القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الحدّاد الأَندَلُسي الكل
المجموع : 20
الناسُ مِثْلُ حَبابٍ
الناسُ مِثْلُ حَبابٍ / والدَّهْرُ لُجَّةُ ماءِ
فَعَالَمٌ في طُفُوٍّ / وعالَمٌ في انطفاءِ
يا طالبَ المعروفِ دُوْنَكَ فاترُكَنْ
يا طالبَ المعروفِ دُوْنَكَ فاترُكَنْ / دارَ المَرِيَّةِ وارفُضِ ابنَ صُمادِحِ
رَجُلٌ إذا أَعْطَاكَ حَبَّةَ خَرْدَلٍ / أَلْقَاكَ في قَيْدِ الأسِيرِ الطَّائِحِ
لو قد مَضَى لكَ عُمْرُ نُوْحٍ عِنْدَهُ / لا فَرْقَ بينكَ والبعيدِ النَّازِحِ
وَارَتْ جُفُونِي مِنْ نُوَيْرَةَ كاسمِها
وَارَتْ جُفُونِي مِنْ نُوَيْرَةَ كاسمِها / ناراً تُضِلُّ وكلُّ نارٍ تُرْشِدُ
والماءُ أنتِ وما يَصِحُ لِقَابِضٍ / والنار أَنتِ وفي الحَشَا تَتَوَقَّدُ
يا زائراً مَلأَ النَّواظِرَ نُوْراً
يا زائراً مَلأَ النَّواظِرَ نُوْراً / والنَّفْسَ لَهْواً والضُّلُوعَ سُرُورَا
لو أستطيعُ فَرَشْتُ كلَّ مَسَالِكِي / حَدَقاً وَبِيْضَ سَوَالِفٍ وَنُحُورَا
فيك اكتَسَى جَوِّي سَنَاً وَتَلأْلُؤاً / وارتدَّ تُرْبِي عَنْبَراً وعَبِيرَا
إنَّ المدامعَ والزَّفِيْر
إنَّ المدامعَ والزَّفِيْر / قد أَعْلَنَا ما في الضَّمِيْرْ
فَعَلامَ أُخْفِي ظَاهِراً / سَقَمِي عليَّ به ظَهِيْرْ
هَبْ لِي الرِّضَى من سَاخِطٍ / قَلْبِي بِساحَتِهِ الأسِيْرْ
هُمْ في ضميْرِكَ خَيَّمُوا أم قَوَّضُوا
هُمْ في ضميْرِكَ خَيَّمُوا أم قَوَّضُوا / ومِنَى جُفُوْنِكَ أَقْبَلُوا أم أَعْرَضُوا
وهُمُ رِضاكَ من الزَّمانِ وأَهْلِهِ / سَخِطُوا كما زَعَمَتْ وُشَاتُكَ أم رَضُوا
أَهْوَاهُمُ وإنِ استمرَّ قِلاَهُمُ / ومِنَ العجائبِ أنْ يُحَبَّ المُبْغَضُ
تَنْهَى النُّهَى عَنْهُمْ ويَأْمُرُنِي الهَوَى / والنَّفْسُ تُعْرِضُ والمُنَى تَتَعرَّضُ
وفُوَيْقَ ذاكَ الماءِ من شُهُب القَنَا / حَبَبٌ ومِنْ خُضْرِ الصَّوَارم عَرْمَضُ
والناسُ أَغْرِبَةٌ إذا قَايَسْتَهُمْ / وأخو المُصَافاةِ الغرابُ الأَبْيَضُ
أَقْبَلْنَ في الحِبَرَاتِ يَقْصِرْنَ الخُطَى
أَقْبَلْنَ في الحِبَرَاتِ يَقْصِرْنَ الخُطَى / ويُرِيْنَ في حُلَلِ الوَارَشِيْنِ القَطَا
سِرْبُ الجَوَى لا الجَوِّ عُوِّدَ حُسْنُهُ / أنْ يَرْتَعِي حَبَّ القلوبِ ويَلْقُطَا
