القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ عُنَيْن الكل
المجموع : 78
ماذا عَلى طَيفِ الأَحِبَّةِ لَو سَرى
ماذا عَلى طَيفِ الأَحِبَّةِ لَو سَرى / وَعَلَيهِمُ لَو سامَحوني بِالكَرى
جَنَحوا إِلى قَولِ الوُشاةِ فَأَعرَضوا / وَاللَهُ يَعلَمُ أَنَّ ذلِكُ مُفتَرى
يا مُعرِضاً عَنّي بِغَيرِ جِنايَةٍ / إِلّا لِما رَقشَ الحَسودُ وَزوَّرا
هَبني أَسَأتُ كَما تقَوَّلَ وَاِفتَرى / وَأَتَيتُ في حُبَّيكَ أَمراً مُنكَرا
ما بَعد بُعدِك وَالصُدودِ عُقوبَةٌ / يا هاجِري قَد آنَ لي أَن تَغفِرا
لا تَجمَعَنَّ عَلَيَّ عَتبِكَ وَالنَوى / حَسبُ المُحِب عُقوبَةً أَن يُهجَرا
عِبءُ الصُدودِ أَخَفُّ مِن عِبءِ النَوى / لَو كانَ لي في الحُبِّ أَن أَتَخَيَّرا
لَو عاقَبوني في الهَوى بِسوى النَوى / لَرَجَوتُهُم وَطَمَعتُ أَن أَتَصَبَّرا
فَسقى دِمَشقَ وَوادِيَيها وَالحمى / مُتَواصِلُ الإِرعادِ مُنفَصِمُ العُرى
حَتّى تَرى وَجهَ الرِياضِ بِعارِضٍ / أَحوى وَفَودَ الدَوحِ أَزهَرَ نَيِّرا
وَأَعادَ أَيّاماً مَضينَ حَميدَةً / ما بَينَ حَرَّة عالِقين وَعَشتَرا
تِلكَ المَنازِلُ لا أَعِقَّةُ عالِجٍ / وَرِمالُ كاظِمَةٍ وَلا وادي القُرى
أَرضٌ إِذا مَرَّت بِها ريحُ الصَبا / حَملَت عَلى الأَغصانِ مسكاً أَذفرا
فارَقتُها لا عَن رِضىً وَهَجَرتُها / لا عَن قِلىً وَرَحَلتُ لا مُتَخَيِّرا
أَسمى لِرِزقٍ في البِلادِ مُفَرَّقٍ / وَمِنَ البَلِيَّةِ أَن يَكونَ مُقتَرّا
وَلَقَد قَطَعتُ الأَرضَ طوراً سالِكاً / نَجداً وَآوِنَةً أَجدُّ مُغَوَّرا
وَأَصونُ وَجهَ مَدائِحي مُتَقَنِّعاً / وَأَكُفُّ ذَيلَ مَطامِعي مُتَسَتِّرا
كَم لَيلَةٍ كَالبَحرِ جُبتُ ظَلامَها / عَن واضِحِ الصُبحِ المُنيرِ فَأَسفَرا
في فِتيَةٍ مِثلُ النُجومِ تَسَنَّموا / في البيدِ أَمثالَ الأَهِلَّة ضُمَّرا
باتوا عَلى شُعَبِ الرِحالِ جَوانِحاً / وَالنَومُ يُفتَلُ في الغَوارِبِ وَالذُّرى
مَتَرَنِّحينَ مِنَ النُعاسِ كَأَنَّهُم / شَرِبوا بِكاساتِ الوَجيفِ المُسكِرا
قالوا وَقَد خاطَ النُعاسُ جُفونَهُم / أَينَ المُناخُ فَقُلتُ جدوا في السُّرى
لا تَسأَموا الإِدلاجَ حَتّى تُدرِكوا / بيضَ الأَيادي وَالجَنابَ الأَخضَرا
في ظِلِّ مَيمونِ النَقيبَةِ طاهِر ال / أَعراقِ مَنصورِ اللِواءِ مُظَفَّرا
العادِلِ المَلِكِ الَّذي أَسماؤُهُ / في كُلِّ ناحِيَةٍ تُشَرِّفُ مِنبَرا
وَبِكُلِّ أَرضٍ جَنَةٌّ مِن عَدلِهِ ال / ضافي أَسالَ نَداهُ فيها كَوثَرا
عَدلٌ يَبيتُ الذِئبُ مِنهُ عَلى الطَوى / غَرثانَ وَهوَ يَرى الغَزالَ الأَعفَرا
ما في أَبي بَكرٍ لِمُعتَقِدِ الهُدى / شَكٌّ يُريبُ بِأَنَّهُ خَيرُ الوَرى
سَيفٌ صِقالُ المَجدِ أَخلَصَ مَتنَهُ / وَأَبانَ طيبُ الأَصلِ مِنهُ الجَوهَرا
ما مَدحُهُ بِالمُستَعارِ لَهُ وَلا / آياتُ سُؤدُدِهِ حَديثٌ يُفتَرى
بَينَ المُلوكِ الغابِرينَ وَبَينَهُ / في الفَضلِ ما بَينَ الثُرَيّا وَالثَرى
لا تَسمَعَنَّ حَديثَ مَلكٍ غَيرهِ / يُروى فَكُلُّ الصَّيدِ في جَوفِ الفَرا
نَسَخَت خَلائِقُهُ الكَريمَةُ ما أَتى / في الكُتبِ عَن كِسرى المُلوكِ وَقَيصَرا
مَلِكٌ إِذا خَفَّت حلومُ ذَوي النُهى / في الرَوعِ زادَ رَزانَةً وَتَوَقُّرا
ثَبتُ الجنانِ تُراعُ مِن وَثَباتِهِ / يَومَ الوَغى وَثَباته أُسدُ الشَرى
يَقظٌ يَكادُ يَقولُ عَمّا في غَدٍ / بِبَديهَةٍ أَغنَتهُ أَن يَتَفَكَّرا
حُلمٌ تَخفُّ لَهُ الجِبالُ وَراءَهُ / عَزمٌ وَرَأيٌ يَحقِرُ الإِسكندَرا
يَعفو عَنِ الذَنبِ العَظيمِ تَكُرُّماً / وَيَصُدُّ عَن قَولِ الخَنا مُتَكَبِّرا
أَيَنالُ حاسِدُهُ عُلاهُ بِسَعيِهِ / هَيهاتَ لَو رَكِبَ البُراقَ لَقَصَّرا
وَلَهُ البَنون بِكُلِّ أَرضٍ مِنهُمُ / مَلكٌ يَقودُ إِلى الأَعادي عَسكَرا
مِن كُلِّ وَضّاحِ الجَبينِ تَخالُهُ / بَدراً فَإِن شَهِدَ الوَغى فَغَضَنفَرا
يَعشو إِلى نارِ الوَغى شَغَفاً بِها / وَيَجِلُّ أَن يَعشو إِلى نارِ القِرى
مُتَقَدِّمٌ حَتّى إِذا النَقعُ اِنجَلى / بِالبيضِ عَن سَبيِ الحَريمِ تَأَخَّرا
قَومٌ زَكَو أَصلاً وَطابوا مُخبراً / وَتَدَفَّقوا جوداً وَراعوا مَنظَرا
وَتعافُ خَيلُهُمُ الوُرودَ بِمنهَلٍ / ما لَم يَكُن بِدَمِ الوَقائِعِ أَحمَرا
كَم حادِثٍ خَفَّت حلومُ ذَوي النُهى / خَوفاً وَجَأشُكَ فيهِ أَربطُ مِن حِرا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي ما في فَضا / ئِلِهِ وَسُؤدَدِهُ وَمُحتَدِهِ مِرا
أَنتَ الَّذي اِفتَخَرَ الزَمانُ بِجودِهِ / وَوُجودِهِ وَكَفاهُ ذلِكَ مَفخَرا
