القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن الدَّهّان المَوصِلي الكل
المجموع : 20
أَعَلِمتَ بَعدَكَ وَقفَتي بالأَجرَعِ
أَعَلِمتَ بَعدَكَ وَقفَتي بالأَجرَعِ / وَرِضا طلولِكَ عَن دُموعي الهُمَّعِ
مَطَرت غَضاً في منزليكَ فَذاوياً / في أَربُعٍ وَمؤَجَّجاً في أَضلعِ
لَم يَثنِ غَربَ الدَمعِ ليلة غَرَّبَت / وَلَعُ العَذولِ بفرطِ عَذلِ المولَع
يَلحى الجُفونَ عَلى الدُموعِ لبينهم / وَالعَذلُ كلُّ العَذل إِنْ لَم تَدمَع
دَعني وَما شاءَ اللَدودُ ولامَني / واِقصد بِلَومِكَ مِن يطيعُكَ أَو يَعي
لا قَلبَ لي فأَعي المَلامَ فإنَّني / أَودَعتُهُ بالأَمسِ عند مُودِّعي
هَل يَعلَمُ المتحَمِّلونَ لنجعَةٍ / أَنّ المنازلَ أخصبت من أَدمعي
كَم غادَروا حَرَضاً وَكَم لِوَداعِهم / بَينَ الجَوانحِ مِن غَرامٍ مُودَعِ
أمَروا الضُحى أَن يَستَحيل لأَنَّهم / قالوا لشمسِ خُدورِهم لا تطلعي
تَحمي قبابَهم ظُبىً في كِلَّةٍ / وَتَذودُ عنهم أسهُمٌ في بُرقُع
قُل لِلبَخيلَة بالسَلام تورّعاً / كَيفَ اِستَبحتِ دَمي وَلَم تَتَورّعي
وَبَديعَة الحُسنِ الَّتي في وَجهِها / دونَ الوجوه عِنايَةٌ لِلمُبدِعِ
بَيضاءُ يُدنيها النَوى وَيُحلّها / إِعراضُها في القَلبِ أَكرمَ مَوضِعِ
ما بالُ مُعتَمِرٍ بربعِكِ دائماً / يَقضي زِيارَتَه بِغَيرِ تمتُّعِ
كَم قَد هَجَرتِ إِذ التَواصلُ مَكسَبٌ / وَضَررتِ قادِرَةً عَلى أَن تنفَعي
ما كانَ ضرَّكِ لَو غَمزتِ بِحاجِبِ / عِندَ التَفَرُّقِ أَو أَشَرتِ بإِصْبَعِ
وَوَعدتِني إنْ عُدتِ عَوْدَ وِصالِنا / هَيهاتَ ما أَبقى إِلى أَن تَرجِعي
هَل تَسمَحين بِبَذلِ أَيسر نائِلٍ / أَن أَشتَكي وَجدي اليك وَتَسمَعي
أَو شاهِدي جَسَدي تَريْ أَثَرَ الضَنى / أَو فاسأَلي إِن شِئتِ شاهِدَ أَدمعي
فالسقمُ آيةُ ما أُجنّ مِن الهَوى / وَالدَمعُ بَيّنةٌ عَلى ما أَدّعي
وَتيقَّني أَنّي بحبِّكِ مُغرَمٌ / ثُمَّ اصْنَعي ما شِئتِ بي أَن تَصنَعي
يا صاحِ هَل أَبصرتَ بَرقاً خافياً / كالسَيفِ سُلَّ عَلى أَبارقِ لَعلَع
بَرقٌ إِذا لَمَعَ اِستطار فُؤادُهُ / وَيَبيتُ ذا قَلَقٍ إِذا لَم يَلمَعِ
فَسَقى الرَبيعُ الجَونُ رَبعاً طالَما / أَبصرتُ فيهِ البَدرَ لَيلَةَ أَربَعِ
وَعلامَ أَستَسقي لَهُ سَيلَ الحَيا / يَكفيهِ ما نَسقيهِ فَيضَ الأَدمُعِ
وَلَو اِستَطعت سَقيته سَيلَ الحِبا / مِن كَفِّ يُوسُف بالأَدَرِّ الأَنفعِ
بندى فَتىً لَو أَنَّ جودَ يَمينِه / لِلغَيثِ لَم يَكُ مُمسِكاً عَن مَوضِع
صَبٌّ بأَسباب المَعالي مُغرَمٌ / كَلِفٌ بأَبكارِ المَكارِم مولَعِ
لِلمُعتفين رَخاءُ ريحٍ سَجَسجٍ / وَالمُعتَدينَ عجاجُ ريحٍ زَعزَعِ
رَبُّ المَكارمِ وُضَّحاً لَم تَستَقِر / بِدَنيَّةٍ يَوماً وَلَم تَتَمَنَّعِ
وَمُديمُ بذل النَفسِ غَيرُ مُفَرِّطٍ / وَكَثيرُ بَذلِ المالِ غَيرُ مُضَيِّعِ
فَإِذا تَبسَّم قالَ لِلجود اِندَفِقْ / فَيضاً وَيا سُحُبَ النَدى لا تَقلَعي
وَإِذا تنمَّر قالَ للأرضِ ارجِفي / بالصاهِلات وَلِلجبالِ تَزعزعي
وإِذَا عَلا في المجدَ أَعلى غايَةٍ / قالَت لَهُ الهِمَمُ الجِسامُ تَرَفَّعِ
ثَبتُ الجَنّانِ إِذا القُلوبُ تَطايَرَتْ / في الرَوعِ يَعدِل أَلفَ أَلفِ مُدرَّعِ
فَضَلَ الوَرى بِفَضائِلٍ لَم تَتَّفِقْ / في غَيرِهِ مَلِكاً وَلَم تَتَجمَّعِ
ما رامَ صَعبَ المُرتَقى مُتَباعِداً / إِلّا وَكانَ عليه سَهلَ المطلعِ
جَمعَ الجيوشَ فَشَتَّ شَملَ عُداتِه / ما فَرَّقَ الأَعداءَ مِثلُ تجمُّعِ
لَم يَثنهِ عَن نَصرِهِ خُلفاءَهُ / عِظَمُ العَدوِّ وَلا بِعادُ الموضِعِ
بِجَحافِلٍ مثلِ السُيولِ تَدافَعَت / وَإِذا السيولُ تَدافَعت لَم تُدفَعِ
من تُبَّعٍ فَلَكَم له مِن تابِعٍ / أَوفى وأَوفَر عِزّةً مِن تُبَّعِ
مِن دَوحَةٍ شاذيّةٍ أَرِجَتْ لَها الدُّ / نْيا لِطيبِ شَذىً لَها مُتَضوّع
المُعرِضينَ إِذا تَعرَّضَ مَطمَعٌ / وَالمُقبلينَ إِذا دُعوا في مَفزَع
وَالناثِرينَ الهامَ يَبرقُ بَيضُهُ / وَالخارِقين مُضاعَفاتِ الأَدرُعِ
قَومٌ إِذا يَقَعُ الصَريخُ تَبادَروا / نَحوَ الحِمامِ بِكُلِّ أَبلج أَروَع
