المجموع : 29
لو كنتُ أُشفقُ من خضيبِ بنانِ
لو كنتُ أُشفقُ من خضيبِ بنانِ / ما زرتُ حيَّكُمُ بغير أمانِ
يا صبوةً دبَّت إلىَّ خديعةً / كالخمر تسرِقُ يقظةَ النشوانِ
اُنظرْ قما غضُّ الجفون بنافع / قلبا يَرى مالا تَرى العينانِ
ولقد محا الشَّيبُ الشبابَ وما محا / عهدَ الهوى معه ولا أَنسانى
فعلمتُ أن الحبَّ فيه غَوايةٌ / مغتالةٌ للشَّيبِ والشُّبّانِ
ما فوق أعجازِ الركابِ رسالةٌ / تُلهى ففيمَ تَحيّةُ الرُّكبانِ
عذرا فلو علموا جواك لساءلوا / غِزلانَ وجرةَ عن غصون البانِ
قُولا لكُثبان العقيقِ تطاولِى / دون الحِمىَ أقدُرْك بالطَّمَحان
وليَنِسِفَنَّ الرملَ زَفرهُ مدنفٍ / إن لم يُعنْهُ الدمع بالهملانِ
عِجل الفريقُ وكلُّ طَرفٍ إِثرَهم / متعثِّر اللحظاتِ بالأظعانِ
وكأنما رُدْناىَ يومَ لقيتُها / بالدمع قد نُسِجا من الأجفان
كلِّفْ رُدْناىَ يومَ لقيتُها / بالدمع قد نُسِجا من ألأجفان
كلِّفْ تجلّدِىَ الذي يسطيعُهُ / هل فيَّ إلاّ قدرةُ الإنسانِ
ولئن فررتُ من الهوى بحُشاشتى / فالحبُّ شرُّ متالف الحيوانِ
يدرى الذي نضح الفؤاد بنَبْله / أن قد رمى كَشحيْهِ حينَ رمانى
لو لم تكن عينى على أطلالهم / عُقِرتْ لما سَفَحتْ بأحمرَ قانى
متأوّلين على الجفون تجنيِّا / فالدمع يُمطرُهم بذى ألوانِ
ولو أنه ماءٌ لقالوا دمعُهُ / رِيقٌ وجفنَا عينِه شَفَتانِ
ظمىء إلى ماء النُّقَيْبِ لأنَّه / وِرْدُ اللَّمَى ومناهلُ الأغصانِ
ولَنِعمَ هينمة النسيم محدّثا / عن طِيبِ ذاك الجيبِ والأردانِ
إن لم يكن سهلُ اللوى وحزونُهُ / وطنى فإنَّ أنيسَه خُلاَّنى
ولو أنهم حلُّوا زرودَ منحتُهُ / كَلَفى وقلتُ الدارُ بالجيرانِ
عُلَقٌ تَلاعبُ بي ورُبَّ لُبانةٍ / شاميَّةٍ شغَفتْ فؤادَ يماني
هل تبلِغنِّي دارَهُمْ مزْمومةٌ / بالشوقِ موقَرةٌ من ألأشجانِ
فعسى أميلُ إلى القِبابِ مناجيا / بضائمرِ ثقلُتْ على الكتمانِ
وأطاردُ المُقلَ اللواتي فتكُها / يُملى عليَّ مَقاتل الفُرسانِ
متجاذبين من الحديث طرائفا / يُصغِى سماعِها النِّضوانِ
كرِّرْ لحاظكَ في الحُدوجِ فبعدها / هيهات أن يتجاور الحيّانِ
من بعد ما أرغمتُ أنفَ رقبيهم / حَنَقا وخُضتُ حميَّة الغَيْرانِ
وطرقتُ أرضَهُمُ وتحتَ سمائها / عدَدَ النجومِ أسنةُ الخُرصانِ
أرضٌ جَداولُها السيوف وعُشبُها / نَبْعٌ وما ركزوا من المُرَّانِ
في معشرٍ عشِقوا الذُّحولَ وآثروا / شُربَ الدماءِ بها على الألبانِ
قومٌ إذا حيَّا الضيوفُ جِفانَهم / ردَّتْ عليهمْ ألسنُ النيرانِ
وإذَا شَواةُ الرأس صوَّحَ نبتُها / فعلى قضاءِ مآربٍ من شانِ
ولتَعَلَمنَّ البيدُ أنَّ جِباهَها / موسومةٌ بالنَّصِّ والوخَدانِ
يُزجَرْنَ أمثالَ القِداحِ ضَوامرا / ويُرَحْنَ أمثالَ القِسىِّ حوانى
أو ينتهينَ إلى جنابٍ ترتعى / فيه الوفودُ منابتَ الإحسانِ
ربُّ المآثرِ والمحامدِ ربُّه / وولىُّ بِكرِ صنيعةٍ وعَوانِ
تلقَى الجبابرةُ المصاعبُ وجهَهُ / بجماجمٍ تحنو على الأذقانِ
متهافتين على الصَّعيد كأنّهم / شِربوا بهيبتِهِ سُلافَ دِنانِ
وطِئُوا سَنابكَ خيله بشفاههم / قُبَلا وجلَّتْ عنهم القَدمانِ
حتى إذا صدَعوا السُّرادقَ أطرقت / تلك اللواحظُ من أغرَّ هِجانِ
قد أيقنتْ قِممُ الملوك بأنه / إن شاء طلَّقها من التيجانِ
خَطْراً أبا قَرْعَى الفِصال مُقاربا / إن القُروم أحقُّ بالخطَرانِ
فذروا الحمى يرعَى به متخمِّطٌ / تُخشَى بوادِرهُ على الأقرانِ
ما بين ساعده الهصورِ محرَّمٌ / فتعرَّضوا لفريسةِ السِّرحانِ
لا مَطعَمٌ لبُغاثِكم في مأزقٍ / حامت عليه كواسر العِقبانِ
للمْجلس الشرقىّ أبعدُ غاية / في يوم مَلحَمةٍ ويومِ رِهانِ
فركابُه ما تَنثنى بأزِمَّةٍ / وجيادُه ما ترعوىِ بِعنانِ
هِمَمٌ كما سرت البروقُ خواطفا / في حاصبٍ أو عارضٍ هتّانِ
وعزائمٌ رُبِيَتْ وأطرافَ القنا / وظُبا السيوفِ وارِضعت بلبانِ
إن الورى لما دعوْه جَمالَهم / حلُّوا من العلياءِ خيرَ مكانِ
وأتتْ به عدنانُ في أحسابها / حتى أقرّ بنو قَحطانِ
مجدٌ أطلَّ على الزمان وأهلِهِ / متقيِّلٌ في ظلِّه الثَّقَلانِ
ومفاخرٌ مشهودةٌ يَقضِى لها / يومَ النفار سواجِعُ الكُهّانِ
من ذا يجاذبه الفخارَ وقد لوى / أطنابَه في يَذبُلٍ وأبانِ
طَلاَّب ثأرِ المجد وهو مدفَّعٌ / بين اللئام مسَفَّه الأعوانِ
لم يرضَ ما سنّ الكرامُ أمامَه / حتى أتى بغرئبٍ ومَعانِ
نسخت فضائُله خِلالَهم التي / نجحوا بها في سالف الأزمانِ
فهي المناقبُ لو تقدّم ذكُرها / تُليتْ مَثانِيهن في القرآنِ
يعطيك ما حَرَم الجوادُ ودِينُه / أن الثراءَ وعُدْمَهُ سِيّانِ
وإذا رجالٌ حصَّنوا أموالَهم / جعَل المواهبَ أوثقَ الخُزّانِ
كم أزمةٍ ضحِكت بها أنواءُهُ / والغيثُ لا يلوِى على طمآنِ
من راحتيه نوافلٌ ومنائحٌ / ومن القلوب مطامعٌ وأماني
فحذارِ أن يطغىَ السؤالُ بطالبٍ / رفدّا فيركبَ غاربَ الطُّوفانِ
وأصَبْتُ قد يَحكى السحابُ نوالَه / لكنَّ ذا ناءٍ وهذا دانِ
وقرنتُه بالبحر يقذِفُ باللُّهَى / ونسيتُ ما فيه من الحَدْثَانِ
وذكرتُ ما في الليثِ من سَطَواتهِ / ولربّما وَلَّى عن الأقرانِ
لا تعدمَ الأزمانُ رأيَك إنه / في ليلها ونهارها القمرانِ
رأىٌ سقىَ اللهُ الخلافةَ صوبَهُ / ورمى بصاعقه ذوى الشَّنآنِ
نُجْحا بنى العباّس إن قناتَكم / هُزَّتْ بأحذقِ ساعدٍ بطعانِ
جَدٌّ أمدّ عديدكم من غِيله / بأشدَّ من أسَد العرين الجانى
يحمى ذمارَكُمُ بغير مساعدٍ / ويحوط سَرحكُمُ بلا أعوانِ
وثباتُه العزم الذليق إذا سطا / وزئيره حُكْمٌ وفصلُ بيانِ
مستلءمٍ بجَنانه وبنانِهِ / واسانهِ مِضرابةٍ مِطعانِ
لما رأى والحزمُ ينفعُ أهلَه / عَوْدَ الخلافةِ ضارباً بجرانِ
والسيفَ لو يَرْكُضْ بكفَّىْ ضاربٍ / والرمحَ لم يَطمحْ بعينِ سنانِ
داوَى عَياءَ الداءِ ساحرُ رفِقهِ / والنَّقْبُ يَشفيهِ هِنَاءُ الهانى
حتى إذا برح الخفاءُ وسفَّهتْ / حِلَم الحليمِ حفيظةُ الغضبانِ
ورأى الهَوادَة مَرَوةً مقروعةً / والسّلم مطعمةَ العدوّ الوانى
