المجموع : 79
يحيى بن صاعد بن يحيى لم يزل
يحيى بن صاعد بن يحيى لم يزل / للمكرمات إلى حيالي جالبا
ما زال يُغزيني علاه ولم أزَل / بعلاه ما بين البريّة خاطبا
لا تُحوِجَنَّ أخاك لا بل عبدكَ اَل / قِنَّ بنَ عبدِكَ أن يرومَ أجانبا
فلأنتَ أولى بي لِما عوَّدتَني / عمن غدا لي في الأصول منُاسبا
ثقة الخلافة سيّد الحكماء مع / تمد الملوك الفيلسوف الكاتبا
مازحِ وطايب ما استطعتَ فما الفتى / ممّن يكون ممازحاً ومطايبا
وفداك من نَوب الزمان وصرفه / قوم يزيدون الزمان معايبا
يا صاحِبي هاتِ الُمدامةَ هاتِها
يا صاحِبي هاتِ الُمدامةَ هاتِها / فصبيحةّ النَّيروزِ مِن أوقاتها
كَرمِيةٌ كَرمَيَّةٌ ذَهَبيّةٌ / لَهَبيَّةٌ بِكراً تقومُ بذاتِها
رَقَّت وراقَت في الزجاجِ فخِلتُها / جادَت بها العشاقُ من عَبرَاتها
من كفِّ هيفاءِ القَوام كأنّما / عُصِرَت سلافُ الخَمرِ من وجَنَاتِها
السّحرُ في ألحاظها والغَنجُ في / ألفاظِها والدلُّ في حَركاتها
أَو مَا تَرى فصلَ الربيع وطِيبَه / قد نبَّهَ الأرواحَ مِن رقَدَاتها
والطيرَ تصدحُ في الغصون كأنّما / مَدَحَت نظامَ الملُكِ في نَغمَاتها
فانهض بنا وانشَط لنأخذَ فرصةً / من لذّةِ الأيام قبلَ فواتِها
يا صاحبَي سِرِّي ولا أُخفيكُما / ما أطيبَ الدنيا على عِلاّتها
قم فاسقنيها بالكبير ورُح إلى / راحٍ تريحُ النَّفسَ من كُربُاتها
إن مِتُّ مِتُّ فخَلِّني وغَوايتي / إنّ الغَواية حُلوةٌ لجُناتها
ولقد جريتُ على الصَّبابة والصبِّا / وجذبتُّ أقراني إلى غاياتها
ثم ارعويتُ وما بِكَفِّيَ طائِل / من لذّةِ الدنيا سوى تَبِعاتِها
طرقت وساريةُ النجومِ هَجودُ
طرقت وساريةُ النجومِ هَجودُ / وسرت وشاردةُ الرياحِ ركودُ
مهزوزة هزّ القضيب كأنّما / في الرَّيطِ غصنُ البانةِ الأملودُ
نقعت مساويكُ الأراكِ غليلهَا / برضُابها والهاشميُّ صدودُ
ما كنت أعرف والحدودُ ذريعةٌ / أنّي شقيٌّ والأراكُ سعيدُ
والَمندَلُ الهنديُّ أولى لو دَرى / لولا أحاظٍ قُسِّمَت وجُدودُ
ما حطَّ قدرَهُمُ ولا أزرى بهم
ما حطَّ قدرَهُمُ ولا أزرى بهم / عزلٌ عجلتَ به وأنتَ سديدُ
لكن به ظهرت حقائقُ سعدهم / والسيفُ يُبدي ماءَهُ التجريدُ
والأُسدُ أولى بالعرين فكم / غدا يختال في خِيسِ الخِلافة سِيدُ
وكذا سِرارُ البدرِ أصل كمالهِ / وبسوءِ فعلِ النارِ يُذكي العودُ
رقّ النسيمُ وغنّتِ الأطبارُ
رقّ النسيمُ وغنّتِ الأطبارُ / وصفا المُدامُ وضجّتِ الأوتار
وصفا السمِّاك إلى المغيب وقد بدا / نجمُ الصباحِ كأنّهُ دينارُ
وكأنّما الجوزاء مِعصمُ قَينةٍ / والأفقُ كفٌّ والهلالُ سِوارُ
فكأنّما زهرُ النجومِ فوارس / تبغي السباقَ لها الدُّجى مضمارُ
يا حبّذا ليلات رامةَ إنّها / كانت لياليَ كلُّها أسحارُ
إن لم تكن وطني فلي بربوعها / وَطَرٌ وأوطانُ الفتى الأوطارُ