لا يَغْرُرَنَّ الرومَ بُعدُ دِيارِهِم / إِنَّ الخَليجَ لَدَيكَ أَقرَبُ مشرَع
لَو أَنَّ مِثلَ البَحر سَبعَةُ أَبحُرٍ / مِن دونِهِم وأَزدتَهم لَم تُمْنَعِ
كَم وَقفَةٍ لَك في الوَغى مَحمودَةٍ / أَبَداً وَكَم جودٍ حَميدِ المَوقِعِ
وَالطَيرُ مِن ثِقَةٍ بأكلٍ مُشبِعٍ / تَبِعَت جُيوشَكَ فَوقَ غابٍ مُسْبِعِ
وَالناسُ بَعدكَ في المَكارِم وَالعُلى / رَجُلانِ إِمّا سارِقٌ أَو مُدّعي
يا غَيثُ لا تَسجُم وَما حمل مَربَعي / بنَداكِ إِلّا ذو غَدير مُترَعِ
راجَعتُ فيكَ الشِعرَ بعد طَلاقِه / طَمَعاً بِجودِك أَيّ مَوقعِ مَطمَعِ
فَسؤالُ جودِكَ عِزَّةٌ للمجتدي / وَنَداكَ تَشريفٌ وَعِزَّةُ موضِع
فاذا بَقيتَ فَلَستُ أَحفَلُ مِن مَضى / وَإِذا حَيِيتَ فَلا أُباليَ مِن نُعي
لَولاكَ لَم أَرضَ القُنوعَ وَذِلَّتي / مِن بَعدِ طولِ تَعزُّزٍ وَتَقنُّعِ
فاسْلَمْ عَلى مَرِّ الزَمانِ مُمتَّعاً / بِعَظيمٍ مُلكِكَ وَالمحلِّ الأَرفعِ
ما نامَ بعدَ البين يَستَحلي الكرى
ما نامَ بعدَ البين يَستَحلي الكرى / إِلّا ليطرُقَه الخَيالُ إِذا سَرى
كَلِفٌ بِقُربكَمُ فَلمّا عاقَهُ / بُعدُ المَدى سَلَك الطَريقَ الأَخصَرا
وَإِذا تَصوَّرَ أَن يُصورك الكَرى / فَمِن الظَلالِ لمقلَةٍ أَن تَسهَرا
كَم نافِرٍ لا يُستَطاعُ كَلامُه / داريتَه بكرىً فَزارَ وَما دَرى
وَمُهَفهِفٍ ثِمِل القَوامِ وَحَقُّ مَن / حَملَ المُدامَةَ دائماً أَن يَسكَرا
رَيّانَ أَورقَ بالظَلامِ قَضيبُهُ / حُسناً فأزهر بِالصَباحِ وَنَورا
عَنفَ العَذولُ وَما رآهُ جَهالَةً / وَأَغارُ وَجداً أَن يَراهُ فَيُعذَرا
وَأَطالَ عَتبي لاحياً وَلَو أَنَّهُ / عَرفَ الَّذي يُلحي عَليهِ لأقصرا
فارَقته وَعدمتُ صَبري بَعدَهُ / فَفَقَدتُهُ وَفَقدتُ أَن أَتَصَبَّرا
لا تَنكرن فيضَ الدُموعِ فمنكَرٌ / أَن لا يَكونَ نَواهُ نَوءاً مُمطِرا
أَبكي لِذِكرِ العيشِ عِزَّ طِلابِهِ / وَالعَيشُ ما أَبكاكَ أَن يُتَذَكَرّا
يا طالِباً بالبين قَتلي عامِداً / أَحسَبتَني أَبقى عَلى أَن تَهجُرا
وَموَدُعٍ أَم التفرّقُ دمعَهُ / وَنَهَتهُ رِقبَةُ كاشِحٍ فَتَحيَّرا
يَبدو هِلالٌ مِن خِلالِ سُجوفِه / لَو مُراقبةُ العُيونِ لأَبدَرا
حَذر العُيونِ فَلَيسَ يُلقى سافِراً / مِن حُسنِ وَجهٍ لَيسَ يَفتأ مُسفِرا
مَنَعَت مُحاذَرةُ الوِشاةِ ظُهورَهُ / فَأَبى خَفيُّ الوَجدِ أَن لا يَظهَرا
وَرَمى فَأنفذ في الحَديدِ مُسرّداً / سَهماً وَما نَفَذ الحَريرَ مُسَتَرا
سَحَرت وَقَد قَتَلت لِحاظ جُفونُه / أَوَما كَفاها القَتل حَتّى تَسحَرا
فَحَذارِ أُسدَ الغابِ رَبربَ عالِجٍ / وَحَذارِ ثُمَّ حَذارِ ذاكَ الجؤذَرا
وَيلاهُ مِن واهي القُوى ذي رِقَّةٍ / قَويت عِلاقَةُ حُبّه فَتَحَيَّرا
فسأغتدي مِن يُوسُفيٍ مُقتَدٍ / بِعَزيز مصرٍ يوسُفٍ مستَنصرا
مَلِكٌ اذا أَبصرتَه فَلَقيتَهُ / أَبصرتَ بِشراً بالنَجاحِ مُبشِّرا
ردفُ الأَكارِم في مَدى بَذلِ النَدى / وَجَزى فَكانَ السابِقَ المُتأخِّرا
وَفَتىً اذا عَدوا السِنينَ فانَّهُم / عدوا السنى فَكانَ الأَكبَرا
كسبَ الَكارِمَ فاكتَساها لابِساً / مُلكاً وَكانَت تُستَعارُ وَتُشتَرى
في وَجهِهِ اِجتَمَعَ الجَمالُ وَسَيفُهُ / حَتفٌ وَكَفُّهُ غَيث الوَرى
ما حَلَّ رَبعَ المحلِ أَغبرَ قاتِماً / إِلّا وَأَصبَحَ مِن نَداهُ أَخضَرا
أَو سَلَّ يَومَ الرَوع أَبيضَ صارِماً / إِلّا وَعادَ مِن الأَعادي أَحمَرا
أَو هَزَّ في الهَيجاءِ أَسمَرَ ذابِلاً / إِلّا وَآلَ بِرأسِ طاغٍ مُثمِرا
تُردي الكَتائِبَ كُتبُه فاذا مَضَت / لم نَدرِ أَنَفَذ أَسطُراً أَم عسكرا
لَم يحسُنِ الأَترابُ فَوقَ سُطورِها / إِلّا لأَنَّ الجَيش يَعقُد عِثيرا
يا شاري المَدحِ الثَمين مُغالِياً / لَولاكَ أَصبحَ كاسِداً لا يُشتَرى
أَفنيت مالك واِقتنيتَ مَحامِداً / تَبقى مَدى الدُنيا وَتُفني الأَعصُرا
فسموتَ مُنتعِل السِماك وَتارِكاً / تَحتَ الثَرى مَن ماله تَحتَ السَرى
وَجعلتَ للآدابِ رَبعاً آهلاً / بنَدى يَدَيكَ وَكانَ رسماً مقفِرا
