القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُقَرَّب العُيُونِي الكل
المجموع : 15
عَذلُ المُشَوقِ يَهيجُ في بُرَحائِهِ
عَذلُ المُشَوقِ يَهيجُ في بُرَحائِهِ / وَيُثيرُ نارَ الوَجدِ في حَوبائِهِ
فَاِترُك مَلامَتَهُ وَدَعهُ وَشَأنهُ / في نَوحِهِ وَحَنينِهِ وَبُكائِهِ
وَإِن اِستَطَعتَ عَلى الصَّبابَةِ وَالأَسى / فَأَعِنهُ تَحظَ بِوُدِّهِ وَإِخائِهِ
فَالخِلُّ مَن أَصفى مَوَدَّةَ قَلبِهِ / لِذَوي مَوَدَّتِهِ وَأَهل صَفائِهِ
يا عاذِلَ المُشتاقِ مَهلاً وَاِتَّئِد / في لَومِهِ فَهوَ العَليمُ بِدائِهِ
وَمَتى تُرِد يَوماً ملامَةَ عاشِقٍ / فَاِجعَل فُؤادَكَ تَحتَ ظِلِّ حَشائِهِ
فَإِنِ اِستَقَرَّ فَلُم أَخاكَ وَإِن نَبا / فَكُنِ النَّديمَ الفَردَ مِن نُدمائِهِ
أَوَ كَيفَ تَعذِلُ هائِماً ذا صَبوَةٍ / ذَهَبَ الفِراقُ بِلُبِّهِ وَعَزائِهِ
لَم يُشوِ رامي البَينِ حَبَّةِ قَلبِهِ / لَمّا رَمى عَمداً بِقَوسِ عِدائِهِ
نَفسي الفِداءُ لِمَن غَدا رقّي لَهُ / رِقّاً وَلَم أَسمَح بِهِ لِسوائِهِ
وَلِمَن لَهُ في كُلِّ عُضوٍ مَنزِلٌ / منّي عَلى قُربِ المَحَلِّ وَنائِهِ
أَهوى زِيارَتَهُ وَأَخشى دُونَهُ / خَزرَ اللَّواحِظِ مِن ذَوي رُقبائِهِ
وَأَصُدَّ عَنهُ إِذا اِلتَقَينا خَشيَةً / مِن كاشِحٍ طاوٍ عَلى شَحنائِهِ
وَأَرومُ كِتمانَ الهَوى فَيُذيعُهُ / طَرفي وَطَرف الصَّبِّ مِن أَعدائِهِ
يَجني عَلَيهِ بِلَحظهِ فَإِذا جَنى / وَاِقتادَهُ في الحُبِّ نَمَّ بِمائِهِ
يا عاذِلي لا عِشتَ إِلّا أَخرَساً / أَعمى أَصَمَّ تَرى بِقَلبٍ تائِهِ
أَربَيتَ في لَومي وَزِدتَ وَلَن تَرى / قَلبي مُطيعَكَ في اِتِّراكِ هَوائِهِ
أَوَ أَن تَرى ما بَينَ سَلمى وَالحِمى / بَحراً يَعومُ الطَّيرُ في أَرجائِهِ
وَبِجانِبِ المَولى المُعَظَّمِ شَأنُهُ / ما اِعتادَهُ مِن بَأسِهِ وَسَخائِهِ
مَولىً تَخيّرَهُ الإِمامُ لما رَأى / مِن فَضلِهِ وَغِنائِهِ وَعَنائِهِ
وَرَآهُ أَهلاً لِلعُلا فَاِختَصَّهُ / بِعَظيمِ رُتبَتِهِ وَفَضلِ حِبائِهِ
أَعطى الإِمارَةَ حَقَّها لا عاجِزاً / وَكِلاً وَلا عَمّاً بِفَصلِ قَضائِهِ
مُتَيَقِّظُ العَزماتِ يُخبِرُ وَجهُهُ / عَن حَزمِهِ وَمَضائِهِ وَذكائِهِ
فَلَقد كَفى الإِسلامَ كُلَّ عَظيمَةٍ / وَتَحَمَّلَ الأَثقالَ مِن أَعبائِهِ
وَأَغاثَ حِزبَ المُؤمِنينَ بِما بَدا / مِن حُسنِ سيرَتِهِ وَجَزلِ عَطائِهِ
وَرَمى طَواغيتَ النِّفاقِ بِصَيلَمٍ / ضَلعاءَ يخبِرُ عَن جَميلِ بَلائِهِ
يَأتي المُناوي بَأسُهُ مِن تَحتِهِ / وَفُوَيقِهِ وَأَمامِهِ وَوَرائِهِ
لَو رامَ أَحداثَ الزَّمانِ بِفَتكَةٍ / لاِستَعصمَت مِن سُخطِهِ بِرِضائِهِ
أَو سارَ يَلتَمِسُ النُّجومَ بِصَولَةٍ / لَغَدَت دَرارِيهِنَّ مِن أُسَرائِهِ
مَلأَت مَهابَتُهُ قُلوبَ عِداتِهِ / وَالأُفقَ يَملَؤُهُ بِنورِ بَهائِهِ
مَلَكَ الزَّمانَ وَأَهلَهُ وَتَصَرَّفَت / أَحكامُهُ في أَرضِهِ وَسَمائِهِ
البَدرُ يَحجِبُهُ طَلاقَةُ بشرِهِ / وَالسَّيفُ تَكهَمُهُ صَرامَةُ رائِهِ
وَالبَحرُ يُخجِلُهُ سَماحَةُ كَفِّهِ / مَعَ طيبِ مَورِدِهِ وَحُسنِ رُوائِهِ
وَاللَّيثُ تُعجِزُهُ جراءةُ قَلبِهِ / مَعَ ما يُرى مِن نُسكِهِ وَحَيائِهِ
وَالسَّعدُ مِن أَوزارِهِ وَالمَوتُ مِن / أَنصارِهِ وَالنَصرُ مِن قُرَنائِهِ
ما حاتِمُ الطائِيُّ يَومَ نَوالِهِ / ما وَائِلُ الحَشمِيُّ يَومَ إِبائِهِ
ما قُسٌّ الزُّهرِيُّ يَومَ خِطابِهِ / ما الحارِثُ البَكرِيُّ يَومَ وَفائِهِ
لَو أَنَّهُم عادوا وَعادَ زَمانُهُم / لَم يُصبِحوا في الفَضلِ مِن نُظرائِهِ
يا مُتعَباً أَودى الكَلالُ بِعيسِهِ / مُذ غالَ صَرفَ الدَهرِ صِرفَ ثَرائِهِ
هَلّا أَنَختَ لِتَستَريحَ وَتَجتَني / ثَمَرَ المَعالي غَضَّةً بِفِنائِهِ
بِفناءِ أَغلَبَ لَم يَلَمهُ لائِمٌ / في البَذلِ إِلّا زاد في غَلوائِهِ
لا تَحقِرُ الأَيّامُ ذِمَّتَهُ وَلا / تَعدو عَلى مُتَعَلِّقٍ بِرَجائِهِ
فَاللَّهُ يُسعِدُهُ وُيمتعُ خَلقَهُ / بِدَوامِ دَولَتِهِ وَطولِ بِقائِهِ
صَدَّت فَجَذّت حَبلَ وَصلِكَ زَينَبُ
صَدَّت فَجَذّت حَبلَ وَصلِكَ زَينَبُ / تِيهاً وَأَعجَبَها الشَبابُ المُعجِبُ
وَلَطالَما فَعَلَت تُطيلُ مُرورَها / وَتَجِيءُ عَمداً كَي تَراكَ وَتَذهَبُ
لا تَعجَبَن يا قَلبُ مِن هِجرانِها / فَوِصالُها لَو دامَ مِنهُ أَعجَبُ
أَغرى المَليحَةَ بِالصُدودِ ثَلاثَةٌ / نَأيٌ وَإِقلالٌ وَرَأسٌ أَشيَبُ
فَاِضرِب عَن اِستِعتابِها صَفحاً فَما / ذَو الشَيبِ وَالإِفلاسِ مِمَّن يَعتِبُ
وَاِستَبقِ ماءَ الوَجهِ فيهِ وَكُن بِهِ / حَجِياً وِلا تَقُلِ القُلوبُ تَقَلَّبُ
وَلَئِن طَمِعتَ بَأَن تُريعَ وَتَرعَوي / وَالحالُ تِلكَ فَمَرحَباً يا أَشعَبُ
يا حَبَّذا وَادي الحَساءِ فَإِنَّهُ / لَو ساءَني وادٍ إِليَّ مُحَبَّبُ
يا حَبَّذا دَربُ السَّليمِ وَحَبَّذا / ذاكَ القَطينُ بِهِ وَذاكَ المَلعَبُ
وَعِصابَةٌ فارَقتُهُم لا عَن قِلىً / مِنّي وَلا لي غَيرُ وَالدِهِم أَبُ
وَكَريمَةُ الطَرفينِ ذِروَةُ وائِلٍ / آباؤُها وَجُدودُها إِذ تُنسَبُ
شاطَرتُها شَرخَ الشَبابِ وَماؤُهُ / يَجري وَجَذوَةُ نارِهِ تَتَلَهَّبُ
لا تَحسَبُ الأَيّامَ تُبلي جدَّةً / أَبَداً وَلا بَردُ الشَبيبَةِ يُسلَبُ
وَبَعِيدَةٍ الأَقطارِ طامِسَةِ الضُّوى / تِيهاً تَموتُ بِها الظِبا وَالأَرنَبُ
يَتشابَهُ الطّرفُ المُجَلّلُ إِن بَدا / في عَينِ سالِكِ جَوِّها وَالثَعلَبُ
أَقحَمتُها شَرجَ النَّجاءِ شِمِلَّةً / أَحَداً يُباريها كمَيتٌ مُذهِبُ
ما لي بِها مِن صاحِبٍ إِلّا هُما / وَمُهَنَّدٌ عَضبٌ وَقَلبٌ قُلّبُ
وَلَقد حَلَبتُ الدَهرَ أشطُرَ نابِهِ / وَعَرَفتُ ما يُبدي وَما يَتَغَيَّبُ
فَإِذا مَوَدَّةُ كُلِّ مَن أَصفَيتُهُ / وُدّي لَدى الحاجاتِ بَرقٌ خُلَّبُ
يا هاجِرَ الأَوطانِ يَطلُبُ ماجِداً / يَلجا إِلَيهِ مِن الزَمانِ وَيَهربُ
اِنزل عَلى الملكِ الَّذي بِفنائِهِ / تُلقى الرِّحالُ وَيَستَريحُ المُتعَبُ
اِنزل عَلى البَحرِ الخِضَمِّ فَما بَقى / مَلكٌ سِواهُ بِهِ تُناخُ الأَركُبُ
اِنزل عَلى الطَّودِ الأَشَمِّ فَإِنَّهُ / حِصنٌ يُحاذِرُهُ الزَمانُ وَيرهبُ
اِنزل عَلى النَدبِ الهُمامِ فَما تَرى / أَحَداً سِواهُ إِلى المَكارِمِ يَرغَبُ
مُتَوَقِّدُ العَزماتِ يُخشى بَأسُهُ / وَيَخافُ صَولَتَهُ الهِزَبرُ الأَغلَبُ
أَمضى مِن الصِّمصامِ عَزماً وَالدِما / تَكسو المَناكِبَ وَالنُفوسُ تُسَلَّبُ
وَالبيضُ في أَيدي الكُماةِ ضِياؤُها / يَطفو مِراراً في الغُبارِ وَيَرسُبُ
وَكَأَنَّ أَطرافَ الأَسِنَّةِ أَنجُمٌ / شُهبٌ وَداجي النَّقعِ لَيلٌ غَيهَبُ
في مَعرَكٍ عاثَ الرَدى في أَهلِهِ / فَمُعَفَّرٌ وَمُضَرَّجٌ وَمُقَعضَبُ
أَلِفَ الحُروبَ جَوادُهُ فَكَأَنَّهُ / مِن ماءِ هاماتِ الفَوارِسِ يَشرَبُ
يَهوي اِنقِضاضاً في المكَرِّ كَما هَوى / لِقَنيصَةٍ حَجنُ المَخالِبِ أَشهَبُ
ما صَبَّحَت داراً هَوادي خَيلِهِ / إِلّا وَقامَ المَوتُ فيها يَخطُبُ
لِلّهِ دَرُّكَ أَيُّ فارِسِ نَهمَةٍ / وَاليَومُ يَومٌ بِالجِيادِ عَصَبصَبُ
وَمَلاذِ مَكروبٍ وَعِصمَةٍ آمِلٍ / أَذكى الرَجاءَ بِهِ وَعَزَّ المَطلَبُ
لَم يُمنَعِ العافونَ إِلّا عِرضَهُ / وَالعِرضُ عِندَ ذَوي النُهى لا يُوهَبُ
نَفسٌ لِعَمري مُرَّةٌ وَخلائِقٌ / أَحلى مِن الماءِ الزُلالِ وَأَعذَبُ
يَفديكَ يا خَيرَ المُلوكِ مَعاشِرٌ / ظَهَرُوا وَلَكِن عِندَما ظهرُوا غَبُوا
إِن يُمدَحوا غَضِبُوا عَلى مُدّاحِهِم / خَوفَ الجَزاءِ وَإِن هُجُوا لَم يَغضَبوا
أَموالُهُم فَوقَ السِماكِ وَجاهُهُم / يَغلو عَلى مُستامِهِ إِذ يُطلَبُ
جَعَلوا وِقاءَ حُطامِهم أَعراضَهُم / فَغَدَت تُمَزَّقُ في البِلادِ وَتُنهَبُ
فَلِذاكَ قالَ الناسُ في آبائِهم / قَبحَ الإِلَهُ أُبُوَّةً لَم يُنجِبُوا
لِلّهِ دَرُّكَ يا عَلِيُّ فَلَم يَعُد / إلّاكَ في هَذا الزَمانِ مُهَذَّبُ
أَضحَت بِكَ الأَحساءُ ساكِنَةً وَقَد / رَجَفَت بِمَن فيها وَكادَت تُقلَبُ
لَو لَم تَدارَكهَا وَتَرأَب صَدعَها / لَغَدت بِها خَيلُ الهَلاكِ تَوَثَّبُ
أَحيَيتها بَعدَ المَماتِ وَبَعدَما / قامَت بَواكيها تَنوحُ وَتَندُبُ
وَمَنَعتَها مِن بَعدِ ما كانَت سُدىً / في كُلِّ ناحِيةٍ تُغارُ وَتُنهَبُ
وَمَلأتَها عَدلاً وَكانَت عُمِّمَت / جَوراً تَغورُ بهِ الدِيّارُ وَتُخرَبُ
وَرَفَعتَ عَنها المُؤذِياتِ وَطالَما / راحَ البَلا في جَوِّها يَتَصَبَّبُ
حَتّى كَأَنَّكَ وَالمُشَبِّهُ صادِقٌ / عُمَرٌ بِها وَكَأَنَّها لَكَ يَثرِبُ
نامَ الغَنِيُّ وَكانَ قَبلَكَ لا يَني / خَوفَ المَظالِمِ ساهِراً يَتَقَلَّبُ
وَمَشى الفَقيرُ ضُحىً وَهَوَّنَ آمِناً / بِالإِلتِفاتِ وَأَسفَرَ المُتَنَقِّبُ
إِيهاً أَبا المَنصورِ يَقظَة ثائِرٍ / بَطَلٍ لِعَلياهُ يَغارُ وَيَغضَبُ
لا تَركنَنَّ إِلى العُدوِّ وَلا تُطِع / آراءَ مَن في حَبلِ غَيرِكَ يَحطِبُ
وَاِعصَ الذَّليلَ إِذا أَشارَ وَلا تَثِق / في الكائِناتِ بِكُلِّ مَن تَستَصحِبُ
وَاِعلَم بِأَنَّ الناسَ قَد جَرَّبتهُم / فَإِذا صَحيحُ الوُدِّ مِنهُم عَقرَبُ
وَاِقبَل نَصيحَةَ ماجِدٍ بِاعدتَهُ / عَنكُم لِضَعفِ الرَأيِ وَهوَ الأَقرَبُ
آباؤُكَ الغُرُّ الكِرامُ إِذا اِنتَمَوا / آباؤُهُ وَجُدُودُهُ إِذ تُنسَبُ
أَبقى لَكُم في كُلِّ دارٍ حلَّها / شَرَفاً يُشَرِّقُ ذِكرُهُ وَيُغَرِّبُ
يَشري عَدُوُّكُمُ المُداجي بُعدَهُ / عَنكُم بِأَنفَسِ ما يُباعُ وَيُطلَبُ
تَرِدُ الكِلابُ الواسِعِيَّةُ حَوضَكُم / وَأُذادُ عَنهُ كَما يُذادُ الأَجرَبُ
وَتُجِلُّني أُسدُ الشَّرى في أَرضِها / وَبِأَرضِكُم يَسطو عَلَيَّ الثَّعلَبُ
