المجموع : 10
قالوا الرحيلُ غداً فَشَاهِدْنَا غدا
قالوا الرحيلُ غداً فَشَاهِدْنَا غدا / تَرَنَا أشَتَّ نوىً وأشْجَى مَشْهَدا
قلْ كيفَ يُشْفِقُ من مكابدةِ الأَسَى / من ليس يَفْرَق من مُكَابدة العدا
ذَكَرَ الحمى فبكى إليه صَبابةً / حتى بكى معه المُفَنِّدُ مُسْعِدا
ويلاهُ من ذِكَرٍ جميعٍ شملُهَا / بَدَّدْنَ شَمْلَ دموعِهِ فتبدّدا
وطلابُهُ ما لا يُنَالُ ضلالةٌ / يا بُعْدَ ما بَيْنَ الضَّلالةِ والهُدَى
شِعْرِي وجودُكَ يا أَبا العبَّاسِ
شِعْرِي وجودُكَ يا أَبا العبَّاسِ / مَثَلانِ قد سارا بنا في النَّاسِ
أدنى سماحُك كلَّ شأوٍ نازحٍ / وأَلانَ شعري كلَّ قلبٍ قاس
فإذا التقينا مَتَّ طُلاَّبُ العُلاَ / بأواصرٍ وَبَنَوْا على آساس
وإذا افترقنا لم يزلْ ما بيننا / أَرِجَ المهبِّ مُعَطَّرَ الأنفاس
كم نهضةٍ لك بالمعالي أَطْلَعَتْ / نُوْرَ الرجاءِ على ظَلاَمِ الياس
وإشارةٍ لك في المكارم زاحمتْ / ضَيْقَ الهمومِ بِفُرْجَةِ الإيناس
أنت الصباحُ فما يضرُّ مؤَمّلٌ / أَلا يقيسَ سناكَ بالنبراس
ونوالُكض الفرجُ القريبُ وإن رَنَتْ / بعضُ العيونِ إلى الحيا البجَّاس
أذللتَ صَرْفَ الدهرِ بَعْدَ تَخَمُّطٍ / وَأَلَنْتَهُ من بعدِ طولِ شِماس
وحذوتَ حَذْوَ أبيكَ تَرْمِي بالندى / صَرْفَ الزمان وَتَتَّقي بالباس
شِيَمٌ بَهْرتَ بها الغمامَ مواطراً / والشهبَ زهراً والجبالَ رواسي
حَزْمِيّةٌ ما ضرَّها إن لم تَكُنْ / قطَعَ الرياضِ برملةِ الميعاس
مشهورةٌ بين المكارمِ والعُلاَ / تأْسُو بها أَدْواءَهَا وتواسي
سبقتْ إليَّ الحادثاتِ فأمسكتْ / عني بأيدي الذلِّ والأبلاس
فاليوم أُعْرِيها فهبني لم أكنْ / لظهورها حلساص من الأحلاس
أَعْلَى أبو مروان منها رُتْبَتِي / وَحَمَى بها سِرْبي أبو العباس
إنسانُ عين المجدِ سَمَّوْهُ به / لا أنَّه ناسٍ ولا متناس
عاجَتْ عُلاهُ على القوافي عَوْجَةً / نَفَضَتْ رِمامَ رسُوْمِها الأدْرَاس
في حيثُ أوْحَشَها الزمانُ وأهْلُهُ / فاستعجمتْ مِنْ غربةٍ وتناسي
ومحا بَشَاشَتها الخمولُ فَأْطَرقَتْ / وكأنها آناءُ ليلٍ غاسِ
مَوْتَى أجَنَّتْهَا الصدورُ وربما / رَجَعَ النشورُ بها على الوسواس
إيهٍ أبا العبّاسِ دعوةَ آملٍ / عن صِدْقِ تقليدٍ وَحُسْنِ قياس
يا حافظَ الأحباس إن وسائلي / قد ضِعْنَ فاحفظها مع الأْحبَاس
لعبتْ صروفُ الدهرِ بي وبهمتي / من بعدِ تجربتي لها ومراسي
كالكاسِ طاف بها المديرُ فلم يكنْ / ليَ ظئرها وغداً صريعَ الكاس