اللَهُ خَصَّكَ بِالمَمالِكِ وَاِجتَبى / لَمّا رَآكَ لَها الصَلاح الأَكبَرا
أَشكو إِلَيكَ نَوىً تَمادى عُمرُها / حَتّى حَسِبتُ اليَومَ مِنها أَشهُرا
لا عيشَتي تَصفو وَلا رسمُ الهَوى / يَعفو وَلا جَفني يُصافِحُهُ الكَرى
أُضحي عَنِ الأَحوى المَريعِ مُحَلأً / وَأَبيتُ عَن وِردِ النَميرِ مُنَفَّرا
وَمِنَ العَجائِبِ أَن تَفَيَّأَ ظِلَّكُم / كُلُّ الوَرى وَنُبِذتُ وَحدي بِالعَرا
وَلَقَد سَئِمتُ مِنَ القَريضِ وَنظمِهِ / ما حيلَتي بِبِضاعَةٍ لا تُشتَرى
كَسَدَت فَلَمّا قُمتُ مُمتَدِحاً بِها / مَلِكَ المُلوكِ غَدَوتُ أَربَحُ متجَرا
فَلَأَشكُرَنَّ حَوادِثاً قَذَفَت بِآ / مالي إِلَيكَ وَحَقُّها أَن تُشكَرا
لا زِلتُ مَمدودَ البَقا حَتّى تَرى / عيسى بِعيسى في الوَرى مُستَنصِرا
جَعلَ العِتابَ إِلى الصُدودِ تَوَصُّلا
جَعلَ العِتابَ إِلى الصُدودِ تَوَصُّلا / ريمٌ رَمى فَأَصابَ مِنّي المَقتَلا
أَغراهُ بي واشٍ تَقَوَّلَ كاذِباً / فَأَطاعَهُ وَعَصيتُ فيهِ العُذَّلا
وَرَأى اِصطِباري عَن هَواهُ فَظَنَّهُ / مَلَلاً وَكانَ تقيةً وَتَجَمُّلا
هَيهاتَ أَن يَمحو هَواهُ الدَهرُ مِن / قَلبي وَلَو كانَت قَطيعَتُهُ قِلى
ما عَمَّهُ بِالحُسنِ عَنبَرُ خالِهِ / إِلّا لِيُصبِحَ بِالسَوادِ مجمَّلا
صافي أَديم الوَجهِ ما خَطَّت يَدا ال / أَيّامِ في خَدَّيهِ سَطراً مشكلا
كُلٌّ مُقِرٌّ بِالجَمالِ لَهُ فَما / يَحتاجُ حاكِمُ حسنه أَن يُسجلا
يَفتَرُّ عَن مِثلِ الأَقاحِ كَأَنَّما / عَلَّت مَنابِتُهُ رَحيقاً سَلسَلا
تَرِفٌ تخالُ بَنانَهُ في كَفِّهِ / قُضُبَ اللُجَينِ وَلا أَقولُ الإِسحِلا
ما أَرسَلَت قَوسُ الحَواجِبِ أَسهُماً / مِن لَحظِهِ إِلّا أَصابَت مَقتَلا
فَكَأَنَّ طرَّتَهُ وَضَوءَ جَبينِهِ / وَضَحُ الصَباحِ يَقِلُّ لَيلاً أَليَلا
عاطَيتُهُ صَهباءَ كَلَّلَ كَأسَها / حَبَبُ المِزاجِ بِلُؤلُؤٍ ما فُصِّلا
تَبدو بِكَفِّ مُديرِها أَنوارُها / فَتُعيدُ كافورَ الأَنامِلِ صَندَلا
في رَوضَةٍ بِالنَيربَينِ أَريضَةٍ / رَضَعَت أَفاويقَ السَحائِبِ حُفَّلا
أَنّى اِتَّجَهتَ رَأَيتَ ماءً سائِحاً / مُتَدَفِّقاً أَو يانِعاً مُتَهَدِّلا
فَكَأَنَّما أَطيارُها وَغُصونُها / نَغَمُ القِيانِ عَلى عَرائِسَ تُجتَلى
وَكَأَنَّما الجَوزاءُ أَلقَت زُهرَها / فيها وَأَرسَلَتِ المجرَّةُ جَدوَلا
وَيَمُرُّ مُعتَلُّ النَسيمِ بِرَوضِها / فَتَخالُ عَطّاراً يُحَرِّقُ مَندَلا
فَكَأَنَّها اِستَسقَت عَلى ظَمَأٍ نَدى / موسى فَأَرسَلَ عارِضاً مُتَهَلِّلا
وَلَرُبَّ لائِمَةٍ عَلَيَّ حَريصَةٍ / باتَت وَقَد جَمَعَت عَلَيَّ العُذَّلا
قالَت أَما تَخشى الزَمانَ وَصَرفَهُ / وَتُقِلُّ مِن إِتلافِ مالِك قُلتُ لا
أَأَخافُ مِن فَقرٍ وَجودِ الأَشرَفِ ال / سُلطانِ في الآفاقِ قَد مَلا المُلا
الواهِبِ الأَمصارَ مُحتَقراً لَها / إِن غَيرَهُ وَهب الهِجانَ البُزَّلا
ما زارَ مغناهُ فَقيرٌ سائِلٌ / فَيَعودُ حَتّى يُستَماحَ وَيُسأَلا
مَلكٌ غَدا جيدُ الزَمانِ بِجودِهِ / حالٍ وَلَولاهُ لكانَ مُعَطَّلا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي إِنعامُهُ / لَم يُبقِ في الدُنيا فَقيراً مُرمِلا
لَقَد اِتَّقَيتَ اللَهَ حَقَّ تُقاتِهِ / وَنَهَجتَ لِلنّاسِ الطَريقَ الأَمثَلا
وَعَدَلتَ حَتّى لَم تَجِد مُتَظَلِّماً / وَأَخَفتَ حَتّى صاحَبَ الذِئبَ الطَلا
وَرَفَعتَ لِلدينِ الحَنيفِ مَنارَهُ / فَعَلا وَكُنتَ بِنَصرِهِ مُتَكَفِّلا
لَولاكَ لانفَصَمَت عَرى الإِسلامِ في / مِصرٍ وَأُخمِل ذِكرهُ وَتَبَدَّلا
وَتَحَكَّمَت فيها الفرنجُ وَغادَرَت / أَعلاجُها مِحرابَ عَمروٍ هَيكَلا
حاشا لِدينٍ أَنتَ فيهِ مُظَفَّرٌ / أَن يُستَباحَ حِماهُ أَو أَن يُخذَلا
أَنتَ الَّذي أَجليتَ عَن حَلبَ العدى / وَحَميتَ بِالسُمرِ اللِدانِ الموصِلا
كَم مَوقِفٍ ضَنكٍ فَرَجتَ مَضيقَهُ / وَطَريقُهُ لِخَفائِهِ قَد أَشكَلا
كَم يَومِ هَولٍ قَد وَرَدتَ وَطَعمُهُ / مُرُّ المَذاقِ كَريه نارِ المُصطَلى
وَنَثَرتَ بِالبيضِ المُهَنَّدَةِ الطُلى / وَنَظَمتَ بِالسُمرِ المُثَقَّفَةِ الكُلى
فَاللَهُ يَخرقُ في بَقائِكَ عادَةَ الد / نيا وَيُعطيكَ البَقاءَ الأَطوَلا
لَو لَم يُخالِط يَومَ بَينَكَ أَدمُعي
لَو لَم يُخالِط يَومَ بَينَكَ أَدمُعي / قاني دَمي ما كُنتُ إِلّا مدَّعي
قَد صَحَّ عِندَكَ شاهِدٌ مِن عَبرَتي / فَسَلِ الدُجى وَنُجومَهُ عَن مَضجَعي
عاقَبتَني بِجِنايَةٍ لَم أَجنِها / ظُلماً وَكَم مِن حاصِدٍ لَم يَزرَعِ