وَبِقَوسِكُم في كُلِّ يَومٍ أَرتَمي / وَبِسَيفِكُم في كُلِّ يَومٍ أُضرَبُ
وَأَقولُ ما قالَ اِبنُ مُرَّةَ مُعلِناً / لا أُمَّ لي إِن دامَ ذاكَ وَلا أَبُ
لي في بِلادِ اللَّهِ عَمَّن لا يَرى / حَقّي مَراحٌ كَيفَ شِئتُ وَمَذهَبُ
فَاِحفَظ وِصاتي يا عَلِيُّ وَلا تُضِع / ما قَد وُليتَ فَحولَ شاتِكَ أَذؤُبُ
وَعَلَيكَ بِالعَدلِ الَّذي أَحيَيتَهُ / فَدُعاءِ باكٍ في الدُجى لا يُحجَبُ
وَبَقيتَ مَعمورَ الجَنابِ مُؤَيّداً / ما قامَ داعٍ بِالصَّلاةِ يُثَوِّبُ
سُقها وَلَو ذَهَبَ السُّرى بِسَراتِها
سُقها وَلَو ذَهَبَ السُّرى بِسَراتِها / كَم ذا تَرُدُّ النَفسَ عَن عَزَماتِها
طالَ اِمتِراؤُكَ خَلفَ كُلِّ رَذِيَّةٍ / أَكدى لَدى الإِبساسِ مِن ثَفناتِها
سَفَهاً لِرَأيِكَ إِن سُرِرتَ بِرَوضَةٍ / لِمُزنَّمِ العِدّانِ غَضُّ نَباتِها
أَوَلَيسَ جَهلاً أَن تُسيمَ بِمَرتَعٍ / أَكَلَت بِهِ المِعزى لُحومَ رُعاتِها
أَعرَبتَ حينَ دَعوتَ إِلّا أَنَّهُ / لا يَبلُغُ الأَمواتَ صَوتُ دُعاتِها
فَاِنهَض وَسَلِّ الهَمَّ عَنكَ بِجَسرَةٍ / رَوحاتُها تُربى عَلى غَدَواتِها
وَاِرغَب بِنَفسِكَ أَن تُقيمَ بِبَلدَةٍ / عُصفورُها يَسطو بِشُهبِ بُزاتِها
إِن يَرضَ قَومي الهونَ فيَّ فَطالَما / عَمداً أَهَنتُ النَفسَ في مَرضاتِها
كَم قَد غَدوتُ وَرُحتُ غَيرَ مَقَصِّرٍ / في لَمِّ فُرقَتِها وَجَمعِ شتاتِها
وَلَكَم عَصَيتُ بِها العَذولَ وَلَم أُذِع / ما بانَ لِلأَعداءِ مِن عَوراتِها
حامَيتُ عَن أَعقابِها وَرَمَيتُ عَن / أَحسابِها وَسَهِرتُ في نَوباتِها
بَهراً لَها أَوَ ما دَرَت أَنّي الَّذي / يُدعى مَسَرَّتَها وَغَيظَ عِداتِها
كَم زبيَةٍ حَفَرَت لَها يَدُ كاشِحٍ / يَبغي لَها الأَسواءَ في غَفَلاتِها
ما زِلتُ أَهدِمُ جالَها حَتّى غَدَت / أَبحاثُها تَنهارُ في مَهوَاتِها
مَهلاً بَني اللُؤَماءِ ثُمَّ تَبيَّنوا / سَبّاقَها السامي إِلى غاياتِها
إِنَّ العِتاقَ مِنَ الجِيادِ هِيَ الَّتي / تَجري الأُصولُ بِها عَلى عِلّاتِها
لَيسَت كَوادِنها بِسَرجٍ مُذهَبٍ / تَجري وَلا بِحُجُولها وَشِيانها
قَومي سُراةُ رَبيعَةٍ وَمُلوكُها / وَإِذا نُسِبتُ وُجِدتُ مِن سَرَواتِها
الطاعِنينَ الخَيلَ في لَبّاتِها / وَالضارِبينَ الصِيدَ في هاماتِها
وَلَرُبَّ لاحٍ قالَ لي وَجُفونُهُ / سَكرى إِلى الآماقِ مِن عَبَرَاتِها
هَوِّن فَقَومُكَ يا عَلِيُّ حَياتُها / كَمَماتِها وَمَماتُها كَحَياتِها
لَو كانَ فيها مِن هُمامٍ ماجِدٍ / لَم تُسقَ مُرَّ الضَّيمِ مِن راحاتِها
سَلَبَتكَ ما خُوِّلتَهُ مِن نِعمَةٍ / وَرَماكَ مَن ناوَاكَ مِن مَرماتِها
مُذ وارتِ الغَبراءُ شَخصَ مُحمَّدٍ / رَحَلَ العُلا وَالمَجدُ مِن أَبياتِها
أَوَ ما تَراها كَيفَ نامَ عَدُوُّها / أَمناً وَما قد نالَ مِن خَيراتِها
وَتَرى أَقارِبَها وَأَهلَ وِدادِها / غَرَضَ البلا في صُبحِها وَبَياتِها
فَأَجَبتُ وَهوَ يَظُنُّ أَنَّ مَقالَتي / اليَومَ أَطويها عَلى بَلَلاتِها
لا تَعجلَن وَاِربَع عَلَيَّ فَإِنَّني / لَبّاسُ أَقوامٍ عَلى حالاتِها
أَهلُ التَمَلُّقِ باعَدَت ما بَينَنا / بِحُطامِها وَالزُورِ في خَلَواتِها
بِأَقَلِّ حَظٍّ غادَرَت أَرحامَنا / جَذّاءَ بادِيَةَ الضَنا لِشكاتِها
فَلأَرحَلَن عَنها رَحيلَ مُفارِقٍ / وَلَأَزجُرَنَّ النَّفسَ عَن لَفَتاتِها
لَكِنَّ لي بِالخَطِّ وَقفَةَ ساعَةٍ / بِمَحَلِّ سادَتِها وَدارِ حُماتِها
لِقَضاءِ عُذرٍ مِن مُلوكٍ لَحمُها / لَحمي وَأَخشى اللَّومَ إِن لَم آتِها
فَإِنِ اِلتَقَتني بِالعُقوقِ كَغَيرِها / فارَقتُها وَسَلِمتُ مِن لَوماتِها
وَالأَرضُ واسِعَةُ الفَضاءِ لِمَسلَكي / أَنّى اِتَّجَهتُ وَلَستُ مِن سَقطاتِها
وَرجايَ في فَضلِ النَدى اِبنِ مُحمَّدٍ / إِدراكُ ما في النَفسِ مِن حاجاتِها
السابِقِ القَومَ الكِرامَ إلى العُلى / سَبقَ المُبَرِّز في مَدى حَلباتِها
وَالواهِبِ الهَجَماتِ عَفواً وَاللُّها / في عامِها الأَحوى وَفي لَزباتِها
وَالمُكرِمِ الجاراتِ عَن شَرِّ الخَنا / إِن دَبَّتِ النّوكى إِلى جارَاتِها
وَالقائِدِ الجُردَ العِتاقَ إِلى الوَغى / يَخرُجنَ كَالعُقبانِ تَحتَ كماتِها
وَالطاعِنِ الفُرسانَ كُلَّ مَريشَةٍ / مَخلوجَةٍ وَالخَيلَ في لَبّاتِها
وَالخائِضِ الغَمَراتِ حَتّى يَنجَلي / بِحُسامِهِ ما ثارَ مِن هَبَواتِها
وَالسالِبِ المَلكَ المُعَظَّمَ تاجَهُ / وَمُذيقِهِ المَكرُوهَ مِن كاساتِها
وَالواصِلِ الرَّحِمَ الَّتي أَوصى بِها / ذُو العَرشِ في الآياتِ مِن سُوراتِها
يا اِبنَ الَّذي خَضَعت لَهُ وَتضاءلَت / شُوسُ الأُسودِ الغُلبُ في أَجماتِها
أَجرى نِزاراً كَيفَ شاءَ وَيَعرُباً / بِالكُرهِ مِن مُرّادِها وَعُتاتِها
ما حارَبَتهُ قَبيلَةٌ إِلّا غَدَت / أَحياؤُها وَفداً عَلى أَمواتِها
وَكَتيبَةٍ رَعناءَ يَخشاها الرَدى / أَبكى فَوارِسَها عَلى ساداتِها
يا سُوءَ حَظِّ بَني نِزارٍ بَعدَهُ / وَشَقاءَ حاضِرها وَشُؤمَ بُداتِها
مَن لِلمكارِمِ وَالصَوارِمِ وَالقَنا / وَالمُرمِلاتِ وَمَن لِفَكِّ عُناتِها
رَجَفَت لِمَهلَكِهِ البِلادُ وَزُلزِلَت / وَغَدا مناخُ الذُلِّ في حُجراتِها
إِن نَبكِ مَصرَعَهُ أَسىً فَلَقد بَكَت / جَزعاً عَلَيهِ الجِنُّ مِن سَتراتِها
وَيَحقُّ أَن يَبكي عَلَيهِ بِحُرقَةٍ / وَحشُ الفَلا وَالطَيرُ في ركُناتِها
كانَت بِهِ البَحرَينُ جَنَّة مَأرِبٍ / أَيّامَ بَهجَتِها وَطيب حَياتِها
حَتّى إِذا ما التُربُ وارى شَخصَهُ / أَبدَت يَدُ الأَيّامِ عَن سَوآتِها
تَبّاً لِدُنيا كُلَّما وَهَبَت ثَنَت / فَاِستَرجَعَت مِنّا نَفيسَ هِباتِها
يا فَضلُ يا مَن لا تَزالُ جِيادُهُ / وَطءُ الأُنوفِ الشُمِّ مِن عاداتِها
أَنتَ الَّذي ما زالَ سَيفُكَ في الوَغى / يُردي العِدا وَيَكُفُّ مِن جَهلاتِها
أَشبَهتَ والدَكَ الهُمامَ وَإِنَّما / عُرِفت بَنو الآسادِ مِن أَصواتِها
شَيَّدت دَولَةَ آلِ فَضلٍ بَعدَما / خَرَّت قَواعِدُها عَلى آلاتِها
عَلَتِ النُجومَ بُرُوجُها فَكَأَنّما / عَقَدت أَكاليلاً عَلى شُرُفاتِها
وَقَرَعتَ آنافَ العِدا فَتَقاصَرَت / أَطماعُها وَكَفَفتَ مِن سَطَواتِها
وَحَميتَ دارَ أَبيكَ مِنكَ بِهِمَّةٍ / الجودُ وَالإِقدامُ مِن هاماتِها
مِن بَعدِ ما جَمَعَت عَقيلٌ كَيدَها / بِالرَأيِ مِن عُقّالِها وَغُواتِها
وَدَعَت بِأَهلِ السِّيبِ فَاِبتَدأَت بِها / مِن شَطِّ دِجلتِها وَشَطِّ فُراتِها
تَتلو المُعَلّى حَيثُ سارَ وَإِنَّهُ / لَلفارِسُ الوَلّاجُ في غَمَراتِها
فَتَكَنَّفت أَهلُ القَطيفِ بِخَيلِها / وَرِماحِها وَقسِيِّها وَرُماتِها
فَصَبَرتَ صَبرَ الأَكرَمينَ وَلَم نَخِم / عَن زَحفِها يَوماً وَلا غاراتِها
تَتلو لِواءَكَ مِن رَبيعةَ عُصبَةٌ / تَخشى الأُسودُ الغُلبُ مِن صَولاتِها
بِأَكُفِّها بِيضٌ بِها ضَرَبَ العِدا / آباؤُها الماضونَ عَن أُمّاتِها
كَم جَدَّلَت بِحُدُودِها مِن مائِقٍ / مُتَمَرِّدٍ وَالخَيلُ في جَولاتِها
تَبكي قَواتِل مَن قَتَلنَ وَلَيسَ مِن / قَوَدٍ يُقادُ وَمَن لَها بِدِياتِها
نِعمَ الحُماةُ إِذا الكُماةُ تَسانَدَت / لِيَبينَ أَحماها عَلى راياتِها
تَرَكَت نِساءَ السِّيبِ تَبكي حَسرَةً / لِوُلاتها وَتُطيلُ مِن وَيلاتِها
إِيهاً عِمادَ الدينِ يَقظَةَ ماجِدٍ / فَذَوو مَكارِمِها وَذُو يَقظاتِها
أَوَ ما تَرى الرَّحِمَ المَضيمَةَ تَشتَكي / قَد ضاقَتِ الأَحشاءُ عَن زَفَراتِها
وَالماجِدُ الأَحسابِ بَرٌّ واصِلٌ / وَاللُّؤمُ في أَجلافِها وَجُفاتِها
وَأُعيذُ مَجدَكَ أَن يَقولوا باخِلٌ / وَأبوكَ مُحيي بالِياتِ رُفاتِها
فَذَرِ التَغافُلَ فَالتَغافُلُ كُلُّهُ / لُؤمٌ وَكُلُّ الجودِ في هَبّاتِها
وَاِعلَم بِأَنَّ اليَومَ آخِرُ وَقفَةٍ / وَالنَّفسُ تائِقَةٌ إِلى مَرقاتِها
وَحَوائِجُ المَوتى إِلى أَكفانِها / وَحوائِجُ الأَحيا إِلى أَقواتِها
وَالمَرءُ في الدُنيا حَديثٌ سائِرٌ / تَقضي الرِفاقُ بِهِ مَدى أَوقاتِها
فَاِختَر لِنَفسِكَ ما يُقالُ ضُحى غَدٍ / إِذ تُطلَبُ الأَخبارُ عِندَ رُواتِها
فَأَما وَأَعلامِ المُحصَّبِ مِن مِنىً / وَمواقِفِ الرُكبانِ في عَرَفاتِها
لَولا أَواصِرُنا وَبُعدُ حَمِيَّتي / لَتَعَرَّفَتني حِميَرٌ بِسَراتِها
وَأَقولُ إِنَّ الأُسدَ إِن هِيَ أُحرِجَت / خَرَجَت إِلى الأَصحارِ مِن غاباتِها
وَالغبنُ يُوطي الحُرَّ كُلَّ عَظِيمَةٍ / وَيُفتِّشُ الحُلماءِ عَن إِحناتِها
بَعَثَت تُهَدِّدُ بِالنَوى وَتوَعّدُ
بَعَثَت تُهَدِّدُ بِالنَوى وَتوَعّدُ / مَهلاً فَإِنَّ اليَومَ يتبَعُهُ غَدُ
لا تَحسَبي أَنَّ الشَبابَ وَشَرخَهُ / يَبقى وَلا أَنَّ الجَمالَ يُخَلَّدُ
عَشرٌ ويَخلُقُ شطرُ حُسنِك كُلَّهُ / وَيُذَمَّ ما قَد كانَ مِنهُ يُحمَدُ
فَتَغَنّمي عَصرَ الشَبابِ فَإِنَّهُ / ظِلٌّ يَزولُ وَصَفوُ عَيشٍ يَنفَدُ
وَضَعي يَداً عِندي تُوَقِّكِ مُهجَتي / إِنَّ الكَريمَ الحُرَّ تَملِكُهُ اليَدُ
وَتَيَقَّني أَنَّ الشَبابَ لِنارِهِ / حَدٌّ وَيُطفِئُها المَشيبُ فَتَبرُدُ
وَالبُخلُ بِالشَيءِ المُحَقَّقِ تَركُهُ / أَسَفٌ يَدومُ وَحَسرَةٌ تَتَجَدَّدُ
لِلَّهِ أَيّامُ الصِبا إِذ دارُنا / حَجرُ القُرى وَلَنا بِإِجلَةَ مَعهَدُ
إِذ لُمَّتي تَحكي الغُدافَ وَإِنَّما / أَشهى الشُعورِ إِلى العُيونِ الأَسوَدُ
وَالخَدُّ مِن ماءِ الشَبابِ كَأَنَّما / فيهِ لِأَحداقِ الكَواعِبِ مَورِدُ
كَم لَيلَةٍ طالَت فَقَصَّرَ طُولَها / شَدوُ المَزاهِرِ وَالغَزالُ الأَغيَدُ
وَتَرَنُّمُ الأَوتارِ في يَدِ قَينَةٍ / غَنِجٍ يَدينُ لَها الغَريضُ وَمَعبَدُ
