المجموع : 79
لمعت كتلويح الرداء المُسبَل
لمعت كتلويح الرداء المُسبَل / والليل صبغ خضابه لم ينصل
نار كسَحْر العَوْد أرشد ضوؤها / بالبيد أعناق الركاب الضُّلل
طابت لمعتسف الظلام كأنما / شبت على قنن اليفاع بمندل
فعلمت أنَّ بني تميم عندها / يتقارعون على الضيوف النُزَّل
العاقرين الكومَ وهي منيفة / والضاربين الهام تحت القسطل
والسائسين الملك لا آراؤهم / تهفو ولا معروفهم بمقلل
قومي وأين كمثل قومي والقنا / والبيض بين مقصَّدٍ ومفلل
نجلوا أخا وجدٍ بغير خريدةٍ / جعل النسيب لذابل أو منصل
شغلته عن وصف الهوى ذِكَرُ العلى / فنضا شعار الشاعر المتغزل
قضَّى شبيبته بمجد مشيبه / فإذا المشيب بدا له لم يوْجَل
لا عزَّ في سراة مُطهَّمٍ / ولباس سابغةٍ وهبَّة مقْصل
وطلوعها شعثاً كأنَّ عجاجَها / بالقاع أسنمةُ الغمام المُثقل
هيم إلى رود القلات فإن غزت / أغنى النجيع عن البرود السلسل
يلحظن مخترق الرماح كأنما / في لبَّة الغطريف مجرى جدول
من كل مقلاق العنان طِمِرَّةٍ / تنزو بهفهاف القميص شمردل
يحملن فرساناً كأنَّ دروعهم / سُنَّت على مثل الجبال المُثَّل
صُبراً تلاقوا حاسراً لمدججٍ / منهم ويطرد ذو السلاح بأعزل
قوماً إذا طبعت نصول سيوفهم / قام النجيعُ لها مقام الصَّيقل
يتفارطون إلى مساورة الرَّدى / كمتفارط الكدري نحو المنهل
وتقارب الأبطال حتى استمسكوا / بالمشرفي عن الوشيج الذُّبَلّ
فكأن حربهم أوارُ ضريمةٍ / بالقاع أو بأس الوزير أبي علي
ندب إذا ذلَّ الخميسُ عن العدا / قام الكتاب له مقام الجحفل
غمر الرداء كأن سح بنانه / بالجود شؤبوب الحيا المتهلل
هتنٌ إذا سئل الغمامُ بأزمةٍ / أعطى ذوي الحاجات ما لم يسئل
فيبيت هو مؤمل إحسانه / وعظيمُ ما يوليه غير مؤمل
عفُّ الإزار يظلُّ من شعف العُلى / خلو الفؤاد عن الغزال الأغزل
فرسوم منزلةٍ إلى أسماعه / أحلى وأعذب من رسوم المنزل
جارٍ إلى حرب العدا فإذا انتدى / لقي الصعاب بحبوة لم تحلل
أقدام ذي لبدٍ وهمةُ أَعْصَمٍ / وإباءُ بازي ويقظة أجْدل
وأغر فضفاض الرداء كأنما / نيطت عمامته بقُنَّة يذبل
شهمٌ يبيتُ عدوهُ في غمرةٍ / من خوفه ونزيله في معقل
نعمى جلال الدين غير منيعةٍ / وحمى جلال غيرُ مبذَّل
يا فارعاً بالعزم كل منيفةٍ / وعرٍ تزلُّ بأخمص المتوقِّلِ
أنظر إلى حلل القريض يَفوفُها / نشوان من غاير العُلى لم ينهل
يلقى الخصوم مُنازلاً ومجادلاً / ثبت الجنان بصارمٍ وبمقول
سبقَ الأخير إلى معاني علمه / طبعاً وزاد على معاني الأول
لولا تضمُّن ما أقول من العُلى / وثناك كنتُ عن المديح بمعزل
ملكٌ ثوى بالجاهلية رمسُهُ / فبعثته مني ببركة زلزل
ووراء ليل الحظ صبحُ سعادةٍ / فارغب بنفسك عن خليقة مهمل
أي الخطوب من الزمان أزلُ
أي الخطوب من الزمان أزلُ / كل الزمان كتائبٌ وجحافلُ
دهرٌ بتقديم الأديب مُكاذبٌ / وهوىً بإسعاف الحبيبِ مُباخِلُ
إِنَّ الكواعبَ والمآربَ والمُنى / نهضت بهن حوادثٌ ورواحل
فأخو الغَرام من القَطيعة والهٌ / وأخو المرام عن العزيمة ذاهلِ
فبأيما جَلدٍ يعيشُ مُتيَّمٌ / جارتْ عليه مَنازلٌ ومُنازل
يا حرَّةَ الأخوين إنَّ صَبابتي / عظمت وما أن في وصالك طائل
سد العفاف علي كل ثنية / فالهجر عندي للوصال مماثل
عبقت بنشرك في الدجى ريح الصبا / فتضوعتْ بالطيب منكِ أصائلُ
وسرى النسيم على المَلا فتفاوحتْ / بالحزن منه منابتٌ وخمائلُ
علَّمْتِ رشق اللحظ كل مناضلٍ / فغدت له الشاراتُ وهي مَقاتل
وزعمتِ أنَّكِ بالمحب رؤوفةٌ / والغدرُ يخبرُ أنَّ زعمكِ باطل
منعتْ حِماكِ صوارمٌ وذوابلٌ / ونهى هَواكِ لوائمٌ وعواذلُ
ولقد غَنيتِ عن اللَّوائم بالقِلى / وكفاكِ منعَ حِماكِ أنكِ باخلُ
لا تحسبي صبري لحادثِ سَلْوةٍ / قد تصمتُ الأشياءُ وهي قوائل
وسلي بوجْدي تُخبرني عن جلُه / قد يدركُ الخبر الخفيَّ السَّائلُ
إنَّ المياه حسدْنَ صفو مدامعي / فصفتْ لورَّادِ المياهِ مناهلُ
وتأوَّهي أعْدى الحمامَ وبانَهُ / فالبانُ مُهتزٌ وهُنَّ هَوادلُ
ولقد علمتُ بأنَّ نفسي صارمٌ / والحادثات وإن كرهتُ صياقلُ
صبري على الازمِ الصعاب مُخبرٌ / أني إلى الشَّرف المُحسَّدِ آيلُ
قد لاحَ في أفق السعادة بارقٌ / إنْ لم أبادرهُ فأمِّي هابلُ
تسمو إليه محاربٌ ومَنابرٌ / وتُفلُّ فيه صوارمٌ وذوابلُ
بمدجَّجين كأنَّ لمْعَ حديدهم / برقٌ تلاهُ من السَّحابِ الحافلُ
خلعَ الغُبارُ عليهمُ من نسجه / فكأنما فوق الدروع غلائلُ
جلبوا الصفاح إلى الكفاح صَوادياً / وثَنوا وهُنَّ من النفوس نواهِلُ
ثمَّ استمرَّ طِرادهمْ فلو أنه / في قعر دجلة ثار منه قَساطل
وعلتْ رؤوسٌ بالضراب صواعداً / ثم انثنتْ في الجو وهي نوازلُ
فكأنما هي في الظَّلام كواكبٌ / طلعَ الصباحُ فهن منه أوافِلُ
لا تُنكري ذكري حديثَ مطالبي / إنَّ العتيق من السَّوابق صاهل
هي عزًّةٌ تعْتادُ كل مُمجَّدٍ / فتقولُ عنه قصائدٌ ورسائل
طربي بها ما يستفيقُ وفي الحَشا / منها فُضولُ لواعجٍ وبلابلُ
طربَ ابن خالدٍ الكريم إذا طَرا / عافٍ أو التفَّتْ عليه وسائل
شهمٌ أعارَ الصَّقر حدَّة لحظِه / فقضت على مُهج الطيور أجادل
ماضٍ إذا ضَنَّ الجبانُ بنفسهِ / يقظٌ إذا نام الذهولُ الغافلُ
وله إذا حبسَ الغمامُ نوالَه / عن مُعتفيه وقيلَ عامٌ ماحلُ
جودٌ تمازجهُ البشاشةُ للَّذي / يرجو ويشفعه السرورُ الكاملُ
فكأنهُ غيثُ الربيع لناظِرٍ / الشمس مشرقةٌ هي وورق هاطل
وخلائقٌ رقَّتْ فلولا أنهُ / بشر لقلت هي الفرات السائل
ودمائه لطفت فلولا هجره / للخمر قلت الشاربُ المتمايلُ
لو يهجرُ القومُ الذنوبَ كهجره / للكِبْر ما وافى جهنَّم داخلُ
و لو استفادوا بُلغْةً من حلمه / ما قِيدَ يوماً بالقتيل القاتلُ
وإذا تنكَّر للأعادي مُغْضباً / فالسيف يَهْبُرُ والهزبر يُصاولُ
وقف الحياةَ على اللَّذيْن تكفَّلا / بالحمد وهو بما أرادَ الكافلُ
فلِعِرْضه هو بالشَّراسة مانعٌ / ولمالهِ هو بالبشاشةِ باذلُ
قد صحَّ أنَّ بنانهُ بحرٌ وإنْ / لم يُلْفَ عبرٌ عندهُ وسواحلُ
