المجموع : 10
أَبداً تَحنُّ إِلَيكُمُ الأَرواحُ
أَبداً تَحنُّ إِلَيكُمُ الأَرواحُ / وَوِصالُكُم رَيحانُها وَالراحُ
وَقُلوبُ أَهلِ وِدادكم تَشتاقُكُم / وَإِلى لَذيذ لقائكم تَرتاحُ
وَا رَحمةً للعاشِقينَ تَكلّفوا / سرّ المَحبّةِ وَالهَوى فَضّاحُ
بِالسرِّ إِن باحوا تُباحُ دِماؤُهم / وَكَذا دِماءُ العاشِقينَ تُباحُ
وَإِذا هُم كَتَموا تَحَدّث عَنهُم / عِندَ الوشاةِ المَدمعُ السَفّاحُ
أَحبابنا ماذا الَّذي أَفسدتمُ / بِجفائكم غَير الفَسادِ صَلاحُ
خَفضَ الجَناح لَكُم وَلَيسَ عَلَيكُم / لِلصَبّ في خَفضِ الجَناح جُناحُ
وَبَدَت شَواهِدُ للسّقامِ عَلَيهمُ / فيها لِمُشكل أمّهم إِيضاحُ
فَإِلى لِقاكم نَفسهُ مُرتاحةٌ / وَإِلى رِضاكُم طَرفه طَمّاحُ
عودوا بِنورِ الوَصلِ مِن غَسَق الدُّجى / فَالهَجرُ لَيلٌ وَالوصالُ صَباحُ
صافاهُمُ فَصَفوا لَهُ فَقُلوبهم / في نُورِها المِشكاةُ وَالمِصباحُ
وَتَمَتّعوا فَالوَقتُ طابَ لِقُربِكُم / راقَ الشّراب وَرَقّتِ الأَقداحُ
يا صاحِ لَيسَ عَلى المُحبِّ مَلامَةٌ / إِن لاحَ في أُفق الوِصالِ صَباحُ
لا ذَنبَ لِلعُشّاقِ إِن غَلَبَ الهَوى / كِتمانَهُم فَنما الغَرامُ فَباحوا
سَمَحوا بِأَنفُسِهم وَما بَخِلوا بِها / لَمّا دَروا أَنّ السَّماح رَباحُ
وَدعاهُمُ داعي الحَقائقِ دَعوة / فَغَدوا بِها مُستَأنسين وَراحوا
رَكِبوا عَلى سنَنِ الوَفا وَدُموعهُم / بَحرٌ وَشِدّة شَوقهم مَلّاحُ
وَاللَّهِ ما طَلَبوا الوُقوفَ بِبابِهِ / حَتّى دعوا فَأَتاهُم المفتاحُ
لا يَطربونَ بِغَيرِ ذِكر حَبيبِهم / أَبَداً فَكُلُّ زَمانِهم أَفراحُ
حَضَروا وَقَد غابَت شَواهِدُ ذاتِهم / فَتَهَتّكوا لَمّا رَأوه وَصاحوا
أَفناهُم عَنهُم وَقَد كشفَت لَهُم / حجبُ البقا فَتَلاشتِ الأَرواحُ
فَتَشَبّهوا إِن لَم تَكُونوا مِثلَهُم / إِنَّ التَّشَبّه بِالكِرامِ فَلاحُ
قُم يا نَديم إِلى المدامِ فَهاتها / في كَأسِها قَد دارَتِ الأَقداحُ
مِن كَرمِ أَكرام بدنّ ديانَةٍ / لا خَمرَة قَد داسَها الفَلّاحُ
هيَ خَمرةُ الحُبِّ القَديمِ وَمُنتَهى / غَرض النَديم فَنعم ذاكَ الراحُ
وَكَذاكَ نوحٌ في السَّفينة أَسكَرَت / وَلَهُ بِذَلِكَ رَنَّةً وَنِياحُ
وَصَبَت إِلى مَلَكوتِهِ الأَرواحُ / وَإِلى لِقاءِ سِواه ما يَرتاحُ
وَكَأَنَّما أَجسامهُم وَقُلوبهُم / في ضَوئِها المِشكاةُ وَالمِصباحُ
مَن باحَ بَينَهُم بِذِكرِ حَبيبِهِ / دَمهُ حلالٌ لِلسّيوفِ مُباحُ
خلقَت هَياكِلُها بِجَرعاءِ الحِمى
خلقَت هَياكِلُها بِجَرعاءِ الحِمى / وَصَبت لِمَغناها القَديم تَشَوّقا
مَحجوبَة سَفرت وَأَسفَر صُبحها / وَتَجَرَّدت عَمّا أَجدّ وَأَخلقا
