المجموع : 9
للغانياتِ بِذي المَجازِ رُسومُ
للغانياتِ بِذي المَجازِ رُسومُ / فَبِبَطنِ مَكّةَ عهدُهنَّ قَديمُ
فَبمَنحر الهَدي المقَلدِ مِن مِنى / جُدَدٌ يلُحنَ كَأَنَّهُنَّ وشومُ
هِجنَ البكاءَ لِصاحِبي فزَجرتُهُ / وَالدَّمعُ مِنه في الرِّداءِ سُجومُ
قال اِنتَظِر نَستَحفِ مَغنَى دِمنَةٍ / أَنَّى اِنتَوَت لِلسائلين رَميمُ
قُلتُ اِنصَرِف إِنَّ السؤالَ لَجاجَةٌ / وَالناسُ منهم جاهِلٌ وَحَليمُ
فَأَبى بِهِ أَن يَستَمِرَّ عَن الهَوى / لِنَجاحِ أَمرٍ لُبُّهُ المَقسومُ
وَالحُبُّ ما لَم تَمضيَن لِسَبيلِهِ / داءٌ تضمَّنَهُ الضُلوعُ مُقيمُ
أَبلِغ رُمَيمَ عَلى التنائي أَنَّني / وصّالُ إِخوان الصَفاءِ صَرومُ
أَرعَى الأمانَة للأمينِ بِحَقِّها / فَيبينُ عَفّاً سِرُّهُ مَكتومُ
وَأَشَدُّ لِلمَولى المُدَفَّعِ رُكنُهُ / شَفَقاً مِن التَعجيزِ وَهوَ مُليمُ
يَنأى بِجانِبه إِذا لَم يفتَقِر / وَعَليَّ لِلخَصمِ الأَلدِّ هَضيمُ
إِنَّ الأَذِلَّةَ وَاللئامَ مَعاشِرٌ / مَولاهُم المُتَهَضّمُ المَظلومُ
وَإِذا أَهنتَ أَخاكَ أَو أَفردتَهُ / عَمداً فَأَنتَ الواهِنُ المَذمومُ
لا تَتَّبِع سُبُلَ السفاهَةِ وَالخَنا / إِنَّ السفيهَ معنَّفٌ مَشتومُ
وَأَقِم لِمَن صافيتَ وَجهاً واحِداً / وَخَليقَةً إِنَّ الكَريمَ قَؤومُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ / عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ
وَإِذا رَأَيتَ المَرءَ يَقفو نَفسَهُ / وَالمُحصَناتِ فَما لِذاكَ حَريمُ
وَمُعيِّري بِالفَقرِ قُلتُ لَهُ اِقتَصِد / إِنّي أَمامَك في الزَمانِ قَديمُ
قَد يُكثِرُ النكس المُقَصِّرِ هَمّهُ / وَيَقِلُّ مالُ المَرء وَهوَ كَريمُ
تَراكُ أَمكنةٍ إِذا لَم أَرضَها / حَمّالُ أَضغانٍ بِهِنَّ غَشومُ
بَل رُبَّ مُعتَرِضٍ رَدَدتُ جِماحَهُ / في رأسِهِ فأقَرَّ وَهوَ لَئيمُ
أَغضى عَلى حَدِّ القَذى إِذ جِئتهُ / وَبأنفِهِ مِمّا أَقولُ وسومُ
أَنضَجتُ كَيَّتُهُ فَظَلَّ منكِّساً / وسطَ النَديِّ كَأَنَّه مأمومُ
متَقَنِّعاً خَزيانَ أَعلى صَوتِه / بَعدَ اللجاجَةِ في الصُراخِ نَئيمُ
أَقصِر فَإِنّي لا يَرومُ عضادتي / يابنَ الجَموحِ مُوَقَّعٌ مَلطومُ
وَإِذا شَرِبتَ الخَمرَ فاِبغِ تَعِلَّةً / غَيري يَئينُ بِها إِلَيكَ نَديمُ
أَنَّى تُحارِبُني وَعودُكَ خِروَعٌ / قَصفٌ وَأَنتَ مِن العَفافِ عَديمُ
ما كانَ ظَهري لِلسّياطِ مظِنَّةً / زَمَناً كأَنّي لِلحُدودِ غَريمُ