مالَتْ مَعَطِفُهُنَّ مِنْ سُكْرِ الصِّبا / مَيْلاً يُخِيْفُ قُدُوْدَها أنْ تَسْقُطَا
وبِمَسْقَطِ العَلَمَيْنِ أَوْضَحُ مَعْلَمٍ / لِمُهَفْهَفٍ سَكَنَ الحَشَا والمَسْقِطَا
ما أَخْجَلَ البَدْرَ المُنيْرَ إذا مَشَى / يَختالُ والخُوْطَ النَّضيْرَ إذا خَطَا
يا وافِدَيْ شَرْقِ البلادِ وغَرْبِها / اكْرَمْتُما خَيْلَ الوِفادَةِ فاربِطَا
وَرَأَيْتُما مَلِكَ البَرِيَّةِ فاهْنآ / وَوَرَدْتُما أرْضَ المريَّةِ فاحطِطا
يُدْمِي نُحُوْرَ الدَّارِعِيْنَ إذا ارتأَى / ويُذِلُّ عِزَّ العالَمِيْنَ إذا سَطَا
فَإلَيْكَها تُنْبِيْكَ أنِّي رَبُّها / نَسَبُ القَطَا مُتَبَيِّنٌ مَهْمَا قَطَا
مَنْ لِي بأنْ أَشْكُو إليكَ مَدَامعاً
مَنْ لِي بأنْ أَشْكُو إليكَ مَدَامعاً / تَهْمِي عليكَ وأَضْلُعاً بكَ تَحْتَرِقْ
فتَرِقَّ لِي يا مَنْ غَدَا قَلْبُ اسمِهِ / مُتَصَحِّفاً ما ضِدُّهُ ماضِي يَرِقْ
والنَّفْسُ عادِمَةُ الكَمَالِ وإنَّما
والنَّفْسُ عادِمَةُ الكَمَالِ وإنَّما / بالبَحْثِ عن عِلْمِ الحقائِقِ تَكْمُلُ
والمَرْءُ مِثْلُ النَّصْلِ في إصْدائِهِ / والجَهْلُ يُصْدِي والتَّفَهُّمُ يَصْقُلُ
مُتَلألِئٌ يَثْنِي العيونَ نَوَاكِساً / كالشَمْسِ تَعْكِسُ لَحْظَ مَنْ يَتَأَمَّلُ
لا يَتَّقِي رَمَدَ النَّوَائِبِ ناظِرٌ / يُجْلَى بِمِرْوَدِ صَفْحَتَيْهِ وَيُكْحَلُ
وكأنَّ راحَتَهُ الذِراعُ إِفاضَةً / وكأنَّما الأنْوَاءُ منها الأنْمُلُ
تَتَصَوَّرُ الأكوانُ في حَوْبَائِهِ / فكأنَّ خاطِرَهُ الصَّقِيْلَ سَجَنْجَلُ
وإذا رَأَتْكَ الشُّهْبُ مُزْمِعَ غَزْوَةٍ / وَدَّتْ جميعاً أنَّها لك جَحْفَلُ
ولوِ الأمورُ جَرَتْ على مِقْدَارِها / حَمَلَ السِّلاحَ لكَ السِّماكُ الأعْزَلُ
واصِلْ أخاكَ وإنْ أَتاكَ بِمُنْكَرٍ
واصِلْ أخاكَ وإنْ أَتاكَ بِمُنْكَرٍ / فَخُلُوْصُ شيءٍ قَلَّمَا يُتَمَكَّنُ
ولكلِّ شيءٍ آفةٌ مَوْجُوْدَةٌ / إنَّ السِّراجَ على سَنَاهُ يُدَخِّنُ
عُجْ بالحِمَى حيثُ الغِيَاضُ الغِيْنُ
عُجْ بالحِمَى حيثُ الغِيَاضُ الغِيْنُ / فَعَسَى تَعِنَّ لنا مَهَاهُ العِيْنُ
واستَقْبِلَنْ أَرَجَ النسيمِ فَدَارُهُمْ / نَدِّيَّةُ الأرْجَاءِ لا دَارِيْنُ
واسْلُكْ على آثارِ يومِ رِهانِهِمْ / فهناك تُغْلَقُ للقلوب رُهُوْنُ
حيثُ القِبابُ الحُمْرُ سَامِيَةُ الذُرَى / والأَعْوَجِيَّاتُ الجِيَادُ صُفُوْنُ
