المجموع : 142
هُوَ مُلْتَقَى أَرَجِ النَّواسِمِ فانظُرَا
هُوَ مُلْتَقَى أَرَجِ النَّواسِمِ فانظُرَا / هَلْ تَعْرِفانِ به القَضِيبَ الأَنْضَرَا
عَلَّتْهُ واكِفةُ الغَمَائمِ أَيْكَةً / وعَلَتْهُ هاتفةُ الحمائمِ مِنْبَرَا
وتَتَوَّجَتْ بالزَّهْرِ هامُ هِضابِه / ذَهَباً فَقلَّدَها نَدَاهُ جَوْهَرَا
والجَوُّ قد نَحَرَ الصَّبَاحُ بِهِ الدُّجَى / فاسْتَنْفَدَ الكاَفورُ منه العَنْبَرَا
وكأَنما طَرِبَ الغَديرُ فمزَّقَتْ / عن صَدْرِهِ النَّكْبَاءُ بُرْداً أَخْضَرَا
حتى إذا سَحَبَ السَّحابُ ذُيولَهُ / فيهِ فدَرْهَمَ ما أَرادَ وَدَنَّرا
وسرى النسيمُ يَهُزُّ عِطْفاً أَهْيَفاً / منهُ ويُوقِظُ مِنْهُ طَرْفاً أَحْوَرَا
خادَعْتُ في غَيْمِ النِّقابِ هِلاَلَهُ / حتى جَلاَهُ عَنْ حَلاَهُ فَأَقْمَرا
وهَتَكْتُ جَيْبَ الدَّنِّ عن مَشْمُولَةٍ / تُلْقِي على السَّاقِي رِداءً أَحْمَرا
رِيعَتْ بسيفِ المَزْجِ فاتَّخَذَتْ لَهُ / دِرْعاً من الحَبَب المَحُوكِ ومِغْفرا
لو لَمْ يُصِبْهَا الماءُ حين تَوَقَّدَتْ / بِيَدِ المُديرِ لَخِفْتُ أَنْ يَتسَعَّرَا
وَبَنَيْتُهَا قَصْراً سَقَيْتُ بِرَاحَتِي / كِسْرَى أَنُوشِرْوانَ فيهِ وَقَيْصَرا
وَغَمَسْتُ ثَوْبَ الرِّيحِ في كاسَاتِها / حتَّى سَرَى أَرَجُ الشَّمائِل أَعْطَرا
فَكَأَنَّهُ ذِكْرَى أَبِي الحَسَنٍ الَّتِي / فَتَقَتْ بها الأَمْدَاحُ مِسْكاً أَذفَرا
وَلَو انَّهَا ارْتُشِفَتْ لَكُنْتُ أُدِيرُها / صِرْفاً عَلَيْهِ وَإنْ تَحَاشَى المُسْكِرَا
طابَتْ شَمائِلُهُ فَفاحَتْ مَنْدَلاً / لَمَّا أصابَتْ نارَ فِكْري مِجْمَرا
وَزَهَتْ خَلائِقُهُ فَرَفَّتْ جَنَّةَ / لمّا أسالَ بها نَداهُ كَوْثَرَا
إنْسَانُ عَيْنِ المَجْدِ عَنْ أَبْرادِهِ / يَرْنُو وَلاَ يَرْضَى سِوَاهُ مَحْجِرَا
وَفَوَاتِحُ العَلْيَاءِ وَصْفُ كَمَالِهِ / إنْ خُطَّ قُرآنُ العُلاَ أَوْ سُطِّرَا
وَعُقُودُ تاجِ المَجْدِ دُرُّ خِلاَلِهِ / لو كانَ رُوحُ الحَمْدِ عادَ مُصَوَّرا
زُفَّتْ إليكَ الشَّمْسُ يا بَدْرَ العُلاَ / في سُحْبِ صَوْنٍ بَالصَّوَارِمِ أَمْطَرا
سَفَرَتْ بِمَنْزِلِكَ المُمَنَّعِ جَارُهُ / فَاستَخْدَمَتْ فِيهِ الصَّبَاحَ المُسْفِرَا
شَمْسٌ تَوَدُّ الشَّمْسُ لَوْ لَمَحَتْ لَهَا / خِدْراً فَكَيْفَ بِمَنْ بِهِ قَدْ خُدِّرَا
فكأَنَّها السِّرُّ الذي أُودِعْتَهُ / للهِ في العَلْيَاءِ عِنْدَكَ مُضْمَرَا
فَانْعَمْ بها يَوْماً لَبسْتَ بَهَاءَهُ / بُرْداً عَلَيْكَ مُوَشَّعاً وَمْحَبَّرا
أَظْهَرْتَ فِيهِ مِنَ اللَّطائِفِ نُزْهَةً / كالرَّوْضِ يَحْسُنُ مَنْظَراً أَوْ مَخْبَرا
في مَجْلِسٍ ما اهْتَزَّ من جَنَبَاتِهِ / دَوْحُ الحَرِيرِ النَّضْرِ حتَّى أَثْمَرا
وَكَأَنَّ كَفَّكَ وَهْيَ غَيْثٌ هاطِلٌ / لَمَسَتْ حَوَافِي جانِبَيْهِ فَنَوَّرا
وتَفَجَّرَتْ فيهِ مِياهُ مَطَاعِمٍ / تَجْرِي فَتَمْنَعُ وارِداً أَنْ يَصْدُرَا
مِنْ كُلِّ مُعْتَدِلِ الْقَوامِ تَكَافَأَتْ / أَجْزَاؤُهُ بِيَدِ الصَّبَاحِ وَقَدَّرا
تَتَرَاكَضُ الأَمْوَاهُ فيه سَلاَسةً / وَتُشِيرُ الْحاظُ العُيُونِ تَخَتَّرا
ومُثَلَّثِ الأَضْلاَعِ أَعْيَى رَسمُهُ / مِنْ قَبْلُ رَسْطَالِيسَ وَالإِسْكَنْدَرَا
ذَاقُوا لَذِيذَ الْفُسْتُقِ الْعَذْبِ الْجَنَى / فِيهِ كَمَا انْتَقَدُوا لَدَيْهِ السُّكَّرا
وَمُعَطَّفَاتِ ما رَأَيْتُ هِلالَها / يِوْماً على غَيْرِ اللَّيَالِي مُقْمِرَا
كَالْمُؤْمِنِ المَيْمُونِ أَضْمَرَ قَلْبُهُ / في طاعَةِ الرَّحْمَنِ مَالاَ أَظْهَرَا
وغَرَائِبُ الأَثْمَارِ تَمْدَحُ نَفْسهَا / فَتَكَادُ تَمْلأُ مَسْمَعَي مَنْ أَبْصَرا
التِّينُ في فَصْلِ الرَّبيع مُكَتَّباً / والبُسْرُ في فَصْلِ المَصِيفِ مُعَصْفَرَا
مُلَحٌ عَمَمْتَ بِها الزَّمانَ وَأَهْلَهُ / وَلَقَدْ خُصِصْتَ مِنَ الثَّنَاءِ بِأَكْثَرا
أَبَنِي خُلَيْفٍ أَنْتُمُ خَلَفُ العُلاَ / وَكَفَى بِذَلِكَ نِسْبَةً أَوْ مَفْخَرَا
للهِ مَجْدُكُمُ الرَّفِيعُ فإنَّهُ / بَلَغَ السِّماكَ وَفَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرا
طَاوَلْتُمُ في المَكْرُمَاتِ بِرَاحَةٍ / شَرُفَتْ فَلَمْ أَعْتَدَّ فيها خِنْصَرا
بِأَبِي مُحَمَّدٍ الفَقِيهِ أَبِيكُمُ / أَحْرَزْتُمُ حَظَّ الكمالِ الأَوْفَرَا
وكذا الفروعُ يَدُلُّ طِيبُ ثِمَارِهَا / أَنَّ الالهَ أَطابَ مِنْهَا العُنْصُرا
لا زِلْتَمُ فِي المَجْدِ أَكْرَمَ أُسْرَةً / وأَجَلَّ أَقْوَاماً وأَشْرَفَ مَعْشَرا
أَعَلِمْتَ أَنَّ مِنَ الصُّدودِ خُدورَا
أَعَلِمْتَ أَنَّ مِنَ الصُّدودِ خُدورَا / أَسَمِعْتَ أَنَّ مِنَ القُلُوبِ بُدُورا
وَرَأَيْتَ قَبْلَ وُجُوهِهِمْ وشُعُورِهِمْ / صُبْحاً يَمُدُّ بفَرْعِهِ دَيْجُورا
