المجموع : 78
صار التغزُّل في هواه عتابا
صار التغزُّل في هواه عتابا / فهواه يمزج بالنعيم عذابا
ما ضرَّ مَن أخلصتُ في دين الهوى / لرضاه لو جعل الوفاءَ ثوابا
نقض العهودَ وحلَّ عقدَ ضمانِهِ / من بعد ما عذب الوصالُ وطابا
وأمنتُه فأتاح لي من مأمني / غدراً كذا مَن يأمن الأحبابا
فإذا أردتُ عتابَه لجنايةٍ / جعل التقطُّبَ للعتاب جوابا
خدَعُ الوساوسِ لم تزل لي حيلةً / حتى أمنتُ على الغزال كلابا
إن السلوَّ لَرَاحةٌ وصيانة / للحرِّ لو أن السلوَّ أجابا
ومن العجائب أن يُذيبَ مفاصلي / مَن لو جرى نَفسي عليه لذابا
إلفٌ يعاقبني لأني محسن / أرأيتَ إحساناً يجرُّ عقابا
جرَّبتُ أيماناً له فوجدتها / كذباً فصرتُ بصدقها مُرتابا
فَدَع التصابي للشباب فإنه / وَصمٌ على ذي الشيب أن يتصابى
وامدح رئيسَ بلاغةٍ وكتابةٍ / زانَ الولاةَ وشرَّف الكُتّابا
يا أحمد بن عَليّ الباني العلا / والمُستعدُّ لكل خطبٍ نابا
أملي إليك تطلَّعت أسبابُهُ / والجاه منك يولِّدُ الأسبابا
وإليك أبواب الرجاء تفتَّحت / فافتح لهنَّ من العناية بابا
وأثرِ رياحَ وسائلٍ لمؤمِّلٍ / فعسى يُثِرنَ من النجاح سحابا
واقصِد بأذرعك الذريعة إنها / تكسوكَ من حُسن الثناء ثيابا
واعلم يقيناً أنه لم ينتصب / لشفاعةٍ إلا الكريم نصابا
هذا النبيُّ مُكرَّماً بشفاعة / للناس إذ لا يملكُون خطابا
ولقوله صلّى عليه إلهُهُ / وكفى بما قال النبيُّ صوابا
نعم عليكم ذي الحوائج عندكم / واللهُ أوجَبَ شكرَها إيجابا
وإذا أحَبَّ اللّهُ عبداً منكم / أجرى على يدِهِ النجاحَ مثابا
وكفى بآداب المبارك قدوةً / وهُدىً لمَن يتخيَّرُ الآدابا
فافهم هديتَ وأنتَ غيرُ مفهَّمٍ / إن الصَّنائع يمتلكنَ رقابا
وإذا الخلائق في الرقاب تفاضلت / كانت فضائلهم لها أنسابا
واللَهُ عن علم أتاك مواهباً / إذ كنتَ تُحسِن تشكر الوهّابا
فبسطتَ للحاجات نفساً رحبةً / لو قُسِّمت خِطَطاً لَكُنَّ رِحابا
وخلائقاً لك عذبة لو أنها / ماءٌ لَجُرِّدَ للملوك شرابا
وقريحةً نوريَّةً لو جُسِّمت / كانت لأقراط الذكاء شهابا
ومواعداً لك ينبجسن ينابعاً / إذ وعد غيرِك يستحيل سرابا
ومكارماً تابعتَهنَّ كأنما / تقرا بهنَّ على الأنام كتابا
واللَه يعلم حيث يجعل فضلَه / وكفى بذلك للحسود جوابا
هذا مقال من فعالك يحتذى / فاسمعه لا لغواً ولا كِذّابا
يمتاز فعلُك بين أفعال الورى / تبراً ويترك ما سواه ترابا
خُذها إليك أبا الحسين عروسةً / زَفَّت إليك علا النهود شبابا
فإذا بدت من خدرها جُعلت لها / حركات أفهام الرجال نهابا
فيظن سامعُها لحُسن نظامها / أن قد نثرتُ لسامعيه سِخابا
ويظن منشدها لعذب كلامها / أن قد ترشَّف للحبيب رضابا
لا زلتَ مبسوط اليدين بنعمةٍ / وبسطوةٍ كي تُرتجَى وتهابا
لا أستطيع من الضنَّى شكوى الضَّنى
لا أستطيع من الضنَّى شكوى الضَّنى / ويكاد ما بي أن يرقَّ لِما بي
لا صبر لي أنَّى عليك تصبري / والتيهُ دابُكَ والتذلُّل دابي
