القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 43
المرءُ يمنى بالرجا والياسِ
المرءُ يمنى بالرجا والياسِ / ويضيعُ بينهما ضعيفُ الباسِ
فإذا عزمتَ فلا تكُن متردداً / فسدَ الهوى بتَردُدِ الأنْفاسِ
وإذا استعنتَ فبالتجاربِ إنها / للنفسِ كالأضراسِ للأضراسِ
وعلامَ ترجو الناسَ في الأمرِ الذي / يعنيكَ أنتَ وأنتَ بعضُ الناسِ
النفسُ قوسٌ والعزيمة سهمها / فارمِ الرجا من هذهِ الأقواسِ
وأضىءْ حياتكَ بالمعارفِ إنما / هي في ظلامِ العمرِ كالنبراسِ
واجعل أساسَ النفسِ حبَّ اللهِ إذ / لا خيرَ في بيتٍ بغيرِ أساسِ
إن المعارفَ للمعالي سلمٌ
إن المعارفَ للمعالي سلمٌ / وألو المعارفِ يجهدونَ لينعموا
والعلمُ زينةُ اهلهِ بين الورى / سيانَ فيه أخو الغنى والمعدمُ
فالشمسُ تطلعُ في نهارٍ مشرقٍ / والبدرُ لا يخفيهِ ليل مظلمُ
لا فخرَ في نَسبٍ لمن لم يفتخرْ / بالعلمِ لولا النابُ ذلَّ الضيغمُ
وأخو العلا يَسعى فيدركُ ما ابتغى / وسواهُ من أيامهِ يتظلمُ
والخاملونَ إذا غدوتَ تلومهم / حسبوكَ في أسماعهم تترنمُ
في الناسِ أحياءٌ كأمواتِ الوغى / وخز الأسنةِ فيهم لا يؤلمُ
فاصدمْ جهالتهم بعلكَ إنما / صدمُ الجهالةِ بالمعارفِ أحزمُ
واخدم بلاداً أنتَ من أبنائها / إن البلادَ بأهلها تتفدمُ
واملأ فؤادكَ رحمةً لذوي الأسى / لا يرحم الرحمنُ من لا يرحمُ
حملْ فؤادكَ ما يطيقُ ولا تكن
حملْ فؤادكَ ما يطيقُ ولا تكن / حزناً فإن الحزنَ ليس يطاقُ
كم مملقٍ أمسى الثراء ببابهِ / ولكم رماهُ على الثرى الإملاقُ
واقنع برزقكَ ما كفاكَ فإنما / زاد المسافرِ هذهِ الأرزاقُ
والناسُ كالركبِ الذين إذا سروا / ناموا ولكن المطيَ تساق
لا تسألِ الكذابَ عن نياتِهِ
لا تسألِ الكذابَ عن نياتِهِ / مادامَ كذاباً عليكَ لسانهُ
ينبيكَ ما في وجههِ عن قلبهِ / إن الكتابَ لسانهُ عنوانهُ
كل امرئٍ يسعى بما في وسعِهِ
كل امرئٍ يسعى بما في وسعِهِ / إما إلى السرَّا أو الضرَّاءِ
وأرى الحظوظَ ألفنَ كل مرفَّهٍ / ونأت بجانبها عن البؤساءِ
سبحانك اللهمَّ تعطي ذا الغنى / وتقترُ الأرزاقَ للفقراءِ
مرتْ لياليها ولما ترجعِ
مرتْ لياليها ولما ترجعِ / فالعينُ إن هجعَ السُّها لم تهجعِ
أيامَ تهتفُ بي المهى ويغرنَ إن / ذكروا حنيني للغزال الأتلع
وأرى تحيتهنَّ في جيب الصِّبا / وسلامهنَّ مع البروق اللمَّعِ
زمنٌ به كان الزمانُ يهابني / وحوادثُ الأيامِ ترهبُ موضعي
ينظرن مني قيصراً في قصره / ويخفنَ من همي عزيمةَ تبَّعِ
في حين لا العبرات تكلُم أعيني / حزناً ولا النيرانَ تكوي أضلعي