وَمنعتَ طَيفكَ مِن زِيارَةِ عاشِقٍ / حاوَلتَ مُهجَتَهُ فَلَم يَتَمَنَّعِ
وَأَمالَكَ الواشي وَلَولا غِرَّةٌ / كانَ الصِبى سَبَباً لَها لَم تخدَعِ
فَجَمَعتَ أَثقالَ الصُدودِ إِلى النَوى / فَوقَ المَلامِ إِلى فُؤادٍ موجَعِ
يا راحِلاً وَالقَلبُ بَينَ رِحالِهِ / يَقتادَهُ حِفظاً لِعَهدِ مُضَيّعِ
هَلّا وَقَفتَ عَلى مُحِبِّكَ حافِظاً / عَهدَ الهَوى فيهِ وُقوفَ مُوَدِّعِ
كَيفَ السَبيلُ إِلى السُلُوِّ وَلَم تُعد / عَقلي عَلَيَّ وَلَم تَدَع قَلبي مَعي
فَسَقى زَماناً مَرَّ لي بِطُوَيلِعٍ / صَوبُ الحَيا وَسقى عِراص طُوَيلِعِ
فَلَأَصبِرَنَّ عَلى الزَمانِ وُجَورِهِ / صَبرَ اِمريءٍ مُتَجَمِّلٍ لَم يَخضَعِ
وَلَأَلبسَنَّ مِنَ التَجَلُّدِ نَثرَةً / حَصداءَ تَهزَأُ مِن سَوابِغَ تُبَّعِ
وَلَأَشكُرَنَّ حَوادِثاً قَذَفَت بِآ / مالي إِلى الملكِ الهمامِ الأَروَعِ
فَضَفا عَلَيَّ ظِلالُ أَبلَجَ ماجِدٍ / ضافي لِباسِ المَجدِ صافي المَشرعِ
وَرَأَيتُ أَحسَنَ مَنظَرٍ وَخبرتُ أَط / يَبَ مَخبرٍ وَحَلَلتُ أَرفَعَ مَوضِعِ
في ظِلِّ وَضّاحِ الجَبينِ سَمَيذَعٍ / مِن نَسلِ وَضّاحِ الجَبينِ سَميذَعِ
الأَشرَفِ المَلكِ الَّذي بَذلُ النَدى / مِن كَفِّهِ طَبعٌ بِغَيرِ تَطَبُّعِ
مَلِكٌ لَهُ يَومَ الهياجِ مَواقِفٌ / مَشهورَةٌ لا يَدعيها مُدَّعي
مُتَبَسِّمٌ في كُلِّ يَومٍ عابِسٍ / مُتَوَضِّحٌ في كُلِّ خَطبٍ أَسفَعِ
يَروي حِرارَ السَمهَرِيِّ بِكَفِّهِ / يَومَ الوَغى مِن قَلبِ كُلِّ مَدرَّعِ
سِيّانِ عِندَ يَمينِهِ وَحُسامِهِ / في الحَربِ هامَةُ حاسِرٍ وَمُقَنَّعِ
وَلَطالَما حَطَمَ الوَشيجَ بِكَفِّهِ / مِن بَعدِ حَشوِ الدرعِ بَينَ الأَضلُعِ
مَلكٌ مَتى اِستَسقَيتَ بَحرَ يَمينِهِ / جادَت عَلَيكَ بِديمَةٍ لَم تُقلَعِ
حَسَنَت مَواقِعُها وَكَم مِن ديمَةٍ / جَهَلَت فَجادَت في سَباخٍ بَلقَعِ
وَلَطالَما غَشِيَ الوَغى بِثَلاثَةٍ / في ظَهرِ مَنسوبٍ يَطيرُ بِأَربَعِ
بِأَصَمَّ مُعتَدِلٍ وَأَبيَضَ صارِمٍ / وَجَنانِ مَضّاءِ العَزيمِ مُشَيَّعِ
كَم مَوقِفٍ ضَنكٍ فَلَولا صَبرُهُ / فيهِ لِوَقعِ البيضِ لَم يَتَوَسَّعِ
مِن مَعشَرٍ شَرَعوا السَماحَ وَأَرشَدوا / فيهِ العُفاةَ إِلى طَريقٍ مهَيعِ
وافيتُهُ وَالسَيلُ قَد بَلَغَ الزُبى / عندي وَوِردُ العَمررنقِ المُشرعِ
فَبَلَغتُ مِن نُعماهُ ما لا يَنتَهي / أَملي وَلَم يَطمَح إِلَيهِ مَطمَعي
وَنَهى الحَوادِثَ أَن تُلِمَّ بِمَنزِلي / وَصُروفَ دَهري أَن تَطوفَ بِمَربَعي
مُتَبَرِّعٌ بِالجودِ قَبلَ سُؤالِهُ / وَالجودُ جودُ الباديءِ المُتَبَرِّعِ
فَغَدَوتُ أُنشِدُ جودَهُ مُتَمَثِّلاً / وَنَوالُهُ مِثلُ السُيولِ الدُفَّعِ
وَلَقَد دَعَوتُ نَدى الكِرامِ فَلَم يجِب / فَلَأَشكُرَنَّ نَدىً أَجابَ وَما دعي
قَسَماً بِمَن ضَمَّت أَباطِحُ مَكَّةٍ
قَسَماً بِمَن ضَمَّت أَباطِحُ مَكَّةٍ / وَبِمَن حَواهُ مِنَ الحَجيجِ المَوقِفُ
لَو لَم يَقُم موسى بِنَصرِ مُحَمَّدٍ / لَعَلا عَلى دَرجِ الخَطيبِ الأسقُفُ
لَولاهُ ما ذلَّ الصَليبُ وَأَهلهُ / في ثغرِ دِمياطٍ وَعِزَّ المُصحَفُ
ما سِرُّ سُكانِ الحِمى بِمُذاعِ
ما سِرُّ سُكانِ الحِمى بِمُذاعِ / عِندي وَلا عَهدُ الهَوى بِمضاعِ
أَينَ الحِمى مِنّي سَقى اللَهُ الحِمى / رَيّاً وَكانَ لَهُ الحَفيظَ الراعي
وَمَنازِلاً بَينَ البِقاعِ وَراهِطٍ / أَكرم بِها من أَربُعٍ وَبِقاعِ
تِلكَ المَنازِلُ لا مَنازِلُ أَنهَجَت / بَينَ الكَثيبِ الفَردِ وَالأَجراعِ
كَم باتَ يُلهيني بِها مَصنوعَةُ ال / أَلحانِ أَو مَطبوعَةُ الأَسجاعِ
إِنسِيَّةٌ بَيضاءُ أَو أَيكِيَّةٌ / وَرقاءُ عاكِفَةٌ عَلى التَرجاعِ
كَحلاءُ ضاقَت عَن إِجالَةِ مرودٍ / وَجِراحُها في القَلبِ جدُّ وِساعِ
وَمَدامَةٍ لَم يُبقِ طولُ ثَوائِها / في خدرِها إِلّا وَميضَ شُعاعِ
مِن كَفِّ مَصقولِ العَوارِضِ آنِسٍ / يَرنو بِمُقلَةِ جُؤذُرٍ مُرتاعِ
وَقَفَت عَقارِبُ صُدغِهِ في خَدِّهِ / حَيرى وَباتَت في القُلوبِ سَواعي
راضَت خَلائِقَهُ العُقارُ وَبَدَّلَت / نزقَ الصِبى بِمُوَقَّرٍ مِطواعِ
في رَوضَةٍ نَسَجَت وَشائِعَ بُردِها / كَفُّ السَحابِ وَأَيُّ كَفِّ صَناعِ
حَلَّت بِها الجَوزاءُ عِقدَ نِطاقِها / فَتَباشَرَت بِالخصبِ وَالإِمراعِ
وَعَلا زَئيرُ اللَيثِ في عَرصاتِها / ما بَينَ طَرفٍ واكِفٍ وَذَراعِ
وَتَدافَعَت تِلكَ التِلاعُ فَأَتأَقَت / غُدرانَها بِأَتِيّ ذي دُفَّاعِ
فَكَأَنَّما المُلكُ المُعَظَّمُ جادَها / بِنَوالِهِ المُتَدَفِّقِ المُنباعِ