بَهَرَت صِفاتُكَ مادِحيك وَطالَما / وَقَد جاوَزَ الاحصاءَ أَن لا يبهرا
فَأَتاكَ مُقلا واِنثَنى المُشنى / المبرز قاصِراً لا مُقصِرا
وَالشامُ قَد أَضحى حِمىً بِكَ بَعدَما / أَشفى وَأَمّلت العِدى أَن تَظفِرا
أَمسى لِنورِ الدينِ لَيلاً مُظلِماً / حَتّى أَتيتَ فَكانَ صُبحاً نَيّرا
فَكأَنَّهُ داعٍ أُجيبَ دُعاؤُهُ / أَو كانَ خُيِّرَ في الوَرى فَتَخيّرا
وَأَتاكَ منشورُ الخَلافَةِ شاكِراً / لَكَ أَن أَعدتَ الحَقَّ حَيّاً منشرا
لما أعدتَ الحقَّ في أَربابِهِ / وَرددتَ لِلمستَوجبيهِ المِنبَرا
بَعث الامامُ لكَ الشعارَ مُصوِّراً / لِلناسِ أَنَّكَ في الضَميرش مُصورا
وَأَراهُم أَنَّ الخِلافَةَ مُقلَةٌ / أَصبحتَ أَنتَ سَوادَها وَالمحجَرا
فاِفخر بِما فَعَل الامامٌ عَلى الوَرى / وَكَفى بِما فَعَلَ الخَليفَةُ مفخرا
خِلَعٌ أَتَتكَ وَللعُلى في طَيِّها / نَشرٌ وَطَيّ عِداك في أَن تنشرا
وَأَحَقُّ مَن خَلعت عَلَيهِ مؤيد / خِلَعَ الَّذين بَغَوا عليهم أَعصُرا
أَضحى بَنو العَبّاسِ يَضحك مُلكُهُم / أَمناً وَأَنتَ سَدادُهُ أَن يُثغَرا
ما زَفَّ في عَصرٍ لِلَلِكٍ مثلَما / زَفَّ الحِسانُ إِلَيك بِكراً مُعصِرا
عِقدٌ ثَمين أَنتَ عارِفُ قَدرِهِ / وَلَدَيكَ قَومٌ يَعرِفونَ الجَوهَرا
ما مَن يَرى ضدَّ الَّذي قَد قالَه / مِثلَ الَّذي ما قالَ إِلّا ما سَرى
مِدح المُلوكِ فِرىً وَيوسفُ يوسِفٌ / ما مَدحُهُ الوافي حَديثاً يفترى
سَيفٌ بجَفنكَ مُغمدٌ مَسلولُ
سَيفٌ بجَفنكَ مُغمدٌ مَسلولُ / ماضٍ عَلى العُشّاقِ وَهوَ كَليلُ
يَهوى مُضارَبَة الجَريح بحدّهِ / وَيَهيمُ مِن شَغَفٍ بِهِ المَقتولُ
هَل عند مُعتَدِلِ القَوامِ لعاشِقٍ / عَدلٌ وَهَل عِندَ الجميلِ جَميلُ
رَشأٌ بَخيلٌ بِالسَلامِ أُحبُّهُ / ومن العَجائبِ أَن يُحبَّ بَخيل
وُمُعقرب الأَصداغ ما لِلَديغها / راقٍ وَلا لِعَليلها تَعليل
واذا تَبَدّى في سَماءِ قِبائِه / وَالسُكرُ يَعطِفُ عِطفَه فَيَميلُ
عقدَ القُلوبَ بِخصرهِ المَعقودِ اذ / حَلَّ العَزائم بندُه المَحلولُ
واذا صَباً أَو شَمالٌ مالَت ضُحىً / بالغُصنِ مالَ بِه صِبّاً وَشَمولُ
ان تكحل الكَحلاء وَهيَ غنيَّةٌ / فَكَذاك يُمهى السَيفُ وَهوَ صَقيل
يا بَدرُ عُذّالي عَلَيكَ كَثيرَةٌ / وَالمُسعِدون عَلى هَواكَ قَليل
وَأَليم هجركَ ما يَراكَ مواصِلي / وَلَذيذُ وَصلِكَ ما اليه وصول
لَهفي لِما في فيكَ طابَ مَذاقُهُ / مِن سَلسَبيلٍ ما اليه سَبيلُ
قَد جاءَ عُذّالي وجرتَ وَقاتِلي / سِيّانَ حُبٌّ قاتِلٌ وَعَذولُ
أَلقاكَ كَي أَشكو فأسكتُ هَيبَةً / وَأَقولُ ان عُدنا فَسَوفَ أَقولُ
وَأَغارُ أَن يأتي الَيكَ بِقصَّتي / غَيري وَلَو أَنَّ الرياحَ رَسولُ
انَّ الملاحةَ دَولَةٌ سَتَزولُ / وَأَميرُها بعذارِهِ مَعزولُ
بادِر باحسانٍ وَحُسنك لَم يَحُل / واعلم بأنَّ الحُسنَ سَوفَ يَحولُ
قَد بانَ في الخَدِّ الصَقيل لِناظِر / كَلَفٌ وَفي الغُصنِ الرَطيبِ ذُبول
كَم ذا الدَلال وَقَد كبرتَ وَخضرةٌ / في عارضيكَ عَلى العِذار دَليل
أَنا كنتُ أَولَ عاشِقيكَ وَقَد سَلا / غَيري وودّي بِالوَفاءِ ثَقيلُ
أَنتَ الحَبيبُ مِن البَريّة كُلِّها / وَمُحَمَّدٌ دونَ الوَرى المأمولُ
مَلِكٌ تَفَرَّد بِالجَمال فَلَم يَزَل / مُذ كانَ ذا مُلكٌ وَلَيسَ يَزولُ
غَذاه عِرقٌ في المَكارِمِ معرقٌ / وَنَماهُ أَصلٌ في الفَخار أَصيلُ
بَحر له بيضُ العَطايا لُجَّة / أَسَدٌ لَهُ سُمرُ العَوالي غيلُ
وَلَهُ العُلى وَلشانئيهِ شَينُهُم / وَلَهُ النَدى وَلسائليه السُول
حَيثُ النُفوس تَسيلُ في سُبُل الرَدى / وَالخَيلُ في سَيلِ الدِماءِ تَجولُ
صَبغَ النَجيعُ شِياتها فَبَدَت وَما / يَبدو لَها غُرَرٌ وَلا تَحجيلُ
لَولا جُدودُكَ وَالمَنايا شُرَّعٌ / حالَت قَناً دونَ المُنى وَنُصولُ
يا ابنَ الأَكارِمِ كابِراً عَن كابِرٍ / طابَت فُروعٌ مِنهُمُ وَأُصولُ
بَيتٌ مِن الأَدناس خالٍ مُقفِرٌ / وَمِن المَكارِم عامِرٌ مأهول
رأيٌ يُضيءُ اذا الحَوادِثُ أَظلَمَت / فَدجت وَيَمضي وَالحُسام كَليلُ
