المجموع : 106
من خصَّ بالشكر الصديقَ فإِنني
من خصَّ بالشكر الصديقَ فإِنني / أحبو بخالص شكريَ الأعداءَ
جعلوا التنافسَ في المعالي شِيمتي / حتى امتطيت بنعليَ الجوزاءَ
ونعوا عليَّ معايبي فحذرتُها / ونفيتُ عن أخلاقيَ الأقذاءَ
ولربما انتفع الفتى بعدوّهِ / والسّمُ أحياناً يكون دواءَ
ومساعدٍ لي في البكاء مُساهرٍ
ومساعدٍ لي في البكاء مُساهرٍ / بالليل يؤنِسُني بطيبِ لقائِهِ
هامِي المدامع أو يُصابَ بعينهِ / حامي الأضالعِ أو يموتَ بدائهِ
غرثانُ يأخذ روحَه من جسمهِ / فحياتُه مرهونةٌ بفَنائِهِ
يُشفِي على تَلَفٍ فيُضربُ عُنْقُهُ / فيكونُ أقوى موجبٍ لِشفائهِ
ساويتُه في لونه ونُحولهِ / وفضَلتُه في بُؤسهِ وشقَائهِ
هَبْ أَنَّهُ مِثلي بحُرقةِ قلبه / وسُهاده طولَ الدُّجَى وبكائهِ
أفوادِعٌ طولَ النهار مرفَّهٌ / كمعذّبٍ بصباحه ومسائهِ
ومُرّوِحٍ سِرّي سرورُ لقائِه
ومُرّوِحٍ سِرّي سرورُ لقائِه / لولا اتصالُ فنائِه ببَقَائِهِ
يحكي القضيبَ قوامُه ونحولُه / حسناً وضوءُ البدرِ من أسمائِهِ
فيسرُّنِي ليلاً بحسنِ وفائِه / ويسوؤُني صُبْحاً بقبحِ جفائِهِ
يشكو الحنينَ إِلى الأليفِ ويغتدِي / كُلٌّ يعلِّلُ نفسَهُ برجائِهِ
أبكي فيبكي غيرَ أَنَّ دموعَه / صِرفٌ ودمعي ممزجٌ بدمائِهِ
أُعدي عليه لظَى فُؤادِي فالتقَى / نارٌ تَحَدَّثُ عن لَظَى بُرَحائِهِ
أمعذَّبٌ والنارُ في عَذَباتِهِ / كمعذَّبٍ والنارُ في أحشائِهِ
يا أيها المولَى الذي اصطنَعَ الورى
يا أيها المولَى الذي اصطنَعَ الورى / شرقاً وغربَا
والمُستعانُ على الزمان إِذا اعتَرى / وأجدَّ حربا
أقسمتُ بالبُزْلِ النوافحِ في البُرَى / قُوداً وقُبَّا
واصلنَ نحوَ البيتِ بالسير السُّرَى / يحملن رَكْبا
يُرضيهمُ بعدَ الصدى وِرْدُ الصَّرَى / رِفْهَاً وغِبَّا
لقد ابتنيتَ المُلكَ مرفوعَ الذُّرَى / بكَ مستتبَّا
وتركتَ دينَ اللّه مشدودَ العُرَى / بُعْداً وقُرْبَا
وضَمِنْتَ للدنيا ومن فيها القِرَى / وكشفتَ جدبَا
من قالَ غيرُكَ للعُلَى فقد افترى / مَيْناً وكذْبَا
قَرُبَ الرحيلُ وزندُ عبدِكَ ما ورَى / فيما أَحبَّا
فأَجرْهُ من دهرٍ بَراهُ كَما تَرى / طعناً وضربا
أرخَى فضولَ عِنانه لمَّا جَرَى / فكبَا وكَبَّا
فانظُرْ إِليهِ وهو مطرودُ الكرى / ضُرَّاً وجدبا
هجر الأنامَ إليك طُرَّاً واشترى / بالجَدْب خِصْبَا
فأتاكَ يرتَعُ في ذراك وبالحَرى / ألّا يُذبَّا
بعضَ التَماسُكِ أيُّها القلبُ
بعضَ التَماسُكِ أيُّها القلبُ / فهو الهَوى ومرامُه صعبُ
إن الأُلَى قدروا وما غفروا / ما لي سوى حُبِيّهمُ ذنبُ