يجري الهوى طرباً على آثارها / مشيَ الجآذرِ للغدير المترعِ
ظمآن لا ترويه إلا عبرةٌ / أو مهجة هطلت بجنبي مولعِ
حسبوهُ غصناً في الثيابِ وزهرةً / تحت القميصِ ووردةً في البرقعِ
أمسيت من آماله في ليلةٍ / ضلَّ الصباحُ بها طريقَ المطلعِ
تشكو نجوم الليلِ أني رعتُها / ومتى تروعُ أنة المتوجعِ
وكأنها إذ أحدقتْ في جانبي / حسبتْ هلال سمائِها في مضجعي
غرٌ كمحمود السريرةِ إن دعا / زهراً كغرتهِ المضيئةِ إن دعِي
لو أنصفوها لاستبانوا أنها / حباتُ ذياكَ القريضِ المبدعِ
عرفوا بهِ شعرَ الفحولِ وأهلهُ / وسجيةُ المطبوعِ والمتطبعِ
فلو أن عَمْراً أسمعوهُ حماسةً / لحما بهِ الصمصامُ إن لم يقطعِ
أو أنشدوا المجنون بعضَ نسيبهِ / لنسي بهِ ليلى فلمْ يتفجعِ
لم أتلُ يوماً آيةً من آية / إلا حسبتُ الكون يتلوها معي
وأراهُ أحيا للبلاغةِ دولةً / مات ابن بردٍ دونها والأصمعي
وأبيكَ لولا مكرمات بيانهِ / ما كانَ في إحيائها من مطمعِ
لكَ أن تشا وعليَّ أن لا أجزعا
لكَ أن تشا وعليَّ أن لا أجزعا / وليَ الهوى وعليكَ أن تتمنعا
ما الحبُّ إلا أن تكونَ مملكاً / ونذلُ يا ملكَ القلوبِ ونخضعا
زعم الوشاةُ بأني لك صارمٌ / أوما رأيتَ لكل واشٍ مصرعا
ولو أن حبلَ هوايَ كان مقطعاً / ما باتَ قلبي في هواكَ مقطعا
غادرت عيني لو يفرقُ سهدُها / في الناسِ ما باتَ العواذلُ هُجَّعا
وأمنت أن هوى سواك فرعتني / حتى أمنت عليكَ أن تتوجعا
لا تمضِ في هذا الدلالِ فانما / أهوى دلالك أن يكونَ تصنعا
إني ليقتلني الصدودُ فكيفَ بي / وأرى صدودكَ والنوى اجتمعا معا
فسل الدجى عنيَ تنبئكَ الدجى / واسأل عن العينين هذي الأدمعا
وأصخ لشعري إن رحمتَ فلم يزلْ / شعري يحنُّ إليكَ حتى تسمعا
أمسى بحسنكَ مولعاً وخُلقتَ لا / تهوى الذي يمسي بحسنك مولعا
لو لم أزنهُ بمدحِ عبدِ المحسن / المولى لما باهى الدراري لمعا
ملكَ البيانَ ومن غدا في أهلهِ / فذُّ المشارقِ والمغاربِ أجمعا
نثروا على تاجِ الزمانِ قريضهُ / فغدا به تاجُ الزمانِ مرصَّعا
ولو أنَّ للعربِ الكرامِ عقودَهُ / ما عطلوا في البيتِ منها موضعا
يا كوكب الفلكِ الذي آياتهُ / تأبى على كل امرئ أن يطمعا
عدوا أكاسرة القريضِ ثلاثةً / ولقد أراهم أصبحوا بك أربعا
سلْ ذلكَ الغطريفَ ماذا يدعي / لو أدركتهُ مروِّعاتُكَ ما ادعى
أو ما تركتَ السابقينَ إذا جروا / ومشيتَ هوناً دونَ شأوكَ ظُلَّعا
ولقد أطاعتكَ الكواكبُ مثلما / كانت ذكاءُ وقد أطاعتْ يوشعا
وسطا على الشعرِ الزمانُ وغالهُ / فحفظتَ ما غالَ الزمانُ وضيعا
وأريتنا من سحرِ بابلَ أعيناً / تجري علينا البابلي مشعشعا