نادَى فلبَّاه صهيلُ سوابقٍ / وأطيطُ كلِّ حنِيَّةٍ مِرنانِ
وفوارسٌ يَصلَوْن نيرانَ الوغى / مما تُثيرُ جيادُهم بدخانِ
جنَبوا إلى الأعداءِ كلَّ طِمِرَّةٍ / بُنيت مفاصلُها على شَيطانِ
مثل المَراقبِ تحتهم وهُمُ على / صواتها كالهَضْب من ثَهلان
طلعوا طلوع الشمسِ يغمرُ ضوءُها / هامَ الرُّبَى ومغَابنَ الغِيطانِ
وكأنما سجدتْ قِسِيُّهمُ إلى / لألاء وجهك إذ أتتك حوانىِ
من بعد ما سدّوا الفضاءَ وحرَّموا / نَفَل الربيع به على الغِزلانِ
يتسابقون إلى المنون فكلُّهم / يغَشى الردَى ما عُدّ في الوِلدانِ
وإذا هُم عدِموا مَقاودَ خيلهم / فتلوا لهنَّ ذوائبَ الفُرسانِ
في كلِّ معترَك تُجيلُ كماتُهم / قِدْحا يفوز إذا التقَى الجمَعانِ
فاسئلْ جبالَ الروم لمَّا طوَّقوا / أعناقَها من جَمعهم برِعانِ
ترعَى بها زُهرَ النجوم جيادُهم / ومن السحاب يَرِدنَ في غُدرانِ
فكأنّهم يبغون في فَلك الذُّرَى / أن يأسروا العَيُّوقَ للدَّبَرانِ
تركوا المعاركَ كالمنَاحِرِ من مِنىً / وجماجمَ الأعداء كالقُربانِ
فكأنّما فرَشَ النجيعُ تِلاعَها / ووِهادَها بشقائق النُّعمانِ
فأتاك وفدُ بنى الأُصيفِرِ يرتمى / بهمُ جَناحَا ذِلّةٍ وهوانِ
جنحوا به مستسلمين وطالما / شمَخوا بدينهمُ على الأديانِ
بذلوا الإتاوة عن يدٍ فكأنّهم / عقدوا بذاك الغُرِم عَقْدَ ضَمانِ
في كلِّ يومٍ تستهلُّ منوزَهم / كرماً بعَشرِمِىءٍ من العِقيانِ
وبرزتَ في حُلل الوقارِ بهيبة / فقأتْ عيونَ الكفر بالإيمانِ
وكفاكَ أن قُدتَ الضلالة بالهدى / وجعلت دارَ الحرب دارَ أمانِ
هذا العراق قد انجلت شُبُهاتُه / وصَفا من الأقذاءِ والأدرانِ
إن مّسه نَصبُ الورودِ فإنه / سيُنيخُ من نعماك في أعطانِ
نفَّرت ذُؤبانَ الغضا عن شِربِهِ / فالأَمنُ يَسرحُهُ بلا رُعيانِ
ولَّى أَرَسْلانٌ يُمَسِّح في الحشا / قلبا يشير عليه بالطيرانِ
وهوت بنو أَسَدٍ تَسُلُّ لقاحَها / فتسيل بين الحَزْنِ فالصَّمّانِ
وجرى الغرابُ مع البوارحِ ضائحا / بالبين بين منازل الجَاوانِ
وطوتْ عقيلٌ عَرضَ كلِّ تَنوفَةٍ / بذميلِ ذِعلبةٍ وركِض حِصانِ
بالشام ألَّفَ خوفُ بإسك بينهم / وقلوبُهم شتَّى في الأضغانِ
هيهات لو رِكبوا النعائمَ في الدجى / وأردتَ لاقتنصاهُم النَّسرانِ
وكذا عدوُّك إن نجا جُثمانه / فالقلبُ في قِدِّ المخافةِ عانِ
ما بين مصرَ وبين عزِمك موعدٌ / متوِّقعٌ لوقائه الهرَمانِ
إن صانها بُعدُ المدَى فلمثلها / تقتادُ كلّ نجيبةٍ مِذاعانِ
ماءُ الجداولِ للأكفِّ وإنما / ماء القَليبِ يُنال بالأشطانِ
من كان شرقُ الأرض طوعَ زمامِهِ / لِمَ لا يصرِّف غَربَها بعِنانِ
والجيشُ مَجْرٌ والأوامرُ طاعةٌ / والنصر مرجوٌّ من الرحمنِ
أَلَكم إلى ردِّ الشباب سبيلُ
أَلَكم إلى ردِّ الشباب سبيلُ / أم عندكم لمشيبه تأويلُ
نُورٌ من الشعَراتِ ليتَ افولَه / فيها طلوعٌ والطلوعَ أفولُ
ما كان يشفع لى فجدَّد هِجرةً / فِقدانُهُ لكنّه تعليلُ
يا ليته جَنَبَ الغرامَ وراءه / فيقالَ لا غِرٌّ ولا معذولُ
ها تلك أشجانى كما خلَّفتها / لعبَ الزمانُ بها وليس تحولُ
يقتادُنى البرقُ اليمانِ كأنه / من عند إيماضِ الثغور رسولُ
وكأَنَّ قلبي والمهامهُ بيننا / جىٌّ على وادى العِضاهِ حُلولُ
تُفتِى براقِعُهم وما استفتيتُها / أنّ اللِّحاظَ إذا اختُلسنَ غُلولُ
اُنظر خليلى من قَرَارٍ هل ترى / قَطَنا فطَرفُ العامرىِّ كليلُ
وحلفتُ ما بَصِرى بأصدقَ منكما / نظرا ولكنَّ الغرامَ دليلُ
قالوا الديارُ وقد وقفت فزدانى / بثًّا رسومٌ رثَّةٌ وطلولُ
ونَشِقتُ خفّاقَ النسيم فما شفا / دائى وهل يشفِى العليلَ عليلُ
وكَرعتُ سَلسالَ الغدير وليس ما / بُلّ الشفاهُ به يُبَلُّ غليلُ
يا ضالة الوادى أَحُثّ مطيَّتى / أم عند ظبِيِك في الكناسِ مَقيلُ
عيناه أسلمُ لي ويُعجِبُ ناظرى / مُقَلُ كأن لحاظَهنُّ نُصولُ
مُقَلٌ لغِزلانِ الحِجازِ وسِحرُها / من بابلٍ مستجلَبٌ منقولُ
ولقد طرقتُ البيتَ يُكره ربُّه / والشوقُ ليس يَعيبه التطفيلُ
أيظُنُّ من عَقَر النجائبَ قومُه / أ الدماءَ جميعَها مطلولُ
من دون سفكِ مدامعى ما شئت من / حِلْم ودون دمىِ تغولك غولُ
وأنا امرؤٌ لو مُدَّ من غُلوَائه / نطقى لقيل كلامُه تنزيلُ
لا يطمع العظماءُ في مدحى ولا / طمَعى على أبوابهم معقولُ
ولو استطعتُ لما اغتبقتُ بشَربةٍ / مما يَمُدُّ فُراتُهم والنيلُ
وإذا تأملتُ الرجالَ تفاوتت / قِيَما وميَّز بينها التحصيلُ
بعضٌ همُ غُرر الجيادِ وبعضُهم / بين السنابك والصِّفاقِ حُجولُ
مِثل الِّحُلى دمالجٌ وخلاخلٌ / منه ومنه التاجُ والإكليلُ
لولاهُمُ غرَبتْ شموسُ محاسنٍ / وهوَى ببدر المكرمَات أُفُولُ
تبًّا لهذا الدهر لا مِيزانُه / قِسْطٌ ولا في قَسمه تعديلُ
جَوْرٌ يساوى عالما متعالمٌ / فيه ويُشبِهُ فاضلا مفضولُ
لا درَّ دَرُّ المرء يقطعُ دهرَه / رِخوَ الإزارِ وعزمُه مفلولُ
الَبيدُ تزرعُها المناسمُ وهي لا / تدرى أعرضُ شَوطُها أم طولُ
واليَعْمَلاتُ سياطُها وحذاؤها / نسبٌ نماه شَدقُم وجديلُ
فإذا كمالُ الملكِ سَحّ سحابُهُ / نبتَ الرجاءُ وأثمر المأمولُ
سبقت مواهبُه المديحَ فظنَّ مَن / عجِلتْ إليه أنها بِرطيلُ
عجِلٌ إلى المعروف يَحسبَ أنه / ظلٌّ إذا لم يغتنمه يزول
كثُر الكلامُ به وفي أمثالهم / من قبله أ الكرام قليلُ
وإذا جرى في غايةٍ شهِدت له / أن لا مخلِّقَ في مَداه رسيلُ
ضلَّتْ ركائبُ من يؤمُّ طريقَه / إنّ العلاءَ سبيلهُ مجهولُ
يتوارث المجدَ التليدَ بمعشر / أدنَتْ فروعَهمُ إليه أُصولُ
جازوا على عَنَت الحسودِ فلم يجد / عيبا وماذا في النجوم يقولُ
لهمُ إذا كرمُ الطباعِ هززْتَهُ / نصلٌ وأنت الرونقُ المحلولُ
وإذا انتهى نسبٌ إليك فإنه / فَلَقُ الصباح مع الضُّحى موصولُ
ولقد شددتَ وَثَاقَ كلِّ مُلَّمةٍ / يُلوَى عليها مُبَرمٌ وسحيلُ
وحمَيت أوطانَ الأمور وإنما / كانت غماما بالدماء تسيلُ
وإذا التقت حِلَقُ البِطان فإنما / يكفيك ثَمَّ رسالةٌ ورسولُ