صَالوا على ضَعْفِي بقوَّتِهمْ / ما هكذا يتعاشَرُ الصحبُ
من ذا ألومُ على إِساءتِهم / قلبي عليَّ مع الهَوى إِلْبُ
تاللّه ما قلبي بمنفردٍ / في الحبِّ كُلُّ جوارحي قلبُ
إِنيَ لتشعرنِي مواعِدُهمْ / طرباً وأعلم أنها كِذْبُ
وأَغُرُّ نفسي منهم طمعاً / فيهم فَيَملِكني له عُجْبُ
ما لي وما للركب إِذ حسِبوا / أنّي يُسكِّنُ ما بيَ العَتْبُ
العَتْبُ أيسرُ ما أكابدُهُ / لو كان يعلمُ ما بي الرّكْبُ
يا وقفةً إثْرَ الأُلَى رحلُوا / حيث التقَى بالأبطحِ الشِّعْبُ
أرضٌ إِذا ولعَ النسيمُ بها / مَرِضَ الصَّبَا وتماثَلَ الترْبُ
فترابُها جَعْدٌ ونطفتُهَا / عذبٌ وذيلُ نسيمها رَطْبُ
أبكي لها دهراً قضيتُ له / نحبي ولا يُقْضَى له نَحْبُ
ساعاتُه خُلَسٌ ولذَّتُهُ / مسروقَةٌ ونعيمُه نَهْبُ
دهرٌ غريمٌ لم يُحِسَّ به / ريبٌ ولم يَفْطُنْ له خَطْبُ
قد قلتُ للمُزجِي قلائِصَهُ / حُدْباً تَعرَّق لحمَها الحُدْبُ
مترجِّحاً يحدو به رَغَبٌ / فيصدُّهُ عن قَصْدهِ الرَّهْبُ
أبشِرْ فقد جادتْكَ مقبلةً / أيامُ مجدِ المُلْك والخِصْبُ
أيامُ من ضَمِنَتْ سعادتُه / أنْ لا يطورَ فِناءَهُ جَدْبُ
ذاك الذي خضعتْ لطاعتِه / صِيْدُ الملوكِ وأذعنَ الغُلْبُ
ذاك الذي يغدو وشِكَّتُه / إِقبالُه وجنودُه الرُّعْبُ
رَدَّ الأمورَ إِلى حقائِقِها / حتَّى استبدَّ بدورِه القُطْبُ
وحمى حريمَ الملك ممتعِضاً / للجِدّ قد ألوَى به اللِّعْبُ
وشفَى من الداءِ العُضَالِ وقدْ / عجزَ الرُقَاةُ وأبلسَ الطِّبُ
وأقامَ للأجنادِ هيبتَه / حتى صَفا للدولة الشرْبُ
فتوقرتْ من بعدِما قَلِقَتْ / عُقَدُ الحُبَى وتفاقمَ الشغْبُ
وتراجعتْ بيضُ السيوف إِلى ال / أغمادِ لا طَعْنٌ ولا ضَرْبُ
من بعدِ ما هجمَ الزمانُ بها / بِكْراً وحَلَّ عِقالَها الحَرْبُ
في فترةٍ نُسِيَ الحُلومُ بها / وتشابَه المربوبُ والربُّ
بعزيمةٍ لو أنَّ هبَّتَها / للريح لم يَثْبُتْ لها هِضْبُ
ولطافةٍ لو أنَّها رأبتْ / شعبَ الزُّجَاجِ تلاءَم الشَّعْبُ
وسياسةٍ تحمي حميَّتُها / فتذوبُ في أغمادِها القُضْبُ
وأغرَّ مطبوعِ النَّدَى شَرِقٍ / بالمجد فيضُ يمينِه سَكْبُ
لقطوبهِ من بشرِهِ شِيَعٌ / ولحِلْمه من بطشهِ حِزْبُ
مُرُّ الحلاوةِ في مَهَزّتِه / لِينٌ ومَعْجَمُ عودِه صُلْبُ
لم تشتهرْ بالشرق عزمتُه / إِلّا ودانَ لحدِّها الغَرْبُ
آراؤُه كمقالِه سدَدٌ / ولسانُه كحسامِه عَضْبُ
لم يُسْمَ في صَمَّاءَ مُعْضِلَةٍ / إِلّا تفرَّجَ باسمهِ الكَرْبُ
متبرجٌ للوفدِ همَّتُهُ / بينَ الوفُودِ وبينَهُ حُجْبُ