سَفَرُوا شُمُوساً في القِبابِ مُضِيئَةً / وَرَنَوْا ظِبَاءً في الهوادجِ حُورا
وكأنَّهُمْ إذ أَعْرَضُوا وَتَعَرَّضُوا / كانُوا لنا حَزَناً فَعَادَ سُرورا
صادُوا وَقَدْ نَفَرُوا فَقُلْتُ لِصَاحِبِي / هَلْ كُنْتَ تَعْتَرِفُ الصَّيود نَفُورا
سَكَنُوا الفُؤَادَ وَإنْ نَأَوا فَعَجَبْتُ مِنْ / قَلْبٍ أَقَامَ مُواصِلاً مَهْجُورا
نَزَلَ الفِراقُ بِهِمْ فَفَاجَأَ حَيَّهُمْ / لَيْلاً ففاتَ مُرَاقِباً وَغَيُورا
رَفَعُوا ذُيُولَ النَّومِ عَنْ أَجْفَانِهمْ / وَاسْتَنْشَطُوا لَحْظاً عَلَيْه عَثُورا
ومُعَطَّلِ لَوْلاَ عُقودُ مَدَامِعٍ / حُلَّتْ فَحلَّتْ في الجُمانِ نُحُورا
وَبِنَفْسِيَ القَمَرُ الَّذِي مَلَّكْتُهُ / قًلبِي فَأَصْبَحَ عِنْدَهُ مَقْمُورا
مَنَعَ التَّوَصُّلَ والتَّوَسّلَ لِلْمُنَى / بَيْنٌ بَنَى مِنْ دُونِ ذَلِكَ سُورا
فَفَكَكْتُ طَرْفِي مِنْ عِقَالِ جَمَالِه / وَتَرَكْتُ قَلْبِي عِنْدَهُ مَأْسُورا
وَلَقَدْ يَعُودُنِيَ الخيالُ فَيَنْثَنِي / دُونَ اللقاءِ مُذَمَّماً مَدْحُورا
لا طافَ بِي الطَّيْفُ المُلِمَّ فإنَّني / قد كُنْتُ لا أَهْوَى الزِّيارَةَ زُورا
ولَرُبَّ رَبَّةِ حانَةٍ حَنَّتْ إلى / أَدَبِي وَكانَ كما تَرَى مَشْهُورَا
بَعَثَتْ مِنَ الصَّهبَاءِ لِي يَاقُوتَةً / قَدْ كَلَّلَتْهَا لُؤْلُؤاً مَنْثُورا
فَقَبَسْتُها ناراً يُضِيءُ لَهيبٌها / بِيَدِ المِزاجِ عَلَى الزُّجَاجَةِ نُورا
بَلْ رُبَّ خِرْقٍ جُبْتُهُ بِأَجادِلٍ / يَحْمِلْنَ مِنْ أَكْوَارِهِنَّ وُكُورا
نائِي مَجَالِ الطَّرْفِ قَدْ أَنِسَتْ بِهِ / رِيحَانِ تنسفه صَباً وَدَبُورا
أَذْكَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ جَمْرَةَ حَرِّها / لَمَّا هَفَا بِسَرَابِهِ مَقْرُورا
وَسَأَلْتُ فِيهِ الفَجْرَ عَنْ سِرْحانِه / جَهْلاً وكُنْتُ أَظُنُّهُ اليَعْفُورا
حَتَّى شَقَقْتُ اللَّيْلَ عَنْ إصْبَاحِهِ / وَطَوَيْتُ ذَيْلَ ظَلامِهِ المَجْرورا
نازَلْتُهُ بِسَنَا أَبي الْحَسَنِ الَّذِي / مَلأَ المَلاَ فَتَرَكْتُهُ مَقْهُورا
بِعَلِيٍّ السَّامِي عَلَوْتُ وَصَارَ لِي / قَدْرٌ يكادُ يُدَافِعُ المَقْدورا
خَلَفٌ يَمُدُّ إلى خُلَيْفٍ نِسْبَةً / بَدَرَتْ فكادَتْ أَنْ تَكُونَ بُدورا
مُتَنَاسِبُ الأَوْصَافِ جانِبُ باعِهِ / ودِفاعه قَصَرَا يَدِي مَقْصُورا
وافَى يَزِيدُ الشكرَ من أَشعارِنا / مثلاً بِنَشْرِ صفاتِهِ مَنْشورا
بِشَمَائِلٍ كادَتْ تَرِفُّ أَزاهِراً / وخلائِقٍ كادَتْ تُزَفُّ خُمُورا
شِعْرٌ لَوِ اسْتَمَعَ الغَوَانِي لَحْنَهُ / أَلْقَيْنَ منْ طَرَبٍ عَلَيْهِ شُعُورا
وَلَوَ انَّه فيما تَقَدَّمَ كائِنٌ / لغَدَا جَرِيرٌ خَلْفَهُ مَجْرورا
وكتَابَةٌ لا تَرْتَضِى نَهْرَ الصَّفَا / رَقًّا ولا زَهْرَ البِطاحِ سُطُورا
لو عايَنَتْهَا لاِبْنِ مُقْلَةَ مُقْلَةٌ / رَجَعَتْ تَرَى حُورَ الطَّرَائِق عُورا
وَتَوَقُّدٌ في المُشْكِلاَتِ بِفِطْنَةٍ / تُدْلِي وَرُبَّتَمَا تَفِيضُ بُحُورا
أَلْفَى أَبَاهُ على طرائِقِ سُؤْدُدٍ / فَجَرَى لَهُنَّ مُمَدَّحا مَشْكُورا
ذَاكَ الصُّعُودُ إلى السُّعُودِ مُبَلَّغاً / شَأْوَ العُلَى تَرَكَ الصُّعُودَ حُدُورا
يا ابْنَ الَّذِي تَتَضَوَّعُ الدُّنْيَا إذا / ذَكّرُوا عُلاَهَ وَلَمْ يَزَلْ مَذْكُورا
حتَّى كَأَنَّ الشُّكْرَ كانَ نَسِيمُهُ / يَهْوى عَلَى عُرْفِ العَبِيرِ عُبُورا
ولَقَدْ ظَنَنْتُ الشِّعْرَ أَصْبَحَ نِقْسُهُ / مِسْكاً وأَمْسَى طِرْسُه كافُورا
فانْظُرْ لاطرَائِي وإطْرَابِي تَجِدْ / دَاوُدَ يَتْلُو في عُلاَكَ زَبُورا
وَتَخَيَّلِ الأّبْيَاتَ دّوْحاً ناضِراً / تَجِدِ الْمَعَانِي قَدْ صَدَحْنَ طُيُورا
واهْنَأْ بِعِيدِ الفِطْرِ إنَّكَ عِيدُهُ / وَمُعِيدُهُ مُتَهَلِّلاً مَسْرورا
والتَفَّ في حِبَرِ المَدَائِحِ لاقِياً / ما عِشْتَ في ذاكَ الحَبيرِ حُبُورا
لولا أَبو الحَسَنِ المُهَذَّبُ لم يكُنْ
لولا أَبو الحَسَنِ المُهَذَّبُ لم يكُنْ / لي في البريِّةِ كُلِّها من ذاكِرِ
مَوْلًى توالَى فَخْرُهُ فَقَدِ اغْتَدَى / يروي الرئاسَةَ كابراً عن كابِر
ولقد وَدِدْتُ وما وَدِدْتُ فِرَاقَهُ / أَنى أَكونُ لديك يابا الطَّاهرِ
فكِلاكُمَا لي مَلْجَأٌ وافَيْتٌهٌ / فأَمِنْتُ فيهِ من الزَّمانِ الجائرِ
فاخصُصْ أَخاكَ أَبا المعالي كلّها / بتحيّةٍ من عَبْدِ وُدٍّ شاكرِ
واسلَمْ ودُمْ في نعمةٍ وسعادةٍ / موصولةٍ من أَوّلٍ في آخِرِ
يا من تَكَفَّلَ في النَّقُوعِ تكلُّفاً
يا من تَكَفَّلَ في النَّقُوعِ تكلُّفاً / ليسَ النقوعُ لِعلَّةٍ بنَفُوع
ما كُنْتُ تفرَحُ حيثُ كَنْتُ مُحَلِّقاً / فَأَقُولَ أَحْزَنَهُ عَلَيَّ وقُوعي