أدعوك بين صعودِها وصَبُو بِها / كالعِشْقِ بين الشَّيبِ والإفلاس
أُدْلي بمجدكَ أو أُدِلُّ فإنما / أَضَعُ الحنيَّة في يدِ القوّاس
وأزفُّ من شعري إليكَ عقيلةً / أحظيتُها من حليةٍ ولباس
ذهبتْ بحسنِ الوردِ إلا أنها / قامتْ عُلاكَ لها بعمرِ الآس
صبٌّ له في كلِّ عُضْوٍ مَدْمَعُ
صبٌّ له في كلِّ عُضْوٍ مَدْمَعُ / هَجَعَ الخليُّ وليلُهُ ما يَهْجَعُ
لعبَ الفراقُ بصبرهِ وعزائِهِ / لَعِباً يَرِيْثُ الجِدُّ فيه وَيُسْرعُ
يا وَصْلَ ذاتِ الخالِ هلْ مِنْ مُرْجِعٍ / هيهاتِ ليس لما تَوَلَّى مُرْجع
يا لذ ما أدْرِي وقد وَدَّعْتِني / منْ أيِّ شيءٍ أتَّقِي أوْ أجْزَع
بحياةِ عِصْياني عَلَيْكِ عَوَاذِلي / هل كانتِ القُرباتُ عندك تَشْفَعُ
هل تذكرينَ ليالياً بِتْنَا بها / لا أنتِ باخلةٌ ولا أنا أمْنَع
أُثْنِي عليكِ وكل أصفرَ مُرْهَفٍ / لهواكِ يَعْنُو أو لحمدك يَضْرَع
من كلِّ مَمْشُوقِ القضوَامِ تخالُهُ / وكأنه بين الصَابِعِ إصْبَع
عِيٌّ إذا فَرَعَ البَنَانةَ منبراً / شاهدتَهُ وهو الخطيبُ المِسْقَع
ولقىً إذا وصلَ الخُطَى في مُهْرَقٍ / جاءَتْهُ أعناقُ الخطوبِ تَقَطَّع
يا من يَعوذ به الورى
يا من يَعوذ به الورى / من مُجِبرٍ أو مُستطيعِ
أَنتَ الربيع وإنما / جادَ الزمانُ على الربيع
غَفَلَ الرقيبُ فزارني / قمرٌ مطالعه ضلوعي
فرنا إلى مَجْرى الكؤو / سِ وأنتَ أعلمُ بالخليع
فابعثْ بها تُسْلي النفو / سَ وتَقْتَضي أمْن المروع
لأرى بديلةَ ريقِهِ / ويرى بديلاً من دموعي
نَبَتْ بيَ حِمْصُ جادَها كلُّ مُرْهِمٍ / تُهِلُّ الرُّبا بالشكرِ أيَّانَ يَهْمَعُ
وما كنتُ أخْشَى أن أَحُلَّ ببلدةٍ / بها غَصَصٌ من أهلها وهيَ بلْقَع
وما أخملوني لكنِ المجدَ أَخْمَلُوا / وما ضَيّعُوني لكنِ العلمَ ضيعوا
وبينَ ضُلوعي ما لو أنّ أقَلّهُ / بأكْنافِ رَضْوى أوْشكتْ تتصدَّع
أشَاءُ من الأَيامِ ما لا تشاؤُهُ / وأطْمَعُ في ما ليس لي فيه مَطْمَع
وينئينيَ الحرمانُ عن كلِّ مطْلَبٍ / وَنَفْسِي عليه حَسْرَةً تتقطع
سَلْ دمعيَ المبذولَ هلْ مِنْ حيلةٍ
سَلْ دمعيَ المبذولَ هلْ مِنْ حيلةٍ / لي أوْلَه في نوميَ الممنوع
وحنينيَ الموصولَ كيف تَعَرَّضَتْ / شُبُهَاتُهُ لرجائي المَقْطُوع
لا تركننَّ إلى الزمانِ وَصَرْفِهِ / فَتَكَ الزمانُ بآمنٍ وَمَرُوع
وَدَعِ الأحبَّةَ والدنوَّ أو النوى / ما أشْبَهَ التسليمَ بالتوديع
يا وانياً يَأسَى على ما فاتَهُ / إن الوَنَى طَرَفٌ من التّضْيِيع