فخلعتُ في خلع العذول تجملي / ولبستُ ثوبَ السقم تحت ثيابي
لا تمزجوا كأسي فإن مدامعي / تكفي وتفضل عن مزاج شرابي
غصصُ الفراقِ مُزِجنَ بالحسَراتِ
غصصُ الفراقِ مُزِجنَ بالحسَراتِ / وفراق مَن أهوى فراق حياتي
عجبٌ لمَن يبقى لبُعد حبيبه / أن لا يموتَ بكثرة الزفراتِ
موت البريَّة عند وقت وفاتِها / والعاشقون لهم فنونُ مماتِ
مَن لم يَذُق طَعم الصبابة والهوى / ويكون صباً عُدَّ في الأمواتِ
يا ليل دُم لي لا أُريد صباحا
يا ليل دُم لي لا أُريد صباحا / حسبي بوجه مُعانقي مصباحا
حسبي به بدراً وحسبي ريقه / خمراً وحسبي خدُّه تُفّاحا
حسبي بمضحكه إذا غازلتُه / مستغنياً عن كل نجمٍ لاحا
ألبستُه طوقَ الوشاح بساعدي / وجعلت كفي للثام وشاحا
هذا هو الفضل العظيم فخلِّنا / متعانقَينِ فما نريد براحا
لو كان في حرم الإله عناقُنا / ولثامُنا ما كان ذاك جناحا
لو شاء ربّي أن يعفَّ عبادُه / ما كان يخلق في الأنام ملاحا
صبَّحتُه عند المساء فقال لي
صبَّحتُه عند المساء فقال لي / ماذا الكلام وظنَّ ذاك مزاحا
فازددتُ دهشاً فوق دهش أوَّلٍ / وعلمتُ أني قد أتيتُ جناحا
أحسن أبا حسن فحسنُك راعني / حتى توهَّمتُ المساء صباحا
لا تعجبنَّ فإن وجهك لو بدا / في ظلمةٍ لحسبته مصباحا
أنت الذي حيرتني بملاحةٍ / تركت صِباحَ العالمين قِباحا
كم قد فتنتَ وما سعيتَ لفتنةٍ / كم قد قتلتَ وما حملتَ سلاحا
خداك تفاحي وريقُك راحي
خداك تفاحي وريقُك راحي / حسبي ويوم رضاك يوم فلاحي
يا من تعلقت القلوبُ بذكره / كتعلُّق الأجسام بالأرواحِ
يا جارحاً قلبي بخنجر لحظِهِ / صَيِّر وصالك مرهماً لجراحي
يا مازحاً بالهجر هجرُك قاتلي / والقتلُ ليس مزاحهُ بمزاحِ
مولاي تمطلني غداً فغدا
مولاي تمطلني غداً فغدا / وأرى غداً لا ينقضي أبدا
أحييتَني بالوعد يا أملي / ومطلتَني فأمَتَّني كمدا
لا تنسَ عهدك لي فأوفِ به / إن الكريم يفي إذا وعدا
ما لي أرى كلَّ العيون إذا / نظرت إليك تغايرت حسدا
لا تظهرن والشمس طالعة / لا تدَّعيك لنفسها ولدا
خطراتُ قلبي في طرائقها / تذر القلوبَ طرائقاً قِددا
لم تُبقِ لي جَلَداً ولا تركت / عيناك قطُّ لعاشِق جَلَدا
مولاي يا هارون زُر دَنِفاً / إن لم تزره اليوم مات غدا
مات الحسود من الكمدْ
مات الحسود من الكمدْ / ووفى الحبيبُ بما وَعَدْ
حيِّي الوصال وقل له / دم يا وصال إلى الأبد
اليوم أحيا بالمنى / ويموت قومٌ بالحسد
أوَ ليس من طُرَف الهوى / عطفُ الغزال على الأسد
ما لي بصدِّك يا غزالَ المربدِ
ما لي بصدِّك يا غزالَ المربدِ / فلقد أطلتَ تحيُّلي وتلدُّدي
مَن منقذي من جور حكمك في الهوى / من راحمي من شافعي من مُسعدي
يبلى شبابي في الهوى وعذابُه / متجدِّدٌ من هجرك المتجدِّدِ
يا أهل من أهوى رضيتم لابنكم / أن تبصروه قاتلاً لمُوَحِّدِ
أنا بالرجا واليأس حيٌّ ميت / حتى أرى إنجاز ذاك الموعِد
اشرب على وجه الحبي
اشرب على وجه الحبي / ب سلافةً في لون خدِّهْ