أَلهاكَ صاحِبُكَ الجديدُ ورُبَّما / تُرِكَ القديمُ لِعِلَّةِ المَرْقُوع
أَنا عَبْدُ وُدِّكَ لا أُخِلُّ وإِنْ تَكُنْ
أَنا عَبْدُ وُدِّكَ لا أُخِلُّ وإِنْ تَكُنْ / حَلَّيْتَنِي في الشعرِ باسْمِ خليلِ
وعليكَ يا بَدْرَ الفضائِلِ نُظِّمَتْ / مِدَحِي فجاءَتْ وَهْيَ كالإكْلِيلِ
أَهلاً بشعر منكَ للشِّعْرَى به / شَرَفُ اشتراكِ الإِسْمِ لا التَّفْضيلِ
وثَلاَثَةٍ عَوَّذْتُها بثَلاَثَةِ ال / قرآنِ والتوارةِ والإِنجيلِ
ثُنِيَتْ فكادَتْ أَن تكونَ بُثَيْنَةً / وَعَلِقْتُها فغدوتُ مثلَ جَميل
بَحْرُ القريضِ تلاطَمَتْ أَمْواجُهُ
بَحْرُ القريضِ تلاطَمَتْ أَمْواجُهُ / وطَمَتْ فَمَا لِخِضَمِّها عِبْران
وأَرى الفصاحَةَ جانَبَتْ أَعْرَابَنَا / حَدًّا فكيفَ تصِحُّ من عِبْراني
الشَّعرُ للشُّعَرَاءِ مَغْنَمُ مَعْرَكٍ
الشَّعرُ للشُّعَرَاءِ مَغْنَمُ مَعْرَكٍ / كلُّ امرءٍ يَحْوِي بقَدْرِ نَشَاطِهِ
فلذا انبساطُ الوُسْعِ في دينارِهِ / ولذا انقباضُ الضِّيقِ في قِيراطِهِ
وخواطرُ الإِنسانِ ما خَطَرَتْ ففي اس / تعلائِهِ يَمْضِي أَو اسْتِحْطَاطِهِ
فَفَتًى يفِيحُ الخُرْءُ من وَجْعَائِهِ / وفتًى يذيعُ المِسْكُ من أَسْفَاطِهِ
وأَرى فَتَى السَّقَطِيِّ نظَّمَ شِعْرَهُ / ممّا اجتباهُ أَبوهُ من أَسقَاطِهِ
وإِذا أَبو جُعْرَانَ جاءَ بشعرِهِ / من بَعْرِهِ فاعذِرْهُ في إِفْرَاطِهِ
أَوصافُ مجدِكَ وَرْدَةٌ يَرْدَى بها / فلذاكَ نَكَّبَ دونها بِنِياطِه
انظُرْ لعوَّاضٍ ومعنى اسْمِهِ / واستعملِ الفكرةَ تَعْرفْهُ
وكلَّما أَنشدَ من شعرِهِ / فاكتبه بالطَّاءِ وَصحِّفْه
عَقَدوا شُعورَهُمُ عمائِمْ
عَقَدوا شُعورَهُمُ عمائِمْ / ونَضَوْا جُفونَهُمُ صوارِمْ
بِيضٌ ذوائِبُهُم ذوا / بِلُهُمْ وأَعْيُنُهُمْ لهاذِمْ
حَرَسوا رياضَ جمالهم / منها بأَمثالِ الأَراقِمْ
وتوشَّحوا فوقَ التَّرا / ئِب بالذي تحت المَبَاسِمْ
وكأَنما خافوا العيو / نَ فَعَلَّقوا منها تمائم
أَيكٌ إِذا ما رَجَّعَتْ / أَصواتُها رَجَعَتْ حَمائم
وزواهرٌ يُطْوَى الظَّلا / مُ بها وتنتشر المَظالِمْ
وكأَنَّهُمْ زَهَرٌ علي / هِ من غلائِلِهِمْ كمائِمْ
يستودِعونَ الرِّيحَ سِرَّ / هُمُ فتمشى بالنمائم
ويحمِّلون البرقَ قل / بَ مُتَيَّمٍ في الحُبِّ هائم
ويكاثِرونَ بدمْعِ من / يُغْري بهم دَمْعَ الغمائِم
طرفانِ بَيْنَ مُتَيِّمٍ / ومُتَيَّمٍ ساجٍ وساجِم
ولَرُبَّ شَفْرَةِ صارمٍ / أَنْحَى عليها شُفْرُ صارم
في حيثُ أَنْعَمَتِ النَّوا / عِبِ لِلنَّواعِجِ بالنَّواعم
وبَقِيتُ من بعدِ الملا / ثِمِ بَيْنَ لائمةٍ ولائم
أَنفقتُ دّمْعَ شَجٍ به / نَفَّقْتُ أَسواقَ المآتم
وعلمتُ أَنَّ الحبّ مع / ركَةٌ يذلُّ بها الضَّراغِم
وخُدِعْتُ في قلبي فقدْ / أَسْلَمْتُهُ ورَجَعْتُ سالِم
فأَنا المحارِبُ إِنْ أَردْ / تَ حَقيقتي وَأَنا المُسَالِمْ
ولو أنَّني شئتُ الغَنَا / ئِمَ لامتدحْتُ أَبا الغنائم
حيثُ المُنى تسطُو على / أَموالِهِ بيَدِ المكارِم
وتخالُ حاتِمَ طَيَّئٍ / من كفِّهِ في فّصِّ خَاتَمْ
سَحَّاحُ أمْواهِ النَّدَى / قَدَّاحُ نِيرانِ العَزَائِم
عُدَّ الغمائِمَ في ذيو / لِ سماحِهِ في العَمَائِم
بَشِّرْ على أّعطافِهِ / بُشْرَى النجاحِ لكُلِّ سالم
والْهَجْ بما سَرَّت يدا / ه من النَّدَى إِنْ كُنْتَ ناظِم
وسياسةٍ كادَتْ بأَن / تَدَعَ الزَّعازِعَ كالنسائِم
شَهِد الحُسامُ بأَنَّ عض / بَ يراعِهِ للدَّاءِ حاسِم
فلذا كتائِبُ كُتْبِهِ / لم تَدْرِ يوماً ما الهزائم
داعِي أَمير المؤمني / نَ يَهُزُّ منه غِرارَ صارم
يُغْنِي ويُفْنِي فَهْوَ بالسَّ / رَّاءِ والضَّراءِ حاكِمْ
يا بْنَ الأَكارِمِ قد أَتَتْ / كَ نصيحَتِي يا بْنَ الأَكارِم
من قالَ إِنَّكَ حُزْتَ أَو / صافَ الكمالِ فَغَيْرُ آثِم
ما كانَ أَحْوَجَ مَنْ لَهُ / هذا التَّمامُ إِلى التَّمائِم
وأَريجُهُ النَّفحاتًُ يَلْ / طُمُ نَشْرُهَا وَجْهَ اللَّطَائِم
مَقْسُومَةَ التَّصنِيعِ ما / بَيْنَ المعالِي والمعالم
وشَّحْتُها بفصاحَةِ ال / أعرابِ في ظَرفِ الأَعاجِم
وكَسَوْتُها حلل اسْمِك ال / ميمونِ ما بين المواسم
واللهُ يعلمُ لا دنا / نيراً قَصَدْتُ ولا دراهم
لكنْ أُنَبِّهُ منك طرْ / فَ عزيمةٍ ما كان نائِم
لما سَمِعْتُ بمُدَّرٍ / قَطَعَ الفلاةَ إِليك قادِم
هو واصِمٌ لا واسِمٌ / فاجعل إباءَكَ منه عاصم
لا تَغْلَطَنَّ بقُرْبِه / فتبيتَ تَقْرَعُ سِنَّ نادم
نَبَذَتْهُ مِصْر إِليكُمُ / نَبْذَ المُزَيِّفِ في الدَّراهم
فأّرادَ بُنْيَانَ الرِّئا / سَةِ عِنْدَكُمْ بُنْيَانَ هادم
والمجدُ كيفَ علمِتَ لا / يَرْقَى إِليه في السَّلالم
أَترى الذُّبابَ على قذا / رَتها تطيرُ مع القَشَاعِم
غَرِّقْهُ في دِيَمٍ يسي / لُ عليه منها الصَّفْعُ دائِم
