المجموع : 20
خاضوا عَلَيكَ حَشا الخَليجِ ضَنانَةً
خاضوا عَلَيكَ حَشا الخَليجِ ضَنانَةً / بِكَ أَن تَضيعَ الدُرَّةُ البَيضاءُ
وَتَبادَروا بِكَ لِلضَّريحِ صِيانَةً / أَن تَكثُرَ العِقيانَةُ الحَمراءُ
عَجَباً لِشَخصِكَ كَيفَ أَعيا كُنهُهُ / حَتّى تَجاذَبَكَ الثَرى وَالماءُ
وَمُهَدَّلِ الشَطَّينِ تَحسَبُ أَنَّهُ
وَمُهَدَّلِ الشَطَّينِ تَحسَبُ أَنَّهُ / مُتَسَيِّلٌ مِن دُرَّةٍ لِصَفائِهِ
فاءَت عَلَيهِ مَعَ الهَجيرَةِ سَرحَةٌ / صَدِئَت لِفَيئَتِها صَفيحَةُ مائِهِ
فَتَراهُ أَزرَقَ في غُلالَةِ سُمرَةٍ / كَالدارِعِ اِستَلقى بِظِلِّ لِوائِهِ
وَمُهَفهَفٍ كَالغُصنِ إِلّا أَنَّهُ
وَمُهَفهَفٍ كَالغُصنِ إِلّا أَنَّهُ / سَلَبَ التثنِّي النَومُ عَن أَثنائِهِ
أَضحى يَنامُ وَقَد تَحَبَّبَ خَدُّهُ / عَرَقاً فَقُلتُ الوَردُ رُشَّ بِمائِهِ
سَرّاءُ شَبَّ بِها الزَمانُ الأَشيَبُ
سَرّاءُ شَبَّ بِها الزَمانُ الأَشيَبُ / وَسَماءُ مَجدٍ زيدَ فيها كَوكَبُ
وَعلوُّ مَنزِلَةٍ تُشادُ بِأَزهَرٍ / كَالنَجمِ إِلا أَنَّهُ لا يَغرُبُ
يَأبى لَهُ خلق الوَليدِ إِذا هَفا / كَرمُ المَراضِعِ وَالنِجارُ الطَيِّبُ
وُلِدَت بِمَولِدِهِ المَكارِمُ وَالنَدى / وَتَأَهَّبَ النادي لَهُ وَالمَوكِبُ
بُشراكَ بِالطِفلِ الَّذي هُوَ عِندَنا / شِبلٌ وَفي المَعنى هِزَبرٌ أَغلَبُ
فَاِهنَأ بِهِ مِن طالِعٍ ذي أَسعُدٍ / يُزهى بِغُرَّتِهِ الزَمانُ وَيُعجَبُ
يَحلو عَلى طَرَفِ اللِسانِ كَأَنَّما / عَسَلٌ وَماءٌ لَفظُها المُستَعذَبُ
بَلغَت بِكَ الأَيّامُ قاصِيَةَ المُنى / مِمّا تُحاوِلُهُ الكِرامُ وَتَطلُبُ
نَشوانُ ما فَوقَ الكَثيبِ مُهَفهَفٌ
نَشوانُ ما فَوقَ الكَثيبِ مُهَفهَفٌ / تَثنيهِ في رَوضِ الشَبابِ رِياحُهُ
لَيلٌ كَلِمَّتِهِ لَو اَنَّ ظَلامَهُ / يَنشَقُّ عَن دَيجورِهِ إِصباحُهُ
هَبني أَقولُ لَهُم جَنى مُتَعَمِّداً / قَتلي فَأَينَ دَمي وَأَينَ سِلاحُهُ
أَيَداً تَفيضُ وَخاطِراً مُتَوَقِّدا
أَيَداً تَفيضُ وَخاطِراً مُتَوَقِّدا / دَعها تَبِت قَبَساً عَلى عَلَمِ النَدى
نِعمَ اليَدُ البَيضاءُ آنَسَ طارِقٌ / نارَ الذَكاءِ عَلى مَكارِمِها هُدى
نعماءُ أَعياني اِلتِماسُ مَكانِها / لَو قَد وجَدتُ لَها وَلِيّاً مُرشِدا
وَيَقولُ قَومٌ آيَةٌ قُدسِيَّةٌ / وَأَظُنُّها لِلقائِدِ الأَعلى يَدا
رَجُلُ الزَمانِ حَزامَةً وَشَهامَةً / وَسَرِيُّهُ حَسَباً أَغَرَّ وَمَحتِدا