أَنكَرتِني لِلشّيبِ وَهوَ جَلالَةٌ / أَوَ كَيفَ يُنكَرُ لِلصِقالِ مُهَنَّدُ
إِن تُنكِري شَيبي أُمَيمُ فَطالَما / كُنتُ الأَوَدَّ وَغَيرِيَ المُتَوَدِّدُ
وَلَطالَما أَبصَرنَني فَعَثَرنَ في / أَذيالِهنَّ القانِتاتُ العُبَّدُ
وَلَطالَما حَمَلَت لِيَ العَذراءُ مِن / شَوقٍ إِلَيَّ فَلَم يَلِقها المَورِدُ
إِن يُدعَ غَيري سَيِّدُ لِحُطامِهِ / فَالتَيسُ في اللُغَةِ الصَحيحَةِ سَيِّدُ
فَاِستَخبِري فِتيانَ قَومِكِ أَيُّهُم / يُغني غَنائي أَو يَقومُ فَأَقعُدُ
قَد أَحمِلُ العِبءَ الثَقيلَ وَبَعضُهُم / فيهِ يُصَوِّبُ طَرفَهُ وَيُصَعِّدُ
وَأَذُبُّ عَن أَحسابِ قَومي جاهِداً / إِن نابَ خَطبٌ أَو عَرى مُستَرفِدُ
وَإِذا تَشاجَرَتِ الخُصومُ فَإِنَّني / سَيفٌ عَلى الخَصمِ الأَلَدِّ مُجَرَّدُ
وَفَضيلَةُ الأَدَبِ الَّذي فاقَ الوَرى / لي دونَهُم وَالشَمسُ ما لا يُجحَدُ
وَلِيَ الأَميرُ أَبو عَليٍّ ذُو العُلى / مَولىً بِهِ أَرِدُ الخُطوبَ وَأُورِدُ
الماجِدُ النَدبُ الأَغَرُّ الأَروَعُ الل / ليثُ الهِزبَرُ الناسِكُ المُتَهَجِّدُ
الواهِبُ الأَموالَ تَأبى كَثرَةً / مِن أَن يُعَدَّ لُجَينُها وَالعَسجَدُ
لا مَنَّ يَتبَعُ ذاكَ مِنهُ وَلا أَذىً / بَل تَتبَعُ اليَدَ مِن فَواضِلِهِ اليَدُ
تُعطي عَلى الغَضَبِ المُعَلِّهِ وَالرِضا / وَبِذاكُمُ يَقضي العُلى وَالسُؤدُدُ
تَغشى نَوافِلُهُ القَريبَ مَحَلُّهُ / وَيَنالُ نائِلَهُ الحَريدُ الأَبعَدُ
أَصبَحتُ مِن أَكنافِهِ في باذِخٍ / لا يُرتَقى وَمُمَرَّدٍ لا يُصعَدُ
تَرنو إِلَيَّ الحادِثاتُ كَما رَنا / ظُهراً إِلى الشَمسِ المُنيرَةِ أَرمَدُ
مَلِكٌ تُكَفِّرُ حينَ تُبصِرُ وَجهَهُ / لِجَلالِ هَيبَتِهِ المُلوكُ وَتَسجُدُ
وَيَقِلُّ مِنهُم ذاكُمُ لِمتَوَّجٍ / كَرُمَت أَبُوَّتُهُ وَطابَ المَولِدُ
يَنميهِ عَبدُ اللَهِ وَالفَضلُ اِبنُهُ / وَأَبو سِنانٍ لِلفَخارِ وَأَحمَدُ
وَأَبوهُ مَسعودُ الطِعانِ وَعَمُّهُ / ذُو البَأسِ وَالكَرَمِ الأَعَمِّ مُحمَّدُ
بَيتُ الرِئاسَةِ في نِزارٍ كُلِّها / آباؤُهُ وَمُلوكُ مَن يَتَمَعدَدُ
ما مِنهُمُ إِلّا هُمامٌ ماجِدٌ / صَمَدٌ إِلَيهِ في الحَوادِثِ يُصمَدُ
وَأَعَزُّ حَيٍّ في رَبيعَةَ حَيُّهُ / كُلٌّ يُقِرُّ لَهُ بِذاكَ وَيَشهَدُ
يَمِنُوا لِأَن راحُوا وَلَيسَ قَبيلَةٌ / إِلّا لَها مِنهُم صَباحٌ أَنكَدُ
وَلِذُلِّ ذاكَ يَعِزُّ ذا وَكَذاكمُ / لِنُحوسِ قَومٍ جَدُّ قَومٍ يَسعَدُ
يا طالِباً في الناسِ مِثلَ مُحَمَّدٍ / أَقصِر فَمِثلُ مُحمَّدٍ لا يُوجَدُ
سَبقَ المَلوكَ وَفاتَ سَبق مُقَلَّدٍ / بِمُقَلَّدٍ طَرفٍ نَماهُ مُقَلَّدُ
يا سائِلي عَنهُ وَلَيسَ بِجاهِلٍ / بَل مِن غَرائِبِ فِعلِهِ يَتَزَيَّدُ
سائِل بِهِ وَقُلوبُ أَبناءِ الوَغى / لِلخَوفِ تَنزلُ في الصُدورِ وَتَصعَدُ
وَالهامُ تُصدَعُ بِالسُيوفِ وَلِلقنا / وَقعٌ فَريصُ المَوتِ مِنهُ تُرعَدُ
كَم ثائِرٍ أَردى بِطَعنَةِ ثائِرٍ / وَالبيضُ تَطفو في العَجاجِ وَتَركُدُ
وَمَدينَةٍ مَرَدَت فَصَبَّحَ جَوَّها / مِن جَيشِهِ الجَرّارِ بَحرٌ مُزبِدُ
فَغَدَت وَساكِنُها أَسيرٌ مُوَثَقٌ / وَمُجدَّلٌ وَمُشَرَّدٌ وَمُصَفَّدُ
وَلَرُبَّ مَقصودِ الجَنابِ سَما لَهُ / فَغَدا بِلَبَّتِهِ الوَشيجُ يُقَصَّدُ
ما عَنَّ يَوماً ذِكرُهُ لِمُعانِدٍ / إِلّا وَعَنَّ لَهُ المُقيمُ المُقعِدُ
يَعدو بِهِ تَحتَ العَجاجِ مُقَلِّصٌ / ذو مَيعَةٍ نَهدُ المَراكِل أَجرَدُ
لَو أَنَّ ذا القَرنينِ سارَ بِعَزمِهِ / لَم يَتَّخِذ سَدّاً بِهِ يَتَسَدَّدُ
وَلَأَصبَحَت يأَجوجُ مَع مَأجوجِها / وَكَأَنَّ غابِرَها رَمادٌ أَرمَدُ
يا فَرحَةَ البَحرَينِ مُذ خَفَقَت بِها / أَعلامُهُ وَغَدَت تَغورُ وَتُنجِدُ
لا تَعجَلَنَّ عِداتهُ فَلَقَد دَنا / مِنها الَّذي كانَت قَديماً تُوعَدُ
جَمعَ الأَميرُ لَهُم جُنوداً لَو رَمَت / شهبَ النُجومِ لَزالَ مِنها الأسعَدُ
نِعمَ الفَتى يَومَ النِزالِ مُحمَّدٌ / وَالخَيلُ طارِدَةٌ وَأُخرى تُطرَدُ
وَلَنِعمَ مَأوى الطارِقينَ رَمَت بِهم / شَهباءُ مُظلِمَةٌ تصِرُّ وَتُصرِدُ
خَلَفَ الأَميرَ أَبا سِنانٍ جَدَّهُ / في قَومِهِ وَهو الجَوادُ الأَمجَدُ
داوى كُلُومَهُمُ وَأَصلَحَ مِنهُمُ / ما كانَ أَفسَدَهُ الزَمانُ المُفسِدُ
مَن شاءَ فَليَقصِد سِواهُ فَلَيسَ لي / إِلّاهُ مِن هَذي البَرِيَّةِ مَقصِدُ
يابا عَلِيٍّ دَعوَةً مِن مُخلِصٍ / لَكُمُ الهَوى وَبِذاكَ قَلبُكَ يَشهَدُ
تُدنيهِ أَرحامٌ إِلَيكَ قَريبَةٌ / وَنَصيحَةٌ وَمَوَدَّةٌ تَتَجَدَّدُ
وَغَريبُ نَظمٍ فاقَ أَشعارَ الوَرى / فيكُم بِساحَةِ كُلِّ أَرضٍ يُنشَدُ
وَإِلَيكَها يابا عَليٍّ مِدحَةً / مِن فَضلِها أَنّي عَلَيها أُحسَدُ
جاءَت نَسيجَةَ وَحدِها في عَصرِها / إِذ أَنتَ في هَذي البَرِيَّةِ أَوحَدُ
العِزُّ ما خَضَعَت لِهَيبَتِهِ العِدى
العِزُّ ما خَضَعَت لِهَيبَتِهِ العِدى / وَأَقامَ بِالفِكرِ المُلوكَ وَأَقعَدا
وَالمالُ ما وَقّاكَ ذَمّاً أَو بَنى / عَلياكَ أَو أَبقى لِقَومِكَ سُؤدَدا
وَالجودُ ما بُلَّت بِهِ رَحِمٌ وَما / أَولَيتَ ذا أَمَلٍ أَعَدَّكَ مَقصِدا
واللُّؤمُ إِكرامُ اللَّئيمِ لِأَنَّهُ / كَالذِئبِ لَم يَرَ عَدوَةً إِلّا عدا
وَالعَزمُ ما تَرَكَ الحديدَ مُفَلّلاً / وَالخَيلَ حَسرى وَالوَشيجَ مُقَصَّدا
وَالنُبلُ فَتككَ بِالمُعادي غادِراً / أَو وافياً مُستَنجِداً أَو مُنجِدا
غَدرٌ يُعِزُّ وَلا وَفاءٌ مُعقِبٌ / ذُلّاً وَجَهلٌ كَفَّ ذا جَهلٍ هُدى
فَإِذا ظَفَرتَ مِن العَدُوِّ بِغرَّةٍ / فاِفتِك فَفَتكُ اليَومُ مَنجاةٌ غَدا
وَالحِلمُ في بَعضِ المَواطِنِ ذِلَّةٌ / فَاِصفَح وَعاقِب وَاِعجَلَن وَتَأَيَّدا
ما كُلُّ حِلمٍ مُصلِحٌ فَلَطالما / غَرَّ السَفيه الحلمُ عَنهُ فَأَفسَدا
كُلُّ السِيادَةِ في السَخاءِ وَلَن تَرى / ذا البُخلِ يُدعى في العَشيرَةِ سَيِّدا
وَمِن الخَساسَةِ أَن تَكونَ عَلى العِدى / غَيثاً وَفي الأدنين لَيثاً أَلبَدا
يا صاحِبَيَّ وَلا أرى لي صاحِباً / إِلّا إِذا أَوقَدتُ ناراً أَخمَدا
قَد كُنتُما عَوني وَقَد أَصبَحتُما / عَوناً عَلَيَّ فَما عَدا مِمّا بَدا
لا تَحمَدِ الكَذِبَ المُزَخرَفَ وَاِحمَدا / بَلهاً بِسامِعِهِ وَدَهراً أَنكَدا
لَم يَخفَ حُبُّكُما وَلَكِن لَيسَ لي / رَأيٌ يُطاعُ فَقَرِّبا أَو بَعِّدا
قَد قُلتُ لِلمُصغي لِزُورِكُما اِنتَبِه / كَم ذا الرُقادُ وَما أَنى أَن تَرقُدا
أَهلَكتَ قَومكَ في رِضا الواشي بِها / ما أَقرَبَ الواشينَ مِنكَ وَأَبعَدا
فَاِستَبقِ قَومَكَ لِلخُطوبِ وَلا تَكُن / سَيفاً عَلَيهِم بِالهَلاكِ مُجَرَّدا
وَاِعلَم بِأَنَّ دَليلَ أَمّكِ ما عَدا / يَتلوهُ مُذ صارَ المُشِيرُ مَنِ اِهتَدى
وَمِنَ الشَقاءِ إِقامَتي في بَلدَةٍ / لِلّهِ جَدُّ عَدُوِّها ما أَسعَدا
لَو حَلَّها كِسرى لَقالَ لِما يَرى / نَفسي لِمَن يبغي الخَرابَ لَها الفِدا
ما بَينَ قَومٍ لا يُصانُ لِجارِهِم / عِرضٌ وَلا يُرجى لِغَيِّهِمُ هُدى
سَوداءُ مُومِسَةٌ أَجَلُّ لَدَيهمُ / مِن عالِمٍ حَبرٍ وَأَدنى مَقعَدا
وَبِمُصلِحٍ لا بَل بِأَلفي مُصلِحٍ / لا يَعدِلونَ خَبيثَ أَصلٍ مُفسِدا
لَو قيلَ كُن هُوداً لِأَشرَفِ رُتبَةٍ / مِنهُم وَدونَكَ دِرهَماً لَتَهَوَّدا
يا غافِلاً عَمّا يُرادُ بِهِ اِقتَصِد / في الغَيِّ إِذ جُزتَ الطَريقَ الأَقصَدا
لا تَحسَبَنَّ المَجدَ صَرَّكَ حاجِباً / شَيناً وَنَزّاعاً كَنَجمِكَ أَسوَدا
وَتُلُوَّ خَمسَةِ أَكلُبٍ لَو صُويِدَت / بِبَناتِ آوى كُنَّ مِنها أَصيَدا
إِن أُشبِعَت نامَت وَإِن هِيَ جُوِّعَت / نَبَحَت وَتُشلِيها فَما تُجدي جَدا
المَجدُ طَعنٌ في النُحورِ يَمُدُّهُ / ضَربٌ يُقامُ لِوَقعِهِ صَعرُ العِدا
وَسَماحُ كَفٍّ لا يُمَنُّ نَوالُها / إِنَّ النَوالَ إِذا يُمَنُّ تَنَكَّدا
ما أَنتَ فيهِ سَحابُ صَيفٍ يَنجَلي / عَن ساعَةٍ فَليُبرِقَن أَو يُرعِدا
فَأَلِن لِذي القُربى جَنابَكَ لينَهُ / لِعَدُوّكَ اِستَشرى عَلَيكَ وَعَربَدا
وَاِعرِف عَلى حامٍ لِسامٍ فَضلهُ / لِتَكونَ في بَعضِ الأُمورِ مُسَدَّدا
فَلَتَندَمَنَّ وَلاتَ حينَ نَدامَةٍ / تُغني وَمَن سُقيَ المُدامَةِ غَرَّدا
وَمَتى يَنلني بِالهَوانِ مُعلهَجٌ / خَطَأً أَنَلهُ ضِعفَهُ مُتَعمِّدا
ذو الحِلمِ يَجهَلُ وَالتَغافُلُ ذِلَّةٌ / وَالصَبرُ مُرٌّ وَالمَلومُ مَن اِعتَدى
أَتَظُنُّني أَرضى بِحَسيِكَ مَنهَلاً / تَبّاً لِحَسيكَ أَحمَقاً ما أَبرَدا
وَأَغَرُّ واري الزَندِ عِفتُ حِباءَهُ / كِبراً فَكَيفَ بِهِ أَغَمَّ مُزَنَّدا
لا عِشتُ إِن نَوَّهتُ بِاِسمِكَ داعياً / وَالمَوتُ آتٍ وَالرَدى رَأسُ المَدى
لَو كُنتَ يا فَسلَ الحَمِيَّةِ في النَدى / وَالبَأس كَاِبنِ أَبي عَزيزٍ ما عَدا
ذاكَ الَّذي لَم تَعلُ رايَة سُؤدَدٍ / مُنذُ اِحتَبى إِلّا وَبَلَّ بِها يَدا
ذاكَ الَّذي أَحيا البِلادَ وَقَبلهُ / كانَت وَمَن فيها رَماداً أَرمَدا
ذاكَ الَّذي لَو سارَ أَعمى في الدُجى / بِضياءِ غُرَّتِهِ لَأَبصَرَ وَاِهتَدى
مُعدي مَنِ اِستَعدى وَسُمُّ مَنِ اِعتَدى / وَهُدى مَنِ اِستَهدى وَغَيثُ مَن اِجتَدى
مُردي حُروبٍ مُنذُ كانَ مُعاوِدٌ / لِلكَرِّ مَخشِيُّ القَناةِ إِذا رَدى
لَو قُسِّمَت في الأسدِ نَجدَتُهُ لَما / رَضِيَت لِأَشبُلِها العرينَة مَولِدا
لَو أَنَّ لِلعَضبِ المُهَنَّدِ جَوهَراً / مِن عَزمِهِ لفَرى الجَماجِمَ مُغمَدا
جَرّارُ كُلِّ كَتيبَةٍ رَجراجَةٍ / يَجلو السِماكَ غُبارُها وَالفَرقَدا
يَعدو بِهِ يَومَ الكَريهَةِ سابِحٌ / نَهدٌ يَروقُ مُجَلَّلاً وَمُجَرَّدا
تَشتاقُ أَندِيَةَ الطِعانِ سِنانُهُ / لِيَبُلَّ مِن ماءِ النُحورِ بِها الصَدى