بدلا من القُب العِتاق ضوامرٌ / رُقشُ المتونِ صريرُهن صهيلُ
يَنبُتنَ مثل الروض إلا أنّه / ترعاه أسماعٌ لنا وعقولُ
ومن الصِّفاح البِيض كل صحيفةٍ / لنزاعها بالراحتين صليلُ
سحَبت لكَ الأيامُ ردائها / مَرَحا يدوم بقاؤه ويطولُ
وتتابعت حِججٌ يؤرِّخ عصرَها / عُمرٌ به خُلدُ الزمان كفيلُ
ينتابك النوروز يجنُب إِثَرهُ / أعوامَ سعدٍ كلُّهن صقيلُ
هو خطةٌ همَّ المُصيفُ بقصدها / شوقا ونادى بالشتاء رحيلُ
أخذ الربيعُ زمامه حتى استوى / في عارضيه نبتُه المطلولُ
بك أشرقت إيّامه فكأننا / في عصِر كِسرَى يَزْدَجِرْدَ نُزولُ
ما ضاع من أياّمنا هل يُغرَمُ
ما ضاع من أياّمنا هل يُغرَمُ / هيهات والأزمانُ كيف تقوَّمُ
يومٌ بأرواحٍ يباعُ ويشتَرى / وأخوه ليس يُسامُ فيه دِرهمُ
سيان قلبي في المشيب وفي الصِّبا / لو يستوى شَعرٌ أغرُّ وأسحمُ
لي وقفةٌ في الدار لا رجعت بما / أهوى ولا يأسِى عليها يُقدِمُ
لا تحسب الآثارَ لُعبةَ هازلٍ / نار ادكارِك في المعالم تُضرمُ
أو ما رأيتَ عِمادَها في نؤيها / مثلَ السِّوار يجول فيه المِعصمُ
وكفَاك أنى للنواعبِ عاتبٌ / ولصُمِّ أحجارِ الديار مكلِّم
ومن البلادةِ في الصبابة أنني / مستخبرٌ عنهنَّ من لا يفهمُ
وأنا البليغُ شكا إليها بثَّه / عبثا فما بالُ المطايا تُرزِمُ
كلٌّ كنَى عن شوقِه بلغاتهِ / ولربّما أبكَى الفصيحَ الأعجمُ
ترجُو سُلوَّكَ في رسومٍ بينها ال / أغصانُ سَكرَى والحمامُ متَّيُم
هذى تميلُ إذا تنسَّمت الصَّبا / والوُرق تذكر إلفَها فترَنَّم
فمتى تروع العيسُ غزلانَ النقا / بعصابةٍ سئمَ العواذلُ منهمُ
النُّسكُ عند عفيفهم دينُ الهوى / والنصح عند لبيبهم لا يُفهَمُ
حتّام أرعىَ وردةً لا تُجتنَى / في الخدِّ أو تُفّاحةً لا تُلثمُ
أيُذادُ عن تلك المحاسنِ ناظرى / وتريد مني أن يسَوَّغَها الفمُ
في كلّ يومٍ للعيون وقائعٌ / إنسانُها الطمَّاحُ فيها يُكلَمُ
لو لم تكن جَرْحَى غداةَ لقائهم / ما كان يجرى من مآقيها الدمُ
ولو اقتدرتُ قسمتُها يومَ النوى / عينا تلاحظهم وأخرَى تَسْجُمُ
دع لمحةً إ تستطع عُلَقَ الهوى / فبذاك تعلمُ كيف نام النوَّمُ
ولطالما اعتقب العواذل مسمعى / فزجرنَ منه مُصْعَبا ولا يُخطَمُ
ما كنتُ أولَ من عصاهُ فؤادُه / وجنَى عليه مقَنَّعٌ ومعمَّمُ
لم أدر أنَّ الحبَّ حوَمةُ مأزِقٍ / تُصلىِ ولا أنّ اللواحظَ أسهمُ
أصفُ الأحبّةَ واللسان يقول لي / وصفُ الوزير أبى المعالى أعظمُ
المستجير من المذمَّة بالنَّدَى / والمستجار إذا أظلَّك مَغْرمُ
في كلِّ يوم للمكارم عندَه / سوقٌ عُكاظٌ دونَها والموسِمُ
وكأنّما أموالُه من بَذلها / نَهبٌ بأيدى الغانمين مقسَّمُ
فلو أنها وَجدتْ عليه ناصرا / لرأيتها من كفّهِ تتظلّمُ
أسمعتَ قبلَ يمينه وشماله / بسحائبٍ أو أبحرٍ تتختَّمُ
فيهنَّ من قِصدِ اليراع أراقمٌ / تَقضِى وتَمضِى والقنا يتحطَّمُ
ما هنَّ إلا موردٌ من فوقهِ / طيرُ الرغائبِ والمطالبِ حُوَّمُ
الجِدُّ من عزماتهِ متلقِّنٌ / والمجدُ من أخلاقه متعلِّمُ
متهلّلٌ للوفد يُحسَب أنه / بدرٌ أحاط بجانبيهِ الأنجُمُ
تُثنِى عواذله عليه بعذلهم / ولربّما نشَرَ الثناءَ اللُّوَّمُ
خلعتْ عليه المكرُماتُ ملابسا / ما يزال ينقُشها المديح ويرقُمُ
عِشق المعالىَ فهْو من شغفٍ بها / عند الرقاد بغيرها لا يَحلُمُ
بصوابه في الرأى ثُقِّف القنا / وبعزمه صُقلِ الحسامُ المِخذَمُ
يحمِى بسطوته مسارحَ لحظهِ / فالعزُّ في أبياته مستخدَمُ
وإذا تلمَّح قلت صقرٌ ناظرٌ / وإذا تغاضَى قلت أطرقَ أرقمُ
ثَبْتُ الجَنانِ كأنّما في بُرده / يومَ الزعازع يذبُلٌ ويلَملَمُ
رفَعتْ له هِمّاتُه وزَماعُه / بنيانَ مجدٍ ركنُه لا يُهدَمُ
طَوْلٌ تشرَّد في البلادِ فمنِجدٌ / يَروِى الذي يَرويه آخرُ متهِمُ
لله أنتَ إذا تسلَّبت الرُّبَى / وشكا الأُحاحَ سِماكُها والمِرْزَمُ
لِيرُدَّ مَن جاراك رأسَ طِمِرةٍ / ما كلُّ طِرْفٍ في السّباقِ مطهَّمُ
للمجد أثقالٌ تعِجُّ إفالهُم / منها وينهَزها الفنيقُ المقُرَمُ
حاشاك أن يَثنِى طباعَك في الندى / ثانٍ وينقُضَ من خِلالكَ مُبرِمُ
إن تَصنع الحسنَى فإنك زائدٌ / أو تُسبغ النُّعمَى فأنت متمّمُ
وأنا الذي سيرَّتُ شكرك في الدُّنَى / حتى تلاه مُعرِقٌ أو مُشئمُ
وجلبتُ من بحر الثناءِ لآلئا / في نحرِ ما أو ليتنيه تُنظَّمُ
أوردتُ آمالى غديرَك آمنا / من أن يكون وراءَ شهدٍ عَلقمُ
ورضعتُ ثدىَ نداك من دون الهوى / ثقةً بأنّ رصيعَه لا يُفطَمُ
أهَدى لك النيروزُ في أغصانهِ / زَهرا بأوراقِ العلاء يُكمَّمُ
في كلِّ يومٍ خيلُه وركابُه / جَبَهاتُهنَّ بطيب ذكرك تُوسمُ
لا زالت النَّعماءُ عندك حَلْبُها / ملءُ الإناء وبطنُها لا يُعقَمُ
والدهر مجنوبٌ وراءك كلّما / وأتاك أسعده القضاءُ المبرَمُ
كالنِّقسِ ليلتُه وطِرسٍ يومُهُ / والنُّجحُ يَكتبُ والسعادةُ تختِمُ
هو منزلُ النجوَى بخالي الأعصرِ
هو منزلُ النجوَى بخالي الأعصرِ / فمتى تجاوزْهُ الركائبُ تُعقَرِ
أشتاقُ دارَهُمُ وليس يشوقنى / إلا مجاورةُ الغزال الأحورِ
وأفضِّل الطيفَ المُلمَّ لأنهم / هَجروا وأن طُيوفَهم لم تَهجُرِ
أرضَى بوعدٍ منهُمُ لم يُنتظَرُ / ومن الخيال بزَورةٍ لم تَعبُرِ
لا ماؤهم للمشتكى ظماً ولا / نيرانُهم للقابس المتنوّرِ
أثرَوْا ولم يقضُوا ديونَ غريمهم / واللُّؤمُ كلُّ اللُّوْم مطلُ الموسِرِ
هل ترعون بأنَّةٍ من مدنفٍ / أو تسمحون لمطلبٍ من مُقترِ
أو تتركون من الدموع بقيَّةً / يلقى بها يومَ التفرُّق مَحْجِرى
ما اجتاز بعضكُمُ بأسرابِ المها / إلا اعترفن عليه مقلةَ جُؤذُرِ
يا من تبلَّد بين آثار الحِمَى / يقفو مَعالِمها بعينَىْ مُنِكرِ
أُنشدْ قضيبَ البان بين مُروطهِم / واطلب كثيبَ الرمل تحت المئزرِ
وإذا أردتَ البدرَ فابعث نظرةً / لمطالع بين اللِّوى فمُحَجَّرِ
أتردُّ يا روضَ العقيق ظُلامةً / رُفِعتْ إليك من القِلاصِ الضُّمَّرِ
إياك أن تطأَ اللَّعاع بمَنسمِ / منها وأن ترعَى الجحيمَ بمَشفَرِ