والسَّمْهَرِيَّةُ كالنُّهُوْدِ نَوَاهِدُ / والمَشْرَفِيَّةُ في الجُفُونِ جُفُوْنُ
أُفُقٌ إذا ما رُمْتَ لَحْظَ شَمُوْسِهِ / صَدَّتْكَ للنَقْعِ المُثارِ دُجُوْنُ
يَغْشَاكَ من دُوْنِ الغَزَالِ ضُبَارِمٌ / فيه ومِنْ قَبْلِ الكِنَاسِ عَرِيْنُ
أَنَّى أُرَاعُ لَهُمْ وبين جَوَانِحِي / شَوْقٌ يُهَوِّنُ خَطْبَهُمْ فَيَهُوْنُ
أَنَّى يَهَابُ ضِرابَهُمْ وطِعَانَهُمْ / صَبٌّ بألحاظِ العُيُوْنِ طَعِيْنُ
فكَأَنَّمَا بِيْضُ الصِّفاحِ جَدَاوِلُ / وكأنَّما سُمْرُ الرِّماحِ غُصُوْنُ
ذَرْنِي أَسِرْ بين الأسِنَّةِ والظُّبَى / فالقلبُ في تلك القِبابِ رَهِيْنُ
فَلَعَلَّهُ يُرْوِي صَدَايَ بِلَمْحِهِ / وَجْهٌ به ماءُ الجَمالِ مَعِيْنُ
وَلَعِي بذاتِ القُلْبِ أَفْقَدَ أَضْلُعِي / قَلْبَاً عليه ما يَرِيْمُ يَرِيْنُ
تَلْهُو وأَحْزَنُ مثل ما حَكَمَ الهَوَى / لا يَسْتَوِي المسرورُ والمَحْزُوْنُ
وتَذَلُّلِي لم يُجْدِ غَيْرَ تَذَلُّلٍ / والحُسْنُ عِزٌّ للحِسانِ مَكِيْنُ
لا غَرْوَ أنْ أَصِلَ الغَرَامَ بِمُعْرِضٍ / غَيْرُ المُحِبِّ بما يُدَانُ يَدِيْنُ
يا رَبَّةَ القُرْطِ المُعِيْرِ خُفُوْقَهُ / قَلْبِي أَمَا لِحِرَاكِهِ تَسْكِيْنُ
تَوْرِيْدُ خَدِّكِ للصِّبَابَةِ مَوْرِدٌ / وَفُتُوْرُ طَرْفِكِ للنُّفُوْس فُتُوْنُ
فإذا رَمَقْتِ فَوَحْيُ حُبِّكِ مُنْزَلٌ / وإذا نَطَقْتِ فإنَّهُ تَلْقِينُ
لولاكِ ما أَوْدَى الجَوَى بِتَجَلُّدِي / وكَفَاكِ أنَّكِ لِي مُنَىً ومَنُوْنُ
أنتِ الهَوَى لكنَّ سُلْوَانَ الهَوَى / قَصْرُ ابنِ مَعْنٍ والحديثُ شُجُوْنُ
فالحُسْنُ أَجْمَعُ ما يُرِيْكَ عِيَانُهُ / لا ما أَرَتْهُ سَوَالِفٌ وعُيُوْنُ
والرَّوْضُ ما اشتَمَلَتْ عليه شَمُوْلُهُ / لا ما حَوَتْهُ أباطِحٌ وحُزُوْنُ
قد عَطَّلَ الأزهارَ زاهِرُ حُسْنِهِ / لا الوَرْدُ مُلْتَفِتٌ ولا النِّسْرِيْنُ
فاجعَلْ جُفُوْنَكَ تَجْنِ منه فُتُوْرَهُ / نَوْرُ الخُدُوْدِ له الأَكُفُّ جُفُوْنُ
فَنُجُوْمُهُ زُهْرٌ ثَوَابِتُ لم يَرِمْ / تَعْدِيْلَها زِيْجٌ ولا قانونُ
والمجلسانِ النَّيِّرانِ تآلفَا / هَذَا في البَهَاءِ قَرِيْنُ
كالمُقْلَتَيْنِ أو اليَدَيْنِ تَأَيَّدَا / والحُسْنُ يَعْضِدُ أَمْرَهُ التَّحْسِيْنُ
عُطِفَتْ حَنَايَاهُ وضُمِّنَ بَعْضُها / بَعْضَاً وسِحْرٌ ذلك التَّضْمِيْنُ