الخائِضُ الغَمَراتِ في رَهَجِ الوَغى / وَالحَربُ حاسِرَةٌ بِغَيرِ قِناعِ
وَالقَومُ بَينَ مُرَدَّعٍ بِدِمائِهِ / وَمُعَرَّدٍ بِذَمائِهِ مُنصاعِ
في مَوقِفٍ ضَنكٍ كَريهٍ طَعمُهُ / حُبسَ الفَوارِسُ مِنهُ في جَعجاعِ
بِمطهَّمٍ نَهدٍ كَأَنَّ مُرورَهُ / سَيلٌ تَدافَعَ مِن مُتونِ تِلاعِ
أَو لَقُوَّةٍ شَغواءَ حَقَّقَ طَرفُها / مِن رَأسِ مرقَبَةٍ طَلاً في قاعِ
وَمُهَنَّدٍ يَبدو عَلى صَفحاتِهِ / رَقراقُ ماءٍ فَوقَ نَملٍ ساعِ
وَمُثَقَّفٍ إِن رامَ مُهجَةَ فارِسٍ / لَم تَحمِها مَوضونَةُ الأَدراعِ
فَكَأَنَّ مُحكَمَةَ السَوابِغِ عِندَهُ / مِن نَسجِ خَرقاءِ اليَدَينِ لَكاعِ
بِجَنانِ مَضّاءِ العَزائِمِ رَأيُهُ / في الحَربِ غَيرُ الفائِلِ الضَعضاعِ
وَكَأَنَّما يَختالُ في غَمَراتِها / وَالنَقعُ قَد سَتَر الدُجى بِلِفاعِ
لَيثُ الشَرى في مَتنِ أَجدَلَ كاسِرٍ / يَسطو بِصَلٍّ في ثِيابِ شُجاعِ
مَلِكٌ فَواضِلُ جودِهِ مَبثوثَةٌ / في الأَرضِ تَسأَلُ عَن ذَوي الإِدقاعِ
خُلِقَت أَنامِلُهُ لِحطمِ مُثَقَّفٍ / ولفلّ هِندِيٍّ وَحِفظِ يَراعِ
ما رايَةٌ رُفِعَت لِأَبعَدِ غايَةٍ / إِلّا تَلَقّاها بِأَطوَلِ باعِ
مَلَأَت مَساعيهِ الزَمانَ فَدَهرَهُ / يَومانِ يَومُ قِرىً وَيَومُ قِراعِ
وَشَأَت أَياديهِ الغُيوثَ لِأَنَّها / تَبقى وَتِلكَ سَريعَةُ الإِقلاعِ
وَلَهُ إِذا اِفتَخَر المُلوكُ مَفاخِرٌ / لا تُعتَلى بِأُبُوَّةٍ وَمَساعِ
ما أوقِدَت نارُ الكِرامِ بِوَهدَةٍ / في المَحلِ إِلّا شَبَّها بِيَفاعِ
تَرجوهُ أَملاكُ الزَمانِ وَتَتَّقي / سَطواتِ ضرّارٍ لَهُم نَفّاعٍ
يا أَيُّها الملكُ المُعَظَّمُ دَعوَةً / مِن نازِحٍ قَلِقِ الحَشا مُرتاعِ
لا يَأتَلي لِدَوامِ مُلكِكَ داعِياً / وَإِلى وَلائِكَ في المَحافِلِ داعي
يُهدي إِلَيكَ مِنَ الثَناءِ مَلابِساً / تَضفو وَتَصفو مِن قَذى الأَطماعِ
مَصقولَةَ الأَلفاظِ يَلقاها الفَتى / مِن كُلِّ جارِجَةٍ بِسَمعٍ واعِ
أَبدَعتَ فيما تَنتَحيهِ فَأَبدَعَت / فيكَ المَدائِحُ أَيَّما إِبداعِ
فَإِلى مَتى أَنا بِالسِفارِ أُضَيِّعُ ال / أَيّامَ بَينَ الشَدِّ وَالإيضاعِ
حِلفَ الرَحالَةِ وَالدُجى فرواحلي / ما تَأتَلي مَمعوطَةَ الأَنساعِ
أَشبَهتُ عِمراناً وَأَشبَهَ كُلُّ من / جاوَزتُ مَنزِلَهُ فَتى زِنباعِ
بَينا أُصَبِّحُ بِالسَلامِ مَحَلَّةً / حَتّى أُمَسّي أَهلَها بِوَداعِ
أَبَداً أُرَقّحُ كَي أُرَقّعَ خَلةً / مِن حالَةٍ مِثلَ الرَدا المُتَداعي
قسماً بِما بَينَ الحَطيمِ إِلى الصَفا / مِن طائِفٍ مُتَنَسِّكٍ أَو ساعِ
إِنّي إِلى تَقبيلِ كَفِّكَ شَيِّقٌ / شَوقاً يَضُمُّ عَلى جَوىً أَضلاعي
يا ظالِماً جَعل القَطيعَةَ مَذهَبا
يا ظالِماً جَعل القَطيعَةَ مَذهَبا / ظُلماً وَلَم أَرَ عَن هَواهُ مَذهَبا
وَأَضاعَ عَهداً لَم أُضِعهُ حافِظاً / ذِمَمَ الوَفاءِ وَحالَ عَن صَبٍّ صَبا
غادَرتَ داعِيَةَ البِعادِ مَحَبَّتي / فَبِأَيِّ حالاتي أَرى مُتَقَرِّبا
ظَبيٌ مِنَ الأَتراكِ تَثني قَدَّهُ / ريحُ الصَبا وَيُعيدُهُ لينُ الصِبى
ما بالُهُ في عارِضَيهِ مِسكُهُ / وَلَقَد عَهِدتُ المِسكَ في سُرَرِ الظِبا
غَضبانُ لا يَرضى فَما قابَلتُهُ / مُتَبَسِّماً إِلّا اِستَحالَ مُقَطَّبا
اللَهُ يَعلَمُ ما طَلَبتُ لَهُ الرِضا / إِلّا تَجَنَّى ظالِماً وَتَجَنَّبا
كَم قَد جَنى وَلَقيتُهُ مُتَعَذِّراً / فَكَأَنَّني كُنتُ المُسيءَ المُذنِبا
فَيَزيدُهُ طولُ التَذَلُّلِ عِزَّةً / أَبَداً وَفرطُ الإِعتِذارِ تَعَتُّبا
عَجَباً لَهُ اِتَّخَذَ الوُشاةَ وَقَولَهُم / صِدقاً وَعايَنَ ما لَقيتُ وَكَذَّبا
وَرَأى جُيوشَ الصَبرِ وَهيَ ضَعيفَةٌ / فَأَغارَ في خَيلِ الصُدودِ وَأَجلَبا
يا بَدرُ عَمَّكَ بِالملاحَةِ خالُكَ الد / اجي فَخَصَّكَ بِالملاحَةِ وَاِجتَبى
سُبحانَ مَن أَذكى بِخَدِّكَ لِلصِبى / لَهَباً تَزيدُ بِهِ القُلوبُ تَلَهُّبا
أَو ما اِكتَفى مِن عارِضَيكَ بِأَرقُمٍ / حَتّى لَوى مِن فَضلِ صُدغِكَ عَقرَبا
مَلكٌ إِذا ما الوَفدُ حَلَّ بِبابِهِ
مَلكٌ إِذا ما الوَفدُ حَلَّ بِبابِهِ / قالَت شَمائِلُهُ الكَريمَةُ مَرحَبا
أَندى المُلوكِ نَدىً وَأَطولُهُم يَداً / وَأَعَزُّهُم خالاً وَأَكرَمُهُم أَبا
ثَبتُ الجَنانِ إِذا الجِبالُ تَزَعزَعَت / حامي الحَقيقَةِ حامِلٌ ما أَتعَبا
وَمُقَصِّرٌ عَن بَعضِ ما أَولَيتُهُ / شُكري وَإِن كُنتُ الفَصيحَ المُسهَبا
وَلَو اَنَّني نَظَّمتُ فيكَ قَلائِدَ ال / جَوزاءِ كُنتَ أَجَلَّ مِنها مَنصِبا
لا تَعرِضَنَّ لِضيّقِ المُقَلِ