وَنَدىً إِذا يَممتَه فَسأَلته / سالَت عَلَيكَ مِن العَطاءِ سُيولُ
لَيثٌ بِهِ السُلطان أَرغم ضدَّهُ / وَبِهِ يَطولُ عَلى العِدى وَيَصولُ
لَيث الوَغى شَهدت لَه أَفعالُهُ / وَالمَوتُ أَحمَرُ وَالدِماءُ تَسيلُ
وَإِذا تَناهى مادِحٌ في وَصفِه / عَضَدَ المقولَ بِصدقِه المَعقولُ
حاميتَ يَومَ حماةَ غَيرَ مُفَنَّدٍ / وَحملتَ عِبءَ الحَربِ وَهوَ ثَقيلُ
وَكررتَ يَومَ التَلِّ حَتّى لَم يَكُن / إِلّا أَسيرٌ مِنهُمُ وَقَتيلُ
فَمُجَدَّلٌ يَسعى إِلَيهِ أَجدَلٌ / أَو هارِبٌ طارَت إِلَيهِ خُيولُ
ماضٍ وَقَد نَبَتِ السُيوفَ وَواقِف / ثَبتٌ عَلى أَنَّ المَقامَ مَهولُ
في ظِلِّ غازٍ ما لِنَفسٍ تَحتَه / قَدَمٌ وَلا لِسِوى الأُسود مَقيلُ
سامي العَلاءِ إِلى السَماءِ فَفي عُلا / كُلِّ امرىءٍ قِصَرٌ وَفيهِ طولُ
مِن طَيّبينَ مَصونَةُ أَعراضُهُم / أَبَداً وَوافِرُ وَفرهُم مَبذولُ
قَومٌ أَذالوا في الحُروبِ نُفوسَهُم / لِلمُلكِ حَتّى مُلِّكوا وَأديلوا
الكاشِفين الكَربَ وَهوَ مُجلّلٌ / وَالفارِجين الخَطب وَهوَ جَليلُ
يا ناصِرَ الدين الَّذي مَن يأتِهِ / أَضحى عَزيزَ الكُفرِ وَهوَ ذَليلُ
فالدينُ مَنصورٌ بِهِ وَمؤَيَّدٌ / وَالشِركُ مَخذولٌ بِهِ مَغلولُ
حاشى غَمامَكَ أَن يُفارِقَ مَنزِلي / أَو لا يَكونَ لَهُ عَلَيهِ نُزول
أَنا في جنابِكَ مُذ وَليتَ وَمجدبٌ / لا مِنهُ مأمول وَلا مَطلول
فاِنظر اليّ بِعَينِ جودكَ نَظرَةً / لا زِلتَ تُسأل دائِماً وَتُنيلُ
واسلم عَلى رُغمِ الحَسودِ مُخلَّداً / في حالِ عِزٍّ مالَها تَحويلُ
أَظُبى سُيوف أَم عُيون العَينِ
أَظُبى سُيوف أَم عُيون العَينِ / وَسِقامُ جِسم أَم سِقامُ جُفونِ
يا ظَبيَةَ الحَرمِ البَخيلة ما أَرى / ذاتَ التَكرُّم عَنكم تُسليني
حتّامَ يَسفحُ كُلُّ سَفحٍ مَدمَعي / والامَ لا تُقضى لديك دُيوني
طَرقَت وَقَد نامَ الخليُّ وَبيننا / جَبَلا زَرودَ وَبُرقَتا يَبرينِ
طرق الخَيالَ فَلَستُ مَن يَقوى عَلى / طَيفين طَيفِ كرى وَطَيفِ جُنونِ
كَفّي كفى بالفَقرِ دونك شاغِلاً / وَسُرايَ بَينَ سُهولِهِ وَحُزون
فَقَلائِصُ الهَمِّ الَّتي حَمَّلتُها / جُمَل المَديحِ إِلى جَمالِ الدينِ
سَمِحٌ إِذا قالَت شَواهِدُ جودِهِ / أَرجوه قالَ عَقائِد
يَرضى بِدون الشُكرِ مِن سُؤالِهِ / كَرَماً وَلا يَرضى لَهم
فالعِرضُ كالحَرَمِ المَصون بِبَذلِهِ / وَنَوالُه وَالمالُ غَيرُ مَصونِ
لا نَيله كَدرٌ بِكَثرَةِ مَطلِهِ / أَبَداً وَلا ما مَنَّ بالتَموينِ
قاضٍ يَرُدُّ الحقَّ أَبيضَ واضِحاً / إِن ضَلَّ رأيُ الحاكِمِ المأفونِ
يا عيد كُلِّ مُعيِّدٍ وَرَجاءَ كُلِّ / مُؤَمِّلٍ يا فَرحَةَ المِسكينِ
فَرضانِ شُكرِكَ وَالصَلاحُ يليهُما / عيدان عيدُ نَدىً وَعيدُ الدينِ
فاِسلم عَلى رَغمِ الحَسودِ مُخَلَّداً / ما غَنَّتِ الأَطيار فَوقَ غُصونِ
عَجباً لطيفكَ حين أَسعفَ موهِنا
عَجباً لطيفكَ حين أَسعفَ موهِنا / أَيُسىءُ بي وَيُزيلُ نَومي مُحسِناً
وَيُسري عَلى هَولِ الظَلامِ الى شَجٍ / لَو لا يَئِنُّ جَوىً لأَخفاهُ الضَنا
لَم أَنسَهُ وَتَيقُظي يُودي بِهِ / وَيَقولُ غير مُوَدِّع لا تَنسَنا
أَدنى مَراشِفَه فَقُلتُ تَعَجّباً / كَذِبَ الَّذي زَعمَ الخَيالَ مِن المُنى
لَم تجلهِ سِنَةُ الكَرى حَتّى اِنجلَت / عَنّي عَلى رُغمي فَودَّعَ واِنثَنى
بَذلَ الوِصالَ وَدونَهُ قِصَرُ الكَرى / ثُمَّ اِنثنَيتُ وَدونَهُ طولُ القَنا
هَل وَقفة أَشكو فتبرد لي حشاً / أَلهَبتَها وَجَعلتَها لَكَ مَسكَنا
بِأَبي الَّذي قالَ أدَّرِع لتجنُّبي / صَبراً فَما أَذنَبتُ ذَنباً هيِّنا
صَرَّحت باسمي فاِفتَضحتَ وَلَم تَضِق / عَنكَ الصِفاتُ وَلا عَجِزتَ عِن الكُنى
قُلتُ التذذتُ بِذكرِكُم فَرأَيته / أَولى مِن الوَصفِ المبين وَأَبينَا
فَعَساكَ تخفى بالسَميِّ وَمَن يَصِف / فردَ الصِفاتِ فَلَيسَ يَخفى من عَنا
قال اكنِ عَنّا غَيرَنا فأَجِبته / أَضحى لِساني عَن سِواكُم أَلكَنا
جَمع المَحاسِنَ حينَ عُذّرَ خَدُّهُ
جَمع المَحاسِنَ حينَ عُذّرَ خَدُّهُ / وَبَدا بنفسَجُه الطَريُّ وَوردُهُ