والأَحْمَقُ الكَعْكِيُّ ظم / آنٌ لذاكَ الرَِّيِّ حائم
هذا وأَصْلُ عِجانِهِ / رَيَّانُ من ماءِ العَجَارِمْ
ما زالَ مُنْبَطِحاً لكُلِّ / مُوَتَّرِ الأَودَاجِ قائِم
علماً بأَنَّ الواهِيَ ال / أَركانِ تُمْسِكُهُ الدَّعائم
وله ولستُ بمُنْكِرٍ / شِعْرٌ يجوزُ على البهائم
ولكم أَغَارَ عَلَيَّ في / شعرِي فَصَيَّرُهُ مغانِم
فإِذا أَتَى بملاحَةٍ / فاذكُرْ لها تلك الملاحِم
واعلَمْ بأَنَّك عالَمٌ / متركِّبٌ في شَخْص عالِم
ضَحِكَتْ إِلى الأَحبابْ
ضَحِكَتْ إِلى الأَحبابْ / عن ثغرها الحباب
مَنَعَ السُّلُوَّ لِعاذرٍ ولعاذلِ
مَنَعَ السُّلُوَّ لِعاذرٍ ولعاذلِ / غَيَدٌ يُحَلِّي جِيدَ عَاطٍ عاطِلِ
تَرَكَ المُخَيَّمَ بالمُخَيَّمِ يَشْتَكِي / وَجْداً أَقامَ على فؤادٍ راحل
يا كوكبًا قلبي المُعَنَّى أُفْقُهُ / اطْلُعْ ولا تَكُ آفلاً في آفِلِ
أَنا مَنْ تُشَوِّقُهُ بهَجْرٍ صادقٍ / فعَسَى تسامِحُه بوَعْدٍ ماطِلِ
مَرْآكَ ديوانُ الجَمَال لأَنَّهُ / ذو ناظِرٍ فيهِ صِفاتُ العامل
ولقد سَهِرْتُ الليلَ فيكَ مُنَاجيًا / لبلابلٍ صَدَحَتْ صُدوحَ بلابل
والبدرُ في أُفُقِ السماءِ كفارِسٍ / نَظَمَتْ عليه الشُّهْبُ نَظْمَ جَحَافِلِ
مَنَّيْتَنِي بالوَصْلِ عاماً أَوَّلاً / فَقَنِعْتُ منكَ بقُبْلَةٍ في قابلِ
وَشَدَوْتُهُ يا بدرُ ضوؤكَ ناقصُ / فَدَعِ الكَمالَ فإِنَّهُ لِلْكاملِ
وَزَعَمْتَ طرفَك سِنَّ رُمْحٍ ذابلٍ / قُلْنَا صَدَقْتَ فأَيْنَ لِينُ الذَّابلِ
يا ماطِلَ الأَجفانِ وَهْيَ غِنيَّةٌ / حُوشِيتَ من إِثْمِ الغَنِيِّ الماطلِ
هَلْ للقلوبِ من العيونِ مَلاذُ
هَلْ للقلوبِ من العيونِ مَلاذُ / ولها على مكنونِها اسْتِحواذُ
هيهاتَ ما سُلَّتْ شفارُ لواحظٍ / إِلاَّ تَثَنَّتْ والقلوبُ حِذاذُ
لا ترسلَنَّ سهامَ لَحْظِكَ جاهِداً / إِنَّ المنيَّةَ سَيْرُها إِغْذاذُ
ومنَ العجائِبِ أَنَّ خَدِّي مُجْدِبٌ / وعليه من سَيْلِ الدموعِ رَذَاذُ
يا راميًا كَبِدِي بِنَبْلِ جفونِه / خَفِّضْ عليكَ فإِنَّها أَفلاذُ
ومليحةِ الأَوصافِ حَسَّنَها الصِّبا / والتِّيهُ لا دِيباجُها واللاَّذُ
في طَرْفِها الأَحْوَى تَأَنُّقُ بابلٍ / نَفَّاثُ سِحْرٍ في الحشا نَفَّاذُ
رقَّتْ جفوناً فَهْيَ ماءٌ دافقٌ / وقَسَتْ فؤادًا دُونَهُ الفولاذُ
يا أَيُّها الثِّقَةُ الذي وَثِقَتْ بِهِ
يا أَيُّها الثِّقَةُ الذي وَثِقَتْ بِهِ / هِمَمِي وخُلْقُ الدهر خُلْقُ مُخَادِعِ
ما بالُ ليثِ الدّولةِ القَرْمِ اغتدى / عني على استيقاظهِ كالهاجعِ
هذا ولي وَعْدٌ عليه مُقَدَّمٌ / يقضي النَّدَى أَنْ ليسَ منه بِراجع
والوعدُ مِثْلُ البرقِ يُدْعَى خُلَّباً / ما لم يتابعْ بالسَّحابِ الهامِعِ
وطمِعْتُ يَوْمَ الأَربعاءِ بقَبْضِهِ / فَصَبَرْتُ بعد الأَربعاءِ الرابع
ومَتَى تباعَدَ مُسْتَقىً في مورِدٍ / طَلَبَ الرِّشاءَ إِليه كَفُّ النَّازعِ
وإِذا امُرُؤٌ أّسْدَى إِليكَ بشافِعٍ / خيراً فذاكَ الخَيْرُ خَيْرُ الشَّافِع
فَاهزُزْهُ إِنَّ الْهَزَّ فيه سريرةٌ / هَزُّوا لها مَتْنَ الحُسَامِ القاطِعِ
واسعَدْ وأَسعَدْ صاحباً لم تُخْلِهِ / والدَّهر أَخْرَقُ من صَنيعَةِ صانِعِ
يا طائِرَ النِّسْرَيْنِ هل من عَطْفَةٍ / تبدو على عِطْفَيْ أَخيكِ الواقع
حتى كأَنَّ الدَّهْرَ حَيَّرني به
حتى كأَنَّ الدَّهْرَ حَيَّرني به / في مثلِ ما أَهواهُ أَو منَّاني
فطلبتُ فوق مُنايَ لا ستعجازِهِ / فأَتى بمعجِزَةٍ مِنَ المَنَّانِ
بَلَدٌ أَعارَتْهُ الحَمَامَةُ طَوْقَهَا
بَلَدٌ أَعارَتْهُ الحَمَامَةُ طَوْقَهَا / وكساهُ حُلَّةَ ريشِهِ الطَّاوسُ
فكأَنَّما الأَنهارُ منه سُلاَفَةٌ / وكأَنَّ ساحاتِ الرّياضِ كُؤوسُ
أَشْفَارُ جَفْنِكَ لم تَزَلْ
أَشْفَارُ جَفْنِكَ لم تَزَلْ / عندي أَحَدَّ من الشِّفارِ
وسطاك يشهد يا علي / بأَن جفنك ذو الفقار
أَنا مُمْتَطى بَدْرٍ وليث صَوَّرا
أَنا مُمْتَطى بَدْرٍ وليث صَوَّرا / شخصاً زَهَا الدُّنيا بِهِ وَالدِّينِ
فأجِلْ لِحَاظَكَ فيَّ تَنْظُرْ آلَةً / جَمَعَتْ محاسِنَ هالَةٍ وعَرِينِ
آياتُ جَدِّكَ لم تَزَلْ تُتْلَى
آياتُ جَدِّكَ لم تَزَلْ تُتْلَى / وصفاتُ مجدِكَ لم تكُنْ تَبْلَى
مُلِئَتْ بمَدْحِكَ كُلُّ سامِعةٍ / والسَّعْدُ أَنْ مُلِئَتْ وما مُلاَّ
وإِذا جلاكَ حَلَتْ لمستمع / كانت على فمِ قائلٍ أَحْلَى
ولقد كَمُلْتَ فما يقالُ لقد / نلْتَ السكمالَ جميعَه إِلاَّ
وسبقْتَ قوماً جئتَ بعدهُمُ / فَدَعِ الذينَ أَتيتَهُمْ قَبْلا
ما زِلْتَ واللَّهَواتُ جامدَةٌ / تُولِي الجزيلَ وتُنْطِقُ الجَزْلا
وإِذا جَلَوْتَ الرَّأْيَ ثُرْتَ به / متوضِّحاً في مُظْلِمِ الجُلَّى
تَكْتَنُّ تحتَ الحِلْمِ منكَ سُطًى / تبدو القلوبُ لها على المِقْلَى
وتخيفُ والأَلحاظُ مُطرِقَةٌ / حتى تَظُنَّكَ حَيَّةً صِلاَّ