لولا النجاءُ من الرواقِص بالفلا / لم يُفجَع النجدىُّ بالمتغوّرِ
فصَمِمْنَ حتى لاوعت أسماعُها / تَصهالَ رعدٍ في حَبِىٍّ ممطِرِ
وعمِين حتى لا رأت أبصارُها / بَرقا كناصيةِ الحِصان الأشقرِ
إن كنتَ تنظرُ ما أرى فانظر إلى / بانٍ على أكتادِ نَخلٍ موقَرِ
وكأنما رفعوا قبابَهُمُ على / شجرٍ بربَّات الهوادج مثمِر
أممتِّعى وحشَ الفلا بجمالهم / ما ذنْب طرف الهائم المستهترِ
خلَّفتُمُ خِلَّ الصفاء وراءكم / كالميْتِ إلا أنّه لم يُقبرِ
بمدامع لمَّا تَغِضْ ومَكاسرٍ / لم تَنجبر وجرائحٍ لم تُسبَرِ
وإذا العواذلُ أطفأت صبوَاتِه / شبَّت لظاها زفرةُ المتذكِّرِ
اِحذرْ عذارك والعذارُ مغلِّس / فإذا بدا صبحُ المشيبِ فأقصرِ
وَضَحٌ تَجَنَّبَهُ الغوانى خِيفةَ ال / عَدوَى فإن يقرُبْ إليها تنِفُرِ
ما كنت أحسبُ أنَّ سيفَ ذؤابتى / ينبو بترديد الصّقال الأزهرِ
صدأُ النُّصول من الشعور أدلُّ من / لونِ الجلاء على كريم الجوهرِ
أأسير في الليل البهيم فأهتدى / وأَضِلُّ في إدلاجِ ليلٍ مقمرِ
ومدحتَ لي صِبْغَ المشيبِ بأنه / كافورةٌ ونسيتَ صِبْغَ العنبرِ
وإذا الثناءُ على الوزير قَرَنته / بهما أقراَّ للذكىِّ الأعطرِ
فلذى السعادات ابنِ جعفرَ شيمةٌ / من قَرقفٍ صِرفٍ ومِسك أذفرِ
في الأرض سبعةُ أبحرٍ ويمينُه / وشِمالُه تجرى بعشرةِ أبحرِ
وهما سحائبُ ماؤهنّ لُجينُه / وبروقُهن من النضار ألأحمرِ
قسمت أناملُه المواهبَ في الورى / فكأنهم زَجَروا قداحَ الميسرِ
وإذا عِشارُ المال عُذنَ بكفّهِ / فلقد عقَلن نفوسَهنَّ بمَنحَرِ
ومعذَّلٍ أعيَا على عُذَّاله / في الجود قَصُّ جناحِ ريحٍ صرصرِ
وهو السخىُّ وإنما حسدوا اسمَهُ / فدعَوْه فيما بينهم بمبذِّرِ
طلبوا الذي أجرِى إليه فخُيِّبوا / ومن العناء طِلابُ ما لم يُقدَرِ
والأكرمون حَكَوه في أفعاله / فعُزُوا إلى كرمٍ مزوَّرِ
ما زال يبحث عن سرائر وفده / حتى أجاب إلى اسلؤال المضمَرِ
يغزو إليه المقُتِرونَ لعلمهم / أنَّ النوالَ لديه غيرُ مخَفَّرِ
في كلّ يومٍ يُلجِمون لغارةٍ / فسِنُوه غير محرَّماتِ الأشهرِ
مستنشق عِطرَ الثناء بسمعه / ما كلّ طيِّبة تُشَمُّ بمنَخِرِ
متيقِّظٌ فمتى تُصِبه نَفثةٌ / للشكر في عُقَدِ المطامعِ يُسحَرِ
يسعَى ويكدحُ ثم يُتلفُ ما حوى / عاداتُ أروعَ للأنام مسخَّرِ
بالله نُقسمُ أنه لا خيرَ في / حسبٍ ولا نسبٍ لمن لم يُشكَرِ
لو كان مجهولَ المغارس أخبرت / عنه شمائُله بطِيب العُنصُرِ
قد زان مَخبَره بأجملِ مَنظرٍ / وأعان مَنظرَه بأحسن مخَبرِ
ما مَن تتوّج أو تمنطقَ عسجداً / كمطوَّق بالمكرماتِ مسوَّرِ
تحكى أنابيبُ اليراع بكفّه / فعلَ الرماح تخاطرت في سَمهرِ
وكأنها الخطباءُ فوقَ بنانهِ / لكن بلاغُتها كلامُ المنبرِ
لا تَبعدنْ هِممٌ له أُودِعت / عند الكواكب لادّعاها المشترى
وعزائمٌ يَلحُمْن مثلومَ الظُّبا / ويُقِمنَ أصلابَ القنا المتأطِّرِ
إطراقهُ يُخشىَ ويُرهَبُ صَمتُه / والسيفُ محذورٌ وإن لم يُشهَرِ
لولاك ما انتبه الثرىَ بمَناسمٍ / خُلطتْ بطونُ صعيده بالأظهرِ
وسواهمٍ لبنات نعشٍ لحظُها / وخِفافُها تفلى بناتِ الأَوْبرِ
فأتتك أمثالَ السَّعالَىِ زُوّجتْ / أشباحَ رُكبانٍ كجِنَّةِ عَبقَرِ
غصبَوا النجومَ على السُّرَى وتعلَّموا / خوضَ الظلام ومن المطىِّ الزُّوَّرِ
لا ينظرون وِصابَهم وشحوبَهم / إلا بمِرآة الصباح المُسفرِ
لم يلبسوا الأدراع إلا رِيبةً / لا خيفةً من أبيضٍ أو أسمرِ
إن لم يُنيخوا في ذَراك فإننى / لكفيلُ كلِّ مهنّىءٍ ومبشِّرِ
جدِّدْ بنوروز الأعاجم رتبةً / سَمْتَ المجرة أو فويقَ الأنسُرِ
واسَرحْ سَوامَك في رياضِ سعادةٍ / وعميمِ عُشْبٍ بالعلاء منوِّرِ
فإذا ورَدت فماء أعذبِ مَوْرِد / وإذا صدَرتَ فرَوْح أفسحِ مَصدَرِ
أهديتُ من كلِمِى إليك تحيَّةً / غراءَ تسترعى حنينَ المِزهَرِ
ولو ادخرتُ المالَ أو أبقيتُه / يوما أثبتُ بأبيضٍ وبأصفرِ
أكذا يُجازَى ودُّ كلّ قرينِ
أكذا يُجازَى ودُّ كلّ قرينِ / أم هذه شيمُ الظباءِ العِين
قُصًّوا علىَّ حديث من قتَلَ الهوى / إن التأسِّىَ رَوْحُ كلِّ حزينِ
ولئن كتمتم مشفقين فقُدوتى / بمصارع العُذرىِّ والمجنونِ
فوق الركابِ ولا أطيل مشبِّها / بَلْ ثَمَّ شهوةُ أنفسٍ وعيونِ
هُزتَّ قدودُهُمُ وقالت للصَّبا / هُزأً أعند البان مثلُ غصونى
وكأنما نقَلتْ مآزرُهم إلى / جَدَد الحمى الأنقاءَ من يبريَن
ووراء ذياك المقبَّلِ موردٌ / حصباؤه من لؤلؤ مكنونٍ
إِمّا بيوت النحل بين شفاههم / مضمومةً أو حانةُ الزَّرَجونِ
ترمِى بعينيك الفِجاجَ مقلِّبا / ذاتَ الشِّمال بها وذاتَ يمينِ
لو كنتَ زرقاء اليمامة ما رأت / من بارق حيّاً على جَيْروِن
شكواك من ليل النِّمام وإنما / أرَقى بليل ذوائبٍ وقرونِ
ومعنِّف في الوجد قلت له اتئد / فالدمعُ دمعى والحنينُ حنينى
ما نافعي إذا كان ليس بنافعي / جاهُ الصبا وشفاعةُ العشرينِ
لا تُطرِقن خجلا للومةِ لائم / ما أنت أوّلُ حازمٍ مفتونِ
أأسومهم وهم الأجانب طاعةً / وهواى بين جوانحى يُصبينى
دَيْنى على ظَبيَاتهم ما يُقتضَى / فبأىّ حُكْمٍ يقتضون رهونى
وخشِيتُ من قلبي الفِرارَ إليهمُ / حتى لقد طالبتُه بضمينِ
كلَّ النّكال أطيق إلا ذِلّةً / إنَّ العزيزَ عذابُه بالهونِ
يا عينُ مثلُ قَذاكِ رؤيُة معشرٍ / عارٍ على ديناهُمُ والدّينِ
لم يُشبهوا الإنسانَ إلا أنهم / متكوّنون من الحَما المسنونِ
نَجَسُ العيون فإن رأتهم مقلتى / طهَّرتُها فنزحتُ ماءَ جفونى
أنا إن هُمُ الذخائر دونهم / وهُمُ إذا عدّوا الفضائلَ دونى
لا يُشمِت الحسَّادَ أنَّ مطالبي / عادت إلىَّ بصفقةِ المغبونِ
لا يستديرُ البدرُ إلاّ بعد ما / أبصرتُه في الضُّمر كالعُرجونِ
هذا الطريقُ اللَّحْبُ زاجرُ ناقتى / واليمُّ قاذفُ فُلكىَ المشحونِ
فإذا عميدُ الملك حلاَّ ربعه / ظَفِرَا بفال الطائر الميمونِ
مَلكٌ إذا ما العزمُ حثَّ جيادَه / مرِحتْ بأزهرَ شامخِ العِرنينِ
يا عزَّ ما أبصرتُ فوق جبينه / إلا اقتضانى بالسجودِ جبينى
