاشقٍ لم يبقَ من / صبر لديَّ وقد حنوتُ عليها
فيصدُّني أدبي فأُبعدُ هيبةً / وأودُّ لو أجثو على قدّميها
فالنفَّسُ بين تهيبُّبٍ ممَّا ترى / وتلهّبٍ فاْحترتُ في أمريْها
ولعلَّ أشواقي بلَغْن بيَ المدى / فوقعتُ لا أصحو على شفتيْها
خَلّفت قَلبي فَوقَ سَفح الكرملِ
خَلّفت قَلبي فَوقَ سَفح الكرملِ / حيرانَ يَسأل عَنكِ أَهل المَنزلِ
خَلّفته يَهفو عَلى غُرَفِ الهَوى / في شَكل طَير بَينَهُم مُتَنَقِّلِ
لَم يَعلَموا ما سِرّه فَإِذا بَكى / حَسبوه يَضحك للربيع المُقبلِ
يا زَهرَةَ الوادي أَتيتُ بِزَهرة
يا زَهرَةَ الوادي أَتيتُ بِزَهرة / لَكِ مِن رُبى لُبنان فاحَ شَذاها
وَالزَهر أَبهى مَنظَراً مَعَ أُمه / فَنقلتها مَعها فَزادَ بهاها
وَحَفظتها لَك في الطَريق مِن الأَذى / وَلِأَجل عَينكِ أَضلُعي مَثواها
وَجَمَعتُ في آذارَ بَينَكُما فَما / أَحلاك في قَلبي وَما أَحلاها
إِني جَمعتكما وَلَكن لَم يَطل / أُنسي بِقُربكما فَواهاً واها
واهاً عَلى ساعات لَهوٍ كُنتُما / يا زَهرَتّي هَناءَها وَصفاها
واهاً على روحي الَّتي خَلَّفتها / بَينَ الرُبى وَالروح حَيث هَواها
واهاً عَلَيها مُهجةً ضَيعتها / فَإِذا سَأَلتكما فَهَل أَلقاها
يا أَيُّها البلد الكَئيبُ
يا أَيُّها البلد الكَئيبُ / حياكَ مُنهمر سَكوبُ
لا تَبتئس بِالظُلم إن / ن غَداً لَناظرهِ قَريب
وَغدٌ عَصيبٌ لا يَسر / ر الظالمين غدٌ عَصيب
أَشرق بوجهك ضاحِكاً / وَلشمس شانئك الغُروب
ما بَعد غَمّك غَير يو / م تطمئن بِهِ القُلوب
لَهفي عَلى البَلَد الكئي / ب تَعطَلت أَسواقُهُ
عارٍ كَما أَعرورى الخري / ف تَساقَطَت أَوراقه
خَفقت جَوانحه أَسىً / وَتَقرّحت آماقه
صَبراً فَإِن الصَبر قَد / يَحلو بِفيك مَذاقه
هَذا عَدوّك لا يَرع / ك وَهَذِهِ أَخلاقُهُ
بلفور كَأسك مِن دَم الش / شهداء لا ماء العنَب
لا يَخدعنّك أَنها / راقت وَكللها الحبب
فَحبابها الأَرواح قَد / وَثبت إِلَيك كَما وَثَب
فَاِنظُر لِوَجهك إِنَّهُ / في الكَأس لوّحه الغضب
وَاِنظُر عمِيت فَإِنَّهُ / مِن صَرخة الحَق التهب
بلفور يَومك في السَما / ء عَلَيك صاعِقَة السَماء
ما أَنَت إِلا الذئب قَد / صَوّرت مِن طين الشَقاء
وَالذئب وَحشٌ لَم يَزَل / يَضرى بِرائحة الدِماء
إِخسأ بِوعدك إِن وَع / دك دونه رَب القَضاء
وَإِلى جَهَنَم أَنتُما / حطب لَها طول البَقاء
إِخسأ بوعدك لَن يَضي / ر الوَعد شَعباً هَبَّ ناهض
لا تَنقض الوَعد الَّذي / أَبرَمتهُ فَلَهُ نَواقض
وَيل لِوَعد الشَيخ مِن / عَزمات آساد روابض
أَتَضيع يا وَطَني وَها / عرق العُروبة فيَّ نابض
فَلأذهبن فِداءَ قَومي / في غِمار المَوت خائض
بشراك يا وَطَني فَقَد / نُفض الرقاد عَن البِلادِ
نَهَضَت بَواسل فيك تق / ذف بِالنُفوس إِلى الجِهاد
شَقوا الطَريق إِلى العُلا / وَخَطوا عَلى نَهج السَداد
وَلَسَوف تَنطق في سَبي / ل الحَق أَلسِنَةُ الجَماد