لا تَعرِضَنَّ لِضيّقِ المُقَلِ / فَتَبيتَ مِن أَمنٍ عَلى وَجَلِ
وَاترُك ظِباءَ التُركِ سانِحَةً / لا تَعتَرِض لِحَبائِلِ الأَجَلِ
فَمَتى يفيقُ وَقيذُ نافِذَةٍ / مَشحوذَةٍ بِالسِحرِ وَالكحَلِ
لا يُوَقِّعَنَّكَ عَذبُ ريقَتِها / أَنا مَن سُقيتُ السُمَّ في العَسَلِ
مِن كُلِّ مائِسَةٍ مُنَعَّمَةٍ / غَرثى الأَياطِلِ فَعمَةِ الكَفَلِ
خَطَرَت بِمِثلِ الرُمحِ مُعتَدِلٍ / وَرَنَت بِمِثلِ الصارِمِ الصَقِلِ
وَتَنَفَّسَت عَن عَنبَرٍ عَبقٍ / وَتَبَسَّمَت عَن واضِحٍ رَتِلِ
خَودٌ تَعَثَّرُ كُلَّما رَقَصَت / مِن شعرِها بِمُسَلسَلٍ رَجِلِ
بَيضاءُ تَنظُرُ مِن مُضَيَّقَةٍ / سَوداءَ تَهزَأُ مِن بَني ثُعَلِ
وَبَلِيَّتي مِن ضيقِ مُقلَتِها / إِن خيفَ فَتكُ الأَعيُنِ النُجُلِ
تَسعى بِصافيةٍ مُعَتَّقَةٍ / تَبدو لَنا في الكَأسِ كَالشُعَلِ
هَجَرَت بَلوذانا مُهاجِرَةً / وَتَنَصَّلَت مِن غلظَةِ الجَبَلِ
وَتَعتَّقَت في آبِلٍ حُقُباً / لَم تُمتَهَن مَزجاً وَلَم تُذَلِ
وَدَنَت كَأَنَّ شُعاعَها قَبسٌ / بادٍ وَإِن جَلَّت عَنِ المَثَلِ
في رَوضَةٍ عُنِيَ الرَبيعُ بِها / فَأَبانَ صنعَةَ عِلَّةِ العِلَلِ
وَكَأَنَّ آذاراً تَنَوَّقَ في / ما حاكَ مِن حُلَلٍ لَها وَحُلي
وَكَأَنَّما فَرَشَت بِساحَتِها / فُرُشَ الزُمُرُّدِ راحَةُ النَفَلِ
وَكَأَنَّ كَفَّ الجَوِّ مِن طَرَبٍ / نَثَرَت عَلَيها أَنجُمَ الحَمَلِ
شَقَّ الشَقيقُ بِها مَلابِسَهُ / حُزناً عَلى ديباجَةِ الأُصُلِ
فَكَأَنَّهُ قَلبٌ تَصَدَّعَ عَن / سَودائِهِ فَبَدَت مِنَ الخَلَلِ
خَطبَ الهَزارُ عَلى مَنابِرِها / فَاعجَب لِأَعجَمَ مُفصِحٍ غَزَلِ
وَدَعَت حَمائمُها مُرَجّعَةً / فَوَقَفتُ في شُغلٍ بِلا شُغُلِ
فَكَأَنَّ في أَغصانِها سَحَراً / ثاني الثَقيلِ وَمُطلَقَ الرَمَلِ
وَكَأَنَّما أَغصانُها طَرِبَت / فَتَأَوَّدَت كَالشارِبِ الثَمِلِ
جَرَّ النَسيمُ بِها مَطارِفَهُ / فَتَنَفَّسَت عَن عَنبَرٍ شَمِلِ
هَمَّ الأَقاحُ بِلَثمِ نَرجسِها / فَثَنى لَهُ ليتاً وَلَم يَطُلِ
وَتَنَظَّمَ المَنثورُ وَافتضحَ النَ / مامُ وَاِنقَبَضَت يَدُ الطَفَلِ
وَأَسالَ باناسٌ ذَوائِبَهُ / فَتَجَعَّدَت في ضَيِّقِ السُبُلِ
أَنّى اِتَّجَهتَ لَقيتَ مُنبَجِساً / مُتَدَفِّقاً في يانِعٍ خَضِلِ
فَكَأَنَّها اِستَسقَت فَباكرها / كَفُّ العَزيزِ بِمسبلٍ هَطِلِ
مَلِكٌ زَهَت أَيّامُ دَولَتِهِ ال / غَرّاءِ وَاِفتَخَرَت عَلى الدُوَلِ
يَغشى الوَغى وَالحَربُ قَد كَشَرَت / لِلمَوتِ عَن أَنيابِها العُصُلِ
وَالشَمسُ كَالعَذراءِ كاسِفَةٌ / مَحجوبَةٌ بِالنَقعِ في كِلَلِ
مَلِكٌ صَوارِمُهُ رَسائِلُهُ / إِنَّ الصَوارِمَ أَبلَغُ الرُسلِ
مَلِكٌ قَصَرتُ عَلى مَدائِحِهِ / شِعري وَعِندَ نَوالِهِ أَمَلي
لا أَبتَغي مِن غَيرِهِ نِعَماً / كَم عُفتُ مِن بِرٍّ تَعَرَّضَ لي
عَثَّرتَ خَلفَكَ كُلَّ ذي كَرَمٍ / يَجري وَراكَ وَأَنتَ في مَهَلِ
وَمَتى يَنالُ عُلاكَ مُجتَهِدٌ / هَيهاتَ أَينَ التُربُ مِن زُحَلِ
سَفَهاً بِحلمي إِن تَرَكتُ أَتِ / يَّ السَيلِ وَاِستَغنَيتُ بِالوَشَلِ
يا مُخجِلَ الغَيثِ المُلِثِّ إِذا هَمى
يا مُخجِلَ الغَيثِ المُلِثِّ إِذا هَمى / وَمُهَجِّنَ البَحرِ المُحيطِ إِذا طَما
أَنتَ الَّذي ما زالَ واضِحُ رَأيِهِ / كَالصُبحِ إِن لَيلُ الحَوادِثِ أَظلَما
يا كَعبَةَ الفَضلِ الَّذي نادَيتُهُ / بِالحَجِّ أَقدِمني إِلَيها مُحرِما
ما كانَ برقُكَ خُلَّباً إِذ شِمتُهُ / فَعَلامَ بِتُّ وَقَد همى أَشكو الظَما
حاشا لِمَجدِكَ أَن أَلوذَ بِظِلِّهِ / وَأَكونَ في أَتباعِهِ صِلَةً لِما
ما قَطَّبَت لي حاجِباكَ فَلَيتَني / أَدري وُقيتَ الذَمَّ لم عَبساهُما
وَمَرامِيَ الأَقصى يَراهُ سَماحُكُم / سَهلاً وَإِقتاري يَراهُ مَغنَما
ريحَ الشَمالِ عَساكِ أَن تَتَحَمَّلي
ريحَ الشَمالِ عَساكِ أَن تَتَحَمَّلي / خِدَمي إِلى المَولى الإِمامِ الأَفضَلِ
وَقِفي بِواديهِ المُقَدَّسِ وَانظُري / نورَ الهُدى مُتَأَلِّقاً لا يَأتَلي
مِن دَوحَةٍ فَخرِيَّةٍ عُمَرِيَّةٍ / طابَت مَغارِسُ مَجدِها المُتَأَثِّلِ
مَكِيَّةِ الأَنسابِ زاكٍ أَصلُها / وَفُروعُها فَوقَ السِماكِ الأَعزَلِ
وَاِستَمطِري جَدوى يَدَيهِ فَطالَما / خَلَفَ الحَيا في كُلِّ عامٍ مُمحِلِ
نِعَمٌ سَحائِبُها تَعودُ كَما بَدَت / لا يُعرَفُ الوَسمِيُّ مِنها وَالوَلي
بَحرٌ تَصَدَّرَ لِلعُلومِ وَمَن رَأى / بَحراً تَصَدَّرَ قَبلَهُ في مَحفِلِ
وَمُشَمَّرٌ في اللَهِ يَسحَبُ لِلتُّقى / وَالدينِ سِربالَ العَفافِ المُسبَلِ