يا من حياتك بعد مَو / تك وصلُه من بعد صدِّهْ
لا شيء أحسن موقعاً / من قرب إلفٍ بَعد بُعدِه
فاشرب كُفِيتَ صدودَه / ورُزِقتَ منه وفاء عهده
يا موحش الإخوان عش مستأنساً
يا موحش الإخوان عش مستأنساً / ومصاحب التوفيق والتسديدِ
إن ينصرم حبل العيان تباعداً / فالذكر متَّصلٌ بحبل وريدي
لم أدرِ كيف فراق جسمٍ روحَهُ / حتى وقفتُ أُودِّعُ الجارودي
نفسي الفدا لمقارب كمباعد
نفسي الفدا لمقارب كمباعد / حذر الوشاة وراغبٍ كالزاهدِ
لزم التوقّي بالهوى فلسانُه / متباعد والقلب غير مباعدِ
مولاي لفظك في خطابٍ ناقصٍ / لكن ضميرك في وفاءٍ زائدِ
وأرى انقباضَك للتجمُّل تحته / لحظات طرفٍ بالمحبَّة شاهدِ
هي نعمة لك لا أُؤدي شكرها / أن مِلتَ نحوي بعد نهي الوالدِ
لو كان كلُّ العالمين مخالفي / ما ضرَّني إن كنتَ أنت مساعدي
وإذا تآلفت القلوبُ على الهوى / احتلنَ في إبطال كيد الكائدِ
قد قال قلبي إذ رآك مجانبي / ورآك ترصد غفلةً من راصدي
صدَّ الحبيبُ وقد رأيتُ لصدِّه / عذراً فلست على الحبيب بواجدِ
جزعي إذا أبصرتُ فيك تنكُّراً / جزعَ المريض من انكسار العائدِ
فإذا تواطينا فكلُّ مُغَرِّرٍ / من بعدُ يضرب في حديدٍ باردِ
لأُدارِينَّ وأُحسدنَّ ومن يَفُز / بوصال مثلك يصطبر للحاسدِ
لمكان ألفٍ لا يخلّى واحدٌ / لكنَّ ألفاً يكرَمون لواحدِ
كملت صفاتك فيك حسن المشتري / بين النجوم وفيك شكل عطاردِ
فاذا رأيتُ رأيت شخص محاسنٍ / واذا اختبرت رأيت شخص محامدِ
والله ما أبغي الوصال لريبةٍ / أو لا فلا اتصلت بكفي ساعدي
لكن لطيب تراسلٍ وتغازلٍ / وتآلُفٍ وتحادثٍ وتناشدِ
قد كان ذاك هوى الظراف وإنما / فسد الهوى في ذا الزمان الفاسدِ
متهرِّدٌ صبغ الهوى لوني به
متهرِّدٌ صبغ الهوى لوني به / فأذاب جسمي في الهوى تذكاره
وكأنني من صفرةٍ غسلينُه / وكأنني من دقَّةٍ زُنارُهُ
فاذا جحدتُ هواه أو أنكرته / شهدت عليَّ من الهوى آثاره
فتنٌ تردَّدُ في الجفو
فتنٌ تردَّدُ في الجفو / نِ وفي الغصون وفي البدورِ
تلك الفنون إذا اجتمع / نَ فهنَّ مجتمع السرورِ
فاشرب على رغم الحسو / دِ وبِت على كيد الغيورِ
فالآن في فرح القلو / ب يطيب تهتيكُ السُّتورِ
والعيشُ في كيد العَدُو / وِ وفي مؤانسة النَّفورِ
وافى مَرابِعَه الغزالُ الأحورُ
وافى مَرابِعَه الغزالُ الأحورُ / وبدا لمطلعِه الهلالُ المُقمِرُ
أهلاً وسهلاً بالحبيب فإنه / بحضوره كلُّ المحاسن تحضرُ
ما غاب إلا هامَ قلبي نحوه / شوقاً وكدتُ من الوساوس أُحشرُ
ولقد تَغشّى ماءَ دجلة إذ سرى / فيها الحبيب ربيعُ حسنٍ يزهرُ
ولقد تباهى نهرُه ببهائه / فغدا على أنهار دجلة يفخرُ
نهرٌ تطيَّبَ بالحبيب وطيبه / فكأنه بين الجنان الكوثرُ
قدم الذي بقدومه قدم المنى / فبه البلاد ومَن بها مُتبشِّرُ
تتبختر الأرواح في أجسامنا / شوقاً إليه إذا بدا يتبخترُ
ونظن أن الأرض تخطِر تحته / بلباقة الحركات ساعة يخطرُ