فعلى الطُّروس لآليءٌ وجَواهرٌ / وعلى العُفاة ربابُ جودٍ هاطلُ
لا تحسبي مَزحَ الرجالِ ظرافةً
لا تحسبي مَزحَ الرجالِ ظرافةً / إنَّ المُزاح هو السِّبابُ الأَصغرُ
قد يُحْقر الملكُ المُطاع ممازحاً / ويُهابُ سُوقيُّ الرجالِ الأوقرُ
جرد سيوفكَ للجلاد وأشْهِرِ
جرد سيوفكَ للجلاد وأشْهِرِ / واعِلمْ جيادك للطرادِ وشَهِّرِ
واصبرْ لضوضاء الخطوبِ فإنما / تعدو على متُبرمِ لم يصبرِ
وإذا نهضت إلى العدى بعزائمٍ / فاحذر تمني الخفض أنْ لم تُنصر
فالمجدُ إذ تسعى لهُ وترومهُ / مُلْك اليمين ظفرت أو لم تظفر
ولتَظْفِرنَّ فكل حافرِ سابقٍ / من بعد غرب السيف موضعُ مغفر
أأنِ أتَّبعت هواي أيسرَ بُرهةٍ / تبع المُجربِ لا اتباعِ مُغَررِ
وتركتُ زوراء العراق ولا قِلىً / الدارُ داري والعشيرةُ معْشري
كيما أُميتَ مطامعي بتجاربي / وأكفَّ أخباراً كبُرْنَ بمخبري
قال العِدى عَثرَ الجوادُ ولا لَعاً / وبنو الوداد لَعاً وإنْ لم يعثرِ
فلقد وقفتُ من الملوكِ مواقِفاً / تعْشى بهيبتها لحاظُ المُبْصر
وعلوتُ فوق أولي الجحافل منهمُ / وأقمتُ أقوالي مقامً العسكرِ
وولجت أسراراً تضرَّب دونها ال / أعناقُ غير مُسارقٍ ومُتسترِ
حتى انتهت هِمَمي إلى مولاهُمُ / رَبَّ المقانبِ والمراتبِ سنجر
فأحلنَّى الشرفَ الرفيعَ وزانني / بأجَلِّ تشريفٍ وأكرم مفخر
بحُسامه وكِتابه وكلاهُما / مجدٌ يقيمُ على ممرِّ الأعصُرِ
فالسيفُ لم يسمح لذي فضلٍ به / وكذا المِثالُ مِثالهُ لم يُسْطرِ
ولقد قضيتُ مآرباً نجديَّةً / ودُجى الذؤابة صبحة لم يُسفرِ
وسَرى بفضلي ركبُ كم تنوفةٍ / من منجدٍ يطوي السُّرى ومُغوِّرِ
تجري المكارمُ والداء متى أفُهْ / بالشعر ثُمَّ تغيض أنْ لم أشْعُرِ
ولَربَّ مُنتزحٍ بأقْصى خِطَّةٍ / ريَّان من ماء الفضائل مُغْزِرِ
فصلُ الخطاب إذا المقاصد أُعجمت / كشف البهيم بواضحٍ مُسْحَنْفر
سارت إليه مع الرواةِ قلائدي / فاشتاق ينظرني ولو لم ينظُرِ
فضلي وبأسي في المقال وفي الوغى / خُلقاً لصهوة سابحٍ أو مِنْبر
ومُعنفٍ في المجد يحرُق نابهُ / مُتخمطٍ في عذله مُتنمرِ
قال اتخذت الاغْترابَ مطيَّةً / فارفق بنفسك من سفارك واحضرِ
فأجبتهُ أنَّ الهِلالَ بسيره / بدرٌ ولولا سيرهُ لم يُقمِرِ
دعْ عنك لومي أنَّ عزمي والسرى / أخوا لِبانٍ كالنَّدى ومُظفَّر
خِرقٌ إذا عنَّت وغىً وخصاصةٌ / جادتْ يداهُ بهاطلٍ مُثعنجر
فالقِرْنُ والرجلُ الفقيرُ كلاهما / غَرقانِ من عُرْفٍ وقانٍ أحمرِ
وإذا خَبَتْ نارُ اليَفاع فَنارُه / تهدي ركابَ الخابطِ المُتنور
نارٌ تكادُ من المكارمِ والنَّدى / تخبو فلولا البأس لم تتسعَّرِ
رُفعتْ لأبْلجَ من كِنانةَ دأبُهُ / ضربُ الجماجم تحت ظلِّ العثير
لمُعذَّلٍ في الجودِ صَوْبُ يمينه / يُزري بسيل الشاهق المُتحدر
باعَ الثَّراء من الثَّناءِ بطيبهِ / وشرا الثَّنا بالمال أربحُ مُتْجرِ
فإذا غدا صفرَ اليدينِ فإنَّهُ / مَلآنُ من شرفِ العُلى والمَفخر
سهلُ الخلائفِ والودادِ كِليْهما / لا بالملول هوىً ولا المُتكبر
تنجاب أستار الحجاب إذا انْتدى / للحيَّ عن مُتواضعٍ مُتوفرٍ
تُخشى سُطاهُ على طلاقة وجههِ / ولرُبَّ بَرقٍ بالصَّواعق مُنذرِ
ألِفتْ قِراعَ الدارعينَ سيوفُهُ / فيكادُ يمرقُ مغمدٌ لم يُشهرِ
وتعوَّدتْ خوض النُّحور رماحُه / فإذا جرتْ للطعن لم تتأطَّرِ
وغَنِينَ من وِرْدِ الدماء جيادُه / في الحرب عن رود النَّمير الأخضر
زَوْلٌ تعيض الحيَّ غُرةُ وجهه / تحت اللثام عن الصباح المُسفر
لا تَطَّبيهِ مع الشَّبيبة للْهوى / خُدعٌ ولا تلهيه بهجةُ منظر
من فَرْط هِمَّته وحُبِّ وقارهِ / قد شاب مفرقهُ ولمَّا يكبُرِ
قارٍ إذا شكر المَبيتَ ضُيوفُهُ / في دُهْمَةٍ فعشاره لم تشكر
وإذا الجفانُ صَفِرْنَ في مُغبرَّة / فجفانه مملوءةٌ لم تصفرِ
وإذا الذي يجزي تذكُّرَ هفْوةٍ / لم تُلْفهِ للذنبِ بالمُتذكرِ
يعفو إذا قدرتْ يداهُ على العِدى / فكأنه من حلمه لم يقدرِ
كم موقفٍ غَلب الأميرُ برأيهِ / بيضَ الظُّبى عجلانَ لم يتفكَّرِ
رأيٌ يكون على الغُيوبِ طليعةً / فالمُضمرُ المكنونُ مثلُ المُظْهَر
أنَّ ابنَ حمَّادٍ لَمَلَجْأ خائفٍ / وحمامُ أعداءٍ وثروةُ مُعسر
وافٍ إذا بذل العُهود لآخذٍ / عذرَ الوفاءُ ونفسهُ لم تُعذرِ
ومُزمْجرٍ بالقاعِ يُظْلِمُ صبحه / مما يثير من العجاجِ الأكدر
مَجْرٍ كأنَّ خيولهُ ورجالَهُ / غزلانُ وجْرةَ تحت جِنَّة عبقر
أعمى القتامُ به الكُماةَ فخيلُهُ / لولا بريقُ حديده لم تنظر
تجري فيتْبعُ جارحٌ فترى بهِ / مُتمطراً يتلو مدى مُتمطرِ
فيه السَّوابغُ والدِّلاصُ كأنها / غُدُرُ الفَلاة تلوحُ للمتبصر
غاردتهم صرْعى بأوَّلِ حملة / من غير تثنيةٍ وغير تكرُّر
وإلى عُلا بكْرٍ نَمتْكَ عِصابةٌ / طيبُ الثَّناء وطيبِ العُنْصُر
قومٌ إذا كرهوا الحرير بَسالةً / لبسوا لزينتهم ثيابَ سَنوَّرِ
يتقارعون على الضيوفِ إذا الدجى / سُدَّتْ مطالعُه بريحٍ صَرْصَر
من كل متْبوع اللواءِ مؤمَّلٍ / في المحل مُنتجع النَّدى مُستمطرِ
تتلوا الذئاب المُعْط كُبَّةَ خليهِ / ثقةً بأنَّ طعامها من مَنْسِرِ
سُمِّي أبا الجبْر الجواد أبوكُمُ / حيث الكسيرُ بغيرِه لم يُجْبر
أرجُ الثناء لدى النَّديِّ كأنما / تُتْلى مدائحُ عِرْضه من مجمرِ
يا ناصرَ الدين ادَّخرْتَ من العُلى / كنزاً ومثلَ مودتي لم تذخَرِ
أغنيك حمداً إذْ أقولُ وموسرٌ / لم أُغْنه حمداً فليس بموسِرِ
ولئنْ تَعدَّاني الحِمامُ فربما / كنُ الذخيرَةَ للجليلِ الأخْطرِ
شكراً لدهري بالضمير وبالفم
شكراً لدهري بالضمير وبالفم / لما أعاضَ بمُنعمٍ عن مُنعمِ
لا سلوةً بل صبوةً بمجانسٍ / بَرَدَ الوصالُ بها فؤادَ المُغْرمِ
خيرُ الوداد ودادُ أفْوهَ ناطقٍ / لعبت به الجُلَّ ولم يتصرَّمِ
حيِّ المنيعَ الجارِ يُقرنُ بأسُه / في النائباتِ إلى جزيلِ الأنْعُمِ
غرس الصنيع فلا اللسان بصامتٍ / دون الثناءِ ولا الوفاءُ بمنجمِ