ومداجياً تَخِذَ الخديعةَ جُنّةً / ألاّ أنِفتَ لرأيِكَ المخدوع
دافعْ بعزمِكَ أو بجهدك إنها / عَزَمَاتُ حُكْمٍ ليس بالمدفوع
وانظرْ بعينِكَ أو بقلبك هل تَرَى / إلا صريعاً أو مآلَ صريع
أَبني عُبَيدِ الله أينَ سَرَاتُكُمْ / مِنْ عاثِرٍ بِعنانِهِ المخلوعِ
دهرٌ كأنّ صُرُوفَهُ قد جُمَعَت / من نثرِ مُنتَظِمٍ وَشتِّ جميع
يَهْنَ البقيْعَ وليته لم يَهْنَهُ / قبرٌ غدا شَرَفاً لكلِّ بقيع
عجباً له وَسِعَ المكارمَ والعُلا / وَدَعا له الداعونَ بالتّوسيع
وإلى العزاءِ فكلُّ شرٍّ ذاهبٌ / وإذا استَمَرَّ فلاتَ حينَ رجوع
وإذا عجبتَ من الزمانِ بحادثٍ / فلتابعٍ يَبْكي على متبوع
وإذا اعتبرتَ العُمْرَ فهو ظُلامَةٌ / ولاموتُ منه موضعُ التوقيع
أنا كُنتُ أوْضَحَ حُجّةً منْ لُوَّمي
أنا كُنتُ أوْضَحَ حُجّةً منْ لُوَّمي / إذ عُجْتُ في أطلالِ دارِكِ فاعْلمي
جاءَوا بِلَوْمِهِمُ وجئتُ بأَدمعي / تَنْهَلُّ بين مُعَصَفرٍ ومُعَنْدم
فوددتُ أنكِ كنتِ حيثُ تَريْنَني / صالٍ بِلَومِهِمُ غَريقاً في دمي
فتبيّني أني على ما سُمْتِني / جَشّمْتُ فيكِ النفسَ كلَّ مُجَشّم
ووقفتُ دونكِ للصبابةِ وقْفَةً / لو أنّها بينَ الحطيمِ وزمزم
مِنْ عَذْلِهِم في صَدْرِ يوْمٍ أيْوَمِ / ومن الأسى في جُنحِ ليلٍ مُظْلم
يا تاركي مِنْ بَيْنِهِ وَصُدودِهِ / نَشوَانَ بينَ تَضَرُّعٍ وَتَظلُّمِ
نَمْ وَادِعاً فلربَّ ليلٍ بِتُّهُ / يَرْمي إليكَ بي الغرامُ وَيَرْتَمي
يَرْنُو إليَّ غَضِيضَةً أجْفَانُهُ / فكأنّها معقودةٌ بيَلَمْلَم
أعْطَيْتُهُ منّي كأنِّيَ لمْ أُبَلْ / وَأخَذْتُ لي مِنْهُ كأنْ لم أعلم
أعرضتُ عنه وجرَّ فَضْلَ خُطَامِهِ / حتى استمرَّ كأنه لم يُخْطَم
وَقَنِعْتُ منه بِظاهرٍ مُتَبَسّمٍ / وَرَّى به عن باطنٍ مُتَجَهّم
حتى إذا لم أُلْفِ فيه حَيْلَةً / إنْ أُوْمِ يَعْمَ وإن أقُلْ لا يَفْهم
أعْطَيْتُهُ حدَّ الحُسَامِ المُنْتَضَى / عِوَضاً بحاشيةِ الرِّداءِ المُعْلم
خَلَّيْتُ بين النائباتِ وبينه / وَرَمَيْنَ عَنْ عُرُضٍ فكانَ هُوَ الرَّمِي
عَرَضَتْ له من حيثُ لم يَحْفَلْ بها / جَهْلاً وخرَّ فَلليدينِ وللفم
طَفِقَتْ تضجُّ من التواءِ الدهرِ بي / وتقولُ عن عيشٍ مضى فَكَأَنْ لمِ
يا هذه إن الغِنى إنْ نِلْتُهُ / لم أغْتَبِطْ أو فاتَني لم أنْدَم
حظّي من الدُّنْيَا إذا أحْرَزتُهُ / صونُ الصديقِ لها بِبَذلِ الدّرهم
لِمَ لا أجُودُ ولو بباقي مُهْجتي / لا يسْتحقُّ الشكرَ منْ لم يُنعم