تركتُ فؤادَ الدهرِ يخفقُ صبوةً / وحنينُ أهلِ الخافقينِ مرجَّعا
فإذا تلوها أصغتِ الدنيا لها / حتى كأن لكل شيءٍ مسمعا
وسجعتَ في مصرٍ وملكُ الشعرِ في / مصرٍ إذا اشتقت العراقَ لتسجعا
ما زلتَ تذكرها الفراتَ ودجلةً / حتى بكى النيلُ السعيدُ وما وعى
فاجعلْ لمدحي من قبولكَ موضعاً / واجعل لشعري في بيانكَ منزعا
إني إذا أرهفتُ حدَّ يراعتي / لم تلقَ في الشعراءِ غيريَ مبدعا
ثوب السماءِ مطرزٌ بالعسجدِ
ثوب السماءِ مطرزٌ بالعسجدِ / وكأنها لبستْ قميص زبرجدِ
والشمسُ عاصبةُ الجبينِ مريضةٌ / تصفرُ في منديلها المتورَّدِ
حسدتْ نظيرتها فأسقمها الأسى / إن السقامَ علامةٌ في الحسَّدِ
ورأت غبارَ الليلِ ينفضِ فوقها / في الأفقِ فانطبقتْ كعينِ الأرمدِ
ومضى النهارُ يشقُّ في أثوابهِ / حزناً وأقبلَ في رداءٍ أسودِ
فتهللتْ غررُ النجومِ كأنما / كانت لضاحيةِ السماءِ بمرصدِ
وكأنها عقدٌ تناثرَ درُّهُ / من جيدِ غانيةٍ ولم تتعمدِ
أو حلي رباتِ الدلالِ أذلنهُ / شتَّى يروحُ على النهودِ ويغتدي
والأفق بينَ مفضضٍ ومذهبٍ / كالجيدِ بينَ معطَّلٍ ومقلَّدِ
وكأن صفحةَ بدرهِ إذ أشرفتْ / مصقولةَ الخدينِ صفحةَ أمردِ
وكأنَّ ضوءَ الفجرِ رونقُ صارمٍ / نضيتْ صفيحتهُ ولما تغمدِ
والأرضُ في حللِ كُستْ أطرافها / إلا معاصمَ نهرها المتجردِ
حفتْ جوانبهُ الرياضُ كأنها / وشيُ الفرندِ على غرارِ مهندِ
وكأنهُ صدرُ المليحةِ عارياً / ما بينَ لبتها وبينَ المعقدِ
وكأنَّ أثواب الرياض من الصبا / عبقتْ بأنفاس الحسانِ الخُرَّدِ
يمشي النسيمُ خلالها مترنحاً / بينَ الغديرِ وبينَ ظلٍّ أبردِ
والطيرُ مائلةٌ على أوكارها / منها مغردةٌ وغيرُ مغرِّدِ
باتتْ تناغي لا تحاذرُ فاجعاً / مما نكابدُ في الزمانِ الأنكدِ
يا طيرُ ما في العيشِ إلا حسرةً / إن خلتها نقصتْ قليلاً تزددِ
لم يمنعِ القصرُ المشيدُ ملوكهُ / منها فكيفَ وفاكها الغصنُ الندي
تأبى على الأحرارِ إلا ذلَّةً / ولو أنهم صعدوا ومدارَ الفرقَدِ
فانعم بوكركَ إنه لكَ جنةٌ / كالخلدِ لولا أنت غيرُ مخلدِ
كم واجدٍ منها تقاذفَ قلبهُ / ذاتُ الدلالِ فإن دنا هو تبعدِ
فتاكةُ الألحاظِ أنى يممتْ / سمعتَ زفيرَ متيَّمٍ متنهدِ
كالبدرِ لولا أنها أنسيةٌ / والشمسِ لولا أنها لم تعبدِ
قالتْ عشقتَ وما قضيتَ كمن قضوا / هذا الطريقُ إلى الردى فتزودِ
دعْ عنكَ أمرَ غدٍ إذا ما خفتهُ / يوماً لعلكَ لا تعيش إلى غدِ
فلقد أراك اليومَ من أثرِ الهوى / كالشمسِ إن لم تحتجبْ فكأنّ قدِ
أترى زمانُكِ بالحمى سيعادُ