ماتَت بِهِ بِدَعٌ تَمادى عُمرُها / دَهراً وَكانَ ظَلامُها لا يَنجَلي
فَعَلا بِهِ الإِسلامُ أَرفَعَ هَضبةٍ / وَرَسا سِواهُ في الحَضيضِ الأَسفَلِ
غلِطَ اِمرُؤٌ بِأَبي عَلِيٍّ قاسَهُ / هَيهاتَ قَصَّرَ عَن مَداهُ أَبو عَلي
لَو أَنَّ رَسطاليسَ يَسمَعُ لَفظَةً / مِن لَفظِهِ لَعَرَتهُ هزةُ أَفكَلِ
وَلَحارَ بطليموسُ لَو لاقاهُ مِن / بُرهانِهِ في كُلِّ شَكلٍ مُشكِلِ
فَلَو اَنَّهُم جَمَعوا لَدَيهِ تَيَقَّنوا / أَنَّ الفَضيلَةَ لَم تَكُن لِلأَوَّلِ
وَبِهِ يَبيتُ الحلمُ مُعتَصِماً إِذا / هَزَّت رِياحُ الشَوقِ رُكني يَذبُلِ
يَعفو عَنِ الذَنبِ العَظيمِ تَكُرُّماً / وَيَجودُ مَسؤولاً وَإِن لَم يُسأَلِ
أَرضى الإِلهَ بِفِعلِهِ وَدِفاعِهِ / عَن دينِهِ وَأَقَرَّ عَينَ المُرسَلِ
يا أَيُّها المَولى الَّذي دَرَجاتُهُ / تَرنو إِلى فَلكِ الثَوابِتِ مِن علِ
ما مَنصِبٌ إِلّا وَقَدرُكَ فَوقَهُ / فَبِمَجدِكَ السامي يُهَنَّأُ ما تَلي
فَمَتى أَرادَ اللَهُ رِفعَةَ مَنصِبٍ / أَفضى إِلَيكَ فَنالَ أَشرَفَ مَنزِلِ
لا زالَ ربعُكَ لِلوُفودِ مَحَطَّةً / أَبَداً وُجودُكَ كَهفَ كُلِّ مُؤَمّلِ
يا دَهرُ وَيحَكَ ما عَدا مِمّا بَدا
يا دَهرُ وَيحَكَ ما عَدا مِمّا بَدا / أَرسَلتَ سَهمَ الحادِثاتِ فَأَقصَدا
أَغمَدتَ سَيفاً مُرهَفاً شَفَراتُهُ / قَد كانَ في ذاتِ الإِلهِ مُجَرَّدا
فَافعَل بِجَهدِكَ ما تَشاءُ فَإِنَّني / بَعدَ المُعَظَّمِ لا أُبالي بِالرَدى
ما خِلتُهُ يَفنى وَأَبقى بَعدَهُ / يا بُؤسَ عَيشي ما أَمَرَّ وَأَنكَدا
لَهفي عَلى بَدرٍ تَغَيَّبَ في ثَرى / رَمسٍ وَبَحرٍ في ضَريحٍ أُلحِدا
أَبقَيتَ لي يا دَهرُ بَعدَ فِراقِهِ / كَبِداً مُقَرَّحَةً وَجَفناً أَرمَدا
وَجَوىً يُؤَجَّجُ بَينَ أَثناءِ الحشا / ناراً تَزايَدُ بِالدُموعِ تَوَقُّدا
لَو كانَ خَلقٌ بِالمَكارِمِ وَالتُقى / يَبقى لَكانَ مَدى الزَمانِ مُخَلَّدا
أَو كانَ شَقُّ الجَيبِ يُنقذُ مِن رَدىً / شَقَّت عَلَيكَ بَنو أَبيكَ الأَكبُدا
أَو كانَ يُغني عَنكَ دَفعٌ بِالقَنا ال / خَطيِّ غادَرَتِ الوَشيجَ مُقَصّدا
وَلَقَد تَمَنَّت أَن تَكونَ فَوارِسٌ / مِن آلِ أَيّوبَ الكِرامِ لَكَ الفِدا
أَبكيتَ حَتّى نَثرَةً وَطِمِرَّةً / وَحَزَنتَ حَتّى ذابِلاً وَمُهَنَّدا
كَم لَيلَةٍ قَد بِتَّ فيها لا تَرى / إِلّا ظُهورَ الأَعوجِيَّةِ مَرقَدا
تَحمي حِمى الإِسلامِ مُنتَصِراً لَهُ / بِعَزائِمٍ تَستَقرِبُ المُستَبعَدا
وَلَرُبَّ مَلهوفٍ دَعاهُ لِحادِثٍ / جَلَلٍ فَكانَ جَوابُهُ قَبلَ الصَدى
وَلَطالَما شيمَت بَوارِقُ كَفِّهِ / فَهمَت سَحائِبُها عَلَينا عَسجَدا
ما ضَلَّ غِمرٌ عَن مَحَجَّةِ قَصدِهِ / إِلّا وَكانَ لَهُ إِلَيها مُرشِدا
يا مالِكاً مِن بَعدِ فَقدي وَجهَهُ / جارَ الزَمانُ عَلَيَّ بَعدَكَ وَاِعتَدى
أَعزِز عَلَيَّ بِأَن يَزورَكَ راثِياً / مَن كانَ زارَكَ بِالمَدائِحِ مُنشِدا
كَم مَورِدٍ ضَنكٍ وَرَدتَ وَطَعمُهُ / مُرٌّ وَقَد عافَ الكُماةُ المَورِدا
وَعَزيزِ قَومٍ مُترَفٍ سَربَلتَهُ / ذُلّا وَكانَ الطاغِيَ المُتَمَرِّدا
أَركَبتَهُ حَلَقاتِ أَدهَمَ قَصَّرَت / مِنهُ الخُطى مِن بَعدِ أَشقَرَ أَجرَدا
لَولا دِفاعُكَ بِالصَوارِمِ وَالقَنا / عَن حَوزَةِ الإِسلامِ عادَ كَما بَدا
وَدِيارُ مِصرٍ لَو وَنَت عَزماتُهُ / عَن نَصرِها لَتَمَكَّنَت فيها العِدى
وَلَأَمسَتِ البيضُ الحَرائِرُ أَسهُماً / فيها سَبايا وَالمَوالي أَعبُدا
وَلَأَصبَحَت خَيلُ الفرنجِ مُغيرَةً / تَجتابُ ما بَينَ البَقيعِ إِلى كُدى
وَبِثَغرِ دِمياطٍ فَكَم مِن بيعَةٍ / عُبِدَ الصَليبُ بِها وَكانَت مَسجِدا
أَنقَذتَها مِن خُطَّةِ الخَسفِ الَّتي / كانَت أَحلَّتها الحَضيضَ الأَوهَدا
أَجلَيتَ لَيلَ الكُفرِ عَنها فَاِنطَوى / وَأَنَرتَ في عَرَصاتِها فَجرَ الهُدى
وَلَقَد شَهِدتُكَ يَومَ قَيسارِيَّةٍ / وَالشَمسُ قَد نَسَجَ القَتامُ لَها رِدا
وَالكُفرُ مُعتَصِمٌ بِسورٍ مُشرِفِ ال / أَبراجِ أُحكِمَ بِالصَفيحِ وَشُيِّدا
فَجَعَلتَ عاليها مَكانَ أَساسِها / وَأَلَنتَ لِلأَخشابِ فيها الجامِدا
قُل لِلأَعادي إِن فَقَدنا سَيِّداً / يَحمي الذِمارَ فَقَد رُزِقنا سَيِّدا
الناصِرُ الملكُ الَّذي أَضحى بِرو / حِ القُدسِ في كُلِّ الأُمورِ مُؤَيَّدا
أَعلى المُلوكِ مَحَلَّةً وَأسدُّهُم / رَأياً وَأَشجَعُهُم وَأَطوَلُهُم يَدا
ماضي العَزيمَةِ لا يُرى في رَأيِهِ / يَومَ الكَريهَةِ حائِراً مُتَرَدِّدا