لي نفس مشغوفٍ بسالف عهده / لم ترض نسيانَ الرفيق الأقدم
مضروبة بشبا الخطوب تنوشُها / بالجور عاديةُ الغَدور الأزْلمِ
حسناء آنسةٌ إذا هي أكْرِمَتْ / ونوارُ باديةٍ إذا لم تُكرمِ
يلوي مواعدها الزمان وتقتضي / إنجازهُ فإلى متى وإلى كم
سعد الجهول ولاح علمي ذائدي / عما أروم فليتني لم أعْلَمِ
وغدوت ذا حزنٍ بفضلٍ مطربٍ / غيري فكنتُ كمنعمٍ لم ينعمِ
واستهون القومُ المقالَ سفاهةً / فالفضلُ للسكيت لا المُتكلمِ
وندمت للعمرِ المُقضَّ عندهُ / فَلكادَ يقضي بالحِمامِ تَندُّمي
هَمٌّ ثوى بين الضلوعِ مُبرِّحٌ / لولا الوزيرُ وفضلهُ لم يُنْجمِ
بمصمِّمٍ للخير غير مُنكِّبٍ / ومُنكِّبٍ في الشرِّ غير مُصمِّمِ
شرفٌ لدين الله ليس بمُعورٍ / في الحادثان ولا بنكْسِ مُحْجمِ
فتبلَّج المجدُ الأثيلُ طلاقةً / عن ثغْر مُبْتهجٍ به متبسِّمِ
بمجردِ الأيامِ في حالاته / علاَّمةٍ بالدهْرِ غيرِ مُعَلَّمِ
مستهترٍ بالمأثرات شعارهُ / وضعُ الرحالِ بها وحمْلُ المغرم
عُلْويُّ برقٍ لاح في أفق العُلى / فأضاء من حظِّ الفقيرِ المُظْلمِ
طابتْ مخايلُه لشايمِ لمْعِه / عِلْماً ببادرةِ السَّحوحِ المُثجمِ
خِرْقٌ تبرعُه رفيقُ نوالهِ / ومتى تُسلْ جدواهُ لم يتَلوَّمِ
تتجنب الغبراء عَقْوةَ أرضهِ / رهَباً لمنهل النَّوالِ المُرْزمِ
ثبتٌ توقِّره الخطوب بحيث لا / صبرُ الحليم لها ولا المُتَحلم
يزدادُ من أجْلابهنَّ رزانةً / كالريح تُظهرُ من أناةِ الأيْهم
غمْرُ الخلائق تُتَّقى سطواتهُ / مُتواضعٌ لم يُلْفَ غير مُعظَّمِ
تتلو سجاجتهُ عوادي بأسِه / إنّ الغِرار وراء صفْحِ المِخْذمِ
وافٍ إذا نقضَ الزمانُ عُهودهُ / لقيَ المُعاهد في الجديل المُبْرمِ
لو واثَقَ الرمضاء في حبِّ الصدى / لغدا يَعُدُّ الضبَّ حوتَ الخضْرم
غيرانُ يحمي ما يشاء ببأسهِ / لا جارهُ بِلَقىً ولا مُستسلمِ
لو لاذت الغبراء منه بعصمةٍ / لحمى ثراها أنْ يُداسَ بمنْسمِ
ومُشردٍ ينزو به فرقُ الرَّدى / نَزْوَ المُدامةِ بالنزيف المُفعم
جمِّ الظنون يكاد يدرأ خوفهُ / محض اليقين إذا بدا بتوهُّم
رسبت به السُّدَف الضخام كأنه / صلْدٌ توغَّل لُجَّ يَمٍّ مِدْأمِ
يأوي لتعريسٍ فيبعثُ رجلهُ / مَرُّ النَّسيم على المكانِ المُرْتمِ
نِسْعُ المطيَّة والرسيم لحذرهِ / بحجارةِ المِعْزاءِ كالمُتبغِّمِ
يهفو به ضخمٌ تخاذل عندهُ / نصرُ المُطاع فباسهُ لم يعْصمِ
آويته فحميته من ذُعْرِه / دُون الرجال وكان عينَ المُسلَمِ
وطريد مجدبةٍ غدتْ بثرائهِ / شهباءُ مُرْديةٍ كحدِّ اللَّهْذَمِ
سفعتُه من غبرائها عرَّاقَةٌ / تَذَرُ الخميلةَ تُرْبةَ المُتيممِ
ما زال إخلاف النجوم ينوشهُ / حتى أثابَ به فُوَيْق المُصْرمِ
حتى إذا ما الذودُ صرَّم نحضَه / لَسُّ الرغام بكل فجٍّ أقْتَمِ
وأقام بالصرم العزيب فلم يُطِقْ / دركَ المعاطِن باللقاحِ المُعظمِ
واشتدَّ محْلٌ فاغتدت أشلاؤُهُ / للمُترف العيَّافِ أكْرم مطعمِ
أمَّ الطريدُ نوال مُولي نِعْمَةٍ / فأناخَ عنكَ بالمُجيرِ المُطعم
إنَّ ابن خالدٍ الكريم أرومةً / غيثُ الفقير ومنْعةُ المُستعصمِ
غمرُ المواهب مستريحٌ رِفدُه / فذُّ السؤال أخو نوالٍ تَوأمِ
تدني له الأقصى مطيُّ عزائِمٍ / يسخرن من ولد الجديل وشدقمِ
وخَّادةٌ لا تشتكي لغَب السُّرى / صُبرُ الخفاف على الفلا والمَخْرم
ويذودُ عنه مُسدَّدٌ في قصده / يهدي الصوار له بغير تلوُّمِ
جمُّ الغوارب ماؤه من نقْعةِ / فضلتْ سوابحُه مرورَ العُوَّمِ
جزلٌ كموج البحر تمخض لُجه / رأدَ الضُّحى هوجاءُ لم تتنسَّمِ
ضاقت به الدهناءُ واتَّسعت به / في الرزق تاليةُ النسور الحُوَّمِ
عمَّت إغارتهُ فشمس نهاره / مسلوبةُ التشريق عند الملْحمِ
ودجا فكادت أن تضِلَّ رماحُه / في الطَّعْنِ لولا ربطُها بالأنجمِ
واستمطرت مُعْطُ الفُلاة جيادهُ / فولَغْنَ منه في المسيح وفي الدَّمِ
من كل مُحتدم الحفيظة لودنا / للحشر حاذَرهُ حريقُ جهنَّمِ
نغَضتْ شمائله الحقودُ فهمَّ أن / يزري بإيجافِ الجوادِ الشَّيظم
وسما به الأمل المجيدُ فخلتَهُ / يجري الجواد على قذالِ المِرْزمِ
وكأنَّ مُنكدر النجوم بغيْهبٍ / شدُّ الكمي إلى الكمي المُعلمِ
للهِ دَرُّ مناقبٍ شَرَفيَّةٍ / أدنتك من شرف الإمام الأعظمِ
كتم التواضعُ فضلها فأذاعهُ / فقر الزمان إلى الشديد الأحْزم
نشق الخليقةُ طيبها واسْتافَهُ / فرأى عُقوق المجد إن لم يَرْثمِ
فاستلَّ منك مهنَّداً لا حَدُّهُ / نابٍ ولا في الضَّرب بالمستثلمِ
وأحلَّ منك دنيَّةُ ذا منْطقٍ / فصلٍ إذا ما قال غير مجمجمِ
يتأملُ المُصغي إلى ألفاظِهِ / قسَّ الفصاحة في النِّجار الأكرمِ
يتكلمُ الإيجازَ في لحظاته / فدوام نظرته حروفُ المُعجم
إن كان أخَّرني الزمانُ بجوره / فأظنُّ هذا الحين حينَ تقدمي
فاسْقِ الذي غرستْ يداك فإنني / لك أعْتزي وإلى فخاركَ أنْتمي
طرب الزمان وأنجمت أشجانه
طرب الزمان وأنجمت أشجانه / وغياثُ دين محمدٍ سلطانهُ
طرب المُعاقر بالرياض جرى له / نشْر تأرَّجَ موْهِناً حَوْذانُه
فالبأس يُردي المرهفات مضاؤهُ / والجودُ يسخرُ بالحيا تهْتانه
لمقام أبلجَ في العَلاء مُحلّقٍ / فوق النجوم مقامه ومكانهُ
آراؤهُ قبل الرماحِ رماحهُ / والخوفُ قبل الطعن منه طِعانه
شهمٌ كميٌّ في المقالِ وفي الوغى / يُردي الخصومَ سِنانه ولسانهُ
ذو حالتين فللنزال من العِدى / بينُ النفوسِ وللمقال بيانهُ
وإذا تحلَّى منبرٌ بشعارهِ / طربْتْ لفرط فخاره عيدانهُ
خرقٌ إذا حبس السماء قُطارهُ / أغنى بني الإزَمِ الشداد بنانهُ
تشكو الخُلوَّ من الظُّبى أجفانُه / وتملُّ طولَ الامتلاء جِفانه
يجلو ظلمَ الليل نورُ جبينهِ / وتدل طُرّاقَ الدجى نيرانهُ
تُزجي نواصفه مدعدعة القِرى / عجْلى وتمشي بالقرى عُبدانه
وتفي لحامُ المُنقياتِ لضيفهِ / والعامُ تعذرُ بالطَّوى ألْبانهُ
ثبتٌ لعادية الخطوب موقَّرٌ / وسرعْرعٌ لمِرادِهِ عَجْلانُهُ
فإذا ذكاءُ اليوم أضمر ضوءها / نقْعُ الطراد كثيفةٌ أدْجانهُ
