القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عِماد الدين الأَصْبَهانيّ الكل
المجموع : 42
أَنتم لمحمودٍ كآلِ محمدٍ
أَنتم لمحمودٍ كآلِ محمدٍ / متصادفي الأفعالِ والأسماءِ
يتلو أَبا بكرٍ على حسناته / عمرُ الممدَّحُ في سناً وسناءِ
ويليهِ عثمانُ المُرجّى للعُلى / وعليٌّ المأمولُ في الأْواءِ
وتقبل الحسن الممجّد مجدهُم / فهمُ ذوو الإحسانِ والنّعماءِ
فرعتْ لمجد الدين إخوته الذُّرا / دون الورى في المجدِ والعلياءِ
مِن سابقٍ كرماً وشمسٍ ساده / شرفاً وبدرِ دُجنّةٍ وبهاءِ
سُرُجُ الهدى سحب لنّدى شهبُ النُّهى / أُسْدُ الحروبِ ضراغمُ الهيجاءِ
الشوقُ أَبرحُ ما يكو
الشوقُ أَبرحُ ما يكو / ن إذا دنا أَمدُ اللقاء
وتزيلُ أَيامُ التدا / ني جوْرَ أَيام التنائي
كم غلّة في القلب ليس / ت نارُها ذاتَ انطفاء
وشكاية للوجد يبدي / ها لدى برج الخفاء
قد كادَ يغلبُ عند تذ / كاري لكم يأسي رجائي
أَشتاقكم شوقَ المري / ض إلى معاودة الشّفاءِ
وأُحبكم حبُّ النُّفو / س لما تؤمِّلُ من بقاءِ
العبُد يخدمُ بالسلا / م وبالتحية والدُّعاءِ
للسيِّد الملك المُعظّ / م ذي الجلالة والعلاءِ
لو كنتَ تعلمُ منتهى بُرَحائه
لو كنتَ تعلمُ منتهى بُرَحائه / حابَيْتَ إبقاءً على حَوْبائهِ
ولكنتَ تتركُ في الغرام ملامَهُ / كيلا يزيدَ اللّومُ في إغرائهِ
لا تنكرِنْ ضحكي أُريكَ تجلُّداً / ضحكُ الحيا بالبرقِ عينُ بكائهِ
ما كنتُ أَعلمُ دمعَ عيني مفشياً / سِرّاً لهم أَشفقتُ من إفشائهِ
حتى جرى في الخدِّ منّي أَسْطُراً / فعرفتُ أَنَّ الشوقَ من إملائهِ
ما كان أَعذبَ بالعذيْب لدى الصبا / عيشاً أَمنتُ فناءَهُ بفنائهِ
إذ كاسمهِ ماءُ العُذيبِ وأَهلُه / في العزِّ تحسدُهم نجومُ سمائهِ
والحيُّ شمسُ الأفقِ تخبأ وجهها / منه حياءً من شموسِ خبائهِ
أَيامَ لم أُبصرْ جميلاً فيهمُ / إلاّ وفاءَ إلى جميل وفائهِ
ومقرطقٍ أَلفيتُ قلبي آبقاً / منّي له فالقلبُ قلبُ قبائهِ
قلق الوشاحِ محبُّه قلقُ الحشا / فكلاهما ظامٍ إلى أَحشائهِ
ويشدُّ عَقْدَ نِطاقهِ في خصْره / حَذرَاً عليهِ لضعفهِ ووهائهِ
بدرٌ فؤادي في محبّةِ وجههِ / بدريُّةُ المَعدودُ مِنْ شهدائهِ
إشراقُ غُرَّةِ وجههِ في صدغهِ / يُبدي لكَ الإصباحَ في إمسائهِ
منشورُ إقطاعِ القلوبِ عِذارُه / فالحسنُ جندٌ وهو مِن أُمرائهِ
وله الشّبابُ الغضُّ أَبدعَ كاتبٌ / إذ خَطُّهُ المرقومُ مِن إنشائهِ
وشّى بخطِّ عِذارهِ وجناته / ما أَحسنَ الخضراءَ في حمرائهِ
دبَّ الدُّخانُ إلى حواشي خدِّه / إذ أَشعلتْ نارُ الصِّبا في مائهِ
في عارضيهِ سوادُ أَبصارِ الورى / قد شفَّ من ماءِ الصِّبا لصفائهِ
والصُّدغُ منه لعارضيهِ معارضٌ / وسوادُ ذاكَ الخطِّ من أَفيائهِ
ومن المحبِّ ولم يَدَعْ رمقاً له / هلا أَخذتَ زمامَهُ لذمائهِ
أَعدى سقامُ اللّحظِ منه محبّهُ / يا محنتي منه ومن أَعدائهِ
وسقامُ مقلته زيادةُ حسنها / وأَراهُ في جسمي زيادة دائهِ
يا صاحبيَّ الصّاحبين من الهوى / قد طالَ عهدُكما بكأس طلائهِ
لا تطمعا في أَن أُفيق فإنني / يا صاحبيَّ سكرتُ من صهبائهِ
لا تسمعاني فيه ما أَنا كاره / إنَّ المحبَّ يصدُّ عن نصحائهِ
ولقد أصمَّ عن الكلام تغافلاً / لأنزِّه الأسماعَ عن فحشائهِ
أَروي حديثَ الحادثات وخطبُها / لي يخطبُ الأهوالَ من أهوائهِ
يخفي الزَّمانُ سناي في إظلامه / إخفاءَ ألثغ سينه في ثائه
لما مضيتُ له براني صرْفهُ / مثلَ اليراعِ فبرْيُهُ لمضائهِ
حتّامَ أَرضى الضيّمَ من أَدوانه / وإلى متى أُغضي على إقذائهِ
إحفظْ لسانكَ أَنْ يطولَ فإنّما / قصرُ اللِّسان يكُفُّ من غلوائهِ
والشّمعُ قطعُ لسانه من طوله / وحياتهُ سببٌ إلى إدرائهِ
ومقاسمٌ في ثروتي لما رأى / عدمي غدا مستأثراً بثرائهِ
قوَّمتُ في زمن الشّدائد غصنَهُ / فاعوجَّ إذْ هبّتْ رخاءُ رُخائهِ
ونفعتُهُ لمّا تناهى ضرُّهُ / فأعضته السّراء من ضرائهِ
قلبي من الإشفاق محترقٌ له / كالشّمعِ وهو يعيشُ في أضوائهِ
متناومٌ عنّي إذا ناديتُهُ / ولطالما استيقظتُ عندَ ندائهِ
إنْ أستزِدْهُ يزدْ كراهُ وزائدٌ / تحريكُ مهدِ الطِّفلِ في إغفائهِ
ولئن جفاني الدَّهرُ في أحداثهِ / فلأَصبرنَّ على فظيعِ جفائهِ
فاللهُ يفعلُ ما يشاءُ بخلقهِ / وجميعُ ما يجري لنا بقضائهِ
فاستعدِ من ريبِ الزَّمانِ بصاحبٍ / تعدي فضائله على عدوائهِ
واشك الزَّمانَ إلى شهابِ الدِّين كي / يُبدي رياضَ الخصبِ في شهبائهِ
ونداهُ نادِ فإنَّ أنديةَ المنى / مخضرّةُ الأَكنافِ مِن أَندائهِ
وهو الشّهابُ حقيقةً فالفضلُ من / أَنوارِهِ والطولُ من أَنوائهِ
كالشّمسِ في آرائهِ كالغيثِ في / آلائه كالصُّبحِ في لألائهِ
للهِ راحتُهُ ففيها راحةٌ / لمؤمّليهِ ومرتجي نعمائهِ
فعداتُهُ يغنونَ مِن إعطابهِ / وعفاتُه يحيونَ من إعطائهِ
يُغضي حياءً والمهابةُ كلها / في أنفس الأَعداء مِن إغضائهِ
ويغضُّ عيناً للوقارِ ونورُهُ / لتغضُّ عينُ الشّمسِ دونَ لقائهِ
إنْ كان ما غَثّتْ معاني مدحه / منّي فما رَثّتْ حبالُ حِبائهِ
أَبني المظفرِ ما يزالُ مظفراً / راجيكمُ أبداً بنيلِ رجائهِ
وإذا عرا خطبٌ ملمٌّ مؤلمٌ / داويتمُ بالجودِ من أَعدائهِ
يا مَنْ علا يحكي أَباهُ وجده / زانَ العلاء بجدِّه وإبائهِ
يعني الزَّمانُ بمنْ عنيتُ بأمرِهِ / حاشاكَ تترك عانياً بعنائِهِ
فانصرْ أَبا نصرٍ على زَمَنٍ أَبى / نصري لفضلٍ أَنتَ من أبنائهِ
واشفعْ تشفّع وعده بنجازه / أَنّى يخيبُ وأَنتَ مِن شفعائهِ
ذكِّرْ بحالي الصاحبَ المولى الذي / يقوى أَميرُ المؤمنينَ برائهِ
وقل استجار كريمُ بيتٍ بي وذو ال / بيتِ الكريمِ يجدُّ في إحيائه
والمستجيرُ بنا مجارٌ لم يزلْ / ولو أَنَّ هذا الدَّهرَ من أعدائهِ
شافِهْ أميرَ المؤمنينَ بحالهِ / فأَرى شفاهكَ موجبٌ لشفائهِ
قلْ للإمامِ علامَ حبس وليّكم / أولوا جميلكمُ جميل ولائهِ
أو ليس إذْ حبسَ الغمامُ وليّه / خلّى أَبوكَ سبيلَهُ بدعائهِ
لولاكَ كان رويُّ شعري ظامئاً / لا يطمعُ الراوونَ في إروائهِ
والفضلُ بينَ بنيهِ أَوْكدُ نسبةً / فأغثْ كريماً أَنتَ من نسبائهِ
وأَفاضَ في شكر العوارف عارفاً / بقصور باعِ الشُّكرِ عن نعمائهِ
وتأَمّلَ الخطَّ الكريمَ فأَشرقَتْ / أَنوارُ حُسن العهدِ من أَثنائهِ
وجرى معينُ الجود من تيّارهِ / وسَرَى نَسيمُ المجد من تلقائهِ
أَضحى ظهيرُ الدين أفضلَ صاحبٍ / يستمسكُ الرَّاجي بصدق ولائهِ
والسّعدُ في آلائه والنجحُ في / آرابهِ والنّصرُ في آرائهِ
أما العمادُ فقد تضاعفَ شكرُه
أما العمادُ فقد تضاعفَ شكرُه / نعماكَ شكر الرَّوض نُعمى الصَيِّبِ
لعمامةٍ ذهبيةٍ كغمامةٍ / يبدو بها برقُ الطِّرازِ المغربي
ما كان أَحسنَ حاله لو أَنّه / شُفعت عمامته بثوب مُذهبِ
شملُ الهدى والمُلْكِ عمَّ شتاتُهُ
شملُ الهدى والمُلْكِ عمَّ شتاتُهُ / والدَّهرُ ساءَ وأَقلعتْ حسناتُهُ
أَينَ الذي مُذْ لم يزل مخشيّةً / مرجوَّةً رهباتُهُ وهباتُهُ
أَينَ الذي كانتْ له طاعاتُنا / مبذولةً ولربِّهِ طاعاتُهُ
باللهِ أين الناصرُ الملكُ الذي / للهِ خالصةً صَفَتْ نيّاتُهُ
أينَ الذي ما زالَ سلطاناً لنا / يُرْجَى نَداهُ وتُتّقَى سَطَواتُهُ
أينَ الذي شَرُفَ الزَّمانُ بفضله / وسَمَتْ على الفُضلاء تشريفاتُهُ
أَينَ الذي عنتِ الفرنجُ لبأسهِ / ذلاً ومنها أدركتْ ثارتُهُ
أَغلالُ أَعناق العِدا أَسيافُه / أَطواقُ أَجْيادِ الوَرَى منّاتُهُ
لم يُجْدِ تدبيرُ الطّبيب وكمْ وكمْ / أَجدتْ لطبِّ الدَّهر تدبيراتُهُ
مَنْ في الجهاد صفاحُه ما أُغمِدتْ / بالنّصر حتى أُغمدتْ صفحاتُهُ
مَنْ في صدور الكُفر صدرُ قناته / حتى توارتْ بالصياح قناتُهُ
لذَّ المتاعبَ في الجهادِ ولم تكن / مذ عاشَ قطُّ لذاته لذَّاتُهُ
مسعودةٌ غدواتُهُ محمودةٌ / روحاتُهُ ميمونةٌ ضَحَواتُهُ
في نصرةِ الإسلامِ يسهرُ دائماً / ليطولَ في روضِ الجنانِ سنانُهُ
لا تحسبوه ماتَ شخصٌ واحدٌ / فمماتُ كلِّ العالمينَ مماتُهُ
ملكٌ عن الإسلام كان محامياً / أبَداً إذا ما أَسلمتْهُ حُماتُهُ
قد أَظلمتْ مُذْ غابَ عنّا دُورُه / لمّا خلتْ من بَدْرهِ داراتُهُ
دُفِنَ السماحُ فليس تُنْشَرُ بعدَما / أَودَى إلى يوم النُّشور رُفاتهُ
الدينُ بعد أَبي المظفّرِ يوسف / أَقوتْ قُراه وأَقفرتْ ساحاتُهُ
جَبَلٌ تضعضعَ مِنْ تَضَعْضُعِ ركنهِ / أَركاننا وتهدُّنا هداتُهُ
ما كنتُ أَعلم أَن طوداً شامخاً / يهوي ولا تهوي بنا مهواتُهُ
ما كنتُ أَعلمُ أَنَّ بحراً طامياً / فينا يُطَمُّ وتنتهي زخراتُهُ
بحرٌ خلا من وارديهِ ولم تزلْ / محفوفةً بوفودهِ حافاتُهُ
مَنْ لليتامى والأَرامل راحمٌ / متعطِّفٌ مفضوضةٌ صَدَقاتُهُ
لو كان في عصر النبيِّ لأُنزلتْ / في ذكْره من ذكْرهِ آياتُهُ
فعلى صلاح الدِّين يوسفَ دائماً / رضوانُ ربِّ العرش بل صَلَواتُهُ
لضريحهِ سُقيا السّحاب فإنْ يغبْ / تحضَرْ لرحمةِ رَبِّه سَقْيانُهُ
وكعادة البيتِ المقدَّسِ يحزنُ ال / بيتُ الحرامُ عليه بلْ عرفاتُهُ
مَنْ للثغور وقد عدَاها حفظُهُ / مَنْ للجهادِ ولم تَعُدْ عاداتُهُ
بكت الصّوارمُ والصّواهلُ إذ خلتْ / مِن سَلِّها وركوبها غزواتُهُ
وبسيفه صَدَأٌ لحزن مصابهِ / إذ ليس يشفى بعده صدياتُهُ
يا وحشتا للبيض في أَغمادِها / لا تنتضيها للوغى عَزَماتُهُ
يا وحشةَ الإسلام يوم تمكّنتْ / في كلِّ قلب مؤمنٍ روعاتُهُ
يا حسرتا من بأسِ راحتهِ الذي / يقضى الزَّمان وما انقضت حسراتُهُ
ملأتْ مهابتهُ البلادَ فإنّه / أَسدٌ وإنَّ بلادَهُ غاباتُهُ
ما كانَ أَسرعَ عصرَهُ لما انقضى / فكأَنّما سنواتُهُ ساعاتُهُ
لم أنسَ يوم السّبت وهو لما بهِ / يُبدي السُّباتَ وقد بَدَتْ غشياتُهُ
والبشْرُ منه تبلّجتْ أَنوارُهُ / والوجهُ منه تلأْلأَتْ سبحاتُه
ويقولُ للّهِ المهيمنِ حكمة / في مرْضة حصلت بها مرضاتُهُ
وقفَ الملوكُ على انتظار ركوبهِ / لهم ففيمَ تأخرتْ ركباتُهُ
كانوا وقوفاً أَمس تحتَ ركابهِ / واليومَ هم حولَ السّريرِ مشاتُهُ