أترى زمانُكِ بالحمى سيعادُ / أم طولُ دهرٍ كما نوى وبعادُ
سارتْ فما لبثَ الفؤادُ كأنما / بينَ الفؤادِ وبينها ميعادُ
ودَرَتْ عيوني بعدها كيفَ البكا / ودرى بعيني بعدها التسهادُ
وحسدتُ واشيها إذا استمعتْ لهُ / فعرفتُ كيفَ توجعَ الحسادُ
للهِ أيُّ مدامعٍ من بعدها / تجري وأيُّ لوعةٍ تنقادُ
كدنا نُجَنُّ وقد تأهبَ أهلُها / وجننتُ لما ودَّعوا أو كادوا
لو أنهم زموا النياقَ لسلمتْ / عينٌ وودَّعَ جانبيهِ فؤادُ
لكن جرى بالبينِ فيما بيننا / برقٌ لهُ في مرِّهِ إرعادُ
يتخطفُ الأرواحَ والأجسادَ أنْ / عرضتْ لهُ الأرواحُ والأجسادُ
ويفرقُ الشمل الجميع فإن دها / لم يمهلِ الأحبابَ أن يتنادوا
متضرمُ الأحشاءِ لا من لوعةٍ / لكنما استعرتْ بهِ الأكبادُ
كالقصرِ فيهِ لكلِّ خودٍ حجرةٌ / ولكلِّ صبٍّ مضجعٌ ووسادُ
وانهُ إذ أشرقتْ منه المهى / فلكٌ تحففَ حولهُ الأرصادُ
وكأنهُ أبراجَ السما حجراتُها / في كلِّ برجٍ كوكبٌ وقادُ
لو لم يكن للبينِ فيهِ علامةٌ / ماكانَ فيهِ من الغرابِ سوادُ
يا سعدُ هذا عصرُنا فدعِ النيا / قَ يشفها الإتهامُ والإنجادُ
واهجرْ حديثَ الرقمتبنِ وأهلهُ / بادتْ ليالي الرقمتينِ وبادوا
واذكر أحبتنا الذينَ ترحلوا / ولو أنهم رحموا القلوبَ لعادوا
أني أراهمْ كلما طلعتْ ذُكا / أو مالَ غصنُ البانةِ الميادُ
أو لاحَ لي قمرُ السما أو أثلعتْ / بينَ الرياضِ من الظِّبا الأجيادُ
ولقد رأيتُ لحاظهم مسلولةً / يومَ انتضتْ أسيافَها الأجيادُ
تلكَ السيوفُ وما سواءٌ في الهوى / ما تحملُ الظبياتُ والآسادُ
أتراهمْ ذكروا هوايَ وقد جفا / ذاتَ الجناحِ على الغصونِ رقادُ
فبكتء على شجنٍ ورجَّعتِ البكا / وتمايلتْ جزعاً لها الأعوادُ
أم يذكرونَ هوايَ إن قيلَ انقضى / أجلُ المريضِ وخفتِ العوادُ
بخلوا وجدتُ كأنما خُلقَ الهوى / وعليهِ من ظلمِ الفراقِ حدادُ
واسألهُ هلْ لهمْ إليهِ مرجعٌ / ولذلكَ الزمنِ القديمِ معادُ
فعسى يجيبكَ أني أرعى لهُ / عهدَ الودادِ وللقصورِ ودادُ
ولعلهُ يحكي تنهدَها فقدْ / يحكي الجمادُ الصوتَ وهو جمادُ
خداكِ يا ذاتَ العيو
خداكِ يا ذاتَ العيو / نِ الغائراتِ النُّعَّسِ
كالوردِ إلا أنهُ / يحميهِ لحظُ النرجسِ
أما وقدُّكِ وهو من / تلكَ الغصونِ الميسِ
وشفاهكِ الحمراءُ والخم / رُ الذي لم احتسِ
إني إذا رقصَ القوا / مُ ومالَ تحتَ السندسِ
ونظرتُ ثغركِ ضاحكاً / وبقيتِ لي لم تعبسي
وسقيتني راحَ الهوى / من غيرِ تلكَ الأكؤسِ
لأرى الكواكبَ خادما / تي كالجواري الكنَّسِ
وأظنني بينَ الملو / كِ مليكَ كلِّ الأنفسِ