وتمطَّرتْ بالدارعين سوابقٌ / فوق العراء كأنها سيدانهُ
أو عادياتٌ بالصَّريم نوافرٌ / وكأنهم من فوقها جنَانهُ
ينسفن من دمثِ الخبارِ بنازحٍ / تنهالُ من تَعْدائها كُثبانهُ
وإذا مررْنَ على الغزير جِمامُه / نضبتْ لفرط ورودها غُدرانهُ
وإذا ركضن بآهلٍ من وحشة / جم النوال سكونه ميطانه
ألَّفْنَ شارده فليس ظِباؤُه / بسليمةٍ منه ولا خِزَّانهُ
جيشٌ كغاباتِ الفرات أسُودها / أبطالهُ ونباتُها خِرْصانهُ
أغنى غياث الدين عنه بحملةٍ / منْ أنْ تصام عندهُ فرسانهُ
وقضى عليه بالتَّوى فتصعَّدت / أرواحهُ وتحدَّرْتْ أبدانهُ
وتخاذلت نُجدُ الرجالِ لخوفه / فشجاعُه عند اللقاء جَبانهُ
ذو صبوةٍ بالمجد لا إعراضهُ / عن حُبِّه يُرجى ولا سُلوانُه
قَيْلٌ يماطل بالوعيد ونازحٌ / عن وعْدِه بنوالهِ لَيَّانه
تبدو على لحظاته صِفةُ العُلى / وعلى أسرَّةِ وجهه بُرهانُهُ
عمتْ مهابتهُ القلوبَ العُلى / وعلى أسرَّةِ وجهه بُرهانُه
إن كان لي يوماً من الدنيا غنىً / باقٍ فهذا حينهُ وأوانهُ
زُهيَ المُباسل لانتضاء المقصل
زُهيَ المُباسل لانتضاء المقصل / فاطرْ لعزَكَ بالمعالي واجذلِ
هذا أوان دلفت من شرف العُلى / فترقَّ في شمَّائها وتوقّلِ
نبت الغُمودُ بصارمٍ ذي روْنقٍ / كادَ الإباءُ يموتُ لو لم يُسْللِ
للهِ أيامٌ مُددْنَ لآملٍ / فرأى وضوح الشمس بعد تطفُّلِ
خيرُ الخلائق خِلَّةٌ مُضرية / جُعلَ الوفاءُ بها جزاءَ المُفْضِل
إنَّ الهوى العذريَّ أُودع صفوه / في دارميٍّ ليس بالمُتَنقلِ
غيرانَ يحمي المُنعمين ثناؤُهُ / وافٍ بارعاءِ العهُودِ مُوكَّلِ
لو ساور الموت الزؤامَ لحالةٍ / ضمنتْ بقاءَ ودادهِ لم يحْفلِ
ما مِثل ربِّ العنصرين مُمدَّحٌ / وإذا جهلت دليل شيءٍ فاسألِ
خِرْقٌ توقَّل من مناقب هاشمٍ / حيث المقامُ يزِلُّ بالمتوقِّلِ
غَمرُ الندى يحمي وما استنجدته / لِمُلِمّةٍ ويجودُ إن لم يُسألِ
لبق الشمائل بالنعيم يزينُه / شرَسُ الأبي ولينَةُ المُسترسلِ
ماضٍ إذا خيفَ الردى لم يثنهِ / رعْبٌ وإن بخلَ الحيا لم يبخلِ
تردي عزائمه الصوارمَ والقَنا / وتقومُ هيبتهُ مقامَ الجحفل
شهمٌ يبيت عدوه في غمْرةٍ / من خوفه ونزيلُه في معقلِ
جُمعت مساعي قومه في سعيه / فغدا أخيراً في الزمان الأوَّلِ
وإذا السحائبُ أخلفتْ مستمطراً / قامتْ أناملُه مقامَ الحُفَّلِ
وإذا الأسنَّةُ أحجمت عن مطعنٍ / طعنت به آراؤه في المقتل
وإذا الحُبى طاشت لرائع حادثٍ / أرْبى على رضْوى الجبال ويذبل
وإذا العهود نُقضن أصبح عهدهُ / عند الحوادثِ مُبرماً لم يُحلل
وإذا الحمى المرهوبُ أسلم لاجئاً / أمسى مُجاورهُ بأمْنعِ منزلِ
ومشردٍ ينزو به رقُ الردى / نَزْو المُدامةِ بالنَّزيف المُثْقلِ
جَمُّ الهمومِ كأنما صُعداؤهُ / من فرْط لوعته دخانُ المرجلِ
حظرتْ مخاوفه كراهُ فَجْفنهُ / لو يَستجيلُ رويَّةً لم يُسدلِ
تخفيه أثباجُ الظَّلامِ كأنهُ / سِرٌّ توغَّلَ قلب ثَبْتٍ مُدْغلِ
يتوهمُ الحسكاتِ منه ذواعراً / فرط الحذار فإنْ مشى لم يعْجلِ
بُعِلَ الملوك بنصره ونبَتْ به / شمُّ المعاقل فالحياةُ بمعزلِ
أمَّ الوزير الزينبي ونصرْرهُ / فأحلَّهُ التأميمُ أمنعَ موئلِ
بفناء ضرَّابِ الجَماجم بالضُّحى / قاري العشيَّة في الجديب المُمحلِ
تشكو الغزالةُ والنجوم كسوفَها / من فَرْط رفْع دخانه والقَسْطلِ
لو صافح الرمضاء باطنُ كفهِ / ظهراً لبُدلَ بالربيع المُبْقلِ
وإذا تغيَّرت الفِجاجُ وأعْصفتْ / هُوجٌ تراجَمُ بالقُرومِ البُزًَّلِ
وتصادمت مِزقُ البيوتِ كأنها / في الجو شَغَّاغُ الغمامِ المُثْقَلِ
وتشابه الوحش العزيب ومن هُمُ / تحت الطِّراف بِقَرَّةٍ وبأفْكَلِ
فمجاسد الفتيات أهُبْ كوانِسٍ / والمُطْفلُ الحسناءُ مثلُ المُغْزل
حيث المواقدُ كالمواردِ قَرَّةً / والعائمُ الرِّعْديد مثلُ المُصطلي
من غير ما مطرٍ ولكن لزْبةٌ / أمْهى عوارقَها عُصوفُ الشمألِ
آويتَ ثم قرَيْت غيرَ مُسوِّفٍ / وكففتَ من هَمِّ المُسيفِ المرمل
ولنِعم مُبتدرُ الطِّعان إذا الوغى / حَميتْ بكل مُغامرٍ مُستقتلِ
واستشزبت أُولى الجيادِ فأقبلتْ / مُتفرقاتٍ كالجرادِ المُشْعِلِ
وتبدَّلت أرضُ الطراد سميَّةً / والصبحُ فيها جِنْحُ ليلٍ ألْيَلِ
نهبَ الكماةُ ترابها بسنابكٍ / فتعوضتْ قِمماً مكان الجَنْدلِ
حتى إذا ضاق المكَرُّ وقُسِّمتْ / مُهج الفوارس في الوشيج الذُبَّل
وجلى المسيح مع النجيعِ فأفْعَما / سنن المسايل الأتيِّ المُقْبِلِ
وطوتْ نمير الماء كلُّ طِمِرَّةٍ / وتنكَّبتْ نَفَذَ الغدير المُثمل
شدَّ ابنُ مُستهمي الغَمامَ بحملةٍ / شرفيَّةٍ سُبقت بطعنةِ فيصلِ
وفلا عجاج الطَّرد عن نصرٍ إذا / ما كُرَّ طيبُ حديثهِ لم يُمْللِ
فهو المشارُ إليه حيث لقيتَهُ / صدرُ الخميس له وصدر المحفل
خبرَ الإمام مقامُه من دهْرهِ / فدعاهُ فيه بقُلَّبٍ وبحوِّلِ
وجَلا بحسن الابتلاء فِرنْدهُ / والسيفُ يعرفُ بعد صقل الصيقل
ولو أنَّ يمنك سار تحت لوائه / حطم الأسنَّةَ في حُماةِ المَوْصِلِ
لم يُنجِ منه الهام وهو فتى الوغى / إلى خُلوُّ يمينه من مُنْصُلِ
حاشا مقالي أنْ يُعرض بامرئٍ / ما زالَ أهْلاً للمقام الأفضلِ
لكن ليكبر فضلهُ ومقامهُ / ليس الثريّا كالسِّماكِ الأعْزلِ
فخَرتْ قريش بالوصي عَلِيِّها / ولها فَخارٌ بعد ذلك في عَلي
بالمُقتفي أثر السَّراةِ من العُلى / ينْميه منهم كل خِرْقٍ مُفْضلِ
المُنهلين السُّمر من منهج العِدى / حيث السماء بخيلةٌ لم تَهطلِ
قومٌ إذا ضاق القريضُ بمدحهمْ / مُدِحُوا بآياتِ الكتابِ المُنْزلِ
من كل متبوعِ اللواءِ مُقلِّدٍ / في الدينِ أمْرَ مُحَرَّمٍ ومُحلَّلِ
يخضرُّ مغبرُّ الثرى من وطئهِ / وتقومُ أنْملُهُ مقامَ الهُطَّلِ
اشْكر إلهكَ ما استطعتَ فإنه / واقيكَ من داءِ الخطوبِ المُعضلِ
واحلم فإن الحلم من ذي قُدرة / رأسُ العُل وثناء كل مُفضَّلِ
ولقد كرمت عن الإجابة فليكن / منك التَّغَمُّدُ للأغَرِّ الأجْهَلِ
أملي رحيبٌ منك في دركِ العُلى / يا خير مرْجوٍّ وخيرَ مُؤَمَّلِ