يجلو النواظرَ في نواحى دَسْته / والسرجِ بدرُ دجىً وليثُ عرين
عمَّت فواضلُه البريّةَ فالتقىَ / شكرُ الغنىِّ ودعوةُ المسكينِ
قالوا وقد شنُّوا عليه غارةً / أصِلاتُ جودٍ أم قضاءُ ديونِ
أمّا خزائنُ مالِهِ فمباحةٌ / فاستوهِبوا من علمه المحزونِ
كرمٌ إذا استفتيته فجوابهُ / منْعُ اللُّهَى كالمنع للماعونِ
ما الرزق محتاجا بعرصته إلى / طلبٍ وليس الأجرُ بالممنونِ
لو كان في الزمن القديم تظلَّمت / منه الكنوزُ إلى يدَىْ قارونِ
وإذا امرؤ قعدت به همَّاتُه / خلىَّ سبيلَ رجائِه المسجونِ
أقسمتُ أن ألقىَ المكارمَ عالما / أنِّى برؤيته أبَرُّ يمينى
شهِدتْ علاه أنَّ عنصُرَ ذاتهِ / مِسكٌ وعنصُرَ غيره من طينِ
ساس الأمورَ فليس تُخلَى رغبةٌ / من رهبة وبسالةٌ من لينِ
كالسيف رونقُ أَثْرِهِ في متنهِ / ومضاؤه في حدِّه المسنونِ
قد بانَ عذرُك والخليطُ مودَّعُ
قد بانَ عذرُك والخليطُ مودَّعُ / وهوَى النفوسِ مع الهوادج يُرفعُ
لك حيثما سمت الركائب لفتةٌ / أتُرى البدورُ بكل وادٍ تَطلعُ
لله مطوىٌّ على زفَراتهِ / لم يقضِ من ظمأ ولا هو يَنْقَعُ
قرُبت أمانىُّ النفوس وعندَه / أملٌ تخُبُّ به الركابُ وتوضِعُ
ونأتْ مَطارحُ قلبه عن سمعه / فالعاذلون بهنّ حَسَرى ظُلَّعُ
ما خاف في ظُلَمِ الصبابةِ ضلَّةً / إلا ودلَّتْه البروقُ الُّلمَّعُ
في الظاعنين من الحِمىَ ظبىٌ له ال / أحشاءُ مرعىً والمآقى مَكرَعُ
ممنوعُ أطرافِ الجمال رقيبُه / حذِرٌ عليه والغَيورُ البرقُعُ
عهِدَ الحبائلَ صائداتٍ شِبهَهُ / وارتابَ فهو لكلِّ حبلٍ يقطعُ
لم يدرِ حامِى سِربهِ أنِّى إذا / حُرمَ الكلامُ له لساني الإِصبعُ
وإذا الطُّيوف إلى المضاجعِ أُرسِلت / بتحيةٍ منه فعينى تسمعُ
ويح الألى انتجعوا الغمامَ وعندهم / بين المحاجرِ ديمةٌ ما تُقلعُ
لجؤا إلى عزِّ الخدور وفي الحشا / بيتٌ أعزُّ من الخدور وأمنعُ
هل من قِبابهم اللواتي رفَّعوا / مبنيَّةٌ أطنابهُنَّ الأضلُعُ
لهمُ مَصيفٌ في الفؤاد ولو سُقىِ / ماءَ الوصال لكان فيه مَربَعُ
يا كاسرَ النَّجلاءِ تُرسل نظرةً / خَطفا كلحظ الريمِ وهو مروَّعُ
لسوى أسنّتك المِجنُّ مضاعَفٌ / ولغير أسهمك السوابغُ تُصنَعُ
لي حيلةٌ في كلّ رامٍ مُغرِضٍ / لو أنه في غير قوسك ينزِعُ
أطيِبْ بأطلالِ ألأراك ونفحةٍ / باتت بمسراها الرجالُ تَضَوَّعُ
ومواقفٍ لم ألقَ مَولىً راحما / فيها ولم أظفرَ بخِلٍّ يشفعُ
لولا الذين البيدُ من أوطانهم / ما كان يملِكنى الفضاءُ البلقعُ
آنستُ من أطلالهم ما أوحشوا / وحفِظتُ من أيّامهم ما ضيّعوا
ورضيتُ بالمُهدِى إلىّ نسيمَهم / إن المحب بما تيسَّر يَقنَعُ
ولقد حللتُ حُبَى الظلام بفتيةٍ / ألِفَتْ وجوهَهُم النجومُ الطُّلَّعُ
قَرَوُا الهمومَ جسومَهم ونفوسَهم / وبطونُها بسواهُمُ ما تشبعُ
وسَرَوا بأشباحٍ تَجاوَزها الردى / إذ لم يكن فيها له مستمتَعُ
لاقتْ بهم خُوصُ المهارىَ مثلما / لاقى بأربَعِها الثرى واليَرْمعُ
في حيثُ لا زَجَلُ الحُداة مردَّدٌ / خوفَ الهلاك ولا الحنينُ مرجَّعُ
قلِفَت بهم قلقَ اللديغ كأنما / ظنَّت سياطَهُمُ أراقمَ تلسعُ
فَتل الدُّءوبُ لحومَها بشحومِها / فتشابهت أثباجها والأنسُعُ
متباريات بالنَّجاء كأنما / وضَعت رهونا سُوقُها والأذرعُ
وإلى عميد الدولة اعتسفت بنا / أنضاؤها حتى هناها المريَعُ
من عندَه الظلُّ الظليلُ ومنهلُ ال / عذب المصفَّق والجنابُ المُمرِعُ
والغادياتُ السارياتُ بريقُها / ولِبانُهَا يسقى الرجاءَ ويُرضعُ
ما زال يُفهمنا العلاءُ صنيعَه / حتى علمنا ما الأغرُّ الأروعُ
يخشى سهامَ الذمّ فهو مالما / ومحاربا بنواله يتدرَّعُ
غرسَ الصنائعَ فاجتنى ثمراتِها / شكرا وكلٌّ حاصدٌ ما يزرعُ
عيدانُ مجدٍ لا تلين لغامزٍ / وجبالُ عزٍّ مَرْوُها ما يُقرَعُ
ومناقبٌ يقضىِ لها متعنِّتٌ / في حكمه ويجيزها متتبِّعُ
كم أزمةٍ خَرِسَتْ رواعدُ سُحبها / وسحابةٍ فيها خطيبٌ مِصقَعُ
وإذا المطالبُ باللئام تعثَّرت / ظلّت مواهبُه بهنّ تُدَعدِعُ
تِبعوا مساعَيهُ فلمّا أبصروا / بُعدَ المسافة أفردوه وودَّعوا
إنّ المعالىَ صعبةٌ لا تُمتطَى / والمأُثَراتُ ثنيَّةٌ ما تُطلَعُ
يقِف الثناءُ عليه وقفةَ حائرٍ / ممّا تسُنُّ له يداه وتشَرَعُ
إن قصَّرت مُدّاحه عن وصفه / فعجائب البحرين ما لا تُجمعُ
قلِقُ اللواحظ أو تقرَّ بزائرٍ / كالمضرحىِّ لصيده يتوقَّعُ
فهناك أبلجُ ما وراء لثامهِ / ملأنُ من ماء البشاشةِ مُترَعُ
هو قِبلةُ المجد التي ما مِلَّةٌ / إلا وتسجُدُ نحوها أو تركَعُ
تتناسب الأهواءُ في تفضيله / والقولُ في أديانها يتنوّعُ
عِلماً بأنّ الشمس ما في عينها / رمَدٌ ولا ثوبُ السماء مرقَّعُ
يا دهرُ لا تَعِرضْ لمن آراؤه / في مَفِصل الجُلَّى تَحُزُّ وتَقطعُ
لطُفَت وجلَّ فعالها ولطالما / نزحَ النجيعَ من العروق المِبْضَعُ
وله عزائمُ ضاق عنها ذَرعُه / كالسيل غصَّ به الطريقُ المَهيعُ
شوسٌ إذا استدعتْ أنابيبَ القنا / أبصرتَها من سُرعة تتزعزعُ
إياك تنِحتُ في جوانبِ كُدْيةِ / بالحارشِينَ ضِبابُها لا تُخدعُ
أنسيتَ إذ قارعتَه عن مجده / فرجعتَ مفلولا وأنفُك أجدعُ
أيّامَ جاهدَ في أبيه بهمّةٍ / هجعَ الظلام وعينُها ما تهجَع
حتى اطمأنَّ من الوزارة نافرٌ / وثُنى إليه لِيتُها والأَخدعُ
واستُرجِعتْ عذراءَ لم يَنعَمْ بها / بعلٌ كما ارتَجع الوديعةَ مودِعُ
ومشى أمام جيادهِ مستقبِلا / من كان أمسِ وراءَ هن يُشيِّعُ
بالرفق تنحطُّ الوعولُ من الذُّرى / ويصاد يَربرعُ الفلا المتقطِّعُ
هذا أميرُ المؤمنين وظنّه / بالغيبِ مِرآةٌ تضىء وتلمعُ
لما تنّسم من شمائِل عِطْفهِ / ارجَ الكفاية فائحا يتضوّعُ
ناجاه بالوادي المقدّس نابذا / كَلِماً تلين لها القلوبُ وتخشعُ
ومساه من حُلل الدِّمَقْسِ جلابيا / كالروض بل منه أغضُّ وأنصعُ
فكأنها نُسجَت بجِنَّةِ عبقرٍ / أو ظلَّ يرقُمها الربيعُ ويطبَعُ
لو أنها دِمَنٌ أقامت بينها / وُرْقُ الحمائم تستهِلُّ وتسجَعُ
إن أُكملتْ حسنا فقد زُرَّت على / جسدٍ يكلَّل بالعلا ويرصَّعُ