كتقاطعِ الأفلاكِ إلاَّ أنَّه / مُتَبَايِنَانِ تَحَرُّكٌ وسُكُوْنُ
فَلَكِيَّةٌ لَوْ أنَّها حَرَكِيَّةٌ / لاعتدَّ منها الرأسُ والتِّنِّيْنُ
تَتَعاقَبُ الأَعْصارُ فيه وَجوُّهُ / أبداً به آذارُ أو تَشْرِيْنُ
وكأنَّ هِرْمِسَ بَثَّ حِكْمَتَهُ به / وأَدارَ فيه الفِكْرَ أَفْلاطُوْنُ
وكأنَّ راسِمَ خَطِّهِ إقْلِيْدِسٌ / فَمَوَاثِلُ الأَشْكالِ فيه فُنُوْنُ
مِنْ دَائرٍ ومُكَعَّبٍ ومُعَيَّنٍ / ومُحَجَّنٍ تَقْوِيْسُهُ التَّحْجِيْنُ
شَمَخَتْ فلا تُحْنَى سَوارِيْها لها / كلاً ولا تُرْمَى بها فَتَبِيْنُ
فهنالك التَّضْعِيفُ والتليثُ والت / تَرْبِيْعُ والتَّسْدِيْسُ والتَّثْمِيْنُ
نِسَبٌ حَلَتْ نِسَبُ الغِناء لبعثها / طَرَبَ النفوسِ وسَمْعُها تَعْيينُ
وكأنَّ طَرْفِي مِسْمَعِي وكأنَّه / صَوْتٌ وشَكْلُ خُطُوْطِهِ تلحيْنُ
مُتَلأْلِئٌ فكأنَّما سَالَ المَهَا / فيه وذابَ اللؤلؤُ المَكْنُوْنُ
وكأنَّ مُبْيَضَّ الخُدودِ وَضَاءَةً / صَحْنٌ له لا المَرْمَرُ المَسْنُوْنُ
تُغْشَى بِمُذْهَبِ لَمْعِهِ فكأنَّما / أَبْدَى لَدَيْهِ كُنُوْزَهُ قارُوْنُ
هو ثالُثُ القَمَرَيْنِ في ضَوْءَيْهما / فيه تُضِيْءُ لنا الليالي الجُوْنُ
لو أَبْصَرَتْهُ الفُرْسُ قَدَّسَ نُوْرَهُ / كِسْرَى وأَخْبَتْ نارَها شِيْرِيْنُ
أَوْ لَوْ بَدَا للرُّوْمِ مَعْجَزُ صُنْعِهِ / أَبْدَى السُّجُوْدَ إليه قُسْطَنْطِيْنُ
رَأْسٌ بِظَهْرِ النُّونِ إلاَّ أنَّهُ / سَامٍ فَقُبَّتُهُ بحيْثُ النُّوْنُ
في رَأْسِهِ سَبَقَ النَّعامَ سماؤه / مِنْ دونه دَمْعٌ الغَمَامِ هَتُوْنُ
قَصْرٌ تَبَيَّنَتِ القُصُوْرُ قُصُوْرَها / عنه وفَضْلُ الأفضلين يَبِيْنُ
فَمَنِ ابنُ ذي يَزَنٍ وما غُمْدَانُهُ / النَّقْلُ شَكٌّ والعِيَانُ يَقِيْنُ
هو جَنَّةُ الدّنْيَا تَبَوَّأَ نُزْلَها / مَلِكٌ تَمَلَّكَهُ التُّقَى والدِّيْنُ
فكأنَّما الرحمنُ عَجَّلَها له / لِيَرَى بما قد كان ما سيكونُ
وكأنَّ بانِيَهُ سِنِمَّارٌ فما / يَعْدُوْهُ تَحْسِيْنٌ ولا تَحْصِيْنُ
وجَزَاؤُهُ فيه نقيضُ جَزَائِهِ / شَتَّانَ ما الإِحياءُ والتَّحْيِيْنُ
عَفٌّ فلا مالٌ يُبَاحُ ولا دَمٌ / بل آمنانِ ذَخيرةٌ وَوَتِيْنُ
وإذا دَعَا داعٍ بِطُوْلِ بَقَائِهِ / خَرَقَتْ له سَمْعَ السَمَا آمِيْنُ