ومع اختباري في الولاء فواجبٌ / رفْعي إلى الشَّرف الذي لم يُنزلِ
جُعلت من الحدثان أحصن أدرع
جُعلت من الحدثان أحصن أدرع / فلقد سُننَّ على الكريم الأرْوعِ
شرفت على شرف اللبوس فغودرت / فلكاً لشمس عُلاً حميدِ المَطْلعِ
زُرَّتْ على طود الأناة وضُمنت / بحر النَّدى وحوت شراس الأدرع
حسد اللباسُ العبقري مقامها / من ماجدٍ في نُسكهِ مُتورِّعِ
نضرِ النعيم يكاد ساحبُ ذيلهِ / يخضرُّ منه ثَرى الجديب المُدقعِ
يختال في شرفين شأو علاهُما / لبني المناقبِ سامقٌ لم يُفْرعِ
نجْرٌ كمنبلج الصَّباح يزينهُ / مسعىً كعرف الروضةِ المُتضوعِ
ما بين إرثٍ لم يكن بمقلَّدٍ / محضٍ وكسبٍ لم يكن بتضرُّعِ
حِيز الكمالُ لراجحٍ من هاشمٍ / غَمْرٍ خلائقهُ كريمِ المرْضعِ
ليمين دولة هاشمٍ تسطو به / في الحادثات إذا الظُّبى لم تقطعِ
جمُّ البسالةِ والنَّوالِ مبيتهُ / ما بين حامٍ للطَّريد ومشبعِ
يسْتاف مادحُ فضيضَ لطيمةٍ / من مدحه لكنها بالمَسْمعِ
عدِمَ المعاب فلو تمحَّل كاشِحٌ / فيه لناداهُ الكمالُ ألا أربع
يلقى العواذلَ في الندى وعُفاتهُ / ما بينَ عاصٍ عند ذاكَ وطيِّعِ
يغدو لذي الحاجات أسمع منصتٍ / ويروحُ للاحي كأنْ لم يسمعِ
فاللائمُ المِنْطيقُ أعجمُ قائلٍ / والمصرْمُ السِكِّيتُ أفصحُ مُسْمعِ
خِرقٌ يعيبُ عطيَّةً بوسيلةٍ / فندى يديه ونصْره بتبرُّعِ
أنسَ الجُناةُ بحلمهِ فملاهُمُ / من خوف قدرته بأمنٍ مُفزعِ
بينا ترى أقصاهُم مستشفعاً / بُسطتْ له الآمالُ قرب مُشفَّعِ
خشيان من ذي العرش لو خاضت به / ساعاتُه بين القنا لم يجْزعِ
يُغنيه فعلُ اللهِ في أعدائه / عن رأي مُختَتِلٍ وفتك مُشيَّعِ
فأسنةُ المقدور أطعنُ فيهم / دونَ الوزير من الرماحِ الشُّرَّعِ
رغبت به ألْطاف محسن خلْقه / عن أن يبيت لهم مُقضَّ المضجعِ
وسقاهمُ كيدَ الخطوب صفاؤه / للهِ في خلواته والمَجْمعِ
وإذا جرت هوجُ الرياح عشيَّةً / ما بين نكْباءِ الهُبوبِ وزعزع
فرَطاً لمُؤتلفٍ كأنَّ رُكامَهُ / في جمِّهِ عَقِداتُ رملِ الأجرعِ
أو موقراتٌ من ركائبَ بُزَّلٍ / ترْغو بمعتلجِ المُناخِ الجعجعِ
فاقْتدْنَ منه كل أكحلَ داجنٍ / هوْلِ التصاخب بالمكان البلْقعِ
دانٍ يكاد الوحش يكرعُ وسطه / وتَمسُّهُ كفُّ الوليدِ المُرضَعِ
مُتَتابعٍ جَمٍّ كأنَّ سَحابهُ / كبَّاتُ قيصَر أو سرايا تُبَّعِ
زجلِ الرُّعود يكاد يخْدج عنده / شاءُ المَلا ويموتُ سخْلُ المُرضِعِ
فَهمي فألقى بالعراءِ بَعاعَهُ / سحّاً كمندفع الآتيِّ المُتْرعِ
فتساوتِ الأقطارُ من أمْواهِهِ / فالقارةُ العلْياءُ مثلُ المَدفعِ
وغدا سراب القاع بحر حقيقةٍ / فكأنه لتيقُّنٍ لم يخْدَعِ
مُتغطمطاً غصب الوحوش مكانها / تيَّارهُ فالضبُّ جارُ الضِّفْدعِ
فضل الوزيرُ الزينبيُّ بجوده / ذاكَ النَّدى حقاً بغير توسُّعِ
يغذو على حدِّ الخصاصة جودهُ / وتُصيبُ أنْعمهُ كريمَ المَوقعِ
تلقاهُ في خُلُقين لم يتنكَّبا / عدْلاً ولا وضَعاً لغير الموضعِ
إنْ جَدَّ لم يُهجن محاور جِدِّه / أو أحمضتْ عبثاتُه لم يُقْذعِ
ظلُّ الطَّريد تخاذلتْ أنصارهُ / وغنى الفقير ونجدةُ المُستفزعِ
ومُسهَّدين على الرحالِ يميزُهم / شرفُ الرجاء عن النفوس الهُجَّعِ
شُعْثٌ كأن على الركائب منهُمُ / غولاً تجارى بالنَّعام الأجْدعِ
نحلوا على شعب الرحال فأشْبهت / أعوادها منهم عَريقَ الأضلعِ
وتفاضلوا شحباً فأبْعدُ هِمَّةٍ / أوْفاهُمُ وصبَاً وإنْ لم يوجعِ
خفَقوا بهامِهُمُ على أكْوارها / خفْقَ السُّجودِ من الصلاةِ الركَّعِ
وطغتْ بأنجاد النعاسِ أزِمَّةٌ / فخلعن طاعةَ راحةٍ أو إصْبعِ
كَتَمَ الدُّجى والقاعُ سرَّ سُراهمُ / فأباحه صُبحُ المكان المُتْلِعِ
ونحتْ عزائمهم نفوس مطيِّهم / فأشدها بُطءً فُوَيْقَ المُسرِعِ
ونزحن بالدهناء عن جَدَد السُّرى / فوطئن في يربوعها المتقصِّعِ
يبغون مُشْكي المُجدبات وماجداً / تُغني رغائبه غناء الهُمَّعِ
ناداهُمُ كرمُ الوزير فأنْزِلوا / بعد التَّماحل بالخصيب المُمرعِ
بموسِّع المعروف غيرِ مُضَيِّقٍ / ومُضيق الأعْذار غير مُوسِّعِ
طودٌ إذا ضوضاء خطبٍ أجلبتْ / رأسٍ وضرٌ في الهياج سرعرعِ
خبرَ الإمامُ الفضلُ فضل مقامه / فأحلَّه شرف العَلاء الأرفعِ
سنَّتْ له الأقدارُ شيمْ بنيَّةٍ / فغدت به الأفكارُ نحو المهيعِ
وجلا بما أبْدا فِرِنْدَ مُهنَّدٍ / والسيفُ لولا قَيْنُهُ لم يقطع
فحباه منه بصارمٍ ذي روْنقٍ / ماضي المضارب في الضرائب مِقْصَعِ
مُستوحشٍ في الغمدِ لكن أُنسه / باللِّيتِ من بطل الوغى والأخْدعِ
مُتبسمٌ قبل الضِّرابِ وإنه / من بعد فتكته غزيرُ الأدمُعِ
بَرْقٌ أضيفَ إلى سحابِ أناملٍ / والبرق لولا سُحبهُ لم يلمعِ
بل جدولٌ في رعن طوْدِ أْهمٍ / حوليه بحرُ أناملٍ مُتدفِّعِ
عدم النُبُوِّ غِرارهُ فكأنهُ / من غير حِدَّةِ عزمه لم يُطبعِ
وعلَتْ به نُعْماهُ صهوةَ سابحٍ / نهدٍ مراكلُه عَلَنْدى جُرْشُعِ
سامي التَّليل كأنّ أعلى رَوْقِهِ / يبغي مناطاً بالنجوم الطُّلَّعِ
فيه إذا تَبْلو قَراهُ وشدَّهُ / شَبَهان من ضِرغامةٍ وسمعْمعِ
رحْبُ اللَّبانِ كأنَّ لونَ إِهابهِ / شفقٌ تجلَّل قشْع غيمٍ مُقْلِع
يتلو علياً في الوجيفِ إلى العُلى / فيفوتُ شدَّ السابق المُتوسعِ
وشريفة الأبوينِ بين مُضِرَّةٍ / تُخشى بوادرها وبين مُنَفِّعِ
كانت لأسمرها سِناناً فاغْتدَتْ / للأبيض الأنساب مأوى الشُرَّعِ
نحمتْ فلما ألجِمَتْ حوت العلى / واليأسُ للمحظوظِ أكرم مطمعِ
وثوتْ فكان حياتُها في موتها / ومفاخر الأشراف بعد المَصْرعِ
فالنشأةُ الأخرى لها أبدتْ لنا / كُفْرَ الكفور وسوء رأي المُبدعِ
وكأنها وبِساطَها وحُلِيَّها / للمستبين أخي الفؤادِ الأصْمعِ
نورٌ على غسقٍ تخلَّفَ عندهُ / باقي شُعاع عشيرةٍ لم يُقلعِ
يا ابن الجحاجح من ذؤابة هاشمٍ / أهلِ النَّدى المسؤول والمُتبرَّعِ
والخائضين غِمارَ كل كريهةٍ / روْعاء تفْهقُ بالحِمام الأشجعِ
والجاعلينَ شغوفهمْ كدروعهم / يوم النزال فحاسرٌ كمُقنَّعِ