وأرى بحبكِ كلَّ آن / سٍ حاضراً في مجلسي
هذا الدُّجى والهمُّ في صدري
هذا الدُّجى والهمُّ في صدري / كالفحمِ زادَ توهجَ الجمرِ
وكأن أنفاسي بها شعلٌ / طفئتْ من الأجواءِ في بحرِ
وكأنَّ أحزاني بها شررٌ / زحمُ الكواكبِ فهيَ لا تسري
يا ليلُ قطعتَ القلوبَ أسى / فابعث لها بنسائمِ الفجرِ
حتى م تطويني وتنشرني / خلقَ الردا بالطيِّ والنشرِ
ما طالَ عمركَ يا دجى أبداً / غلا ليقصرَ دونهُ عمري
فإذا قضيتُ وأنتَ ذو نفسٍ / فاخبا صباحكَ لي إلى الحشرِ
وإذا دجا ليلُ الحياةِ فدع / يا ليلُ مصباحاً على قبري
أنا والسما خصمانِ في قمرٍ / من حينَ أخجلَ بدرها بدري
حجبوهُ في ظلمٍ كما سدلتْ / ذاتُ الدلالِ غدائرَ الشعرِ
يا بدرُ لا تكمدْ وفيكَ ضنى / لكَ أسوةٌ بالجفنِ والخصرِ
وإذا احتجبتَ ففي الحجابِ هوى / وجمالُ ذاتِ الخدرِ في الخدرِ
هل كنتَ شاهدَنا ونحنُ كما / قرنَ الضميرُ السرَّ بالسرِّ
إلفانِ منطلقانِ في جذلٍ / وهما من الأشواقِ في الأسرِ
هذا لذاكَ هوى وذاكَ بذا / صبٌ كحاسي الخمرِ والخمرِ
ثغراً على ثغرٍ وأحسنَ ما / تجدِ الهوى ثغراً على ثغرِ
يا بدرُ كانتْ ليلةً ومضتْ / وقعَ العصافيرِ على الغُدرِ
بتنا ومن شفةٍ على شفةٍ / حيناً ومن نحرٍ على نحرٍ
أشكو ولا شكوى ويعذرني / بالحبِّ والحبُّ من العذرِ
مثلَ الحمامِ تباكياً وهوى / أما التقى الإلفانُ في وكرِ
هيهاتَ أرسلُ بعدَها أملاً / ضاعَ الرشاءُ اليومَ في البئرِ
يا من شفا عينَ الزمانِ وما / بصرَ الهوى إلا عمى الدهرِ
هبني كتاباً أنتَ مالكهُ / واقرأ ولو حرفينِ من صدري
وعلامَ تهملني وأنتَ ترى / واو الهجا حسبت على عمرو
إن الذين هجرتهم خُلقوا / كالنحلِ لا تحيا بلا زهرِ
فلئنْ تكنْ قد سُؤْتني زمناً / فالحبُّ ذو يسرٍ وذو عسرِ
يرجى الغنى للفقرِ وهو شقا / أفليسَ يرجى الوصلُ للهجرِ
إن تبتعدْ تقربْ إلى أملي / والدهرُ منعكسٌ بما يجري
وإذا قسوتَ تزيدُني طمعاً / كم يخرجُ الماءُ من الصخرِ
وبأضلعي قلبٌ أعللهُ / بالوعدِ أحياناً وبالصبرِ
من كانَ يجني الحلوَ من ثمرٍ / وأمرَّ فليصبر على المرِّ
حُطي نقابكِ لحظةً
حُطي نقابكِ لحظةً / فالحسنُ أجمعُ في نقابِكْ
ظمأَ الفؤادُ إلى رضاك / ظمأ المحب إلى رضابكْ
مري علينا يا صبا نجدٍ
مري علينا يا صبا نجدٍ / تشكو إليكِ مدامعي وجدي
أمسيتُ والأشواقُ مضنيةٌ / عندي من الأشواقِ ما عندي
تجري عيوني في محاجرها / ومدامعي تجري على خدِي
ما أنسَ والأيامُ تجمعنا / وكأنني في جنةِ الخلدِ
تشكو كما اشكو الهوى وإذا / طارحتُها أبدتْ كما أبدي
وتراعُ من ذكرِ الصدودِ إذا / خطرتْ بقلبي لوعةُ الصدِّ