والقوسُ تُحْذَرُ كُلَّما اجتمعَتْ / أَطرافُها أَنْ تقذِفَ النَّبْلا
حمَّلْتَ نهْضَتَكَ المُهِمَّ وقَدْ / أَبَتِ الجسومُ نفوسَها حملا
ودَفَعْتَ في صدرِ الخطوبِ / وقد أَلْقَتْ كلاكِلَ صدرِها كَلاَّ
وسَلَكْتَ وحدَكَ موطناً زَلِقاً / أَثْبَتَّ في هاماتِه الرِّجْلا
وبَدَهْتَ فانثَنَتِ الرَّوِيَّةُ عن / من لم يَحِزَّ وطَبَّقَ الفَصْلا
أَخَذَتْ بكَ الأَيامُ زينَتَها / فكأَنَّما هي غادَةُ تُجْلَى
والمُلْكُ عَضْبٌ شِمْتَهُ بيدٍ / يَدُ مَنْ تعاطَىَ شَأْوَهَا شَلاَّ
ووضَعْتَ كُلاًّ عند مَوْضِعِه / في حيثُ لا حاشَا ولا كَلاّ
لا كالذي انقلبَ الزمانُ به / فأَتى يُؤَذِّنُ بَعْدَ ما صَلَّى
للِّه دَرُّكَ ما أَلَذَّ وما / أَصْفَى وما أَوْفَى وما أَحلى
مَدَ الفروع وكُلُّها ثَمَرٌ / تُبْدِي لعينِ المُجْتَلِي الأَصلا
من كُلِّ أَبلجَ شَمْسُ غُرَّتِهِ / بَسَطَتْ لكلِّ مَؤمِّلٍ ظِلاَّ
وَأَغَرَّ يمسح وَجْهَ سؤدُدِه / مسحاً يكادُ يجاوزُ الغَسْلا
يقظانَ يبصر كُلَّ مستتِرٍ / لا ينطوِي عنه وإِنْ مُلاَّ
وإِذا استشارَ سِوى عزائمِهِ / فالطِّرْفَ والخَطِّيِّ والنَّصْلا
وخفيفَ أُنبوبِ اليراعِ وإِنْ / كان الذي يَجْرِي به ثِقْلا
بَذَلَ النوالَ فصانه كَرَماً / فعجِبْتُ كيف يصونُهُ بَذْلا
لا مِثْلَ سُؤْدُدِهِ فإِنْ طَلَبوا / فأَبو السَّدَادِ ولم نَجِدْ مِثْلا
نَجْلا أَبٍ سامٍ يُقِرُّ له / سامٌ ويُغْمِضُ أَعْيُناً نُجْلا
خَلَقَا لعينَيْ دهرِهِمْ كَحَلاً / واستَحْدَثَا من عنبَرٍ كُحْلا
وأَبوهما غيثٌ فلا عَجَبٌ / إِذ يَغْدُوَانِ الطَّلَّ والوَبْلا
وإِليهما قذفَتْ بنا نُوَبٌ / أَغرَتْ بنا أَنيابَها العُصْلا
فأَحلَّنا من عَقْدِها كَرَمٌ / ليسَتْ تُسامُ عقودُهُ حَلاَّ
فلْيَهْنِ أَهليِ إِذ عَدِمْتُهُمُ / أَنِّي وجدتُ بِدَهْلَكٍ أَهلا
وليشكروا عنِّي الشَّمالَ فقد / جَمَعَتْ بأَلْطَفَ منهمُ الشَّمْلا
ولتعلموا أَنِّي لَدَى ملِكٍ / فاتَ المولكَ بأَسرِهِمْ فضلا
كالبدرِ وجهاً ما استهلَّ وكال / غيثِ الرُّكامِ الجَوْدِ ما أَملى
مذ فاخَرَتْهُ الشمسُ ما طَلَعَتْ / إِلا بصفحةِ وجَنَةٍ خَجْلَى
والبحرُ يعلمُ فضلَ نائِلهِ / فتراهُ ينضُبُ بعدَ ما يُمْلا
والمشرَفِيُّ تقولُ شَفْرَتُه / لو شاءَ كنتُ بأَجْمَعِي فَلاَّ
فسقَى الجزيرةَ كُلَّ مُرْتَكِمٍ / لم يَأْلُها نَهْلاً ولا عَلاَّ
مُزْنٌ إِذا سُلَّتْ بوارِقُه / أَرْدَتْ بصارِمٍ خِصْبِها المَحْلا
من كُلِّ مُثْقَلَةٍ تَحُطُّ على / عَرَصَاتِها عن مَتْنِها الحِمْلا
طَلَبَتْ لراحةِ مَالِكٍ شَبَهاً / وتجاسَرَتْ فأَجَبْتُها مَهْلا
خُذْهَا فقد أَعلَيْتُ قائِلَها / وإِن اسْتَدَمْتَ فَرَأْيُكَ الأَعلى
فلديهِ كُلُّ عقيلَةٍ لَطُفَتْ / حِلاًّ فمازَجَ نُورُها العَقْلا
ما صانَها بِكراً بخاتَمَها / إِلا لِيَطْلُبَ مِثْلَها بَعْلا
فَلْيَهْنِكَ الصَّوْمُ الشريفُ وإِنْ / كنت المُهنَّأَ لم تَزَلْ قَبْلا
هل مَرَّ شهرٌ قَطُّ عنك وما / لَكَ أَجْرُ مَنْ قد صامَ أَو صَلَّى
الناسُ دُونَكَ كُلُّهمْ أَكْفاءُ
الناسُ دُونَكَ كُلُّهمْ أَكْفاءُ / لك بالكمالِ عليهمُ إِيفاءُ
يا واحداً منهم رأَوْهُ أَوْحَدًا / كالدُّرَّةِ اختلَطَتْ بها الحَصْباءُ
هل أَنتَ بعضُ الناس إِلاَّ مِثْلَ ما / بَعْضُ الحَصَا الياقوتَةُ الحَمْراءُ
بَيَّنْتَهُمْ نَقْصاً وبِنْتَ زيادَةً / وبضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشْياءُ
ما أَنتَ والبَدْرُ المنيرُ وإِن غذا / مِلْءَ العيون وراقَهُنَّ سَواءُ
للبدرِ في العَرَضِ الضِّياءُ وأَنتَ قد / جُمِعَتْ بجوهرِ ذاتِك الأَضواءُ
ما ضَرَّ من لِبسَ السَّواد بجِسْمِه / ووراءَهُ نَفْسٌ له بَيْضَاءُ
اللُّه أَكبرُ هذهِ شِيَمُ العُلَى / مَجْدٌ أَشَمُّ وهِمَّةٌ قَعْساءُ
لا مثلَ ذا اليومِ الأَغَرِّ وإِن عَلَتْ / للجندِ منه عجاجةٌ دهماءُ
الدارُ والسلطانُ والحرَّابَةُ ال / أَنجادُ والعًرَفاءُ والوزراءُ
يتناظَرُ الفقهاءُ أَو يتناثَرُ ال / خُطباءُ أَو يتناشَدُ الشعراءُ
كلٌّ يشير إِلى عُلاكَ بلَفْظِهِ / وبلحظِهِ والنُّطْقِ والإِيماءُ
ملِكٌ أَبوكَ له دَعاكَ بمالك / فتلاقَتِ الأَموالُ والأَسماءُ
عجباً لمغرورٍ يَهيجُك ضَيْغَماً / ماذا يريد ودارُكَ الهيجاءُ
الَّلأْمَةُ الخضراءُ والصّمصامَةُ الز / رقاءُ والخَطِّيَّةُ السَّمراءُ
والكاسراتُ من الجواشِكِ تحمل الَّ / ليْثَ الأَزَلَّ الِّلقْوَةُ الفَتْخَاءُ
سُفُنٌ إِذا نشرَتْ جناحَ قُلُوعِها / خَدَم الهواءُ مُرادَها والماءُ
يحملن جُنْدَكَ وَهْوَ في عَدَدِ الثَّرى / عَدَّى بِهِنَّ النَّصرُ والإِْثراءُ
ولقد ركبتَ فليس يُنْكَرُ بعدَها / للخيل في عَدَوَاتِها خُيَلاءُ