قَد كُنتُ قُلتُ وَأَنتَ غَيرُ موفقٍ / ماذا زُوَيملَةُ الضَّلالِ يَرومُ
أَنتَ امرؤٌ ضَيَّعتَ عِرضَكَ جاهِلٌ / وَرَضِيتَ جَهلاً أَن يُقالَ أَثيمُ
إِنّي أَبى ليَ أَن أُقَصِّرَ والِدٌ / شَهمٌ عَلى الأَمرِ القَوي عَزومُ
وَقَصائِدي فَخرٌ وَعِزي قاهِرٌ / مُتَمَنِّعٌ يَعلو الجِبالَ جَسيمُ
وَأَنا امرؤٌ أَصِلُ الخَليلَ وَدونَهُ / شُمُّ الذُّرى وَمَفازَةٌ ديمومُ
وَلَئِن سَئِمتُ وصالَه مادامَ بي / مُتَمَسِّكاً إِنّي إِذَن لَسَؤومُ
لا بَل أُحَيّي بِالكَرامَةِ أَهلَها / وَأذمُّ مَن هوَ في الصَديقِ وَخيمُ
وَبِذاكَ أَوصاني أَبي وَأَنا امرؤٌ / فَرعٌ خزيمةُ معقِلي وَصَميمُ
لا أرفِدُ النُّصحَ امرءاً يَغتَشُّني / حَتّى أَموتَ وَلا أَقولُ حَميمُ
لِمبعِّدٍ قُربي يَمُتُّ بِدونِها / إِنَّ امرءاً حُرِمَ الهُدى مَحرومُ
تَلقى الدَّني يَذُمُّ مَن يَنوي العُلى / جَهلاً ومتنُ قَناتِه مَوصومُ
فِعل المُنافِق ظَلَّ يأبِنُ ذا النُّهى / في دينِهِ وَنِفاقُهُ مَعلومُ
هَذا وَإِمّا أُمسِ رَهنَ مَنيَّةٍ / فَلَقَد لَهَوتُ لَو اَنَّ ذاكَ يَدومُ
بِكَواعِبٍ كالدُرِّ أَخلصَ لَونَها / صَونٌ غُذينَ بِهِ مَعاً وَنَعيمُ
في غَيرِ غِشيانٍ لأمرٍ مَحرَمٍ / وَمَعي أَخٌ لي لِلخَليلِ هَضومُ
وَلَقَد قَطَعتُ الخَرقَ تَحتي جَسرَةٌ / خَطّارَةٌ غِبَّ السُّرى عُلكومُ
مَوّارَةُ الضبعَينِ يَرفَعُ رَحلَها / كَتِدٌ أَشَمُّ وَتامِكٌ مَدمومُ
تَقِصُ الإِكام إِذا عدَت بِملاطِسٍ / سُمرِ المَناسِمِ كلّهنَّ رَثيمُ
مَدفوقَةٌ قُدُماً تَبوَّعُ في السُّرى / أجدٌ مُداخَلَةُ الفَقارِ عَقيمُ
زَيّافَةٌ بمقَذِّها وبليتِها / مِن نَضحِ ذِفراها الكُحَيلُ عصيمُ
وَجناءُ مُجفِرَةٌ كَأَنَّ لُغامَها / قُطنٌ بِأَعلى خَطمِها مَركومُ
أَرمي بِها عُرضَ الفَلاةِ إِذا دَجا / لَيلٌ كَلَونِ الطَّيلسانِ دَهيمُ
تهدي نجايبَ ضُمَّراً وَكَأَنَّما / ضَمِنَ الوَليَّةَ وَالقتودَ ظَليمُ
مُتَواتِراتٍ تَعتلينَ ذواقِنا / فَكأَنَّهُنَّ مِن الكَلالَةِ هِيمُ
وَلَها إِذا الحِرباءُ ظَلَّ كَأَنَّهُ / خَصمٌ يُنازِعُهُ القُضاة خصيمُ
عَنسٌ كَأَنَّ عِظامَها مَوصولَةٌ / بِعِظامِ أُخرى في الزِّمامِ سَعومُ
وَلَقَد شَهِدتُ الخَيلَ يَحمِلُ شِكَّتي / طِرفٌ أَجَشُّ إِذا وَنينَ هَزيمُ
رَبِذُ القَوائِمِ حينَ يَندى عِطفُه / وَيَمورُ مِن بعدِ الحَميمِ حَميمُ
يَنفي الجِيادَ إِذا اِصطَكَكنَ بِمأزِم / قَلِقُ الرِّحالَةِ وَالحِزامِ عَذومُ