رأيٌ بعيدُ الغَوْرِ سانَدَهُ / جُودٌ قريبُ المستقَى عَذْبُ
وندىً لَوَ اَن السحبَ تَعْشُرُه / لم يتَّسِعْ لِقطَارها سُهبُ
وعُلىً لوَ اَن الشمس تبلُغُها / في وجهِها سجدتْ لها الشُّهْبُ
وصَرامةٌ لو أنّ أيسرَهَا / للسيف لم يُثلَمْ له غرْبُ
لا نارُهُ تخبُو ولا يدُهُ / تنبو ولا إِقبالُه يكبُو
ساسَ الرعيةَ لا يباعدُه / بُغْضٌ ولا يدنُو به حُبُّ
واستغزرَ الأموالَ لا عنَتٌ / فيما يُثَمِّرُهُ ولا غَصبُ
جادت حلوبتُها بدَرَّتِها / عفواً ولا مَرْيٌ ولا عصبُ
وسواهُ قد جُهِدتْ حلوبتُه / مَرْياً ولم يُملأْ له قَعْبُ
لولا تأخّرُ عصرهِ نزلتْ / في شأنه الآياتُ والكُتْبُ
خُذْهَا مدبَّجَةً يَذِلُّ لها / قِطَعُ الرياض ويَخْجَلُ العصْبُ
واسْعد بعيد العُجْمِ مغتبطاً / من شأنك الإِعطاءُ والسلبُ
غَمرَ الخلافُ الناسَ واتفقتْ / فيه وفيك العُجْمُ والعُرْبُ
تصعيدُ هذا الدهرِ والتصويبُ
تصعيدُ هذا الدهرِ والتصويبُ / مثلي على حاليهما مغلُوبُ
لا تنكري أنّي تغيَّر شيمتي / فالرمحُ قد يَنْأدُّ منه كعوبُ
لا تعجبي أني شكوتُ فإِنَّه / قد يظلعُ المتحسِّرُ المنكوبُ
أجري على عِرْقِ المكارمِ مثلَما / يجري على أعراقِه اليعبُوبُ
ومَليحةِ الشكوى إليَّ مليحةٌ / من صرفِ أيام لهن دَبِيبُ
أنحَتْ عليَّ بلومها ولقد دَرَتْ / أنِّي على عَجْمِ الزمانِ صليبُ
واستنزلَتْني عن يَفَاعِ أبيَّتِي / ثم انثنتْ ورجاؤُها مكذُوبُ
ولقلَّما عادَ الرجاءُ مصدِّقاً / حيثُ التَوى وتعثَّر المطلُوبُ
ورأتُ وما عرفتْ نزاهةَ شِيمَتي / أني على جُرَعِ الحِياضِ ألُوبُ
غُرَّتْ بترجيمِ الظنون فأخطأتْ / والظنُّ يُخطِئُ مرةً ويُصيبُ
أوَمَا درتْ أني أنزِّهْ شيمتي / كيلا أبيتَ وعِرضِيَ المَسْبوبُ
أروى بشربِ الضَّبِّ مجتزئَاً به / والماء سَلسالُ المذاقِ شَروبُ
وأَصُدُّ دونَ الوِرْدِ والوُرَّادُ أَر / سالٌ كما ازدحَمَ القطا الأسروبُ
وأصونُ نعلي أنْ تَمَسَّ مواطِئَاً / عِرضي بوطء ترابها مثلوبُ
وأكُرُّ حيثُ السيفُ فوقَ جماجمي / والموتُ حدُّ سِنانِه مذروبُ
لا الهولُ يملأُ ناظريَّ ولا الردَى / عندي مريرٌ طعمُه مرهوبُ
فليبلونَّ أخا عزائم عندها / إِلّا البسالةَ والسماح غريبُ
في حلقِ كلِّ مُكايدٍ منه شجاً / وبصدرِ كُلِّ منابذٍ أُلهوبُ
فُجِعَتْ بها نفسِي وأيامُ الفتى / نَسَماتُ أرواحٍ لهنَّ هُبوبُ
واهاً لأيامٍ لهوتُ بطيبِها / غُصْنُ الصِّبَا ما بينهنَّ رَطِيبُ
فإِذا اعتزينَ فإنهنَّ شواغِلٌ / وإِذا انقضينَ فإنهنَّ كُروبُ
ولقد لبستُ رداءَها فنزعتُه / عن عاتقَيَّ وهل يدومُ قَشيبُ