لا ذنبَ إلا للقلوبِ فإنها / تهوى وإن لم تعلمِ الأبصارُ
أهدى لنا نَفَسُ الصبَّا أنفاسكُم / سَحَراً فقلت عسى الصبَّا عَطّارُ
وتمايلت للسكرِ باناتُ الحمِى / حتى كأنّ نسيمَهُ خَمّارُ
عشقت شمائلَهُ الوزارةُ فاغتدت
عشقت شمائلَهُ الوزارةُ فاغتدت / شوقاً إليه وعن سواه تنفرُ
ويجلُّ عنها قَدرُهُ مع أنّها / لتجلُّ قدراً عن سواه وتكبرُ
مَلِكٌ إذا لَمَعت بوارِقُ بِشرِهِ
مَلِكٌ إذا لَمَعت بوارِقُ بِشرِهِ / للضيفِ فَهي بَما يرومُ بشيرُ
الجهلُ أَروَحُ للفتى من عقلِه
الجهلُ أَروَحُ للفتى من عقلِه / يُمسي ويصبحُ آمِناً مسرورا
تَرَك العَواقبَ جانباً عن فكرِه / وسَعى رَواحاً في الهوى وبكُورا
والعقلُ يعقِلهُ على حَسَراته / ويَصُدُّ فيرُدّه مَحسورا
وتراه مهتماً كثيراً غَمُّه / يَحيا أسيراً أو يموتُ فقيرا
لَمّا علا الجُهّالُ في أيامنا / ورَقَوا ونالُوا مَنزِلاً وسريرا
أخفيتُ عِلمي واطّرحتُ فضائلي / عَلِّي أكونُ إذا جَهِلتُ أميرا
المُلكُ راسله بأنّي مَحجِرٌ
المُلكُ راسله بأنّي مَحجِرٌ / يا ناظري فمتى تحلّ المَحجِرا
والدولةُ الغراءُ قالت إنّني / عين مسهَّدة وأنتَ لها كرى
وَزَر الوِزارة إذ سواه بذكرِها / أزرى وبالوزَرِ العظيم تَأزَّرا
قم يا غلامُ فهاتها
قم يا غلامُ فهاتها / حمراءَ فالتفاحُ أحمر
قانٍ كخدّكَ بين ريَ / حانٍ كعارضِكَ المسطَّر
فكأنّها والمزجُ يُلب / بسُ رأسَها إكليلَ جوهر
بَدرُ الدُّجى صاغت له ال / أفلاكُ نجمَ الجوِّ مِغفَر
وكأنَّ كفَّ مُديرِها / من لونِي القاني مُعصَفرَ
أيّ السِّهامِ بدَت لنا
أيّ السِّهامِ بدَت لنا / يومَ اللِّوى تلكَ الَمحاجِر
غَرثى الوِشاح شبيعةُ التَّ / حجالِ مفُعمةُ المَازر
في العدلِ أنّكَ راقدٌ / عنّي وأنِّي فيكَ ساهر
ساروا بقلبي في الرِّكا / بِ وسائري في القلبِ سائر
لا غَرو إن ملكَ ابنُ إس
لا غَرو إن ملكَ ابنُ إس / حاقَ وساعده القَدَر
وصفت له الدنيا وخص / صَ أبو الغنائم بالكَدرَ
فالدهرُ كالدولاب لي / س يدورُ إلا بالبقر
قد قلتُ للشيخ الرئي
قد قلتُ للشيخ الرئي / سِ أخي السماح أبي المُظَفَّر
ذكِّر معينَ الدين لي / قالَ المؤنّث لا يذكَّر
لو أنّ لي نفساً صبرتُ لِما
لو أنّ لي نفساً صبرتُ لِما / ألقى ولكن ليس لي نفسُ
ما لي أُقيم لدى زعانِفةٍ / شُمِّ القرون أنوفُهم فطسُ
لي مأتمٌ من سوءِ فعلهِمُ / ولهم بحسنِ مدائحي عرسُ
ولقد غرستُ المدحَ عندهُمُ / طمعَاً فحَنظلَ ذلك الغَرسُ
الشيخَ عينُهُمُ وسَيّدهُم / خَرِفٌ لعمركَ باردِ جبسُ
كالجاثَلِيقِ على عُصيتَّهِ / يَغدو ودارا خلفَه القَسُّ
والناصحُ الهندورجي إلى / جَنبِ الوزير كأنّه جَعسُ
وأبو الفتوح فأنت تعرفه / وسُهَيل مثل الكلب يندسُّ
وخليفةُ الريّ الخبيث له / بالتيس فَرط القُرب والأنسُ