وَإِذا عَلت مِن بَعدِ وَهدٍ مَرقَباً / عَرضت لَها دَيمومَةٌ وَحُزومُ
يَهدي أَوائِلَها المُوَقَّفُ غُدوَةً / وَيَلوحُ فَوقَ جَبينِه التسويمُ
طالَت قَوائِمُه وَتَمَّ تَليلُه / وَاِبتَزَّ سائِرَ خَلقِه الحَيزومُ
مُسحَنفِرٌ تُذري سَنابِكُه الحَصى / فَكأنَّ تَذراهُ نَوىً مَعجومُ
ذو رَونَقٍ يَذري الحِجارَةَ وَقعُهُ / وَبِهِنَّ للمتوسِّمينَ كُلومُ
فَكأَنَّهُ مِن ظَهرِ غَيبٍ إِذ بَدا / يَمتَلُّ هَيقٌ في السرابِ يَعومُ
هَزِجُ القِيادِ أمرَّ شَزراً هَيكَلٌ / نَزِقٌ عَلى فأسِ اللِّجامِ أزومُ
يَهوي هَويَّ الدلوِ أسلمها العُرى / فَتَصَوَّبت وَرِشاؤُها مَجذومُ
مُتَتابِعٌ كَفِتٌ كَأَنَّ صَهيلَهُ / جَرسٌ تَضَمَّنَ صَوتَهُ الحُلقومُ
صُلبُ النسورِ لَهُ مَعَدٌّ مُجفِرٌ / سَبِطُ الضلوعِ وَكاهِلٌ ملمومُ
مُتَقاذِفٌ في الشَّدِّ حينَ تَهيجُه / كَتقاذُفِ الحِسي الخَسيف طَميمُ
مِن آلِ أَعوَجَ لا ضَعيفٌ مُقصَفٌ / سَغِلٌ وَلا نَكِدُ النباتِ ذَميمُ
سَلِطُ السنابِكِ لا يُوَرِّعُ غَربَهُ / فَأسٌ أُعِدَّ لَهُ مَعاً وَشَكيمُ
شَنِجُ النسا ضافي السَّبيبِ مُقَلِّصٌ / بِكَظامَةِ الثَّغرِ المَخوفِ صَرومُ
يَرمي بِعَينَيهِ الفِجاجَ وَرَبُّهُ / لِلخَوفِ يقعدُ تارَةً وَيَقومُ
كالصَّقرِ أَصبحَ باليَفاعِ وَلَفَّهُ / يَومٌ أَجادَ مِن الرَبيعِ مُغيمُ
صَرَمتكَ رَيطَةُ بَعدَ طولِ وِصالِ
صَرَمتكَ رَيطَةُ بَعدَ طولِ وِصالِ / وَنأتكَ بعدَ تَقَتُّلٍ وَدَلالِ
عَلِقَ الفُؤادُ بِذكرِ رَيطَةَ إِنَّهُ / شُغُلٌ أُتيحَ لَنا مِن الأَشغالِ
أسَديَّةٌ قذفَت بِها عَنكَ النَّوى / إِنَّ النَّوى ضَرّارةٌ لِرجالِ
بَل حالَ دونَ وِصالِها بَعضُ الهَوى / وَتَبدَّلَت بدَلاً مِن الأَبدالِ
إِنَّ الغَواني لا يَدُمنَ وَإِنَّما / موعودُهُنَّ وَهُنَّ فيءُ ظِلالِ
حاشى حَبيبَةَ إِنَّما هيَ جَنَّةٌ / لَو أَنَّها جادَت لَنا بِنوالِ
خَلطَت مَلاحَتَها بِحُسنِ تَقتُّل / وَفخامَةٍ لِلمُجتَلي وَجَلالِ
صَفراءُ رادِعَةٌ تُصافي ذا الحِجى / وَتَعافُ كُلَّ مُمَزَّحٍ بَطّالِ
زعمَ المُحَدِّثُ أَنَّها هيَ صَعدَةٌ / عَجزاءُ خَدلَةُ موضعِ الخَلخالِ
خَودٌ إِذا اِغتَسلَت رأَيتَ وِشاحَها / فَوقَ البَريمِ يَجولُ كُلَّ مَجالِ
لا تَبتَغي مِقَةً إِذا اِستَنطَقتَها / إِلا بِصِدقِ مَقالَةٍ وَفَعالِ
ليست بآفِكَةٍ يَظَلُّ عَشيرُها / مِنها وَجارُ الحَيِّ في بَلبالِ
