المجموع : 30
ما لِلغَواني مَنْ رَأَينَ بِرَأسِهِ
ما لِلغَواني مَنْ رَأَينَ بِرَأسِهِ / يَقَقاً مَلَلنَ وِصالَهُ وَشَنَينَهُ
وَإِذا عِذارُ المَرءُ قَلَّ قَتيرُهُ / لاحَظنَهُ بِبَشاشَةٍ وَهَوينَهُ
صَدَفَت خُناسُكَ عَنكَ بَعدَ مَوَدَّةٍ / وَرَأَت شَبابَكَ بالِياً وَغُضونَهُ
إِنَّ الخَليفَةَ خَيرُ مَن وَطِىءَ الحَصا / لِلَّهِ يَمحَصُ دينَهُ وَيَقينَهُ
سارَت حُكومَتُهُ بِأَعدَلَ سيرَةٍ / قُصوى البِلاد وَفي الذينَ يَلونَهُ
فَالحَقُّ أَوضَح مُبصِر آياتُهُ / وَالجورُ يَطمِسُ شَخصَهُ وَعُيونَهُ
وَرَأى البَرِيَّةُ عَفوَهُ وَعَفافَهُ / فَالنَّاسُ حَذو طَريقه يَحذونَهُ
طَلَبوا رِضاهُ بِنِيَّةٍ وَتَيَقَّنوا / أَن لَيسَ يَرضى اللَّهُ أَو يُرضونَهُ
يَخشَونَ صَولَتَهُ فَهُم في طاعَةٍ / وَكَمِثلِ ما يَخشَونَهُ يَرجونَهُ
إِنَّ الخَليفَةَ رَحمَةٌ مِن رَبِّنا / وَبِهِ أَنارَ لَنا وَأَوضَحَ دينَهُ
وَعَلى أَبي إِسحاقَ طاعَةُ رَبِّهِ / حَقّاً لِيَنصُرَهُ بِها وَيُعينَهُ
ملكٌ بأَرضِ الرومِ أَنزَلَ نِقمَةً / وَأَبادَ مالاً أَهلُها يُحصُونَهُ
وَأَبادَ مالِكها وَفَلَّ جُنودَهُ / طَعناً وَزَلزَلَ مُلكَهُ وَحُصُونَهُ
وَالزَّطُّ أَيُّ خَليفَة دانوا لَهُ / أَو كانَ قَبلَكَ طاعَةً يُعطونَهُ
حَتّى مَلَكتَ وَظَلَّ سَيفُكَ مِنهُمُ / تَكسو الدِّماءُ شِفارَهُ وَمُتونَهُ
فَأَتوا لِحُكمِكَ وَالَّذي كانوا بِهِ / يَعصونَ جَدَّعَتِ الظُّبى عِرنينَهُ
فَعَفَوتَ إِنَّكَ لَم تَزَل ذا رَأفَةٍ / حَسَنَ الفَعالِ مُباركاً مَيمونَهُ
وَسَقَيتَ بابَكَ كَأسَ حَتف مُرَّةً / بِفَوارِس سَحَبوا القنا يَتلونَهُ
فَتَجالَدَ الزَّحفانِ يَوماً كامِلاً / وَالقَوسُ يُخضَبُ بِالَّذي يَبرونَهُ
حَتّى رَأَيتَ الخُرَّمِيَّةَ رَيضَةً / وَالبَذَّ أَنكَرَتِ الفِجاجُ رَنينَهُ
يَبكي الَّذينَ تُخرِّموا مِن أَهلِهِ / وَنِساءُ بابِكَ حُسَّراً يَبكينَهُ
وَإِلى عموريةٍ سَمَا في جَحفَلٍ / مَلَأَ الفجاج سُهولَهُ وَحُزونَهُ
فَأَبادَ ساكِنَها وَحَجَّلَ باطِساً / حلقاً أَذَلَّ اللَّهُ مَن يحوينَهُ
قَتلى يُنَضِّدهُم بِكُلِّ طَريقَةٍ / نَضَداً تَخالُ مَراقِباً موضونَهُ
فَهُمُ بوادي الجونِ قَتلى فِرقَة / وَقَبائِلٌ فِرَقٌ مَلَأنَ سُجونَهُ
وَأَبانَ بِالصَّفصافِ خالِصَة لَهُ / كَيد العَدُوِّ وَسوءَ ما يَطوونَهُ
فَهَوى اللَّعينُ وَنَجمُهُ وَاللَّهُ لا / يرضَى الضَّلالَ وَلا يُعِزُّ قَرينَهُ