مَلَكَ القلوبَ بِسِيْرَةٍ عُمَرِيَّةٍ / يَحْيَا بها المَفْرُوضُ والمَسْنُوْنُ
لا تَأْلَفُ الأحكامُ حَيْفاً عنده / فكأنَّها الأفعالُ والتَّنْوِيْنُ
لَوْ كانَ أَدْنَى بِشْرِهِ وَذَكَائِهِ / لِلنَّصْلِ ما شَحَذَتْ ظُبَاهُ قُيُوْنُ
لَوْ كانَ لُجُّ البَحْرِ مِثْلَ نَوَالِهِ / غَمَرَ الرُّبَى مَسْجُورُهُ المَشْحُوْنُ
وبَدَا هِلالُ الأُفْقِ أَحْنَى نَاسِخاً / عَهْدَ الصِّيامِ كأنَّه العُرْجُوْنُ
فكأنَّ بين الصّوْمِ خَطَّطَ نَحْوَهُ / خَطّاً خَفِيّاً بَانَ منه النُّوْنُ
هَيْهَاتِ ما تُغْنِي القَنَابِلُ والقَنَا
هَيْهَاتِ ما تُغْنِي القَنَابِلُ والقَنَا / والمَشْرَفِيَّةُ في مُلاقاةِ المَنَى
فَعَلاَمَ تُسْتَاقُ العِتَاقُ وإنْ جَرَى / وَجَرَيْنَ جَاهِدَةً وَنَيْنَ وما وَنَى
وعَلاَمَ تُجْتَابُ الدِّلاصُ فإنَّها / لَيْسَت مَوانِعَ سُمْرِهِ أَنْ تُطْعَنَا
إنَّ المَنِيَّةَ ليس يُدْرَكُ كُنْهُهَا / فَنَوَافِذُ الأَفْهَامِ قد وَقَفَتْ هُنَا
في كلِّ شيءٍ للأَنَامِ مُحَذِّرٌ / ما كانَ حَذَرَهُ شُعَيْبٌ مَدِيَنَا
وَحَيَاتُنَا سِفَرٌ وَمَوْطِنُنَا الرَّدَى / لَكِنْ كَرِهْنَا أَنْ نُحِلَّ المَوْطِنَا
والعَيْشُ أَضْنَكُ إنْ تَعَذَّرَ مَطْلَبٌ / كم مِنْ ضِنَاكٍ في مَطَالِبِهِ ضَنَى
وَلَرُبَّما أَعْطَى الزَّمانُ مَقَادَهُ / لا تَيْأَسَنَّ فَرُبَّ صَعْبٍ أَمْكَنَا
لا بُدَّ أَنْ تَتْلُو الحياةَ مَنِيَّةٌ / مَنْ شَكَّ أَنَّ اليومَ يُزْجِي المَوْهِنَا
لا تَرْجُ إبقاءَ البَقَاءِ على امرئٍ / كُلُّ النُّفُوْسِ تَحِلُّ أَفْنيةَ الفَنَا
تَجِدُ الحياةَ نفيسةً ونُفُوْسُنَا / غُرَباءُ تَرْغَبُ عندها مُتَوَطَّنَا
لَوْ أَنَّهَا شَعَرَتْ لها وَسَقَتْ دَرَتْ / أنَّ الوَفَاةَ هي الحَيَاةُ تَيَقُّنَا
لكنَّها عَمِيَتْ ولم تَرَ رُشْدَهَا / ما كُلُّ مَنْ لَحَظَ الأمورَ تَبَيَّنَا
فَتَبَصَّرَنَّ مُصَابَ سَيِّدَةِ الوَرَى / تُبْصِرْ دَنَاءَةَ ذي الحياةِ وذي الدُّنَى
أَعْظِمْ به مِنْ حادثٍ جَبُنُوا له / ما ظَنَّ قَبْلُ شُجَاعُهُمْ أنْ يَجْبُنَا
وَتَرُوا وما عَلِمُوا بِوِتْرٍ ضَائِعٍ / مَنْ ذا يُطَالِبُ بالتِّرَاتِ الأزْمُنَا
ذَابَتْ سُيُوفُهُمُ أَسىً فَظُبَاتُها / تَحْكِي المَدَامِعَ والجُفُوْنُ الأجْفُنَا