ومُحاذرٍ وَخْزَ الهوانِ صَحِبْتُه / فَسرى بضوء جبينهِ الأركُوبُ
يخطو رقابَ القومِ وهو كأنَّه / عَوْدٌ بغاربه الندوبُ ركوبُ
تَئِقٌ إِذا ما الضيمُ مَسَّ إِهابَه / لم يرضَ أو يتخضبَ الأنبوبُ
تُخْفِي بسالتُه مطارحَ همِّه / ومرامِه إِنَّ الهَيُوبَ مُرِيبُ
قلبَ الزمانُ ظهورَهُ لبطونِه / إِنّ المعارفَ مدّها التجريبُ
خالستُه نُهَزَ السّرَى حتى انْجلَى / عن مثلِ حَدِّ المرهفِ التأويبُ
ولقد يكونُ الدهرُ أعجمَ صرفهُ / حتى استوى المكروهُ والمحبوبُ
سَلْ بي بناتِ الدهرِ فهي خبيرةٌ / أني عن المرعَى الذميمِ عَزُوبُ
تَبّاً لمن يُمْسِي ويُصْبِحُ لاهِياً / ومرامُهُ المأكولُ والمشروبُ
أَوما يَرى الأرزاق تطلُب غافلاً / وتَصُدُّ عن لهفانَ وهو طَلوبُ
وأرى الجدودَ هي الحواكمَ للورَى / وبهنَّ يُخفِقُ طالبٌ ويُصيبُ
فإِذا قطعْنَك فالغريبُ مبَعَّدٌ / وإِذا وصَلْنَكَ فالبعيدُ قَريبُ
حبُّ البقاءِ طبيعةٌ مجبولةٌ / وهل البقاءُ وقدرُه محسوبُ
ولكَمْ حياةٍ دونَها جُرَعُ الرَّدَى / ضَربٌ مشوبٌ والحياةُ ضُروبُ
والدهرُ ذو حاليْنِ أعرَجُ قُلَّبٌ / والعيش كَدٌّ أو يريح شعوبُ
وكأنّ آذريونَ روضتِنا
وكأنّ آذريونَ روضتِنا / كانونُ فَحْمٍ حولَه لَهَبُ
أو جامُ جَزعٍ حولَه سَبَجٌ / أو سورُ مِسْكٍ جامُهُ ذَهَبُ
شَجراتُ وَرْدٍ أصْفَرٍ بَعَثَتْ
شَجراتُ وَرْدٍ أصْفَرٍ بَعَثَتْ / في قلب كلِّ متيَّمٍ طرَبَا
خرطتْ مهودَ زبرجدٍ حملتْ / أجوافُها من عَسْجدٍ لُعَبَا
فإِذا الصَّبَا فتقتْ كمائِمَها / سَحَراً ومادَ الغُصْنُ وانتصَبَا
شبَّهْتُها بخَرِيدةٍ طَرَحَتْ / في الخُضْرِ من أثوابِها لَهَبا
سكبتْ يدُ الغيمِ اللجينَ لها / فكستْهُ صبْغَاً مونِقاً عَجَبَا
من ذا رأى من قبلهِ شَجَراً / سُقِيَ اللُّجينَ فأثْمَرَ الذَّهَبا
كم ليلةٍ ساهرتُ زُهْرَ نجُومها
كم ليلةٍ ساهرتُ زُهْرَ نجُومها / والجوُّ من أنفاسِ وجديَ شاحِبُ
أرعى السماءَ ونجْمُها متلبِّدٌ / حيرانُ قد سُدَّتْ عليه مذاهبُ
وكأنها بحرٌ يُعَبُّ عُبابُه / وكأنه فيها غريقٌ راسبُ
وترى بها أمَّ النجوم كجدولٍ / في روضةٍ فيها لجَينٌ ذائِبُ
وبناتُها سربُ الظِباء فواردٌ / أو صادرٌ أو جازيٌ أو قاربُ
وكأنما الشمسُ المنيرةُ إذْ بدتْ
وكأنما الشمسُ المنيرةُ إذْ بدتْ / والبدرُ يجنَحُ للمغيب ويغْرُبُ
متحاربانِ مِجَنُّ ذا قد صاغَهُ / من فضةٍ ولذا مِجَنٌّ مُذْهَبُ
لا أدَّعِي أنِّي وفَيْتُ بعهدِكمْ
لا أدَّعِي أنِّي وفَيْتُ بعهدِكمْ / ورعيتُكمْ إنّ الوفاءَ ضُروبُ
أأعيشُ من بعد الفِراقِ وأدَّعِي / حُسنَ الرعايةِ إنَّني لَكذوبُ
