القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الطُّغْرائي الكل
المجموع : 106
من خصَّ بالشكر الصديقَ فإِنني
من خصَّ بالشكر الصديقَ فإِنني / أحبو بخالص شكريَ الأعداءَ
جعلوا التنافسَ في المعالي شِيمتي / حتى امتطيت بنعليَ الجوزاءَ
ونعوا عليَّ معايبي فحذرتُها / ونفيتُ عن أخلاقيَ الأقذاءَ
ولربما انتفع الفتى بعدوّهِ / والسّمُ أحياناً يكون دواءَ
ومساعدٍ لي في البكاء مُساهرٍ
ومساعدٍ لي في البكاء مُساهرٍ / بالليل يؤنِسُني بطيبِ لقائِهِ
هامِي المدامع أو يُصابَ بعينهِ / حامي الأضالعِ أو يموتَ بدائهِ
غرثانُ يأخذ روحَه من جسمهِ / فحياتُه مرهونةٌ بفَنائِهِ
يُشفِي على تَلَفٍ فيُضربُ عُنْقُهُ / فيكونُ أقوى موجبٍ لِشفائهِ
ساويتُه في لونه ونُحولهِ / وفضَلتُه في بُؤسهِ وشقَائهِ
هَبْ أَنَّهُ مِثلي بحُرقةِ قلبه / وسُهاده طولَ الدُّجَى وبكائهِ
أفوادِعٌ طولَ النهار مرفَّهٌ / كمعذّبٍ بصباحه ومسائهِ
ومُرّوِحٍ سِرّي سرورُ لقائِه
ومُرّوِحٍ سِرّي سرورُ لقائِه / لولا اتصالُ فنائِه ببَقَائِهِ
يحكي القضيبَ قوامُه ونحولُه / حسناً وضوءُ البدرِ من أسمائِهِ
فيسرُّنِي ليلاً بحسنِ وفائِه / ويسوؤُني صُبْحاً بقبحِ جفائِهِ
يشكو الحنينَ إِلى الأليفِ ويغتدِي / كُلٌّ يعلِّلُ نفسَهُ برجائِهِ
أبكي فيبكي غيرَ أَنَّ دموعَه / صِرفٌ ودمعي ممزجٌ بدمائِهِ
أُعدي عليه لظَى فُؤادِي فالتقَى / نارٌ تَحَدَّثُ عن لَظَى بُرَحائِهِ
أمعذَّبٌ والنارُ في عَذَباتِهِ / كمعذَّبٍ والنارُ في أحشائِهِ
يا أيها المولَى الذي اصطنَعَ الورى
يا أيها المولَى الذي اصطنَعَ الورى / شرقاً وغربَا
والمُستعانُ على الزمان إِذا اعتَرى / وأجدَّ حربا
أقسمتُ بالبُزْلِ النوافحِ في البُرَى / قُوداً وقُبَّا
واصلنَ نحوَ البيتِ بالسير السُّرَى / يحملن رَكْبا
يُرضيهمُ بعدَ الصدى وِرْدُ الصَّرَى / رِفْهَاً وغِبَّا
لقد ابتنيتَ المُلكَ مرفوعَ الذُّرَى / بكَ مستتبَّا
وتركتَ دينَ اللّه مشدودَ العُرَى / بُعْداً وقُرْبَا
وضَمِنْتَ للدنيا ومن فيها القِرَى / وكشفتَ جدبَا
من قالَ غيرُكَ للعُلَى فقد افترى / مَيْناً وكذْبَا
قَرُبَ الرحيلُ وزندُ عبدِكَ ما ورَى / فيما أَحبَّا
فأَجرْهُ من دهرٍ بَراهُ كَما تَرى / طعناً وضربا
أرخَى فضولَ عِنانه لمَّا جَرَى / فكبَا وكَبَّا
فانظُرْ إِليهِ وهو مطرودُ الكرى / ضُرَّاً وجدبا
هجر الأنامَ إليك طُرَّاً واشترى / بالجَدْب خِصْبَا
فأتاكَ يرتَعُ في ذراك وبالحَرى / ألّا يُذبَّا
بعضَ التَماسُكِ أيُّها القلبُ
بعضَ التَماسُكِ أيُّها القلبُ / فهو الهَوى ومرامُه صعبُ