غُصنٌ تَميسُ بِهِ الصبا وَيُعينُها / مَرحُ الصِبا فَيَميلُ ليناً قَدُّهُ
لا غَروَ إِن جَرحَ القُلوبَ بلحظه / أَنَّ الحُسامَ كَذاكَ يَفعَلُ حَدُّهُ
وَيغُرُّكَ الضَعفُ الَّذي في جَفنه / وَالسَيفُ يَقطَعُ نَصلُهُ لا غِمدُهُ
يُشفي غَليلي رَشفُ بَردِ رِضابهِ / وَيَزيدُني ظَمأٌ إِلَيهِ ووردهُ
غَضبان يَقصدُ ذِلَّتي وَأَعزهُ / أَبَداً وَيعشَقُ قتلتي وَأَودُّهُ
يا مَن يُصَوِّرُ كُلَّ شَىء هَيِّن / إِلّا تَعتُّبُهُ عَليَّ وَصَدُّهُ
وَلَئِن وَفا إِن خُنتُ دَمعي مُسعداً / فَلمِثل هَذا اليَوم كُنتُ أُعِدُّهُ
طَرفُ المحبّ مُوكَّلٌ بِعَذابِهِ
طَرفُ المحبّ مُوكَّلٌ بِعَذابِهِ / لا تَعذِلوهُ فَتأثموا بِعِتابِهِ
كَبِدٌ تعاوَرها الغَرامُ فَأَصبحت / زَفَراتُهُ قَد تَرجَمَت عَمّا بِهِ
وَجرت عليهِ نَوائِبٌ مِن دَهرِهِ / وَأَشدُّها فيه قِلى أَحبابِهِ
فَكأَنَّ داعيةَ الهَوى في جِسمِهِ / سَيفٌ يُقَطِّعه بحدِّ ذُبابِهِ
شابَت لِما تَلقاهُ قُذَّةُ صَبرِهِ / وَغَرامُهُ في عُنفُوانِ شَبابِهِ
لَم تَستَهِلَّ عَلى الخُدودِ دُموعُهُ / إِلّا لِسَقم دبَّ تَحتَ ثِيابِهِ
وَتَنوفَة أَنفقت فيها همةً / راضَت مِن التَهذيبِ حَلَّ صِعابه
أَكسبَت فيها القَلب عِلَّة حُرقَة / مُستأسِداً فاِختالَ في جِلبابِهِ
وَبَغيت للآمال منهج رُشدها / فَمَضَت تُنافِسُ في حَثيث طِلابِهِ
لا أَستَميحُ الدَهرَ سَيبَ عَطائِهِ / كرماً وَلا أَمتارُ وَبلَ سَحابِهِ
وَجَعَلتُ صَبري مَعقِلاً وان اِغتَدى / صَرفُ الزَمانِ بظفره وَبنابهِ
أَأُمسي في جِوار الغَثيِ عَطشى
أَأُمسي في جِوار الغَثيِ عَطشى / وَقَد رَوى البلادَ نَدى نديّه
وَيَهضمُ جانِبي وَاللَيثُ جاري / لَعمرِكَ أَنَّ ذا عَيبٌ عَليّه
لا يَبخِلونَ بِزادِهم عَن سائِلٍ
لا يَبخِلونَ بِزادِهم عَن سائِلٍ / عَدَل الزَمانُ عَليهمُ أَو جارا
وَإِذا الصَريخُ دَعاهُمُ لِمُلمَّة / بَذَلوا النُفوسَ وَفارَقوا الأَعمارا
وَإِذا زِنادُ الحَربِ أَخمدَ نارَها / قَدَحوا بِأَطراف الأَسِنَّةِ نارا
فمن اِستَغاثَهُمُ اِستَغاثَ ضَراغماً / وَمَن اِستَماحَهُمُ اِستَماحَ بحارا
يا مالِكي بِعَوائِد البِرِّ
يا مالِكي بِعَوائِد البِرِّ / وَبِذاكَ تَملِكُ رِبقةَ الحُرِّ
أَنصَفتَني وَالناسُ تَظلِمُني / فَلأشكرَنَّكَ آخِرَ الدَهرِ
مِنَنٌ عَل مِنَن تُتابِعها / خَفَّت عَليك وَأَثقلَت ظَهري
فلأشكرنَّ صَنائِعاً سَلَفَت / فَعَسى يَقومُ بِبَعضِها شُكري
وَكشفت ما سَتَروهُ مِن أَمري / وَعَرفت ما جَهَلوهُ مِن قَدري
فلأنشرَنَّ عليك من مِدَحي / شُكر الرِياضِ الغَيثَ بالنَشرِ
مَولايَ سعدَ الدين دعوةَ آمِلٍ
مَولايَ سعدَ الدين دعوةَ آمِلٍ / مِن بَحر فَيضِ يَدَيكَ خير مُؤَمِّلِ
إِن ارتَحِل بالجِسم عَنكَ فانَّ لي / قَلباً أَقامَ لَدَيكَ لَمّا يَرحلِ
أَعدَدتُهُ لِلدَهر أَنفَعَ عُدَّةٍ / وَعَليهِ بَعدَ اللَهِ فيهِ مُعَوّلي
لَو حارَبَت أَرضٌ سِواها حارَبَت / أَرض الشامِ عليه أَرضَ الموصِل
تَشتاقه أَرضُ الشامِ وَأَهلُها / شَوقَ العِطاشِ إِلى بَرود المنهَلِ
غَيثُ الفَقرِ المرمِلِ كهف الغَري / بِ المُبتَلى رَدءُ الضَعيفِ الأَعزَل
ربُّ الشَجاعَة وَالسَماحَةِ وَالتُقى / أَسَدُ الوَغى الحامي وَزادَ المرمِلِ
وَيَزيدُني شَوقاً إِلَيهِ أَن أَرى / أَهلَ الفَضائِلِ عادِمي متَفضِّل
تَمَّت فَواضِلُهُ عَلى سُؤالِهِ / وَنَمت فَعَمَّت كُلَّ مَن لَم يَسألِ
أَصبَحتَ سعدَ الدينِ أَسعَدَ آمِلٍ / وَجَنى الحَديثِ وَنزهَةَ المتأمِّل
وَنَصَرتَ نورَ الدينِ حينَ نَصحتَ بالرَ / أيِ الأَصيلِ وَبالحُسامِ المُفضلِ
وَشَهامَةٌ أَبَداً تقيِّدُ مَنزِلاً / عَن شاهِقٍ وَمُجَّدلاً عَن أَجدَلِ
غَيثُ الوَرى ذو ديمَة لا تَنجَلي / لَيثُ الوَغى ذو عَزمَة ما تأتَلي
وَعد الفَتى دينٌ وَعبدُكَ ساهِم / في الحالَتين فعَلتَ أَو لَم تَفعَلِ
لَولا الرَقيب غَداةَ زَمّوا الأَينَقا
لَولا الرَقيب غَداةَ زَمّوا الأَينَقا / لَسَقَيتُ بالتَوديعِ قَلباً مُحرَقا
صُنتُ الدُموعَ فأَظهَرَتِ النَوى / مِنّي