شَهمٌ عَلى رَأسِ الدَهاءِ مُحَلِّقٌ / لَو شاءَ أَفرَدَ مِن أَخيهِ الفَرقَدا
يَستَهدِفُ المُستَقبَلاتِ بِظَنِّهِ / فَيَكادُ يُصمي اليَومَ ما يَرمي غَدا
وَيُسابِقُ الرَأيَ المُصيبَ بِعَزمِهِ / كَالسَهمِ لا كَسِلاً وَلا مُتَبَلِّدا
حَزمٌ يُريكَ المَشرَفِيَّ مُصَمِّماً / في كَفِّهِ وَالسَمهَرِيَّ مُسَدَّدا
وَتَكادُ تَحميهِ نَفاسَةُ قَدرِهِ / وَاليَأسُ مِن إِدراكِهِ أَن يُحسَدا
وَإِذا ذَكَرتَ قَبيلَهُ عَنساً فَخُذ / ما شِئتَ مِن شَرَفٍ وَعِزٍّ سَرمَدا
ماتَ الجُدودُ الأَقدَمونَ وَغادَروا / إِرثَ السَناءِ عَلى البَنينَ مُؤَبَّدا
وَكَفاكَ مِنهُ اليَومَ أَيُّ بَقِيَّةٍ / كَرُموا لَها أَصلاً وَطابوا مَولِدا
إِنَّ الكِرامَ بَني سَعيدٍ كُلَّما / وَرِثوا النَدى وَالمَجدَ أَوحَدَ أَوحَدا
قَسَموا المَعالِيَ بِالسَواءِ وَفَضَّلوا / فيها عِمادَهُمُ الكَبيرَ مُحَمَّدا
يا واحِدَ الدُنيا وَسَوفَ أُعيدُها / مَثنى وَإِن أَغنى نِداؤُكَ موحَدا
أَمّا وَقَد طُفنا البِلادَ فَلَم نَجِد / لَكَ ثانِياً فَكُنِ الكَريمَ الأَوحَدا
مَهِّد لَنا فَوقَ السُهى نَحطُط بِهِ / رِجلَ المخيّم لا بَرِحتَ مُمَهِّدا
وَاِصرِف لَنا وَجهَ القَبولِ فَإِنَّما / وَصَلَت إِلَيكَ بِنا الأَماني وُفَّدا
نَبغي لِقاءَكَ وَهوَ أَكرَمُ حاجَةٍ / نَهَبَت لَها الخَيلُ السُهى وَالفَرقَدا
وَلِذاكَ خُضتُ اللَيلَ فَوقَ مُكَرَّمٍ / لَم أَعدُ بي وَبِهِ العُلا وَالسُؤدَدا
يَدري الأَغَرُّ إِذا خَفَضتُ عَنانَهُ / أَنّي سَأُبلِغُهُ مِنَ الشَرَفِ المَدى
وَإِلى النُجومِ الزُهرِ يَرفَعُ طَرفَهُ / مَن لَم يُحاوِل غَيرَ دارِكَ مَقصِدا
عَجَبي وَلكِن مِن سَفاهَةِ راحِلٍ / رامَ الرَشادَ فَراحَ عَنكَ أَوِ اِغتَدى
رَكِبَ الهَجيرَةَ وَالسَرابُ أَمامَهُ / وَنَأى الغَديرُ لَهُ فَماتَ مِنَ الصَدى
وَعَلى مَنِ اِعتَمَدَت سِواكَ طُنونُهُ / في الناسِ كُلُّهُمُ لِخِنصَرِكَ الفِدا
الناسُ أَنتَ وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّهُ / أَصبَحتَ فيهِم بِالعُلا مُتَفَرِّدا
شِيَمٌ تفُوقُ شَذا المَديحِ وَإِن غَدا / مِسكاً بِأَقطارِ البِلادِ مُبَدَّدا
وَجَميلُ ذِكرٍ قَد تَضاعَف ذِكرُهُ / مِمّا يُعادُ بِهِ الحَديثُ وَيُبتَدا
سَهلُ الوُلوجِ عَلى الفُؤادِ كَأَنَّهُ / نَفَسٌ يَمُرُّ عَلى اللِسانِ مُرَدَّدا