وممالكَ الآفاقِ ساعيةٌ له / فمتى تجيءُ يفتحهنَّ سعاتهُ
هذي مناشيرُ الممالكِ تقتضي / توقيعَهُ فيها فأَينَ دواتُهُ
قد كان وعدكَ في الرَّبيع بجمعها / هذا الرَّبيع وقد دنا ميقاتُهُ
والجندُ في الديوانِ جدَّدَ عرضَهُ / وإذا أَمرت تَجدَّدَتْ نَفقَاتُهُ
والقدسُ طامحةٌ إليكَ عيونُه / عَجِّلْ فقد طمحتْ إليه عداتُهُ
والغربُ منتظرُ طلوعَكَ نحوَهُ / حتى تفيءَ إلى هُداكَ بغاتهُ
والشّرقُ يرجو غربَ عزمكَ ماضياً / في ملكهِ حتى تطيعَ عصاتهُ
مغرىً بإسداء الجميل كأَنّما / فرضتْ عليه كالصّلاةِ صلاتُهُ
هل للملوك مضاؤه في موقف / شدَّتْ على أَعدائهِ شدّاتُهُ
وإذا الملوكُ سعوا وقصّرَ سعيُهم / رجحتْ وقد نجحتْ بهِ مسعاتُهُ
كم جاءَه التّوفيقُ في وقعاته / من كان بالتّوفيقِ توقيعاتُهُ
يا راعياً للدِّين حين تمكّنتْ / منه الذِّئابُ وأَسلمتهُ رعاتُهُ
ما كان ضرَّكَ لو أَقمتَ مراعياً / ديناً تولّى مذ رحلتَ وُلاتُهُ
أَضجِرتَ منا أَم أَنفتَ فلم تكنْ / ممّن تصابُ لشدّةٍ ضجراتُهُ
أَرضيتَ تحتَ الأَرضِ يا مَنْ لم يزلْ / فوقَ السّماءِ عَليّةً درجاتُهُ
فارقتَ مُلْكاً غيرَ باقٍ متعِباً / ووصلتَ مُلْكاً باقيَاً راحاتُهُ
أَعززْ على عيني برؤية بهجة ال / دُّنيا ووجهُكَ لا ترى بهجاتُهُ
أَبني صلاح الدِّين إنَّ أَباكم / ما زالَ يأْبى ما الكرام أُباتُهُ
لا تقتدوا إلاَّ بسُنّةِ فضلهِ / لتطيبَ في مَهْدِ النّعيمِ سناتُهُ
وردوا مواردَ عدلهِ وسماحه / لتردَّ عن نهجِ الشّماتِ شماتُهُ
ولئن هوى جبلٌ لقد بُنيتْ لنا / ببنيه من هضباته ذرواتُهُ
وبفضل أَفضلهِ وعزِّ عزيزهِ / وظهورِ ظاهرهِ لنا سرواتُهُ
الأَفضل الملك الذي ظهرتْ على ال / دنيا بزهر جلاله جلواتُهُ
والدِّينُ بالملكِ العزيزِ عمادهُ / عثمان حالية لنا حالاتُهُ
والملْكُ غازي الظاهرُ العالي الذي / صَحّتْ لإظهارِ العُلى مغزاتُهُ
ولنا بسيفِ الدِّين أَظهرَ نصره / بالعادلِ الملكِ المُطَهَّر ذاتُهُ
يا مُهدياً بكتابهِ وعتابهِ
يا مُهدياً بكتابهِ وعتابهِ / كلَماً شَفَتْ وكلومَ لَوْمٍ شَفّتِ
حمّلْتَني أَثقالَ عبءٍ خفْتُها / لكن على قلبي لودِّكَ خَفّت
وأَراكَ لا يُؤويكَ إلاّ غرفةٌ / تشتاقُها أَطيبْ بها من غرفة
وقنعتَ من طَيْف الخيالِ بزورةٍ / ورضيتَ من برقِ الوصال بخطفةِ
فاكففْ كُفيتَ الذَّمَّ كفَّ ملامتي / فالعذرُ مُتَضحٌ إذا ما كُفّتِ
في غرفةٍ أَنهارُها من تحتها / تجري فَفُزْ منها هُديتَ بغَرْفَة
هي جَنّةٌ لأُولي المكارمِ هُيِّئتْ / وكما تراها بالمكارم حُفّتِ
لكنْ تُزَف إلى الكرام لحسنها / ولأَنتَ أَولى مَنْ إليه زُفّت
بالغْتَ في عتبي أَفهل من أوْبَةٍ / وعدَلْتَ عن وُدّي فهل من عطفةِ
أنا مَنْ صَفَتْ لصديقهِ نيّاتُه / فحكى الذي أَبدته عما أَخْفَتِ
وعفَتْ رسومُ مطامعي إذ عِفْتُها / فمطالبي عزَّت ونفسي عفّت
فاقبلْ معاذيري وعُدْ نحوَ الرِّضا / والحمدِ واشْفِ مودَّةً قد أَشْفَتِ
إنْ لم تَجُدْ بالوصلِ متُّ بحسرتي
إنْ لم تَجُدْ بالوصلِ متُّ بحسرتي / إنَّ الفراقَ منيّتي يا مُنْيَتي
لكَ ناظرٌ ذو صِحّةٍ في عِلّةٍ / ما صَحّني إلاَّ لديهِ وعلتي
كم منّةٍ لكَ في الوصالِ قوية / وأَراكَ في البُحْران تضعفُ منَّتي
أَشتاقكم شوقَ الظِّماءِ إلى الحبا
أَشتاقكم شوقَ الظِّماءِ إلى الحبا / وأُحبكم حُبَّ النُّفوس حياتَها
عن غيركم نفسي تُلازم صومَها / وبذكركم أَبداً تُديمُ صلاتَها
ما فاتها حظّ الأسَى لفراقكم / إن فاتها من وصلكم ما فاتها
للّه مُهجتي التي أَوقاتُها / بالقربِ منكم لم تزلْ أَقواتَها
إنْ كانَ صبي قد عدمتُ ثباتَهُ / فصبابتي لكمُ حمدتُ ثباتَها
يا ليتَ أَيامي التي قضيّتها / في قربكم قد عاودتْ أَوقاتَها
وغدتْ عقودُ مسرَّتي مجموعة / لا تستطيعُ يدُ الفراقِ شتاتَها
اللّهُ يعلمُ أن عيني بعدكم / من شوقكم لم تستلذَّ سُباتَها
أَنتم بمصر ذوو غنىً من طيبها / أَدُّوا بذكركم الفقيرَ زكاتَها
بُشرى الممالكِ فتحُ قلعةِ منبجٍ
بُشرى الممالكِ فتحُ قلعةِ منبجٍ / فلْيَهْنِ هذا النصرَ كلُّ متوَّجِ
أُعطيتَ هذا الفتح مفتاحاً به / في الملك يَفتحُ كلَّ بابٍ مُرتج
وافى يبشِّرُ بالفتوح وراءَهُ / فانهضْ إليها بالجيوشِ وعرِّجِ
أبشرْ فبيت القدس يتلو منبجاً / ولَمنبجٌ لسواهُ كالأنموذجِ
ما أَعجزتكَ الشُّهب في أبراجها / طلباً فكيفَ خوارجٌ في أَبرُجِ
ولَقَدرُ مَنْ يعصيكَ أَحقرُ أَن يرى / أَثرَ العبوس بوجهكَ المتبلِّجِ
لكنْ تُهذِّبُ مَنْ عصاكَ سياسةً / في ضمنها تقويمُ كلِّ مُعوَّجِ
فانهدْ إلى البيتِ المقدَّسِ غازياً / وعلى طرابلسٍ ونابلسٍ عُجِ
قد سرتَ في الإسلام أَحسنَ سيرة / مأْثورةٍ وسلكتَ أَوضحَ منهجِ
وجميع ما استقريتَ مِن سُنَن الهُدى / جَدَّدْتَ منه كلَّ رسمٍ مُبهجِ
يومٌ أَهبَّ صَبَا الهباتِ صباحُهُ
يومٌ أَهبَّ صَبَا الهباتِ صباحُهُ / وروى حديثَ النّصرِ عنكَ رواحُهُ
فالسّعْدُ مُشرفَةٌ لنا آفاقُهُ / والنّصرُ باديةٌ لنا أوضاحُهُ
أَوفى على عُود الثّناء خطيبُهُ / وشَدا على غُصن المُنى صَدّاحُهُ
فالشّامُ مُبْتَلُّ الثّرى ميمونُهُ / والعامُ مُنْهَلُّ الحيا سَحّاحُهُ
والمحلُ زالَ كبارقٍ مُتهلّلٍ / لمَّ الشُّعوبَ بوَمْضه لمّاحُهُ
فالحمدُ للَّه الذي إفضالُهُ / حُلْوُ الجنَى عالي السّنا وضّاحهُ
عادَ العدوُّ بظُلْمَةٍ من ظُلمهِ / في ليلِ ويل قد خَبا مِصْباحُهُ
ركَدَتْ قبولُ قبولهِ من بَعْد أنْ / هَبّتْ غُروراً بالرياءِ رياحُهُ
أوفى يريدُ له بجرِّ جُنوده / ربحاً فجرّتْ خَسْرَةً أرباحُهُ
وجنى عليه جهلُهُ بوقوعهِ / في قبضةِ البازي فهيضَ جناحُهُ
حملَ السّلاحَ إلى القتال وما درى / أنَّ الذي يَجْني عليه سِلاحُهُ
أضحى يريدُ مواصليه صدودَه / وغدا يُجيدُ رثاءَهُ مُدّاحُهُ
ولي بكسر لا يُرَجّى جَبْرُهُ / وبقَرْح قَلْبٍ لا تُبِلُّ جراحُهُ
ونجا إلى حلبٍ ومن حَلَبٍ الرَّدى / دَر وفيه نجاتُهُ وفَلاحُهُ
إن أَفْسَدَ الدِّينَ العصاةُ بحِنْثِهمْ / فالنّاصرُ المَلكُ الصلاحُ صَلاحُهُ
فَرِحَ العدوُّ بجمعهِ ولقيتَهُ / فتحوّلَتْ أحزانُهُ أَفراحُهُ
صَحّتْ على ضربِ الكُماةِ كُسورهُ / وتكسّرَتْ عند الطِّعانِ صِحاحُهُ
وافى بسَرْحٍ للنَّقادِ فكانَ في / لُقيا الأُسودِ الضّارياتِ سَراحهُ
مَجْرٌ كبحرٍ دارِعو فرسانه / حيتانُهُ وزعيمُهُم تِمساحُهُ
شَحْناؤهُ شَحَنَتْ جواريَ فُلْكهِ / جَوْراً ومالَ بهُلكهِ مَلاَّحُهُ
عَدِموا الفلاحَ من الرِّجالِ فجاءَهم / من كلِّ صوبٍ مُكْرَهاً فلاّحُهُ
فهمُ لحرثٍ لا لحربٍ حزْبُهمْ / أَيثيرُ قُرْحاً من يثارُ قَراحهُ
قد فاظَ لمّا فاضَ جيشُكَ جأْشُهُ / غيظاً وغاضَ لبحركمْ ضَحْضاحهُ
كم سابقٍ برَداهُ يُردَى سابحٍ / من بَحْرِ هُلْكٍ ما نجا سَبّاحُهُ
كم عَيْنِ عَيْنٍ غَوَّرَتْ غوّارُهُ / وقليبِ قَلْبٍ عَوَّرَتْ متّاحُهُ
إنء آذنتْ بالنتنِ ريحُ قتيلهم / فالنّصر نفّاحُ الشَّذا فَوّاحُهُ
كم مارقٍ من مأزقٍ دَمُهُ على / مَسْحِ الحسامِ مُراقُهُ مسّاحُهُ
يُصبيكَ نَهْدٌ إن سباهُ ناهِدٌ / ولديكَ جدٌّ إن أَباهُ مزاحُهُ
ولكَ الكعوبُ مُقَوَّماتٌ للرَّدى / وله الغَداةَ كَعابُهُ ورَداحُهُ
راحُ النجيعِ بها صحافُ صِفاحكُمْ / مَلأْى وتملأُ كلَّ كاسٍ راحُهُ
وتجولُ في صَهَواتِها فرسانُكُمْ / وتدورُ في خَلَواتهِ أَقداحُهُ
ويروقُهُ الخمرُ الحرامُ وعندكمْ / مما يُراقُ من الدِّماءِ مُباحُهُ
ضَرْبُ الطُّلَى بالمشرفيِّ طِلابُكُمْ / وبراح مَنْ شربَ الطِّلا طُلاّحُهُ
محمرُّ خدِّ صقيلةٍ تُفّاحُكمْ / وأَسيلُ خدِّ عقيلةٍ تُفّاحُهُ
للهِ جيشٌ بالمروجِ عرضتَهُ / أُسدُ العرين رجالُهُ ورماحُهُ
ومن الحديدِ سوابغاً أَبدانُهُ / ومن المضاءِ عزائماً أَرواحُهُ
وله فوارسُ بالنُّفوسِ سَمَاحُها / أَتُعادُ بالعِرْضِ المصونِ شحاحُهُ
روضٌ من الصُّفْرِ البنودُ وحُمرِها / والبيضِ يُزهي وردُهُ وأَقاحُهُ
من كلِّ ماضي الحدِّ طَلَّقَ غمْدَهُ / فَتْكاً لأَغمادِ الرِّقابِ نِكاحُهُ
قد كان عزمُكَ للإلهِ مُصَمِّماً / فيهمْ فلاحَ كما رأَيتَ فَلاحُهُ
وكأَنّني بالساحلِ الأَقصى وقد / ساحَتْ ببحرِ دم الفرنجةِ ساحُهُ
فاعبُر إلى القومِ الفراتَ ليشربوا ال / موتَ الأُجاجَ فقد طَما طَفّاحُهُ
لتفُكَّ من أيديهمُ رَهْنَ الرُّها / عجلاً ويدركَ لَيْلَها إصباحُهُ
وابغوا لحرّانَ الخلاصَ فكم بها / حرّانُ قلبٍ نحوكم مُلتاحُهُ
نَجُّوا البلادَ من البلاءِ بعدلكم / فالظلمُ بادٍ في الجميعِ صُراحُهُ
واسْتَفْتحوا ما كان من مُستَغْلقٍ / فيها فربُّكُم لكمْ فَتّاحُهُ
قُولوا لأَهلِ الدينِ قَرُّوا أَعيناً / فلقد أَقامَ عَمُودَهُ سَفّاحُهُ
بشرايَ فالإسلامُ من سلطانهِ / جَذِلُ الفؤادِ بنصره مُرتاحُهُ
مَلكٌ ليُمنِ المعتفينَ يمينُهُ / ولراحةِ الراجينَ تُبْسَطُ راحُهُ
لما اجتداهُ من الرَّجاءِ رجالُهُ / أَوْفَى على قَطْرِ السّماءِ سَماحُهُ
فاقصدْ بِبَرْجِ الفقرِ رَحْبَ جَنابهِ / فبِراحِهِ يومَ النّوالِ بَراحُهُ
مَلكٌ تَملّكَ جَدُّهُ من جِدِّهِ / فالمجدُ مَجْدٌ والمَراحُ مِراحُهُ
ملكٌ يُحبُّ الصفحَ عن أعدائه / فلذاكَ تَصفَحُ عن عِداهُ صِفاحهُ
لكَ بيتُ مجدٍ ليس يُدْرَكُ حَدُّهُ / يعيا بذرعِ عُروُضهِ مَسّاحُهُ
المُلْكُ غابٌ أَنتمُ أَشبالُهُ / والدينُ رُوحٌ أَنتمُ أَشباحُهُ
ما شَرْحُ صَدْرِ الشّرْعِ إلا منكمُ / ولذاكَ منكُمْ للهدى إيضاحُهُ
فخراً بني أَيوبَ إنَّ محلَّكُمْ / ضاقتْ على كلِّ الملوكِ فِساحُهُ
لولا اتساعُ جنابكم لعَدَدْتهُ / خصْراً وفودُ المعتفينَ وِشاحُهُ
أَنتمْ ملوكُ زماننا وسَراتُهُ / وكِرامهُ وعظامُهُ وفصاحُهُ
عظماؤهُ كبراؤهُ فضلاؤهُ / ورِزانُهُ ورِصانهُ وصِباحُهُ
أقمارُهُ وشموسُهُ ونجومُهُ / وبحارُهُ وجبالُهُ وبطاحُهُ
أنتم رجالُ الدَّهرِ بل فرسانُه / ولذي الحلومِ الطائشاتِ رِجاحُهُ
فُتّاكُهُ نُسَاكُهُ ضُرّارُهُ / نُفّاعُهُ منّاعُهُ مُنّاحُهُ