وَالوَيل يا وَطَني لِمَن / أَضحى يصرّ عَلى العِناد
بُشراك يا وَطني فَقَد / نَهَضَت بِكَ الغيد الأَوانس
حيّت جُموعَ الغانيا / ت عُيونُ نَرجسك النَواعس
أَقبَلنَ مِن باب الخَلي / ل يمسن في سود المَلابس
وَصَرَخنَ في وَجه العَمي / د وَحقهن لَهُنَ حارس
وَطَني ظَفرت إِذا النِسا / ء هَتفنَ باسمك في المَجالس
وَطَني عَلَينا العَهد جَم / عاً أَن نَسير إِلى الأَمام
وَنَعيش إِخواناً عَلى / مَحض المودّة وَالوِئام
وَنَردَّ عَنكَ النازِلات / مسابقين إِلى الحمام
وَنَكون في إِعلاء شَأ / نك عاملين عَلى الدَوام
حَتّى تُرى مُتفيئاً / ظَلَّ الكَرامة وَالسَلام
لمّا تَعَرَّضَ نَجْمُك المنحوسُ
لمّا تَعَرَّضَ نَجْمُك المنحوسُ / وترنَّحت بِعُرى الحِبالِ رؤوسُ
ناح الأّذانُ وأعولَ الناقوسُ / فالليل أكدرُ والنَّهارُ عَبوسُ
طَفِقَتْ تثورُ عواصفُ / وعواطفُ
والموت حينا طائف / أو خاطفُ
والمعْولُ الأَبديّ يُمْعِن في الثرى / لِيردَّهمْ في قلبِها المتحجِّرِ
يومٌ أطلَّ على العصور الخاليَهْ / ودعا أمرَّ على الورى أمثاليَهْ
فأجاَبهُ يومٌ أجلْ أنا راويُهْ / لمحاكم التَّفتيش تلكَ الباغِيَهْ
ولقد شهدتُ عجائبا / وغرائبا
لكنَّ فيكَ مصائبا / ونوائبا
لم ألْقَ أشباهاً لها في جورِها / فاسأل سوايَ وكم بها مِنْ منكَرِ
وإذا بيومٍ راسفٍ بقيودِهِ / فأجابَ والتاريخُ بعضُ شهودهِ
أُنظرْ إلى بيضِ الرَّقيقِ وسودِهِ / مَنْ شاءَ كانوا مُلكَهُ بنقودِهِ
بشرٌ يُباعُ ويُشترى / فتحرَّرا
ومشى الزَّمانُ القهقرى / فيما أرى
فسمعتُ منْ منعَ الرَّقيقَ وبَيْعهُ / نادى على الأَحرارِ يا مَنْ يشتري
وإذا بيومٍ حالكِ الجِلْبابِ / مُتَرنّحٍ من نَشْوةِ الأوصْابِ
فأجابَ كلاّ دون ما بكَ ما بي / أنا في رُبى عاليه ضاع شبابي
وشهدتُ للسفَّاح ما / أبكى دما
ويل له ما أظلما / لكنما
لم ألْقَ مِثْلَكَ طالعاً في روعةٍ / فاذهبْ لعلَّكَ أنتَ يَومُ المحشرِ
اليومُ تُنكرهُ اللَّيالي الغابرهْ / وتظلّ تَرْمقُه بعينٍ حائره
عجباً لأحكام القضاءِ الجائرهْ / فأخفُّها أمثالُ ظُلمٍ سائره
وطن يسيرُ إلى الفناءْ / بلا رجاءْ
والداءُ ليس له دواءْ / إلا الإباءْ
إن الإباءَ مَناعةٌ إن تَشْتَمِلْ / نفسٌ عليه تَمُتْ ولَّما تُقهرِ
الكلُّ يرجو أن يُبكِّرَ عَفْوُهُ / نَدْعو له ألاّ يُكّدَّرَ صفُوهُ
إنْ كان هذا عطفُهُ وحُنُوُّهُ / عاشتْ جلاَلتُهُ وعاشَ سُموّهُ
حَمَلَ البريدُ مُفصِّلاً / ما أجملا
هَلا اكتَفَيتَ تَوَسُّلا / وَتَسَوُّلا
والموتُ في أخذِ الكلامِ وردَّهِ / فخذِ الحياةَ عن الطرَّيقِ الأقصرِ
ضاق البريدُ وما تغيَّرَ حالُ / والذّلّ بين سطورِنا أشكالُ
خُسْرانُنا الأَّرواح والأموالُ / وكرامةٌ يا حسرتا أسمالُ
أوَتُبصرونَ وتسألونْ / ماذا يكونْ
إنَّ الخداعَ له فنونْ / مثْلَ الجنونْ
هيهات فالنفس الذليلة لو غدت / مخلوقةً من أعينٍ لم تُبْصرِ