يَقِظٌ يَكادُ يُريهِ ثاقِبُ فِكرِهِ / في يَومِهِ ما سَوفَ يَأتيهِ غَدا
لَو أَنَّ غَيرَ الدَهرِ كانَ العادي
لَو أَنَّ غَيرَ الدَهرِ كانَ العادي / لَتَبادَرَت قَومي إِلى إِنجادي
وَلَدافَعَت عَنكَ المنونَ فَوارِسٌ / بيضُ الوُجوهِ كَريمَةُ الأَجدادِ
قَومٌ بَني شاذي وَأَيّوبٌ لَهُم / فَخراً تَليداً فَوقَ مَجدٍ عادي
مِن كُلِّ وَضاحٍ إِذا شَهِدَ الوَغى / رَوّى الأَسِنَّةَ مِن دَمِ الأَكبادِ
كَسَبوا المَكارِمَ مِن مُتونِ صَوارِمٍ / وَجَنوا المَعالي مِن صُدورِ صِعادِ
المُبصِرونَ إِذا السَنابِكُ أَطلَعَت / شَمسَ الظَهيرَةِ في ثِيابِ حِدادِ
لَم تَنبُ في يَومِ الهياجِ سُيوفُهُم / عَن مَضرِبٍ وَنَبَت عَنِ الأَغمادِ
قَسَماً لَو انَّ المَوتَ يَقبَلُ فِديَةً / عَزَّت لَكُنتُ بِمُهجَتي لَكَ فادي
قَد كُنتُ أَرجو أَن أَراكَ مُقاسِمي / في خَفضِ عَيشٍ أَو لِقاءِ أَعادي
وَأَراكَ في يَومي وَغىً وَمَسَرَّةٍ / قَلبَ الخَميسِ وَصَدرَ أَهلِ النادي
وَأَراكَ مِن صَدَإِ الحَديدِ كَأَنَّما / نَضَخَت عَلَيكَ رَوادِعٌ بِالجادي
فَجَرى القَضاءُ بِضِدِّ ما أَمَّلتُهُ / فيهِ وَأَرهَفَ حَدَّهُ لِعِنادي
خانَتنِيَ الأَيّامُ فيكَ فَقَرَّبَت / يَومَ الرَدى مِن لَيلَةِ الميلادِ
وَرَمَتنِيَ الأَقدارُ مِنكَ بِلَوعَةٍ / باتَت تَأَجَّجُ في صَميمِ فُؤادي
لَهَفي عَلَيكَ لَو انَّ لَهفاً نافِعٌ / أَو ناقِعٌ حَرَّ الفُؤادِ الصادي
يا لَيتَ أَنَّكَ لي بَقيتَ وَبَينَنا / ما كُنتُ أَشكو مِن جَوىً وَبُعادِ
قَد أَسعَدَتني بَعدَ فَقدِكَ أَدمُعٌ / ذُرُفٌ وَخامَ الصَبرُ عَن إِسعادي
وَعَدِمتُ بَعدَكَ لَذَّةَ الدُنيا فَقَد / أُنسيتُها حَتّى نَسيتُ رُقادي
أَبقَيتَ في كَبِدي عَلَيكَ حَزازَةً / تَبدو لِأَهلِ الحَشرِ يَومَ معادي
فَسَقى ضَريحَكَ كُلُّ دانٍ مُسبلٍ / مُتَواصِلِ الإِبراقِ وَالإِرعادِ
حَتّى تُرى عَرصاتُ قَبرِكَ رَوضَةً / مَوشِيَّةً كَوَشائِعِ الأَبرادِ
فَلَقَد مَضَيتَ وَما كَسَبتَ خَطيئَةً / وَتَرَكتَ دارَ بَليَّةٍ وَفَسادِ
وَسَكَنتَ داراً مُلكُها لَكَ خالِدٌ / وَتَرَكتَ داراً مُلكُها لِنَفادِ
لا يَخدَعَنَّكَ صِحَّةٌ وَيَسارُ
لا يَخدَعَنَّكَ صِحَّةٌ وَيَسارُ / ما لا يَدومُ عَلَيكَ فَهوَ مُعارُ
يَغشى الفَتى حُبَّ الحَياةِ وَزينَةَ ال / دُنيا وَيَنسى ما إِلَيهِ يُصارُ
وَإِذا البَصائِرُ عَن طَرائِق رُشدِها / عَمِيَت فَماذا تَنفَعُ الأَبصارُ
لا تَغتَرر بِالدَهرِ إِن وافاكَ في / حالٍ يَسُرُّكَ إِنَّهُ غَرّارُ
انظُر إِلى مَن كانَ قَبلكَ وَاعتَبر / سَتَصيرُ عَن كَثَبٍ إِلى ما صاروا
فَيَزولُ عَنكَ جَميعُ ما أوتيتَ في ال / دُنيا وَلَو زُوِيَت لَكَ الأَمصارُ
تُرزا الكِرامُ ولا كَرزءِ عَشيرَةٍ / فُجِعَت بِمَن مِنهُم إِلَيهِ يُشارُ
اللَهُ جارُكَ يا ابنَ يوسُفَ ثاوِياً / وَسَقى ضَريحَكَ وابِلٌ مدرارُ
حَتّى تُرى جَنَباتُ قَبرِكَ رَوضَةً / مُخضَرَّةً وَيَحُفُّهُ النوّارُ
أَبكي عَلَيكَ وَلَو وَفَت لَكَ أَدمُعي / لَتَعجَّبَت مِن مَدِّها الأَنهارُ
يا بَدرُ كُنتَ لَنا اليَمينَ وَما عَسى / تُغني إِذا مَضَت اليَمينُ يَسارُ
كُنتَ المُعينَ عَلى الزَمانِ لَنا إِذا / غاضَ المَعينُ وَعَزَّت الأَمطارُ
يا بَدرُ ضاقَ بِكَ الضَريحُ وَطالَما / ضاقَت عَلى عَزَماتِكَ الأَقطارُ
أَعزز عَلَيَّ بِأَن يَضيقَ بِكَ الثَرى / وَيَميلَ عَن عَرَصاتِكَ الزُوّارُ
قَد كُنتَ ذُخراً لِلمُلوكِ وَعُمدَةً / فَبِرَأيِكَ الإيرادُ وَالإِصدارُ
وَلَكم بِرَأيِكَ مِن وَرائِكَ قَد سَرى / نَحوَ الأَعادي جَحفَلٌ جَرّارُ
وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ بَدراً كامِلاً / يَعتادُهُ عِندَ التَمامِ سِرارُ
كانَ الجَوادَ بِما حَوى وَقَد استَوى / في مالِهِ الإِقلالُ وَالإِكثارُ
صافي أَديمِ العَرضِ لا يَنأى النَدى / عَنهُ وَلا يَدنو إِلَيهِ العارُ
مِن أُسرَةٍ عَرَبِيَّةٍ جاءَت بِهِ / عَرَبِيَّةٌ آباؤُها أَحرارُ
لَم يُغذَ مِن لَبَنِ الإِماءِ وَلَم تُحِل / أَخلاقَهُ عَن طَبعِها الأَظآرُ
قَد كانَ إِن خَفَّت حَلومُ ذَوي النُهى / لِلهَولِ فيهِ رَزانَةٌ وَوَقارُ
يا بَدرُ لَو أَبصَرتَ بَعدَكَ حالَنا / لَشَجاكَ ما جاءَت بِهِ الأَقدارُ
سُرَّت أَعادينا وَأَدرَكَ حاسِدٌ / فينا مُناهُ وَقَلَّتِ الأَنصارُ
كُنّا نَخافُ وَيَرتجي إِحسانَنا / أَعداؤُنا وَيَعِزُّ فينا الجارُ
ما العَيشُ بَعدكَ بالهَنيءِ وَلَو صَفَت / فيهِ الحَياةُ وَلا الدِيارُ دِيارُ
هَيهاتَ أَن يَلتَذَّ جَفني بِالكَرى / مِن بَعدِ فَقدِكَ أَو يَقَرَّ قَرارُ