إنْ لم أمتْ أسفاً عليك فإنَّ لي / قلباً كما شاء الفِراقُ يذوبُ
ومن الشهودِ على غَراميَ أنَّني / طَرِبُ الشمائلِ والمُحِبُّ طروبُ
أَرتاحُ إنْ لاحَ الوميضُ وأنثني / نشوانَ إن هبَّتْ عليَّ جَنُوبُ
كان الشبابُ هو السرورَ فرمتُهُ
كان الشبابُ هو السرورَ فرمتُهُ / إذ فاتَ في الدنيا فعزَّ المطلبُ
طَرَبُ الشبابِ هو المؤثّرُ لا الغِنَى / والكأسُ والوترُ الفصيحُ المُعْجِبُ
أو لا فهذِي كلُّها موجودةٌ / إلا الشبابَ فما لنا لا نطرَبُ
لا تَطْمحنَّ إِلى المراتب قبلَ أنْ
لا تَطْمحنَّ إِلى المراتب قبلَ أنْ / تتكاملَ الأدواتُ والأسبابُ
إنَّ الثِمارَ تمِرُّ قبلَ بلوغِها / طَعْماً وهنَّ إِذا بلغنَ عِذابُ
من قاسَ بالعلمِ الثراءَ فإنَّهُ
من قاسَ بالعلمِ الثراءَ فإنَّهُ / في حُكمهِ أعمى البصيرةِ كاذبُ
العلمُ تخدمُه بنفسك دائماً / والمالُ يخدمُ عنكَ فيه نائبُ
والمالُ يُسلَبُ أو يبِيدُ لحادثٍ / والعلمُ لا يُخشَى عليه سالبُ
والعلمُ نقشٌ في فؤادِكَ راسخٌ / والمالُ ظِلٌّ عن فِنائِكَ ذاهبُ
هذا على الإنفاقِ يغزُرُ فيضُهُ / أبداً وذلك حين يُنفَقُ ناضِبُ
سعدتْ بطول بقائِكَ الحِقَبُ
سعدتْ بطول بقائِكَ الحِقَبُ / وعدتْ مقرَّ علائك النُوَبُ
أنت الذي انقادَ الزمانُ له / طوعاً ودانَ العُجْمُ والعَرَبُ
أنتَ الذي قسمَ القضاءُ له / فوقَ الرجاءِ ودونَ ما يجبُ
أنت الذي لولا مكارمُه / غاضَ الزُّلالُ وصَوَّحَ العُشُبُ
ما زالَ عن قومٍ نعيمهُمُ / إلا وأنتَ لردِّهِ سَبَبُ
فالمجدُ في حِضنيكَ معتقلٌ / والمالُ من كفَّيكَ منتهَبُ
كالدَّهرِ كلُّ صروفِه عِبَرٌ / والبحرِ كلُّ أمورِهِ عَجَبُ
حَنِقٌ على الأعداءِ مضطغِنٌ / وعلى الرعايَا مُشفِقٌ حَدِبُ
عَرفٌ نَمومٌ عُرْفُهُ شَمِلٌ / وحمىً منيعٌ عِيصُه أَشِبُ
بكَ عَزَّ دينُ اللّهِ واتَّضَحَتْ / آياتُه وتكشَّفَ الحُجُب
فاللّهُ شاكر ما رفدت بهِ / دينَ الهدى والرُسْلُ والكُتُبُ
لولا انقطاعُ الوحْي قامَ بما / قامتْ به في مدحكَ الخُطَبُ
ما بينَ مشرقِها ومغرِبهَا / تُحدَى إليك الأينقُ النُّجُبُ
فتُنَاخُ مِلءُ جلودِها نصبٌ / وتثار ملءُ متونِها نَشَبُ
ووراءَ سطوكَ إنْ هَممْتَ به / حِلمٌ يلوذ بحِقْوِهِ الغَضبُ
وعزيمةٌ هجماتُها دُفعٌ / كالسَّيل طامنَ عنقه الصَّبَبُ
خطَّارةٌ في كلِّ معركةٍ / قلبُ الحِمام لهولها يَجِبُ
وإِذا تحدّبت الكُماةُ على / صُمِّ القَنا وتطاردَ العُصَبُ
في موقفٍ جحدَ الرؤوسُ بهِ / أعناقَها فوشتْ بها القُضُبُ
فهناكَ أنتَ وعزمةٌ عصفَتْ / وانجابَ عنها الجَحفلُ اللَّجِبُ