فَإِلَيكَ شُكري تُحفَةً مِن قادِمٍ / مَغناكَ زارَ وَمِن نَداكَ تَزَوَّدا
وَعَلَيَّ تَوفيةُ الثَناءِ مُخَلَّداً / إِن كانَ يُقنِعُكَ الثَناءُ مُخَلَّدا
أَلأَجرَعٍ تَحتَلُّهُ هِندُ
أَلأَجرَعٍ تَحتَلُّهُ هِندُ / يَندى النَسيمُ وَيَأرَجُ الرَندُ
وَيَطيبُ واديهِ بِمَورِدِها / حَتّى اِدَّعى في مائِهِ الوَردُ
نِعمَ الخَليطُ نَضَحتُ جانِحَتي / بِحَديثِهِ لَو يَبرُدُ الوَجدُ
يُحييكَ مِن فيهِ بِعاطِرَةٍ / لَو فاهَ عَنها المِسكُ لَم يَعدُ
يا سَعدُ قَد طابَ الحَديثُ فَزِد / مِنهُ أَخا نَجواكَ يا سَعدُ
فَلَقَد تَجَدَّدَ لي الغَرامُ وَإِن / بَلِيَ الهَوى وَتَقادَمَ العَهدُ
ذِكرٌ يَمُرُّ عَلى الفُؤادِ كَما / يوحي إِلَيكَ بِسِقطِهِ الزَندُ
وَإِذا خَلَوتُ بِها تَمَثَّلَ لي / ذاكَ الزَمانُ وَعَيشُهُ الرَغدُ
وَلِقاءُ جيرَتِنا غَداتَئِذٍ / مُتَيَسِّرٌ وَمَرامُهُم قَصدُ
وَخِيامُهُم أَيّامَ مَضربِها / سِقطُ اللِوى وَكَثيبُهُ الفَردُ
أَعدو بِها طَوراً وَرُبَّتَما / رُعتُ الفَلا وَاللَيلُ مُسوَدُّ
لِكَواكِبٍ هِيَ في تَراكُبِها / حَلَقُ الدُروعِ يَضُمُّها السَردُ
مِن كُلِّ أَروَعَ حَشوُ مِغفَرِهِ / وَجهٌ أَغَرُّ وَفاحِمٌ جَعدُ
ذُكِرَ الوَزيرُ الوَقَّشِيُّ لَهُم / فَأَثارَهُم لِلِقائِهِ الوُدُّ
مُتَرَقِّبينَ حُلولَ ساحَتِهِ / حَتّى كَأَنَّ لِقاءَهُ الخُلدُ
قَد رَنَّحَتهُم مِن شَمائِلِهِ / ذِكَرٌ كَما يَتَضَوَّعُ النَدُّ
نِعمَ الحَديثُ الحُلوُ تَملِكُهُ ال / رُكبانُ حَيثُ رَمى بِها الوَخدُ
يا صاحِبَيَّ أَخُبرُهُ عَجَبٌ / لَكُما عَلى ظَمَأٍ بِهِ وِردُ
أَم ذِكرُهُ تَتَعَلَّلانِ بِهِ / إِذا لَيسَ مِنهُ لِذي فَمٍ بُدُّ
شَفَتَيكُما فَالنَحلُ جاثِمَةٌ / مِمّا يَسيلُ عَلَيهِما الشَهدُ
رَجُلٌ إِذا عَرَضَ الرِجالُ لَهُ / كَثُرَ العَديدُ وَأَعوَزَ النِدُّ
مِن مَعشَرٍ نَجَمَ العَلاءُ بِهِم / زَهَراً كَما يَتَناسَقُ العِقدُ
لَبِسوا الوزارَةَ مُعلَمينَ بِها / وَمَعَ الصَنائِفِ يَحسُنُ البُردُ
مُستَأنِفينَ قَديمَ مَجدِهِمُ / يَبني الحَفيدُ كَما بَنى الجَدُّ
حُمِدوا إِلى جَدٍّ وَأَعقَبَهُم / حَمدٌ بِأَحمَدَ ما لَهُ حَدُّ
وَكَأَنَّما فاقَ الأَنامَ بِهِم / نَسَبٌ إِلى القَمرَينِ يَمتَدُّ
فَيَرى وَليدُهُمُ المَنامَ عَلى / غَيرِ المَجَرَّةِ أَنَّهُ سُهدُ
وَيَرى الحَيا في مُزنِهِ فَيَرى / أَنَّ الرَضاعَ لِرِيِّهِ صَدُّ