وَالمُنفِسونَ قَصَدتَ خَيلَكَ قَصدَهُ / فَوَطئنه وَفَتَكتَ حينَ لَقَينَهُ
وَقَطَعت دابِرَهُ فَجاءَكَ خاضِعاً / حَذر الرَّدى وَجِلَ الفُؤادِ مَهينَهُ
وَالمازِيارُ وَقَد تَقَلَّدَ غَدرَةً / قَطَعَت نِياطَ فُؤادِهِ وَوَتينَهُ
مِن بَعدِ ما جَعَلَ الشَّواهِقَ عِصمَةً / وَصَياصِياً بِضَلالِهِ يُغرينَهُ
ظَنّاً بِأَنَّ الغَدرَ يَمنَعُ أَهلَهُ / كَذِباً فَكَذَّبَتِ الحُتوفُ ظُنونَهُ
فَأَفضتهُ لِلنَّكثِ يَشرَحُ صَدرَهُ / لِيُذِلَّهُ رَبّي بِهِ وَيُهينَهُ
وَشَحَنتَ بِالأُسدِ الخَوادِر بِالقنا / وَالمُرهفاتِ شِعابَهُ وَرعونَهُ
أَنِسَت جِيادُكَ صَعبَ مَرقى حصنَهُ / وَجِبالَها فَرقَينَها وَرَقَينَهُ
كَلَباً عَلَيهِ فما برحنِ عراصَهُ / وَقَلالُهُ بِكُمانه يُشجينَهُ
حَتّى إِذا رزى النِّساءُ نِساءَهُ / لَمّا اُستبيحَ حَريمُهُ وَرَزينَهُ
ثُمَّ اِستَكانَ وَأَسلَمتَهُ حُماتُهُ / وَرَأى شَتاتاً بِالصَّغار عَرينَهُ
وَغَدَت جِيادُكَ حينَ أَسلَمَ عُنوَةً / تَحتازُ ظاهِرَ مالِهِ وَدَفينِهِ
ضُمَّت يَداهُ إِلى التَّليلِ مُكَبَّلاً / تَدمى وَساوَرَتِ الدُّموعُ جُفونَهُ
حَتّى إِذا اِختَلَجَت سِياطُكَ نَفسَهُ / وَتَخَرَّمَت حَرَكاتهُ وَسُكونَهُ
نيطَت عَوامِلُهُ بِرَأسِ عُذافِر / جَعل الشَّريطُ عِرانهُ وَبُرينَهُ
من بَعد ما بِالكُفرِ بكَّت حَيدَراً / وَأَبانَ يوضِحُ مُفصحاً مَكنونَهُ
وَجَمَعتَ كُلَّ مُعَدَّلٍ وَسَأَلتَهُ / نصّاً لِيوضِحَ كُفرَهُ وَيُبينَهُ
فَأَقَرَّ بِالكُفرِ المُبينِ وَلَم تُرِد / إِلَّا الإِلهُ وَلَم تُرِد تَهجينَهُ
أَنّى وَقَد أَنطَقتَ كُلَّ مُفَوَّهٍ / في مدحَةٍ طَلَبا بِها تَزيينَهُ
لِتشيعَ مدحَتهُ وَتشهرَ ذِكرَهُ / بِحِبالِ شاعِرِكَ الرَّصينِ رَصينَهُ
وَجَزَيتَ مادِحَهُ فَأَبصَرَ شعرَهُ / وَأَحَبَّ كُلُّ مُدَوِّن تَدوينَهُ
وَرَفَعتهُ فَوقَ النُّجومِ وَلَم تَدَع / في المُلكِ مُصطَفِياً لَهُ تمكينَهُ
وَعَصبتهُ بِالتَّاجِ عَصبَ جَلالَةٍ / وَجَعَلتَ خَلقَ اللَّهِ يَستَرعونَهُ
قالوا جَزِعتَ فَقُلتُ إِنَّ مُصيبَةً
قالوا جَزِعتَ فَقُلتُ إِنَّ مُصيبَةً / جَلَّت رَزِيَّتُها وَضاقَ المَذهَبُ
كَيفَ العَزاءُ وَقَد مَضى لِسَبيلِهِ / عَنّا فَوَدَّعنا الأَحَمُّ الأَشهَبُ
دَبَّ الوُشاةُ فَباعَدوهُ وَرُبَّما / بَعُدَ الفَتى وَهوَ الحَبيبُ الأَقرَبُ
لِلَّهِ يَومَ غَدَوتَ عَنّي ظاعِناً / وَسُلِبتُ قُربكَ أَيَّ عِلق أسلّبُ