إن الأُلَى قدروا وما غفروا / ما لي سوى حُبِيّهمُ ذنبُ
صَالوا على ضَعْفِي بقوَّتِهمْ / ما هكذا يتعاشَرُ الصحبُ
من ذا ألومُ على إِساءتِهم / قلبي عليَّ مع الهَوى إِلْبُ
تاللّه ما قلبي بمنفردٍ / في الحبِّ كُلُّ جوارحي قلبُ
إِنيَ لتشعرنِي مواعِدُهمْ / طرباً وأعلم أنها كِذْبُ
وأَغُرُّ نفسي منهم طمعاً / فيهم فَيَملِكني له عُجْبُ
ما لي وما للركب إِذ حسِبوا / أنّي يُسكِّنُ ما بيَ العَتْبُ
العَتْبُ أيسرُ ما أكابدُهُ / لو كان يعلمُ ما بي الرّكْبُ
يا وقفةً إثْرَ الأُلَى رحلُوا / حيث التقَى بالأبطحِ الشِّعْبُ
أرضٌ إِذا ولعَ النسيمُ بها / مَرِضَ الصَّبَا وتماثَلَ الترْبُ
فترابُها جَعْدٌ ونطفتُهَا / عذبٌ وذيلُ نسيمها رَطْبُ
أبكي لها دهراً قضيتُ له / نحبي ولا يُقْضَى له نَحْبُ
ساعاتُه خُلَسٌ ولذَّتُهُ / مسروقَةٌ ونعيمُه نَهْبُ
دهرٌ غريمٌ لم يُحِسَّ به / ريبٌ ولم يَفْطُنْ له خَطْبُ
قد قلتُ للمُزجِي قلائِصَهُ / حُدْباً تَعرَّق لحمَها الحُدْبُ
مترجِّحاً يحدو به رَغَبٌ / فيصدُّهُ عن قَصْدهِ الرَّهْبُ
أبشِرْ فقد جادتْكَ مقبلةً / أيامُ مجدِ المُلْك والخِصْبُ
أيامُ من ضَمِنَتْ سعادتُه / أنْ لا يطورَ فِناءَهُ جَدْبُ
ذاك الذي خضعتْ لطاعتِه / صِيْدُ الملوكِ وأذعنَ الغُلْبُ
ذاك الذي يغدو وشِكَّتُه / إِقبالُه وجنودُه الرُّعْبُ
رَدَّ الأمورَ إِلى حقائِقِها / حتَّى استبدَّ بدورِه القُطْبُ
وحمى حريمَ الملك ممتعِضاً / للجِدّ قد ألوَى به اللِّعْبُ
وشفَى من الداءِ العُضَالِ وقدْ / عجزَ الرُقَاةُ وأبلسَ الطِّبُ
وأقامَ للأجنادِ هيبتَه / حتى صَفا للدولة الشرْبُ
فتوقرتْ من بعدِما قَلِقَتْ / عُقَدُ الحُبَى وتفاقمَ الشغْبُ
وتراجعتْ بيضُ السيوف إِلى ال / أغمادِ لا طَعْنٌ ولا ضَرْبُ
من بعدِ ما هجمَ الزمانُ بها / بِكْراً وحَلَّ عِقالَها الحَرْبُ
في فترةٍ نُسِيَ الحُلومُ بها / وتشابَه المربوبُ والربُّ
بعزيمةٍ لو أنَّ هبَّتَها / للريح لم يَثْبُتْ لها هِضْبُ
ولطافةٍ لو أنَّها رأبتْ / شعبَ الزُّجَاجِ تلاءَم الشَّعْبُ
وسياسةٍ تحمي حميَّتُها / فتذوبُ في أغمادِها القُضْبُ
وأغرَّ مطبوعِ النَّدَى شَرِقٍ / بالمجد فيضُ يمينِه سَكْبُ
لقطوبهِ من بشرِهِ شِيَعٌ / ولحِلْمه من بطشهِ حِزْبُ
مُرُّ الحلاوةِ في مَهَزّتِه / لِينٌ ومَعْجَمُ عودِه صُلْبُ
لم تشتهرْ بالشرق عزمتُه / إِلّا ودانَ لحدِّها الغَرْبُ
آراؤُه كمقالِه سدَدٌ / ولسانُه كحسامِه عَضْبُ
لم يُسْمَ في صَمَّاءَ مُعْضِلَةٍ / إِلّا تفرَّجَ باسمهِ الكَرْبُ
متبرجٌ للوفدِ همَّتُهُ / بينَ الوفُودِ وبينَهُ حُجْبُ