أَبلِغ حَبيبَةَ أَنَّني مُهدٍ لَها / وُدّي وَإِن صَرَمَت جَديدَ حِبالي
إِنّي امرؤٌ لَيسَ الخَنا مِن شِيمَتي / وَإِذا نَطقتُ نَطقتُ غَيرَ عيالِ
نَزلت حَبيبَةُ مِن فُؤادي شُعبَةً / كانَت حِمىً وَحشاً مِن النُّزَّالِ
وَوَفَت حَبيبَةُ بالَّذي اِستَودَعتُها / وَركائِبي مشدودَةٌ برحالي
لا تَطنُزي بي يا حَبيبُ فَإِنَّني / عَجِلٌ لِمَن يَهوى الفِراقَ زَوالي
كَم مِن خَليلٍ قَد رَفَضتُ فَلَم يَجِد / بَعدي لموضِع سِرِّهِ أَمثالي
أَبدى القَطيعَةَ ثُمَّ راجَع حِلمَهُ / بَعدَ استِماعِ مقالَةِ الجُهّالِ
إِنّي امرؤٌ أَصِلُ الخَليلَ وَإِن نأى / وَأَذُبُّ عَنهُ بِحيلَةِ المُحتالِ
مَن يُبلِني بالوُدِّ يَوماً أجزِهِ / بِالقَرضِ مِثلَ مثالِه بِمِثالي
فَصِلي حَبيبَتَنا وَإِلا فاِصرمي / أَعرِف وَتَقصُرُ خُطوَتي وَسُؤالي
واعصي الوُشاةَ فَقَد عَصَيتُ أَقارِبي / وَوَصَلتُ حَبلَكِ واِرعوى عُذّالي
مَن تُكرمي أُكرِم ومن يَكُ كاشِحاً / يَعلَم وَراءَكِ بالمَغيبِ نِضالي
بَل كَيفَ أَهجُركم وَلَم تَرَ مِثلَكُم / عَينَيَّ في حَرَمٍ وَلا إِحلالِ
أَنتِ المُنى وَحَديثُ نَفسي خالياً / أَهلي فِداؤُكِ يا حَبيبُ وَمالي
هَل أَنتِ إِلّا ظَبيَةٌ بخَميلةٍ / أَدماءُ تَثني جيدَها لِغَزالِ
تُسبي الرِّجالَ بِذي غُروبٍ بارِدٍ / عَذبٍ إِذا شرعَ الضَّجيعُ زُلالِ
كالأُقحُوانِ يَرِفُّ عَن غِبِّ النَّدى / في السَّهلِ بَينَ دَكادِكٍ وَرِمالِ
وَإِذا خَلوتَ بِها خلوتَ بِحُرَّةٍ / رَيّا العِظامِ دَميثَةٍ مِكسالِ
نِعمَ الضَجيعُ إِذا النُّجومُ تغوَّرَت / في كُلِّ لَيلَةِ قرَّةٍ وَشمالِ
تُصبي الحَليمَ بعينِ أَحوَر شادِنٍ / تَقرو دوافِعَ رَوضَةٍ مِحلالِ
وَبواضِحِ الذِّفرى أَسيلٍ خَدُّهُ / صَلتِ الجَبينِ وفاحمٍ مَيّالِ
وَبِمعصَمٍ عَبلٍ وَكفّ طَفلَةٍ / وَروادفٍ تَحتَ النِّطاقِ ثِقالِ
أَسَدِيَّةٌ يَسمو بِها آباؤُها / في كُلِّ يَومِ تَفاخُرٍ وَنِضالِ
بَينَ القصيرَةِ وَالطويلَةِ بَرزَةٌ / لَيسَت بِفاحشَةٍ وَلا مِتفالِ
كالشمسِ أَو هِي أَسوى إِذ بَدَت / في الصَّحوِ غِبّ دُجُنَّةٍ وَحِلالِ
إِن تُعرِضِي عَنّا حَبيبُ وَتَبتَغي / بَدلاً فَلَستُ لَكُم حَبيبُ بقالي
هَل كانَ ودُّكِ غَيرَ آلٍ لامِعٍ / يَغشى الصُّوى وَيَزولُ كُلَّ مَزالِ
قَد كانَ في حِجَجٍ مضينَ لِعاشِقٍ / طَلَبٌ لِغانيَةٍ وَطولُ مِطالِ
أَسَئِمتِ وَصلي أَم نَسيتِ مَودَّتي / إِيّاكِ في حِجَجٍ مضينَ خَوالِ