وَتَقَصَّدَتْ أَرْمَاحُهُمْ إنْ لم تَكُنْ / شَجَراً وَشِيْكُ المَوْتِ منه يُجْتَنَى
لم يَذْكُرُوا إحْسَانَهَا إلاَّ نَسُوا / حُسْنَ العَزَاءِ وبَعْدَهَا لَنْ يَحْسُنَا
فكأنَّما أنفاسُهُمْ وَمَقَالُهُمْ / نارٌ تُحَرِّقُ بَيْنَهُمْ عُوْدَ الثَّنَا
وما جَفَّ مِنْ دَمْعٍ عليها مَدْمَعٌ / الحُزْنُ ما وَالَى الدَّمُوْعَ الهُتَّنَا
أَعَقِيْلَةَ الأَمْلاَكِ والمَلْكِ الذي / لَبِسَ السَّناءُ به جَلابِيْبَ السَّنَا
فَسَقَاكِ مِثْلَ نَدَاكِ أَوْ كَدُمُوْعِنَا / مُزْنٌ يُعِيْدُ ثَرَاكِ رَوْضَاً مُحْزَنَا
إنْ كُنْتِ مِتِّ فَذَا ابنُكِ المَلِكُ الذي / يُحْيي البَرَايَا والعَطَايَا والمُنى
كَثُرَتْ مَحَامِدُهُ فَحَقَّ بها اسمُهُ / وَأَدامَ إحْياءَ المَكَارِمِ فاكتَنَى
فإذا بَنى الأعداءُ هَدَّمَ ما بَنَوا / والدَّهْرُ لا يَسْطِيعُ يَهْدِمُ ما بَنَى
يا أيُّها المَلِكُ الذي أوْصافُهُ / تُعْيي البليغَ ولا تُطِيْعُ الألْسُنَا
إنْ كان عُظْمُ الرُّزْءِ أَصْبَحَ كافِراً / بِتَجَلُّدٍ لا تُمْسِ إلاَّ مُؤْمِنَا
صَبْراً وإنْ جَلَّ المُصَابُ وَسَلْوَةً / فَإِلَيْهِمَا حَكَمَ الحِجَى أنْ تَركُنَا
والدَّهْرُ أَهْوَنُ أنْ يَجيْءَ بحادثٍ / لم يَثْنِهِ حُسْنُ التَّجَلُّدِ أَهْوَنَا
والبِرُ يَقْضِي أنْ تكونَ مُعَظِّماً / والحِجْرُ يقضِي أن تكونَ مُهَوِّنَا
فَلَئِنْ صَبَرْتَ فإنَّ فضَْلَكَ باهِرٌ / ولَئِنْ حَزِنْتَ فَحُكْمُهُ أنْ تَحْزَنَا
هُنَّ الأَمانِي مُدْمِنَاتُ حِرَانِ
هُنَّ الأَمانِي مُدْمِنَاتُ حِرَانِ / فَصِلِ اعتِزَاماً لاَتَ حيِيْنَ تَوّانِ
وإِذا انقَضَى زَمنُ الفَتَاءِ عن الفَتَى / فَبَقَاؤُهُ وَفَنَاؤُهُ سِيَّانِ
لا تُخْدَعَنَّ فما لإِحْسَانِ الصِّبَا / عِوَضٌ ولا لِرُوَائِهِ الحُسَّانِ
واخْلَعْ على رَيْعَانِهِ حُلَلَ المُنَى / فَمَحاسِنُ الأشياءِ في الرَّيْعَانِ
وزيادَةُ الأَقْمَارِ بَدْءُ شُهُوْرِهَا / وتَعَقُّبُ الأَعْقَابِ بالنُّقْصَانِ
والشَّمْسُ في الحَمَلِ الذي هو أَوَّلٌ / تَسْمُو كما تَنْحَطُّ في المِيْزانِ
ليس الصِّباَ زَمَنَ الصِّبَا لكنَّهُ / قَمْعُ العِدَى ورَعَايَةُ الخُلاَّنِ
حالٌ يَحُوْلُ الهِمُّ فيها يافعاً / والخَمْرُ تَثْنِي والشِّيْبَ كالشُّبَانِ
فَيَرَى تَيَمُّمَهُ وتَقْلِبُ قَلْبَهُ / حَدَقُ المَهَا وسَوَالِفُ الغِزْلاَنِ