رَوعاءُ لم يثبُتْ لها بَدَنٌ / إلا يروح وهمُّها الهَرَبُ
يا سائسَ الدنيا بمختلفِ ال / حالينِ فيها الرَّغْبُ والرَهَبُ
ومدبَّراً ضمنتْ أَيالَتُهُ / ألّا يُراعَ لصقرِها الحَزَبُ
ومؤلِّفَ الأضدادِ مجتمعاً / في راحتيهِ الماءُ واللَّهَبُ
بالشرق غيبتُهُ وهيبتُه / بالغربِ حيثُ الشمسُ تُحْتَجَبُ
فالبيضُ لولا رأيُهُ زُبَرٌ / والسُّمْرُ لولا عَزْمُه قَصَبُ
إنْ لَجَّ كفُّكَ في سماحتِها / فُقِدَ الرجاءُ وأقصَرَ الطَّلَبُ
أو دامَ بالأعداء وقعتُها / ضَجرَ الردى وتبرَّم العَطَبُ
كم ذمةٍ لك غيرُ مُخْفَرَةٍ / قد شُدَّ فوق عِنَاجِها الكَرَبُ
ومواربٍ أخفَى عَداوتَه / فبدَتْ كما تتفرَّقُ الجُلَبُ
أوسعتَهُ حِلْماً فأهلكَهُ / ولربما يُستوخَمُ الضَّرَبُ
وتركتَهُ تمكُو فرائصُهُ / للموتِ في حَوبائِه أَرَبُ
وغدتْ ملاعبُه متاعِبَه / يسفي ثَراها البارحُ التَّرِبُ
أينَ المفرُّ لمن طلبت ولو / عصمتْهُ في أفلاكِها الشُّهُبُ
لو كانَ ينجو منك معتصمٌ / لنجا إِذاً في المعدِن الذَّهبُ
زوَّدْتَنِي كُتُباً بموعِدها / قَرُبَ الغِنى وتمهَّدَ الرُّتَبُ
بمؤيدِ المُلْكِ انجلتْ غُمَمٌ / أنْحَت عليَّ وأقلعتْ كُرَبُ
أثنِي عليه بفضلِ أنْعُمِهِ / شكرَ الرياضِ لما سقَى السُّحُبُ
فبقِيت للإسلام تنصُرُهُ / والمُلكِ تأخذُ منه ما تَهَبُ
ورمى القضاء إليك طاعتَهُ / تختارُ ما تهوى وتنتَخِبُ
أخي ماذا دهاكَ وما أصابَكْ
أخي ماذا دهاكَ وما أصابَكْ / دعوتُك ثم لم أسمعْ جوابَكْ
هبِ الأيامَ لم ترحمْ عويلي / ولا حُزني ألم ترحمْ شبابَكْ
وقالوا قد رُزِقْتَ به ثوابَاً / فقلت لهم ومن يبغي ثوابَكْ
لا تَتَّهِمْ من شَقَّ فاك فإنَّهُ
لا تَتَّهِمْ من شَقَّ فاك فإنَّهُ / ضَمِنَ الحياةَ وقدَّرَ الأقواتا
وابذُلْ فانّ المالَ شَعْرٌ كلَّما / أوسعتَهُ حلْقاً يزيدُ نباتا
ومُسَدِّدٍ من قوسِ حاجبهِ
ومُسَدِّدٍ من قوسِ حاجبهِ / نحوَ المَقاتِلِ سهمَ مقلَتِهِ
خاف النِّصالَ فصاغ عارِضَهُ / زَرَدَاً تضاعفَ دونَ وجنتِهِ
لمَّا رآني حاسِراً ورأى / إدلالَهُ بكمالِ شِكَّتِهِ
أنحَى على ضَعْفِي بقوَّتِهِ / وسطَا على عَجْزِي بقدرتِهِ
بادِرْ بفُرصتكَ الزمانَ ولا
بادِرْ بفُرصتكَ الزمانَ ولا / تلبَثْ فإنَّ الفَوْتَ في اللَّبْثِ
إن الحوادثَ بين أجنحةِ ال / أيامِ وهي سريعةُ الحَثِّ
زَوَّجْتُها ليقِلَّ عَتْبُ وُشاتِها
زَوَّجْتُها ليقِلَّ عَتْبُ وُشاتِها / ويكونَ عندي صَفْوُهَا ومِزَاجُها
ما ضرَّنِي أنْ كنتُ صاحبَ ضيعةٍ / لي دَخْلُها وعلى سوايَ خَراجُها