وَكَأَنَّما وُلِدوا لِيُكتَفَلوا / حَيثُ السَنا وَالسُؤدَدُ العِدُّ
فَعَلَت كَرائِمُهُم بِهِم وَعَلا / فَوقَ السِماكِ النَهدُ وَالجُهدُ
سَتَرى الوَزيرَ وَمَجدَهُ فَتَرى / جَبَلاً يُلاذُ بِهِ وَيُعتَدُّ
وَتَرى مَآثِرَ لا نَفادَ لَها / بِالعَدِّ حَتّى يَنفَدَ العَدُّ
ضَمِنَ النَوالُ بِأَن تَروحَ إِلَي / هِ العيسُ مُعلَمَةً كَما تَغدو
وَلَقَد أَراني بِالبِلادِ وَآ / مالُ البِلادِ بِبابِهِ وَفدُ
وَهِباتُهُ تَصِفُ النَدى بِيَدٍ / عَلياءَ أَقدَمُ وَفرِها المَجدُ
خَفَقَت بِها في الطِرسِ بارِقَةٌ / حَدَقُ القَنا مِن دونِها رُمدُ
مَحمولَةٌ حَملَ الحُسامِ وَإِن / خَفِيَ النِجادُ هُناكَ وَالغِمدُ
يَسطو بِها فَأَقولُ يا عَجَبا / ماذا يُري عَلياءَهُ الجَدُّ
حَتّى اليَراعَةُ بَينَ أَنمُلِهِ / يا قَومُ مِمّا تَطبَعُ الهِندُ
وَكَفى بِأَن وَسَمَ النَدى سِمَةً / لَم تَمحُها الأَيّامُ مِن بَعدُ
بِعَوارِفٍ عَمَرَ البِلادَ بِها / فَاِخضَرَّ مِنها الغَورُ وَالنَجدُ
وَالأَمرُ أَشهَرُ في فَضائِلِهِ / ما إِن يُلَبِّسُها لَكَ البُعدُ
هَيهاتَ يَذهَبُ عَنكَ مَوضِعُهُ / هَطَلَ الغَمامُ وَجَلجَلَ الرَعدُ
أَعرَبتُ عَن مَكنونِ سُؤددِهِ / ما تُعجِمُ الوَرقاءُ إِذ تَشدو
سُوَراً مِنَ الأَمداحِ مُحكَمَةً / مِن آيِهِنَّ الشُكرُ وَالحَمدُ
وَلَعَلَّ ما يَخفى وَراءَ فَمي / مِن وُدِّهِ أَضعافُ ما يَبدو
أَبني البَلاغَةَ فيمَ حَفلُ النادي
أَبني البَلاغَةَ فيمَ حَفلُ النادي / هَبها عُكاظَ فَأَينَ قِسُّ إِيادِ
أَما البَيانُ فَقَد أَجَرَّ لِسانَهُ / فيكُم بِفَتكَتِهِ الحِمامُ العادي
عُرِشَت سَماءُ عَلائِكُم ما أَنتُمُ / مِن بَعد ذلِكُم الشهابُ الهادي
حُطّوا عَلى عَنَدِ الطَريقِ فَقَد خَبا / لأَلاءُ ذاكَ الكَوكَبِ الوَقّادِ
ما فُلَّ لهذمُهُ الصَقيل وَإِنَّما / نُثِرَت كَعوبُ قَناكِمُ المُنآدِ
إيهٍ عَميدَ الحَيِّ غَيرَ مُدافَعٍ / إيهٍ فِدىً لَكَ غابِرُ الأَمجادِ
ما عُذرُ سِلكٍ كُنتَ عِقدَ نِظامِهِ / إِن لَم يَصِر بُرداً إِلى الآبادِ
حَسبُ الزَمانِ عَلَيكَ ثُكلاً أَن يُرى / مِن طولِ لَيلٍ في قَميصِ حِدادِ
يُومي بَأَنجُمِه لِما قَلَّدتهُ / مِن دُرِّ أَلفاظٍ وَبيضِ أَيادِ
كَثُفَ الحِجابُ فَما تُرى مُتَفَضِّلاً / في ساعَةٍ تُصغي بِهِ وَتُنادي
أَلمِم بِرَبعِكَ غَيرَ مَأمورٍ فَقَد / غَصَّ الفناءُ بِأَرجُلِ القُصّادِ