وَحُسامُهُ يَشكو الغَليلَ وَما بِهِ / ظَمَأٌ وَلَكِن يَبتَغي ما عُوِّدا
لَو سالَ ما سُقِيَ المُهَنَّدُ مِن دَمٍ / مُذ سَلَّهُ لَرَأَيتَ بَحراً مُزبِدا
مَلأَ المَسامِعَ وَالمَجامِعَ ذِكرُهُ / وَأَغارَ في كُلِّ البِلادِ وَأَنجَدا
سادَ الوَرى طِفلاً وَبَرَّزَ يافِعاً / لَم يَتَّغِر وَبَنى المكارِمَ أَمرَدا
آباؤُهُ مِن عَبدِ قَيسٍ خَيرُها / حَسَباً وَأَكرَمُهم وَأوسعُها ندى
قَومٌ هُمُ مَلَكوا البِلادَ وَدَوَّخوا / أَهلَ العِنادِ وَأَوضَحُوا سُبُلَ الهُدى
أَيّامُهُم في الجاهِلِيَّةِ كُلُّها / بِيضٌ تُعيرُ الخَصمَ وَجهاً أَسوَدا
وَفَضيلَةُ الإِسلامِ فيهم إِذ عَلوا / فيهِ إِلى الحَقِّ الطَريقَ الأَرشَدا
مَن يَلقَ إِبراهيمَ يِلقَ الأَروَعَ الن / نَدبَ الهُمامَ الناسِكَ المُتَهَجِّدا
أَحيي عَزيزاً وَاِبنَهُ وَاِبنَ اِبنِهِ / وَأَبا عَزيزٍ عَبدَلاً وَمُحمَّدا
يا با عَليٍّ غَيرَ منعِيٍّ أَجِب / داعي العُلى وَاِذمُم لَها أَن تُوءَدا
يا واحِداً ما زالَ كُلُّ أَبٍ لَهُ / يُدعى بِإِجماعِ العَشيرَةِ أَوحَدا
لَولاكَ لَم تَرَني الحَساءُ وَلَم أَجُز / بِالخَطِّ بَل جُزتَ العَواصِمِ مُصعِدا
وَلَكانَ لي مَندوحَةٌ عَن مَعشَرٍ / عِرضُ الكَريمِ وَمالُهُ فيهم سُدى
مَدحي لَهُم وَعَلى صِحاحِ دَراهِمي / خَيري فَشُلّوا أَيدياً ما أَجمَدا
إِبليسُ ماتَ فَثِق بَصُحبَةِ ماجِدٍ / إِن صُلتَ صالَ وَإِن عَدَوتَ بِهِ عَدا
يَرعى المَوَدَّةَ وَالقَرابَةَ لا كَمَن / إِن قُمتَ نامَ وَإِن تُسَكِّتهُ حَدا
يُرضيكَ منطِقُهُ وَلَولا ضَعفُهُ / للَقيتَ مِنهُ أَحَرَّ مِن حَزِّ المدى
فَاِضرِب عَدُوَّكَ بِي تَجِدني صارِماً / عَضباً يَفُلُّ وَلا يُفَلُّ مُهنَّدا
فَلَقَد رَضيتَكَ والِداً وَأَخاً وَعَم / ماً وَاِبنَ عَمٍّ ما حَييتُ وَسَيِّدا
وَاِستَصفِني وَلَداً كَذَلِكَ خادِماً / لَو يَستَطيعُ فَداكَ مِن صَرفِ الرَدى
وَلَأُهدِيَنَّ إِلى عُلاكَ مَدائِحاً / يُنسيكَ شاديها الغَريضَ وَمَعبَدا
فَكَلاكَ رَبُّكَ حَيثُ كُنتَ بِحفظِهِ / وَبَقيتَ ما بَقِيَ الزَمانُ مُخَلَّدا
وَأَراكَ في اِبنكَ ما تُحِبُّ وَعاشَ مَن / يَشناكُما ما عاشَ أَكمَدَ أَكبَدا
وَإِلَيكَ مَن دُرِّ الكَلامِ جَواهِراً / يُعيي الفَرَزدَقَ نَظمُها وَمُزَرِّدا
يا شَمسَ دينِ اللَهِ كَم لَكِ مِن يَدٍ
يا شَمسَ دينِ اللَهِ كَم لَكِ مِن يَدٍ / يُثني بِها بادٍ وَيَشهَدُ حاضِرُ
وَلَدَيَّ أَعمِدَةٌ قَليلٌ قَدرُها / جِدّاً وَلِلدِيوانِ والٍ قادِرُ
لا شَيءَ عِندي مَكسُها لَكِنَّني / أَخشى يَقولُ الناسُ جاهُكَ قاصِرُ
وَلَقد جَرى فيها بِواسِطَ وَقعَةٌ / ما كانَ لي فيها هُنالِكَ ناصِرُ
وَأُعيذُ مَجدَكَ أَن أُقابِلَ مِثلَها / مِن حَيثُ أَنتَ وَسَيبُكَ المُتظاهِرُ
وَبِأَمسِ كانَت لِي بِقُربِكَ صَيلَمٌ / ما لي وَبَيتِ اللَهِ فيها عاذِرُ
لَكِنَّني اِستَصغَرتُها وَلَقد أَرى / أَنَّ الصَغائِرَ بَعدَهُنَّ كَبائِرُ
فَاِدفَع بِجاهِكَ أَو بِمالِكَ مُنعِماً / عَنّي فَمالُكَ لِلعُفاةِ ذَخائِرُ
قَسَماً بِأَعرافِ الجِيادِ الضُمّرِ
قَسَماً بِأَعرافِ الجِيادِ الضُمّرِ / وَبِما أَثَرنَ مِن العَجاجِ الأَكدَرِ
وَبِما حَمَلنَ إِلى الوَغى مِن ماجِدٍ / طَلقِ المُحَيّا ذي جَبينٍ أَزهَرِ
وَبِكُلِّ أَبيَضَ صارِمٍ وَمُفاضَةٍ / كَالنَّهرِ سابِغَةٍ وَعالٍ أَسمَرِ
لَو قيلَ مَن في الأَرضِ أَعلى هِمَّةٍ / وَأَعَزُّ نافِلَةٍ وَأَشرَفُ مَعشَرِ
ما قيلَ إِلّا ذاكَ فَضلٌ في العُلى / حامي حِمى الآباءِ سامي المَفخَرِ
الماجِدُ الأَحساب وَالمَلِكُ الَّذي / يَغشى الوَغى فَرداً بِوَجهٍ مُسفِرِ
الواهِبُ الجُردَ العِتاقَ يَقودُها / صُفرُ المَجاسِدِ مِن بَناتِ الأَصفَرِ
وَالمُكرِهُ السُّمرَ الدِقاقَ ومُنهِلُ ال / بيضِ الرِقاقِ مِنَ النَجيعِ الأَحمَرِ
وَمُقَنطِرُ البطَلِ الهزبرِ بِطَعنَةٍ / يَقضي قَضِيَّتَهُ وَلَمّا يَستُرِ
وَمُفَلِّقُ الهاماتِ في ضَنكِ الوَغى / بِمُذَلَّقِ الحَدَّينِ صافي الجَوهَرِ
كَم غادَرَت أَسيافُهُ مِن ماجِدٍ / جَزر السِباعِ مُجَدَّلٍ لَم يُقبَرِ
مُنيَ العِدى مِنهُ بِأَغلَبَ ثائِرٍ / يُنبيكَ مَنظَرُهُ بِصِدقِ المَخبَرِ
مُتَوَقِّدُ العَزماتِ أَكبَرُ هَمِّهِ / إِحياءُ مَأمورٍ وَمَوتُ مُؤَمَّرِ
وَالمَوتُ أَشهى عِندَهُ مِن أَن يُرى / في غَيرِ مَرتَبَةِ المَليكِ الأَكبَرِ
تلقاهُ أَثبَتَ ما يَكونُ جَنابُهُ / وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَنا المُتَكَسِّرِ
وَأَحَبُّ يَومٍ عِندَهُ يَومٌ بِهِ / يُعطي الهُنَيدَةَ لِلفَقيرِ المُقتِرِ
جَرّارُ كُلِّ كَتيبَةٍ فُرسانُها / أَوفى وَأَمضى مِن كَتيبَةِ دَوسَرِ
تَحتَ السَنوَّرِ وَالتَريكِ تَخالُهُم / وَالخَيلُ تَحتَ النَقعِ جِنَّةُ عَبقَرِ
ما صَبَّحَت داراً سَنابِكُ خَيلها / إِلّا وَوارَت جَوَّها بِالعِثيرِ
لِسِنانِهِ مِن كُلِّ فارِسِ بَهمَةٍ / ما بَينَ وَجَنَةِ خَدِّهِ وَالمحجِرِ
وَلِسَيفِهِ مِنهُ إِذا ما اِستَلَّهُ / ما بَينَ قُلَّةِ رَأسِهِ وَالأَنهُرِ
ما حِلمُ قَيسٍ ما وَفاءُ سَمَوأَلٍ / ما جودُ أَوسٍ ما شَجاعَةُ جَحدَرِ
لَو أَنَّهُم وُزِنُوا بِهِ لَم يَعدِلُوا / مِن كَفِّهِ اليُسرى بَنانَ الخِنصَرِ
آبى وَأَمنَعُ جانِباً مِن هانِئٍ / أَيّامَ يَمنَعُ خَلفَهُ اِبنَ المُنذِرِ
وَأَشَدُّ بَأساً مِن كُلَيبٍ إِذ سَطا / بِالسَيفِ يَجتَثُّ الذُرى مِن حِميَرِ
وَأَعَزُّ جاراً مِن فَتى بَكرٍ وَقَد / نَزَلَت بِساحَتِهِ عَقيلَةُ مِنقَرِ
ذُو هِمَّةٍ صَعَدت وَأَصبَحَ دونَها / زُحَلٌ وَأَوجُ عُطارِدٍ وَالمُشتَري
ما زالَ يَجتابُ البِلادَ مُشَمِّراً / تَشميرَ لا وانٍ وَلا مُتَحَيِّرِ
حَتّى ظَنَنّا أَنَّهُ في عَزمِهِ / يَسعى لِيَخرُجَ عَن مَدى الإِسكَندَرِ
رَضِيَ الخَليفَةُ هَديَهُ وَاِختارَهُ / وَحَباهُ بِالحَظِّ الجَزيلِ الأَوفَرِ
لَبّاهُ جَهراً وَاِصطَفاهُ لَهُ فَتىً / مِن بَينِ أَبناءِ النَبيتِ وَقَيذَرِ
وَأَمَدَّهُ بِخَزائِنٍ لَو صَبَّحَت / ذاتَ العِمادِ لَآذَنَت بِتَدَعثُرِ
فيها المَناجيقُ العِظامُ يَحُفُّها / نِفظٌ تَأَجَّج نارُهُ بِتَسَعُّرِ
وَقسِيُّ أُسدٍ لا تَرُدُّ نِصالَها / زُبرُ الحَديدِ وَلا صَفيحُ المَرمَرِ
وَقَضى إِلَيهِ أَنَّ حُكمَكَ نافِذٌ / ماضٍ بِأَكنافِ العِراقِ وَتُسترِ
فَاِضمُم إِلَيكَ الجَيشَ وَاِنهَض وَاِفتَتِح / ما شِئتَ مِن بَلَدٍ وَجِدَّ وَشَمِّرِ
فَلَكَ الكَرامَةُ وَالحِباءُ وَكُلُّ ما / تَسمُو لَهُ مِن عَسجَدٍ أَو عَسكَرِ
تِيهي بِهِ يا آلَ فَضلٍ وَاِرتَقي / فَوقَ السَماءِ عُلىً وَباهي وَاِفخَري
فَبِهِ تَطولُ رَبيعَةٌ كُلَّ الوَرى / مِن مُتهِمٍ أَو مُنجِدٍ أَو مُغورِ
جُزتَ المَدى وَبَلَغتَ يا اِبنَ مُحَمَّدٍ / أَقصى المَنى وَرَقيتَ أَعلى مِنبَرِ
وَجَرَت أَوامِرُكَ الشَريفَةُ في قُرى / كِسرى وَسابورِ المُلوكِ وَقَيصَرِ
بِع واسِطاً بِالنَأيِ وَالهَجرِ
بِع واسِطاً بِالنَأيِ وَالهَجرِ / وَدَعِ المُرورَ بِها إِلى الحَشرِ
أَرضٌ يُدَبِّرُها اِبنُ صابِئَةٍ / شابَت مَفارِقُها عَلى الكُفرِ
قَلفاءُ مِن نَبطِ البَطائِحِ لَم / تَمرُر لَها المَوسى عَلى بَظرِ
تَلقى الأُيورَ بِعُنبلٍ خَشِنٍ / مُتَعَثكِلٍ يُوفي عَلى الشِبرِ
قَد سَدَّ واسِعَ قُبلِها عَظمٌ / فَجَميعُ ما وَلَدَت مِن الدُبرِ
يا اِبنَ الدُيَيثِيِّ اللَعينِ لَقَد / رُمتَ المُحالَ فَغُصتَ في بَحرِ
لَكَ لِحيَةٌ كَالتَيسِ ما بَرِحَت / مِن بَولِهِ في ناطِفٍ تَجري
وَبِها إِذا حاضَت حَليلَتُكَ الر / رَعناءُ تَعرِفُ أَوَّلَ الطُهرِ
وَلَسَوفَ يَحلِقُها أَخُو كَرَمٍ / زاكي الأَرُومَةِ طَيِّبُ النَجرِ
وَهِيَ الَّتي غَرَّتكَ فَاِبغِ لَها / بَيتاً يُحَصِّنُها مِن الظَهرِ
وَاِجمَع حَوالَيها لِيَمنَعَها / ما اِسطَعتَ مِن مُستَحكَمِ الجَعرِ
فَلَقَد أَتاها ما سَيَترُكُها / مَرداءَ خالِيَةً مِنَ الشَّعرِ
وَلَعَلَّ ذَلِكَ فيهِ مَصلَحَةٌ / لَكَ يا لَئيمُ وَنَحنُ لا نَدري
نُمسي كَما قَد كُنتَ مُحتَرَماً / عِندَ الزُناةِ مُعَظَّمَ القَدرِ
يُعطيكَ حُكمَكَ كُلُّ ذي شَبَقٍ / يَهوى العُلوقَ مُضَبَّرٍ عُفرِ
لُقِّبتَ جَهلاً بِالسَديدِ وَما / سُدِّدتَ في نَهيٍ وَلا أَمرِ
وَلَقَد تَسَمَّيتَ الأَديبَ وَفي / أَدَبِ الحِمارِ عَجائِبُ الدَهرِ
لَو كُنتَ يا نُوتِيُّ ذا أَدَبٍ / لَخَلَعتَ عَنكَ مَلابِساً تُعري
يا تَيسُ قَرنُكَ كُلُّهُ نَقَدٌ / في النَطحِ لا يَقوى عَلى الصَخرِ
مَهلاً فَقَد نَبَّهتَ لَيثَ شَرىً / أَظفارُهُ وَنُيوبُهُ تَفري
مِن مَعشَرٍ لَبِسُوا العُلى وَنَشَوا / بَينَ الصَوارِمِ وَالقَنا السُمرِ
تَختالُ تَحتَهُمُ الجِيادُ إِذا / رَكِبُوا فَيَسمُو الطّرفُ كَالصَقرِ
أَهلُ القِبابِ الحُمرِ إِن نَزَلُوا / قَفراً وَأَهلُ الجامِلِ الدّثرِ
وَالراسياتُ مِنَ النَخيلِ لَهُم / وَمُكَرَّماتُ البَرِّ وَالبَحرِ
لا يَرهَبُ الأَيّامَ جارُهُمُ / وَنَزيلُهُم مِن مالِهم يُقري
أَنكَرتَني وَلَسَوفَ تَعرِفُني / فَتُقِرُّ أَنّي واحِدُ العَصرِ
فَاِذهَب فراراً كَيفَ شِئتَ فَما / تَنجو بِأَجنِحَةِ القَطا الكُدرِ
قَد يُمهِلُ اللَهُ الظَلومَ إِلى / حينٍ وَيَجزي المَكرَ بِالمَكرِ
أَسرَفتَ في ظُلمِ العِبادِ أَما / لِلبَعثِ في ناديكَ مِن ذِكرِ
وَأَعَنتَ قُطّاعَ الطَريقِ عَلى / فَقرِ التِجارِ وَخَيبَةِ السَفرِ
نِصفُ البِضاعَةِ حينَ تَظفرُها / مَكسٌ لَقَد بالغتَ في النُكرِ
خُنتَ الخَليفَةَ في رَعِيَّتِهِ / وَعَصَيتَهُ في السِرِّ وَالجَهرِ
وَتَناقَلَت أَيدي الرِكابِ بِما / أَحدَثتَ في أَيّامِهِ الذِكرِ