نَفسي مُقَسَّمَةٌ أَقامَ فَريقُها / وَغَدا لِطِيَّتِهِ فَريق يُجنِبُ
الآنَ إِذ كَمَلَت أَداتُكَ كُلُّها / وَدَعا العُيونَ إِلَيكَ لَونٌ مُعجِبُ
وَاختيرَ مِن سِرِّ الحَدايِدِ خَيرها / لَكَ خالِصاً وَمِنَ الحُلِيِّ الأَغرَبُ
وَغَدَوتَ طَنَّان اللِّجامِ كَأَنَّما / في كُلِّ عُضوٍ مِنك صنجٌ يُضرَبُ
وَكَأَنَّ سَرجَكَ إِذ عَلاكَ غَمامَةٌ / وَكَأَنَّما تَحتَ الغَمامَةِ كَوكَبُ
وَرَأى عَلَيَّ بِكَ الصَّديقُ مَهابَةً / وَغَدا العَدُوُّ وَصَدرُهُ يَتَلَهَّبُ
أَنساكَ لا بَرِحَت إِذنَ مَنسِيَّة / نَفسي وَلا زالَت بِمِثلِكَ تُنكَبُ
أَضمَرتُ مِنكَ اليَأسَ حينَ رَأَيتَني / وَقُوى حِبالِكَ مِن قوايَ تقضَّبُ
وَرَجَعتُ حينَ رَجَعت مِنك بِحَسرَةٍ / لِلَّهِ ما صَنَعَ الأَصَمُّ الأَشيَبُ
فَلتَعلَمَن أَلَّا تَزالُ عَداوَةٌ / عِندي مريَّضَةٌ وَثَأرٌ يُطلَبُ
يا صاحِبَيَّ لِمِثلِ ذا مَن أَمرهُ / صَحِبَ الفَتى في دَهرِهِ مَن يَصحَبُ
إِن تُسعدا فَصَنيعَةٌ مَشكورَةٌ / أَو تخذلا فَصَنيعَةٌ لا تَذهَبُ
عِوجا نُقَضِّ حاجَةً وَتَجَنَّبا / بَثَّ الحَديثِ فَإِنَّ ذلِكَ أَعجَبُ
لا تُشعِرا بِكُما الأَحَمَّ فَإِنَّهُ / وَأَبيكُما الصَّدعُ الَّذي لا يُرأَبُ
أَو تَطوِيا عَنهُ الحَديثَ فَإِنَّهُ / أَدنى لِأَسبابِ الرَّشادِ وَأَقرَبُ
لا تُشعِراهُ بِنا فَلَيسَ لِذي هَوى / نَشكو إلَيهِ عِنده مُستَعتَبُ
وَقِفا فَقولا مَرحَباً وَتَزَوَّدا / نَظَراً وَقَلَّ لِمَن يُحَبُّ المرحَبُ
مَنَعَ الرَّقادَ جَوى تَضَمَّنَهُ الحَشا / وَهَوى أكابِدهُ وَهَمٌ مُنصِبُ
وَصَبا إِلى الحانِ الفُؤادُ وَشاقَهُ / شَخصٌ هُناكَ إِلى الفُؤادِ مُحَبَّبُ
فَكَما بَقيتُ لِتَبقَيَنَّ لِذِكرِهِ / كَبِد مُفَرَّثَة وَعَينٌ تَسكُبُ
إِنّي نَظَرتُ وَلا صَوابَ لِعاقِلٍ
إِنّي نَظَرتُ وَلا صَوابَ لِعاقِلٍ / فيما يَهُمُّ بِهِ إِذا لَم يَنظُرِ
فَإِذا كِتابُكَ قَد تُخيِّر خَطُّهُ / وَإِذا كِتابي لَيسَ بِالمُتَخَيَّرِ
وَإِذا رُسومٌ في كِتابِكَ لَم تَدَع / شَكّاً لِمُعتَنِف وَلا لِمُفَكِّرِ
نُقَطٌ وَأَشكالٌ تَبينُ كَأَنَّها / نَدبَ الخُدوشِ تَلوحُ بَينَ الأسطُرِ
تُنبيكَ عَن رَفعِ الكَلامِ وَخَفضِهِ / وَالنَّصب مِنهُ لِحالِهِ أَو مَصدَرِ
وَتُريكَ ما يُعيا بِهِ فِبَعيدُهُ / كَقَريبه وَمُقَدَّم كَمُؤَخَّرِ
وَإِذا كِتابُ أَخيكَ مِن ذا كُلِّه / عار فَبِئسَ لِبايِعٍ وَلِمُشتَري