وأبو المظفّرِ يوسفٌ مِطْعامُهُ / مِطْعانُهُ مِقْدامُهُ جَحْجاحُهُ
وإذا انتدى في محفلٍ فَحييُّهُ / وإذا غدا في جَحْفلٍ فَوَقاحُهُ
أسْجَحْتَ حينَ ملكتَ عفواً عنهمُ / إنَّ الكريمَ مُؤمّلٌ إسجاحُهُ
يا حاكياً فضلَ الخلي
يا حاكياً فضلَ الخلي / لِ وناشراً عِلْمَ المُبَرِّدْ
وتجمعتْ فيه الفضا / ئلُ كلُّها وبها تفرَّدْ
أَهديتَ لي شعراً هُدي / تُ بنجمه لمّا توقّدْ
نظم كدُرِّ الثغرِ أو / زَرَدِ العِذار أتى مُزَرَّدْ
يُنبي عن الوجدِ الشدي / دِ لديكَ والصّبرِ المُشَرَّدْ
أقبلْ ولا تَحْرَدْ ومُ / رُّ القولِ منه المرءُ يَحْرَدْ
أترومُ بالشّعر المُنَى / هلاَ وكان الشَّعْرُ أسودُ
الشعرُ لا تُصغي له / خَودٌ ولا يَنقادُ أَمْرَدْ
إسْمَعْ هُدِيتَ نَصيحتي / فالنُّصحُ لي بالصّدقِ يَشْهَدُ
عُدْ وارضَ عن أَهلِ الربا / طِ وأرضهمْ فالعَوْدُ أَحمدْ
لاطِفْهمُ فالمرءُ يب / لغُ بالتلطُّفِ كلَّ مَقْصدْ
إن كلّفوكَ غرامةً / فابْتَعْ لشيخ القومِ مِقوَدْ
واطلبْ جوارَ بريكةٍ / فالدَّارُ بالجيرانِ تحمدْ
ولجِ الغُريفةَ وارْقَ في / ها حَسْبَ ما تختارُ واصعدْ
قد أُكرِيَتْ فاقعُدْ إلى / وقتِ الفراغِ لها بمرصَدْ
بحياتكمْ ما عندكمْ بَعْدي
بحياتكمْ ما عندكمْ بَعْدي / فسِوَى الأَسَى ما بعدكُمْ عندي
جُودوا برِفْدٍ من خيالكمُ / فخيالكمْ لي غايةُ الرِّفدِ
اسْدُوا إليَّ يداً لأَشْكُرَها / فالشُّكرُ لا يعدو يدَ المُسْدِي
ما لي مجبرٌ غيرُ طيفكُمُ / يُهدي إليَّ القربَ في البعدِ
والعينُ قد دَميَتْ وليس لها / إلاّ مَعينُ الدَّمعِ منْ وِرْدِ
والسَّمعُ في وَقْرٍ لعاذِلهِ / فيكمْ ونارُ الشّوقِ في وَقد
مَنْ غَيْركم للوصلِ أَستَدعي / أو مَن على الهجْرانِ استَعْدي
ما كنتُ أَعلمُ قبلَ فرقتنا / أَنَّ الهوى يومَ النّوى يُردِي
سَقمي شفائي في مودَّتكمْ / وضلالتي في حُبّكم رُشْدي
بالرُّوحِ يفديكم مُحبُّكُمُ / والرُّوحُ أكرمُ ما بهِ يَفْدِي
يا مالكي رِقِّي أَما لكمُ / من رِقةٍ يا حافظي وُدِّي
يا جاحدي حقَّ الودادِ وهل / حقُّ الودادِ يضيعُ بالجَحْدِ
يا دمعُ لا تتركْ مساعدتي / فقد استقالَ الصبرُ من وجدي
طلبَ التّصبُّرَ جاهداً فأبى / قلبٌ مِن الأشواقِ في جَهْدِ
وتكحّلتْ ليلاً بإئمدهِ / عينٌ له مِرهَتْ من السُّهدِ
مُتَفَرِّدٌ بتَجَرُّعِ الأسفِ ال / مُظمي لشوقِ الأجرعِ الفرْدِ
شَهدَ الوداعَ فزادَهُ أَلماً / لمّا أَصابَ الصابَ في الشّهْد
إنْ أَنتَ لم تُهْدِ الشّفاءَ له / وهواكَ ممرضُهُ فمنْ يُهْدِي
أَمَلْتُ نجحكَ لا تُخبْ أَملي / وقصدتُ حِفْظَكَ لا تُضعْ قصدِي
رحَلُوا وقلبي في رحالهمُ / يشكو صدىً ويُشاكُ من صَدِّ
أَلقيتُ عند مثارِ عيسهمُ / نفسي وقلتُ خِدِي على خَدِّي
ناديتُ حاديهمْ بعيشكَ قفْ / للبينِ من حَدْوٍ على حدِّ
رفقاً بعيشِهم أَما لهُمُ / ممّا بدا للبينِ من بُدِّ
فاهدأ هُديتَ فمذ حدوتَ رَموا / جَلَدي الضعيفَ الأُسَّ بالهَدِّ
وجدي بمصرَ يَهيجُ ساكنَهُ / شَغَفي بذكرى ساكني نجدِ
والوجدُ في الأحزانِ كامنةً / عندي خلافُ النّارِ في الزَّندِ
ما للأَحبَّةِ لا عَدِمْتُهُمُ / رَغِبُوا عن الإسعادِ في الزُّهْدِ
أو ليس أحبابي بنو زمني / لا غَرْوَ إنْ لم يحفظوا عَهدي
إن لم يَفوا فلقد وفى كَرَماً / عبدُ الرحيم بذمّةِ المجدِ
الفاضلُ المفضالُ والنَّدِسُ ال / مُسْدي النّدى والماجدُ المُجدي
ما إنْ يضلُّ بقاصدٍ أَمَل / إلاّ ويضمنُ أَنه يَهْدي
يُسدي إِليَّ منيرَ انعُمه / وأنيرُ مِدْحَتَهُ كما أُسدي
العُرفُ معتاد له خلقٌ / وبه تراه غيرَ مُعتدِّ
بجنابهِ يدنو جَنَى أَملي ال / نّائي وراحةُ حظيَ المُكدِي
أَبداً تَوالَى مِنْ عوارفه / طُرفٌ تُضافُ لنا إلى تُلْدِ
ويرى رجائي مِن مكارمهِ / في النُّجحِ طَرْفٌ غيرُ مُرتَد
زاكي النِّجارِ أَخو الفخارِ وذو ال / مجدِ الأثيرِ الطاهرِ البُرْدِ
ذو الرتبةِ الشّماءِ والشّرفِ ال / عالي السّنا والسؤْددِ العد
النّاسُ كلهمُ له تَبَعٌ / في فضلهِ والدَّهرُ كالعَبْدِ
والبحرُ ذو جَزْرٍ وراحتُهُ / بحرٌ مدَى الأيام في مَدِّ
وله اليراعُ وليُّه أَبداً / يُرْعَى به ويُراعُ ذو الحقْدِ
كم غاضَ بحرُ بنانهِ فغدا / دُرُّ البيانِ يُساقُ في العقْدِ
إن سوَّدَ البيضاءَ بيّضَ منْ / ثوبِ اللّيالي كلَّ مُسْوَد
قَلَمٌ أَقاليمُ البلادِ به / وثغورُها في الضّبْطِ والشّدِ
بهُزالهِ سمَنُ العُلا وكذا / في الهَزْلِ منه حقيقةُ الجد
للسانهِ حُجَجٌ يَرُدُّ بها / جزماً قضايا الألسنِ اللُّدِ
ظمآن يُردي كلَّ ذي ظمإٍ / فاعجبْ لذي وِرْدٍ بلا وِرْدِ
مَلكٌ كتيبتُهُ كتابتُهُ / فَرْدٌ بجيشِ النّصرِ في جُنْدِ
الأسمرُ الخطيُّ تابعُهُ / في حكمه والأبيضُ الهندي
والنائباتُ بحدِّهِ أَبداً / مثلومةٌ مغلولهُ الحَدِّ
كم مأزقٍ نَقّى الغرارُ به / للرُّعبِ من جَفنٍ ومن غمْدِ
نَفَذَتْ به اللاماتُ طاعنةً / أَلفاتِ خُرْصانِ القنا المُلْدِ
والسُّمْرُ داميةٌ مطاعنُها / كمراودٍ في أَعيُنٍ رُمْدِ
فرَّجْتَهُ بشَبا مُلَطِّفَةٍ / وَرَدَتْ بقَسْرِ القَسْوَرِ الوَرْدِ
بلطيفِ تدبيرٍ يَرِقُّ له / لصفائهِ قلبُ الصّفا الصَّلْدِ
عُرْفٌ يُبّدلُ بالرَّجاء لنا / في الأزْمِ نُكْرَ الأزمُنِ النُّكْدِ
ناديكَ من نَدِّ النّدَى عَطرٌ / يا مَنْ يَجلُّ نَداهُ عن ندِّ
من سَبْي سَبْيك كلُّ مَحْمَدَةٍ / فَلأَنْتَ حَقّاً مالكُ الحمدِ
وتعيدُ ما تُبدي وتُضعفُهُ / ومَنِ المعيدُ سواكَ والمُبدي
يا مَنْ وجدتُ بلاغتي حَصَراً / في حَصْرِ ما يُوليهِ والعَدِّ
من كلِّ مَنْ عقدَ النوائبَ عن / حَظِّي عُرىً مُوثَوقَةَ الشَّدِّ
فَرَّقتَ أعدائي غداةَ هُمُ / للشرِّ في حشرٍ وفي حَشْدِ
ورفعتّني فوقَ اليّفاعِ ولو / لم تُسْمني لمكثتُ في الوَهْدِ
فَضْلي طرادُ الدَّهرِ غادره / وحظوظُهُ كلَّتْ من الطَّرْدِ
غدرَ الزَّمانُ بكلِّ ذي حَسَبٍ / يأبى الوفاءَ بعيشهِ الرَّغْدِ
زِدْ غَرْسَ رِيِّكَ ريّهُ فلقد / أَضحى بعيدَ العَهْدِ بالعَهْدِ
عَدْوُ العدوِّ يهونُ أَصعبُهُ / ما دمتَ دمتَ عليه لي مُعدي
والشوكُ لا يشكو جنايتَهُ / من كانَ مطلبَهُ جَنَى الوردِ
أَخفى بنو زمني محاسنَهُ / وعتابُ أمي معي وَحْدي
هذا أَوانُ نجازِ وعدِكَ لي / إنَّ الكريمَ لمُنْجزُ الوعدِ
من شَدَّ ظهرَ رجائهِ بكَ هل / يبقى بأَمرٍ غيرِ مُشتّدِ
أَيكونُ زبدةُ ما أُؤَمِّلُهُ / عدمَ التمخُّضِ فيه عن زُبْدِ
أَرِغْم بفضلكَ ضدَّ مَنْقَبتي / لا زالَ فضلُكَ مُرِغمَ الضّدِ
ساعدْ بجدِّكَ لي بقيتَ على / رغمِ الأعادي صاعدَ الجَدّ
أضحتْ ثغورُ النّصرِ تبسمُ بالظَفَر
أضحتْ ثغورُ النّصرِ تبسمُ بالظَفَر / وغدتْ خيولُ النّصرِ واضحةَ الغُرر
يا ابنَ السّراةِ ذوي العُلى من هاشمٍ / والأكرمينَ أُولي المناقبِ من مُضرْ
مُتقلّدي الذِّكر المنزَّل فيهمُ / إنْ نازلوا بَدلاً العَضْب الذَّكرْ
أَنتَ ابنُ عمِّ المصطفى وسميُّه / أَبشرْ فإنّكَ بعدَهُ خيرُ البشرْ
من راحتيكَ المُزن في المَحْلِ اجتدى / وإلى سَناكَ البدرُ في الليلِ افتقرْ
أَدنى وليٍ في رضاكَ مُعظّم / وأَجلُّ ذي مُلْكٍ بسخطكَ مُحتقرْ
أضحى حمى الباغي رضاكَ ممنّعاً / بينَ الورى وغدا دمُ الباغي هدَرْ
لو كنتَ في زمنِ النبيِّ لأُنزِلتْ / في هذهِ السِّير التي لكم سُورْ
بكمُ الورى في نعمةٍ لا تنقضي / لا تنقضي واللّه نعمةُ من شكَرْ
في أَنفسٍ بكم تُقرُّ وأَلنسٍ / بكمُ يقرُّ وأَعينٍ بكم تقرْ
عاصيكمُ لم يقضِ إلاّ نحبَهُ / من دهرهِ ومطيعكم إلاّ الوَطَرْ
لما شفعتَ العزمَ وهو مؤيّدٌ / بالحزمِ أَسفرَ بالمُنى منكَ السّفَرْ
وبرزتَ مثلَ الشمّسِ تُشرق للورى / وسَناكَ يحجُبُ عنكَ ناظرَ مَنْ نَظَرْ
في شيبةٍ مفطورةٍ لله من / أَنوارهِ سبحانَهُ فيما فَطَرْ
بيضاء يستسقي بها صوبُ الحيا / وبأصلها إذ أجدبوا استسقى عُمَرْ
وكأَنما تلك المظلّةُ هالةٌ / وجه الإمام يضيء فيها كالقَمَرْ
للهِ جيشٌ للخليفةِ قادَهُ / ربُّ الخليفة بالميامنِ والظّفَر
مَجْرٌ إذا جَرَّ القنا لا يرتضي / وَجْهَ المجرَّةِ أَنْ يكونَ لها مَجَرْ
أَشجارُ خطٍّ إن تشاجرت العدى / أَضحتْ لها هاماتُ مُخيطهم ثمر
فوق الجياد الجُردِ ما وردت وغىً / إلاّ وخيل عدوّها عنها صَدَرْ
يتركن في الظمأ الزُّلال بصفوه / ويَرِدْنَ في الرَّوعَ الدِّماء على كَدَرْ
فالأرضُ وهي فسيحةٌ ضاقتْ به / وعلى العدى منه فما وجدوا مَقَرْ
قد أَوقدوا ناراً هم احترقوا بها / وشرارِهم متطايرٌ بهم الشَّرَرْ
لما أَبوا ما فيه خيرُهمُ أَتوا / ما فيهم بَشَرٌ نجا إلاّ بِشَرْ
هذي أميرَ المؤمنين قصيدةٌ / غرّاءُ تَقْصدُ قبّةَ الملكِ الأغَرْ
حسناءُ يَهديها وليٌّ مُخلصٌ / لكم الولاءَ فأَوْلها حسنَ النّظرْ
صُوَرٌ تقوم بها معانٍ منكمُ / إنّ المعانيَ زائناتٌ للصُّوَرْ
دقّتْ لمعنى السِّحر إلاّ أَنّها / راقتْ ورقّتْ مثل أَنفاسِ السّحَرْ
لما رأَيتُ مَنارَ بيتكَ كعبةً / وافيتُ فيمن حَجَّ بيتكَ واعتمرْ
وهجرتُ أَوطاني إليه ومَن رأَى / شرفاً له في أَنْ يفارقها هَجَرْ
ونأَيتُ عن قومي ليرفعَ دونهم / قدري اصطناعُك لي فجئتُ على قدرْ
لا تُنكرنَّ لسابحٍ عثرتْ بهِ
لا تُنكرنَّ لسابحٍ عثرتْ بهِ / قدمٌ وقد حملَ الخضمَّ الزاخرا
ألقى على السلطان طِرفك طرفه / فهوى هنالكَ للسّلام مبادرا
سبقَ الرِّياحَ بجريهِ وكففته / عنها فليس على خلافكَ قادرا
ضعفتْ قواه إذ تذكر أَنّه / في السّرحِ منكَ يُقل ليثاً خادرا
ومتى تطيقُ الرِّيحُ طوداً شامخاً / أَو يستطيعُ البرقُ جوناً ماطرا
فاعذر سقوط البرقِ عند مسيرهِ / فالبرقُ يسقط حين يخطفُ سائرا
وأَقِلْ جوادكَ عثرة ندرت له / إنَّ الجوادَ لَمَن يُقبلُ العاثرا
وتوقَّ من عينِ الحسودِ وشرها / لا كان ناظرها بسوءٍ ناظرا
واسلمْ لنور الدِّينِ سلطان الورَى / في الحادثاتِ معاضداً ومؤازرا
وإذا صلاحُ الدِّينِ دامَ لأهلهِ / لم يحذروا للدَّهرِ صَرفاً ضائرا
كتبَ العذارُ على الخدودِ سُطورا