فَليَرمِيَنَّكَ بَعضَ أَسهُمِهِ / فَتُبَلُّ مِنكَ بِثَغرَةِ النَحرِ
اِردُد عَلَيَّ بِلا مُراجَعَةٍ / ما خانَني في نَظمِهِ فِكري
تُدعى السَديدَ وَما السَدادُ بِأَن / تُستَنكَحَ الحَسنا بِلا مَهرِ
لَكَ مُؤنَةُ العُمُدِ الخِباثِ وَقَد / وُزِنَت فَهَل لَكَ مُؤنَةُ الشِعرِ
وكَّلت عُثماناً فَوافَقني / فيها وَتابَعَهُ أَبو بَكرِ
حَتّى خَرَجتُ عَلى حِسابِهما / مِمّا جَلَبتُ بِراحَةٍ صَفرِ
قَد قُلتُ حينَ رَأَيتُ فِعلَهُما / وَيهاً فَهَذا بَيضَة العُقرِ
لا أَخلَفَ الرَحمَنُ مالَ فَتىً / يَأتيكُمُ فَيَبيعُ أَو يَشري
هَذا جَزاءُ النَظمِ فيكَ وَقَد / يُجزى الضِراطَ مُقَبِّلُ الحِجرِ
قابَلتَها إِذ أُنشِدَت بِرِضاً / وَعَقَقتَها فَوَقَعتَ عَن خبرِ
وَالعُذرُ لي فيما هَذَيتُ بِهِ / إِن كانَتِ الحُمّى مِن العُذرِ
أَلا فَمِثلُكَ لا أَجُودُ لَهُ / بِالمَدحِ في نَظمٍ وَلا نَثرِ
هِيَ سَبعَةٌ تَأتيكَ سَبعَ مائىٍ / تُنسِيكَها وَالحَصدُ لِلبَذرِ
عَن كُلِّ بَيتٍ صادِرٍ مائَةٌ / وَجَزاءُ مِثلي لَيسَ بِالنَزرِ
فَاِصبِر لَها يا نَذلُ لا كَرَماً / فَالكَلبُ يُجزى القَتلَ بِالعَقرِ
ما شِئتُما يا صاحِبَيَّ فَقُولا
ما شِئتُما يا صاحِبَيَّ فَقُولا / هَيهاتَ لَن تَجِدا لَدَيَّ قَبُولا
لَو ذُقتُما ما ذُقتُ مِن أَلَمِ الجَوى / لَم تُكثِرا قالاً عَلَيَّ وَقِيلا
قَد قُلتَ لِلقَلبِ اللَحُوحِ وَما نَأَت / دارٌ وَما عَزَمَ الخَليطُ رَحيلا
أَصَبابَةً وَأَسىً وَما حَدَجُوا لَهُم / عِيساً وَلا شَدّوا لَهُنَّ حُمُولا
هَذا الغَرامُ فَكَيفَ لَو نادى بِهِم / بَينٌ وَأَصبَحَتِ الدِيارُ طُلولا
فَاِستَبقِ دَمعَكَ وَالحَنين لِساعَةٍ / تَذَرُ الأبيلَ مِن الرِجالِ وَبِيلا
وَإِنِ اِستَطَعتَ غَداةَ داعِيَةِ النَوى / فَاِجعَل لِدَمعِكَ في الدِيارِ سَبيلا
أَنَسيمَ نَجدٍ بِالمُهَتَّكِ سُحرَةً / لِشِفاءِ ذي الكَبدِ العَليلِ عَليلا
اِحمِل إِلى أَرضِ العِراقِ رِسالَةً / عَنّي فَما أَرضى سِواكَ رَسُولا
وَالبَصرَةَ الفَيحاءَ لا تَتَخَلَّفَن / عَنها وَلا تَتَجاوَزَنها مِيلا
وَاِجعَل مُرُورَكَ مِن هُذَيلٍ إِنَّها / أَرضٌ أُحِبُّ جَنابَها المَأهُولا
وَأَفِض عَلَيها أَلفَ أَلفِ تَحِيَّةٍ / بِالمِسكِ تَفتُقُ بُكرَةً وَأَصيلا
وَاِخصُص بِأَكثَرِها الهُمامَ المُرتَجى ال / مَلكَ الأَغَرَّ الماجِدَ المَأمُولا
الأَروَعَ النَدبَ السَرِيِّ العالِمَ ال / حبرَ الجَرِيَّ السَيِّدَ البهلُولا
الحامِلَ العِبءَ الَّذي لَو رازَهُ / حَضَنٌ لآبَ بِظَهرِهِ مَحزُولا
مُعفي العُفاةِ مِن السُؤالِ فَقَلَّما / تَلقاهُ يَومَ عَطائِهِ مَسؤُولا
يُعطي الجَزيلَ مِنَ النَوالِ فَلا يَرى / إِلّا كَعابِرَةٍ عَلَيهِ سَبيلا
وَيَعُمُّ في إِعطائِهِ فَتَخالُهُ / بِجَميعِ أَرزاقِ العِبادِ كَفيلا
لا يُمسِكُ الدِينارَ إِلّا رَيثَما / يَلقى اِبنَ نَيلٍ لَم يُلاقِ مُنيلا
وَمَتى يَقُم مَعَهُ لِأَمرٍ ساعَةً / مِن يَومِهِ فَلَقَد أَقامَ طَويلا
العابِدُ المُحيي قِياماً لَيلَهُ / إِذ ناشِئاتُ اللَيلِ أَقوَمُ قِيلا
وَالزاهِدُ الصَوّامُ غَيرُ مُخَصِّصٍ / بِالصَومِ كانُوناً وَلا أَيلُولا
يا سائِلاً عَنهُ أَعَن شَمسِ الضُحى / تَعمى لَقَد فُقتَ الوَرى تَغفيلا
سِر تَلقَهُ واِبغِ الدَليلِ لِغَيرِهِ / فَالصُبحُ لا تَبغي عَلَيهِ دَليلا
وَإِنِ اِعتَرَتكَ جَهالَةٌ طَبَعِيَّةٌ / فَاِسكُت وَطُف تِلكَ الدُروبَ قَليلا
وَعَلَيكَ بِالبابِ الَّذي لا حاجِباً / تلقى بِسُدَّتِهِ وَلا قِنديلا
لَكِن تَرى الفُقَراءَ مُحدِقَةً بِهِ / زُمَراً وَأَبناءَ السَبيلِ نُزُولا
وَالمُوضِحينَ لِما رَأَوا وَبِما رَوَوا / شَرعَ الرَسولِ مُعَلَّلاً تَعليلا
وَذَوي الوُجُوهِ الصُفرِ شَفَّ جُسُومَها / إِشفاقُها وَكَسا الشِفاهَ ذُبولا
هَذا يَرومُ قِرىً وَذاكَ قِراءَةً / سُمِعَت عَن المُختارِ عَن جِبريلا
فَهُناكَ أَلقِ عَصا المَسيرِ تَجِد ثَرىً / دَمثاً وَظِلّاً لا يَزالُ ظَليلا
وَذُرىً تَقيكَ القُرَّ حينَ هُجُومِهِ / وَالحَرَّ لا وَحماً وَلا مَملُولا
يا عادِلاً بِأَبي شُجاعٍ غَيرَهُ / أُتُراكَ لا نَظراً وَلا مَعقُولا
تَأبى مَكارِمُ باتِكينَ بِأَن تَرى / أَحَداً لَهُ في ذا الزَمانِ عَديلا
جَرَتِ المُلوكُ فَلم تَشُقَّ غُبارَهُ / وَجَرى فَشَقَّ غُبارَها مَشكولا
لَو لَم يَكُن بِالبَصرَةِ اِنقَلَبَت بِمَن / فيها وَجَرَّ بِها الخَرابُ ذُيولا
كانَت سَواداً قَبلَهُ فَأَعادها / مِصراً تَرُوقُكَ مُمسِئاً وَمَقيلا
بِالمُبرِمِ الأَسواقَ وَالسُورِ الَّذي / مَنَعَ الأَعادي أَن تَميلَ مَمِيلا
وَالرّبطِ بَينَ مَدارِسٍ وَمَشاهِدٍ / شَرُفَت وَفُضِّلَ أَهلُها تَفضيلا
أَحيَا بِها لِلشافِعِيِّ وَمالِكٍ / وَأَبي حَنيفَةَ أَحرُفاً وَفُصُولا
وَبِجامِعٍ نَدَّ الجَوامِعِ كُلَّها / حُسناً وَعَرضاً في البِناءِ وَطُولا
لَولا اِتِّفاقُ حَريقِهِ في عَصرِهِ / لَعَفا وَعُطِّلَ رَسمُهُ تَعطيلا
كَم مِن رُواقٍ زادَ فيهِ وَحُصرُهُ / زادَت إِلى تَرفيلِهِ تَرفيلا
وَبَنى بِهِ لِلمُسلِمينَ مُقَرمَداً / تَرَكَ الخَوَرنَقَ في العُيونِ ضَئيلا
وَلَقد مَضَت حُقبٌ بِها وسُراتُها / نَهبٌ فَأَنقَذَ شِلوَها المَأكُولا
أَفعالُهُ لِلّهِ خالِصَةٌ فَما / تَلقى لِمُعتَقدِ الرِياءِ مَثيلا
لَو كانَ في الأُمَمِ الخَوالي مِثلهُ / مَلكٌ لَما بَعَثَ الإِلَهُ رَسُولا
يفديكَ شَمسَ الدّينِ قَومٌ لا تَرى / حَبلاً لَهم بِفَضيلَةٍ مَوصُولا
مِن كُلِّ مَغلُولِ اليَدَينِ عَنِ النَدى / فاقَ اليَهُودَ لآمَةً وَغُلولا
يَبدُو بعُثنُونٍ لَهُ قُبحاً لَهُ / لِقُرَيظَةٍ أَو لِلنَضيرِ سَليلا
زُمَّيلَةٌ فَإِذا المَظالِمُ أُسنِدَت / يَوماً إِلَيهِ رَأَيتَهُ إِزميلا
لا يَتَّقي اللَهَ العَلِيَّ وَلا يَرى / لِشَقائِهِ الفِعلَ الجَميلَ جَميلا
جَمَعَ الحُطامَ وَسَلَّ سَيفاً دُونَهُ / لَؤماً وَسَبَّلَ عِرضَهُ تَسبيلا
لَو أَنَّهُ حُمِلَت إِلَيهِ بَقَّةٌ / لأَضاعَ مِن مالِ الأمانَةِ فِيلا
لَولاكَ ما وَرَّيتُ لَكِن أَتَّقي / بَقَراً يَعُدُّونَ الصَحيحَ فُضولا
فَاِسلَم وَدُم يابا شُجاعٍ لِلعُلى / وَالمَجدِ ما دَعَتِ الحَمامُ هَديلا
تُعطي وَتَمنَعُ ما تَشاءُ وَلا تُرى / إِلّا مُذيلاً عِزَّةً وَمُنيلا
في ظِلِّ خَيرِ خَلِيفَةٍ مِن هاشِمٍ / وَرِثَ الكِتابَ وَأُلهِمَ التَنزيلا
وَاِسعَد بِذا الشَهرِ الأَصَبِّ سَعادَةً / تَبقى وَتُبلِغُكَ المُنى وَالسُولا
وَتُريكَ حاسِدَكَ المُسَفِّهَ نَفسَهُ / حَرِضاً قَليلاً في الأَنامِ ذَليلا
بِالسَيفِ يُفتَحُ كُلُّ بابٍ مُقفَلٍ
بِالسَيفِ يُفتَحُ كُلُّ بابٍ مُقفَلٍ / وَتُحَلُّ عُقدَةُ كُلِّ خَطبٍ مُشكِلِ
فَاِقرَع إِذا صادَفتَ باباً مُرتَجاً / بِالسَيفِ حَلقَةَ صَفقَتَيهِ تَدخُلِ
وَإِذا بَدَت لَكَ حاجَةٌ فَاِستَقضِها / بِالمَشرَفِيَّةِ وَالرِماحِ الذُبَّلِ
لا تَسأَلَنَّ الناسَ فَضلَ نَوالِهِم / وَاللَهَ وَالبِيضَ الصَوارِمَ فَاِسأَلِ
فَالسَيفُ أَكرَمُ مُجتَدىً يَمَّمتَهُ / فَإِذا تَلُوذُ بِهِ فَأَمنَعُ مَعقِلِ
وَاِجعَل رَسُولَكَ إِن بَعَثتَ إِلى العِدى / زُرقَ الأَسِنَّةِ فَهيَ أَصدَقُ مُرسَلِ
وَاِعلَم هُدِيتَ وَلا إِخالُكَ جاهِلا / أَنَّ الرَسولَ يُبينُ عَقلَ المُرسِلِ
وَاِقعُد وَأَرضُكَ ظَهرُ أَجرَدَ سابِحٍ / وَسَماؤُكَ الدُنيا غَيابَةُ قَسطَلِ
كُن كَاِبنِ مَسعُودٍ حُسَينٍ في النَدى / وَالبَأسِ أَو فَعَنِ المَكارِمِ فَاِعدِلِ
الطاعِنِ الفُرسانَ كُلَّ مُرِشَّةٍ / جَيّاشَةٍ تَغلي كَغَليِ المِرجَلِ
وَالتارِكِ الأَبطالَ تَسجُدُ هامُها / بِالسَيفِ غَيرَ عِبادَةٍ لِلأَرجُلِ
وَالخائِضِ الغَمَراتِ لا مُتَقَهقِراً / حَتّى بِصارِمِهِ المُهَنَّدِ تَنجَلي
وَالنازِلِ الثَغرَ الَّذي لَو يُبتَلى / بِنُزولِهِ رَبُّ الحِمى لَم يَنزِلِ
وَالحامِلِ العِبءَ الَّذي لَو حُمِّلَت / هَضَباتُ سَلمى بَعضَهُ لَم يَحمِلِ
وَالواهِبِ الكُومَ الذُرى وَرعاتَها / وَفِصالَها عَفواً ولَمّا تُفصَلِ
وَهُوَ المُجيرُ الجارِياتِ مُرَوّعاً / مَن جارَهُ فِعلَ الهُمامِ الأَطوَلِ
وَتَبيتُ جارَتُهُ وَلَم يَرفَع لَها / كِسراً بِعِلَّةِ قائِلٍ مُتَضَلِّلِ
يُغضي إِذا بَرَزَت وَيَخفِضُ صَوتَهُ / عَنها فِعالَ الناسِكِ المُتَبَتِّلِ
لَم يَنطِقِ العَوراءَ قَطُّ وَلا اِصطَفى / نَذلاً وَلا أَصغى لِقَولِ مُضَلِّلِ
وَإِذا المُحُولُ تَتابَعَت أَلفَيتَهُ / مُتَبَجَّحَ العافي وزادَ المُرمِلِ
وَإِذا لَظى الحَربِ الزَّبونِ تَأَجَّجَت / أَطفى لَوافِحَها بِحَملَةِ فَيصَلِ
كَم فارِسٍ أَردى بِطَعنَةِ ثائِرٍ / تُدني مِنَ الأَدبارِ حَدَّ المَقتلِ
وَعَميدِ قَومٍ صَكَّ مَفرِقَ رَأسِهِ / بِالسَيفِ في لَيلِ العَجاجِ الأَليَلِ
يَلقى الكَتيبَةَ واحِداً فَكَأَنَّها / في مِقنَبٍ وَكَأَنَّهُ في جَحفَلِ
وَكأَنَّ جاحِمَ كُلِّ نارٍ أُوقِدَت / لِلحَربِ في عَينَيهِ نارُ مُهَوِّلِ
تَلقاهُ أَثبَتَ ما يُكُونَ جَنانُهُ / وَالبِيضُ تَختَطِفُ الرُؤوسَ وَتَجتَلي
مُتَهاوِناً بِالمَوتِ يَعلَمُ أَنَّهُ / سَيَمُوتُ بِالأَدواءِ مَن لَم يُقتَلِ
نَهدٌ عَلى نَهدِ المَراكِلِ سابِحٍ / رَحبِ اللِبابِ مُحَجَّلٍ لِلأَرجُلِ
مُتَمَطِّرٍ سامي التَليلِ مُقابلٍ / بَينَ النَعامَةِ وَالحرُونِ وَقُرزُلِ
كَالمَجدَلِ العادِيِّ إِلّا أَنَّهُ / يُمرى فَيَنقَضُّ اِنقِضاضَ الأَجدَلِ
طِرفٌ يُعَوِّذُهُ الأَريبُ مُجَلَّلاً / مِن شَرقِ طُرَّتِهِ وَغَيرَ مُجَلَّلِ
وَبِكَفِّهِ ماضٍ يُخالُ عَقيقَةً / لَمَعَت بِصَفحَةِ عارِضٍ مُتَهَلِّلِ
عَودٌ عَنِ اليَومَينِ يُخبِرُ صادِقاً / وَعَنِ الثَلاثَةِ وَالكُلابِ الأَوَّلِ