وإذا بكيتُ جرتْ مدامعها / جريَ الندى صبحاً على الوردِ
قلبي وما في العيشِ لي طمعٌ / ما دمتِ يا قلبي على وقدِ
هل كلُّ من يهوى يموتُ أسىً / أم قد بليتُ بذا الأسى وحدي
سل مسرحَ الآرامِ كا فعلتْ / تلكَ الظباء الغيدُ من بعدي
لهفي عليها كم وفيتُ لها / لو أن لهفي بعدها يجدي
ولكم حفظتُ لها الودادَ على / بُعْدِ المزارِ وضيعتْ ودِّي
ماذا أصابكَ بعدما نظرتْ / ورمتكَ عيناها على عمدِ
أوما نهيتكَ في الجزيرةِ عن / كنسِ المها ومصارعِ الأسْدِ
وأريتكَ الألحاظَ مغمدةً / كالسيفِ مسلولاً من الغمدِ
أعدى على كبدي هواكَ فلو / أعلمتني أن الهوى يعدي
يا قلبُ ما لي لا أضنُّ بهِ / من بعدِ ما فقدتُ سوى فقدي
حمل تحيتكَ الصبا فعسى / يوماً تعودُ إليكَ بالردِ
واجزع على قربِ الديارِ فقد / صبرتْ اوانسها على بعدي
يا غادةً أرعى العهودَ لها / هل أنتِ باقيةٌ على عهدي
أمسيتُ في قلبي وليتَ اذنْ / قلبي يساعدني على الوجدِ
جافيتني والذنبُ ذنبك
جافيتني والذنبُ ذنبك / وظلمتني فالله حسبُكْ
ما بال قلبكَ لا ير / قُّ أمن صميمِ الصخرِ قلبكْ
وبخلتَ حتى بالرسائ / لِ خوفَ أن تشفيهِ كتبكْ
وضننتَ حتى بالعتا / بِ وربما يكفيهِ عتبكْ
ومنعتَ ختى الطيفَ لا / يدنو وقربُ الطيفِ قربكْ
صلني أو اهجرْ إنني / في الوصلِ والهجرِ أحبكْ
ولقد ترى أن الوفا / دأبي فما للصدِّ دأبكْ
كلُّ الأنامِ عواذلي / صحبي يعنفني وصحبكْ
فاعجب وتِهْ ماذا علي / كَ إذا أذلَ الناسَ عجبكْ
إن تبتعدْ أو تقتربْ / فأنا على الحالينِ صبُّكْ
حجبوهُ عن عيني فباتتْ صبةٌ
حجبوهُ عن عيني فباتتْ صبةٌ / كيلا ترى في النومِ طيفَ خيالهِ
وبقيتُ يعذلني المنامُ بصدِّهِ / ويسومني التبريحُ في إذلالهِ
يا رحمتا للصبِّ فيما نابهُ / حتى كرى جفنيهِ من عذالِهِ
لم يألُ صبراً عليكَ حينَ هجرتهُ
لم يألُ صبراً عليكَ حينَ هجرتهُ / لو كانَ ينفعُ صبرهُ لسلاكا
تطوي الليالي في هواكَ حياتهُ / وأراهُ ينساها ولا ينساكا
رُحماكَ يا من أطالَ بليتي / يا من أطالَ بليتي رُحماكا
أعليَّ هذا الهجرُ طالَ عذابهُ / وعلى الذي يهواكَ صالَ هواكا
فلقد عرفتُ بكَ الشقا بعدَ الهنا / لما عضبتَ علي بعد رضاكا
نهنهْ دموعكَ يا حزينُ فإنها / دُوَلٌ سيضحكَ الذي أبكاكا
زارتْ وقد طافتْ بنا سنةٌ
زارتْ وقد طافتْ بنا سنةٌ / فطفقتُ أسمعها من العتبِ
وكأنما أشفي جوىً بجوى / وأتوبُ من ذنبٍ إلى ذنبِ
فبدا لها فتدللتْ ونأتْ / تدعو على الأحبابِ والحبِ
فنهضتُ مضطرباً أرى فإذا / بيديَّ من أسفي على قلبي
صدتْ فكانَ سلامُها نزرا