وأبو الغنائم في تبظرمه / يعلو وليس ليومه أمسُ
والزَّوزَنِيُّ فبارد سَمِجٌ / كالموت فيه البَردُ واليُبسُ
لو أن نورَ الشمس في يدهِ / من بخله لم تطلُعِ الشمس
متخفِّفٌ أي أنّني دَمِثٌ / وأخفُّ من حركاته قُدسُ
ومحمدُ القصّابُ فَقحَتُهُ / لقصّابي نَسا رمَس
وحُرَيبَةُ الإسكاف خازنهُ / رشخوُ الحِتارِ كأنّه قَلسُ
قد صار مالُ الأرض في يدهِ / عفواً وقيمةُ رأسه فَلسُ
هذي أمور الملك أجمعها / فسعُودها من أجلهم نَحسُ
ولقد هممتُ بأن أفارِقَهُم / وتجدَّ بي عَيرانةٌ عَنس
لكن ثناني عن فراقِهِمُ / عِلمي بأنّ الناس قد خَسُّوا
مَن ذا أرومُ وأجتديه لقد / عمَّ البلاءُ وأشكلَ اللَّبسُ
المقتدي المسكين ليس له / عقل ولا رأي ولا جَسُّ
يبني وينقضُ ما يُشيِّدُهُ / فكأنّه مُتبخِّرٌ يفَسُو
هذا وكُهرائِينُ شِحنَتُهُ / كالكلب خَبٌّ بارد نِمسُ
رجُلٌ ولكن ما له / أنثى ولكن مالها
وأبو شجاع في وسادته / كالخَرسِ لا بل دوَنهُ الخَرس
أبني جَهير أرتجي وهمُ / بالأمسِ أقربُ سوقةٍ غُبسُ
أعلى أمورهمُ إذا نفق ال / طِريّخُ عنهم أو غَلا الدِبسُ
واللهِ لو ملكوا السماءَ لَما / عرفوا ولا اهتزُّوا ولا انجسوا
أم بابَ إبراهيمَ أقصدهُ / هيهات خاب الظنُ والحَدسُ
قد كان محبوسا وكان له / جودٌ فزال الجودُ والحَبسُ
أم أعتفي ابن أخيه مُرتَجياً / عِلقا له من ظهره تُرسُ
ندفت التركِ / حتى ظننّا أنّها بِرسُ
مَغنى الصبِّا ما لي أراكَ دريسا
مَغنى الصبِّا ما لي أراكَ دريسا / ولقد عهدتُكَ آهلاً مأنوسا
ما راح دمعي في عِراصكَ مطلقا / حتى غدا قلبي بهنّ حبيسا
حملت أهلَّةُ مُهرةٍ من عامرٍ / يومَ الكثيب أهلّةً وشموسا
غربَت بهم في غُرَّب يا مَن رأى / شمساً يكون غروبُها تعبيسا
يا حبّذا المتحمّلون عشيّةً / من بطن وَجرَةَ يعُملون العِيسا
متبارياتٍ كالسِّهام فأصبحت / مما أضرّبها الدروبُ قُؤوسا
لا درَّ درُّكِ من قِلاص قلّصت / ظِلَّ الهوى فغدا حِماه وطيسا
فلقد صدعت ببَنهم كِبَدَ الهوى / ونكأتِ قَرحا في الحَشا لا يُوسى
للهِ ليلٌ بالحريمِ خلَستُه / والحَزمُ كوني للسرور خَلوسا
فجلوتُ فيه على الهموم وطوَّفَت / بابنِ المنى بنتِ الكروم عروسا
وشموسُ راحٍ في سماءِ الراح قد / جعلت لنا أبراجهنّ كؤوسا
بلدٌ أبو الفتح اللئيمُ عميدُهُ
بلدٌ أبو الفتح اللئيمُ عميدُهُ / والقاسمُ بن الفضل قيل رئيسُهُ
وظريفُه الكافي الطويل وعرضُه / رثُّ الرداء كما عرفتَ لبَيسُه
ونقيبُه التيسُ الرِضا متبظرِمٌ / مع أنِّه دنِسُ الَمحلِّ خسيسُه
وابنُ الخطيبيّ الصغير لحكمهِ / زلَلٌ وجروُ المندوي جليسهُ
والوقَفُ في أيدي العُلوج وكلُّهم / قد زاد من مال الَمصالحِ كيسُه
وأنا وسلَمان الأديبُ إمامُنا / وجميعُ مَن صقلت نُهاه دروسُه