يمشي ولا ندري لشكل فنونه / أيميل أم يهتزُّ أم يتمرمَرُ
ما دامت الأبصار تبصر مثلَ ذا / في ذا الجمال فأيّ قلب يصبرُ
نورٌ على حُسنٍ على طيبٍ على / لينٍ تراه فكيف لا يتحيَّرُ
يسبي برقة سمرةٍ دريَّةٍ / فاللون درٌّ والغشاوة جوهرُ
يا حُسن خِطرة زعفرانِ عذاره / ومن العجايب زعفرانٌ أخطرُ
يا من يقلِّب ناظراً في لحظه / خمرٌ يدور على القلوب فيُسكر
واللَه لو أبصرتَ عينك عندما / ترنو لكنتَ بسحر عينك تُسحرُ
بل لو ترى الحركات منك عشقتها / عشقاً يُخاف عليك منه ويُحذر
فخذ المِراة عسى ترى ما قد نرى / من حُسن وجهك في المراة فتعذرُ
أطوي وأنشر فيك يا وشي المنى / فتجلُّدي يُطوى وشوقي يُنشَر
ماذا ترى فيمن رضاك حياتُه / وإليك موردُ عيشِه والمصدرُ
إن تصطنعه تجده عبدك في الورى / ووليَّ نعمتك التي لا تكفرُ
بيديك مهجته ودونك ماله / فاخبره فهو كما تحبُّ وأكثرُ
ودَعِ التعلَّلَ بالرقيب وغيره / لو شئت كنتَ على الزيارة تقدرُ
اعمل على أني أُرَدُّ عن الذي / أبغي فكيف أردُّ عيناً تبصرُ
إن كان قد حُظِر الوصال فإنني / أرضى وأقنع بالذي لا يُحظَرُ
فلأصبِرَنْ ولأكتمنَّ صبابتي / فعسى أفوز بما أُحبَّ وأظفرُ
هجرُ الملاح نصيب من لا يهجرُ
هجرُ الملاح نصيب من لا يهجرُ / لن يغدروا إلا بمن لا يَغدرُ
وإذا وفى لهمُ مُحبٌّ لم يَفُوا / وإذا تسلّى عنهم لم يعذِروا
واذا هُمُ مَلُّوا وفاءً أنكروا / ما لم يكن من قبل ذلك يُنكَرُ
أحسن أبا حسنٍ فإني حامدٌ / لك يا محمد في الذي لا يُذكَرُ
مولاي غيَّركَ التوثق في الهوى / عني لأني عنك لا أتغيرُ
عجباً لأنسك بي وأنت منفَّر / والآن عند أوان أُنسك تنفرُ
تعتلُّ أنك قد كبرتَ عن المنى / أتراك تكبر يا مناي وأصغرُ
الآن طِبتَ إذ التَحيتَ وإنما / غصن الفواكه حين يورق يُثمرُ
وكأن وجهك دُرَّة وكأنما / سَكُّ العذار بجانبيه جوهرُ
وكأنه قمرُ النهار بياضه / إذ حفَّه لونُ السماء الأخضرُ
لا تستَحِنَّ من اللُّحَيَّة إنَّها / سترٌ لنا دون الوشاة مُستّرُ
أمسى الهوى ممّا يليهم مظلماً / لكنَّه ممّا يلينا مقمرُ
ما ذا السَّوادُ سوادَ شَعرٍ إنما / هذا كتاب للفنون مُزَوَّرُ
فعلامَ نُحرَمُ في الهوى ما نرتجي / لمّا كُفينا في الهوى ما نحذرُ
الحب أول ما يكون لجاجة
الحب أول ما يكون لجاجة / تأتي به وتسوقه الأقدارُ
حتى إذا اقتحم الفتى لججَ الهوى / جاءت أمورٌ لا تُطاق كبار
اليوم يركض فيه طِر
اليوم يركض فيه طِر / فُ اللهو مخلوعَ العِذارِ
إن كنتَ جاري ما أُحا / ذِرُ ما أُحاذِر منك جاري
يا مُبدِعاً قتلَ النفوس جهارا
يا مُبدِعاً قتلَ النفوس جهارا / أشعلتَ بين حشا الجوانح نارا
أو ما تحنُّ لعاشقٍ متقلقلٍ / ما يستطيع على هواه قرارا
شمس النهار تغيبت من نورِهِ
شمس النهار تغيبت من نورِهِ / وتطيِّب المسك الذكيُّ بسُورِهِ
والبدر ليس ضياؤه كضيائه / عند التَّمام ولا كعشر عشيرهِ
لسنا نشكُّ ولا يشك أخو حجىً / في أنَّ يوسف لم يكن بنظيرِهِ