يتغطرفونَ على الحِمامِ ويَتَّقِي / سطواتهم دُفَعُ السِّمام المُنْقعِ
من كل مُسمع ناصفاتِ ضيوفه / إِنْ أبْطأتْ بجفانها لم تُسرعِ
غمر الثَّرى من فاضلاتِ جِفانهِ / تختالُ في أرجِ الثَّناء الأضْوعِ
بادي الغِنى لا يستسرُّ ثَراؤُهُ / عند الشتاء لِشوْله لم يكْسعِ
إنْ أنْهَد الحي الجِفانَ لَقيتَهُ / للضيف بين مُسغْسِغٍ ومُدعْدِعِ
شغفي بحبكَ سنَّ فيك بلاغتي / والوُرْقُ لولا وجدها لم تسْجعِ
وتدرُّ بي بالمدحِ فيك أعادني / أُدعى بمفلقِ عصره والمِصْقعِ
ولئن جذِلتُ لفرط جودِكَ أنني / بسواهُ حاملُ خاطرٍ مُتوزِّعِ
عمَّ النَّوالُ ورحتُ منه كشائمٍ / صادٍ بأعْقار الحياض مُدفَّعِ
وسما إلى الرُّتب الدنيُّ بشافعٍ / فاجذب بضبع أخي الفضائل واشجعِ
ما أقنعتني في ولائك غايةٌ / فبدونِ تبليغي العُلى لا تُقْنِعِ
حيِّ المهابةَ والندى قد أرْبيا
حيِّ المهابةَ والندى قد أرْبيا / يوم الفخار على الحيا والمِقْصل
جُمعاً لشهمٍ في الرجال فلحظُهُ / لتَصَيُّدِ العلياء لحظُ الأجْدلِ
عَمَّ البلاد ثناؤه وفخارهُ / ومقامهُ منها بأرض المَوْصلِ
حسد الملوكُ مقامهُ فتسنَّموا / في ذروةٍ لولاهُ لم تُتوقَّلِ
فإذا هُمُ أصْغوا إلى أخبارهِ / عدل الظَّلومُ وجادَ كلُّ مُبخَّلِ
يحميك قبل الانتصار ببأسهِ / ويجودُ بالنُّعْمى وإنْ لم يُسألِ
ندُسٌ يُناطُ نجادهُ بمُمدَّحٍ / مُستهترٍ بالمكرمات مُعذَّلِ
نارٌ إذا ما هيَّجتهُ حفيظةٌ / ومع الرضا فبرودُ ماءٍ سلْسلِ
فحمى نصير الدين من صرف الردى / رَبُّ الزمان مدى الزمان الأطول
مُرْدي القنا والدارعينَ فبأسُهُ / حتف العادة ضحىً وحتف الذُّبلِ
شكراً لفعلك في ابن عمِّ محمدٍ / تاجِ العُلى وابن الطراز الأولِ
قاظتْ له أحداثهُ وخُطوبهُ / فاحتل منك إلى ربيعٍ مُخْضل
وأريتهُ صُبْح المَسرَّةِ بعدما / ناضَ الهمومَ كجنح ليلٍ ألْيلِ
لما غَدا بِهْروزُ مُتَّقياً
لما غَدا بِهْروزُ مُتَّقياً / ربَّ العُلى في السر والجهرِ
ألقى عليه من مهابتهِ / سِراً مُطاعَ النَّهي والأمْرِ
فنجاحُهُ في كل مُطَّلَبٍ / فرضٌ على الأيام والدهرِ
فعلامَ يُعجبُ من سعادتهِ / في سدَِّ ماءٍ جاءَ أو حَفْرِ
وهو الذي سنَّتْ خلائقهُ / لينَ الثَّرى وقَساوةَ الصَّخرِ
فإذا تنكَّر فهو صُمُّ صَفاً / ولدى الرضا مُتهلِّلُ القطْرِ
فحمى أبا الخير المُجاهد من / حلاَّهُ بالمعروفِ والنَّصْرِ
حيِّ الوزير كريمةً أعطافُهُ
حيِّ الوزير كريمةً أعطافُهُ / جَمَّ المكارم فائضَ الإحسانِ
يقظانَ أبْلجَ بأسهُ ونوالهُ / ذهباً بفخر السيف والتَّهْتانِ
هامي البَنانِ بسيفهِ ونوالهِ / من أبيضٍ عَذْبٍ وأحمرَ قانِ
لا يختشي غضبَ العساكرِ بعدما / صرفَ الزمان إلى رضا الرحْمنِ
فالمجد عن أبي شُجاعٍ وافرٌ / في صونه كعقيلةِ الغَيْرانِ
يا منْ أفاضَ العدل حتى كاد أنْ / يستجمعَ الأمْواهَ بالنيرانِ
سُرَّ التِّجارُ وللتُنَّاءِ مواقفٌ / يُجْرونَ فيها عبْرةَ الأحْزانِ
فالمُستغاثُ إليكَ مما قد عَرى / زرْع القرى في فتكَةِ الجِشْرانِ
وأنيقةٍ أنُفٍ يُضَوِّعُ طِيبها
وأنيقةٍ أنُفٍ يُضَوِّعُ طِيبها / جُنْح الدُّجى عمدُ التراب وجعدهُ
جيدَتْ من الديم السراع بواكفٍ / بسمتْ بوارقهُ وزمجر رعْدهُ
في متْن أملس نازحٍ عن طارقٍ / خاوي الصُّوى ما فيه إلا رُبْدهُ
راحت له معتلَّةً من نسمةٍ / تجري فيحسدهُ الكِباءُ ونَدُّهُ
كأريج عرض ابن الحسين وذكره / في العَمِّ إذ تُتْلى عُلاهُ ومجدهُ
تَضِرُ النعيم لبيقُ عطْفٍ بالعُلى / تخشى بوادرهُ ويُرْجى رِفْده
يلوي ويخلفُ في الأمور وعيدهُ / كرماً ويصدقُ في المكارم وعْدهُ
خِرْقٌ ذخائره إذا ذخر امرؤٌ / مالاً مناقبه الفِخامُ وحمْدهُ
يستعذب المُرَّ الأليمَ بعزْمهِ / فكأنما صابُ المآثر شَهْدهُ
وتُطيعهُ شُمس الخطوب بقصدهِ / فكأنَّ أحْداثَ الليالي جُنْدهُ
ويقول في النادي فيحصرُ دونهُ / حُمْس الجدال إذا يقولُ ولُدُّهُ
ولنعمَ مأوى الطَّارقين عشيَّةً / وليلُ يلتهم المواقدَ بَرْدهُ
حين اشتداد القُرِّ يجحدُ عنده / مُستودع النار الكمينةِ زنْدهُ
فهناك ضيفُ الزَّيْنبيِّ بغبْطةٍ / ثاوٍ وللخصب المُحسَّدِ وفْدهُ
منْ مُوردي ماء النحور جيادهمْ / والقاعُ يخْفي بالعجاجةِ وِرْدُهُ
الناصرينَ الدين حالَ يَغُوثُهُ / من دون طاعته وضلَّل وَدُّهُ
وإذا عُرى الأحساب جاذبها الورى / فلهم من الحسب المُكَرَّم عِدُّهُ
سيلٌ من العلياءِ سالَ ومِنْ عُلى / قاضي القُضاة أخي المناقِبِ مَدُّهُ
لا ثُلَّ عرشكم بني أسَدٍ
لا ثُلَّ عرشكم بني أسَدٍ / وبقيتمُ ما أورقَ السَّلَمُ
فالمجْدُ منْشؤهُ مواطنُكم / ومواطنُ العَلْياءِ عندكُمُ
المُطْعِمينَ الطَّاعنين إذا / مطر الوشيجُ وأكْدتِ الدِّيمُ
فإذا يُضيعُ المالَ جودُكمُ / فالحفظُ حيث الجارِ والذممُ
يتغطرفونَ على الحِمامِ إذا / خامَ الكماةُ وذلَّتِ البُهمُ
أعْلامُ مجْدٍ غيرُ خافيةٍ / ولهنَّ سيف الدولةِ العَلَمُ
غَيْرانُ يحْمي المجد من يدهِ / الناصِرانُ البأسُ والكرمُ
هو للعِدى نارٌ مُؤجَّجَةٌ / ولمُعْتفيه موردٌ شَبِمُ
يُحْيي الحوادثَ عند عزْمته / ويموتُ منْ معروفهِ العدمُ
يا صَدْقُ لا طَرقْتْكَ نائِبَةٌ / ولك الإلهُ البَرُّ مُعْتصَمُ
وسما بكَ المجد الذي شهِدتْ / بفَخاره الأيامُ والأمَمُ
الحمدُ للهِ الذي نصرَ العُلى
الحمدُ للهِ الذي نصرَ العُلى / بعد التَّخاذل في الوزير الفاضلِ
وأماتَ نفس الجور لما أن فشتْ / فينا بعاطفة الكريم العادلِ
وأضاء ليل الحظِّ بعد ظَلامهِ / بأغرَّ فَضْفاضِ الرداءِ حُلاحِلِ
وأعادَ نقص المجد فضْلاً كاملاً / لمَّا تحلَّى بالكمالِ الكاملِ
حامي ذمار الجار قبل صَريخهِ / مُولي مكارمهُ بغير مُسائل
جبَلُ احتمالِ أو رياحُ عزيمةٍ / في يوم أنديةٍ ويوم جَحافلِ
حازَ الثَّناءَ مُجَمِّعاً أشْتاتهُ / بالحزْم من أفعاله والنائلِ
طربت قوافي الشعر حيثُ يقودها
طربت قوافي الشعر حيثُ يقودها / ودِّي لتاجِ الدولة الجَحْجاحِ