رأيٌ بعيدُ الغَوْرِ سانَدَهُ / جُودٌ قريبُ المستقَى عَذْبُ
وندىً لَوَ اَن السحبَ تَعْشُرُه / لم يتَّسِعْ لِقطَارها سُهبُ
وعُلىً لوَ اَن الشمس تبلُغُها / في وجهِها سجدتْ لها الشُّهْبُ
وصَرامةٌ لو أنّ أيسرَهَا / للسيف لم يُثلَمْ له غرْبُ
لا نارُهُ تخبُو ولا يدُهُ / تنبو ولا إِقبالُه يكبُو
ساسَ الرعيةَ لا يباعدُه / بُغْضٌ ولا يدنُو به حُبُّ
واستغزرَ الأموالَ لا عنَتٌ / فيما يُثَمِّرُهُ ولا غَصبُ
جادت حلوبتُها بدَرَّتِها / عفواً ولا مَرْيٌ ولا عصبُ
وسواهُ قد جُهِدتْ حلوبتُه / مَرْياً ولم يُملأْ له قَعْبُ
لولا تأخّرُ عصرهِ نزلتْ / في شأنه الآياتُ والكُتْبُ
خُذْهَا مدبَّجَةً يَذِلُّ لها / قِطَعُ الرياض ويَخْجَلُ العصْبُ
واسْعد بعيد العُجْمِ مغتبطاً / من شأنك الإِعطاءُ والسلبُ
غَمرَ الخلافُ الناسَ واتفقتْ / فيه وفيك العُجْمُ والعُرْبُ
تصعيدُ هذا الدهرِ والتصويبُ
تصعيدُ هذا الدهرِ والتصويبُ / مثلي على حاليهما مغلُوبُ
لا تنكري أنّي تغيَّر شيمتي / فالرمحُ قد يَنْأدُّ منه كعوبُ
لا تعجبي أني شكوتُ فإِنَّه / قد يظلعُ المتحسِّرُ المنكوبُ
أجري على عِرْقِ المكارمِ مثلَما / يجري على أعراقِه اليعبُوبُ
ومَليحةِ الشكوى إليَّ مليحةٌ / من صرفِ أيام لهن دَبِيبُ
أنحَتْ عليَّ بلومها ولقد دَرَتْ / أنِّي على عَجْمِ الزمانِ صليبُ
واستنزلَتْني عن يَفَاعِ أبيَّتِي / ثم انثنتْ ورجاؤُها مكذُوبُ
ولقلَّما عادَ الرجاءُ مصدِّقاً / حيثُ التَوى وتعثَّر المطلُوبُ
ورأتُ وما عرفتْ نزاهةَ شِيمَتي / أني على جُرَعِ الحِياضِ ألُوبُ
غُرَّتْ بترجيمِ الظنون فأخطأتْ / والظنُّ يُخطِئُ مرةً ويُصيبُ
أوَمَا درتْ أني أنزِّهْ شيمتي / كيلا أبيتَ وعِرضِيَ المَسْبوبُ
أروى بشربِ الضَّبِّ مجتزئَاً به / والماء سَلسالُ المذاقِ شَروبُ
وأَصُدُّ دونَ الوِرْدِ والوُرَّادُ أَر / سالٌ كما ازدحَمَ القطا الأسروبُ
وأصونُ نعلي أنْ تَمَسَّ مواطِئَاً / عِرضي بوطء ترابها مثلوبُ
وأكُرُّ حيثُ السيفُ فوقَ جماجمي / والموتُ حدُّ سِنانِه مذروبُ
لا الهولُ يملأُ ناظريَّ ولا الردَى / عندي مريرٌ طعمُه مرهوبُ
فليبلونَّ أخا عزائم عندها / إِلّا البسالةَ والسماح غريبُ
في حلقِ كلِّ مُكايدٍ منه شجاً / وبصدرِ كُلِّ منابذٍ أُلهوبُ
فُجِعَتْ بها نفسِي وأيامُ الفتى / نَسَماتُ أرواحٍ لهنَّ هُبوبُ
واهاً لأيامٍ لهوتُ بطيبِها / غُصْنُ الصِّبَا ما بينهنَّ رَطِيبُ
فإِذا اعتزينَ فإنهنَّ شواغِلٌ / وإِذا انقضينَ فإنهنَّ كُروبُ
ولقد لبستُ رداءَها فنزعتُه / عن عاتقَيَّ وهل يدومُ قَشيبُ