نبكي على الفضل الذي قد صوّحت / بسقوطهم أفنانُه وغروسُه
يا دهرُ ما ازدادَ اللئيمُ لينقُصَا
يا دهرُ ما ازدادَ اللئيمُ لينقُصَا / كلا ولا أغلى نهاه ليَرخصا
قد كنتُ أطمعُ بالفضائل في العُلا / فالآن جُلُّ منايَ أن أتخلَّصا
لو كنت أعلمُ أنّ فضليَ ناقصي / ما كنتُ من سفهٍ عليه لأحرِصا
كالمِسكِ يُسحَقُ بالصلاةِ لنشرهِ / والعودُ يُحرَقُ للنسيم مُمَحصا
والظبي لولا حسنُه لم يقُتَنَص / والبومُ يؤمِنه القضا أن يقُنَصا
قاسوكَ جهلا بالملوكِ وظالمٌ / من قاسَ علويَّ الكواكب بالحَصا
واستكثروا لكَ ما بلغتَ وإنني / مستنزِرٌ لكَ مَن أطاع ومَن عصى
قلَّت لكَ الدنيا فكن لكنوزِها / مترقِّباً ولمُلكِها متربِّصا
أبنَي الأماني اللائذاتِ بجودهِ
أبنَي الأماني اللائذاتِ بجودهِ / مُوتوا فقد ماتَ الأغرُّ الأَروَعُ
غاضَ النّدى ماتَ العُلا ذهبَ النُّهى / هلَك الورَى ضاقَ الفضاءُ الأوسَعُ
عجَباً وأحوالُ الزمانِ عجيبةٌ / لفؤادِ دهرِكَ كيف لا يتصدَّعُ
ولشمسِ جوّكَ كيف لم تُكشف جوىً / بل كيف بعد أبي الفوارس تطلُعُ
ولحضرةٍ ضمّت مهذَّب جَسمهِ ال / قُدسي كَيف إلى العُلا لا تُرفَعُ
أتضيقُ عنك الأرضُ وهي فسيحةٌ / وتضمُّ جسمَكَ بعد موتكَ أذرعُ
فسقاكَ غيثٌ مثل جودِك صَيِّبٌ / أبدَ الزمانِ ودِيمةٌ ما تُقلِعُ
فالدهرُ بعدكَ عاطلٌ مِن حَليِهِ / مستوحِشٌ من أهلِهِ مُتفَزِّعُ
ما كنتُ أعرفُ قدرَ أي
ما كنتُ أعرفُ قدرَ أي / يامي التي ذهبت ضياعا
حتى فُجعتُ بها ولم / أسطِع لذاهبها ارتجاعا
الحزنُ حُزني والضلوع ضلوعي
الحزنُ حُزني والضلوع ضلوعي / والجَفنُ جفني والدُّموع دموعي
فعلامَ يعِذلُني على بَرحِ الهوى / مَن لا يقومُ نِزاعه بنُزوعي
ولَعَ الفراقُ بشملنا وَلَعَ الهوىَ / بقلوبنا وبمَن أُحبُّ ولَوعي
ولقد أراني للعواذِلِ عاصيا / أبداً لنَهي نُهايَ غيرَ مُطيعِ
أودعتُهم بالكُرهِ إذ ودّعتُهم / حُسنَ العزاءِ عشيّةَ التوديعِ
ووجدتُ حزنَ الحُزن سَهلا بعدهم / ومنيعَ فيضِ الدّمع غيرَ منيعِ
وأذبتُ يومَ الجِزع مدامعي / جَزَعا ولم أكُ قبله بجَزُوعِ
سار الجميعُ فسار بعضي إثرَهُ / وودِدَتُ أن لو كان سار جميعي
يابانَ هل بانَ الصباحُ فإنّني / مُذ بانَ بِتُّ بليلة الملسوع
زُمّا الَمطيّ عن الطلول فإنّها / بخلت بردِّ جوابِها المسموعِ
لسَفهَتُ نفَسي إذ سألتُ ربوعهَا / عن ظاعنٍ مغناه بين ضلوعي
ما أنصفتكَ بذي الأراك حمامة / أبدَت سرائرَ قلبِكَ المفجوعِ
أبكي دما وبكِنّها مكنونةٌ / لكنّها تبكي بغير دمُوعِ
هيهاتَ لست من البكاءِ وإنّما / هذا الغناءُ لشملِك الَمجموعِ
ولكيفَ يُنصفكَ الحمام وربّما / جارَ الحَميم عليكَ بالتقريعِ
لا ذنبَ عندي للزمان فإنّه / ما حالَ عن حالٍ يُرَوِّعُ روُعي
هو طبعُه ولضلَّ رأي معاتبٍ / يرجو انتقالَ طبيعةِ المطبوعِ