وَالشَيِّطَينِ وَلَعلَعٍ وأُوارَةٍ / وَحِمى ضَرِيَّةَ وَالنِباجِ وَثَيتَلِ
أَبَداً يَقُولُ لِمُنتَضيهِ في الوَغى / اِعلُ الطُلا وَالهامَ بي وَتَوَكَّلِ
كَم هامَةٍ شُقَّت بِهِ وَدَعامَةٍ / دُقَّت فَخَرَّت لِلحَضيضِ الأَسفَلِ
وَعَلَيهِ مُحكَمَةُ القَتيرِ تَخالُها / بَعضَ الإِضاءِ بِصَحصَحانٍ أَنجَلِ
وَقعُ الصَفيحَةِ وَالقَناةِ بِمَتنِها / وَقعُ الحُفاةِ وَريشَةٍ مِن أَجدَلِ
لَو رُدَّ مَحتُومُ القَضاءِ لَقابَلَت / بِالرَدِّ مَحتُومَ القَضاءِ المُنزَلِ
ماضي المُهَنَّدِ وَالسِنانِ وَعَزمُهُ / أَمضى وَغَيرُ كَهامَةٍ في المِقوَلِ
زاكي العُمُومَةِ وَالخُؤولَةِ غَيرُ ذي / أَشَبٍ فَبُورِكَ مِن مُعِمٍّ مُخوِلِ
أَمضى إِذا ما هَمَّ مِن ذِي رَونَقٍ / صافي الحَديدَةِ ذي فِرِندٍ مُنصلِ
نَدَّ الوَرى طِفلاً وَبرَّزَ يافِعاً / وَبَنى العُلى وَعِذارُهُ لَم يَبقُلِ
إِغضاءُ قَيسٍ في شَجاعَةِ وائِلٍ / وَسَخاءُ مَعنٍ في وَفاءِ سَمَوأَلِ
مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجوهِ أَعِزَّةٍ / جُر يامُجاوِرهُم بِهِم أَو فَاِعدِلِ
فَضلٌ أَبُوهُم وَالمَعَظَّمُ عَبدَلٌ / مَن مِثلُ فَضلٍ في الفَخارِ وَعَبدَلِ
وِإِذا عَدَدتَ أَبا سِنانٍ وَاِبنَهُ / وَاِبنَ اِبنِهِ فَاِشرَب خَصيمَكَ أَو كُلِ
غُرٌّ بَنى لَهُمُ الأَغَرُّ أَبُوهُمُ / بَيتاً أَنافَ عَلى السِماكِ الأَعزلِ
إِن قالَ قائِلُهُم أَصابَ وَإِن رَمى / أَصمى وَإِن سُئِلَ النَدى لَم يَبخَلِ
عُقَدُ الجَبابِرِ عِندَهُم مَحلُولَةٌ / وَإِذا أَمَرّوا عُقدَةً لَم تُحلَلِ
نَسلُ العُيُونِيِّ الَّذينَ أَحَلَّهُم / بِفِعالِهِ في المَجدِ أَشرَفَ مَنزِلِ
بِرِماحِهِم وَصِفاحِهِم وَسَماحِهِم / وَرِثُوا السِيادَةَ آخِراً عَن أَوَّلِ
لا غالَهُم صَرفُ الزَمانِ فَكَم لَهُم / في الدَهرِ مِن يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلِ
يا مَن يَقيسُ بِآلِ فَضلٍ غَيرَهُم / لا تُوهِمَنَّ الدَوحَ غَيرَ القَرمَلِ
ما كُلُّ نَبتٍ راقَ طَرفَكَ لَونُهُ / مَرعىً وَلا كُلُّ المِياهِ بِمَنهَلِ
يا آلَ فَضلٍ دَعوَةً مِن مُخلِصٍ / لَكُمُ المَوَدَّةَ لَيسَ بِالمُتَجَمّلِ
لَم يَرتَقي القَومُ الجَميمَ وَما لَنا / غَير الأَلاءَةِ مَرتَعاً وَالحَرمَلِ
وَلِمَ الشَقائِقُ وَالتِلاعُ لِغَيرِنا / وَلنا الخَطائِطُ قسمُ مَن لَم يَعدِلِ
وَالبارِدُ العَذبُ الزُلالُ لِغَيرِنا / وَنُخَصَّ بِالمِلحِ الأُجاجِ الأَشكَلِ
أَرحامُنا مِن يَومِ غُيِّبَ جَدُّكُم / في رَمسِهِ مَقطُوعَةٌ لَم تُوصَلِ
حَتّى كَأَنّا مِن جُهَينَةَ أَصلُنا / لا وُلدَ عَبدِ اللَهِ نَحنُ وَلا عَلِي
وَلِمَ العَدُوُّ يَرُوحُ قِردَ زُبَيدَةٍ / شَبَعاً وَمُصفِي الوُدّ كَلبَةَ حَومَلِ
لَولاكَ قُلتُ وَقُلتُ لَكِنّي اِمرُؤٌ / أَبَداً أَصُونُ عَن الشِّكايَةِ مِقوَلي
بَيتُ الرِئاسَةِ لِي وَحِكمَةُ دَغفَلٍ / وَبَيانُ سَحبانٍ وَشِعرُ الأَخطَلِ
فَبَقِيتُمُ لِلمكرُماتِ وَلِلعُلى / أَبَداً بَقاءَ عَمايَتَينِ وَيَذبلِ
اِنزِل لِتَلثِمَ ذا الصَعيدَ مُقَبِّلاً
اِنزِل لِتَلثِمَ ذا الصَعيدَ مُقَبِّلاً / شَرَفاً وَإِجلالاً لِمَولى ذا المَلا
وَقُلِ السَلامُ عَلَيكَ يا مَن لَم يَزَل / كَنزاً لِأَبناءِ الهُمومِ وَمَعقِلا
وَاِشكُر أَيادِيَهُ الَّتي أَولاكَها / فَلَقَد أَطابَ لَكَ العَطاءَ وَأَجزَلا
وَأَشِر إِلَيهِ بَعدَ ذاكَ مُوَدِّعاً / تَوديعَ لا مَلَلٍ عَراكَ وَلا قِلى
أَفديهِ مِن مَلِكٍ لَقَد أَضحى بِهِ / جَدُّ المَكارِمِ وَالأَكارِمِ مُقبِلا
ما كُنتُ آمُلُ مِن نَداهُ أَنالَني / فَأَنا لَهُ رَبُّ العُلى ما أَمَّلا
أَلفا مُصَتَّمَةٍ أَجازَ وَبَغلَةً / تَشأى النَعامَةَ وَالحَرونَ وَقُرزُلا
وَمِنَ المَلابِسِ خِلعَةً لَو قابَلَت / رَوضَ الحِمى أُنُفاً لَكانَت أَجمَلا
وَوَراء ذَلِكُمُ اِعتِذارٌ أَنَّهُ / لَولا أُمُورٌ جَمَّةٌ ما قَلَّلا
وَأَحَبُّ مِن هَذا إِلَيَّ لِقاؤُهُ / لِي مُسفِراً عَن بِشرِهِ مُتَهَلِّلا
وَسُؤالُهُ لِي كَيفَ أَنتَ وَقَولُهُ / أَهلاً أَتَيتَ وَزالَ نَحسٌ وَاِنجَلى
فَأَضاءَ في عَيني النَهارَ وَقَبلَ أَن / أَلقاهُ كانَ عَلَيَّ لَيلاً أَليَلا
وَشَكَرتُ حادِثَةً أَرَتني وَجهَهُ / لَو كانَ نَزعُ الرُوحِ مِنها أَسهَلا
وَغَفَرتُ زَلَّةَ ظالِمَيَّ لِكَونِها / سَبَبَ اللِقاءِ وقلتُ أَيسَرُ مَحمَلا
إِن كانَ قَد أَبقى حَسُودي باهِتاً / فَلَأُبقِيَنَّ حَسُودَهُ مُتَمَلمِلا
وَلَأَكسُوَنَّ عُلاهُ ما لا يَنطَوي / أَبَدَ الزَمانِ وَلا يُلِمُّ بِهِ البِلى
وَلَأعقِدَنَّ عَلى ذُؤابَةِ مَجدِهِ / تاجاً مِنَ الدُرِّ الثَمينِ مُفَصَّلا
وَلَأَضرِبَنَّ بِجُودِهِ الأَمثالَ كَي / يَشدُو بِها مَن شاءَ أَن يَتَمثّلا
بِأَبي الهُمامِ أَبي الفَضائِلِ ذي العُلى / وَالمَكرُماتِ فَما أَبَرَّ وَأَفضلا
كُن أَيُّها الساعي لِإدراكِ العُلى / كَأَبي الفَضائِلِ في النَدى أَو لا فَلا
وَأَما لَعَمرُ اللَهِ لَستُ بِمُدرِكٍ / شَأوَ الأَميرِ وَما عَسى أَن تَفعَلا
لِلّهِ بَدرُ الدِينِ مِن مَلِكٍ فَما / أَوفى وَأكفى لِلخُطُوبِ وَأَحمَلا
مَلِكٌ أَنَختُ بِهِ الرَجاءَ مُؤَمِّلاً / فَرَجَعتُ مِن جَدوى يَدَيهِ مُؤَمَّلا
أَيّامُهُ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ وَقَد / ضَمنَ الأَخيرُ بِأَن يَفُوقَ الأَوَّلا
زَهَت البِلادُ بِهِ فَما مِن بَلدَةٍ / إِلّا تَمَنَّت أَن تَكُونَ المَوصِلا
مَن مُبلغ ساداتِ قَومي أَنَّني / لاقَيتُ بَعدَهُم الجَوادَ المُفضِلا
وَنَزَلتُ حَيثُ المَكرُماتُ وَقُمتُ في / حَيثُ اِبتَنى المَجدَ المُؤَثَّلَ وَالعُلى
يَفديكَ بَدرَ الدِينِ كُلُّ مُسَربَلٍ / بِاللُؤمِ غايَةُ حَزمِهِ أَن يَبخَلا
حَفِظَ الحُطامَ وَسَلَّ سَيفاً دُونَهُ / وَأَضاعَ مِنهُ العِرضَ تَضيِيعَ السَلا
فَغَدَت تُمزِّقُهُ الرِجالُ وَتَختَطي / لُجَجَ البِحارِ بِهِ وَأَجوَازَ الفَلا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي في كَفِّهِ / بَحرٌ أَرانا كُلَّ بَحرٍ جَدولا
لا تَحسَبَنَّ ثَنايَ لِلمالِ الَّذي / خَوَّلتَنيهِ فَلَم أَزَل مُتَمَوِّلا
وَالمالُ عِندَكَ كَالتُرابِ مَحَلُّهُ / تَحبُو بِهِ مَن هانَ قَدراً أَو عَلا
لَكِن رَأَيتُ خَلائِقاً ما خِلتُني / أَحظى بِرُؤيَةِ مِثلِها في ذا المَلا
لَولا النُبُوَّةُ بِالنَبِيِّ مُحَمَّدٍ / خُتِمَت لَقُلتُ أَرى نَبِيّاً مُرسَلا
قُل لِي أَمَلكٌ أَنتَ أَم مَلكٌ فَمَن / نَظَرَ العُجابَ فَحَقُّهُ أَن يَسأَلا
ما هَذِهِ الأَخلاقُ في بَشَرٍ وَلا / هَذا السَماحُ إِذا اللَبِيبُ تَأَمَّلا
فَبَقيتَ ما بَقِيَ الزَمانُ لِذا الوَرى / كَهفاً نَلُوذُ بِهِ وَسِتراً مُسبَلا
وَبَقيتَ لِلمَعرُوفِ أَيضاً وَالعُلا / أَبَداً بَقاءَهُما ثَبيرَ وَيَذبُلا
وَأَراكَ رَبُّكَ ما تُحِبُّ وَعاشَ مَن / يَشناكَ يَهوى المَوتَ مِن جَهدِ البَلا
عَنّي إِلَيكِ حَوادِثَ الأَيّامِ
عَنّي إِلَيكِ حَوادِثَ الأَيّامِ / ما كُلُّ يَومٍ يُستَطاعُ خِصامي
لا تَحسَبي الصَحبَ الَّذينَ عَهِدتِهِم / صَحبي وَلا تِلكَ الخِيامَ خِيامي
أَنا مَن عَرَفتِ فَأَوقِدي نارَ الوَغى / ما بَينَنا وَتَعَرَّفي إِقدامي
إِن كانَ قَد أَدمى حُسامُكِ مَفرقي / ظُلماً لَسَوفَ تَرَينَ وَقعَ حُسامي
لا يُطمِعَنَّكِ فِيَّ هُلكُ مُقَدَّمٍ / فَالقَوسُ قَوسي وَالسِهامُ سِهامي
وَمُقَدَّمٌ لا شَكَّ طَودٌ باذِخٌ / يَعلُو عَلى الهَضَباتِ وَالآكامِ
وَلَقَد فَقَدنا مِنهُ أَروَعَ ماجِداً / سَهلَ الجَنابِ مُؤَدَّبَ الخُدّامِ
كَم مُقلَةٍ ذَرَفَت عَلَيهِ وَكَم حَشىً / لِمَماتِهِ حُشِيَت بِنارِ غَرامِ
يا طِيبَ دَولتِهِ الَّتي أَيّامُها / شِيَةُ الزَمانِ وَغُرَّةُ الأَيّامِ
لَو كانَ يَفدِيهِ الرَدى لَفَدَيتُهُ / بِأَكارمِ الأَخوالِ وَالأَعمامِ
يا شامِتاً جَهلاً بِيَومِ وَفاتِهِ / صَبراً فَما الدُنيا بِدارِ مُقامِ
إِن كانَ ذَاكَ العَرشُ ثُلَّ فَقَد رَسى / في إِثرِهِ عَلمٌ مِنَ الأَعلامِ
أَو كانَ ذاكَ السَيفُ فُلَّ فَقَد أَتى / سَيفٌ إِذا ما سُلَّ غَيرُ كَهامِ
في أَيِّ يَومٍ لَم نُصَب بِمُتَوَّجٍ / ضَخمِ الدَسيعَةِ صادِقِ الإِقدامِ
لَكِنَّ فينا عِندَ كُلِّ مُصيبَةٍ / تَستَوكِفُ العَبَراتِ صَبرُ كِرامِ
وَإِذا مَضى مِنّا هُمامٌ ماجِدٌ / لَم يَمضِ إِلّا عَن طَريقِ هُمامِ
هَل شَدَّ عَقدَ التاجِ بَعدَ مُقَدَّمٍ / إِلّا فَتى قَومي وَسِلكُ نِظامي
مَن في المُلوكِ إِذا تُعَدُّ كَفاضِلٍ / لِعَطا الرَغائِبِ أَو لِضَربِ الهامِ
مَلِكٌ إِذا قابَلتَ غُرَّةَ وَجهِهِ / مُستَجدِياً قابَلتَ بَدرَ تَمامِ
وَإِذا نَظَرتَ إِلى اِنهِلالِ يَمينِهِ / يَومَ النَوالِ رَأَيتَ فَيضَ غَمامِ
وَإِذا اِنتَضى العضبَ المُهَنَّدَ وَاِعِتَزى / أَيقَنت أَنَّ اليَومَ يَومُ صِدامِ
لَو لَم يَقُم في المُلكِ ضاعَ وَلَم يَعُد / عُمرَ السِنينِ وَمُدَّةَ الأَعوامِ
يَوماهُ يَومُ نَدىً وَيَومُ وَغىً فَما / دامَت صَوارِمُهُ فَهُنَّ دَوامِ
وَالكَرُّ بَعدَ الفَرِّ عادَتُهُ إِذا / ضاقَ المَكَرُّ وَقيلَ بِالإِحجامِ
كَم وَقعَةٍ تَرَكَ العِدى وَجِباهُها / لِلسَيفِ ساجِدَةٌ عَلى الأَقدامِ
وَلَطالَما خَلّى الرُؤوسَ كَأَنَّها / لِلبُعدِ ساخِطَةٌ عَلى الأَجسامِ
طَودٌ إِذا ما الحِلمُ كانَ نَباهَةً / وَإِذا يُهاجُ فَأَيُّ لَيثِ زِحامِ
أَمضى عَلى الأَهوالِ مِن ذي رَونَقٍ / صافي الحَديدَةِ مِخذَمٍ صَمصامِ
مُتَوَقِّدُ العَزَماتِ تَأبى نَفسُهُ / لَغوَ الحَديثِ وَمَجلِسَ الآثامِ