بين المواكِب كالكواكِب ما لَها / إِلاَّ سُمُوُّك لا خُفِضْتَ سَماءُ
فارتَجَّتِ الغبراءُ من مُتَغَطْمِطٍ / تخشى رشاشَ عُبابِه الخضراءُ
واكتنَّتِ البيداءُ تحت عجاجةٍ / فكأَنَّما بادتْ به البيداءُ
ويكادُ وهو السّيلُ يدفع مَتْنَه / أَن لا نقولَ لِمَتْنِهِ أَرجاءُ
وكأَنما بين الطُّبولِ تَشَاجُرٌ / قد طالَ للبُوقاتِ فيه مِراءُ
وكأَنما اسْتَمَعَتْ إِلى أَصواتِها / فتخوَّفَتْهَا الصَّعْدَةُ الصَّمَّاءُ
حتى إِذا خفقَ اللِّواءُ مُرَوَّعاً / وثَبَتَّ مقتحماً وأَنتَ لِواءُ
ملأَتْ مهابَتُكَ القلوبَ فلم تكَدْ / تَتَبَيَّنُ الأَحبابُ والأَعداءُ
واسترشد الجُهَلاءُ من لَهَوَاتِهِ / طُرُقَ الهُدَى واستَثْبَتَ العقلاءُ
وكأَنما شقَّ القلوبَ وخصَّها / بالنُّور حيث النُّقْطَةُ السَّوداءُ
فتمسَّكوا بولاءِ مُلْكِكَ عِصْمَةً / ولكلِّ ذي عِتْقٍ عليه ولاءُ
وركبتَ فاخترطَ الصَّوارمَ معشرٌ / ضمِنَتْ صوارِمُهُمْ لهم ما شاؤُوا
لعبت وقرَّت في الجسوم دماؤها / ومن العجائبِ أَن تَقَرَّ دماءُ
آنستَ دَسْتَ المُلْكِ منك بجلسةٍ / قامت بحقِّ جلالِها الجُلَساءُ
فلك الهناءُ ببهجةِ العيدِ الذي / أَبداً لربك لا يزال هَناءُ
قضّيتَ حقَّ الصومِ أَو ودَّعْتَهُ / فلْيَقْضِ حقَّ الصومِ منك لقاءُ
قد رفَّع الرّيحانُ نحوَكَ طرفَه / وتحرَّكَتْ في دَنِّها الصَّهباءُ
واهتزَّ مَتْنُ العُودِ يُخْبِرُ أَنَّه / لا بُدَّ من أَن تَسْجَعَ الوَرْقاءُ
ولنا حديثٌ غَيْرُ ذاكَ بِنَالَهُ / ظَمَأٌ وأَنتَ ومَنْ لَدَيْكَ رِواءُ
الحلسان الحلسان مكررا / قولى
وَفَّيْتَ رَبَّهُما الكِرَاءَ وضِعْفَهُ / فَلْيَجْرِ بالإِطلاقِ منك وَفاءُ
وأَشاءُ إِذنَكَ في الرحيلِ فإِنني / أَسْرِي وشُكْرِي فيكَ كيفَ يَشاءُ
هذا مَقامُ المستجيرِ ولم يَخِبْ / للمستجيرِ لديك قَطٌّ رجاءُ
ما خصَّني الإِعْطابُ من زَمَنِي إِلى / أَن عَمَّنِي من جودِكَ الإِعطاءُ
ساعِدْ بذاكَ نَدًى لأَخرُجَ رابِحاً / رَبِحَ الذي اجْتَمَعَتْ له الأَشياءُ
أَجَزِعْتِ بعد إِقامتي من رحلتي
أَجَزِعْتِ بعد إِقامتي من رحلتي / ليسَتْ عقودُ هَوَاكِ بالمُنْحَلَّةِ
هُوَ ما علمتِ من الغرامِ فَعَلَّةٌ / من فِيك تَشْفِي غُلَّتِي أَو عِلَّتي
ما زُلْتِ عن قلبي وإِن شَحَطَ النَّوى / فنُقِلْتِ ساعَةَ نقلتي من نُقْلَتِي
تحت الشّراعِ أَبيتُ غيرَ مُوَسَّدِ ال / أَيدي إِذا ما بِتُّ تحتَ الكِلَّةِ
وأَطوفُ في الأَقطارِ لا من رغبةٍ / في كثرةٍ أَو رغبة عَنْ قِلَّةِ
كم ضاحِكٍ خلفي وتحت ضلوعِهِ / نارٌ تُشَبُّ بأَدمعٍ مُنْهَلَّةِ
نطقي الذي خَفَضَ اللئامَ فلا هوى / ويدي التي عبثَتْ بهمْ لا شُلَّتِ
لي نقلةٌ ليستْ تُفَتَّر دائماً / والبدرُ غير مُفَتَّرٍ في النُّقلة
ولقد دُلِلْتُ على الكرامِ وإِنَّما / كان النَّدى والبأْسُ بعضَ أَدِلَّتي
ملكٌ تلقَّى دولةً قد أَقبلَتْ / يسعى إِليه بسعدِها لا وَلَّتِ
فلئن حَلَلْتُ عُرايَ عن أَوطانِهِ / فمدائِحي معقودةٌ ما حُلَّتِ
ما سِرْتُ عن عَدَنٍ ولا عن أَهلِها / إِلا وقد أَحْرَزْتُ كُلَّ مسرَّةِ
وتَخَيَّرَتْ عيني الجِلابَ وأَهلَها / فرزقت أَيمن جُلْمَةٍ في حَلْبَةِ
كم لابنِ عبدِ اللِّه عندِيَ من يدٍ / تبيضُّ عند الشّدةِ المسودَّةِ
الناخذاءُ عِليٌّ المُحْتَلُّ من / رُتَب الرِّبانَةِ رأْسَ أَرفعِ رتبةِ
من يهتدي في مظلماتِ بحارِه / وقت الضلالِ بفطْنَةٍ مبيَّضةِ
ويودُّ نوحٌ أَنهُ رُبَّانُهُ / لو كان شاهَدَ مالَهُ من خِبْرةِ
لله جُلْبَتُهُ التي نَهَضَتْ بما / قد حَمَّلَتْهُ وصَمَّمَتْ في الحَمْلَةِ
وسَمَالها ذُو رأسٍ فاسْتَذْرَتْ بِهِ / في ساكنِ الأَمواجِ دانِي الهَبَّةِ
حتَّى إِذا كَمُلَتْ لها آلاتُها / من عُدَّةٍ تجري بها أَو عِدّةِ
مدَّتْ من الرّيحِ التي يختارُها / فطَوَتْ بساطَ بحارِها الممتدَّةِ
ضَرَبَتْ ببطنِ رباك ظَهْرَ دياقَةٍ / ولَوَتْ إِلى الإِحسانِ ثم تَوَلَّتِ
وعَوَى لها كلبو فقال مَرَاكَةٌ / أَهلاً لقيتَ ومرحباً فتثنَّتِ
ثم استقامَتْ في قعو واستَظْهَرَتْ / في بطنِهِ صُبْحًا بحَطٍّ مُثْبِتِ
وتجنُّبٍ قادجَ العميرَ ولم تكُنْ / للعارَةِ الفيحاءِ ذاتَ تلفُّتِ
واستشرفَتْ للبابِ فانفَتَحَتْ لها / طُرُقُ السَّلامَةِ من بحارِ الرحمةِ
فسقى المنادِخَ من مكلا صيرَةٍ / مُزْنٌ يَفُوزُ بكُلِّهِ ذُو الخُشَّتِ
وَهَمى لِمَغْبُونٍ وَصَيِّلةً الحيا / غَدِقاً وحيَّى اللُّه رأْسَ التِّرمِتِ
فعوانَ فالركمايِ فالحبلِ الذي / فيه المَغَاصُ فما حوى من دُرَّةِ
فموارِدِ التّيسينِ من أَمواجِها / فمياهِ عَنْدِ يَد الرِّحابِ المَنْبِتِ
فمقرِّ أَبعَلَ لي إِلى حَرُّ وجَةٍ / فالكردَمِيَّاتِ التي وَكَفَى التى
شَرْمٌ كُفِينا الشَّرَّ فيه ومن يَجُزْ / حَدَّ الصِّراطِ مُبَشَّرٌ بالجَنَّةِ