فالنَّفْسُ تَزْدَادُ النَّفاسَةَ والهَوَى / هُوْنٌ وما أَرْضَى لها بِهَوَانِ
وَلَرُبَّ ذي أَيْدٍ سَعَى لِيَضُمَّهَا / فَرَمَتْهُ بالإِيْهاءِ والإِيْهَانِ
وَوَعِيْدُ أَقْوَامٍ صَمَمْتُ لِسَمْعِهِ / سَمْعُ الأَذَى من آفَةِ الآذانِ
وتَغَطْرُسٌ من مَعْشَرٍ قد أَنْبَأُوا / أنَّ الوِهَادَ تَعُوْدُ شُمَّ رِعَانِ
قَلَبَ الزمانُ عِيَانَهُمْ وعِيَالَهُمْ / وكَذَا الزَّمانُ مُغَيِّرُ الأَعْيَانِ
يا سَائِلِي عمَّا زَكِنْتُ من الوَرَى / والسِّرُّ قد يُفْضِي إلى الإِعْلانِ
إيْها سَقَطْتَ على الخَبِيْرِ بِحَالِهِمْ / عند العَرُوْضِ حَقَائِقُ الأَوْزَانِ
هُمْ كالقَرِيْضِ وَكَسْرُهُ من وَزْنِهِ / يَبْدو من التَّحْرِيْكِ والإِسْكانِ
ومتى تَحُلْ حالاهُما عن كُنْهِها / أَنْكَرْتَ منه واضِحَ العِرْفَانِ
كم من خليلٍ سَاعَدَتْهُ سَعَادةٌ / وَطَوَى بها كَشْحاً على الأَضْغَانِ
مِنْ كلِّ ذي حَسدٍ يُشانِئُ شانئٍ / إنَّ التَّحَاسُدَ باعِثُ الشَّنآنِ
هَاجُوا سُكُوْنِي فاستَدَمْتُ هِيَاجَهُمْ / إنَّ الحَرَاكَ دَلالَهُ الحَيَوَانِ
فانْجَابَ عن شَمْسِي دُجَى إجْلاَبِهِمْ / وَلَرُبَّ بُرْءٍ كان في بُحْرَانِ
لَمَّا فَضَلْتُ رَمَوْا بكلِّ عَضِيْهَةٍ / والفَضْلُ مَوضعُ أَسْهُمِ البُهْتَانِ
يا ما لِدَهْرِي ليس يَعْدُلُ حُكْمُهُ / أَتَرَاهُ خالَ العَدْلَ في العُدْوانِ
أو رَدَّ حَظِّي في الحُظُوْظِ مُصَلِّياً / أنْ كان ذِهْنِي سَابِقَ الأّذْهَانِ
هَلاَّ تَنَاءَتْ في التَّسَابُقُ حَلْبَةٌ / حتى يُبَرِّزَ رَبُّ كلِّ رِهَانِ
لو مُدَّ مَيْدَانُ التَّنَاظُرِ بيننا / عَلِمَ الوَرَى مَنْ فَارِسُ المَيْدَانِ
ذِكْرُ الفَتَى يُبْدِي خَفِيُّ سِنَانِهِ / والنارُ حامِيَةٌ بِغَيْرِ دُخَانِ
وعَسَى إِثَارَتُهُ تُرِي آثارَهُ / وَلَكَمْ تُدَالُ إدَالَةٌ بِطِعَانِ
ومَلاكُ بُغْيَتِكَ المَلِيْكُ مُحَمَّدٌ / يَمِّمْهُ تُحْمَدْ صَرْفَ كل زَمَانِ
شَادَ ابنُ مَعْنٍ في تُجِيْبَ مَكَارِماً / ليستْ لِمَعْنٍ في بني شَيْبَانِ
يا مَنْ يُضِيْفُِ إليه حاتمُ طَيِّءٍ / مَرْعىً ولكنْ ليس كالسَّعْدَانِ
أَعْطَتْهُ أهواءَ القلوبِ سياسَةٌ / خَفِيَتْ لَطَائِفُها على سَاسَانِ
وَبَدَتْ إلينا منه صورةُ سِيْرَةٍ / تُنْبِيْكَ عَمَّا سَنَّهُ العُمَرَانِ