خَبَراً يُبَلِّغُهُ إِلَيكَ وَدونه / أَمنُ العُداةِ وَراحَةُ الحُسّادِ
قَد طأطَأَ الجَبَلُ المنيفُ قَذالَهُ / لِلجارِ بَعدَكَ وَاِقشَعَرَّ الوادي
أَعِدِ اِلتِفاتَكَ نَحوَنا وَأَظُنُّهُ / مِثلَ الحَديثِ لَدَيكَ غَيرَ مُعادِ
وَاِمسَح لَنا عَن مُقلَتَيكَ مِنَ الكَرى / نَوماً تكابِد مِن بُكاً وَسُهادِ
هذا الصَباحُ وَلا تَهُبّ إِلى مَتى / طالَ الرُقادِ وَلاتَ حينَ رقادِ
وَكَأَنَّما قالَ الرَدى نَم وادِعاً / سَبَقَت إِلى البُشرى بِحُسنِ معادِ
أَمُوَسَّداً تِلكَ الرخام بِمرقدٍ / أَخشِن بِهِ مِن مرقدٍ وَوِسادِ
خُصَّت بِقَدرِكَ حُفرَةٌ فَكَأَنَّها / مِن جَوفِها في مِثلِ حَرفِ الصادِ
وَثِّر لِجَنبِكَ مِن أَثاثِ مُخَيّمٍ / تُربٍ نَدٍ وَصَفائِحٍ أَنضادِ
يا ظاعِناً رَكِبَ السُرى في لَيلَةٍ / طارَ الدَليلُ بِها وَحارَ الحادي
أَعزز عَلَينا أَن حَطَطتَ بِمَنزِلٍ / ناءٍ عَنِ الزُوّارِ وَالعُوّادِ
جاراً لِأَفرادٍ هُنالِكَ جيرَةٍ / سُقياً لِتِلكَ الجيرَة الأَفرادِ
الساكِنينَ إِلى المَعادِ قِبابُهُم / مَنشورَةُ الأَطنابِ وَالأَعمادِ
مِن كُلِّ مُلقيةِ الجِرانِ بِمَضرب / نابَ البِلى فيهِ عَنِ الأَوتادِ
بِمُعَرَّس السَفرَ الأُلى رَكِبوا السُرى / مَجهولَةَ الغاياتِ وَالآمادِ
سِيّانَ فيهِم لَيلَةٌ وَنَهارُها / ما أَشبَهَ التَأويبَ بِالإِسآدِ
لُحقُ البُطونِ مِنَ اللغوبِ عَلى الطَوى / وَعَلى الرَواحِلِ عُنفُوانُ الزادِ
لِلَّهِ هُم فَلَشَدَّ ما نَفَضوا مِنَ اِم / تِعَةِ الحَياةِ حَقائِبَ الأَجسادِ
يا لَيتَ شعري وَالمنى لَكَ جَنَّةٌ / وَالحالُ مُؤذِنَةٌ بِطولِ بِعادِ
هَل لِلعُلا بِكَ بَعدَها مِن نَهضَةٍ / أَم لِاِنقِضاءِ نَواكَ مِن ميعادِ
بِأَبي وَقَد ساروا بِنَعشِكَ صارِمٌ / كَثُرَت حَمائِلُهُ عَلى الأَكتادِ
ذَلَّت عَواتِقُ حامِليكَ فَإِنَّهُم / شاموكَ في غِمدٍ بِغَيرِ نجادِ
نِعمَ الذماءُ البَرُّ ما قَد غَوَّروا / جُثمانَهُ بِالأَبرَقِ المُنقادِ
عَليا بِها خُصَّ الضَريحُ وَإِنَّما / نَعِمَ الغُوَيرُ بِأَبؤس الإِنجادِ
أَبَني أَبي العَبّاسِ أَيَّ حُلاحِلٍ / سَلَبَتكُم الدُنيا وَأَيَّ نَضادِ
هَل كانَ إِلّا العَينَ وافَقَ سَهمُها / قَدَراً فَأُقصِدَ أَيَّما إِقصادِ
أَخلِل بِمَجدٍ لا يُسَدُّ مَكانُهُ / بِالإِخوَةِ النُجباءِ وَالأَولادِ
وَلَكَم يُرى بِكَ مِن هِضابٍ لَم تَكُن / لَولاكَ غَيرَ دَكادِكٍ وَوِهادِ