كتبَ العذارُ على الخدودِ سُطورا / من يَتْلُها يَكُ في الهوى معذورا
وبدا البنفسجُ بينَ وردِ خدودهم / غضاً فمازج وردها الكافورا
فكسا ربيعُ الحُسنِ روضَ جمالهم / من نورِه فوقَ الحريرِ حريرا
ومعنبرُ الصدغينِ ضم عِذاره / في عارضيهِ إلى العبيرِ عبيرا
بدرٌ به كلفُ العبادِ فيا لَهُ / عجباً فقد شابَ الظلامُ النورا
يا للرجالِ لمقلةٍ مخمورةٍ / يغدو المحب بكأسِها مخمورا
أَبكي ويضحكُ كالغمامِ إذا بكى / حُزناً تبسمت الرياضُ سرورا
وترى لآليء ثغرهِ منظومةً / ولديه لؤلؤ عبرتي منثورا
عهدي به والعيشُ صافٍ شربُهُ / والدهرُ لم يُحدثُ له تكديرا
يا حبذا ليلٌ يُقضى بالمنى / طالَ السرورُ به وكان قَصيرا
ولقد أَلفتُ نِفارَها وهَوَيْتُها / إذ ليس يُنكَرُ للظباءِ نِفارُ
يا جارةً للقلبِ جائرةً دعي / ظُلمي وإلا قلتُ جارَ الجارُ
قلبي كطرفي ما يفيقُ إفاقةً / سكران ما دارتْ عليه عُقارُ
صَبٌّ بصب الدمعِ محترق الحشا / خطرت ببال بلائهِ الأَخطارُ
لم يخشَ من خطرِ الهوى حتى حمى / ذاكَ القوام شبيهه الخطارُ
يذري الدموعَ كأنهن عوافٌ / لابْنِ المملكِ شيركوه غزارُ
من آلِ شاذي الشائدينَ بنا العُلَى / أَركانُهن لَها ذمٌ وشفارُ
حسنتْ بهم للدولةِ الأيامُ وال / أَعمالُ والأَحوالُ والآثارُ
قد حازَ ملكَ الشامِ يوسفٌ الذي / في مصر تغبطُ عصرَهُ الأعصارُ
نصرَ الهُدى فتوطدَ الإسلامُ في / أَيامهِن وتضعضعَ الكُفارُ
وكتيبةٍ مثل الرياضِ كأنما / راياتُها منشورةٌ أَزهارُ
وكأنما خُضرُ البيارقِ للقنا / وُرقٌ وهاماتُ العُداة ثمارُ
وكمائمُ الأَغماد عن زهرِ الظبى / فتقت فكل صقيلةٍ نُوَارُ
وعلى شعاعِ الشمسِ لمع حديدها / يبدو كما يعلو اللجَين نُضارُ
عَبيتَها بعزيمةٍ مشفوعةٍ / بالنصرِ منكَ تُعينُها الأَقدارُ
لما لقيتَ جموعهم منظومةً / صيرتَ ذاكَ النظمَ وهو نثارُ
في حالَتَيْ جُودٍ وبأسٍ لم يزلْ / للتبرِ والأَعداءِ منك تَبارُ
تهبُ الأُلوفَ ولا تهابُ أَلوفَهم / هانَ العدو عليكَ والدينارُ
لما جرى العاصي هنالك طائعاً / بدمائهم فخرتْ به الأَنهارُ
وتحطمتْ عند القرون قرونُهم / بل كلت الأنيابُ والأظفارُ
عبروا المعرةَ مالكينَ معرةً / والعارُ يملك تارةً ويعارُ
أو ما كفاهم يوم حمص وكفهم / في بعلبك بمثلها الإنذارُ
أهلي بجلقَ والعراق مراقبو / حالي وطرفُ رجائهم نظارُ
بادرتُ نحوكَ بالرجاءِ مؤملاً / ليكونَ منكَ إلى النجاحِ بدار
وقطعتُ أَبوابَ الملوكِ إليكم / والصفُو تحجزُ دونَهُ الأكدارُ
ما منزلٌ من يرى في / هِ غير عارٍ فعار
به تماطُ الأذايا / وترخَصُ الأوضارُ
والعيشُ فيه قريرٌ / والطيشُ فيه وقارُ
والسبتُ في كل يومٍ / لمن يرى مختارُ
نارٌ تطيبُ أَلا اعجبْ / لجنةٍ هي نارُ
لئنْ مَنَعَ الغيثُ عن زورةٍ / فغيثُ فضائلهِ زائرُ
وما غابَ مَنْ شخصُ آلائهِ / إذا غابَ عن ناظري حاضرُ
بدُركَ فُزْتُ وهل فائزٌ / بدُركَ في صفقةٍ خاسرُ
وما روضةٌ أُنُفٌ نَوْرُها / لناظرِ ذي طربٍ ناضرُ
بنفسجُها عارضٌ مُغْزِرٌ / ونرجسهُا ناظرٌ ساحرُ
فثغرُ الأَقاحي بها باسمٌ / ووجهُ الأَماني لها ناشرُ
كأن سقيطَ الندى بينها / لآليءُ ينثُرُها ناثرُ
بأحسنَ من روضِ أشعارهِ / وقد جادَها فضلُهُ الماطرُ
تَقر بقُربكَ لا بل يَقر / برؤيتكَ القلبُ والناظرُ
أَقول لركبٍ بالخيارةِ نُزلٌ / أَثيروا فما لي في المقامِ خيارُ
همُ رحلُوا عنكَ الغداةَ وما دَرَوا / بأَنهمُ قد خَلفوكَ وساروا
حليفُ اشتياقٍ لا ترى من تحبهُ / وفي القلبِ من نارِ الغرامِ أُوارُ
أَجيروا من البلوى فؤادي فعندكم / ذمامٌ له يا سادتي وجوارُ
المشمسُ لانتظارِنا مصفر / والروضُ إلى لقائنا مُفتر
قمْ نغتنم الوقتَ فهذا العمرُ / لا لبثَ له فمَنْ بهِ يَغتر
بلغتَ بالجد ما لا يبلغُ البشرُ / ونلتَ ما عَجَزتْ عن نيلهِ القُدَرُ
يهتدي للذي أَنت اهتديتَ له / ومن له مثلُ ما أَثرتَهُ أَثرُ
أَسرتَ أم بسُراك الأرضُ قد طويتْ / فأنتَ إسكندرٌ في السيرِ أم خَضرُ
أوردْتَ خيلاً بأقصى النيلِ صادرةً / عن الفراتِ يقاضي وِرْدَها الصدَرُ
تناقلتْ ذكرَكَ الدنيا فليس لها / إلا حديثكَ ما بينَ الورى سمرُ
فأنتَ مَنْ زانتِ الأيامُ سيرته / وزادَ فوقَ الذي جاءَتْ بهِ السيرُ
لو في زمانِ رسول الله كنتَ أتت / في هذه السيرةِ المحمودةِ السورُ
أصبحتَ بالعدلِ والإقدام مُنفرداً / فقل لنا أَعليٌّ أنتَ أم عمرُ
إسكندرٌ ذكروا أخبارَ حكمته / ونحنُ فيكَ رأينا كل ما ذكروا
ورُستمٌ خبرونا عن شجاعتهِ / وصارَ فيك عياناً ذلك الخبرُ
إفخْر فإن ملوكَ الأرضِ أذهلهمْ / ما قد فعلتَ فكلٌّ فيكَ مفتكرُ
سهرتَ إذ رقدوا بل هجتَ إذ سكنوا / وصُلْتَ إذ جبنوا بل طلتَ إذ قصروا
يستعظمونَ الذي أدركتَهُ عجباً / وذاكَ في جنبِ ما نرجوهُ محتقرُ
قضى القضاء بما نرجوه عن كثبٍ / حتماً ووافقكَ التوفيقُ والقدرُ
شكتْ خيولُكَ إدمانَ السرى وشكتْ / من فَلها البيضُ بل من حَطْمها السمرُ
يَسرْتَ فتحَ بلادٍ كانَ أَيسرُها / لغيرِ رأيكَ قُفلاً فَتحُهُ عَسِرُ
قرنتَ بالحزمِ منكَ العزمَ فاتسقتْ / مآربٌ لكَ عنها أَسفرَ السفرُ
ومَنْ يكونُ بنورِ الدينِ مُهتدياً / في أَمرِهِ كيف لا يقوى له المرَرُ
يرى برأيكَ ما في الملكِ يبرمُهُ / فأنتَ منه بحيثُ السمعُ والبَصرُ
لقد بغتْ فئةُ الإفرنجِ فانتصفتْ / منها بإقدامكَ الهنديةُ البترُ
غرستَ في أرضِ مصر من جسومهمُ / أَشجارَ خط لها من هامهم ثمرُ
وسالَ بحرُ نجيعٍ في مقامِ وغى / به الحديدُ غمامٌ والدمُ المطرُ
أَنهرتَ منهم دماءً بالصعيدِ جرى / منها إلى النيلِ في واديهمُ نَهَرُ
رأوا إليكَ عبورَ النيلِ إذ عدموا / نصراً فما عبروا حتى اعتبروا
تحتَ الصوارمِ هامُ المشركينَ كما / تحتَ الصوالجِ يوماً خفتِ الأُكرُ
أَفنتْ سيوفُكَ مَن لاقتْ فإنْ تركتْ / قوماً فهم نفرٌ من قبلها نفروا
لم ينجُ إلا الذي عافته من خبثٍ / وحشُ الفلا وهو للمحذورِ منتظرُ
والساكنونَ القصورَ القاهرية قد / نادى القصورُ عليهم أنهم قُهروا
وشاورٌ شاوروه في مكائدهم / فكادَهُ الكيدُ لما خانه الحذرُ
كانوا من الرعبِ موتى في جلودهم / وحين أَمنْتَهم من خوفهم نُشروا
وإِن من شيركوه الشركَ منخزلٌ / والكفرَ منخذلٌ والدينَ منتصرُ
عول على فئةٍ عندَ اللقاءِ وفتْ / وعد عن تركمانٍ قبلهُ غدروا
وكيف يُخذلُ جيشٌ أَنتَ مالكُه / والقائدانِ له التأييدُ والظفرُ
أَجابَ فيكَ إلهُ الخلقِ دعوةَ مَنْ / يطيبُ بالليلِ من أَنفاسهِ السحرُ
قل في الكرامِ لهُ / مُشبهٌ وإنْ كثروا
همةٌ مباركةٌ / في الشفا لها أَثرُ
ليس في السيوفِ سوى / للمهند الأَثرُ
عيدانِ فطْرٌ وطُهرُ / فتحٌ قريبٌ ونَصْرُ
ذا موسمُ للأماني / بالنجحِ موفٍ مُبر
وذاكَ موسمُ نُغْمَى / أَخلافُها تستدر
هذا من الصومِ فطر / وذاك للصومِ بَدْرُ
كلاهما لكَ فيه / حقاً هناءٌ وأَجرُ
وفيهما بالتهاني / رسمٌ لنا مستمرُ
طهارةٌ طابَ منها / أَصلٌ وفرعٌ وذكرُ
نجلٌ على الطهْرِ نامٍ / زكا له منكَ نجرُ
محمود الملكُ العا / دلُ الكريمُ الأَغرُ
وبابنهِ الملك الصا / لحِ العيونُ تَقرُ
مولىً به اشتد للدي / نِ والشريعةِ أَزْرُ
نورٌ تجلى عياناً / ما دونَهُ اليومَ ستْرُ
أَضحتْ مساعيكَ غُراً / كما أَياديكَ غُزرُ
وكل قصدِكَ رُشْدٌ / وكل فعْلكَ برُ
وإن حبكَ دينٌ / وإن بغضَكَ كفُرُ
لنا بيُمناكَ يُمْنٌ / كما بيُسراكَ يُسْرُ
وللموالين نفعٌ / وللمعادينَ ضُرُ
وللسماءِ سحابٌ / وسحبُ كَفيكَ عشرُ
ناديك بالرفدِ رحبٌ / نداكَ للوفدِ بحرُ
عدلٌ عميمٌ وجودٌ / غمرٌ ويسرٌ وبشرُ
وفي العطِيةِ حلوٌ / وفي الحمِيةِ مُر
قد استوى منك تقوَى ال / لهِ سر وجَهرُ
تُقاكَ والملكُ عندَ ال / قياسِ عقد ونحرُ
يا أَعظمَ الناسِ قدراً / وهل لغيرِكَ قدرُ
وساهراً حين ناموا / وقائماً حين قروا
ما اعتدتَ إلا وفاءً / وعادةُ القومِ غدرُ
وفعلُكَ الدهرَ غزوٌ / للمشركينَ وقهرُ
وفعلُ غيرِكَ ظلمٌ / للمسلمين وقسرُ
يفتر من كل ثغرٍ / إلى ابتسامكَ ثغرُ
رومٌ به وفرنجٌ / في شَفْعهم لكَ وترُ
حربٌ عوانٌ وفتحٌ / على مرادكَ بكرُ
بنو الأَصافرِ من خش / يةِ انتقامكَ صفرُ
لم يبقَ للكفرِ ظفرٌ / لا كان للكفرِ ظفْرُ
وما دَجَى ليلُ خطبٍ / إلا وعزمُكَ فجرُ
أَصبحتَ بالغزوِ صَباً / وعنه مالكَ صبر
لكسرِ كل يتيمٍ / إسعافُ بركَ جبرُ
في كل قلبِ حسودٍ / من حر بأْسكَ جمرُ
تمل تطهيرَ مَلْكٍ / له الملوكُ تَخرُ
يُزْهَى سريرٌ وتاجٌ / به ودستٌ وصدرُ
وكيف يعملُ للطا / هرِ المطهرِ طهرُ
هذا الطهورُ ظهورٌ / على الزمانِ وأَمرُ
وذا الختانُ ختامٌ / بمسكهِ طابَ نشرُ
رزقتَ عمراً طويلاً / ما طالَ للدهرِ عُمرُ
كيفَ قُلتم في مقلتيهِ فتورُ / وأَراها بلا فتورٍ تجورُ
لو بَصُرْتُمْ بلحظه كيفَ يَسْبي / قُلتُم ذاكَ كاسرٌ لا كَسيرُ
مُوترٌ قَوْسَ حاجبيهِ لإصما / ءِ فؤادي كأنهُ مَوْتورُ
لا تَسَلْني عن اللحاظِ فعقلي / طافحٌ من عُقارِهن عَقيرُ
كيف يَصْحو من سُكره مُستهامٌ / مَزجَتْ كأسَهُ العُيونُ الحُورُ
أَوْرَثتْه سقامَها الحَدَقُ النج / لُ وأَهدتْ له النحولَ الخصورُ
ما تَصيدُ الأُسدَ الخوادِرَ إلا / ظَبَياتُ كناسهن الخُدورُ
كُل غُصنيهِ الموشحِ هَيْفا / ءَ على البَدْرِ جَيْبُها مَزور
وجناتٌ تُجنى الشقائق منها / وثنايا كأَنها المنثورُ
وبنفسي مُعنبرُ الصَدغِ والعا / رض فوقَ العبيرِ منه العبيرُ
مقْطَعٌ للقُلوبِ يَقطعُ فيها / باقتدارٍ وخَطهُ المَنشورُ
فتأمَل منه عذاريهِ تعلم / أَن معذولَ حُبهِ معذورُ
مُنثني العطفِ مُنتشي الطرفِ في في / هِ الحُميا وطَرْفُهُ المخمورُ
أَيسَ العاذلون مني فيه / مثلما خابَ في قبولي المشيرُ
ألأمْرِ المَلامِ يَنْقادُ قلبي / وعليهِ من الغَرامِ أَميرُ
قلْ لحُلْوٍ حالٍ من الحُسنِ في هج / رِكَ حالي حَزْنٌ وعَيْشي مَريرُ
بفؤادي حَلَلْتَ والنارُ فيه / فيه منكَ جنةٌ وسَعيرُ
نارُ قلبي لضيفِ طيفك تبدو / كل ليلٍ فيهتدي ويَزُورُ