أَّنى لشاكٍ صوتُه أنْ يُسُمَعا / أَنَّى لباكٍ دمعهُ أنْ يَنفعا
صخرٌ أحسَّ رجاءَنا فتصدَّعا / وأتى الرجاءُ قلوبَهم فتقطَّعا
لا تعجبوا فمن الصخورْ / نبعٌ يفورْ
ولهم قلوبٌ كالقبورْ / بلا شعورْ
لا تلتمسْ يوماً رجاءً عندَ مَنْ / جرَّبْتَهُ فوجدتَهُ لم يَشْعُرِ
أنا ساعةُ النفسِ الأَبيَّه
أنا ساعةُ النفسِ الأَبيَّه / الفضلُ لي بالأَسبقيَّهْ
أنا بِكْرُ ساعاتٍ ثلاثٍ / كلها رمزُ الحميَّهْ
بِنْتُ القضيَّةِ إنَّ لي / أثراً جليلاً في القضيَّهْ
أَثرَ السّيوف المشْرَفِي / يَةِ والرماحِ الزاغبيَّهْ
أودعتُ في مُهجِ الشبي / بة نفْحةَ الرّوحِ الوفيَّةْ
لا بدَّ من يوم لهم / يَسْقي العدى كأسَ المنيَّهْ
قسماً بروح فؤاد تص / عَدُ من جوانِحِهِ زكيَّهْ
تأتي السماءَ حفيّةً / فتحلّ جنَّتَها العليَّهْ
ما نال مرتبةَ الخلو / د بغْيرِ تضحيةٍ رضيَّهْ
عاشتْ نفوسٌ في سبي / ل بلادها ذهبتْ ضحيَّهُ
أنا ساعةُ الرجل العتيدِ
أنا ساعةُ الرجل العتيدِ / أنا ساعةُ البأسِ الشديدِ
أنا ساعةُ الموت المشر / رف كلَّ ذي فعلٍ مجيدِ
بطَلي يُحطَّمُ قيدَهُ / رمزاً لتحطيم القيودِ
زاحمتُ مَنْ قَبْلي لأْس / بقَها إلى شَرَفِ الخلود
وقَدحتُ في مُهجِ الشبا / بِ شرارةَ العزمِ الوطيد
هيهاتَ يُخدَعُ بالوعودِ / وأن يُخدَّرَ بالعهود
قسماً بروحِ محمدٍ / تَلْقى الردى حُلْوَ الورودِ
قسماً بأُمَّكَ عند مو / تِكَ وهي تهتف بالنَّشيد
وترى العزاءَ عَنْ ابنِها / في صيتِهِ الحسنِ البعيدِ
ما نال مَنْ خدمَ البلادَ / أَجلَّ من أجْرِ الشهيدِ
أنا ساعةُ الرّجل الصَّبورِ
أنا ساعةُ الرّجل الصَّبورِ / أنا ساعةُ القلبِ الكبيرِ
رمزُ الثَّباتِ إلى النَّها / ية في الخطيرِ من الأُمورِ
بطَلي أشدّ على لقا / ءِ المَوتِ من صمّ الصخورِ
جذلان يرتقبُ الردى / فاعجبْ لموتٍ في سرورِ
يَلْقى الإله مُخَضَّب ال / كفَّيْن في يومِ النّشورِ
صَبْرُ الشبابِ على المصابِ / وديعتي ملءُ الصّدورِ
أْنذرتُ أعداءَ البلادِ / بشرِّ يومٍ مُستطير
قسماً بروحك يا عطا / ء وجنَّةِ الملكِ القديرِ
وصغاركَ الأشبالِ تبكي / اللَّيثَ بالدّمعِ الغزير
ما أنقذَ الوطنَ المفدَّى / غيرُ صبًّارٍ جَسورِ
أجسادهمْ في تربة الأوطانِ
أجسادهمْ في تربة الأوطانِ / أرواُحهُم في جنَّةِ الرّضْوانِ
وهناكَ لا شكوى من الطغيانِ / وهناك فيْضُ العفْوِ والغفرانِ
لا ترْجُ عفواً من سواهْ / هو الإلهْ
وهو الذي ملكَتْ يداهْ / كلَّ جاهْ
جَبَروُتُه فوق الذين يغرّهمْ / جَبَروُتُهمْ في برهمْ والأبحرِ
بَرقَتْ له مسنونةً تتلهَّبُ
بَرقَتْ له مسنونةً تتلهَّبُ / أمضى من القَدرِ المتاح وأغلبُ
حَزَّتْ فلا خد الحديدِ مخضَّبٌ / بدمٍ ولا نحرُ الذبيح مخضًّب
وجرى يصيحُ مصفّقاً حينا فلا / بصرٌ يزوغُ ولا خطىً تتنكَّب
حتى غَلَتْ بي ريبة فسألتُهمْ / خانَ السّلاحُ أم المنيَّةُ تكذب
قالوا حلاوةُ روحه رقصتْ به / فأجبتهم ما كلَّ رقصٍ يُطرب