وعلى مَن يلقاني العدا مُسْتنجداً / رأس القتيلِ ولا يدُ المستسلم
وإلى متى أدَعُ الزمانَ وشأنَهُ / هيهاتِ حتى أبْلُغَ ابنَ الحضرمي
إن ابنَ عيسى قد أضاءَ وأظْلموا / فكأنما هو غُرّةٌ في أدهَم
واقَفْتُ منه رُكْنَ كلّ عظيمةٍ / بالأعظمِ ابنِ الأعظمِ ابنِ الأعظمِ
بالرَّوضةِ الغنّاءِ أعلى القبّة / الشهباءِ أثناءَ الغديرِ المُفعَم
بالكوكبِ الدريّ في جنْحِ الدُّجى / والصارمِ الهنديِّ في عَينِ الكمي
من لي به كالشّمسِ رَيْعانَ الضُّحى / في ساعةٍ كالعُرْسِ غبَّ المأتم
أمَلي من الدُّنْيا إذا أحْرَزْتُهُ / فَعليَّ أنْ أحْمِي ولي أنْ أحْتَمي
يسمو إلى العليا بكل جلالة / والناس من مستسلم ومسلم
فَيَطُولُ غيرَ مُدَافعٍ ويقولُ غي / رَ مُرَاجَعٍ وَيَعُولُ غيرَ مُذَمَّم
جَاوِرْهُ أقْوى طالبٍ واسأله أجدَى / وَاهِبٍ وامْدَحْهُ أشْرَفَ ضَيْغَم
والهجْ به متأخّراً مِيلادُهُ / لولاه كانَ الفَضْلُ للمتقدِّم
أخَذَ العَلا بيمينِه وشمالِهِ / غَوْتُ الطَّريدِ وَعِصْمَةُ المُسْتَعْصِم
سَمْحٌ ولا صوبُ الغمام المْجْتَدَى / ماضٍ ولا حدُّ الحسامِ المِخْذَم
فَعُفَاتُهُ منْ طَوْلِهِ في مَغْنَمٍ / وَعُدَاتُهُ من صَوْلِهِ في مَغْرَم
بحرُ البلاغة تَرْتَمي جَنَبَاتُهُ / بالقولِ يُطْلِقُ منْ عِقَالِ المُفْحَم
أوْمَى إلى صَعْبِ الكلام فَرَاضَه / بمقالِ لا عيٍّ وفطنةِ لا عِمِي
فالسِّحْرُ بين جَنَانِهِ ولِسانِهِ / يَنسابُ بين مُصرِّح ومُجَمْجِمِ
يا مُوْسِعي من بِرِّه ووفائِهِ / ما يسْتَرِقُّ تضرُّعي وتَخَدُّمي
مَرْآكَ في عيني وجُودُك في يدي / وهواكَ في قلبي وذكرُكَ في فمي
إلبَسْ برُودَ مدائحي ومُلاءَها / وافَتْكَ بينَ مُعَضَّدٍ ومُسَهَّم
منْ كلِّ شاردةٍ تُدِلُّ بِمِقْوَلٍ / لو كانَ مضرِبَ صارمٍ لم يُثلم
نُورٌ رفعتُ له مَنَارَ بلاغتي / فَمَشَتْ على سَننِ الطَّريق الأقوم
أهْدَتْ إليكَ الوَشْيَ غيرَ مُنَمنمٍ / وَجَلَتْ عليكَ السّحْرَ غيرَ مُحَرَّم
طلبَتْ ذَرَاك بِعَفْوِها وبِجَهْدِها / أدليلَها ألقِ عَصَاكَ وَخيّم
في حيثُ إن تمْلِقْ فَحَسْبُكَ حاتمٌ / أو تُضطَّهَدْ فحسيبُكَ ابنُ مكدّم
أصْبَحْتَ حيثُ ثَراكَ أمْنَعُ مَعْقِلٍ / فاسْلَمْ على الأيامِ واسْلمْ واسلم
ودَعِ العِدَا يَتَمَرَّسوا بِمُعَلّكٍ / فسيسْأمُونَ وويحُ مَن لمْ يسأَمِ
يَمَّمْتُهُ فلقيتُ خَيْرَ مُيَمّمِ / ورحلْتُ عنه فكانَ غيرَ مذمّم
ورأيتُه فرأيتُ عيسى وابنَهُ / وأباه لم أنكِرْ ولم أتَوَهَّم