وأَرَى الطَيفَ ليس يَشْفي غليلي / كيفَ يَشفْي الغليلَ زَوْرٌ زُوْرُ
ما مُدامٌ يُديرها ثَملُ العط / فِ بنَفْسي كؤوسُها والمدُيرُ
بنْتُ كرمٍ تُجلَى على ابنِ كريمٍ / وجهُهُ من شُعاعها مُستنيرُ
من سَنا كأْسها المعاصمُ والأَن / فُسُ فيها أَساوِرٌ وسُرورُ
ولها في الكؤوسِ في حالة المَزْ / جِ حبابٌ وفي النفوسِ حُبورُ
وكأن الحبابَ في الكأسِ منها / شَرَرٌ فوقَ نارهِ مُستطيرُ
طابَ للشاربينَ منها الهوا / ءانِ فَلَذ الممدودُ والمقصورُ
من يَدَيْ ساحرِ اللواحظِ قلبي / بهواهُ مُسْتَهْتَرٌ مَسْحُورُ
للحُميا في فيهِ طعمٌ وفي عي / نيهِ سُكْرٌ وفوقَ خديه نُورُ
من سجايا الصلاحِ أَبْهى وهذا / مَثَلٌ دونَ قَدْرِه مذكورُ
ما رياضٌ بنَوْرِها زاهراتٌ / غَردتْ في غُصونهن الطيورُ
كل غصنٍ عليه من خَلعِ النوْ / رِ رداءٌ ضافٍ ووشيٌ حَبيرُ
وُرْقُها في منابرِ الأَيكِ منها / واعظاتٌ من شأنها التذكيرُ
وكأن الروضَ الأَنيقَ كتابٌ / وكأَن الأَشجارَ فيه سطورُ
أشبَهَ الشرْبُ فيه شارِبَ أَلْمَى / أَخضر النبتِ والرضابُ نميرُ
وكأَن الهَزارَ راهبُ دَيْرٍ / بألحانهِ تَحَلى الزبورُ
وكأن القمري مقرىء آيٍ / قد صفا منه صوتهِ والضميرُ
كمعاني مَدْحيك حُسناً ومن أَي / نَ يُباري البحرَ الخضَم الغديرُ
مستجيرٌ جَوْري وإني منه / بابنِ أَيوبَ يوسفٍ مستجيرُ
أَنتَ مَنْ لم يَزَلْ يَحن إليهِ / وهو في المَهدِ سَرْجُهُ والسريرُ
فضلهُ في يَدِ الزمانِ سوارٌ / مثلما رأيُه على المُلْكِ سُورُ
كَرَمٌ سابغٌ وجُودٌ عميمٌ / وندىً سائغٌ وفضلٌ غزيرُ
راحةٌ أم سحابةٌ وبَنانٌ / أَم غَمامٌ وأَنحلٌ أَم بحورُ
كل يومٍ إلى عداكَ من الدهْ / رِ عَداكَ المَخُوفُ والمحذورُ
وتَولى وليكَ الطالعُ السع / دُ وعادَى عدوكَ التقديرُ
سارَ بالمكرُماتِ ذِكرُكَ في الدن / يا وإن اليسيرَ منها يَسيرُ
للحَيا والحياءِ ما إن في كف / كَ والوجهِ سائلٌ وعَصيرُ
لقد اسْتُعْذِبَتْ لديكَ المرارا / تُ كما اسْتُهِلْتْ إليكَ الوعورُ
من دم الغادرينَ غادرتَ بالأَم / سِ صعيدَ الصعيدِ وهو غديرُ
ولكلٍ مما تطاولت فيهم / أَملٌ قاصرٌ وعمرٌ قصيرُ
لاذَ بالنيلِ شاورٌ مثل فرعو / نَ فذل اللاجي وعز العبورُ
شارك المشركين بغياًن وقدماً / شاركتها قريظةٌ والنضيرُ
والذي يدعي الإمامة بالقا / هرةِ ارتاعَ إنه مقهورُ
وغدا المَلْكُ خائفاً من سُطاكم / ذا ارتعاد كأَنه مقرور
وبنو الهنفري هانُوا ففروا / ومن الأُسدِ كل كلبٍ فرورُ
إنما كان للكلابِ عواءٌ / حيثما كان للأُسودِ زئيرُ
وقليبٌ عندَ الفرارِ سليبٌ / فهو بالرعبِ مطلقٌ مأسورُ
لم يبقوا سوى الأَصاغر للسب / ي فودوا أَن الكبيرَ صغيرُ
وحميتَ الأسكندريةَ عنهم / ورحى حربهم عليهم تدورُ
حاصروها وما الذي بانَ من ذَب / كَ عنها وحفظها محصورُ
كحصارِ الأَحزابِ طَيْبَةَ قدماً / وبني الهدى بها منصور
فاشكر اللهَ حين أَولاكَ نصراً / فهو نعمَ المولى ونعمَ النصيرُ
ولكم أَرجفَ الأَعادي فقلنا / ما لما تذكُرونه تأْثيرُ
ولجأْنا إلى الإلهِ دُعاءً / فلوجهِ الدعاءِ منهُ سُفورُ
وعلمنا أَن البعيدَ قريبٌ / عندَهُ والعسيرَ سَهْلٌ يسيرُ
ورقَبْنا كالعيدِ عَوْدَكَ فاليو / مَ بهِ للأَنامِ عيدٌ كَبيرُ
مثلما يرقُبُ الشفاءَ سقيمٌ / أو كما يَرْتَجي الثراءَ فَقيرُ
عادَ من مصرَ يوسفٌ وإلى يع / قوبَ بالتهنئاتِ جاءَ البشيرُ
عادَ منها بالحمدِ والحمدُ لل / هِ تعالىَ فإنه المشكورُ
فلأَيوبَ من إيابِ صلاح الد / ينِ يومٌ به تُوفى النذورُ
وكذا إذ قميصُ يوسفَ لاقَى / وَجْهَ يعقوبَ عادَ وهو بَصيرُ
ولكم عودةٌ إلى مصر بالنص / رِ على ذكرِها تمر العصورُ
فاستردوا حق الإمامةِ ممن / خانَ فيها فإنهُ مستعيرُ
وافترعها بكراً لها في مدى الده / رِ رواحٌ في مدحكم وبكورُ
أنا سَيرْتُ طالعُ العَزْمِ مني / وإلى قَصدِكَ انتهى التسييرُ
وأرى خاطري لمدحكَ إلفاً / إنما يألَفُ الخطيرَ الخطيرُ
بعقودٍ من دُر نظمي في ال / مدحِ تحلى بها العُلى لا النحورُ
ولكَ المأثراتُ في الشرقِ والمغ / ربِ يُروى حديثُها المأثورُ
وببغدادَ قيلَ إن دمشقا / ما بها للرجا سواك مجيرُ
ما يرى ناظرٌ نظيرَكَ فيها / فهي رَوْضٌ بما تجودُ نضيرُ
لطاوي الإقبالِ عندكَ نشرٌ / وَلميْتِ الآمال منكَ نُشورُ
ومن النائباتِ أَني مقيمٌ / بدمشقٍ وللمقامِ شُهورُ
لا خليلٌ يقولُ هذا نزيلٌ / لا أميرٌ يقولُ هذا سميرُ
لستُ أَلقى سوى وجوهٍ وأَيْدٍ / وقلوبٍ كأنَهن صُخورُ
سُرِقَتْ كسوَتي وبانَ من الكل / توانٍ في رَدها وقصورُ
واعتذارُ الجميعِ أَن الذي تم / قضاءٌ في لوحهِ مسطورُ
ولَعَمْري هذا صحيحٌ كما قا / لوا ولكن قلبي به مكسورُ
أَجيرانَ جيرونَ مالي مُجيرُ / سوى عطفكُمْ فاعدِلوا أو فجوروا
وما لي سوَى طيفكمْ زائرٌ / فلا تمنعُوهُ إذا لم تَزُوروا
يَعز علي بأن الفؤادَ / لديكُمُ أسيرٌ وعنكُمْ أَسيرُ
وما كُنتُ أَعلمُ أني أعي / شُ بَعْدَ الترقِ إني صَبُورُ
وفتْ أَدمعي غيرَ أن الكَرَى / وقلبي وصبريَ كُلٌّ غَدُورُ
إلى ناسِ باناس ليس صَبْوةٌ / لها الوجدُ داعٍ وذكرى مُثيرُ
يَزيدُ اشتياقي وينمُو كما / يزيدٌ يزيدُ ثَوارا يَثورُ
ومن بردى بَرْدُ قلبي المَشُوق / فها أَنا من حَرهِ مُستَجيرُ
وبالمَسْرجِ مَرْجو عيشي الذي / على ذكرهِ العذْبِ عَيْشي مَريرُ
نأَى بيَ عنكم عَدو لَدودٌ / ودَهْرٌ خَؤونٌ وحَظٌّ عَثورُ
فقدتكُمُ فَفَقَدْتُ الحياةَ / ويومَ اللقاءِ يكونُ النشُورُ
أيا راكبَ النضْوِ يُنضي الركابَ / تسيرُ وخطب سُراه يَسيرُ
يَؤُم دمشقَ ومنْ دونها / تُجابُ سُهولُ الفَلا والوُعُورُ
وجلقُ مَقْصدُه المُسْتَجارُ / لقد سَعدَ القاصدُ المُستجيرُ
إذا ما بلغتَ فبلغهُمُ / سلاماً تأرجَ منه العبيرُ
تطاوَلْ بسؤليَ عند القُصَيْر / فَمنْ نَيْله اليومَ باعي قصيرُ
وكنْ لي بريداً ببابِ البريد / فأَنتَ بأَخبارِ شوقي خَبيرُ
أُعَنْوِنُ كتبي بشكوى العناء / وفيهن من بث شجوي سطورُ
متى تجد الري بالقَرْيَتين / خوامسُ أَثرَ فيها الهجيرُ
ونحو الجُلَيْجل أُزجي المطي / لقد جَل هذا المرامُ الخطيرُ
تُراني أُنيخُ بأَدْنَى ضُمَيرٍ / مطايا بَراها الوَجا والضمورُ
وعند القُطَيْفَةِ المشتهاةِ / قُطوفٌ بها للأَماني سُفورُ
ومنها بكوريَ نحو القُصَيْرِ / ومنيةُ عُمريَ ذاكَ البُكورُ
ويا طيبَ بُشرايَ من جلقٍ / إذا جاءَني بالنجاحِ البشيرُ
ويستبشرُ الأَصدقاءُ الكرامُ / هنالكَ بي وتُوفى النذورُ
تُرَى بالسلامةِ يوماً يكون / ببابِ السلامةِ مني عُبورُ
وأَن جوازي بباب الصغيرِ / لَعَمري من العُمرِ حَظٌّ كَبيرُ
وما جنةُ الخُلْدِ إلا دِمشقٌ / وفي القلبِ شوقاً إليها سَعيرُ
ميادِينُها الخُضُر فيحُ الرحابِ / وسَلْسالها العَذْبُ صافٍ نميرُ
وجامعُها الرحبُ والقُبةُ ال / مُنيفَةُ والفَلَكُ المُستديرُ
وفي قبةِ النسْرِ لي سادةٌ / بهم للكارمِ أُفْقٌ مُنيرُ
وبابُ الفراديسِ فرْدَوسُها / وسُكانُها أَحسَنُ الخلقِ حورُ
والأرزة فالسهمُ فالنيْربان / فجناتُ مِزتِها فالكُفورُ
كأن الجواسقَ مأهولةً / بروج تَطَلعُ منها البدورُ
بنَيْرَبها تَتَبرا الهمومُ / بربوتها يتربى السرورُ
وما غَر في الربوة العاشقي / نَ بالحُسنِ إِلا الربيبُ الغَريرُ
وعند المُغارة يومَ الخميسِ / أَغارَ على القَلْبِ مني مُغيرُ
وعندَ المُنَيْبعِ عينُ الحياةِ / مَدَى الدهرِ نابعةُ ما تغورُ
بجسرِ ابن شواش تم السكون / لنفسي بنفسيَ تلك الجسورُ
وما أنسَ لا أنسَ أُنسَ العُبورِ / على جسْرِ جسْرين إني جَسورُ
وكم بت أَلهو بقربِ الحبي / بِ في بيتِ لِهْيا ونامَ الغَيورُ
فأَينَ اغتباطيَ بالغُوطتينِ / وتلكَ الليالي وتلك القُصورُ
لمُقْرِىء مَقْرَى كقُمريها / غناءٌ فصيحٌ وشَدْوٌ جَهيرُ
وأشجارُ سَطْرَى بَدَتْ كالسطُو / رِ نَمقَهُن البليغُ البصيرُ
وأَينَ تأملْتَ فُلْكٌ يَدُورُ / وعينٌ تقورُ وبحرٌ يمورُ
وأَينَ نظرتَ نسيمٌ يَرِق / وزهرٌ يَرُوقُ وروضُ نَضيرُ
كأَن كمائمَ نُوارِها / شُنوفٌ تركَبُ فيها شُذورُ
ومثلُ اللآلي سقيطُ الندى / على كل منثورِ نَوْرٍ نثيرُ
مَدارُ الحياةِ حَياها المُدِر / مَطارُ الثراءِ ثراها المَطيرُ
وموعدُها رَعْدُها المستطيلُ / وواعدُها بَرْقُها المستطيرُ
إلامَ القساوَة يا قاسيُون / وبين السنا يتجلى سَنيرُ
لديكَ حبيبي ومنكَ الحُبا / وعندكَ حُبي وفيكَ الحبورُ
فيا حَسْرَتا غبْتُ عن بلدةٍ / بها حَظيتْ بالحُظوظِ الحضور
ومُنذ ثَوَى نور دِينِ الإل / هِ لم يبقَ للشامِ والدين نُورُ
وإني لأَرجو من الله أنْ / يُقَدرَ بعد الأُمورِ الأُمورُ
وللناسِ بالمَلكِ الناصرِ الص / لاحِ صلاحٌ ونَصْرٌ وَخيرُ
لأَجل تَلافيهِ لم يتلَفُوا / لأَجلِ حيا برهِ لم يَبُوروا
بفيضِ أَياديهِ غيثُ النجاح / لأَهلِ الرجاءِ سَموحٌ دَرور
مليكٌ بجَدواه يَقْوَى الضعيفُ / ويثرَى المقُل ويَغْنَى الفَقيرُ
أَرى الصدقَ في ملكهِ المستقيم / ومُلك سواه ازوِرارٌ وزورُ
لعزَ الوَلي وذل العَدُو / نوالٌ مبر وبأْسٌ مُبيرُ
بنعمته للعفاةِ الحُبورُ / بسطوتهِ للعُداةِ الثبُورُ
هو الشمسُ أَفلاكُه في البلادِ / ومَطْلَعُهُ سَرْجهُ والسريرُ
إذا ما سطا أَو حَبا واجتبَى / فما الليثُ مَنْ حاتمٌ ما ثَبيرُ
إيابُ ابن أَيوبَ نحو الشآمِ / على كل ما ترتجيهِ ظهورُ
بيوسفَ مصرٍ وأَيامه / تَقَر العُيونُ وتَشفَى الصدورُ
رأَتْ منك حمصُ لها كافياً / فواتاك منها القوي العسيرُ
مليكٌ ينادي رجائي ندَاهُ / ومولى جَداهُ بحمدي جَديرُ
وكم قد فللتَ جموعَ الفرنج / بحد اعتزامٍ شباهُ طريرُ
بضربٍ تَحذفُ منه الرؤوسُ / وطَعنٍ تَخسف منه النحورُ
وغادرتَ غادرهم بالعَراءِ / ومن دمهِ كل قَطرٍ غَديرُ
بجردٍ عليها رجالُ الهياج / كأَن صُقوراً عليها صُقورُ
من التركِ عند دَبابيسها / صحاحُ الطلَى والهوادِي كُسورُ
سهامُ كنائنها الطائرات / لَهُن قلوبُ الأَعادي وكورُ
وعندهم مثل صَيْد الصوارِ / إذا حاولوا الفتحَ صَيدا وصُورُ