ما زِلتَ تُنعِشَها بِسَيبِكَ قابِضاً / مِنها عَلى الأَضباعِ وَالأَعضادِ
حَتّى أَراكَ أَبا مُحَمَّدٍ الرَدى / كَيفَ اِنهِدادُ بَواذِخِ الأَطوادِ
يا حَرَّها مِن جَمرَةٍ مَشبوبَةٍ / تُلقى لَها الأَيدي عَلى الأَكبادِ
كَيفَ العَزاءُ وَإِنَّها لَرَزِيَّة / خَرَجَ الأَسى فيها عَنِ المُعتادِ
صَدَعَ النُعاةُ بِها فَقُلتُ لِمَدمَعي / كَيفَ اِنسِكابُكَ يا أَبا الجَوادِ
لَكَ مِن دَمي ما شيتَ غَيرَ مُنَهنَهٍ / صُب كَيفَ شيتَ مُعَصفِرَ الأَبرادِ
تَقصيرَ مُجتَهِدٍ وَحَسبُكَ غايَةً / لَو قَد بَلَغتَ بِها كَبيرَ مُرادِ
أَما الدُموعُ فَهُنَّ أَضعَفُ ناصِرٍ / لكِنَّهُنَّ كَثيرَةُ التَعدادِ
ثُمَّ السَلامُ وَلا أَغَبَّ قَرارَةً / وارَتكَ صَوبُ رَوائِحٍ وَغَوادِ
تَسقيكَ ما سَفَحَت عَلَيكَ يَراعَةٌ / في خَدِّ قِرطاسٍ دُموعَ مِدادِ
وَمُطارِحٍ مِمّا تَجُسُّ بَنانُهُ
وَمُطارِحٍ مِمّا تَجُسُّ بَنانُهُ / لَحناً أَفاضَ عَلَيهِ ماءَ وَقارِهِ
يَثني الحَمامَ فَلا يَرُوحُ لِوَكرِهِ / طَرَباً وَرِزقُ بَنيهِ في مِنقارِهِ
ما مِثلُ مَوضِعِكَ اِبنَ رِزقٍ مَوضِعُ
ما مِثلُ مَوضِعِكَ اِبنَ رِزقٍ مَوضِعُ / رَوضٌ يَرِفُّ وَجَدوَلٌ يَتَدَفَّعُ
وَكَأَنَّما هُوَ مِن بَنانِكَ صَفحَةٌ / فَالحُسنُ يَنبُتُ في ثَراهُ وَيُبدِعُ
وَعَشِيَّةٍ لَبِسَت رِداءَ شُحوبِها / وَالجوُّ بِالغَيمِ الرَقيقِ مُقَنَّعُ
بَلَغَت بِنا أَمَدَ السُرورِ تَأَلُّفاً / وَاللَيلُ نَحوَ فِراقِنا يَتَطَلَّعُ
فَاِبلُل بِها رَمَقَ الغَبوقِ فَقَد أَتى / مِن دونِ قُرصِ الشَمسِ ما يُتَوَقَّعُ
سَقَطَت وَلَم تَملِك يَمينُكَ رَدَّها / فَوَدِدتُ يا مُوسى لَوَ اَنَّكَ يُوشَعُ
يا وَردَةً جادَت بِها يَدُ مُتحِفي
يا وَردَةً جادَت بِها يَدُ مُتحِفي / فَهَمى لَها دَمعي وَهاجَ تَأَسُّفي
حَمراءُ عاطِرَةُ النَسيمِ كَأَنَّها / مِن خَدِّ مُقتَبِلِ الشَبيبَةِ مُترَفِ
عَرَضَت تُذَكِّرُني دَماً مِن صاحِبٍ / شَرِبَت بِهِ الدُنيا سُلافَةَ قَرقَفِ
فَلَثَمتُها شَغَفاً وَقُلتُ لِعَبرَتي / هِيَ ما تَمُجُّ الأَرضُ مِن دَمِ يُوسُفِ
ذاتَ الجَناحِ تَقَلَّبي
ذاتَ الجَناحِ تَقَلَّبي / بِجَوانِحِ القَلبِ الخَفوق
وَتَساقَطي بِالسَرحَتَي / نِ تَساقُطَ الدَمعِ الطَليق
وَسَليهِما بِأَرَقَّ مِن / عِطفَي قَضيبِهِما الوَريق
هَل بَعدَنا مُتَمَتِّعٌ / في مِثلِ ظِلِّهِما العَتيق