وَتَلَفّتت نَحوَ الدِّيارِ فَشاقَها / رَبع عَفَت أَطلالُهُ فتَمَزَّقا
وَغَدَت تردّدُ في الفَضاءِ حَبيبها / فَيَروم مُرتَبِعاً يَروق المُرتقى
وَقَفَت تُسائِلُه فَرَدَّ جَوابَها / رَجعَ الصَّدى أن لا سَبيلَ إِلى اللّقا
فَشَكَت بِعَينِ الحالِ مَعهَد عَهدِها / أَسَفاً عَلى شَملٍ مَضى وَتَفَرَّقا
فَكَأَنَّما بَرقٌ تَأَلّق بِالحِمى / ثُمَّ اِنطَوى فَكَأَنَّهُ ما أَبرَقا
شَوقي يَجلُّ عَنِ الوَسائل
شَوقي يَجلُّ عَنِ الوَسائل / وَهوَى ينزّه عَن مُماثِل
شَوقي يُجدّدهُ الزَّمان / إِلَيكَ لا نَحوَ المَنازل
بُشّرتُ أَنّك قاتِلي / يا حَبَّذا إِن كُنتَ قاتل
زَوّد فُؤادي نَظرَة / مِن حُسنِ وَجهِكَ فَهوَ راحِل
روحي فِداء مُبَشِّري / إِن صَحَّ أَنَّكَ لي مُواصِل
مُستَشفِعٌ بِوَسائلٍ / وَأَلَذّ مِن إِحدى الوَسائل
سَهَري لِغَيركَ ضائِعٌ / وَتَيمّمي بِسِواكَ باطِل
بَيني وَبَينَكَ في المَوَدّةِ نِسبَةٌ
بَيني وَبَينَكَ في المَوَدّةِ نِسبَةٌ / مَكتومَة عَن سرّ هَذا العالَمِ
نَحنُ اللّذان تعارَفَت أَرواحُنا / مِن قَبلِ خَلق اللَّه طينَةَ آدمِ
لا تَأمَنِ المَوتَ الخَؤو
لا تَأمَنِ المَوتَ الخَؤو / نَ وَخَف بَوادِرَ آفته
المَوت سَهمٌ مُرسَلٌ / وَالعُمرُ قَدر مَسافَته
لا يَمنَعنّكَ مِن بِغا
لا يَمنَعنّكَ مِن بِغا / ءِ الخَيرِ تِعقاد التَّمائم
لا وَالتَّشاؤم بِالعطا / سِ وَلا التَّيامن بِالمَقاسم
فَلَقَد غَدَوت وَكُنتُ لا / أَغدو عَلى واقٍ وَحاتم
فَإِذا الأَشائِمُ كَالأَيا / مِن وَالأَيامن كَالمَشائِم
وَكَذاكَ لا خَيرَ وَلا / شرّ عَلى أَحدٍ بِدائم
قَد خَطَّ ذَلِكَ في الزّبو / رِ الأَوليّاتِ القَدائِم
فُز بِالنَّعيمِ فَإِنَّ عُمرَكَ يَنفذ
فُز بِالنَّعيمِ فَإِنَّ عُمرَكَ يَنفذ / وَتَغنَّم الدُّنيا فَلَيسَ مُخَلّدُ
وَإِذا ظَفرت بِلذّة فَاِنهَض بِها / لا يَمنَعنّك عَن هَواكَ مَفنّدُ
وَصَل الصّبوح مَع الغَبوق فَإِنَّما / دُنياكَ يَوم واحد يَتَرَدّدُ
وَعَدُوكَ تَشرب في الجِنانِ مَدامةً / وَلتندَمَنَّ إِذا أَتاكَ المَوعدُ
كَم أُمّة هَلَكَت وَدارٌ عطّلت / وَمَساجد خربَت وَعمّرَ مَعهدُ
وَلَكم نَبيّ قَد أَتى بِشريعةٍ / قدماً وَكَم صَلّوا لَها وَتَعَبّدوا
فَخَفيتُ حتّى قُلتُ لَست بِظاهرٍ
فَخَفيتُ حتّى قُلتُ لَست بِظاهرٍ / وظَهرتُ مِن سَعيي على الأَوطانِ
رَقّ الزُّجاجُ وَرَقَّت الخَمرُ
رَقّ الزُّجاجُ وَرَقَّت الخَمرُ / فَتشابَها فَتَشاكل الأَمرُ
فَكَأَنَّها خَمرٌ وَلا قَدح / وَكَأَنَّها قَدحٌ وَلا خَمرُ
هَبَّت عَلي صَبا تَكاد تَقول
هَبَّت عَلي صَبا تَكاد تَقول / إنّي إِلَيكَ مِن الحَبيبِ رَسولُ
صَرَّفت أَخباري فَقُلت أحبّها / في قِصَّتي طول وَأَنتَ مُلوكُ