بجيشكَ أزعجتَ جأشَ العَدُو / فما نَضَرٌ منه إلا نَفورُ
تركتَ مصارعَ للمشركينَ / بطونُ القشاعمِ فيها قُبورُ
تزاحمُ فرسانَها الضارياتُ / فتصدِمُ فيها النسورَ النسُورُ
وإن تَولدَ بكرِ الفُتوحِ / إذا ضُرِبَتْ بالذكور الذكورُ
إلي شكا الفَضلُ نَقصَ الزمانِ / وهل فَاضلٌ في زماني شكورُ
حَذارك من سطوةِ الجاهلينَ / وذو العلمِ من كل جهلٍ حذورُ
وهل يلدُ الخيرَ أو يستقيمُ / زمانٌ عقيمٌ وفَضلٌ عَقيرُ
شكَتْ بكْرُ فضلي تَعْنيسَها / فما يجلُبُ الود كفءٌ كَفور
فقلتُ لفضلي أَفاقَ الزمانِ / ودر المُرادُ ودارَ الأَثيرُ
وعاشَ الرجاءُ وماتَ الإياسُ / وسُر الحجا وأَنارَ الضميرُ
ووافى المليكُ الذي عَدْلُهُ / لذي الفضلِ من كل ضَيْمٍ يُجيرُ
فلستُ أُبالي بعَيْث الذئاب / إذا ما انتحى لي ليثٌ هصورُ
ملَكتَ فأَسْجحْ فما للبلادِ / سواكَ مجيرٌ ومولىً نصيرُ
وفي معصمِ المْلكِ للعز منك / سوارٌ ومنكَ على الدين سورُ
لكَ اللهُ في كل ما تبتغيهِ / بحقٍ ظهيرٌ ونعمَ الظهيرُ
أما المفسدونَ بمصر عَصَوْكَ / وهذي ديارهمُ اليومَ قورُ
أَما الأدعياءُ بها إذ نشطت / لإبعادهمْ زال منكَ الفتورُ
ويومُ الفرنج إذا ما لقُوكَ / عبوسٌ برغمهم قمطريرُ
نهوضاً إلى القدسِ يشفي الغليلَ / بفتحِ الفتوحِ وماذا عسيرُ
سَلِ الله تسهيلَ صعب الخطوب / فهو على كل شيءٍ قديرُ
إليكَ هجرتُ ملوكَ الزمان / فمالكَ واللهِ فيهم نظيرُ
وفجركَ فيه القرى والقران / جميعاً وفجرُ الجميع الفجورُ
وأَنتَ تريقُ دماءَ الفرنجِ / وعندهمُ لا تُراقُ الخمورُ
لا أَوحش الله من أُنسي بقربكمُ / ولا أَراني فيكم غير إيثاري
ولا عدمتكمُ في كل نائبةٍ / حفَاظ سري وأَعواني وأنصاري
فعندكم لا فقدتُ البرَ عندكمُ / فراغُ بالي وأَوطاني وأَوكاري
يا ساكني مصر قد فقتم بفضلكم / ذي الفضائلِ من سُكانِ أَمصارِ
للهِ دركمُ من عُصبةٍ كرُمتْ / ودر مصركمُ الغناء من دارِ
يمينكَ دأبها بذلُ اليسارِ / وكفكَ صوبُها بدرُ النضارِ
وإنكَ من ملوكِ الأَرضِ طُراً / بمنزلةِ اليمينِ من النهارِ
وأَنتَ البحرُ في بث العطايا / وأَنتَ الطودُ في بادي الوقارِ
أَعز الدين غيث الجود غوث ال / ورى طود العلى شمس النهارِ
حليفُ المجدِ رب الفخرِ تربُ ال / سماحِ أَخو الحجا زاكي النجارِ
غزيرُ المجتدى غمرُ الأيادي / منيرُ المجتلى عالي المنارِ
إذا عثرَ الأَماجدُ في مقامٍ / فعز الدينِ مأمونُ العثارِ
فتىً سبقَ الكرامَ فلم يطيقوا / وقد ركضوا لحوقاً بالغبارِ
لئن جهلَ الزمان فأَنتَ عذرٌ / له فامحُ الإساءةَ باغتفارِ
فإنكَ من رداءِ الفخرِ كاسٍ / وإنكَ من لباسِ العارِ عارِ
وليكَ في بلادِ اليمنِ والٍ / وجارُكَ في رياضِ الأمنِ حجارِ
وزائرةٍ وليس بها حياءٌ / وليس تزورُ إلا في النهارِ
ولو رهبتْ لدى الإقدام جوري / لما رغبتْ جهاراً في جواري
أَتتْ والقلبُ في وهجِ اشتياقٍ / لتظهرَ ما أُواري من أُواري
ولو عرفتْ لظَى سطواتِ عزمي / لكانتْ من سُطاي على حذارِ
تقيمُ فحينَ تُبصرُ مِن أَناتي / ثباتَ الْطَودِ تسرعُ في الفرارِ
تُفارقني على غيرِ اغتسال / فلم أَحلُلْ لزورتها إزاري
أيا شمسَ الملوكِ بقيتَ شمساً / تنيرُ على الممالكِ والديارِ
يجد إلى العلى أبداً بداراً / فلا عبرَ الأذى منه بدارِ
لئن حمي المزاج فغيرُ بدعٍ / فنارُ ذُكاكَ تقذفُ بالشرارِ
أَحماكَ استعارتْ لفحَ نارٍ / لعزمكَ لم تزلْ ذات استعارِ
فقد نهضتْ إليكَ بلا احتشامٍ / وقد جسرتْ عليكَ بلا اعتذارِ
وما إن حُم ليث الغابِ إلا / ليوقدَ نارَهُ عندَ الغوارِ
ولفحُ العارضِ الساري دليلٌ / من الغيثِ المُلث على انهمارِ
وما أحمى مزاجكَ غيرَ لطفٍ / لخلقكَ سالبٌ لطفَ العُقارِ
أُهني الملكَ الناص / رَ بالملكِ وبالنصرِ
وما مهد من بنيا / ن دين الحق في مصرِ
وما أَسداهُ مِن برٍ / بلا عدٍ ولا حصرِ
وما أحياهُ من عدلٍ / وما خففَ مِن إصرِ
وإعلاء سَنا السن / ة في بحبوحة القصرِ
قد استولى على مصرٍ / بقح يوسفُ العصرِ
وأحيا سنةَ الإحسا / نِ في البدوِ وفي الحضرِ
قد خطبنا للمستضيء بمصرِ / نائبِ المصطفى إمامِ العصرِ
وخذلنا لنصرة العَضُدِ العا / ضدِ والقاصرَ الذي بالقصرِ
وأَشعنا بها شعارَ بني الع / باسِ فاستبشرتْ وجوهُ النصرِ
ووضَعْنا للمستضيء بأمر ال / له عن أوليائه كل إصرِ
وتركنا الدعي يدعو ثبوراً / وهو بالذل تحت حَجْرٍ وحَصْرِ
وتباهتْ منابرُ الدينِ بالخط / بةِ للهاشمي في أرضِ مصْرِ
وجرى من نَداه دجلةُ بغدا / دَ بشطرٍ ونيلُ مصر بشطرِ
وقد اهتز للهدى كل عِطفِ / مثلما افتر بالمُنى كل ثَغْرِ
فبجدواه زائلٌ كل فقرٍ / وبنعماهُ آهلٌ كل فقرِ
ونداءُ الهدى أَزالَ مِن الأس / ماعِ في كل خطةٍ كل وَقْرِ
نشكرُ اللهَ إذ أَتم لنا النص / رَ ونرجو مزيدَ أَهلِ الشكرِ
ولدينا تضاعفتْ نِعَمُ ال / لهِ وجلتْ عن كل عدٍ وحَصْرِ
فاغتدى الدينُ ثابتَ الركنِ في مص / رَ محوطَ الحمى مصونَ الثغرِ
واستنارتْ عزائمُ الملكِ العا / دلِ نورِ الدينِ الكريم الأغر
وبنو الأَصفرِ القوامصُ منه / بوجوهٍ من المخافةِ صُفرِ
عَرَفَ الحق أهلُ مصْرَ وكانوا / قبلَهُ بين مُنكرٍ ومُقر
هو فتحٌ بكْرٌ ودونَ البرايا / خصنا اللهُ بافتراعِ البكْرِ
وحَصَلُنا بالحمدِ والأَجرِ والنص / رِ وطيبِ الثنا وحُسنِ الذكرِ
ونشرنا أَعلامنا السودَ مَهراً / للعدى الزرقِ بالمنايا الحمرِ
واستعدنا من أدعياءَ حقوقاً / تُدعَى بينهم لزيدٍ وعمرِو
والذي يدعي الإمامةَ بالقا / هرةِ انحط في حضيضِ القهرِ
خانَهُ الدهرُ في مناهُ ولا يط / معُ ذو اللب في وفاءِ الدهرِ
ما يُقامُ الإمامُ إلا بحقٍّ / ما تحازُ الحسناءُ إلا بمهرِ
خلفاءُ الهدى سَراةُ بني الع / باس والطيبونَ أَهلُ الطهرِ
بهمُ الدينُ ظافرٌ مستقيمٌ / ظاهرٌ قوةً قويُ الظهرِ
كشموسِ الضحى كمثلِ بدور ال / تم كالسحبِ كالنجومِ الزهرِ
قد بلغنا بالصبْرِ كل مرادٍ / وبلوغُ المرادِ عُقْبَى الصبْرِ
وتمامُ الحبورِ ما تم من خط / بةِ خيرِ الخلائفِ ابنِ الحَبْر
مَهْبطُ الوحي بيته منزل الذكْ / ر بشفعٍ من المثاني ووِتْرِ
ليس مُثري الرجال مَنْ مَلَك الما / لَ ولكنما أخو اللب مُثْرِ
ولهذا لم ينتفعْ صاحبُ القص / رِ وقد شارفَ الدثُورَ بدثرِ
لسوى نظمِ مدحهِ أَهجرُ النظْ / مَ فما مدحُ غيرهِ غير هُجرِ
وأرتنا له قلائدَ م / نٍ وبرٍ ليست بجيدٍ ونَحْرِ
وبإنعامه تزايدَ شكري / وبتشريفهِ تضاعفَ فخري
كم ثراءٍ وقوةٍ وانشراحٍ / منه في راحتي وقلبي وصدري
وعلي النذورُ في مثلِ ذا اليو / مِ وهذا يومُ الوفاءِ بنَذري
واستهلت بوارقَ الأنعم الغُر / به في حيا الأيادي الغُزرِ
نعشَ الحق بعدَ طولِ عثارٍ / جَبَرَ الحق بعدَ وَهْنٍ وكسرِ
دامَ نصرُ الهدى بملكِ بني الع / باسِ حتى يكونَ يوم الحشرِ
هجرتكمُ لا عن ملالٍ ولا غَدْرِ / ولكن لمقدُورٍ أُتيحَ منَ الأَمرِ
وأَعلمُ أَني مخطىءٌ في فراقكم / وعُذْريَ في ذنبي وذنبيَ في عُذري
أَرى نُوَباً للدهرِ تُحْصى وما أَرى / أَشد من الهجران في نُوب الدهرِ
بعيني إلى لُقْيا سواكمْ غشاوَةٌ / وسمعي إلى نجوى سواكم لذو وَقْرِ
وقَلبي وصَدْري فارقاني لبُعدكم / فلا صدرَ في قلبي ولا قلبَ في صدري
وإني على العهدِ الذي تعهدُونَهُ / وسري لكم سري وجَهْري لكم جهري
تجرعتُ صرْفَ الهم من كأْسِ شوقكمْ / فها أَنا في صَحْوِي نزيفٌ من السكرِ
وإن زماناً ليس يَعْمُرُ موطني / بسُكناكمُ فيه فليس منَ العمرِ
وأقسمُ لو لم يَقسم البينُ بيننا / جوى الهم ما أَمسيتُ مُنْقَسِمَ الفكرِ
أَسيرُ إلى مصرٍ وقلبي أَسيركُمْ / ومن عَجَبٍ أَسري وقلبيَ في أَسْرِ
أَخلاي قد شَط المزارُ فأَرْسلوا ال / خيالَ وزُورُوا في الكرى واربَحُوا أَجْري
تذكرتُ أَحبابي بجلقَ بعدما / ترحلتُ والمشتاقُ يأنَسُ بالذكرِ
أَخلاي فقري في التنائي إليكُمُ / بحق غناكمْ بالتداني ارْحَمُوا فَقْري
وناديتُ صبري مستغيثاً فلم يجبْ / فأسبلْتُ دمعي للبكاء على صبري
ولما قصدْنا من دمشقَ غباغباً / وبتنا من الشوقِ الممض على الجمرِ
نزلنا برأْسِ الماءِ عند وداعنا / مواردَ منْ ماءِ الدموعِ التي تجري
نزلنا بصحراءِ الفَقيعِ وغُودِرَتْ / فواقعُ من فيضِ المدامعِ في الغُدرِ
ونهنهتُ بالفَوارِ فَوْرَ مدامعي / ففاضتْ وباحتْ بالمكتم من سري
سرينا إلى الزرقاءِ منها ومن يُصبْ / أُواماً يَسرْ حتى يرى الوِرْدَ أَو يَسْرِ
أَعادَتْكِ يا زرقاءُ حمراءَ أَدمعي / فقد مزجتْ زُرْقَ المواردِ بالحُمْرِ
وسُودُ هُمومي سودَتْ بيض أَزْمُني / فيومي بلا نُورٍ وليلي بلا فجرِ
أَيا ليلُ زِدْ ما شئتَ طولاً وظلمةً / فقد أَذْهَبَتْ منكَ السنا ظلمةُ الهَجْرِ
تذكرتُ حَمامَ القُصَيرِ وأَهلَهُ / وقد جُزْتُ بالحمام في البلدِ القفرِ
وبالقريتين القريتين وأين من / مغاني الغواني منزل الأُدم والعفر
وردنا من الزيتونِ حسْمَى وأيلة / ولم نسترحْ حتى صدَرْنا إلى صدْرِ
غَشينا الغَواشي وهي يابسةُ الثرى / بعيدةُ عَهْدِ القُطرِ بالعَهْد والقَطْرِ
وضن علينا بالندى ثَمَدُ الحَصَى / ومن يرتجي رِياً من الثمدِ النزْرِ
فقلتُ اشرحي يا لخمْسِ صدراً مطيتي / بصدرٍ وإلا جادكِ النيلُ للعِشْر
رأَينا بها عينَ المواساة أَننا / إلى عين موسى نبذلُ الزادَ للسفْرِ
وما جسرتْ عيني على فيضِ عبرةٍ / أكفكفُها حتى عَبَرنا على الجسْرِ
وملتُ إلى أرضِ السديرِ وجَنةٍ / هنالكَ من طلحٍ نضيدٍ ومن سدْرِ
وجُبْنا الفلا حتى أَتَينا مباركاً / على بركة الجُب المُبشرِ بالقَصْرِ
ولما بدا الفسطاطُ بشرْتُ ناقتي / بمن يَتَلقى الوفدَ بالوَفْرِ والبشْرِ
ولم أنس يومَ البين بالمَرْح نَشْرنا / مطاويَ سرٍ في الهوى أَرج النشْرِ
وقد أَقبلتْ نُعْمٌ وأَترابُها كما / تطلعَ بَدْرُ التم في الأَنجمِ الزهرِ
وقفنا وحادينا يحث وناقتي / تزم ولاحينا لمُغرمنا مُغَرِ
وكل بنانٍ فوقَ سِنٍ لَنادم / وكل يدٍ فوقَ التريبةِ والنحرِ
وبيعَ فؤادي في مناداةِ شوقهم / فسِمتهم أنْ يأخذوا الروحَ بالسعْرِ