لَو أَنَّ لِلعَضبِ المُهَنَّدِ عَزمَهُ / لَأَراكَ كَالشَمّامِ صَخرَ شَمامِ
لَو أَنَّ لِلضِرغامِ بَعضَ إِبائِهِ / لَاِستَبدَلَ الآكامَ بِالآجامِ
لَو أَنَّ لِلبَحرِ الخِضَمِّ سَماحَهُ / لَغَدا مَقِيلَ العِينِ وَالآرامِ
ما حاتِمٌ في الجُودِ يَعدِلُهُ وَلا / كَعبٌ وَلا قَيسٌ أَبُو بِسطامِ
إِقدامُ جَسّاسٍ وَعِزَّةُ هانِئٍ / وَعَفافُ بِسطامٍ وَنَفسُ عِصامِ
مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجُوهِ أَعِزَّةٍ / سُمحٍ عَلى العِلّاتِ غَيرِ لِئامِ
وَقِرى النُفوسِ إِذا تَحَطَّمَتِ القَنا / في الدارِعينَ وَفَرَّ كُلُّ مُحامِ
لا يَفزَعُونَ إِذا الصَريخُ دَهاهُمُ / إِلّا إِلى الإِسراجِ وَالإِلجامِ
وَإِذا الرِجالُ تَحَلَّلَت آراؤُها / كانُوا وُلاةَ النَقضِ وَالإِبرامِ
وَإِذا السُنونُ تتَابَعَت أَلفَيتَهُم / كَنزَ العُفاةِ وَكافِلي الأَيتامِ
مَلَكُوا الأَقاليمَ العِظامَ وَأَهلَها / بِالمُرهَفاتِ البيضِ لا الأَقلامِ
وَتَفَيَّحُوا كُلَّ البِلادِ وَسُيِّرَت / أَخبارُهُم في مَغرِبٍ وَشَآمِ
إِن فُوخِرُوا جاؤُوا بِفَضلٍ ذي النَدى / وَبِجَعفَرٍ وَشَبِيبٍ القَمقامِ
وَأَبى سِنانٍ وَاِبنِهِ وَمُحمَّدٍ / مُدني اليَسارِ وَمُبعِدِ الإِعدامِ
يا اِبنَ المُلوكِ النازِلينَ مِنَ العُلى / في كُلِّ ذِروَةِ غارِبٍ وَسَنامِ
يَفديكَ لِلعَلياءِ كُلُّ مُضَلَّلٍ / أَعمى عَنِ المَعرُوفِ أَو مُتَعامِ
وَليَهنِكَ المُلكُ الَّذي أَسَّستَهُ / بِالكُرهِ مِن شانيكَ وَالإِرغامِ
وَاِرفَع وَضَع وَاِقطَع وَصِل وَاِمنَع وَهَب / وَاِنفَع وَضُرَّ وَقُم وَسامِ وَرامِ
وَاِخفِض جَناحَكَ لِلعَشيرَةِ وَاِرعَها / بِرِعايَةِ الإِجلالِ وَالإِعظامِ
وَاِشدُد يَداً بِأَبي قِناعٍ إِنَّهُ / نِعمَ المُحامي دُونَها وَالحامي
وَاِشكُر لَهُ السَعيَ الَّذي اِنقادَت بِهِ / لَكَ وُلد سامٍ حَيثُ شِئتَ وَحامِ
وَاِرضَ الَّذي يَرضى وَقَدِّم أَمرَهُ / وَأَطِعهُ طاعَةَ مُقتَدٍ لِإِمامِ
وَأَبُو قِناعٍ غَيرُ نِكسٍ إِن عَرى / خَطبٌ شَديدُ الأَخذِ بِالأَكظامِ
الطاعِنُ الفُرسانَ كُلَّ مُرِشَّةٍ / تَنثاعُ مِن خَلفٍ وَمِن قُدّامِ
وَالمُطعِمُ الضِيفانَ مِن قَمَعِ الذُرى / عَبطاً إِذا ما ضُنَّ بِالجُلّامِ
أَحيا جُرَيّاً في السَماحَةِ وَاِبتَني / شَرَفاً أَنافَ عُلىً عَلى بَهرامِ
لَم يَبقَ في حَيّي نِزارٍ مِثلُهُ / لِسَدادِ ثَغرٍ أَو لِعَقدِ ذِمامِ
يُنمى إِلى الشُمِّ الغَطارِفِ وَالذُرى / مِن حارِثٍ وَالسادَةِ الحُكّامِ
وَلِحارِثٍ عُرِفَت رِئاسَةُ عامِرٍ / في جاهِلِيَّتِها وَفي الإِسلامِ
لَيسُوا كَقَومٍ كُلُّ ما عُرِفُوا بِهِ / ثِقلُ النُفوسِ وَخِفَّةُ الأَحلامِ
لا زلتَ مَحرُوسَ الجَنابِ مُؤَيَّداً / بِالنَصرِ مَحبُوّاً بِكُلِّ مَرامِ
أَلقَت إِلَيكَ مَقادَها الأَيّامُ
أَلقَت إِلَيكَ مَقادَها الأَيّامُ / وَأَمَدَّكَ الإِجلالُ وَالإِعظامُ
وَمَشى إِلَيكَ الدَهرُ مِشيَةَ خاضِعٍ / وَقَضى بِما تَختارُهُ العَلّامُ
وَبَقيتَ ما بَقِيَ الزَمانُ مُخَلَّداً / في حَيثُ تَقعُدُ وَالأَنامُ قِيامُ
وَحباكَ رَبُّكَ بِالكرامَةِ وَالرِضا / وَالبِرِّ ما نَسَخَ الضِياءَ ظَلامُ
فَلأَنتَ حينَ تُعَدُّ عَينُ زَمانِنا / وَبِصِدقِ قَولي يَشهَدُ الإِسلامُ
بِكَ يا مُحِبَّ الدِّينِ طالَت فَاِعتَلَت / شَرَفاً عَلى الخَطِّيَّةِ الأَقلامُ
أَحيَيتَ بِشراً وَالجُنَيدَ وَعامِراً / زُهداً وَكُلٌّ إِذ يُعَدُّ إِمامُ
وأَقَمتَ لِلقُرَشِيِّ في آرائِهِ / حُجَجاً يُقَصِّرُ دُونَها النُظّامُ
لَو رادَكَ الثَورِيُّ أَعلَنَ قائِلاً / أَنتَ الغَمامُ وَمَن سَواكَ جَهامُ
لِلّهِ دَرُّكَ أَيُّ مَوضِحِ مُشكِلٍ / أَضحى وَمِن شُبَهٍ عَلَيهِ خِتامُ
حَسَنُ الإِنابَةِ مُخلِصٌ أَعمالَهُ / لِلّهِ لا يَسري إِلَيهِ أَثامُ
إِن يَجحَدِ العُظماءُ فَضلَكَ فيهِمُ / فَبَنُوا السَبيلِ تُقِرُّ وَالأَيتامُ
لَكَ حينَ يَعتَكِرُ الظَلامُ صَنائِعٌ / تَغشى الأَرامِلَ وَالعُيونُ نِيامُ
قَسَماً لَوَ اِنّكَ في الغِنى في بَسطَةٍ / لَم يَدرِ أَهلُ الفَضلِ ما الإِعدامُ
لِلّهِ مِن خَفَقانِ قَلبي كُلَّما / قَعَدُوا لِتَجهيزِ الحُمولِ وَقامُوا
فَليَفرَحِ البَيتُ العَتيقُ وَزَمزَمٌ / بِقُدُومِهِ وَالحِلُّ وَالإِحرامُ
يا وَحشَتا وَالعِيسُ لَم يُرفَع لَها / رَحلٌ وَلا نُشِرَت لَها أَعلامُ
لا كانَ هَذا السَيرُ آخِرَ عَهدِنا / فَهِيَ اللَيالي رِحلَةٌ وَمَقامُ
وَكَلاكَ رَبُّكَ حَيثُ كُنتَ وَلا عَدا / أَرضاً تَحُلُّ بِها حَياً وَرِهامُ
وَرَعاكَ مَن لَو كُنتَ راعِيَ خَلقِهِ / لَم يُرعَ إِلّا لِلحَنيفِ ذِمامُ
أَنعِم عَلَينا بِالدُعاءِ إِذا اِلتَقى / بِحُجُونِ مَكَّةَ مَشرِقٌ وَشآمُ
وَعَلَيكَ مِنّا ما حَييتَ وَما بَدَت / شَمسُ النَهارِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ
سائِل دِيارَ الحَيِّ مِن ماوانِ
سائِل دِيارَ الحَيِّ مِن ماوانِ / ما أَحدَثَت فيها يَدُ الحَدَثانِ
وَأَطِل وُقُوفَكَ يا أُخَيَّ بِدِمنَةٍ / قَد طالَ في أَطلالِها إِذماني
كانَت جِناناً كَالجِنانِ فَأصبَحَت / لِلوَحشِ مُوحِشَةٍ وَلِلجِنّانِ
لَمّا وَقَفتُ العيسَ في عَرَصاتِها / ذَهَبَ العَزاءُ وَأَقبَلَت أَجفاني
وَذَكَرتُ أَيّاماً خَلَونَ وَأَعصُراً / ذِكرى لَهُنَّ لِسَلوَتي أَنساني
وَكَواعِباً بِذَوي العُقُولِ لَواعِباً / بِيضَ الخُدودِ نَواعِمَ الأَبدانِ
مِن كُلِّ خَرعَبَةٍ تُريكَ إِذا بَدَت / بَدرَ الدُجُنَّةِ فَوقَ غُصنِ البانِ
وَإِذا تَراءَت لِلحَليمِ رَأَيتَهُ / في فِتنَةٍ مِن طَرفِها الفَتّانِ
لَم أَنسَ يَومَ البَينِ مَوقِفَنا وَقَد / حُمَّ الفِراقُ وَفاضَتِ العَينانِ
وَتَتابَعَت زَفَراتُ وَجدٍ لَم تَزَل / مِنها القُلوبُ كَثيرَةَ الخَفَقانِ
بانوا وَكُنتُ أَعُدُّهُم لِي جُنَّةً / فَبَقِيتُ بَعدَهُمُ بِغَيرِ جَنانِ
قُرِنَ الأَسى بِجَوانِحي لَمّا بَدَت / أَظعانُهُم كَالنَخلِ مِن قُرّانِ
أَقوَت مَغانِيهم وَكانَت حِقبَةً / مَأوى الحِسانِ وَمَلعَبَ الفِتيانِ
وَمَناخَ مُمتاحِ النَوالِ وَعِصمَةً / لِلخائِفينَ وَمَلجَأً لِلجاني
وَمَحَلَّ كُلِّ مُعَظَّمٍ وَمَجالَ كُل / لِ مُطَهَّمٍ وَمَجَرَّ كُلِّ سِنانِ
بِالبيضِ بِيضِ الهِندِ يَحمي بِيضَهُ / يَومَ الوَغى وَذَوابِلِ المُرّانِ
وَبِكُلِّ أَشوَسَ باسِلٍ ذي نَجدَةٍ / سَمحِ الخَلائِقِ غَيرِ ما خَوّانِ
يَومَ النِزالِ تَخالُهُ في بَأسِهِ / مَلِكَ المُلوكِ وَآفَةَ الشُجعانِ
أَعني الأَميرَ أَبا عَلِيٍّ ذا العُلى / مُردي العِدى وَمُقَطِّرِ الأَقرانِ
مَلِكٌ إِذا اِفتَخَرَ الرِجالُ بِسَيِّدٍ / فَخَرَت بِهِ الأَحياءُ مِن عَدنانِ
لَم يَنطِق العَوراءَ قَطُّ وَلا دَرى / ما الكِبرِياءُ عَلى عَظيمِ الشانِ
ما حَلَّ حَبوتَهُ إِلى جَهلٍ وَلا / أَصغى إِلى نايٍ وَلا عِيدانِ
ذُو هِمَّةٍ مِن دُونِها القَمَرانِ / وَعَزيمَةٍ أَمضي مِنَ الحِدثانِ
لَو أَنَّ لِلعَضبِ المُهَنَّدِ عَزمَهُ / لَفَرى الجَماجِمَ وَهوَ في الأَجفانِ
وَلَوَ اِنّ لِلشَمسِ المُنيرَةِ بِشرَهُ / تاهَت فَلَم تَطلُع مَدى الأَزمانِ
عَفُّ الإِزارِ كَرِيمَةٌ أَخلاقُهُ / ناءٍ عَن الفَحشاءِ وَالشَنآنِ
أَحيَا شَجاعَةَ وائِلٍ في وائِلٍ / وَسَماحَةَ المَطَرِيِّ في شَيبانِ
وَوَفاءَ مَيمُونِ النَقِيبَةِ حارِثٍ / وَحَمِيَّةَ المَلِكِ المُعَظَّمِ هاني
يا سائِلي عَنهُ رُوَيدَكَ هَل تُرى / يَخفى الصَباحُ عَلى ذَوي الأَذهانِ
سائِل بِهِ يُخبِركَ كُلُّ مُقَلِّصٍ / نَهدٍ وَكُلُّ مُثَقَّفٍ وَيَماني
لَمّا أَتَت أَهلُ القَطيفِ بِجَحفَلٍ / مُتَوَقِّدٍ كَتَوَقُّدِ النِيرانِ
في آلِ حَجّافٍ وَآلِ شَبانَةٍ / مِثلَ الأُسُودِ بحافَتَي خَفّانِ
نَزَلُوا عَلى صَفواءَ صُبحاً وَاِبتَنوا / فيها القِبابَ وَأَيقَنُوا بِأَمانِ
وَتَسَربَلُوا حَلقَ الحَديدِ وَأَقبَلُوا / بِالخَيلِ وَالراياتِ كَالعِقبانِ
فَغَدَت فَوارِسُهُم لِما قَد عايَنَت / هَرَباً وَلَم تَعطِف عَلى النِسوانِ
فَرَمى الأَميرُ جُمُوعَهُم فَتَمَزَّقَت / كَالشاءِ إِذ جَفَلَت مِنَ السِرحانِ
وَتَحَكَّمَت فيهِم حُدودُ سُيُوفِهِ / ضَرباً فُوَيقَ مَعاقِدِ التِيجانِ
وَحَوى ظَعائِنَهُم وَأَحرَزَ ما لَهُم / غَصباً وَأَنزَلَهُم بِشَرِّ مَكانِ
أَحيا نُفوساً مِن رِجالٍ قَد رَأَت / آجالَها بِالسَيفِ رَأيَ عِيانِ
مَلِكٌ يَعُدُّ الذِكرَ عَقباً صالِحاً / وَيَرى المَآثِرَ أَشرَفَ البُنيانِ
مُتَواضِعٌ في مَجدِهِ مُتَرَفِّعٌ / عَن ضِدِّهِ غَيثٌ عَلى الإِخوانِ
وَهُوَ الَّذي قادَ الجِيادَ عَوابِساً / تَحتَ العَجاجِ إِلى بَني سَلمانِ
وَبَني لبيدٍ كُلِّها فَاِجتاحَها / بِدراكِ غاراتٍ وَحُسنِ طِعانِ
وَأَتَت إِلَيهِ بِالخَراجِ مُطِيعَةً / خَوفاً مِنَ الغاراتِ أَهلُ عُمانِ
وَتَزَعزَعَت رَهباً فَجاءَت تَبتَغي / مِنهُ الذِمامَ الشُمُّ مِن عَدوانِ
هَذا هُوَ الشَرَفُ الرَفيعُ وَهَذِهِ / شِيَمُ المُلوكِ وَغايَةُ السُلطانِ
يا هاجِرَ الأَوطانِ في طَلَبِ الغِنى / هَلّا أَنَختَ بِرَبعِهِ الفَينانِ
رَبعٌ إِذا رَبَعَت إِلَيهِ قَبيلَةٌ / عَلقَت بِحَبلٍ مِن غِنىً وَأَمانِ
تَلقى الغِنى وَالعِزَّ نَبتَ رِياضِهِ / بَدَلاً مِنَ القَيصُومِ وَالسَهبانِ
بَردٌ وَظِلٌّ لِلصَديقِ وَجَنَّةٌ / وَعَلى أَعاديهِ حِميمٌ آنِ
وَإِذا نَزَلتَ بِهِ أَنالَكَ ما حَوَت / كَفّاهُ مِن تِبرٍ وَمِن عِقيانِ
وَإِذا اِحتَبى وَسطَ النَدِيِّ رَفعتَهُ / عَن أَن تُشَبِّهَهُ بنُو شَروانِ
وَإِذا نَظَرتَ إِلى فَصاحَةِ نُطقِهِ / أَلهاكَ عَن قُسٍّ وَعَن سَحبانِ
بَحرٌ يَعُبُّ لِسائِلٍ وَمُسائِلٍ / طَودٌ أَشَمّ لِمُستَكينٍ عانِ