هيهاتَ دونكه قضى فإذا به / صَعقٌ يشرّق تارة ويغرّب
وإذا به يزورُّ مختلف الخطى / وزكّيةٌ موتورةٌ تتصبَّبُ
يعدو فيجذبه العياءُ فيرتمي / ويكاد يظفر بالحياة فتهرب
متدفقٌ بدمائه متقلبٌ / متعلّقٌ بدَمائِه متوثب
أعذابهُ يُدْعى حَلاوةَ روحِه / كْم منطق فيه الحقيقةُ تُقلب
إنَّ الحلاوةَ في فمٍ متلمظٍ / شَرَهاً ليشرب ما الضحيَّةُ تسكب
هي فرحةُ العيدِ التي قامت على / ألمِ الحياةِ وكلُّ عيدٍ طيّبُ
روحي فِداءُ عصابةٍ زَرقاءِ
روحي فِداءُ عصابةٍ زَرقاءِ / لَمّت شُعورَ مَليحة حَسناءِ
ما زَيّنَتكِ وَإِنَّما زَيّنتِها / بِجوارها لجبينك الوضّاءِ
وَدُنوّها مِن مُقلة مَكحولة / فَتّانةٍ فَتّاكةٍ حَوراءِ
إِن الجمال إِذا تجمّع شَمله / فَالوَيل كُل الوَيل للشعراءِ
شوقي يقول وما درى بمصيبتي
شوقي يقول وما درى بمصيبتي / قم للمعلم وفّه التبجيلا
اقعد فديتك هل يكون مبجلاً / من كان للنشء الصغار خليلا
ويكاد يقلقني الأّمير بقوله / كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرّب التعليم شوقي ساعة / لقضى الحياة شقاوة وخمولا
حسب المعلم غمَّة وكآبة / مرآى الدفاتر بكرة وأصيلا
مئة على مئة إذا هي صلِّحت / وجد العمى نحو العيون سبيلا
ولو أنّ في التصليح نفعاً يرتجى / وأبيك لم أكُ بالعيون بخيلا
لكنْ أصلّح غلطةً نحويةً / مثلاً واتخذ الكتاب دليلا
مستشهداً بالغرّ من آياته / أو بالحديث مفصلاً تفصيلا
وأغوص في الشعر القديم فأنتقي / ما ليس ملتبساً ولا مبذولا
وأكاد أبعث سيبويه من البلى / وذويه من أهل القرون الأُولى
فأرى حماراً بعد ذلك كلّه / رفَعَ المضاف إليه والمفعولا
لا تعجبوا إن صحتُ يوماً صيحة / ووقعت ما بين البنوك قتيلا
يا من يريد الانتحار وجدته / إنَّ المعلم لا يعيش طويلا
هل كَفْرَ كَنَّه مُرجْعٌ لي ذكرُها
هل كَفْرَ كَنَّه مُرجْعٌ لي ذكرُها / ما فاتني من عنفوانِ شبابي
أمْ في صَباياها وفي رمّانِها / ما يبعثُ المدفونَ من آرابي
لو تنفعُ الذكرى ذكرتُ عشِيَّةً / زهراءَ بيْن كواعبٍ أترابِ
فيهنّ آسرةُ القلوب بحسنها / ودلالِها وحديثِها الخلاّبِ
روحٌ أخفُّ من النَّسيم وخاطرٌ / كالبرقِ مقرونٌ بحسنِ جوابِ
غرّ ثناياها وأشهد أَّنها / ممزوجةٌ رَشَفاتُها بشراب
نلقي أحاجيَ بيننا فتثيرنا / للضّحكِ خاطئةٌ وذاتُ صواب
ونردّد الأَلحانَ بينَ شجيَّةٍ / تُمري مدامعَنا وبيْن عِذابِ
ولقد نُعرّضُ باللِّقاء لموعدٍ / فيها ونُسْلكُها طريقَ عِتاب
قمنا وقد سقط الندى وتزاحفتْ / سُجُفُ الغمام ثقيلةَ الأَهدابِ
تُخفي محيّا البدر ثمَّ تُبينه / عبثَ المليحة دوننا بنقاب
وجَفَتْ مضاجِعَها الجنوب وملؤها / خفقان مضطَرمِ الهوى وثّابِ
بتنا على صَفْوٍ وخوفِ تفرّقٍ / للعاشقين مُهيّئِ الأَسبابِ
نيسانُ هان علي حكُمك بالنَّوى / لما تحطّمت المنى في آب
يا ليتَ من فَجَعَتْ فؤادي بالنوى / لم تُبقِ لي ذكرى تُطيلُ عذابي