وعرفتُ شِنْشِنَةً فقلتُ لصاحبي / قد كنتُ أعْرِفُ هذه مِن أخْزَم
لَبَّيْكَ عنْ سِرِّيَ وَعَنْ إعلاني
لَبَّيْكَ عنْ سِرِّيَ وَعَنْ إعلاني / ما شئتَ منْ بَوْحٍ ومن كتمانِ
شَوْقٌ إليكَ أطَعْتُهُ وأطاعني / لولا النُّهَى لَعَصَيْتُهُ وَعَصاني
وهوىً رفعتُ به لوائي في الهوى / فاليومَ يا عزِّي ويا سلطاني
حيث المكارمُ تحتَ أظلالِ العُلا / والحُسْنُ في بَحْبُوحةِ الإحسان
والخيلُ لاحقةُ البطونِ كأنها / فَضَلاتُ ما جرَّتْ من الأرسان
في غمرة ملء الفضاء حبالها / قِصَدُ القَنَا وجماجمُ الفرسان
يَخْرُجْنَ من خَلَلِ الغبار كأنها / شررٌ تطايرَ من خلالِ دُخان
والموت ممنوع الحريمِ مُبَاحُهُ / قد حانَ بين البِيضِ والأجفان
وأهابَ بالأرواحِ في أجسْادِها / فأتَتْه بين الذلِّ والإذعان
والدهرُ قد هدَّ القلوبَ فأصبحتْ / مشغولةً حتى عن الخَفَقان
قُلُباً ولكنْ إن بَدا لك مَتْحُها / فإلى الرماح ولا إلى الأْشطانِ
وإنِ القلوبُ حَنَتْ عليها فانْتَصِفْ / منها بأمثالِ القلوب حواني
وَهْيَ الوَغَى لا ما تَخَيَّلَ عاجزٌ / جَمَعَ السلاحَ وَعُدَّةَ الأقْرانِ
وإذا المنايا طار عنها فارسٌ / فالأرضُ حتى يستحيل أماني
وعلا ابن زُهْرٍ والكواكبُ دونها / في كلِّ يَوْمَيْ نائلٍ وَطِعَان
المُشْتَفِي الشّافي الحميُّ الحامي / الآمرُ الناهي البعيدُ الداني
رِدْءُ الكتيبةِ خَلْفَها وأمامَها / كالموتِ تلقاهُ بكلِّ مكان
وفتى إيادٍ شيبِها وشبابِها / في كلِّ حادثةٍ وكلِّ أوان
القادرينَ على الوفاءِ ضَمانَهُمْ / حينَ الليالي لا تَفِي بِضَمان
وَمُكَلّلينَ النارَ هاماتِ الربى / في حيثُ ما شُبَّتْ وفي الغِيْطان
قومٌ إذا عَرَضُوا لحملِ أمانةٍ / أيْقَنْتَ أنَّ الفَضْلَ للإنسان
وإذا فُلانٌ عُدَّ سَيّدَ مَعْشَرٍ / زحفوا له منهمْ بأَلْفِ فُلان
هُمْ ضَمَّنوكَ عَناءَ كلِّ سيادةٍ / واسْتنجحوكَ لِسَعْدِ كلِّ قران
واري الزنادِ بدفْعِ كلِّ مُلِمَّةٍ / مُتَصرّفٌ في صَرْفِ كلّ زمان
ركَّابُ أهوالٍ قريعُ حوادثٍ / طلاّبُ أوتارٍ رفيعُ مَبانِ
ركبَ اصطكاكَ الموج في أمثالِهِ / مِنْ حِمْلِهِ المتدافع الأركان
تسمو به حُبْلى عقيمٌ أمكنتْ / بِصُماتِ بكرٍ في هَدَاةِ عوان
من كلِّ حاملةٍ وقلْ محمولةٍ / لو لم تعُمْ عُدَّتْ من الغربان
طَوْعُ الرياحِ أو الرياحُ تُطِيعها / حكمانِ مُتَّفِقانِ مختلفان
فكلاهما فرَسا رهانٍ برّزا / سَبْقاً وإن لم يجريا لِرِهان
تحنو على سُكّانها لا عن هوىً / وتُضِيْعُ أنفُسَهُمْ لغيرِ هَوان