طرب المُتَيّمِ بالوصالِ وشاربٍ / نشوانَ تَنْغِضُه حُميَّا الرَّاحِ
لأغرَّ فيَّاضِ النَّوالِ مُمَدَّحٍ / حاز الفخارَ بنجدةٍ وسَماحِ
ينجابُ محلُ الأرض عن قسماته / ويعود منه الليلُ وجه صَباحِ
يلقى العُفاةَ بذي حياءٍ مُطْرقٍ / عند النَّوال وفي الوغى بوَقاحِ
فتراهُ يوم السلم مُتْلِفَ مالهِ / ولدى الكتيبةِ مُتْلف الأرواحِ
حتفُ الرجال لدى النزال وضربه / والطعنُ حتفُ صوارمٍ ورماحِ
تغزو صحاحاً بيضهُ ورماحُهُ / وتعود غِبَّ الروع غيرَ صِحاحِ
فيه حِرانٌ دونَ كل دنيَّةٍ / وأخو مضاءٍ في العُلى وجِماحِ
نُعْمى أبي العباسِ أيُّ مُباحةٍ / وحِمى أبي العباس غيرُ مُباحِ
غَيْرانُ في الرحمن رَبُّ تَقيَّةٍ / عَبثَاتُه جِدٌّ بغير مُزاحِ
تركَ الهوى في عنفوانِ شَبابهِ / حيثُ الشيوخُ ذوو هَوىً ومراحِ
فإذا العيونُ لمَحْنَ نحو مُحرَّمٍ / أغْضى ونحو المجد رَبُّ طِماحِ
أخْلاقُ آباءٍ تَقَيَّلَ منهُمُ / شِيم العُلى يوْمَيْ ندىً وكِفاحِ
هبني كتمتُ لواعجَ البُرَحاءِ
هبني كتمتُ لواعجَ البُرَحاءِ / فمن المكتِّمُ عبْرتي وبُكائي
لا تنْهَ عن قلقي فإنَّ تَصَبُّري / فيما ألمَّ مُباينٌ لوفائي
كيف التصبُّرُ والهمومُ أسِنَّةٌ / يخْطرْن بين حيازمي وحَشائي
كيف التبصر والرزية بالذي / جلت رزيته عن الأرزاء
بمُطاردِ الأيام في آمالهِ / كَطِرادِه في مأزقِ الهَيْجاءِ
والماليء الدُّنيا بذكرِ مناقبٍ / صُرِّفْنَ بين السَّير والإسْراءِ
بفتى الندى والبأس والمُرضي العُلى / في يوم مكْرمةٍ ويوم لِقاء
بأبي الأغر وأيُّ كُنيةِ ماجدٍ / فقد الزمانُ وأيُّ خِدْنِ عَلاءِ
منْ طالما شُجع الردى فأعادهُ / من بأسه والرأي في الجُبناء
وتجمَّعتْ غِيَرُ الزمانِ فَرَدَّها / مَغلولةً بأسِنَّةِ الآراءِ
وتضايقتْ خططٌ به فأباحها / خُدعاً قضيْنَ بمخلصٍ ونَجاءِ
طرقَ النَّعيُّ فلم يكن لي مسمعٌ / يصغي إلى المكروهةِ الروْعاءِ
فطفِقْتُ أنَّهم الحديثَ كغيره / من سائر الأخبار والأنباءِ
وإذا الردى قد أمْكنتْهُ غِرَّةٌ / منْ قِرْنه فجرى بلا إبْقاءِ
لا طعم بعد أبي الأغَرُّ لحالةٍ / وإن اكتست من رونقٍ وبهاءِ
صُرعتْ لمصرعه المقاصِدُ والمُنى / فالناسُ كلُّهمُ بغيرِ رجاءِ
ترك الجنودَ بضيعةٍ من بعدهِ / يمشونَ للأرزاقِ في عشواءِ
ما زالَ يُعطيهم ومنْ لم يُعْطهِ / فرض العطاء له على الأعْداءِ
فلتبكه البيضُ الصَّوارمُ والقَنا / والسَّباقاتُ لواحِقُ الأمطاءِ
وليبكه اليوم العصيب من الوغى / ينزو بكل كتيبة حمساء
وليبكهِ رأدُ الصباحِ أعادهُ / بطرادهِ كالليلةِ اللَّيْلاءِ
وليبكهِ اللُّطْفُ الذي لم تؤتَهُ / خَمْرٌ ولم يُرْزَقْهُ صَفوُ الماءِ
وتألُّفُ القلب الشَّريد بمنطقٍ / أغْنى مُومِّلَهُ عن الإعْطاءِ
وإذا تغبَّرتِ الفِجاجُ وهُتِّكت / سُتُرُ البيوتِ بزعزعٍ هَوْجاءِ
واستنَّ ماءُ الوُطف يشفع سحَّه / خصرٌ تُرَضُّ له حصى المَعْزاءِ
وغَدتْ حشايا العبقري كأنها / وسط البيوتِ نمارقُ الأنْقاء
وتنوَّر الساري لقصْدِ سبيلهِ / نار اليفاع فلم يفُزْ بضِياءِ
إبان مُثْري الحي مثلُ فقيرهِ / لِترادُفِ اللَّزَباتِ والَّلأواءِ
فقِري دُبيسٍ كان عند عُفاته / جملُ الغِنى فضْلاً عن الكوْماءِ
وعرمرمٍ كاليمِّ هيجَ بعاصفٍ / فضلتْ غواربُه على الدَّأماءِ
صخبٌ لو أنَّ الرعد يجلبُ عنده / ما نَمَّ صاعقُ من الضّوضاءِ
سترتْ سَنابكُه وما ثَوَّرْنهُ / لوْحَ السَّماءِ وقاعَةَ الفَيفاءِ
ظامي الصّوارم والكماة يشوقُهُ / ورْدانِ وردُ طُلىً ووردُ نِهاءِ
من كل مُحْتدمِ الحفيظةِ ثابتٍ / كي لا يُزنَّ بنَزْقةِ الجُبناءِ
لو لم يُحصِّنْ سره عن دعوةٍ / يومَ الوغى لجَرَتْ على البيْداءِ
عصف الأمير بهم وقد وضح الضحى / عصف الشمال بمَنْغضِ الوطْفاءِ
للهِ منْ ودَّعْتُ يوم مراغَةٍ / والدمعُ مُنحدرٌ بغير رياءِ
أسفاً على بُعْدِ المزارِ وكيف لي / ببعيدِ دارٍ كافلٍ ببقاءِ
أعددتهُ لشدائِدي فأصابني / من فقْده بالشِّدَّةِ الصَّماءِ
هجر الجيوش وحَلَّ بين كتائبٍ / مُستسلمينَ لحادثٍ وقضاءِ
سَدِكاً برمْسٍ لا يريمُ وطالما / نحلتْ سوابقُه من الإنضاءِ
في معشرٍ أغضوا على جورِ الردى / بالرُّغمِ منهم أيَّما إغضاءِ
رقدوا على غير الكرى وتوسَّدوا / بعد الرحالِ نمارقَ الدَّهْناءِ
وتضمَّخوا دُفعَ الصَّديد وطالما / رَثَموا بكل لَطيمةٍ ذفْراءِ
قد شوَّه الحُسن البِلى بوجوههم / وأسالَ كل كحيلةٍ نجْلاءِ
النَّومُ بعدك للجفونِ مُحرَّمٌ / إلا الغِشاش وغالِطَ الإغْفاءِ
ولد شفى نفسي وهوَّنَ وجْدها / خَلَفَ العُلى وبقيَّةُ الكُرماءِ
من كلَّما نظرتْ إليه عُيوننا / عَدَّتْك في الباقين والأحْياءِ
بلغَ المدى في المجدِ وهو مُراهقٌ / وتَلا إليه طرائِقَ الآباءِ
لبِقُ الشَّمائلِ بالإمارة دارهُ / مأوى العُفاةِ ومربعُ الفُقراءِ
فبقيتَ سيف الدولة بنِ سيوفها / عُمْر الزمان لنجدةٍ وعَطاءِ
فلئن تكَنَّفت الكُروبُ جوانحي / حُزْناً فإنك كاشفُ الغمَّاءِ
طربتْ جيادُ الخيلِ تحتك وانثنى / يهفو سُروراً بانُ كل لواءِ
وخلفْت قومك في المناقب كُلِّها / وملكْتَ كلَّ البأسِ والنَّعماءِ
وهناك فخر الدين رِدْءاً باسلاً / أسَدُ الهياجِ وفارسُ الجَأواءِ
من لم يزل فيكم أمينَ مودَّةٍ / صفْوَ الهوى من شائبِ الأقْذاءِ
ما غابَ قطُّ ولا عَدا بوفائه / في الحادثاتِ تَفَلُّبُ الأعْداءِ
أنا منكُمُ فارعوا عُهودَ مودَّتي / ولكم كريمُ مدائحي وثَنائي
أوجبْتُ حقاً في أبٍ لم يَقْضهِ / وجزاءهُ أرجو من الأبْناءِ
خَلِّ التغزُّلَ للمشوقِ المُغرمِ
خَلِّ التغزُّلَ للمشوقِ المُغرمِ / فالمجدُ بين مُثقَّفٍ ومُطهَّمِ
رغبت بك العلياءُ عن خدع الهوى / فارغَبْ بنفسكَ عن مقام مُتَيَّمِ
وارفُ العشيرة ما استطعت فإنها / أمُّ القبائل والفَخارِ الأعْظمِ
من مثل قومك حين تُعتبر العُلى / في يوم مكْرمةٍ ويم تقدُّمِ
المُطْعمين بكل ليلٍ حالكٍ / والطاعنينَ بكل يومٍ أقْتَمِ
قومٌ إذا عدم الصَّريخُ مُجيبهُ / كانوا إليه كالبنانِ إلى الفَمِ