للِّه ذُو ألأَفراسِ غيرَ صَواهلٍ / وسَرَنْدَلِي والماءُ مِنْ مُبْذُولةِ
فإِلى بناتِ حَجُو فَمَطْرَحِ جانبِ ال / حَرْنُو نِيابِ فسارِبُو فالحَمْلَةِ
فالماءِ من بُلَعٍ وما هو آجِلٌ / فالعَزْرِ من سارُو تجاهَ القُلَّت
فجزيرةِ النَّعْتِ التي هيَ ملجأٌ / أَوصَيِّلِ الناموسِ فوقَ الشَّوْرَت
فمياهِ أَو الشَّوْلِ من أَفيائِها / فمسارِحِ الأَغنامِ عند العَرْبَةِ
ولبحرِه عندي ولستُ أَقوله / ما ضلَّني تذكارُه عن بَحْرَتي
فَدَرْعَرعٍ فالقَحْمِ فالقَلى الذي / منه المجازُ فدجلةٍ فالطُّرَّةِ
فمغاثِ ذي المَعِزِ القليلِ ثُغاؤُهُ / فالماءِ من حاراتِ عند الفَلَّةِ
فمدارِ ظهرَيْهَا فرأْسِ سَرُوجِها / فراقُ رأْسِ سَرُوجها من مُنْيَتي
فبعادِ بَعْسَلَ لي دفَّنى داخلاً / بطن الحُبابِ بأَزْيَبٍ مُتَثَبِّتِ
طوبَى لتلك القولَتَيْنِ بيانعا / سِرْ منه تفضها إِلى بَرِّيَّةِ
إِذ مندلو ادبر مصغى وقصارها / وعبيتها ودهرها في القبضةِ
فنقا مشايتري فصهر يجي دسي / محراب ما ضع وهي كالمعمورةِ
فالواحةِ الغرّاءِ أَحسن مطرح / تبدو لنا دخه بأَيمن غرةِ
فمبايعات يلينها ويلينها / يغدو مبايعهم بأَوفر بيعةِ
بالسَّمْنِ بالأَعسالِ بالأَغنامِ بالذُّ / رَةِ التي قد أسْرَفَتْ في الكَثْرةِ
فانهَضْ إِلى حِينٍ إِلى سكبٍ إِلى / مَرْسَى إِماراتٍ بأَوَّلِ مرّةِ
وبَعَالِ عن راس الوعابي وحل / ظهر نهالها وتَعَدَّ عن ذي الفضلةِ
فاقصد زرائِبَ للمبيتِ وإِن تُرِدْ / رِيًّا فرِدُهُ مِن ذِي الَأثلةِ
وإِذا مَرَرْتَ بصصات فحَيِّهِ / سعياً وما مِنْ حَوْلِهِ من شُعْبَةِ
واندَخْ سواكِنَ داخلاً في حَوْرِها / واركَبْ على الأَعلى بأَعلى همّةِ
يا حبّذا أَنْسَتْ وقد أَنَّستُها / من بَرْكِسَايَ غداةَ قُلْتُ بلمحةِ
وأَدمت عن أَدْمَاتَ سَيْرِي بائِتًا / منْ آضُعٍ في مثلِ وَسْطِ البلدةِ
فَشَعوبُ عَدِّ إِلى جزيرتِها التي / عُرِفَتْ بعبدِ اللِّه عند النِّسْبةِ
فَعُرى الحريِص إِلى زور زينب إِلى / مرسى مَجَرْتَاتٍ وخيراً جَرَّتِ
فإِلى الخوايِ إِلى كراعِيتَ إِلى / مرسى مَدَرْوِيتَ التي قَدْ دَرَّتِ
ثم استمرَّت عن طيوب وأَن حلت / فكلا ولكن في في دَرورٍ حلَّتِ
ولنا الحبور محرامات وقد / أَبدى زهير صيلا كالزهرةِ
فنويّ أَو مرسى عروسٍ أَو محا / ومحا محلٌّ منه حَلُّ العُقْدةِ
مد ريح أَو يعو نرى فالسدى / من راكباي إِلى مكلاَّ حَطَّتِ
فإِلى السَّلاقَيْنِ اللذَيْن تَعَرَّفَا / باسمَيْنِ من صغر بحبّ وكبرةِ
ولقد عَقَدْتِ نَفَحْتُ آمالي كما / عُقِدَ الحليبُ بِجَوْهَرِ الأَنفحتِ
وضربت جَعْدَ دمادبٍ بدبادبٍ / فَغَدَتْ مُبَشِّرَةٌ لنا بالدَّوْلَةِ
نُشِرَتْ فأَنْشَرَتِ الشِّراعَ ولم تَعُقْ / عند العَيُوقِ بمُدَّةٍ عن مدةِ
جَرَتْ خيلُ النَّسيمِ على الغديرِ / ورُدَّتْ تحت قسطالِ العبيرِ
وعَبَّ الصُّبحُ في كأْسِ الثُّرَيَّا / وكان برحَةِ القَمَرِ المنيرِ
وقام على جبين الشمس يهفو / كما يهفو اللِّواءُ على أَميرِ
ودار بها على يدِهِ فكانَتْ / كطوقِ الجامِ في كفِّ المديرِ
ومَجَّت في زجاجِ الماءِ لونًا / قد انْتَزَعَتْهُ من حَلَبِ العصيرِ
فقمنا نستنيمُ إِلى قلوبٍ / تناجَتْ تحت أَستارِ الصُّدورِ
نحقِّقُ بالوفا عِدَةً الأَماني / ونملأُ بالرِّضا نُخَبَ السرورِ
إِلى أَن غادرَتْنَا الكأْسُ صَرْعَى / نَفِرُّ من الكبيرِ إِلى الصغيرِ
ونحسَبُ أَنَّ دِيكَ بني نُمَيْرٍ / أَميرُ المؤمنينَ على السَّريرِ
رُزِقْنَا التاجَ والإِيوانَ منها / وطُفْنَا بالخَوَرْنَق والسَّديرِ
ورُحْنَا تَستطيفُ بنا الليالي / ونبسُطُ من يمينِ المستجيرِ
كَأَنَّا من تَسَحُّبِنَا عليها / روادِفُ تستطيلُ على خُضورِ
وجَرّدْنَا المدائِحَ فاسْتَقَرَّتْ / على أَوصافِ جُرْدَنَّا الوزيرِ
فَنَظَّمْنَا المفاخِرَ كاللآلِي / وحَلَّيْنَا المعالِيَ كالنُّحورِ
وقمنا في سماءِ العِزِّ نَرْعَى / جبينَ الشَّمْسِ في اليومِ المطيرِ
وأَعجَبُ ما جَرَى أَنَّا أَمِنَّا / ونحنُ بجانبِ الليثِ الهَصورِ
وأَرسَلْنَا من الأَشعارِ رِيحًا / نَهُزُّ بها المعاطِفَ من ثَبِيرِ
وقَلَّدْناهْ دُرًّا جاءَ منه / كذاك الدُّرُّ جاءَ من البُحورِ
وقُلْنَا للمُسائِلِ عن عُلاهُ / تَسَمَّعْ قد وَقَعْتَ على الخَبيرِ
لهيبُ صواعِقِ العَزَمَاتِ مِنْهُ / يكاد يُذيبُ أَفئِدَةَ الصُّخورِ
وماءُ مكارمِ الأَخلاقِ منه / يكادُ يردُّ صاعِدَةَ الزَّفيرِ
وأَغراسُ الأَمانِي في يَدَيْهِ / بِهِنَّ معاطِفُ الدَّوْحِ النَّضِيرِ
وعَيْنُ حِرَاسَةِ المَلِكِ اسْتَخَصَّتْ / فلم تَطْرِفْ على سِنَةِ الفُتورِ
رأَى منه المليكُ حِلَى أَمينٍ / بَرِئَ النُّصْحِ من سُقْمِ الضَّميرِ
فأرْقاهُ إِلى الرُّتَبِ اللواتي / يراها النجمُ من طَرْفٍ حَسيرِ