وأعاضه من تاج فارسَ عِمةً / إذ عنده تاجُ الأعارب أرفعُ
كالليل إلا أها قد طُرِّزت / شفَقا على أفاقها يتشعشعُ
ما اشرقُ الألوان إلا سُودُها / ولأجل ذا لونُ الشبيبة أسفعُ
أمثالُها فوق الرؤوس وهذه / فوق الرزانةِ والحصانة توضعُ
وحباه من قُبّ العتاقِ بضامرٍ / كالذئب زعزعَ مَنِكبيْه مَطمَعُ
لا تُثبِت العينانِ أين مقرُّهُ / في الأرض لولا نقعُه المترفِّعُ
يقظانُ تحسَب سَرجَه ولجامَه / في لُجّة أمواجُها تتدفَّعُ
يخطو فيختصر البعيدَ من المَدى / بقوائم مثلِ البليغ تُوقِّعُ
بالسبق منفردٌ بلَى في مَتنه / منه إلى طُرُق المعالى أسرعُ
إِن الخليفةَ للزمان وأهلِهِ / طَودٌ من الحَدَثانِ لا يتضعضَعُ
هو في الدجى بدرٌ ينير وفي الضحى / شمسٌ لها في كل أفْقٍ مطلعُ
وبنو جَهيرٍ دَوحةٌ في ملكه / أفنانُها وغصونُها تتفرّعُ
بوزيرها وعميدِها وزعيمِها / وجهيرها أبدا يُضَرُّ ويُنفَعُ
القارحُ الموفى عليها سابقٌ / ورَباعُها وثَنِيُّها والمُجذِعُ
كلٌّ له يومَ الفخار مناقبٌ / ثمَّ الأكابرُ فضلُها لا يُدفَعُ
لله أربعةٌ بهم هذا الورى / وكذا حكَوْا أن الطبائع أربعُ
أمحمدُ بن محمدِ بنِ محمدٍ / وعُلاكَ منِصتةٌ تجيبُ وتسمَعُ
لا كان هذا الدهرُ إن عطاءَهُ / بالله يسمُجُ في العقول ويفظُعُ
ما بال أقوامٍ به لو أُنِصفوا / رُدّوا على باب النجاح ودُفِّعوا
ما كان قطُّ لهم على دَرَج العلا / مرقىً ولا عند الصنيعة موضعُ
وأرى المعايشَ بينهم مقسومةً / كالغُنم يُخمَسُ تارة أو يُربَعُ
وأعابهم نفرٌ بلا سببٍ سوى / أن المعايبَ بين قومٍ تَجمَعُ
أأُذادُ عن بَرْدِ الحياض ومثلُهم / يُدعَى إلأى العَذبِ الزلالِ فيكرَعُ
فابذُرْ عوارفَك الجسامَ بتُربةٍ / يزكو بها ثمرُ الجميلِ ويونعُ
هذا مقالى إن هززت فعنده / ما يَحسُنُ المطبوعُ والمتطبِّعُ
ويدى إذا استخدمتَها وبسطتهَا / حسدتْ أناملَها الرياحُ الشُّرَّعُ
ما بي إلى الشفعاء عندك حاجةٌ / ولسان فضلك شافعٌ ومشفِّعُ
أثَروْا فما علِم امرؤٌ إثراَءهم
أثَروْا فما علِم امرؤٌ إثراَءهم / فلو املَقوا لم يعلم الإِملاقُ
سِيَّانِ إثراءُ اللئيم وعُدمُه / إن الدراهمَ عَرفُها الإنفاقُ
وسلافةٍ بُزلت فأبرزَ دَنُّها
وسلافةٍ بُزلت فأبرزَ دَنُّها / ذهباً يرصَّعُ عَسجدا إِبريزا
خَبرَ النَّدامى فعلَها فإذا بِهِ / كالمال يرجِع بالذليل عزيزا
فتناهبوها غيرَ شكّ إنهم / وجدوا بها مِلءَ الدِّنان كنوزا
مرضٌ بقلبك ما يعادُ
مرضٌ بقلبك ما يعادُ / وقتيلُ حب لا يقادُ
يا آخر العشّاق ما / أبصرتَ أوَّلهم يذاد
يقضِى المتيَّم منهمُ / نحبا ولو رُدُّوا لعادوا
ملكوا النفوسَ فهل لنا / من بعدها ما يسترادُ
أبداً جناياتُ العيو / ن بحَرِّها يَصلَى الفؤادُ
ما خلتُ غِزلان اللِّوى / كظباءِ مكَّةَ لا تصادُ
يقظان تَنصلُ أحبُلى / عنها ويقنِصها الرقادُ
بالعذلِ تُوقَد لوعتى / وبقَدحِه يُوَرى الزنَّادُ
لم يستطعْ إطفاءَها / دمعٌ كما انخرقَ المَزادُ
لا تنكرا جُرحى فلل / عذَّال ألسنةٌ حِدادُ
طمعٌ وأنتَ برامةٍ / فيمن تضمَّنه النِّجادُ
والحىّ قد هَبَطتْ خيا / مُهُمُ وقعقعقت العمادُ
والوَردُ من زَهر الخدو / د كِمامهُ الكِدَلُ الوِرادُ
لو يسمحون بوقفةٍ / أبتَ المطايا والجيادُ
ظعنوا بأقمارٍ علي / ها تُحسدُ الكومُ الجِلادُ
ولأجلها غَبَط الغَبي / طَ حجابُ قلبي والسوادُ
فيقول أيّ الحالتي / ن أشدُّ هجرٌ أم بعادُ
تعفو المنازلُ إن نأَوا / عنها وتغبرُّ البلادُ
والحىُّ أولَى بالبِلى / شوقا إذا بَلىَ الجمادُ
ما ضرَّهم والحسنُ لا / يبقىَ لو امتنُّوا وجادوا
أتُرى حرامٌ أن يُرَى / في الناس معشوقٌ جوادُ
لعبٌ مفاتيحُ الهوى / والحرب أوّلُها طِرادُ
أوَ ما رأيت فتى قري / شٍ وهو للجُلَّى عَتادُ
وله المعاني المستد / قَّةُ والكلامُ المستفادُ
وأَصالةٌ في الرأى بالسِّ / حر الموشَّى لا تُكادُ
وشواردٌ في القول قد / قُرِنتْ بها السَّبْع الشِّدادُ
كالهرقليَّاتِ النوا / صعِ ليس يَنفيها انتقادُ
فكأنه قَسٌ وها / شمُ حولَ منطقِهِ إيادُ
كيف ارتعَى زَهر الصبا / بةِ والغرامُ له قيادُ
بعد التخيُّل والمِرا / حِ ونَى وذلّلهُ القيادُ
نشوان لا في عطفه / بطرٌ ولا في الرأس صادُ
فبه فلانٌ أو فلا / نٌ لا سُلَيمى أو سعادُ
يرضَى بطيفٍ قال مو / عدُنا الحشيَّةُ والوِسادُ
وتُحَلُّ عُقدةُ نُسكهِ / بالشيء لفّفه البِجادُ
يا مُصعبَا جرّته في / أرسانها اللِّممُ الجِعادُ
واستهدفته ال / لحظات مثنىَ أو أُحاد
واستعطفته روادفٌ / كُثبانها نِعمَ المِهادُ
ولَمىً رضابُ النحل يش / هد أنَّ ريقتَه شِهادُ
ولربما خار الجلي / دُ وغُلِّطَ الرأى المرادُ
قد كان قبلك في سبي / ل الحبّ لي أبدا جِهادُ
حتى خبا ذاك الضرا / م وغاية النار الرَّمادُ
وإذا رأيتَ الكون فاع / لمْ أن سيتبعُهُ الفسادُ
واعجب لقومٍ في الزما / ن على السفاهة كيف سادوا
لا عندهم كَلِمٌ تَغ / رُّ ولا نُضارٌ يستفادُ
أستغفر الله العل / ىَّ لقد تذأَّبت النِّقادُ
عَتَب الشريفُ لأن نشرتُ محاسنا
عَتَب الشريفُ لأن نشرتُ محاسنا / مرموقةً من خُلقِه وجلالهِ
وزعمتُ حقّا أنّ بدرَ جَماله / زانت مطالعَه نجومُ خِصالهِ
بمحاسنٍ لو كان يمكن صوغُها / أغنت غزال الإنس عن خَلخالهِ
صِفة الهلال بدا أوانَ طلوعه / أن لا يشعَّثَه زمانُ كمالهِ
فضلُ الملاحةِ عند كلّ مصوِّرٍ / في الناس ليس إليه نقصُ مثالهِ
عتبٌ لعمرُك ليس يَعِتب مثلَه / إلا حبيبٌ شاءَ قطعَ حباله
فامسح جفونَك عن عقابيل الكرى / وانظر وصلِّ على النبىّ وآلهِ
إحَدى الكواعب من بنى نصِر
إحَدى الكواعب من بنى نصِر / شهِد الظلامُ لها على البدرِ
كالبَيْض تحضُنه نعائمه / بيضاءُ في كِلَلٍ من الشَّعرِ
سكَرى اللواحظ وهي صاحيةٌ / فدموعها فنٌّ من الخمرِ
ما خِلتُ أنّ بياضَ مقلِتها / وسوادَها صُحفٌ من السِّحرِ
بسَمتْ وقد برزتْ قلائُدها / فرأيتُ ما في النحرِ في الثغرِ
ومن العجائبِ أن تصادف في ال / عذب الزُّلال لآلىء البحرِ