وإذا عَفاهُمْ مُسنتٌ عَدِم الحَيا / أغْنوهُ عن عذب السَّحاب المُثجمِ
جمعتْ تميمٌ مجدها في دارمٍ / فأُقِرَّ فاخِرُ مجدها في أكْثَم
وهُمُ نمَوْني بالعراق مُفَوَّهاً / ذَرِباً إذا ما قلتُ غيرَ مُجَمجمِ
يخشى بليغُ الحي شِرَّةَ مِقولي / ويهابُني بأسُ الكمي المُعْلمِ
وأُطيع حزْمي قبل طاعةِ عزْمتي / والعزْمُ منقصةٌ إذا لم تحْزَمِ
وأعافُ إدْراكَ الغِنى بمذلَّةٍ / وغنى الذليل عديلُ فقْرِ المُعدمِ
أقوى من العاديِّ عند كَرامتي / والزَّعْزعِ الهوجاء إنْ لم أُكرمِ
ولقد حلبتُ الدهر أشْطرهُ فما / غادرتُ عِلْماً فيه لم أتَعَلَّمِ
وعلمتُ عُقْباهُ فلم أحْفلْ بما / يأتيهِ من بُؤسٍ ولا منْ أنْعُمِ
وعجبت من مُثرٍ إذا سئلَ النّدى / لم يُعْطه لقادرٍ لم يحْلُمِ
ووردتُ أنديةَ المُلوكِ فلم أكنْ / بمعظِّمٍ إلا رَئِيَّ مُعظَّمِ
وعلوت فوق أولي الجحافل منهمُ / وأقمتُ أقوالي مقامَ عرمْرمِ
وطفقْتُ أُعلي بالبيان إلى مدىً / جاري الفصيحُ إليه مثلُ الأعْجمِ
وولجْتُ منفوس السِّرارِ لديهم / طَوْعاً بغيرِ تَطفُّلٍ وتَهجُّمِ
ما زال يكشفُني حميدُ تجاربي / حتى غدا المكتومُ غيرَ مُكتَّمِ
ولقد غَرِضْتُ من الزمانِ كأنما / صَدَأٌ أقامَ على فِرِنْدِ المِخْذمِ
فجلاهُ مِن عُلْيا زُهيرِ فارسٌ / جمُّ الرمادِ بكل عامٍ مُصْرمِ
فانجاب بالبطل الهُمامِ ولم يكنْ / ينْجابُ إلا بالهُمام المُنْعِمِ
بمُهنَّدٍ طَبعَ الإلهُ حديدُه / فإذا أطالَ الضَّرب لم يتثلَّمِ
بفتى الندى والبأس حيث دعوتهُ / لهما تَبعَّقَ بالنوالِ وبالدَّمِ
بسرعرعٍ في العزْم رأسٍ حِلمهُ / ناطَ النِّجادَ بزعْزعٍ ويلمْلمِ
لا يستعدُّ العِزَّ إلا نَجْدَةً / والمالَ إلا ثَرْوةً للمُصْرمِ
كرمٌ وحِلمٌ حالفاهُ على العُلى / طبعاً بغير تكرُّمٍ وتحلُّمِ
تلقاهُ إذ تبلوهُ أو تَجْدو النَّدى / فرْدَ العَلاءِ أخا نَوالٍ توْأمِ
لبق الشمائل بالنعيم كأنما / أعْطافهُ محفوفةٌ بالأنجمِ
نَدُسٌ لطيفُ نِدامهِ وإباؤهُ / من سلْسلٍ في حالتيه وعلْقمِ
فإذا تُساكنهُ فعذْبٌ سائغٌ / وإذا تُفاتنهُ فريقةُ أرْقمِ
غنيَتْ بمعرفةِ السبيل إلى القرى / ضِيفانُه عن موقدٍ أو مَضرمِ
ومُسهَّدينَ على الرَّحالِ تخالهم / ناموا لخَفْقتهم وليس بنُوَّمِ
مِيلُ الرقاب على الركاب كأنما / صُرعوا بمعركِ خمْرةٍ أو ملحمِ
في حينِ غَبْراءِ المطالعِ أزْمَةٍ / تَذَرُ الخميلةَ تُرْبةَ المُتيمِ
حتى إذا حبس القطارُ وأجحفتْ / غُبرُ السنين وحالَ نوءُ المرْزَمِ
وطوى الطَّوى أجْسامهم فجليلهمْ / يُزُجي الأزِمَّةِ كالزمام المُبْرمِ
أمُّوا نوال أبي المُهنَّدِ فانثنى / يهمي كمُنْهلِّ السَّحاب المُرزِمِ
من كفِّ مأمول الرغائبِ شأنهُ / غَفْرُ العظيمة واحتمالُ المَغْرَمِ
وإذا ذُكاء اليوم أضْمَر ضوءها / نقْعٌ كأثْباجِ الظَّلامِ المُعْتِمِ
وتكدَّست قُبْلٌ كأنَّ رعيلَها / مُعْطٌ قَرَمْنَ إلى العبيط المُودمِ
هجرت رياض الحزْن وهي أنيقةٌ / فرعينَ عند مُقَصَّدٍ ومُحطَّمِ
وطوتْ نميراً كاللُجين بياضُهُ / طَلَباً لقاني موردٍ كالعَنْدمِ
وهززن غُلْباً في السُّروج كأنما / أغمادهمْ شُعَلُ الحريقِ المُضْرمِ
سنوا الدُّروع على الصخور وركبوا / عزماتهم في راس كل مُقوَّمِ
من كل محبوكِ القرى مُتَمطَّرٍ / يجري بمشبوحِ الذراعِ غشمشمِ
وجرى المسيح مع النّجيعِ فخلته / بالقاعِ أعناقَ الأَتيِّ المُفْعم
عاينْتَ هندياً أشدَّ من الوغى / صبراً وأقْدمَ من مُروقِ الأسهمِ
فجلا العجاج عنِ العراءِ بحملةٍ / لولا صَدوقُ طِعانها لم يُنْجِمِ
كانت شقيقةَ جودهِ فتكفَّلَتْ / منه بأرزاق النسورِ الحُوَّمِ
يقظٌ يُخافُ بديهةً ورويَّةً / فطعانُه بالرأي قبلَ اللَّهْذَمِ
لولا هواهُ للنزالِ وللوغى / هَزمَ العِدى وسروجهُ لم تُحزمِ
عمُرتْ بفخر الدين أدْراس العلى / وتشيَّدتْ من بعد طولِ تهدُّمِ
وأعادَ ما ضَمَّ الدفاترُ فعْلُه / صدْقاً يقيناً بغير توهُّمِ
فأبو المُهنَّدِ حُجَّةٌ فيما روتْ / عنه الرواةُ مُعدَّلٌ لم يكلمِ
فكأنَّ يحيى البرمكيَّ وجعفراً / بعَثاهُ خصْم الجاحِد المُتهجِّمِ
أُشْكُرْ إلهكَ إذ حللتَ محلَّةً / منْ مِدْحتي شمَّاءَ لم تُتَسنَّمِ
حَرَّمْتُها إلا عليك فكلُّهمْ / لك حاسدون على المقام المُكْرمِ
مدحي خُصصت به لكونك واحداً / في العصر لا فرحاً بكسب الدرهمِ
صِنْوَ النبي رأيتُ قافيتي
صِنْوَ النبي رأيتُ قافيتي / أوصافَ ما أُوتيتَ لا تسعُ
فجعلت مدحي الصمت عن شرفٍ / كلُّ المَدائح دونهُ تقعُ
ماذا أقولُ وكلُّ مُقْتَسمٍ / بين الأفاضل فيك مجتمعُ
أذِنتْ لكَ العلياءُ نازِحُها
أذِنتْ لكَ العلياءُ نازِحُها / فبعيدُ كل فضيلةٍ كَثَبُ
وبَرَعْتَ في بأسٍ وفي كَرَمٍ / فالحاسِدانِ البيضُ والسُّحُبُ
وغَدا الشُّهودَ بما فضلْتَ بهِ / السَّيفُ والأقلامُ والكتُبُ
وحَباكَ فاخِرَ كل مكْرُمةٍ / فاتتْ سواك السعي والنسبُ
فبَهاءُ دينِ اللّهِ أنتَ بهِ / شَهِدَ الفَعالُ واُسْجِلَ اللَّقبُ
يُزْهي القوافيَ اِذْ مُدحْتَ بها / الداعيانِ العُجْبُ والطَّرَبُ
مَرَحاً بذكرِ حُلاحِلٍ نَدُسٍ / ما في كمالِ فَخارهِ ريَبُ
فَلْيهنِ عصراً أنت واحدهُ / فضلاً وبعضُ شهورهِ رجَبُ
اِقبالُ جَدِّكَ صاعِداً أبداً / لا يرْتقيهِ الخَطْبُ والنُّوبُ
وبقيتَ ما سَجعَ الحمامُ وما / جَنَّ الظَّلامُ ودارَتِ الحِقَبُ
سعِدَ الزمانُ وكل موسم غبطةٍ
سعِدَ الزمانُ وكل موسم غبطةٍ / مأثورةٍ بالصَّاحب بن الصَّاحبِ
ببهاءِ دين اللّهِ والنَّدُسِ الذي / وقفَ الثراءَ على ندىً ورغائبِ
نشوانُ من ذكر العلاء كأنما / في كل منقبةٍ مُدامةُ شاربِ
تُربي على الطَّود المُنيفِ أناتُه / ويفوقُ حدَّ صوارمٍ وقواضِبِ
ويبيتُ منهُ جارهُ وضيوفُهُ / رُغداً وأمْناً في حمىً ومَلاعبِ
بممدَّحٍ لا يُستزادُ بمدحهِ / صَفْوِ الخلائقِ سالمٍ من عائِبِ
بفتىً أبَرَّ على الصباحِ نِجارُه / وازداد اِشْراقاً بفخرِ مكاسِبِ