صدتْ فكانَ سلامُها نزرا / وغدتْ تضنُّ بذلكَ النزرِ
ومضتْ ليالٍ كنتُ أحسبُها / قبلَ التفرقِ آخر العمرِ
أيامَ نحنُ وعيشنا رغدٌ / يجري الزمانُ بنا ولا ندري
من عاشقٍ يشكو لعاشقةٍ / بثَّ الأسيرُ أخاهُ في الأسرِ
وتميسُ في أثوابها الحمرِ / كالغصنِ في أثوابهِ الخضرِ
وكأن ليلة إذ تقابلني / بعدَ التمنعِ ليلةُ القدرِ
كانتْ سلاماً لا نحاذرُِ في / ما كانَ إلا مطلعَ الفجرِ
وأرى الندى في الوردِ منحدراً / كالدمعِ فوقَ خدودها يجري
كلُّ امرئٍ لاق منيتهُ / والحبُّ جالبُها على الحرِّ
أمن الظبا ذاكَ الغريرُ المعجبُ
أمن الظبا ذاكَ الغريرُ المعجبُ / يلهو بحباتِ القلوبِ ويلعبُ
قد كنتُ أحسبني رأيتُ نظيرهُ / حتى بدا فرايتُ ما لا أحسبُ
قمر كأنَّ الشمسَ فوقَ جبينهِ / أضحتْ لو أنَّ الشمسَ ليستْ تغربُ
وكأنَّ طرتهُ طليعةُ ليلةٍ / حلكتْ فأشرقَ في دجاها كوكبُ
جمعَ المحاسنَ فهيَ تنسَ إن يغبْ / وإذا بدا فلهُ المحاسنُ تنسبُ
وعلقتهُ كالظبيِ أحورَ يُرتجى / وعشقتهُ كالليثَ أزورَ يرهبُ
يرنو فتنتزعُ القلوبَ لحاظُهُ / وتكادُ أنفسنا عليهِ تذهبُ
وإذا مشى الخيلاءَ في عشاقِهِ / خلتَ المليكَ مشى وقامَ الموكبُ
وبثغرهِ ظلمٌ يحرمُ رشفهُ / ظلماً وعهدي أن يحل الطيبُ
ولقد تحكمَّ في النفوسِ فبعضها / أودى العذابُ وبعضها يتعذبُ
وعجبتُ أن الحبَّ يقتلُ أهلهُ / ولأن أكونَ بهِ قتيلاً أعجبُ
هجروكَ بعدَ صبابةٍ وغرامِ
هجروكَ بعدَ صبابةٍ وغرامِ / وأراكَ لا تنسى هوى الآرامِ
أتبعتهمْ نفساً عليكَ عزيزةً / وطويتَ جنبيها على الآلامِ
كم تحتَ جنحِ الليلِ مثلكَ مدنفاً / أنسى الليالي عروةَ بن حزامِ
يجري مع الأوهامِ حتى أنهُ / لتكادُ تحسبهُ من الأوهامِ
يا قلبُ كم لكَ في الهوى من صبوةٍ / ضربتْ بكَ الأمثالَ في الأقوامِ
عدوا عليَّ مآثماً لم أجنِها / والحبُّ يا قلبي من الآثامِ
فدعِ الهوى يجري كما شاءَ الهوى / إن الحسانَ كثيرةُ اللوامِ
كم بتُّ أحلمُ بالمنامِ وما أرى / تجدي عليَّ لذاذةُ الأحلامِ
فادرأ همومَ العيشِ بالكأسِ التي / تحكي عجائزها عن الأقوامِ
صهباءُ إن مستْ فؤادي مرةً / غسلتْ بجنبي كلَّ جرحٍ دامي
سموا أباها الكرمَ حينَ تبذلتْ / في فتيةٍ شمِّ الأنوفِ كرامُ
وتراوحوا كاساتها فكأنما / عادتْ بها الأرواحُ للأجسامِ
يا رحمةَ العشاقِ من أحبابهمْ / ناموا وباتوا الليلَ غيرَ نيامِ
حتى إذا انطفأتْ مصابيحُ الدجى / وأضاءَ فودُ الليلِ ظلامِ
خبأوا الهوى بينَ القلوبِ وأصبحوا / وتوارتِ الأزهارُ في الأكمامِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025