وَإِذا صَدَرتِ مُبينَةً / لِتُبَلِّغي النَبَأَ المَشوق
أُختَ الهَواء فَعالِجي / بِأَخي الهَوى حَتّى يُفيق
وَلتَعلَمي إِن ضِفتِ يا / وَرقاءُ ذا جَفنٍ أَريق
أَنَّ القِرى عَبَراتُهُ / فَتَعَلَّمي لَقطَ العَقيق
لَو كُنتَ شاهِدَهُ وَقَد غَشِيَ الوَغى
لَو كُنتَ شاهِدَهُ وَقَد غَشِيَ الوَغى / يَختالُ في دِرعِ الحَديدِ المُسبَلِ
لَرَأَيتَ مِنهُ وَالقَضيبُ بِكَفِّهِ / بَحراً يُرِيقُ دَمَ الكُماةِ بِجَدوَلِ
وَأَقولُ إِن أَنا لَم أَفُه بِثَنائِكُم
وَأَقولُ إِن أَنا لَم أَفُه بِثَنائِكُم / ضاعَت لَكُم عِندي يَدٌ وَذِمامُ
أَما أَنا وَيدُ اِبنِ مَنصورٍ مَعاً / فَكَما يُقالُ خَميلَةٌ وَغَمامُ
نِعَمٌ لَهُ خُضرٌ تَرَنَّمَ فَوقَها / شُكري كَما رَكِبَ الغُصونَ حَمامُ
حَسبي مِنَ الجَدوى وِدادُكَ وَحدَهُ / فَهُوَ الغِنى لا ما يَرى أَقوامُ
لِمَحَلِّكَ التَرفيعُ وَالتَعظيمُ
لِمَحَلِّكَ التَرفيعُ وَالتَعظيمُ / وَلِوَجهِكَ التَقديسُ وَالتَكرِيمُ
وَلِراحَتَيكَ الحَمدُ في أَرزاقِنا / وَالرِزقُ أَجمَعُ مِنهُما مَقسُومُ
يا مُنعِماً تَطوي البِلادَ هِباتُهُ / وَمِنَ الهِباتِ مُسافِرٌ وَمُقيمُ
إيهٍ وَلَو بَعضَ الحَديثِ عَنِ الَّتي / حَيّا بِها رَبعي أَجشُّ هَزيمُ
قَد زارَني فَسُقيتُ مِن وَسمِيِّهِ / فَوقَ الَّذي أَروى بِهِ وَأَشيمُ
سَرَتِ الجِيادُ بِهِ إِلَيَّ وَفِتيَةٌ / سَفَروا فَقُلتُ أَهِلَّةٌ وَنُجومُ
نعماءُ جُدتَ بِها وَإِن لَم نَلتَقِ / فيمَن يُدَندِنُ حَولَها وَيَحومُ
وَأَعَزُّ مِن سُقيا الحَيا مَن لَم يَبِت / في الحَيِّ يَرقُبُ بَرقَهُ وَيَشيمُ
وَلَقَد أَضِنُّ عَلى الحَيا بِسُؤالِهِ / وَالجَوُّ أَغبَرُ وَالمرادُ هَشيمُ
وَإِنِ اِستَحَبَّ القَطرُ سُقيا مَوضِعي / فَمَكانُ مِثلي عِندَهُ مَعلومُ
لما أَدَرتُ إِلى صَنيعِكَ ناظِري / فَرَأَيتُ ما أَولَيتَ فَهوَ عَميمُ
قَلَّدتُ جيدَ الشُكرِ مِن تِلكَ الحُلى / ما شاءَهُ المَنثورُ وَالمَنظومُ
وَأَشَرتُ قُدّامي كَأَنِّيَ لائِمٌ / وَكَأَنَّ كَفَّكَ ذلِكَ المَلثومُ
يا مُفضِلاً سَدِكَ السَخاءُ بِمالِهِ / حَتّام تَبذُلُ وَالزَمانُ لَئيمُ
تَتَلَوَّنُ الدُنيا وَرَأيُكَ في العُلا / وَالحَمدُ دَأبُكَ وَالكَريمُ كَريمُ
وَمَنِ المُتَمِّمُ في الزَمانِ صَنيعَةً / إِلا كَريمٌ شَأنُهُ التَتمِيمُ
مِثلُ الوَزيرِ الوَقَّشِيِّ وَمِثلُهُ / دونَ اِمتِراءٍ في الوَرى مَعدومِ