بكت أُم عمرٍو من وشيكِ ترحلي / فيا خجْلتا من أُم عمرٍو ومنْ عمرو
تقولُ إلى مصرٍ يسيرُ تعجباً / وماذا الذي تبغي ومن لكَ في مصر
تُبَددُ في سَهْلٍ من العيشِ شملنا / وتنظمُ سلْكَ العيشِ في المَسْلَكِ الوَعْرِ
فقلْ أَيما عُرْفٍ حداكَ على النوى / ومن ضَلةٍ أَنْ تطلبَ العُرْفَ بالنكرِ
ومَنْ فارقَ الأَحبابَ مستبدلاً بهم / سواهم فقد باعَ المرابحَ بالخُسْرِ
فقلتُ ملاذي الناصرُ الملكُ الذي / حصلتُ بجدواه على المُلْكِ والنصرِ
فقالتْ أَقمْ لا تعدم الخيرَ عندنا / فقلت وهل تُغني السواقي عن البحرِ
فقالتْ صلاح الدينِ قلتُ هو الذي / به صارَ فضلي عاليَ الحظ والقَدْرِ
ثقي برجوعٍ يضمنُ اللهُ نُجحَهُ / ولا تَقْنَطِي أَنْ نُبْدِلَ العُسرَ باليسرِ
وإِن صلاحَ الدينِ إنْ راحَ مُعْدِمٌ / إليه غَدا من فَيْضِ نائلهِ مُثري
نَعز بأَفضالِ العزيزِ وفضلهِ / ونَحْسبُ نفعاً كل ما مَن من ضُر
عطيتُهُ قد ضاعفتْ منةَ الرجا / ومنتُهُ قد أَضعفتْ منةَ الشكرِ
وماذا يحد المدح منه فإنما / مناقبُهُ جَلتْ عن الحد والحَصْرِ
تحدرَ بالفوارِ دمعي على الفَوْرِ / فقلتُ لجيراني أَجيروا من الجورِ
وأَصعبُ ما لاقيتُ أَني قانعٌ / من الطيفِ مُذْ بنتمْ بزورٍ من الزورِ
قيلَ في مصرَ نائلٌ عدَدَ الرم / لِ ووفْرٌ كنيلها الموفورِ
فاغتررْنا بها وسرْنا إليها / ووقعنا كما ترى في الغرورِ
وحظينا بالرملِ والسيرِ فيه / ومنعنا مِن نيلها الميسور
وبرزنا إلى المبرز نشكو / سدراً من نزولنا بالسديرِ
وعددنا في الرعاعِ فلا في ال / عير ندعى ولا في النفيرِ
قيلَ لي سِرْ إلى الجهادِ وماذا / بالغٌ في الجهادِ جهدَ مسيري
ليس يقوَى في الجيشِ جأْشي ولا قو / سي يُرى موتُوراً إلى موتورِ
أَنا للكُتبِ لا للكتائبِ إِقدا / مي وللصحْفِ لا الصفاح حضوري
كاد فضلي يضيعُ لولا اهتمامُ ال / فاضلِ الفائضِ الندي بأُموري
وأَنا منه في ملابسِ جاهٍ / رافلاً منه في حبيرِ حُبورِ
فهو رَقى من الحضيضِ حظوظي / وسما بي إلى سريرِ السرورِ
يا ملكاً أَيامُهُ لمْ تَزَلْ / يفصلهِ فاضلة فاخره
غاصتْ بحارُ الجودِ مُذْ غُيبَتْ / أَنْملُكَ الفائضةُ الزاخرهْ
ملكتَ دنياكَ وخَلفْتَها / وسِرْتَ حتى تملكَ الآخرهْ
ما صورةٌ ما مثلُها صُورَهْ / كأنها في العُمقِ مطمورَهْ
تُمطرُ للري ومن ذا رأَى / مطمورةً للري ممطورَهْ
منكوحةٌ ما لم تَضَعْ حملَها / مسدودةُ الأنفاسِ محصورَهْ
محرورةُ القلبِ ولكنها / مضروبةٌ بالبَرْدِ مقرورَهْ
كأنما النارُ بأحشائها / على اشتداد البردِ مسجورَه
تَظَل مُلْقاة على رأْسها / خمارةٌ تُحْسَبُ مخمورَهْ
مُعارَةُ الهامةِ من غيرِها / قصيرةُ القامةِ ممكورَهْ
كأنها رأْسٌ بلا جُثةٍ / موصولةٍ إنْ شئتَ مبتورَهْ
كهامةٍ صلْعاءَ محلوقةٍ / ما استعملتْ مُوسَى ولا نُورَهْ
زامرةٌ في فمها زمرُها / وهيَ بغيرِ الزمْرِ مشهورَهْ
دَوارةٌ إنْ أَنتَ أَرسلْتَها / مهتوكةُ الأَستارِ مستورَه
مَنْ فَضها تبصقُ في وجههِ / كأنها بالفُحشِ مأمورَهْ
تورِثُ تعبيساً لمن باسَها / وهيَ على ذلكَ مشكورَهْ
معسولةٌ ريقتُها مُزةٌ / وهي على اللذةِ مقصورَهْ
وهي على ما هيَ في إثْرِهِ / مَرْسَلةٌ بالهَضْم منصورَهْ
إن عُقلت قرت وإن أُنشطتْ / فَرتْ وثارتْ مثلَ مذعورَهْ
كم عسلٍ ذاقتْ وكم سُكرٍ / وأَنعُمٍ ليستْ بمكفورَهْ
ملمومةٌ من صخرةٍ صَلْدَةٍ / فاجرةٌ بالماءِ مفجورَهْ
من الصفا جسمٌ ولكنْ ترى / على صَفاءِ الماءِ تامورَهْ
فيا حليفَ المأثُرات التي / أَضحتْ لأَهلِ الفضلِ مشهورَهْ
أَنعمْ وعجل حَل إشكالها / فهيَ لدى فضلك مأْسورَهْ
لهفي على مَنْ كانَ صبحي وجهُهُ / فعدمتُ حينَ عدمتُهُ أنوارَهُ
سكنَ الترابَ وغاضَ ماءُ حياتهِ / مُذْ أَطفأَتْ ريحُ المنيةِ نارَهُ
الدينُ في ظُلَمٍ لغيبةِ نُورهِ / والدهرُ في غَمٍ لفقدِ أَميرِهِ
فليندُبِ الإسلامُ حامي أَهلهِ / والشامُ حافظُ مُلكهِ وثغورِهِ
ما أَعظمَ المقدارَ في أَخطاره / إذ كان هذا الخطبُ في مقدورِهِ
ما أكثرَ المتأسفينَ لفقدِ مَنْ / قَرتْ نواظرهم بفقدِ نظيرِهِ
ما أَعوَصَ الإنسانَ في نسيانه / أَوَما كفاهُ الموتُ في تذكيرِهِ
مَنْ للمساجدِ والمدارسِ بانياً / للهِ طوعاً عن خلوصِ ضميرِهِ
من ينصرُ الإسلامَ في غزواتهِ / فلقد أُصيبَ بركنهِ وظهيرِهِ
مَنْ للفرنج من لأَسرِ ملوكها / من للهُدى يبغي فكاكَ أَسيرِهِ
من للخُطوبِ مُذللاً لجماحها / من للزمانِ مُسَهلاً لوعورِهِ
مَنْ كاشفٌ للمعضلاتِ برأيهِ / مَنْ مشرقٌ في الداجيات بنورِهِ
مَنْ للكريمِ ومَنْ لنعشِ عثارِهِ / من لليتيمِ ومن لجبرِ كسيرِهِ
مَنْ للبلادِ ومَنْ لنصرِ جيوشها / من للجهادِ ومن لحفظِ أُمورِهِ
منْ للفتوحِ محاولاً أبكارَها / برواحهِ في غَزْوهِ وبُكورِهِ
مَنْ للعُلى وعُهودها مَنْ للندى / ووفودهِ مَنْ للحِجا ووفورِهِ
ما كنتُ أَحسبُ نورَ دينِ محمدٍ / يخبو وليلُ الشركِ في ديجورِهِ
أَعزِزْ علي بليثِ غابٍ للهدى / يخلو الشرى من زورهِ وزئيرِهِ
أَعزِزْ علي بانْ أَراهُ مغيباً / عن محفلٍ مُتَشرفٍ بحضورِهِ
لهفي على تلكَ الأَناملِ إنها / مُذ غيبت غاض الندى ببحورِهِ
ولقد أَتى منْ كنتَ تجري رسمَهُ / فضعِ العلامةَ منكَ في منشورِهِ
ولقد أَتى مَنْ كنتَ تكشفُ كربَهُ / فارفعْ ظلامتَهُ بنصرِ عشيرِهِ
ولقد أتى مَنْ كنتَ تُؤمنُ سربَهُ / وقعْ له بالأَمنِ مِنْ محذورِهِ
ولقد أَتى مَنْ كنتَ تُؤثرُ قربَهُ / فأَدمْ له التقريبَ في تقريرِهِ
والجيشُ قد ركبَ الغداةَ لعرضهِ / فاركبْ لتُبْصِرَه أَوان عبورِهِ
أَنتَ الذي أَحييتَ شرعَ محمدٍ / وقضيتَ بعدَ وفاتهِ بنُشورِهِ
كم قد أَقمتَ من الشريعةِ مَعْلَماً / هو منذ غبتَ مُعَرضٌ لدُثورِهِ
كم قد أَمرتَ بحفرِ خندقِ معقلٍ / حتى سكنتَ اللحد في محفورِهِ
كم قيصرٍ للرومِ رُمْتَ بقسرهِ / إرواءَ بيضِ الهندِ من تامورِهِ
أُوتيتَ فتحَ حصونهِ وملكتَ عُقْ / رَ بلادهِ وسبيتَ أَهل قصورِهِ
أَزَهِدْتَ في دارِ الفناءِ وأَهلها / ورغبت في الخُلْدِ المقيمِ وحورِهِ
أَو ما وعدتَ القدس أَنك منجزٌ / ميعادَهُ في فتحهِ وظهورِهِ
فمتى تجير القدس من دَنَسِ العدا / وتقدس الرحمن في تطهيرِهِ
يا حاملينَ سريرَهُ مهلاً فمنْ / عَجَبٍ نهوضكم بحملِ ثَبيرِهِ
يا عابرينَ بنعشهِ أَنشقتُمُ / من صالحِ الأَعمالِ نشرَ عبيرِهِ
نزلتْ ملائكةُ السماءِ لدفنهِ / مستجمعينَ على شفيرِ حفيرِهِ
ومنَ الجفاءِ له مُقامي بعدهُ / هَلا وفيتُ وسرتُ عندَ مسيرِهِ
حَياكَ معتلُ الصبا بنسيمهِ / وسقاكَ مُنهل الحيا بدُرورِهِ
ولبستَ رضوانَ المهيمنِ ساحباً / أَذيالَ سنْدسِ خزهِ وحريرِهِ
وسكنتَ عليينَ في فردوسهِ / حلْفَ المسرةِ ظافراً بأَجورِهِ
تذاكرَ من ورادِ مصرَ عصابةٌ / حديثَ فتىً طابَ الندي بذكرِهِ
وقالوا رأَينا فاضلاً ذا نباهةٍ / أَديباً يفوقُ الفاضلينَ بفخرِهِ
يدينُ حبيب والوليد لنظمه / ويحمدُهُ عبدُ الحميدِ لنثرِهِ
ولو عاشَ قسٌ في زمانِ بيانهِ / لكان مشيداً في البيانِ بشكرِهِ
فضائلُهُ كالشمسِ نوراً ولم تزلْ / مناقبُهُ في الدهرِ أَعدادَ زهرِهِ
بيانٌ هو السحرُ الحلالُ وإننا / نَرَى معجزاً من فضلهِ حل سحرِهِ
ذوو الفضلِ هم عند الحقيقةِ أَبحرٌ / ولكنهم أَضحوا جداولَ بحرِهِ
يضوعُ مهب الحمدِ من عرفِ عرفهِ / وتأرَجُ أَرجاءُ الرجاءِ بنشرِهِ
فقلتُ لهم هذا الذي تصفونَهُ / أَبو اليُمنِ تاجُ الدينِ أَوْجَهُ عصرِهِ
أُعيذُكمُ أَنْ تغفلوا عن أُموره / وأَنْ تتركوهُ نُهبةً لمغيرِهِ
عفا اللهُ عنكم قد عفا رسمُ وُدكم / خلعتم على عهدي دِثارَ دثورِهِ
بما بيننا يا صاحبي من مودةٍ / وفاءَكَ إني قانعٌ بيسرِهِ
وهذا أَوان النصح إنْ كنتَ ناصحاً / أَخاً فقبيحٌ تركُهُ بغرورِهِ
وإني أَرى الأريَ المَشورَ مَشورةً / حَلَتْ موقعاً عند امرىءٍ من مُشيرِهِ
تَحمَلْتُ عبءَ الوجدِ غيرَ مُطيقهِ / وعَلمتُ صبرَ القلبِ غيرَ صَبورِهِ
صِلوا مَن قضى من وحشةِ البينِ نحبَهُ / ونَشرُ مطاوي أُنسهِ في نُشورِهِ
رعى اللهُ نجداً إذ شكرنا بقربكم / قصارَ ليلاي العيشِ بينَ قصورِهِ
وإذْ راقتِ الأَبصارُ حُسنى حسانهِ / وأَطربتِ الأَسماع نجوى سميرِهِ
وإذ بُكرات الروضِ أَلسنةُ الصبا / تعبرُ في أَنفاسها عن عبيرِهِ
وإذ تكتب الأَنداء في شجراتهِ / وأَوراقها إملاءَ وُرقِ طيورِهِ
أَيا نجد حياك الحيا بأَحبتي / بهم كنت كالفردوسِ زين نحورِهِ
وما طابَ عَرف الريح إلا لأَنه / أَصابَ عَبيراً منك عند عبورِهِ
ومُطْلَقَةٍ لما رأَتنيَ موثقاً / أَعِنةَ دمعٍ أُنزِعَتْ من غديرِهِ
تُناشدني باللهِ مَن لي ومَنْ ترى / يقوم لبيتٍ شدته بأُمورِهِ
فقلتُ لها باللهِ عودي فإنما / هو الكافلُ الكافي بجبرِ كسيرِهِ
هو الفلكُ الدوارُ لكن على الورى / مقدرةٌ أَحداثُهُ من مديرِهِ
عذريَ أَضحى عاذلي في خُطوبهِ / فيا مَنْ عذيرُ المُبتلى من عذيرِه
يُجرعني من كأْسهِ صرْفَ صرْفهِ / فعيشٌ مريرٌ ذوقُهُ في مُرورِهِ
ولستُ أَرى عاماً من العمرِ ينقضي / حميداً ولم أَفرحْ بمر شُهورِه
لحى اللهُ دهراً ضاقَ بي إذ وَسِعتُه / بفضلي كما ضاقتْ صدورُ صدورِهِ
فلم أرَ فيها واحداً غيرَ واعدٍ / يخيلُ لي زَوْرَ الخيالِ بزُورِهِ
وما كنتُ أَدري أَن فضلي ناقصي / وأَن ظلامَ الحظ من فيضِ نورِهِ
كذلك طولُ الليلِ من ذي صبابةٍ / يُخبرهُ عن عيشهِ بقصورِهِ
وما كنتُ أَدري أَن عقليَ عاقلي / وأَن سراري حادثٌ من سُفورِه
وكان كتابُ الفضلِ باسمي مُعنوناً / فحاولَ حَظي مَحوَهُ من سطورِهِ
فيا ليتَ فضلي ألآسري قد عَدِمتهُ / فأَضحى فداءً في فكاكِ أَسيرِهِ
أَرى الفضلَ معتادٌ له خَسفُ أَهلهِ / كما الأُفق معتادٌ خسوفُ بدورِهِ
أَقولُ لعزمي إن للمجدِ منهجاً / سهول الأَماني في سلوكِ وعورِهِ
فَهونْ عليكَ الصعبَ فيه فإنما / بأَخطارهِ تَحظَى بوصلِ خطيرِهِ
ومالي يا فكري سواكَ مُظاهرٌ / وقد يستعينُ المبتلى بظهيرهِ
فخل مغنىً خاضَ في غمراتهِ / وحسبكَ معنىً خضت لي في بحورِهِ