أَو أَرتَجي خِلّاً سِواكَ أَبُثُّهُ / الشَكوى وَتُحفَظُ عِندَهُ الأَسرارُ
غَدَرَ الزَمانُ بِنا فَفَرَّقَ بَينَنا / إِنَّ الزَمانَ بِأَهلِهِ غَدّارُ
لَو أَنَّ قَلبَ المَوتِ رَقَّ لِهالِكٍ / لَشَجاهُ أَطفالٌ وَراكَ صِغارُ
لَم يَكفِ صَرفَ الدَهرِ دَفنُكَ في الثَرى / حَتّى نَأَت بِكَ عَن دِمَشقَ الدارُ
ما أَنصَفَ الدَهرُ المُفَرِّقُ بَينَنا / أَفَبَعدَ مَوتٍ نُقلَةٌ وَسِفارُ
لَولا اِدِّكارُكَ تلَّ راهِطَ وَالحِمى
لَولا اِدِّكارُكَ تلَّ راهِطَ وَالحِمى / ما سَحَّ جَفنُكَ بِالدُموعِ وَلا هَمى
أَنَّى اِتَّجَهتَ رَأَيتَ رَوضاً مُحدِقاً / بِشَفا غَديرٍ كَالمَجَرَّةِ وَالسَما
يا أَهلَ وَدي بِالشَآمِ تَحِيَّةً / مِن نازِحٍ لَم يَبقَ فيهِ سوى ذَما
وَإِذا سَقى اللَهُ البِلادَ فَلا سَقى / بَلَدَ الهُنودِ سِوى الصَواعِقِ وَالدِما
قَد غَيَّرَت غِيَرُ اللَيالي كُلَّ حا / لاتي وَشَوقي وَالغَرامُ هُما هُما
وَشَكِيَّتي بُعدُ النَجيبِ فَإِنَّهُ / قَد كانَ لي مِن جَورِ أَيّامي حِمى
عَهدي بِأَنيابِ النَوائِبِ عِندَهُ / دُرداً وَظفرِ الحادِثاتِ مُقَلَّما
كَم مدَّ صَرفُ الدَهرِ نَحوي كَفَّهُ / لِظَلامَةٍ فَثَناهُ عَنّي أَجذما
وَرَنا إِلَيَّ بِعَينِهِ شَزراً فَما / أَغضى بِها إِلّا وَإِثمِدُها العَمى
وَلَطالَما شِمتُ السَحابَ وَكَفَّهُ / فَتَدافَقا فَجَهِلتُ أَيُّهُما السَما
يا سَيِّدي وَأَخي لَقَد أَذكَرتَني
يا سَيِّدي وَأَخي لَقَد أَذكَرتَني / عَهدَ الصِبى وَوَعَظتَني وَنَصَحتَ لي
أَذكَرتَني وادي دِمَشقَ وَظِلَّهُ ال / ضافي عَلى صافي البَرودِ السَلسَلِ
وَوَصَفتَ لي زَمَنَ الرَبيعِ وَقَد بَدا / هرمُ الزَمانِ إِلى شَبابٍ مُقبِلِ
وَتَجاوَبَ الأَطيارِ فيهِ فَمُطرِبٌ / يُلهي الشَجِيَّ وَنائِحٌ يُشجي الخَلي
يُغني النَديمَ عَنِ القِيانِ غِناؤُها / فَالعَندَليبُ بِها رسيلُ البُلبُلِ
فَكَأَنَّها أَخَذَت عَن اِبنِ مقلّدٍ / قَولَ المُسَرَّجِ في الثَقيلِ الأَوَّلِ
وَمدامَةً مِن صَيدِنا يا نَشرُها / مِن عَنبَرٍ وَقَميصُها مِن صَندَلِ
مِسكِيَّةَ النَفحاتِ يَشرُفُ أَصلُها / عَن بابِلٍ وَيجلُّ عَن قُطرَبُّلِ
وَتَقولُ أَهلُ دِمَشقَ أَكرَمُ مَعشَرٍ / وَأَجَلُّهُم وَدِمَشقُ أَفضَلُ مَنزِلِ
وَصَدَقتَ إِنَّ دِمَشقَ جَنَّةُ هَذِهِ ال / دُنيا وَلكِنَّ الجَحيمَ أَلَذُّ لي
لا الحاكِمُ المصرِيُّ يَنفُذُ حُكمُهُ / فيها عَلَيَّ وَلا العَواني الموصِلي
هَيهاتَ أَن آوي دِمَشقَ وَمُلكُها / يُعزى إِلى غَيرِ المَليكِ الأَفضَلِ
وَمِنَ العَجائِبِ أَن يَقومَ بِها أَبو / بَكرٍ وَقَد عَلِمَ الوَصِيَّةَ في عَلي
مَهلاً أَبا حَسنٍ فَتِلكَ سَحابَةٌ / صَيفِيَّةٌ عَمّا قَليلٍ تَنجَلي
سامَحتُ كُتبَكَ في القَطيعَةِ عالماً
سامَحتُ كُتبَكَ في القَطيعَةِ عالماً / أَنَّ الصَحيفَةَ أَعوَزَت من حامِلِ
وَعَذَرتُ طَيفَكَ في الجَفاءِ لِأَنَّه / يَسري فَيُصبِحُ دونَنا بِمَراحِلِ
يا بَرقُ حَيّ إِذا مَرَرتَ بِعزَّتا
يا بَرقُ حَيّ إِذا مَرَرتَ بِعزَّتا / أَهلي وَإِن زادوا جَفاً وَتَعَنُّتا
أَبلِغهُمُ عَنّي السَلامَ وَقُل لَهُم / أَحبابَنا هذا الصُدودُ إِلى مَتى
طالَ اِنتِظاري لِلتَّلاقي فَاِجعَلوا / لِصُدودِكُم أَجَلاً يَكونُ مُوَقَّتا
كَم أَحمِلُ الشَوقَ المُبَرّحَ وَالأَسى / لَو كانَ قَلبي صَخرَةً لَتَفَتَّتا
يا سادَةً فارَقتُ يَومَ فراقِهِم / عَقلي وَطَلَّقتُ السُرورَ مُبَتَّتا
حَرَّمتُ بَعدَكُمُ وَذاكَ يحقُّ لي / لِبسَ الجبابِ وَتُبتُ عَن ذِكرِ الشِتا
أَحبابَنا بِدِمَشقَ دَعوَةَ نازِحٍ / لَعِبَت بِهِ أَيدي النَوى فَتَشَتَّتا
أَشكو إِلَيكُم فرطَ وَجدٍ لَم يَزَل / حَيّاً يُلازِمُني وَصَبراً مَيِّتا
عَجَباً لِروحي يَومَ جَدَّ فراقُكُم / إِذ لَم تَفظ وَالقَلبِ كَيفَ تَثَبَّتا
انظُر إِليَّ بِعَينِ مَولىً لَم يَزَل
انظُر إِليَّ بِعَينِ مَولىً لَم يَزَل / يولي النَدى وَتَلافَ قَبلَ تَلافي
أَنا كَالَّذي أَحتاجُ ما يَحتاجُهُ / فَاغنَم ثَوابي وَالثَناءَ الوافي
يا أَيُّها المَلِكُ المُعَظَّمُ سنةٌ
يا أَيُّها المَلِكُ المُعَظَّمُ سنةٌ / أَحدَثتَها تَبقى عَلى الآبادِ
تَجري المُلوكُ عَلى طَريقِكَ بَعدَها / خَلعُ القضاةِ وَتُحفَةُ الزُهادِ
فَعَلامَ أَبعَدتُم أَخا ثِقَةٍ
فَعَلامَ أَبعَدتُم أَخا ثِقَةٍ / لَم يَجتَرِم ذَنباً وَلا سَرَقا
انفوا المُؤَذِّنَ مِن بِلادِكُم / إِن كانَ يُنفى كُلُّ مَن صَدَقا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025