وَجَعَلتُ أَنظُر في خِلالِ مَطيّهم / مُتَلَفِّقاً حَذَرَ المُراقِبِ مُشفِقا
لَو كانَ صَرفُ الدَهر أَصبَحَ ذائِعاً / لِلبُعدِ أَصبَحَ جا
حَفِط اللِسان عَن القَبيح أَمانُ
حَفِط اللِسان عَن القَبيح أَمانُ / يَزكو بِهِ الاسلامُ وَالإِيمانُ
وَالصَمتُ عَمّا لا / بِوجودِها يَتَحَمَّلُ الانسانُ
وَحَياتُهُ مَحمودَةٌ بَينَ الوَرى / إِن تَختَفلِف في شُكرِهِ الأَديانُ
وَإِذا جِناياتُ الجَوارِح عُدِّدَت / فَأَشَدُّها يَجني عَلَيكَ لسانُ
حافِظاً لِفُصولِهِ / فيهِ يَخِفُّ وَيَثقِلُ الميزانُ
وَاِجعَل لَك التَقوى عِناناً مانِعاً / عَن فَضلِ قول مالَه
قالقَولُ فيهِ جَواهِرٌ مَنظومَةٌ / وَمعائِبٌ تَشقى بِها الآذانُ
وَلَرُبَّما نُشرت دَواوين التُقى / بالحَشرِ مالكَ بَينَها ديوانُ
مَهما تَقُل في الناسِ قالوا مِثلَهُ / وَلَرُبَّما زادوا عَلَيكَ وَمانوا
وَلَو اِستَتَرتَ بِثَلبهم لَم يَلبَثوا / الّا وَسرُّكَ بينهم اعلانُ
لا يَقصدونَ الصَفحَ عَمّا قُلتَهُ / فيهم لشيطانِ الخَنا اِخوانُ
وَالصَبرُ مَحمودُ المغَبِّ وَإِنَّما / يَقوى عَلى بَعضِ الأَذى الأَعيانُ
مَن كَفَّ كَفَّ الناسُ عَنهُ وَمَن أَبى / إِلّا الخَنا فكما يَدينُ يُدانُ
وَالحِلمُ يُطفىء عَنكَ كُلَّ عَظيمَة / كالماءِ لا تَبقى بِهِ النِيرانُ
وَالغُشُّ يُزري بِالفَتى وَلَو أَنَّهُ / بالفَهم قسٌّ وَالصَلاحِ بَيانُ
إِن تَبغِ عِزّاً في اِجتِرائِكَ أَوّلاً / فالنُكرُ في رَدِّ الجَوابِ هَوانُ
كُن كالطَبيب رأى الصَلاحَ بِلُطفِهِ / أَو كالزُلالِ نَجى بِهِ الظَمآنُ
وَإِذا بَسطتَ لِسانَ مَن لَم يَنهِهِ / دينٌ فأَينَ العَقلُ وَالعِرفانُ
لا تَرضَ أَن تَبقى عَلى أُغلوطة / يَغشاكَ فيها السُخطُ وَالشنآن
وَتَتَدارَكَ الأَمرَ الَّذي قَدَّمتَهُ / إِنَّ البَقاءَ بِمِثلِهِ جَذلانُ
لا خَيرَ فيمَن عِرضُه مُتَعَرِّضٌ / ما لا يُسَرّ بِسَمعِهِ الاخوانُ
شَرُ المآكَلِ لَحمُ مَن تَغتابُهُ / وَالوَجهُ فيهِ الزورُ وَالبُهتانُ
فَجَزاؤُكَ السُوءى عَن السُوءى وان / تَحسن فَإِنَّ جَزاءَكَ الاحسانُ
إِن لَم تُعدَّ أَوانَ تَوبتكَ الصِبى / فَمَشيبُ رأَسِكَ للمتاب أَوانُ
أَو كُنتَ قَد خَفَيت عَلَيك عَواقِبٌ / قَبلها عُنوانُ
وَإِذا تَعامى الطَرفُ عَن شَمسِ الضُحى / فَبأي شَيءٍ يَحصَلُ التِبيانُ
كَم قَد بَدا لَكَ في أُمورِكَ ظاهِراً / وَجهُ الهُدى وَنَبا بِكَ الحِرمان
وَلديك فُقدان الحَياة وَرِحلَةٌ / يَلقاكَ فيها القَبرُ وَالأَكفانُ
لا تَغترِر إِن عَجَّلت لَك مُهلَةٌ / ما في الرَدى خَدعٌ وَلا اِدهان
قُطِعَت يَدٌ قطَعت ذَوائِبَ شَعره
قُطِعَت يَدٌ قطَعت ذَوائِبَ شَعره / لِم طاوَعَت ذا أَمرَها في أَمرِهِ
قَطَعوا ذَوائِبَه لِيَمحوا حُسنَه / فَجَلوا غَياهِبَ لَيلِهِ عَن ثَغرِهِ
أَهلاً بِها وَبِما أَتَتنما تَحمِلُ
أَهلاً بِها وَبِما أَتَتنما تَحمِلُ / خَلاً نَرى الاقبالَ ساعةَ تُقبِلُ
جاءَت تنزَّعُ تَحتَ أَكرم مَن مَشى / وَكَأَنَّها تَحتَ السَحابَة شَمأل
يَغُذُّ بهم إِمّا أَقبُّ مَطيّهم / نَهدُ المَراكِل أَو أَغرٌّ مُحَجَّل
وَكَأَنَّهُ مِن غِلمةٍ من فَوقِهِ / تَزهى فَيشمعُ أَو تَتيهُ فَيصهَل
طارَت بِهِ فَأَقامَ وَبلُ نَوالِهِ / يَجري فَيهمي أَو يَسُحُّ فَيَهطل
بَحرُ النَدى الغَمِرُ الَّذي رَحَلَت بِهِ / عَنّا وَأَنجمُ جُودِهِ ما تَرحَلُ
لَيثٌ إِذا لاقى الأَعادي مُشبِلٌ / غَيثٌ إِذا لاقاهُ عافٍ مُسبِلُ
وَالنَسرُ يَتبعُ جَيشَه وَالأَجدَلُ / عِلماً بأَنَّ عَدوَّهُ سَيُجَدَّلُ
وَلَهُ إِذا ما الغَيثُ خَصَّ بسيبهِ / فَضلٌ يَعُمُّ بِه البِلادَ وَمُفضِلُ
وَإِذا عَرضتَ لِنَيلِهِ مُستَجدياً / لاقاكَ مِنهُ العارِضُ المتهمِّلُ
إِنَّ الزَمانَ مُحَمَّدٌ بِمُحَمَّدٍ / وَبِفعلهِ الحَسَنِ الجَميلِ مُجمَّلُ
طودُ العُلى السامي بِما يَتَحَمَّلُ / بَحرُ النَدى الكافي بِما يَتَكفَّل
متمنطِقٌ بِالمحمداتِ مُتَوَّجٌ / مُتآزرٌ بالمكرُمات مُسَربَكُ
قَبلٌ أَبوه كانَ أَصلاً ثابِتاً / لِلمُلكِ قِدماً وَهوَ فَرعٌ أَطوَلُ
فَبَنى عَلى أَساس والدِهِ لَه / بَيتاً دَعائِمُهُ الوشيجُ الذُبَّلُ