يُبدي النَدى وَيُعيدُهُ وَكَمِ اِمرِئٍ / يُبدي المُنى وَيُعيدُ بِالحِرمانِ
فَاِسلَم وَعِش يابا عَلِيٍّ ما دَجى / لَيلٌ وَناحَ الوُرقُ في الأَغصانِ
في نِعمَةٍ وَسَعادَةٍ في دَولَةٍ / مَحرُوسَةٍ بِاليُمنِ وَالإِيمانِ
كَم بِالنُهوضِ إِلى العُلا تَعِداني
كَم بِالنُهوضِ إِلى العُلا تَعِداني / ناما فَما لَكُما بِذاكَ يَدانِ
ما أَنتُما مِن رَهطِ جَسّاسٍ إِذا / ذُكِرَ الفِعالُ وَلا عَشِيرَةِ هاني
لا تَطلُبا البَيعَ الرَبيحَ فَأَنتُما / مِمّن يَقُومُ بِصَفقَةِ الخُسرانِ
قِدماً شَرى المَهوِيُّ لا لِضَرُورَةٍ / عارَ الحَياةِ بِأَوكَسِ الأَثمانِ
فَخُذا عَلى مِنهاجِ شَيخِكُما فَما / بَينَ النَباهَةِ وَالخُمولِ تَدانِ
أَرِجالَ عَبدِ القَيسِ كَم أَدعُوكُمُ / في كُلِّ حِينٍ لِلعُلا وَأَوانِ
فَتراكُمُ مَوتى فَأَسكُتُ أَم تُرى / خُلِقَت رُؤوسُكُمُ بِلا آذانِ
هَلّا اِقتَدَيتُم بِالغَطارِفِ مِن بَني / جُشَمٍ أَو الساداتِ مِن شَيبانِ
كَم ذا تُسامُونَ الهَوانَ وَأَنتُمُ / خُضعُ الرِقابِ تَطامُنَ الخِصيانِ
تَعساً عَبيدَ الظالِمينَ وَلا لَعاً / لَكُم فَلَيسَ هِجانُكُم بِهِجانِ
أَصبَحتُمُ غَرَضاً تَناضَلهُ العِدى / بِمُذَرَّباتِ البَغيِ وَالعُدوانِ
مُتَهَدِّفينَ لِكُلِّ رامٍ بِالأَذى / يَرمِيكُمُ كَتَهَدُّفِ الحِيطانِ
ما مِنكُمُ شَخصٌ يَرُوعُ وَإِنَّهُ / لَيَرى سِهامَ المَوتِ رَأيَ عِيانِ
لِلّهِ دَرُّكُما لَقَد أَحرَزتُما / طَبعَ الجَمادِ وَصُورَةَ الحَيوانِ
ثَكِلَتكُما الأَعداءُ ثُكلاً عاجِلاً / يا غُصَّةَ الإِخوانِ وَالجِيرانِ
القَومُ تَأكُلكُم وَيَأكُلُ بَعضُكُم / بَعضاً كَأَنَّكُمُ مِنَ الحِيتانِ
مَن عَزَّ مِنكُم كانَ أَكبَرُ هَمِّهِ / شَقَّ العَصا وَتَذَكُّرَ الأَضغانِ
وَتَضافَرَ المُتضادِدُونَ وَكُلُّكُم / بادي القَطِيعَةِ ظاهِرُ الخِذلانِ
ما مِنكُمُ إِلّا مُرَدِّدُ زَفرَةٍ / وَمُطِيلُ عَضِّ أَنامِلٍ وَبَنانِ
حِرصاً عَلى جَضمِ الحَرامِ وَدَولَةٍ / تَذَرُ البُيوتَ تَضِجُّ بِالإِرنانِ
إِكرامُكُم لِمُهِينِكُم وَهَوانُكُم / لِمُعِزِّكُم في السِرِّ وَالإِعلانِ
لَم يَغضَبِ البَدَويُّ إِلّا قُلتُمُ / سُدُّوهُ كَي يَرضى بِمالِ فُلانِ
وَالسَدُّ أَخرَبَ مَأرِباً فَتَيَقَّنُوا / بَعدَ اِنفِتاحِ السَدِّ بِالطُوفانِ
تَتَظَلَّمُونَ مِنَ المُلوكِ وَأَنتُمُ / أَصلُ البَلا وَالشومِ مُنذُ زَمانِ
كَم لِلعَشيرَةِ مُذ تَوَلّى ماجِدٌ / مِن سابِقٍ بِعتُم وَمِن بُستانِ
وَاللّهِ ما نَحَسَ البِلادَ سِواكُمُ / لا بِالعِدى اِنتَحَسَت وَلا السُلطانِ
لَكِنَّ جازَ عَلى الطَغامِ بِجَهلِهم / ما تَحلِفُونَ لَهُم مِن الأَيمانِ
شَيَّدتُمُ عِزَّ العِدى وَتَركتُمُ / بُنيانَ عِزِّكُمُ بِلا أَركانِ
كَم تُنهِضُونَ مِنَ العِثارِ معاشِراً / أَبَداً تَكُبُّكُمُ عَلى الأَذقانِ
صَدَّقتُمُ في عِيصِكُم نَفعاً لَكُم / ما قالَهُ العُلماءُ مِن عَدنانِ
نَسَبُوكُمُ فَعَزَوا بُيُوتاً مِنكُمُ / مَشهُورَةً لِسَوادِ خُوزستانِ
نَقَلَت أَوائِلُهُم إِلى البَحرَينِ كَي / يَبنُوا مُشَقَّرَها أَنُو شَروانِ
قَد كُنتُ أُكذِبُ ذاكُمُ وَأَظُنُّهُ / مِن دَاعياتِ البُغضِ وَالشَنآنِ
وَاليَومَ صِرتُ أَشُكُّ فيهِ وَرُبَّما / كانَ الصَحيحَ ومَنزِلَ الفُرقانِ
لَم يُحكَ أَنَّ رَبيعَةً أَغَضت عَلى / ضَيمٍ وَلا رَضيَت بِدارِ هَوانِ
وَرَبيعَةٌ تَحمي الذِمارَ وَلا تَرى / أَكلَ النَزيلِ وَلا صَياعَ العاني
قَومٌ لَهُم يَومُ الكُلابِ وَيَومُ ذِي / قارٍ وَيَومُ أَحِزَّةِ السُلّانِ
قَتَلُوا لَبيداً في جَريرَةِ لَطمَةٍ / خَطأٍ وَكانَ الرَأسَ مِن غَسّانِ
وَدَعَتهُمُ مُضَرٌ فَصالُوا صَولَةً / نَزَعَت رِداءَ المُلكِ مِن صُهبانِ
ما كُنتُ أَحسبُ وَالحَوادِثُ جَمَّةٌ / أَنّا عَبِيدُ الحَيِّ مِن قَحطانِ
حَتّى عَلَتني مِن لَبِيدٍ لَطمَةٌ / خَطَأً لِحامي حَرِّها العَينانِ
إِن تَرضَ تَغلِبُ وَائِلٍ بِفعالِهِ / تَكُن الدَنِيَّةَ مِن بَني عِمرانِ
وَهُمُ عَلى حُكمِ الأَسِنَّةِ أَنزَلُوا / كِسرى وَوَفُّوا ذِمَّةَ النُعمانِ
بِفَوارِسٍ تَدعُو يَزيدَ وَهانِئاً / وَالشَيخَ حَنظَلَةً أَبا مَعدانِ
وَشَبيبُ في مائَتَينِ قامَ فَكادَ يَن / تَزِعُ الخِلافَةَ مِن بَني مَروانِ
وَدُعي أَميرَ المُؤمِنينَ وَسُلِّمَت / كُرهاً إِلَيهِ مَنابِرُ البُلدانِ
إِيِهٍ بَقايا عَبدِ قَيسٍ إِنَّهُ / لا خَيرَ في ماضٍ بِكَفِّ جَبانِ
لا تَسقُطَن مِن هامِكم وَأُنُوفِكُم / هِمَمُ الرِجالِ وَغَيرَةُ الفِتيانِ
وَاِستَيقظُوا فَالسَيلُ قَد بَلَغَ الرُبى / وَعَلَت غَوارِبُهُ عَلى القُريانِ
وَذَرُوا التَحاسُدَ وَالتَنافُسَ بَينَكُم / فَكِلاهُما نَزغٌ مِنَ الشَيطانِ
وَاِستَعمِلُوا الإِنصافَ وَاِعصُوا كاشِحاً / لِفَسادِكُم يَسعى بِكُلِّ لِسانِ
وَتَدارَكُوا إِصلاحَ ما أَفسَدتُمُ / ما دُمتُمُ مِنهُ عَلى الإِمكانِ
فَتَحَدَّثُوا في لَمِّ شَعثِكُمُ فَما الس / ساعي بِفُرقَةِ قَومِهِ بِمُعانِ
فَكَفى لَكُم بِقَديمَةٍ وَمُقَدَّمٍ / وَبِعَبدَلٍ وَالكِندِ مِن حرثانِ
وَبِجَعفَرٍ وَمُسَلِّمٍ وَمُطَرِّفٍ / وَيَزيدَ وَالأَخلافِ وَالبدوانِ
وَسَواقِطٍ أَضعافُهُم قَذَفَت بِهِم / نَجدٌ مِنَ الآكامِ وَالغِيطانِ
لا يَعرِفُونَ اللَّهَ جَلَّ وَلا لَهُم / عِلمٌ بِيَومِ البَعثِ وَالمِيزانِ
قَد بانَ عَجزُكُمُ وَكُلُّكُمُ يَدٌ / عَنهُم فَكَيفَ وَأَنتُمُ حَزبانِ
وَاِقصُوا رِجالاً كُلُّهُم في هُلكِكُم / وَبوارِكُم تَجري بِغَيرِ عِنانِ
وَاِحمُوا دِيارَكُمُ الَّتي عُرِفَت بِكُم / مِن حينِ مَقتَلِ عامِر الضَحيانِ
أَو لا فَإِنَّ الرَّأيَ أُن تَتَرَحَّلُوا / عَنها لِدارِ مَعَرَّةٍ وَهَوانِ
مِن قَبلِ داهِيَةٍ يَقُولُ لَها الفَتى / مِنكُم مَتى يَومي فَما أَشقاني
لا تَحسِبُوا شَرَّ العَدُوِّ تَكُفُّهُ / عَنكُم مُصانَعَةٌ وَحَملُ جِفانِ
وَاللَهِ لا كَفَّ الأَعادي عَنكُمُ / مِن دُونِ سَلبِ مَعاجِزِ النِّسوانِ
لَم يَبقَ مالٌ تَتَّقُونَ بِهِ العِدى / لِرَبيعَةٍ فِيها وَلا قَحطانِ
أَخَذُوا مِنَ الأَحسا الكَثيبَ إِلى مَحا / دِيثِ العُيونِ إِلى نقا حُلوانِ
وَالخَطَّ مِن صَفواءَ حاذُوها فَما / أَبقَوا بِها شِبراً إِلى الظَهرانِ
وَالبَحرَ فَاِستَولُوا عَلى ما فيهِ مِن / صَيدٍ إِلى دُرٍّ إِلى مُرجانِ
وَمَنازِلُ العُظَماءِ مِنكُم أَصبَحَت / دُوراً لَهُم تُكرى بِلا أَثمانِ
وَأَمَضُّ شَيءٍ لِلقُلوبِ قَطائِعٌ / بِالمَروَزانِ لَهُم وَكَرّزكانِ
وَاللَهِ لَو نَهرٌ جَرى بِدمائِكُم / وَشَرِبتُهُ غَيظاً لَما أَرواني
فَاِجلُوا فَما أَنتُم بِأَوَّلِ مَن جَلا / وَاِختارَ أَوطاناً عَلى أَوطانِ
فَالأَزدُ أَجلوا قَبلَكُم عَن مَأرِبٍ / وَهُمُ جِبالُ العِزِّ مِن كَهلانِ
فَبَقُوا مُلُوكاً بِالعِراقِ وَيَثرِبٍ / وَالشامِ وَاِنفَرَدُوا بِمُلكِ عُمانِ
إِنّي لَأَخشى أَن تُلاقُوا مِثلَما / لاقى بَنُو العَيّاشِ وَالعريانِ
كَرِهُوا الجَلاءَ عَنِ الدِيارِ فَأُهلِكُوا / بِالسَيفِ عَن عَرضٍ وَبِالنِّيرانِ
فَصِلُوا حِبالَكُمُ بِحَبلِ مُحمَّدٍ / نَجلِ المُعَظَّمِ عَبدَلِ بنِ سِنانِ
تَجِدُونَ مَيمُونَ النَقِيبَةِ ماجِداً / مُتَساوِيَ الإِسرارِ وَالإِعلانِ
حَمّالَ أَثقالٍ وَرَبَّ صَنائِعٍ / وَمَلاذَ مَكرُوبٍ وَعِصمَةَ جانِ
أَحنى وَأَرأَفَ بِالعَشيرَةِ مِن أَبٍ / بَرٍّ وَأَعطَفَ مِن رَضيعِ لِبانِ
حِلمُ اِبنُ قَيسٍ في سَماحَةِ عَمِّهِ / مَعنٍ وَيُمنُ اِسكَندَرِ اليُونانِ
أَحيا أَباهُ ذا النَدى وَبَنى عَلى / ما كانَ شَيَّدَهُ مِنَ البُنيانِ
وَاِرضُوا رِضاهُ فَإِنَّ ساخِطَ أَمرِهِ / مِنكُم لَأَخسَرُ مِن أَبي غُبشانِ
يا راكِباً نَحوَ الحَساءِ شِملَّةً / تُنمى لِمُوجَدَةِ القَرى مِذعانِ
أَبلِغ هُدِيتَ أبا عَلِيٍّ ذا العُلى / عَنّي السَلامَ وَقُل لَهُ بِبَيانِ
أَتراكَ تَرضى أَن يُحَدِّثَ جاهِلٌ / أَو عالِمٌ مِن نازِحٍ أَو دانِ
فَيَقُولُ كانَ خَراب دارِ رَبيعَةٍ / بَعدَ العَمارِ بَنُو أَبي جَروانِ
يَأبى لَكَ الطَبعُ الكَريمُ وَنَخوَةٌ / عَرَبِيّةٌ شَهِدَت بِها الثَقلانِ
اِعطِف عَلى أَحياءِ قَومِكَ وَاِحتَمِل / ذَنبَ المُسِيءِ وَكافِ بِالإِحسانِ
وَاِعمَل لِما يحيي العَشيرَةَ وَاِطّرِح / قَولَ الوُشاةِ فَكُلُّ شَيءٍ فانِ
وَاِعلَم بِأَنَّ النَسرَ يَسقُطُ رِيشُهُ / حِيناً فَيُقعِدُهُ عَنِ الطَيرانِ
وَالصَعوُ يُنهِضُهُ وُفُورُ جَناحِهِ / حَتّى يَحُوزَ مَواكِنَ الغِربانِ
وَالدَوحَةُ القَنواءُ أَشينُ ما تُرى / مَعضُودَةً وَتزينُ بِالأَغصانِ
وَاِحذَر أُصَيحابَ النَصائِحِ وَاِحتَرِس / مِنهُم فَكُلُّهُمُ أَخُو كيسانِ
لا تَحسَبَنَّ الكَلبَ يَوماً دافِعاً / بِالنَبحِ صَولَةَ ضَيغَمٍ غَضبانِ
فَثَعالِبُ الدَهنا لَوِ اِجتَمَعَت لَما / مَنَعَت طَلاً بِالجَوِّ مِن سِرحانِ
وَلَو اِنَّ أَلفي بُوهَةٍ صالَت عَلى / بازٍ لَما مَنَعَتهُ عَن وَرشانِ
وَاِستَبقِ مُرَّةَ لِلعَدُوِّ فَمُرَّةٌ / في الإِنتِسابِ وَمالِكٌ أَخَوانِ
وَاِرفَع خَسِيسَةَ مَن تَشكّى مِنهُمُ / غَبناً وَكُن لِأَسيرِهِم وَالعاني
فَالرُمحُ لَيسَ يَتِمُّ لَو قَوَّمتَهُ / إِلّا بِزُجٍّ كامِلٍ وَسِنانِ
فَلأَنتَ لَو أَنصَفَت عَينُ زَمانِنا / يابا عَلِيِّ وَعَينُ كُلِّ زَمانِ
وَدَعِ اِحتِجاجَكَ بِالأَميرِ فَإِنَّهُ / ما لا يَجُوزُ عَلى ذَوي الأَذهانِ
وَاِعلَم بِأَنَّ الرُشدَ لَو حاوَلتَهُ / في طاعتي وَالغَيَّ في عِصياني
وَالرَأيُ عِندي ما تَقُولُ وَما تَرى / لا ما رَأى قَلبي وَقالَ لِساني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025