ومُحاذرٍ وَخْزَ الهوانِ صَحِبْتُه / فَسرى بضوء جبينهِ الأركُوبُ
يخطو رقابَ القومِ وهو كأنَّه / عَوْدٌ بغاربه الندوبُ ركوبُ
تَئِقٌ إِذا ما الضيمُ مَسَّ إِهابَه / لم يرضَ أو يتخضبَ الأنبوبُ
تُخْفِي بسالتُه مطارحَ همِّه / ومرامِه إِنَّ الهَيُوبَ مُرِيبُ
قلبَ الزمانُ ظهورَهُ لبطونِه / إِنّ المعارفَ مدّها التجريبُ
خالستُه نُهَزَ السّرَى حتى انْجلَى / عن مثلِ حَدِّ المرهفِ التأويبُ
ولقد يكونُ الدهرُ أعجمَ صرفهُ / حتى استوى المكروهُ والمحبوبُ
سَلْ بي بناتِ الدهرِ فهي خبيرةٌ / أني عن المرعَى الذميمِ عَزُوبُ
تَبّاً لمن يُمْسِي ويُصْبِحُ لاهِياً / ومرامُهُ المأكولُ والمشروبُ
أَوما يَرى الأرزاق تطلُب غافلاً / وتَصُدُّ عن لهفانَ وهو طَلوبُ
وأرى الجدودَ هي الحواكمَ للورَى / وبهنَّ يُخفِقُ طالبٌ ويُصيبُ
فإِذا قطعْنَك فالغريبُ مبَعَّدٌ / وإِذا وصَلْنَكَ فالبعيدُ قَريبُ
حبُّ البقاءِ طبيعةٌ مجبولةٌ / وهل البقاءُ وقدرُه محسوبُ
ولكَمْ حياةٍ دونَها جُرَعُ الرَّدَى / ضَربٌ مشوبٌ والحياةُ ضُروبُ
والدهرُ ذو حاليْنِ أعرَجُ قُلَّبٌ / والعيش كَدٌّ أو يريح شعوبُ
وكأنّ آذريونَ روضتِنا
وكأنّ آذريونَ روضتِنا / كانونُ فَحْمٍ حولَه لَهَبُ
أو جامُ جَزعٍ حولَه سَبَجٌ / أو سورُ مِسْكٍ جامُهُ ذَهَبُ
شَجراتُ وَرْدٍ أصْفَرٍ بَعَثَتْ
شَجراتُ وَرْدٍ أصْفَرٍ بَعَثَتْ / في قلب كلِّ متيَّمٍ طرَبَا
خرطتْ مهودَ زبرجدٍ حملتْ / أجوافُها من عَسْجدٍ لُعَبَا
فإِذا الصَّبَا فتقتْ كمائِمَها / سَحَراً ومادَ الغُصْنُ وانتصَبَا
شبَّهْتُها بخَرِيدةٍ طَرَحَتْ / في الخُضْرِ من أثوابِها لَهَبا
سكبتْ يدُ الغيمِ اللجينَ لها / فكستْهُ صبْغَاً مونِقاً عَجَبَا
من ذا رأى من قبلهِ شَجَراً / سُقِيَ اللُّجينَ فأثْمَرَ الذَّهَبا
كم ليلةٍ ساهرتُ زُهْرَ نجُومها
كم ليلةٍ ساهرتُ زُهْرَ نجُومها / والجوُّ من أنفاسِ وجديَ شاحِبُ
أرعى السماءَ ونجْمُها متلبِّدٌ / حيرانُ قد سُدَّتْ عليه مذاهبُ
وكأنها بحرٌ يُعَبُّ عُبابُه / وكأنه فيها غريقٌ راسبُ
وترى بها أمَّ النجوم كجدولٍ / في روضةٍ فيها لجَينٌ ذائِبُ
وبناتُها سربُ الظِباء فواردٌ / أو صادرٌ أو جازيٌ أو قاربُ
وكأنما الشمسُ المنيرةُ إذْ بدتْ
وكأنما الشمسُ المنيرةُ إذْ بدتْ / والبدرُ يجنَحُ للمغيب ويغْرُبُ
متحاربانِ مِجَنُّ ذا قد صاغَهُ / من فضةٍ ولذا مِجَنٌّ مُذْهَبُ
لا أدَّعِي أنِّي وفَيْتُ بعهدِكمْ
لا أدَّعِي أنِّي وفَيْتُ بعهدِكمْ / ورعيتُكمْ إنّ الوفاءَ ضُروبُ
أأعيشُ من بعد الفِراقِ وأدَّعِي / حُسنَ الرعايةِ إنَّني لَكذوبُ