مالٌ يُبادِرُ مَن دَعاهُ مُسارِعاً / وَعَلى الَّذي لَم يَدعِه مُتَطَفِّل
وَنَدىً يَعُمُّ وَلَم يَخصَّ وَلا نَرى / مَجداً يُنالُ بِلا نَوالٍ يَشمَلُ
إِن يُشرِكوكَ فانَّهم لَم يَبذُلوا / يَومَ النَدى وَلَدى الوَغى ما تَبذل
بأسٌ يُعانيهِ الشُجاعُ فَيَنثَنى / وَنَدىً يُعاينُهُ السَحابُ فَيَخجَلُ
وَلَيسَ لي / بَعدَ الالهِ عَلى سِواكَ مُعَوّلُ
النورُ نور اِبتسام
النورُ نور اِبتسام / فاِنظر إِلى زَهَراتِهِ
إِذا دموع الغَواني / جرت عَلى رَوضاتِهِ
وَقَد يَغني الحمام / بالفصح من نَغَماتِهِ
طَيرٌ يَهدل / وَغَيثٌ يهطل
من الأَيّام / يُصبي إِلى لَذاتِهِ
ينشر الاثام / عَليَّ من حَسَناتِهِ
مذ غلام / الحسن بعض صِفاتَهِ
بَدرٌ أُكمِل / وَيَومٌ مُقبِل
فَدَع طَويل المَلام / فَلَيسَ مِن أَوقاتِهِ
وانظر طَريف القَوام / يَهتَزُّ في خَطراتِهِ
ما شَديدُ الضَرام / يَجولُ في وَجَناتِهِ
راح سَلسل / حَماها أَكحل
ما الوَردُ في الاَكمام / يُصانُ غَضُّ نَباتِهِ
وَالتسام / يَصُدُّ عَن نَظراتِهِ
فَيا جَميع الأَنام / قوموا اِنظُروا لصِفاتِهِ
رَوضٌ مُخضَل / لِرائيهِ يُذَل
فقل لِبَدر التَمام / يَختال بَينَ لداتِهِ
يا حامِلاً لِلحُسام / غُنيتَ عَنه فَهاتِه
في مُقلَتيك حسام / يُغنيك َن سَلاتِه
بَل يَقتُل / فَماذا المنصل
وَباخِلٍ بِالكَلام / ما البُخل من عاداته
عَلى حَليفِ سَقام / قَد ذابَ مِن زَفَراتِه
يَكفيهِ مِنكَ سَلام / يَشفيهِ مِن عِلّاتِهِ
حِبٌّ يَبخَل / وَحُبٌّ يُنحل
لَو أَنَّ غير الغَرام / أَصبحتَ في قَبَضاتِهِ
أَجاري ذو اِنتِقام / مُنكل بِعداتِه
طَلائِع الابتسام / عند النَدى لعُفاتِه
صَدٌّ يجدِّل / وَعَبدٌ يُجَذِّل
مِنكَ مُلوك الأَنام / تَرجو وصولَ صِلاتِهِ
بَحرٌ مِن الدُرِّ طام / الدُرُّ بَعضُ هِباتِهِ
فان سَطا فالحَمام / يَلقاكَ مِن سَطواتِه
غَيثٌ مُسبِل / وَلَيثٌ مُشبِل
أَضحى كَفيلَ الامام / وَكاشِفاً غُمّاتِه
فَما لَهُ مِن مُسام / يَجري إِلى غاياتِه
لا يَهتَدي إِلّا وَهام / للشيء ما لَم يأَتِه
طبٌ حوَّل / نِعمَ مَن تكفل
أَبَدى عِذارُكَ إِذ تَبَدّى
أَبَدى عِذارُكَ إِذ تَبَدّى / عُذري وَصارَ هَواكَ جدّا
نَفسي فِداؤُكَ ما أَقَلَّ / لِحُسنِ وَجهِكَ أَن يُفَدّا
يا مَن تَفَرَّد بِالجَمالِ / عَن البَريَّةِ واِستَبَدا
فَضَحَ الغَزالَةَ حُسنُه / وَأَبانَ نَقصَ البانِ قَدّا
وَحَمَت عَقارِبُ صُدغِه / آساً بوجنَتِهِ وَوَردا
أَوما كَفاكَ عَذابنا / بِالصَدِّ حَتّى زِدتَ بُعدا
أَتُحَرّمُ الوَصلَ الحلالَ / وَتَسحَتِلُّ القَتلَ عَمدا
أَسَفي عَلى سَعدٍ وَمِن / خَوفِ الوِشاةِ أَقول سُعدى
أَجد الشمالض وان جَرَت / حَرّى عَلى الأَحشاءِ بَردا
قالوا تَنامُ فَقُلتُ مَن / شَوقِ الخَيالِ رَقدتُ قَصدا
النَومُ يُصلحُ بَينَنا / وَالنَومُ أَصلحُ لي وَأَجدا
لَولا مَحبَّتُهُ الَّتي / أَبَداً تُريني الغيَّ رُشدا
لَصبرتُ عَنه تَجَلُّدا / إِذ لَم أَكُن في الحُبِّ جَلدا
وَشَغَلتُ بِالهادي الدُعاةِ وَذا / كَ أَرشَدُ لي وَأَهدى
مَلِكٌ أَنامِلُهُ عَلى / العافي مِن الأَنداءِ أَندى
سَهل خَلائِفُه إِذا / يَمّمتَهُ يَمَّمتَ سَعدا
غَرَسَ الصَنائِعَ في الأَنا / مِ فأَثمرت شُكراً وَحَمدا
مِن آلِ غَسّانَ الأُلى / فَضلوا الوَرى بأساً وَمَجدا
صَبٌّ عَلى طولِ الزَمانِ / يَزيدُ بِالعَلياءِ وَجدا
حَسَنُ السَريرَةِ لَم يَزَل / لِلَّهِ ما أَخفى وَأَبدى
ماضٍ عَلى الأَعداءِ / لا فَلَّت لَهُ الأَعداءُ حَدّا
مَلأَ الفَضاءَ عَليهُمُ عَدَداً / وَسَدَّ الأَرضَ سَدّا
كالبَحرِ يُجري خَلفَهُم / سُفُناً وَفَوقَ الأَرضِ جُردا
فَتَبعتَهُمُ مَسرىً وَمغَدا /
ما كانَ مثلهُما لِذي / القَرنينِ أَعواناً وَجُندا
شادَت عَلَيها دونَتهم / مِن خَوفِها يأجوجُ سَدّا
بحتوفِهم طَعناً / واِحراقاً وَقَدّا
أَلا ظَبيةَ / أَو شادِنٍ تَخذوهُ عَبدا
بِجِراحِه أَو مُوثَقاً / حَلَقاً وَقَيدا
وَمُحارِبٌ نَجّاهُ ذو عُددٍ / يَفوتُ الطَيرَ شَدّا
بِالفَرارِ مِن / الرَدى وَالعارُ أَردى