وصَدَّرَهُ على الدِّيوانِ سطراً / هو البِسْمُ التي فوق السُّطورِ
فطالَ بضَبْطِهِ باعُ ارتفاعٍ / تشمّر قبل باعٍ قَصيرِ
ونادَتْهُ الدُّهورُ خُلِقْتَ معنًى / تَكَرَّرَ بَيْنَ أَلسِنَةِ الدُّهورِ
وأَصبحَتِ القصورُ كما عَهِدْنا / مشيَّدةً على غَيْرِ القُصورِ
وصُيِّرَتِ البلادُ جِنانَ عَدْنٍ / وكانَتْ قبلُ من نارِ السَّعيرِ
تدبَّرَها فدَبَّرَها برأْيٍ / محا ظُلُمَاتِها بِضياءِ نورِ
ومدَّ على الرَّعِيَّةِ ظِلَّ عدلٍ / وقاهُمْ لَفْحَ أَلسِنَةِ الهجيرِ
وجدَّل بالسَّعادَةِ مَنْكِبَيْهِ / فَجَرَّ ذيولَها حِبَرَ الحُبورِ
أَحامِي المُلْكِ بالباعِ المُرامِي / وراعِي المُلْكِ باللَّحْظِ الغَيُورِ
ومَنْ هُوَ ناظرٌ فيه بذهن / له إِدراكُ أَعقابِ الأُمورِ
خدمتُ بخاطرِي عَلْيَاكَ جُهْدِي / ولم أَخْدُمْ به غَيْرَ الخطيرِ
وكنتُ متى نظمتُ نظمتُ منه / لِرَبِّ التَّاجِ أَو ربِّ السَّريرِ
فدُمْ تطوي العِدَا والسَّعْدُ يَشْدُو / عليهم لا نُشورَ إِلى النُّشورِ
هَلْ في قِطارِ النَّصْرِ نسرٌ واقعٌ
هَلْ في قِطارِ النَّصْرِ نسرٌ واقعٌ / أَو في مَسَالِحَهَ سِماكٌ أَعْزَلُ
أَودعت من قِطعِ السّحائبِ شِبْهَهَا / فالبَرْقُ يُصْلِتُ والرَّوَاعِدُ تَصْهلُ
يَا آلَ عِمْران بدائِعُ فضلِكُمْ / بالفعلِ تستوفي المقال وتُفْضِلُ
فلآل عمران على كلِّ الورى / فضلٌ به نطقَ الكتابُ المُنْزَلُ
ما مَرَّ في التنزيلِ فضلٌ أَوَّلٌ / إِلا ومعناهُ لَكُمْ يُتَأَوَّلُ
أَتُرَاهُمُ عَلِموا الذي لَمْ يَعْلَمُوا / في الدِّينِ أَو عَمِلُوا الذي لم يَعْمَلُوا
أَما الملوكَ فإِنهم خولٌ لكم / حقًا وإِنْ عظُمَ الذي قد خُوِّلُوا
أَبداً سُيُوفُكُمُ تُسلُّ فَتَحْتَوِي / أَملاكَهُمْ ويبيحُها مَنْ يَسْأَلُ
لَكُمُ التقدَّمُ بالتأَخُّرِ بَعْدَهُمْ / كم آخِرٍ تلقاهُ وهو الأَوَّلُ
أَوليسَ سادَ الأَنبياءُ جميعَهُمْ / وأَتى أَخيرَهُمْ النبيُّ المُرْسَلُ
كلُّ الزمانِ بكم ضَحوكٌ مُسْفِرٌ / تَنْدَى معاطِفُهُ أَغَرُّ مُحَجَّلُ
سيَّرْتَمُوهُ لنا نهاراً مُشْرِقًا / أَو هَلْ مَع البَدْرَيْنِ لَيْلٌ أَلْيَلُ
بدرانِ قد وَقَفَ الكمالُ عليهما / والبدرُ ينقصُ بالمِحاقِ ويَكْمُلُ
ومُهَنَّدَانِ جَلاهُما شَرَفاهُما / بِيضٌ مُهَنَّدَةٌ وسُمْرٌ ذُبَّلُ
فمحمدٌ منه المحامِدُ تَعْتَلِي / وأَبو السعودِ به السعادَةُ تُشْمَلُ
وغَضَنْفَرَانِ وإِنَّما عاباهما / بيض مهندة وسمر ذبلُ
فرعانِ ضَمَّهُمَا الحلالُ المُرْتَضَى / في العِزِّ والشرفُ الرفيعُ الأَطْوَلُ
وأَقرَّ مُلْكَهُما بِلالٌ وابْنُهُ / فتكفَّلا الماضِي وما يُسْتَقْبَلُ
خَلَف السَّعيدُ به الشَّهيدَ فأَعْيُنٌ / مُنْهَلَّةٌ في أَوجُهٍ تَتَهَلَّلُ
ملكانِ ذلك راحِلٌ وثناؤهُ / باقٍ وذا باقٍ ثَنَاهُ يَرْحَلُ
كان الزمانُ جَنَى فجاءَ لياسرٍ / ونصولُهُ ممَّا جَنَى تَتَنَصَّلُ
وَأَغرَّ فوقَ جبينِهِ شمْسُ الضُّحَى / تاجٌ بأَفرادِ النجومِ مُكَلَّلُ
متكفلٌ أَعلى المكارِمِ شِيمَةً / ولَرُبَّما يتكلَّفُ المُتَكَفِّلُ
لمُقَبِّلٍ طولَ الزمانِ بساطَهُ / والورد لَيْسَ مَدَى الزَّمانِ يُقَبَّلُ
يَهْفُو ارتياحاً وهو طودٌ ثابتٌ / ويسيلُ جوداً وهو نارٌ تُشْعَلُ
ويزيدُ في ظُلَمِ الخطوبِ ضِياؤُهُ / في الجَمْرِ أَجْدَرُ أَن يفُوحَ المَنْدَلُ
ويشِفُّ عن صَلَفِ الخُشُونَةِ لِينُهُ / والماءُ يُشْرِقُ وَهْوَ عَذْبٌ سَلْسَلُ
وتَرُوعُ حينَ يروقُ بَهْجَةُ وَجْهِهِ / ولقَدْ يروعُ كما يروقُ المُنْصلُ
ويزينُ أَلحاظَ العيونِ رُواؤُهُ / فكأَنما هي من سناهُ تُكْحَلُ
ويصيبُ والرامي تطيشُ سِهامُه / فلكلِّ سهمٍ من عدُوٍّ مَقْتَلُ
ويكادُ ينتقلُ البلادُ وأَهْلُهَا / شوقاً إِليه فكيفَ لا يَتَنَقَّلُ
بحُسامِهِ المشحوذِ يُفْتَحُ كُلُّها / وبَحدِّهِ المفتوحِ منها يُقْفَلُ
زَرَعَتْ به آلُ الزُّرَيْعِ حَدِيقةً / رقَّ النباتُ بها ورقَّ المَنْهَلُ
واسْتَثْبَتَتْهُ لمُلْكِها فكأَنَّه / ثَهْلانُ ذو الهَضباتِ لا يَتَحَلْحَلُ
ووفَا لها منه هِزَبْرٌ خَلْفَه / طُلْسُ الذِّئابِ مع الذَّوابِلِ تَعْسِلُ
كالأَجْدَلِ الغِطْرِيفِ يَحْمِلُ سَرْجَهُ / سامِي التَّليلِ كما اشْرَأَبَّ الأَجْدَلُ
يبدو فإِمَّا إِصْبَعٌ يُومِي بها / لِجَلاَلِهِ أَو ناظِرٌ يَتَأَمَّلُ
أَهلاً بعيدِ النَّحْرِ بلْ أَهلاً بمَنْ / منه بعيدِ النَّحْرِ عيدٌ أَوَّلُ
بُزْلٌ كأَمثالِ الدِّنانِ تجانَسَتْ / مَعَهَا على طَرَبٍ ذباب نُزَّلُ
ومواقِفٌ ضُرِبَتْ على خَطِّ الوَغَى / فجريحُ لَبَّاتٍ بها ومُجَدَّلُ
وتطوُّلٌ طالَ القرائِح فاسْتوَى / في العَجْزِ عنه مُقَصِّرٌ ومُطَوِّلُ
ومِنَ المكارِمِ أَنْ يكونَ مُقَصِّراً / فيهِنَّ باعُ القول عمَّا يَفْعَلُ