إِلا يَكُن وُدّي يُغيِّرهُ البِلى / وَالنأيُ عَنكِ فَإِنَّ وُدَّكِ بالي
مَنَّيتِني أُمنيَّةً فَتَرَكتُها / وَرَكبتِ حالاً فاِنصرفتُ لِحالي
يا صاحِبَيَّ قِفا عَلى الأَطلالِ / أَسَلِ الديارَ وَلا تَرُدُّ سُؤالي
عَن أَهلِها إِنّي أَراها بُدِّلَت / بقَرَ الصَّريمَةِ بَعدَ حَيّ حلالِ
قَد كُنتُ أَحسِبُ أَنَّني فيما مَضى / مَن يَسلُ أَو يَصبِر فَلَستُ بِسالي
تَمشي الرئالُ بِها خَلاء حولَها / وَلَقَد أراها غَيرَ ذاتِ رِئالِ
فَسَقى مساكِنَ أَهلِها حَيثُ اِنتوَت / صَوبُ الغَمامِ بواكِفٍ هَطّالِ
رَدَّ الخَليطُ جِمالَهم فَتَحَمَّلوا / لِلبَينِ بَعدَ الفَجرِ والآصالِ
وَحَدا ظعائِنَهم أَجَشُّ مشَمِّرٌ / ذو نيقَةٍ في السيرِ وَالتَّنزالِ
رَفَعوا الخُدورَ عَلى نَجايبَ جِلَّةٍ / مِن كُلِّ أَغلبَ بازِلٍ ذَيّالِ
مُتَدافِعٍ بالحملِ غَيرَ مواكِلٍ / شَهمٍ إِذا اِستَعجلته شِملالِ
يَرمي بِعَينيهِ الغُيوبَ مُفَتَّلٍ / رَحبِ الفُروجِ عُذافِرٍ مِرقالِ
طَرَقَت حَبيبَةُ وَهيَ فيهم موهنِاً / إِنَّ المُحِبَّ مُخالِطُ الأَهوالِ
فاِشتَقتُ وَالرجلُ المُحِبُّ مُشَوَّقٌ / وَجَرى دُموعُ العَينِ في السِّربالِ
لَم تَسرِ لَيلَتها حَبيبَةُ إِذ سَرَت / إِلا لتَشغَفَنا بطَيفِ خَيالِ
أَنّى اِهتَديتِ لفتيَةٍ غِبَّ السُّرى / قَد خَفَّ حِلمُهُم مَعَ الإِرمالِ
متوسِّدي أَيدي نَواعِجَ ضُمَّرٍ / مُتَضَمِّناتِ سآمةٍ وَكَلالِ
وَضعوا رِحالَهُم بخَرقٍ مجهَلٍ / قَمنٍ مطالِعُهُ مِن الإِيغالِ
تَرمي خيامَهُم شَمالٌ زَعزَعٌ / وَتَطيرُ بَينَ سَوافِلٍ وَعَوالِ
مِن كُلِّ ممهولِ اللبانِ مقَلِّصٍ / ذي رونَقٍ يَعلو القيادَ طِوالِ
يَرقى وَيَطعَنُ في العِنانِ إِذا اِنتَهى / منه الحَميمُ وَهَمَّ بالإِسهالِ
لأياً بلأيٍ ما ينالُ غُلامُنا / مِنهُ مَكانَ مُعَذَّرٍ وَقَذالِ
في ضُمَّرٍ لَم يُبقِ طولُ قيادِنا / مِنهنّ غَيرَ جَناجِنٍ ومحالِ
يَردينَ في غَلَسِ الظَلامِ عَوابِساً / صُعرَ الخُدودِ تَكَدُّسَ الأَوعالِ
وَيُرينَ مِن خَلَلِ الغُبارِ إِذا دَعا / داعي الصَباحِ كَأَنَّهُنَّ مَغالي
وَالمَشرَفيَّةُ كُلُّ أَبيَضَ باتِرٍ / مِنها وآخَرُ مُخلَصٍ بِصِقالِ
إِذ لا تَرى إِلا كَميّاً مُسنَداً / تَحتَ العجاجِ مُلَحَّبِ الأَوصالِ
وَالخَيلُ عَقرى بَينَ ذاكَ كَأَنَّما / بِنُحورِها نَضحٌ مِن الجِريالِ
لِلطَّيرِ مِنها وَالسِّباعِ ذَخيرَةٌ / في كُلِّ مُعتَركٍ لَها وَمَجالِ
تُدني رِجالاً مِن مَواطِنَ عِندَها / أَجرٌ وَمُنقَطِعٌ مِن الآجالِ