كيف اهتديت لحبّ ظالمةٍ / وثبَ الغرامُ بها على الصبرِ
جمَّثتُها فنبَتْ فقلتُ لها / أهوَيتُ أطلبُ معدِنَ التبرِ
ضُربتْ بأسمةٍ قِبابهمُ / وكأنَّها في ساحة الصدرِ
بِيضٌ وسُمرٌ في خيامهمُ / ممنوعةٌ بالبيضِ والسُّمرِ
بدم المحبِّ يباع وصلُهمُ / فمن الذي يَبتاع بالسعرِ
لو كان غيرُ الحب جيشَهمُ / أليتهُم في جحفل مَجْرِ
هجروا وهجرهُمُ على دَخَلٍ / فلأجل ذلك طيفُهم يَسِرى
وهَب الظلامُ لنا محاسنَه / وأظنُّ مرسلَه بنا يدرى
حتى إذا الإصباحُ أيقظهُ / ولىَّ يُؤذِّن فيه بالغدرِ
يا ليلةً بالرمل قصَّرها / حلُّ العناقِ معاقدَ الخُمرِ
كادت خُطانا أن تنمَّ على / آثارنا وطُمِسنَ بالأُزرِ
ورأت كلابُ الحىّ رِيبتَنا / فكَرُمن عن نبح وعن هَرِّ
فُضَّت خواتيمُ السرور بها / واللهوِ حتى مطلع الفجرِ
لولا التحرُّجُ والغلوُّ لما / أُسْميتِ إلا ليلةَ القدرِ
والليلُ عِقْصَتُه قد انتشرت / ورَمتْ مَدرِاى الأنجم الزُّهرِ
والنسرُ قد أعيت قوادمُهُ / والغربُ يجذِبه إلى وكَرِ
وهوْت من الجوزاء مِنْطقَةٌ / زهراءُ لم تُعقد على خصرِ
ورمَى الثريّا من معلَّقِها / سبقُ السِّماك وحربَةُ الغَفْرِ
فكأنَّها والشمسُ تجمعها / رهطٌ قد ازدحموا على سِرِّ
مثل العذارى من تعنِّفها / تستصحبُ الدَّبرانَ كالحدرِ
وهلالُها تحكى استدارتُه / عَقدَ التمام لِعدّة الشهرِ
وعلى المجرّة أنجمٌ نُظمتْ / مثلَ الفَقار نُسِقن في الظهرِ
هذى حَبابٌ فوق صفحتها / طافٍ وهذا جدولٌ يجرى
كَيَدِ ابن فَضْلانٍ غمائمُها / تغدو ببذل الوفر أو تسرى
إن حلَّ في بيداءَ أو بلدٍ / نابت سحائبه عن القَطْرِ
أىُّ المكارمِ قد تأبّطها / وعزائمٍ في ذلك الصدرِ
طُهرت من الأحقادِ نيَته / والقلبُ مغسول من الغِمرِ
لامُوه فيما أتلفتْ يدُهُ / فرأى المحامدَ أنفسَ الذُّخرِ
إن قال فالسيفُ الحسامُ مَضى / أوصال أفنَى الليثَ بالذرِّ
ما إن أرى في الناس من أحدٍ / إلا يُمتُّ إليه بالشكرِ
حتى كأنّ الأرضَ طبّقها / بغمائم نشأت من البِرِّ
قد مارس الأعداءُ شدّتَه / فاستسلموا لليث ذى الأجرِى
وكوت مياسِمُهُ قلوبَهم / والكىُّ مشفاةٌ لذى العرِّ
إنّ الشَّدائدَ مذعُنينَ به / قارعنَ جُلمودا من الصخرِ
حَملَ النوائبَ فوقَ عاتقهِ / حتى رجعنَ إليه بالعُذرِ
وبوائقُ الأيّام عاديةً / لاقَين منه دامِىَ الظُّفرِ
لا تنكروا حَبْسا ألمَّ به / إن الحِسانَ تُصان بالخِدرِ
والغِمدُ ليس تُفاض بُردتُهُ / إلا على الهندىِّ ذى الأثْرِ
إن حجَّبوه فكلُّ ذى شرفٍ / يعتزُّ بالبوَّابِ والسِّترِ
يغشى الكسوفُ الشمسَ إذ عظُمتْ / ويعافُ ضوءَ الأنجم الزُّهرِ
قد يستِسرُّ البدرُ ليلتَهُ / لَيتِمَّ ليلةَ رابعِ الشهرِ
أوَ ليس يوسفُ بعد مِحنتِهِ / نقلوهُ من سجن إلى مصِر
لَمرَقَت منها مثلما ما انكردت / فَتخاءُ ترِمى الطيرَ بالذُّعرِ
وصبرَتَ حتى انجابَ غيهبُها / إنَّ النجَاءَ عواقبُ الصبرِ
تُنسَى مرارةُ كلِّ نازلةٍ / بحلاوةٍ في النهى والأمرِ
وإذا الأغانى حنَّ مِزهرُها / ولَّى حنينُ النابِ والبَكرِ
وإذا تولَّى الشىءُ تكرهُه / فكأنّه ما دار في سِرِّ
حمدا وشكرا للإله على / ما قد حباك وواجب النَّذرِ
وكأنني بك فوق غاربها / متسنِّما في ذِروة الفخرِ
ويرمِى العلاءُ إليك مِقودَه / لا ينثنِى بغماغم الزَّجرِ
إن العظائمَ ربّما بُلغت / بالهَوْن لا بالكرِّ والفَرِّ
وكذا الأُلوفُ على تفاوتها / محسوبةٌ بأناملٍ عَشْرِ
أنا من يُغالِى في محبّتهِ / وولائه في السِّر والجهرِ
ما ذاق طعمَ النوم ناظرُهُ / حتى البشيرُ أتاه بالبشِر
ولك الأيادِى لستُ أذكرها / إلا يَجِيشُ بحمدها صدرى
هي نِعمة ليديك أشكُرها / طولَ الزمان وآخرَ العَصِر
قد كان وعدٌ منك أقسمَ لى / بعلاك أنك مصلحٌ أمرى
وإخال أنّك لستَ ناسيَهُ / لكنّنى استظهرتُ بالذِّكر
قد حَزَّت الأيامُ في كبِدى / وأطافَ بى مسٌّ من الضُّرِّ
وشئمتُ عَتبى كلَّ نائبةٍ / وملِلْتُ ما أشكو من الدهرِ
وإذا جذبتَ إليك من ضَبعِي / طاعنتُها بأسنَّةِ القهرِ
وصرفتَ عنِّى كلَّ نائبةٍ / صرفَ الهموم سلافةُ الخمرِ
أهدت لك النَّعماءُ أنفَسَها / من عانس أو عاتقٍ بِكرِ
وخَطتْك أحداثُ الزمانِ ولا / برِحتْ رِباعَك ديمةٌ تجرِى
لولاك في الدنيا لما اعترفوا / للأكرمين بها سوى الذكرِ
بالجِزْعِ ذى السَّمُراتِ لى قمرٌ
بالجِزْعِ ذى السَّمُراتِ لى قمرٌ / غلبَتْ عليه سحائب الأزُرِ
أرسلتُ أنفاسي فما انقشعتْ / عنه وجاد الطَّرفُ بالمطرِ
بِتنا على الزَّوراء نهدِمُ ما
بِتنا على الزَّوراء نهدِمُ ما / بَنَتِ القلوبُ من الأمانى الزُّور
لما لقينا من تُجاهِك عصبةً / نضحَتْ بشكواها ذَفَارَى العِيرِ
إنّ امرأً سلكتْ إليك ركابُهُ / فجًّا لقد دلَّى بحبلِ غرورِ
غرَّاء تحسبها غُموداً كلّما
غرَّاء تحسبها غُموداً كلّما / شهَرَتْ بوارقُها بها أسيافا
كُسِىَ الثَّرَى لمّا همَتْ فظننتُها / بالحَزْنِ عِيرا أُوقرت أفوافا
وتناثرت دُرَرا عليه دموعُها / لما جَمَدن فخلتُها أصدافا
كان الوداد منغِّصا لوُشاتنا
كان الوداد منغِّصا لوُشاتنا / ولو ارتموا ما بيننا بفواقرِ
تُحظى ظواهرُنا فنُغِمضُ عيننا / عنها ونطمحُ في صوابِ ضمائرِ
متحلِّلِى عُقَد الضغائنِ كلَّما / نصبَ الحسودِّ لنا حِبالة ماكرِ
أيامَ لا عِرسٌ غلإخاء بطالقٍ / منّا ولا أُمّ الصفاءِ بعاقرِ
فالآن أقلقنا الحسودُ كما اشتهى / فينا ونفّرنا صفيرُ الصافرِ
وكأنّما كانت وساوسَ حالم / تلك المودّةُ أو فكاهةَ سامرِ
ومتى ثكَلت مودْةً من صاحبٍ / فلقد عِدمت بها سوادَ الناظرِ
ولذاك نُحْتُ على إخائك مثلما / ناحَ الحمامُ على الربيع الباكرِ
هيهات لستَ بواجدٍ من بعدها / مِثلى ببذلِ بضائعٍ ومَتاجرِ
لا تَنبِذ الخُلاّنَ حولك حَجْرةً / فالعينُ لا تبقى بغَير مَحاجرِ
ما كنتُ أحسبُ أنّ صِبغةَ ودِّنا / مما تحولُ على الزمان الغابر
ولو أننى حاذرتُ ذاك فد يتُها / منه بلونِ ذوائبي وغَدائرى
لكنَّ كلَّ غريبةٍ وعجيبةٍ / من فعلِ هذا المَنْجَنونِ الدائرِ