وكأنهم فيها نشاوى قهوةٍ / قد صُرّعوا منها بجامٍ جان
لتحطَّ مِنْ رَضوى إلى ثَهْلانِه / بأجلَّ من رَضْوى ومن ثهلان
إحدى جيادِكَ لو أزارْتها الوَغَى / متهلّلاً والموتُ ذو ألوان
ولو أنَّ ما حَملتك فيه وضعته / مما يُطَلُّ من النجيع القاني
وأتى وعيدٌ من حماك اعتادني / بَعْدَ الهدوِّ فشفَّني وشفاني
ذِكرٌ يكرُّ هواكَ وبين جوانحي / حتى أراكَ على النَّوى وتَرَاني
خطٌّ نَظَمْتَ الدينَ والدنيا به / لو لم يَعُدْني غيرُهُ لكفاني
لَتُطالِعَنَّكَ من ثَنائي أسْطُرٌ / تُزْهى بِسِحْرِ بلاغةٍ وبيان
ولأتركنَّ عداكَ نَهْبَةَ أسْهُمٍ / مما بَرَى قلبي وراش لساني
شكراً لأنْعُمِكَ التي أعْلَتْ يدي / حتَّى تَذَبْذَبَ دونها الفجران
فاسْلَمْ على أخْذِ الزمانِ وَتركِهِ / قَمَرَ النديّ وفارسَ الميدان
واطلبْ أميرَ المؤمنينَ لعزَّةٍ / قعْساء بينَ الأمنِ والإيمان
وقولَّهُ في عَهْدِ كلّ سياسةٍ / هو أوَّلٌ فيها وأنتَ الثاني
وتسنَّما خُطَطَ الفَخارِ وأنتما / أَخَوَان أو قلباكما أخوان
النوم بعدكمُ عليّ محرّم
النوم بعدكمُ عليّ محرّم / من ذا ينام وقلبه يتضرّم
ماء الحياة وقد نأيتم آسن / ريق ووجه الدهر أسحم مظلم
قد بان عني الصبر لما بنتم / فالوجد ينجد في الفؤاد ويتهم
أجريتم دمعي دماً لفراقكم / ظلماً وقلتم ما له لا يكتُم
ما كان اكتمني لسري قبل أن / تكف الدموع كأنهنَّ العندم
فإذا شهدت جماعة واعتادني / تذكاركم فاضت دموعي تسجم
فبحقكُّم من ذا يعاين أدمعي / تنهلّ إلّا قال هذا مغرم
حملتموني ثقل بينكم ألم / تتبينّوا ألا أطيق فترحَّموا
عاقبتموني في الهوى بذنوبكم / لقد استطعتم إذ قدرتم فاعلموا
أتَظلمّونَ وتظلمون بجهدكم / ومن العجائب ظالم متظلم
أعتبتم فعتبتم وأطعتم / وعصيتم ووصلتم فهجرتم
قد كان لي في هجركم أو أنَّني / أقوى عليه من السلامة سلم
ولقد علمتم أنني قد رمته / فغضبت فافعلوا ما شئتم
أنتم مناي وفيتم أو خنتم / ولكم هواي دنوتم أو بنتم
يا حبذا أم الوفاء وان جفت / وتغيرت فهي التي لا تسام
وهي التي انفردت فؤادي كله / ولطالما قد كان وهو مقسم
أسدٌ ولو أنّي أنا
أسدٌ ولو أنّي أنا / قِشُهُ الحسابَ لقلتُ صَخْرهْ
وكأنَّه أسدُ السَّما / ءِ يمجُّ منْ فيه المجرَّهْ
لا تَسْتَرِب منْ ذا النحولِ فإنَّهُ
لا تَسْتَرِب منْ ذا النحولِ فإنَّهُ / صدأٌ أصابَ الصارمَ المصقولا
فالبدرُ يُكْسَف في عُلُوِّ مكانِه / والوَعْكُ يَدْخُلُ للهزبرِ الغِيلا