إِنّا أُناسٌ تَستَنيرُ جُدودُنا
إِنّا أُناسٌ تَستَنيرُ جُدودُنا / وَيَموتُ أَقوامٌ وَهُم أَحياءُ
قَد يَعلَمُ الأَقوامُ غَيرَ تَنَحُّلٍ / أَنّا نُجومٌ فَوقَهم وَسَماءُ
قَتَلوا حُسَيناً ثُمَّ هُم يَنعونَهُ
قَتَلوا حُسَيناً ثُمَّ هُم يَنعونَهُ / إِنَّ الزَّمانَ بِأَهلِهِ أَطوارُ
لا تَبعدن بالطّفِّ قَتلى ضُيِّعَت / وَسَقى مَساكِنَ هامِها الأَمطارُ
ما شُرطَةُ الدَّجالِ تَحتَ لِوائِهِ / بِأَضلَّ مِمَّن غَرَّهُ المُختارُ
أَبني قَسِيٍّ أوثِقوا دَجالَكُم / يُجلَ الغُبارُ وَأَنتُم أَحرارُ
لَو كانَ عِلمُ الغَيبِ عِندَ أَخيكُمُ / لَتَوطَّأت لَكُم بِهِ الأَحبارُ
وَلَكانَ أَمراً بَينَنا فيما مَضَى / تَأتي بِهِ الأَنباءُ وَالأَخبارُ
إِنّي لأَرجو أَن يُكَذِّبَ وَحيَكُم / طَعنٌ يَشُقُّ عَصاكُمُ وَحِصارُ
وَيجيئُكم قَومٌ كَأَنَّ سُيوفَهُم / بأَكُفِّهم تَحتَ العَجاجَةِ نارُ
لا يَنثَنونَ إِذا هُمُ لاقَوكُمُ / إِلا وَهامَ كُماتِكُم أَعشارُ
وَردٌ تَظَلُّ لَه السِّباعُ تُطيعُه
وَردٌ تَظَلُّ لَه السِّباعُ تُطيعُه / طَوعَ العُلوجِ تَلينُ للإِسوارِ
أَرأَيتَ إِن أَهلَكتُ ماليَ كُلَّهُ
أَرأَيتَ إِن أَهلَكتُ ماليَ كُلَّهُ / وَتَرَكتُ مالَكَ فيمَ أَنتَ تَلومُ
لَسنا وَإِن أَحسابُنا كَرُمَت
لَسنا وَإِن أَحسابُنا كَرُمَت / مِمَّن عَلى الأَحسابِ يَتَّكِلُ
نَبني كَما كانَت أَوائِلُنا / تَبني وَنَفعَلُ مِثلَ ما فَعَلوا
الشِّعرُ لُبُّ المَرءِ يعرِضُه
الشِّعرُ لُبُّ المَرءِ يعرِضُه / وَالقَولُ مِثلُ مَواقِعِ النَّبلِ
مِنها المُقَصِّرُ عَن رميَّتِهِ / وَنَوافِذٌ يُذهِبنَ بالخَصلِ
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ / هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ
تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا / كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ
وَتَراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عُقولَنا / أَبَداً وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ
فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها / فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ
فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي / بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ / عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