سُمْتَ السَّوَامَ به الحِمَامَ كأنَّما
سُمْتَ السَّوَامَ به الحِمَامَ كأنَّما / أُخِذَتْ بِشَأْنٍ من ذوي الشَّنْآنِ
وتَبِعْتَها ذاتَ الجَنَاح كأنَّما / فَعَلَتْ جُناحاً قَبْلُ في الطَّيَرَانِ
حتى غَدَا حَمَلُ السَّمَاءِ وثَوْرُها / حَذِرَيْنِ مما حَلَّ بالحُمْلانِ
نارٌ بأَرْجَاءِ المَرِيَّةِ سِقْطُها / مُزْرٍ ببيتِ النارِ في أَرْجَانِ
فَلَوِ المَجُوْسُ تَجُوْسُ بين ديارِنا / أَمَتْ لَدَيْكَ عبادةَ النِّيْرَانِ
والسُّمْرُ من قُلُبِ القُلُوْبِ مَوَاتِحٌ
والسُّمْرُ من قُلُبِ القُلُوْبِ مَوَاتِحٌ / وكأنَّها مَوْصُوْلَةُ الأشْطَانِ
والنَّبْلُ في حَلَقِ الدِّلاَصِ كأنَّها / وَيْلُ الحَيَا في مائجِ الغُدْرَانِ
الدَّهْرُ لا يَنْفَكُّ مِنْ حَدَثَانهِ
الدَّهْرُ لا يَنْفَكُّ مِنْ حَدَثَانهِ / والمَرْءُ مُنْقَادٌ لِحُكْمِ زَمَانِهِ
فَدَعِ الزَّمَانَ فإنَّه لم يَعْتَمِدْ / بجَلاَلِهِ أحداً ولا بِهَوَانِهِ
كالمُزْنِ لم يَخْصُصْ بنافعِ صَوْبِهِ / أُفْقاً ولم يَخْتَرْ أَذَى طُوْفانِهِ
لكنْ لِبَارِيْهِ بَوَاطِنُ حِكْمَةٍ / في ظاهِرِ الأضدادِ مِنْ أَكْوانِهِ
وعَلِمْتُ أنَّ السَّعْيَ ليس بِمُنْجِجٍ / ما لا يكونُ السَّعْدُ من أَعْوَانِهِ
والجِدُّ دُوْنَ الجَدِّ ليس بنافعٍ / والرُّمْحُ لا يمضِي بغير سِنَانِهِ
وَسَمَا إلى المُلْكِ الرِّضَى ابنُ صُمادحٍ / فَأَدَالَنِي بالسُّخْطِ من رِضْوانِهِ
وهَوَى بنَجْمِي من سماءِ سَنائِهِ / وقَضَى بِحَطِّي من ذُرى سُلْطَانِهِ
عاف النهار مخافة الرقباء
عاف النهار مخافة الرقباء / فسرى يضمّخ حلة الظلماء
يطوي شذاه عن الأنوف نهاره / ويجود في الظلماء بالإفشاء
متهتك في طبعه متستر / وكذا تكون شمائل الظرفاء
لما رأى حب الأنوف لعزفه / لبس الغياهب خيفة الرقباء
كالطيف لا يصل الجفون لسهدها / ويهب فيها ساعة الإغفاء
إني أرى شمس الأصيل عليلة
إني أرى شمس الأصيل عليلة / تزتاد من بين المغارب مغربا
مالت لتحجب شخصها فكأنها / صدت على الدنيا بساطا مذهبا
اشدد يديك على أخيك تكن به
اشدد يديك على أخيك تكن به / في كل أمر تبتغيه قديرا
لو لم يكن بأخ أخ متأيدا / لم يتخذ موسى أخاه وزيرا
وأجل مفقود شباب ذاهب
وأجل مفقود شباب ذاهب / وأعز موجود حبيب ممحض

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025