إنْ لم أمتْ أسفاً عليك فإنَّ لي / قلباً كما شاء الفِراقُ يذوبُ
ومن الشهودِ على غَراميَ أنَّني / طَرِبُ الشمائلِ والمُحِبُّ طروبُ
أَرتاحُ إنْ لاحَ الوميضُ وأنثني / نشوانَ إن هبَّتْ عليَّ جَنُوبُ
كان الشبابُ هو السرورَ فرمتُهُ
كان الشبابُ هو السرورَ فرمتُهُ / إذ فاتَ في الدنيا فعزَّ المطلبُ
طَرَبُ الشبابِ هو المؤثّرُ لا الغِنَى / والكأسُ والوترُ الفصيحُ المُعْجِبُ
أو لا فهذِي كلُّها موجودةٌ / إلا الشبابَ فما لنا لا نطرَبُ
لا تَطْمحنَّ إِلى المراتب قبلَ أنْ
لا تَطْمحنَّ إِلى المراتب قبلَ أنْ / تتكاملَ الأدواتُ والأسبابُ
إنَّ الثِمارَ تمِرُّ قبلَ بلوغِها / طَعْماً وهنَّ إِذا بلغنَ عِذابُ
من قاسَ بالعلمِ الثراءَ فإنَّهُ
من قاسَ بالعلمِ الثراءَ فإنَّهُ / في حُكمهِ أعمى البصيرةِ كاذبُ
العلمُ تخدمُه بنفسك دائماً / والمالُ يخدمُ عنكَ فيه نائبُ
والمالُ يُسلَبُ أو يبِيدُ لحادثٍ / والعلمُ لا يُخشَى عليه سالبُ
والعلمُ نقشٌ في فؤادِكَ راسخٌ / والمالُ ظِلٌّ عن فِنائِكَ ذاهبُ
هذا على الإنفاقِ يغزُرُ فيضُهُ / أبداً وذلك حين يُنفَقُ ناضِبُ
سعدتْ بطول بقائِكَ الحِقَبُ
سعدتْ بطول بقائِكَ الحِقَبُ / وعدتْ مقرَّ علائك النُوَبُ
أنت الذي انقادَ الزمانُ له / طوعاً ودانَ العُجْمُ والعَرَبُ
أنتَ الذي قسمَ القضاءُ له / فوقَ الرجاءِ ودونَ ما يجبُ
أنت الذي لولا مكارمُه / غاضَ الزُّلالُ وصَوَّحَ العُشُبُ
ما زالَ عن قومٍ نعيمهُمُ / إلا وأنتَ لردِّهِ سَبَبُ
فالمجدُ في حِضنيكَ معتقلٌ / والمالُ من كفَّيكَ منتهَبُ
كالدَّهرِ كلُّ صروفِه عِبَرٌ / والبحرِ كلُّ أمورِهِ عَجَبُ
حَنِقٌ على الأعداءِ مضطغِنٌ / وعلى الرعايَا مُشفِقٌ حَدِبُ
عَرفٌ نَمومٌ عُرْفُهُ شَمِلٌ / وحمىً منيعٌ عِيصُه أَشِبُ
بكَ عَزَّ دينُ اللّهِ واتَّضَحَتْ / آياتُه وتكشَّفَ الحُجُب
فاللّهُ شاكر ما رفدت بهِ / دينَ الهدى والرُسْلُ والكُتُبُ
لولا انقطاعُ الوحْي قامَ بما / قامتْ به في مدحكَ الخُطَبُ
ما بينَ مشرقِها ومغرِبهَا / تُحدَى إليك الأينقُ النُّجُبُ
فتُنَاخُ مِلءُ جلودِها نصبٌ / وتثار ملءُ متونِها نَشَبُ
ووراءَ سطوكَ إنْ هَممْتَ به / حِلمٌ يلوذ بحِقْوِهِ الغَضبُ
وعزيمةٌ هجماتُها دُفعٌ / كالسَّيل طامنَ عنقه الصَّبَبُ
خطَّارةٌ في كلِّ معركةٍ / قلبُ الحِمام لهولها يَجِبُ
وإِذا تحدّبت الكُماةُ على / صُمِّ القَنا وتطاردَ العُصَبُ
في موقفٍ جحدَ الرؤوسُ بهِ / أعناقَها فوشتْ بها القُضُبُ
فهناكَ أنتَ وعزمةٌ عصفَتْ / وانجابَ عنها الجَحفلُ اللَّجِبُ