رَجُلٌ يَدُوسُ النَيِّراتِ بِنَعلِهِ / قَدَمٌ ثَبُوتٌ في العُلا وَأَرُومُ
وَصَلَ البَيانُ بِهِ المَدى فَكَلامُهُ / سَهلٌ يَشُقُّ وَغامِضٌ مَفهومُ
مِن مَعشَرٍ والاهُمُ في سِلكِهِ / نَسَبٌ صَريحٌ في العَلاءِ صَميمُ
قَومٌ على كَتِفِ الزَمانِ لَبُوسُهُم / ثَوبٌ بِحُسنِ فَعالِهِم مَوسومُ
آثارُهُم في الحادِثينَ حَديثَةٌ / وَفَخارُهُم في الأَقدَمينَ قَديمُ
لَو لَم يَعُدّوا مِن دَعائِمِ بَيتِهِم / رُمحَ السِماكِ لَخانَهُ التَقويمُ
ماتوا وَلكِن لَم يَمُت بِكَ فَخرُهُم / فَالمَجدُ حَيٌّ وَالعِظامُ رَميمُ
يا أَحمَدَ الدُنيا وَقَد يَغنى بِها / عَن كُنيَةٍ واسِمُ العَظيمِ عَظيمُ
أُجري حَديثكَ ثُمَّ أَعجَبُ أَنَّهُ / قَولٌ يُقالُ وَعَرفُهُ مَشمُومُ
فَبِكُلِّ أَرضٍ مِن ثَنائِكَ شائِعٌ / عَبقٌ كَما وَلَجَ الرِياضَ نَسيمُ
يَجري فَلا يَخفى عَلى مُستَنشِقٍ / لَو أَنَّهُ عَن أُذنِهِ مَكتومُ
يُطوى فَيَنشُرُهُ الثَناءُ لِطيبِهِ / ذِكرُ الكَريمِ بِعَنبَرٍ مَختومُ
صَحِبَتكَ خالِدَةُ الحَياةِ وَكُلُّ ما / يَحتازُ بابكَ جَنَّةٌ وَنَعيمُ
في ظِلِّ عِزٍّ دائِمٍ وَكَرامَةٍ / وَفَناءُ دارِكَ بِالوُفودِ زَحيمُ
مِن كُلِّ ذي تاجٍ تَعِلَّةُ قَصدِهِ / مَرآكَ وَالإِلمامُ وَالتَسليمُ
فَتَوالَتِ الأَمحالُ تَنقُصُهُ
فَتَوالَتِ الأَمحالُ تَنقُصُهُ / حَتّى غَدا كَذُؤابَةِ النَجمِ
يا صاحِبيَّ عَلى النَوى وَلَأَنتُما
يا صاحِبيَّ عَلى النَوى وَلَأَنتُما / أَخَوا هَوايَ وَحَبَّذا الأَخَوانِ
خوضا إِلى الوَطَنِ البَعيدِ جَوانِحي / إِنَّ القُلوبَ مَواطِنُ الأَوطانِ
وَلَبِثتُما عِندِي طَليقَي غُربَةٍ / وَلَفَظتُما عُلَقَ المَشُوقِ العاني
أَمُوَدِّعَينِ وَلَم أُحَمِّل قُبلَةً / نَعلَيكُما تُهدى لِجِسرِ مَعانِ
نَجمٌ بِأَرضِ سَلا أَراب سُقوطُهُ
نَجمٌ بِأَرضِ سَلا أَراب سُقوطُهُ / قَد كُنتُ أَسرَحُ في مَطارح ضوئِهِ
لا تُنكروا صِلَةَ النَواظِر بَعده / ديمَ الدُموعِ فَإِنَّها من نوئِهِ
أَلوي الضلوعَ عَنِ الولوعِ بِخَطرَةٍ
أَلوي الضلوعَ عَنِ الولوعِ بِخَطرَةٍ / من شَيمِ بَرقٍ أَو شَميم عرارِ
وَأُنيخ حَيثُ دُموعُ عَيني منهَلٌ / يُروي وَحَيث حَشايَ مَوقِدُ نارِ
أَقوى مَحلٌ مِن شَبابِكَ آهِلٌ
أَقوى مَحلٌ مِن شَبابِكَ آهِلٌ / فَأَقَمتُ أَندُبُ مِنهُ رَسماً عافِياً
مَثَلَ العِذارُ هُناكَ نُؤياً داثِراً / وَاِسوَدَّتِ الخيلانُ فيهِ أَثافِيا