وكنْ لي سفيرَ الخيرِ تسفرْ مطالبي / فحظ الفتى إسفارُهُ بسفيرِهِ
وقُلْ للذي في الجدبِ أَطلقَ جَدهُ / سبيلَ الحيا حتى همَى بدرورِهِ
لماذا حبستمْ مخلصاً في ولائكم / وما اللهُ ملقي مؤمنٍ في سعيرِهِ
وكم فَدْفَدٍ جاوزتُ أَجوازَهُ سُرىً / كأَني وِشاحٌ جائلٌ في خصورِهِ
بمهريةٍ تحكي بكفي زمامَها / وأَحكي لكد السيرِ بعضَ سيورِهِ
وخاطبَ أَبكارَ الفدافدِ جاعلٌ / بكَارَ المهاري في السرى من مهورِهِ
وإن رجاءً بالإمامِ أَنوطُهُ / حقيقٌ بآمالي ابتسامُ ثغورِهِ
تقر بعلياهُ الخلافةُ عينها / فناظرُها لم يكتحلْ بنظيرِهِ
أَرى اللهَ أَعطى يوسفاً حسنَ يوسفٍ / ومكنَهُ في العالمينَ لخيرِهِ
برتني صروفُ الحادثاتِ فآوِني / تضعْ منيَ الإنعام عند شكورِهِ
كذا القلمُ المبري آوتْهُ أَنملٌ / فقامَ يؤدي شكرَها بصريرِهِ
وما زهَرٌ هامي الربابِ يحوكُهُ / تعمم هامات الربى بحريرهِ
كأَن سقيطَ الطل في صفحاتهِ / سحيراً نظيمَ الدر بينَ نثيرهِ
يقابلُ منه النرجسُ الوردَ مثلما / رأَتْ وجنةَ المعشوقِ عينُ غيورِهِ
وللوردِ خدٌّ بالبنفسجِ معذرٌ / ونرجسهُ طرفٌ رَنا بفتورِهِ
بأَبهجَ من شعرٍ مدحتكُمُ به / ومعناكُمُ مستودعٌ في ضميرِهِ
وما حق هذا الشعرِ لا لجريرهِ / وقد سارَ في الآفاقِ جيشُ جريرهِ
لا راحةَ في العيشِ سوى أَنْ أَغْزُو / سيفي طَرَباً إلى الطلَى يَهْتز
في ذُل ذوي الكفرِ يكونُ العز / والقُدرةُ في غيرِ جهادٍ عَجْزُ
شادنٌ كالقضيبِ لدْنُ المهزه / سلبتْ مقلتاهُ قلبي بغُمزَهْ
كلما رُمْتُ وصلَه رامَ هجري / وإذا زدتُ ذلة زادَ عزهْ
للصبا من عِذاره نسجُ حُسْنٍ / رقمَ المسْكُ في الشقائقِ طرزَهْ
وعزيزٌ علي أن اصطباري / فيه قد عزهُ الغرامُ وبزهْ
ما رأَى ما رأيتُ مجنونُ ليلى / في هواهُ ولا كُثيرُ عَزهْ
ما ذكرنا الفسطاطَ إلا نسينا / ما رأَينا بالنيربينِ والأرْزَهْ
فمها الجيزةِ الجوازي لها المي / زةُ حسناً على ظِباءِ المزهْ
ونصيري عليه نائلُ عز ال / دين ذي الفضل خلدَ اللهُ عزهْ
فَرغَ الكنزَ من ذخائرَ مالٍ / مالئاً من نفائسِ الحمدِ كنزَهْ
همةٌ مستهامة بالمعالي / للدنايا أَبيةٌ مُشْمئزهْ
سلطتِ المطلَ على نجازها / وضيعتْ حقي في مجازها
وِصالُها من الحياةِ مُنيتي / مَن ليَ بالفُرصةِ في انتهازِها
وجنتُها الوردةُ في احمرارها / وقدها البانةُ في إهتزازِها
شمسُ الضحى في الحسنِ لم تُضاهها / بدرُ الدجى في التِم لم يوازِها
أَعطاهُ رب العالمينَ دولةً / عزةُ أَهلِ الدينِ في إعزازِها
حازَ العُلى ببأْسهِ وجودهِ / وهو أَحق الخلقِ باحتيازِها
بجدهِ أَفنى كنوزاً فَنيَ ال / ملوكُ في الجد على اكتنازِها
مهلكُ أَهلِ الشركِ طراً روحها / أرمنها إفرنجها إنجازها
تفاخرَ الإسلامُ من سلطانه / تفاخرَ الفرسِ بأَبراوازها
تَهَن من فتحِ عزازٍ نصرةً / أوقعت العداةَ في اعتزازِها
واليومَ ذلتْ حَلبٌ فإنها / كانت تنالُ العز من عزازِها
وحلبٌ تنفي كمُشُتكينها / كما انتفتْ بغدادُ عن قيمازِها
بَرَزْتَ في نصرِ الهُدى بحجةٍ / وضوحُ نهج الحق في إبرازِها
كم حاملٍ للرمحِ عادَ مبدياً / عَجْزَ عجوزِ الحي عن عكازِها
ارفعْ حظوظي من حضيضِ نقصها / وعد عن هُمازها لُمازِها
والشعرُ لابد له من باعثٍ / كحاجةِ الخيلِ إلى مهمازِها
استوحشَ القلبُ مذ غبتم فما أنسا / وأَظلمَ اليومُ مذ بنتم فما شَمسَا
ما طبتُ نفساً ولا استحسنتُ بعدكمُ / شيئاً نفيساً ولا استعذبتُ لي نَفَسا
قلبي وصبري وغمضي والشبابُ وما / أَلفتمُ من نشاطي كلهِ خلسا
وكيف يُصبحُ أَو يُمسي محبكمُ / وشوقكم يتولاهُ صباحَ مسا
عادتْ معاهدكمْ بالجزعِ دراسةً / وإن معهدكمْ في القلبِ ما درسا
وكنتُ أَحدسَ منكم كل داهيةٍ / وما دهانا من الهجرانِ ما حدَسَا
لما هدتْ نارُ شوقي ضيفَ طيفكمُ / قريتُهُ بالكرَى اذرارَ مقتبسا
ورمتُ تأنيسَهُ حتى وهبتُ له / إنسانَ عيني أَفديهِ فما أَنِسا
أَنا الخيالُ نحولاً فالخيالُ إذا / ما زارني كيفَ يلقَى مَنْ بهِ التبسا
لهفي على زمنٍ قضيتُه طَرَباً / إذ لم أكنْ من صروفِ الدهرِ مُحترسا
عسى يعودُ شبابي ناضراً ومتى / أَرجو نضارةَ عودٍ للشبابِ عسى
وشادنٍ يغرسُ الآسادَ ناظرُهُ / فديتُهُ شادناً للأسدِ مُفترسا
في العطْفِ لينٌ وفي أَخلاقهِ شَوَسٌ / يا لينَ عطْفَيْهِ جَنبْ خُلْقَه الشوَسا
إن بَان لبسٌ مضينا لاجئينَ إلى ال / فتَى الحسامِ بنِ لاجينَ بنابلسا
يميتُ أَعداءَه بأْساً ونائلُهُ / يُحيي رجاءَ الذي من نجمهِ أَيسا
ممزق المازق المنسوج عثيره / وقد محا اليوم ليل النقع فانطمسا
لا زلتَ مستوياً فوقَ الحصانِ وفي / حصنِ الحفاظِ ومَنْ عاداكَ منتكسا
قلْ للمليكِ صلاحِ الدينِ أَكرمَ من / يمشي على الأَرضِ أَو مَنْ يركبُ الفَرسا
من بعدِ فتحكَ بيت القدس ل?
يا حبّذا مصرٌ وبرْ
يا حبّذا مصرٌ وبرْ / كَتُها وصدرٌ والعريشُ
فهناكَ أَملاكي الذي / نَ سَمَتْ بعزِّهم العروشُ
أَقسمتُ لا جُزْتُ الكمالَ مودَّةً
أَقسمتُ لا جُزْتُ الكمالَ مودَّةً / إنَّ الذي جازَ الكمال لناقصُ
أَختصُّهُ بالودِّ من دونِ الورى / فله عليهم ميزةٌ وخَصائصُ
صدَقَتْ عقيدتُهُ وعُقدةُ صدقهِ / لمّا تُحَلَّ وسِرُّهُ لي خالصُ
عَزَّ الصديقُ فإنْ قَنَصْتَ صداقةً / صُنْها فإنَّ الأَصدقاءَ قنائصُ
تَفْدِيكَ أَشخاصٌ وجوهُ ودادهم / سَفَرَتْ وأَحداقُ الحقودِ شَواخصُ
هجّرْتُ في ظلِّ السُّكونِ إليهمُ / في الحادثاتِ وكلُّ ظِلٍ قالصُ
أَقرضتهم حُسنَى فجاوزني بها / سوأَى وكلٌّ قارضٌ أو قارصُ
كالماءِ بانَ الظلُّ معكوساً به / فبدتْ مكانَ الرُّوسِ منه أَخامِصُ
قل للثّعالبِ لا تَغُركِ خلوةٌ / في الغابِ لمّا غاب عنه فُرافصُ
سيعودُ في طلبِ الفرائسِ ضيغمٌ / ذو سطوةٍ وستقشعرُّ فرائصُ
كلٌّ لعَقْدِ يمينه لي ناكثٌ / كلٌّ على عَقبِ المودَّةِ ناكص
ولهم عقائدُ ملؤهنَّ حقائدٌ / عُقَدُ النِّفاقِ كأنهنَّ عقائصُ
فرعُ المَعيبِ الأصلِ يحكي أصلَهُ / وله مَعايبُ مثلهُ ونقائصُ
جَهْمٌ مُحيّاه خبيثٌ عِرضُه / لؤماً وعارِصهُ جَهامٌ ناشصُ
أَنتَ الذي أَنجدتَني بنصيحةٍ / إذ صَرْفُ دهري عارقٌ لي واهصُ
ما خبتُ حينَ فحصتُ عن مكنونهِ / ظنّاً ألا إنَّ الصّديقَ لفاحصُ
وأَفاضَ لي سَجْلاً رِشاءُ وفائهِ / كرماً وأَرشيةُ الجميعِ موالصُ
كم غصتُ حتى حزتُ ودَّكَ أَبحراً / ولربّما حازَ اليتيمةَ غائصُ
سأزُمُّ نحوكَ للِّقاءِ قلائصاً / يا خيرَ من زُمّتْ إليه قلائصُ
هل عائدٌ زمنُ الوِصالِ المنْقَضي
هل عائدٌ زمنُ الوِصالِ المنْقَضي / أَم عائدٌ لي في الصبابة ممرضي
لا أَشتكي إلاّ الغرام فإنّهُ / بلوى عليَّ من السّماءِ بها قُضي
لا لاح حالي في الهوى مشهورةٌ / حاولتَ تسليتي وأَنتَ مُحرِّضي
خَفِّضْ عليكَ فما الملامُ بناجعٍ / فيمن يقولُ لكلِّ لاحٍ خَفِّضِ
كان التعرُّضُ لي بنصحكَ نافعي / لو كانَ يمكنُ للسُّلوِّ تعرُّضي
عرَّضت وجدي للسلوِّ ومُتْعبٌ / كتمانُ سِرّ للوُشاةِ معرِّضِ
أَنفقتُ ذُخرَ الصّبرِ من كلفي فهل / من واهبٍ للصّبرِ أَو من مُقرِضِ
أَيبلُّ مضنىً قلبُهُ مُتَهدِّفٌ / لسهامِ رامٍ للّواحظِ مُنبضِ
شغفي بأَغيدَ مُقبلٍ بودادهِ / لمحبِّهِ ويصدُّ صدَّ المعرِضِ
شكوايَ من دَلٍّ يزيدُ مُحَبَّبٍ / وضنايَ من صدٍّ يدوم مُبغّضِ
يا حبّذا ماءُ العُذيبِ وحبذا / بنظافة الغُزرِ العِذابِ تمضمضي
لهفي على زمنِ الشّبابِ فإنّني / بسوى التأَسُّفِ عنه لم أَتعوضِ
نُقضتْ عهودُ الغانياتِ وإنّها / لولا انقضاءُ شبيبتي لم تنقضِ
كان الصِّبا أَضفى الثياب وإنّما / ذهبتْ نضارةُ عيشتي لمّا نُضي
يا حسنَ أَيام الصِّبا وكأَنّها / أَيامُ مولانا الإمامِ المستضي
ذو البهجةِ الزهراءِ يشرقُ نورُها / والطلعةِ الغرّاءِ والوجهِ الوَضي
قَسَمَ السَعادةَ والشقاوَةَ رَبُّنا / في الخلقِ بينَ مُحبِّهِ والمبغضِ
أَضفى ظلالَ العَدْل بعدَ تقلُّصٍ / وبَنَى أَساسَ العدلِ بعدَ تقوُّضِ
فضلَ الخلائفَ والخلائقَ بالتُّقى / والفضلِ والإفضالِ والخلقِ الرَّضي
فانْعَمْ أَميرَ المؤمنينَ بدولةٍ / ما تنتهي وسعادةٍ ما تنقضي
لاتفنِ من فَرَق الفراق الأدمعا
لاتفنِ من فَرَق الفراق الأدمعا / فهي الشُّهودُ على الغرامِ المدَّعَى
واستبقِ صبرَكَ ما اسْتطعتَ فإنّه / عونٌ لقلبِكَ إنْ هُما ثبتا معا
قلبٌ أَصابته العيونُ ولم يزلْ / من مسِّها بالهاجساتِ مروَّعا
ما بالُه قد صدّ عند صدودهم / عنّي ولمّا ودّعوني ودعا
ومن التحيُّرِ أَنّني أَبصرتُهُ / في ظَعْتهم وسأَلتُ عنه الأَضلُعا
أَصبحتْ إذ شيَّعتُهمْ لثلاثةٍ / صبري وغُمضي والفؤاد مُشيِّعا
أَو ما اتَّقيتم حين رُعتمُ سربَهُ / فيه تقيّ الدِّينِ ذاكَ الأَروعا
عمر بن شاهنشاه مَنْ هو عامرٌ / أَركانَ ملكِ الشَّامِ حين تضعضعا
خضعَ العدو بعدَ تَعزُّزٍ / لكم وحقُّ عدوِّكُم أَنْ يخضعا
من معشرٍ غُرٍ يَرَونَ جميعَ ما / لم يبذلوه في السّماحِ مُضيِّعا
في مصرَ واليمنِ اجتلينا منهمُ / في عصرِنا تبعاً ليوسفَ تُبّعا
الحاويان بملكِ مصرَ ومكّةٍ / والشّامِ واليمنِ الحظايا الأَربعا
لما عصى الأَعداءُ بالعاصي جرى / بدمائهم طوعاً سيولاً دُفَّعا
صبٌّ تولى حالتيْهِ في الهوى
صبٌّ تولى حالتيْهِ في الهوى / جلدٌ له عاصٍ ودمعٌ طَيّعُ
ذو ناظرٍ ربعُ الكرى في جفنه / خالٍ وحوضُ الدَّمعِ منه مُترعُ
مولاي شمسَ الدَّولة الملك الذي / شمس السّيادة من سناه تَطْلُعُ
لولا أُرجِّي قربَ عودكَ لم يكن / لي في الحياة لأَجل بعدكَ مطمعُ
قَسَماً ببيتٍ أَمّهُ زُوَّارُهُ / والطائفونَ السّاجدونَ الرُّكّعُ
مالي سواكَ من الحوادثِ ملجأٌ / مالي سواكَ من النوائبِ مفزَعُ
ولأَنتَ فخرُ الدِّين فخري في العُلى / وملاذُ آمالي وركني الأَمنعُ
إلاّ بخدمتكَ المجلة موقعي / واللّه ما للملكِ عندي موقعُ
وبغيرِ قُربكَ كلُّ ما أَرجوهُ من / درِّكَ المَنى متعذّرٌ متمّنعُ
النّصرُ إن أَقبلتَ نحوي مُقبلٌ / واليُمنُ إن أَسرعتَ نحوي مسرعُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025