هَولٌ أَشابَ صِغارَهُم / وَأَتوكَ شيبَ الرأسِ مُردا
أفنَيتَهُم وَورِثتَهم / مالاً وَمَملكَةً وَوِلدا
يا خَيرَ غَسّانٍ أَباً / وَأَحقَّهم بِالمُلكِ جَدا
وَسبقتَ سَبقَهم الوَرى / بأَساً وَنَيلَ عُلىً وَجِدا
مَولايَ لا وَقفَ الرَسولُ عَليَّ / ما أَبقَيتَ جُهدا
طَلَباً لِشكركَ ما اِستَطَع / تَ وَحَقُّ شُكرِكَ لا يُرَدّا
فاِغفر فان أَخطأتَ في قَلبي / فَقَد أَحسَستُ قَصدا
يا بَهجَةَ الأَيامِ لا / ذاقَت لَكَ الأَيام فَقدا
ما عُذرُ عَيني لا تَفيضُ فَتسكَبُ
ما عُذرُ عَيني لا تَفيضُ فَتسكَبُ / لِليَومِ تُدَّخرُ الدُموعُ وَتُطلَبُ
وَإِذا أَرَدتَ عَلى الصَبابَةِ شاهِداً / فالدَمعُ أَعدلُ شاهِدٍ لا يَكذِبُ
لَم يَستَبِق في العَينِ ماء شُؤونِها / إِلّا وَنارُ القَلبِ حرّى تَلهَبُ
لا مَرحَباً بالأَرحبيَّة أَوردت / خَبَراً يَضيقُ بِهِ الفَضاءَ الأَرحبُ
غَلبَ الأَسى فيها التَجَلَّدَ بَعدَ ما / كانَ التَجلدُّ بالأَسى لا يُغلَبُ
فَسَقى الغَمامُ الصَيِّبُ الخَضِلُ النَدى / قراً بمصرَ بِهِ الغمامُ الصَيِّبُ
غيثَ البِلادِ إِذا يًصوّحُ نَبتُها / وَدَعا الحَيا مِنها المَكانُ المُعشِبُ
بادي السَكينَة في النُفوسِ محكّمٌ / حَسَنُ اللِقاءِ إِلى القُلوب مُحَبَّب
يا ثُلمة ثَلَمَ الزَمانُ بِها العُلى / ما إِن تُسدّ وَصَدعُها ما يُرأبُ
عَظُمَت رزيّتهُ فأَقصر عاجِزٌ / عَن وَصفِ شِدَّتها وَقَصَّر مُطنِبُ
لَهفي عَلَيكَ وَما يَردُّ تَلَهُّفي / مَيتاً وَلَكِنَّ التأسُفَ يعذبُ
تَركَ القُلوبَ عَلى الأَسى مَوقوفةً / أَبَداً عَلى إِنَّ القُلوبَ تُقلَّبُ
نُحنا عَلَيهِ كَما / مَدحاً فَأَبكانا عَليهِ المُطرِبُ
وَإِذا عَتِبتُ عَلى اللَيالي بَعدَهُ / قالَ التأسي ما عَلَيها مَعتَبُ
ما عَهدُنا بالشَمسِ قَبلَكَ بُرجَها / نَعشٌ وَلا بَينَ المَقابِر تَغرُبُ
أُصبحتَ تَحتَ الأَرضِ تُرغِبُ في الأَسى / من كانَ نَحوَكَ في الحَوائج يَرغَبُ
يَهدي إِلَيهِ بِعَرفه طيبُ الثَرى / مَن كانَ يَهديهِ الثَناءُ الطَيِّبُ
ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ دَفنِكَ في الثَرى / أَنَّ المَكارِمَ في التُرابِ تُغَيَّبُ
ما العَيشُ بَعدَكَ بالهنيّ وَإِنَّما / مَن عاشَ بَعدَكَ بِالحَياة مُعَذَّبُ
وَلَئِن قَضيتَ لَقَد تَرَكتَ كآبةً / ما تَنقَضي وَحَرارَةً ما تَذهب
أَتعبتَ بَعدَكَ دونَ شأوك كل من / وَطىء الحَصا بَل دون شأوك مُتعَبُ
مَن لِلمَعالي تُرتَقى أَو تَنثَني / مَن لِلمَحامِدِ تُقتَنى أَو تُكسَبُ
مَن للأُمور المشكِلاتِ يَحلُّها / مَن للثُغور المُستَضامَةِ يَغضَب
مَن لِلأَرامِلِ وَاليتامى كافِلاً / يَكفيهُمُ إِذ لا خَليلُ وَلا أَبُ
مَن للمقانِبِ وَالكَتائِبِ رَدُّها / إِن فُلَّ جَيشٌ أَو تقنَّع مِقنَبُ
صَلّى عَلَيكَ اللَهُ في مَلكوتِهِ / وَالصالِحونَ وَبعض ما تَستَوجِبُ
فاسلم صَلاحَ الدينِ ما هبَت صَباً / أَو لاحَ بَرقٌ أَو تَبدّا كَوكَبُ
لا زالَ عزّمكَ ماضياً ما يَنثَني / وَشَديدُ بأسِك ماضياً ما يَذهَبُ
وَجَميلُ صَبرِكَ في الرَزايا يَعتَلي / وَكَريمُ عُودِكَ في الحَوادث يَصلُب
حاشى وَقارَك أَن يَطيرَ بِهِ الأَسى / أَو أَن يُزَعزعه المَرامُ الأَصعَبُ
أَي اجتِماعٍ لَم يُرع بِتَفُرِّقٍ / يَوماً وَأَيّةُ فِرقَةٍ ما تُنكَبُ
كَم قَد دَجا خَطبٌ وَجأشُكٌ ثابِت / وَتقلَّبت حالٌ وَقَلبُكَ قُلَّبُ
وَإِذا تَخَطّاكَ الرَدى وَأَصابَنا / فَسَوى إِذا سَلم الذُرى وَالمنكِبُ
ما كانَ واشٍ عَن تَلدّدِه
ما كانَ واشٍ عَن تَلدّدِه / لَو غادَرَ البَينُ شَيئاً مِن تجلّدِه
أَوما إِلَينا بأَطرافٍ مُخَضَّبةٍ / وَماسَ فآنآدَ صَبري في تَوَدّدِه
رَمى بِطَرفٍ وَلَم يَمدُد إِليَّ يَداً / فَما لِنَضح دَمي الهامي عَلى يَدِهِ
قالوا سَلا صَدَقوا عَن
قالوا سَلا صَدَقوا عَن / السُّلوان لَيسَ عَن الحَبيبِ
قالوا فَلِمَ ترك الزيا / رَةَ قُلتُ مِن خَوف الرَقيبِ
قالوا فَكَيفَ يَعيش مَع / هَذا فَقُلتُ مَن العَجيبِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025