رَوعاءُ لم يثبُتْ لها بَدَنٌ / إلا يروح وهمُّها الهَرَبُ
يا سائسَ الدنيا بمختلفِ ال / حالينِ فيها الرَّغْبُ والرَهَبُ
ومدبَّراً ضمنتْ أَيالَتُهُ / ألّا يُراعَ لصقرِها الحَزَبُ
ومؤلِّفَ الأضدادِ مجتمعاً / في راحتيهِ الماءُ واللَّهَبُ
بالشرق غيبتُهُ وهيبتُه / بالغربِ حيثُ الشمسُ تُحْتَجَبُ
فالبيضُ لولا رأيُهُ زُبَرٌ / والسُّمْرُ لولا عَزْمُه قَصَبُ
إنْ لَجَّ كفُّكَ في سماحتِها / فُقِدَ الرجاءُ وأقصَرَ الطَّلَبُ
أو دامَ بالأعداء وقعتُها / ضَجرَ الردى وتبرَّم العَطَبُ
كم ذمةٍ لك غيرُ مُخْفَرَةٍ / قد شُدَّ فوق عِنَاجِها الكَرَبُ
ومواربٍ أخفَى عَداوتَه / فبدَتْ كما تتفرَّقُ الجُلَبُ
أوسعتَهُ حِلْماً فأهلكَهُ / ولربما يُستوخَمُ الضَّرَبُ
وتركتَهُ تمكُو فرائصُهُ / للموتِ في حَوبائِه أَرَبُ
وغدتْ ملاعبُه متاعِبَه / يسفي ثَراها البارحُ التَّرِبُ
أينَ المفرُّ لمن طلبت ولو / عصمتْهُ في أفلاكِها الشُّهُبُ
لو كانَ ينجو منك معتصمٌ / لنجا إِذاً في المعدِن الذَّهبُ
زوَّدْتَنِي كُتُباً بموعِدها / قَرُبَ الغِنى وتمهَّدَ الرُّتَبُ
بمؤيدِ المُلْكِ انجلتْ غُمَمٌ / أنْحَت عليَّ وأقلعتْ كُرَبُ
أثنِي عليه بفضلِ أنْعُمِهِ / شكرَ الرياضِ لما سقَى السُّحُبُ
فبقِيت للإسلام تنصُرُهُ / والمُلكِ تأخذُ منه ما تَهَبُ
ورمى القضاء إليك طاعتَهُ / تختارُ ما تهوى وتنتَخِبُ
أخي ماذا دهاكَ وما أصابَكْ
أخي ماذا دهاكَ وما أصابَكْ / دعوتُك ثم لم أسمعْ جوابَكْ
هبِ الأيامَ لم ترحمْ عويلي / ولا حُزني ألم ترحمْ شبابَكْ
وقالوا قد رُزِقْتَ به ثوابَاً / فقلت لهم ومن يبغي ثوابَكْ
لا تَتَّهِمْ من شَقَّ فاك فإنَّهُ
لا تَتَّهِمْ من شَقَّ فاك فإنَّهُ / ضَمِنَ الحياةَ وقدَّرَ الأقواتا
وابذُلْ فانّ المالَ شَعْرٌ كلَّما / أوسعتَهُ حلْقاً يزيدُ نباتا
ومُسَدِّدٍ من قوسِ حاجبهِ
ومُسَدِّدٍ من قوسِ حاجبهِ / نحوَ المَقاتِلِ سهمَ مقلَتِهِ
خاف النِّصالَ فصاغ عارِضَهُ / زَرَدَاً تضاعفَ دونَ وجنتِهِ
لمَّا رآني حاسِراً ورأى / إدلالَهُ بكمالِ شِكَّتِهِ
أنحَى على ضَعْفِي بقوَّتِهِ / وسطَا على عَجْزِي بقدرتِهِ
بادِرْ بفُرصتكَ الزمانَ ولا
بادِرْ بفُرصتكَ الزمانَ ولا / تلبَثْ فإنَّ الفَوْتَ في اللَّبْثِ
إن الحوادثَ بين أجنحةِ ال / أيامِ وهي سريعةُ الحَثِّ
زَوَّجْتُها ليقِلَّ عَتْبُ وُشاتِها
زَوَّجْتُها ليقِلَّ عَتْبُ وُشاتِها / ويكونَ عندي صَفْوُهَا ومِزَاجُها
ما ضرَّنِي أنْ كنتُ صاحبَ ضيعةٍ / لي دَخْلُها وعلى سوايَ خَراجُها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025