فلئن أقمتَ على التصرمُ لم تجدْ / رَيْبا سِوى عَتِب الحبيب الهاجرِ
وإن استقلتَ أقلتُها وجزاؤها / منّى مَثوبةُ تائبٍ من غافرِ
حتى ترى سُحُب الوصال معيدةً / ذاك الهشيمَ جميمَ روضٍ ناضرِ
إن الغصونَ يعودُ حُسنُ قَوامِها / من بعد ما مالت بهزِّ صراصرِ
أنا من علمتَ إذا المناطقُ لجلجتْ / ألفاظها أو غامَ أُفْقُ الخاطرِ
ما بين ثغرِى واللَّهازِم بَضعةٌ / هزِئتْ بشِفشقةِ الفنيِق الهادرِ
متحكَّمٌ في القول يلقُط دُرَّه / غَوصِى ولو من قعر بحر زاخرِ
وإذا نثرتُ سمَت بلاغةُ خاطبٍ / وإذا نظمتُ علتْ فصاحةُ شاعرِ
لي في المطايا الفضلِ كلُّ شِمِلةٍ / أبدا أرحِّلها لزادِ مسافرِ
كم موردٍ عرضَ الزُّلالَ لمشربي / روَّعتُه وفجعتُه بمصادرى
إن رثَّ غِمدى لم ترِثَّ مَضاربي / أو فُلَّ لم تُفَلَّ بصائري
تأتي جيادي في الرَّهان سوابقا / وجيادُ غيري في الرعيلِ العاشرِ
ومجالسُ العلماء حشوُ صدورها / أنا والذُّنابَى للجهول الحائرِ
إن قال أقوامٌ علىَّ مَناقصا / لم يضرُر الحسناءَ عيبُ ضرائرِ
لو لم تكن في وسط قلبي حَبَّةً / لسلوتُ عنك سُلوَّ بعِض ذخائرى
ولقلتُ ما هذا بأوّلِ ناقضٍ / عهدا ولا هذا بأوّلِ غادرِ
لكن حللتَ من الفؤاد بمنزلٍ / أصبحتَ فيه ربيبَ بيتٍ عامرِ
شِيَمِى على جَوْر الزمان وعدلِه / أنى أقولُ لَعاً لرِجلِ العاثرِ
لو يهتدى وصفِى إلى شغَفى
لو يهتدى وصفِى إلى شغَفى / خُطِمتْ بنا في غارب الصُّحُفِ
وتركتُ أقلامى مُفلَّلةً / وخواطرى منزوحة النُّطَفِ
شوقا إليك وما رُمِى جلَدى / بسهام هجرٍ أو نوىً قُذُفِ
ما مرَّ يومٌ لا أراكَ بهِ / إلا على خطبٍ من الأسفِ
متلفتا تِلقاءَ داركُمُ / أرنو بعينَىْ مغرم دنِفِ
فإذا طمحتُ لوَى الهوى عُنُقى / وإذا جمحتُ فسائقى كلَفى
وإذا انصرفتُ فإنما جسدى / ولىَّ وقلبي غيرُ متصرِف
من ذا ينيلُ جوارحى أملا / ومواعدُ الآمال للخُلُفِ
طَرفٌ نفَى إنسانَ ناظرِه / عنه اقتناعا منك بالخَلَفِ
والسمعُ منبِته مفاوضةٌ / معقودةٌ في موضع الشَّنِف
ويريد جثمانى مصاحبةً / مثلَ اصطحابِ اللام للألفِ
ومطامعى هذى تَصَيُّدُهَا / كنصيُّد الشَّغواءِ في الشَعَفِ
يا أيّهذا الخلُّ دعوةَ مَنْ / أثقلتَه بالقرض والسّلَفِ
لا تُسرفَنْ في الودِّ معتمدا / رِقِّى فإنّ البخلّ في السَّرِف
قد جاءنى القِرطاسُ مكتسيا / ببدائع كالدُّرّ في الصَّدَفِ
فكأن راحَتك الربيعُ فما / تُخلى الرّبَى من روضة أُنُفِ
ألقت فُويقَ مناكبي مِنَناً / مضمونها جبرى على الكُلَفِ
حسبى عوارفك التي جمعتْ / بين اللُّهىَ لي منكَ والشَّرَفِ
يا ماءَ لِينَةَ لو نقعتَ أُوامى
يا ماءَ لِينَةَ لو نقعتَ أُوامى / كانت حياضُك لي كئوسَ مُدامِ
لا يعدِلُ المشغوفُ عن سَنَن الهوى / ولو أنَّ العذل غَربُ حسامِ
كيف السلُّو وليس يسلك سمعه / إلا حنين أو بكاء حمام
حتى كأن القلب مد حجابه / ليرد عنه طوارق اللوام
لقد عرضت على السلو جوانحي ال / حرَّى فلم يَرهنَّ دارَ مقامِ
ما ضَّر من زار الغيورَ أمامَهُ / لو زار في ثوبٍ من الأحلامِ
جُزْ باللوى إن كنتَ تُؤثر أن تَرى / حَدَق المها وسوالفَ الآرامِ
وتأنَّ في نظرِ الخدور فبينها / صورةٌ تبيحُ عبادةَ الأصنامِ
ناضلننا بنوافذٍ مسمومةٍ / ووددتُ لو قبَّلتُ سهمَ الرامى
وكنَنَّ في الأيدى خضابا ناميا / ونظيره في القلب حبٌّ نامِ
ليس البراقعُ كاسمها لكنها / يومَ الوداع كنائنٌ لسهامِ
بينى وما بين الكواعب موعدٌ / يُلقِى إلى كفّ المشيب زِمامى
لا ينتهى الطيفُ المزاورُ مضجعى / عنّى وفي فَوْدىَّ جُنحُ ظلامِ
والدهرُ ذو شيئين يصبغ لِمتَّى / كلتاهما بالصبح والإظلامِ
قد كنتَ بُهْمَى جَعدة خسّيّة / فبأىّ ماء صرتَ نَوْرَ ثَغامِ
أعلَّى تقترعُ الليالي بعد ما / غلَّت يديْها شِرَّتى وعُرامى
تلهو بحَوْذان العراق ركائبى / وعزائمى ترعَى رياضَ الشامِ
لي في بطون اليعمَلات مَزادةٌ / تُروِى إذا غدَر رياضَ الطامى
وإذا الجِفانُ الغُرُّ طلّقت الضحى / حَنَت الظُّبىَ من غارب وسَنامِ
كم بازلٍ كوماءَ أخطأها القِرىَ / رُدَّت فريضتُها إلى الأَزلامِ
إن القناعة مذ خَطمتُ بحبلها / طمعى تساوت رحلتى ومقامى
فالبِيدُ عندى كالقصور ونهضتى / كتثبُّطى والوُجْدُ كالإِعدامِ
ألقَى بنى هذا الزمانِ مُهجهجا / زجرَ الحُداةِ بهميةَ الأنعامِ
أشخاصُهم لا حِسَّ في عَرَصاتها / وقلوبُهم ثكَلى من الأفهامِ
حسبي وقد أصبحتُ فذًّا بينهم / بك يا أبا الحسَن الشقيقِ تؤامى
حَمَلتْ بنا في ليلةٍ مزؤدةٍ / أمُّ الخِلال الغرّ حملَ تَمامِ
وتكفَّلت ظِئرُ العلا برَضاعنا / حوْلَين ما تحصيهما لفطامِ
حتى إذا الآداب شُّدَ نِطاقُها / زُفَّت إلى شُمّ الأنوف كرامِ
يَسْبون أبكارَ المعاني حيثما / شنُّوا الإغارةَ وهي غيرُ حرامِ
هذا هو النسبُ الصريحُ وغيرنا / يختال بالأخوال والأعمامِ
لو كان نصلُ إِخاىَ يصدئه النوى / لصقلتُه بالوصل والإلمامِ
لكننى والبينُ يَحرُق نابَه / أفترُّ عن ثغرِ الهوى البسّامِ
أنتَ النهارَ تذكُّرى وتفكُّرى / والليلَ أحلامى وطيفُ منامى
إن كان أقوامٌ نظام فرائدٍ / كنتَ النظامَ وسِلكَ كلّ نظامِ
أنا عن سوابقك الجيادِ مقصّرٌ / زمسلِّم يومَ الرِّهَانِ لجامى
قلقلْ ركابكَ في الفلا
قلقلْ ركابكَ في الفلا / ودع الغوانىَ للقصورِ
فمحالفو أوطانهم / أمثالُ سُكّان القبورِ
لولا التغربُّ ما ارتقَى / دُرّ البحورِ إلى النحورِ
عينى التي علِقتْ حبائُلكم بها
عينى التي علِقتْ حبائُلكم بها / والحسنُ للعين الطموحةِ صائدُ
وخدعتمُ سمعى بطيبِ حديثكم / ومن الكلام لآلىءٌ وفرائدُ
وتردّد الأنفاسِ مَلّكَ عرَفكم / ما ليس يبلغُه العبيرُ الجاسدُ
وأحلتمُ قلبي على أخلاقكم / فإذا السُّلافة والزلالُ الباردُ
وبقى لساني وحدَه لي زاجرا / هيهات لا غَلَبَ الجماعةَ واحُد
لا تغتبط يا بنَ الحُصَينِ بِصبيَةٍ
لا تغتبط يا بنَ الحُصَينِ بِصبيَةٍ / أضحت لديك كثيرة الأعدادِ
لا فخرَ فيك ولا افتخارٌ فيهمُ / إن الكلابَ كثيرةُ الأولادِ