فَاِقبِض كِتابَ أَخيكَ غَير مُنافِس / فيهِ وَخَلِّ لَهُ كِتابَكَ وَاِعذُرِ
وَاِعلم بِأَنَّكَ لا تَزالُ مُؤَخّرا / مُستَأخِرا في العِلمِ ما لِم تَكسِرِ
إِنّي أَرى حَبسَ السَّماعِ عَلى الَّذي / شارَكتَهُ فيهِ وَكَسر الدَّفتَرِ
صَلَّى الضُّحى لَما اِستَفادَ عَداوَتي
صَلَّى الضُّحى لَما اِستَفادَ عَداوَتي / وَأَراهُ يَنسُكُ بَعدَها وَيَصومُ
لا تَعدَمَنَّ عَداوَةً مَأجومَةً / تَرَكَتكَ تَقعُدُ مَرَّةً وَتَقومُ
يا قَلبُ وَيحَكَ لم تُرِدْ
يا قَلبُ وَيحَكَ لم تُرِدْ / بِمَوَدَّةِ مَن لا يُريدُك
يَزهو وَيغرقُ في القلى / وَإِذا مَرِضتَ فَلا يَعودُك
حَتّى مَتى وَإِلى مَتى / غَيُّ الفُؤادِ لَهُ يَقودُك
أَمسى لِغَيرِكَ جودُه / وَلَهُ وَما يَهواكَ جودُك
دَعْهُ يَعومُ بِظَنِّهِ / إِذ مَسَّ أَسفَلَهُ عَمودُك
إِن كانَ خافَ فَقَد أَقا / مَ قَضاءَهُ في البَيتِ عودُك
أَوقَد عَلَيهِ وَخلِّهِ / فَلَسَوفَ يُحرِقُهُ وَقودُك
لَولا اليَمينُ هَجَوته / وَأَشاعَ فَضحتَهُ قَصيدُك
قَسَمَ الزَّمانَ عَلى البِلادِ وَلَم يَقُم
قَسَمَ الزَّمانَ عَلى البِلادِ وَلَم يَقُم / للوَقت يَرصُدُهُ وَيَحسُبُ بِاليَدِ
لما حَوى الرُّومَ الشِّتاءُ رَمى بِها / عرضَ الفِجاجِ إِلى المغارِ الأَبعَدِ
يَأوي إِلى قُطْبِ الجَنُوبِ إِذا شَتا / وَيَصيفُ حينَ يَصيفُ تَحتَ الفَرقَدِ
نِعمَ الخَليفَةُ لِلرَّعِيَّةِ مَن إِذا / رَقَدَت وَطابَ لَها الكَرى لَم يَرقُدِ
إِنَّ الخِلافَةَ أَصبَحَت سَرَّاؤُها
إِنَّ الخِلافَةَ أَصبَحَت سَرَّاؤُها / مَجلوبَةً وَشرورُها مَصروفَهْ
عَفوٌ تَعُمُّ بِهِ الذُّنوبُ وَحُرمَةٌ / تُعطِي الثَّوابَ وَرَأفَةٌ مَعطوفَهْ
لَو كانَ يُنقِذُنا وَيُؤمِن سِربَنا / وَيُجيرُنا مِن شَرِّ كُلِّ مَخوفَهْ
إِلا مَقامَ خَليفَةٍ لِخَليفَةٍ / لِخَليفَةٍ لِخَليفَةٍ لِخَليفَهْ
مَن يَلقَهُ مِمَّن تَرى فَلِقاؤُهُ
مَن يَلقَهُ مِمَّن تَرى فَلِقاؤُهُ / إِيّاهُ بِالتَّعظيمِ وَالسُّلطانِ
وَلَنا عَلَيهِم رُتبَةً إِنَّا لَهُ / دونَ الجَماعَةِ كُلِّها أَخَوانِ
فَلِقاؤُنا إِيَّاهُ عِندَ عَدُوِّهِ / أَو دونَ ذاكَ كِلاهُما سِيّانِ
إِنَّ الموَدَّةَ لا تَكونُ مَوَدَّةً / حَتَّى تَكونَ مَنيعَةَ الأَركانِ
حَتَّى تَكونُ إِذا أَسَأتَ كَأَنَّما / تابَعتَ عِندَ أَخيكَ بِالإِحسانِ
ثِقَةً وَإِدلالاً وَإِنَّ ضَميرَهُ / لَكَ قايِمٌ بِالعُذرِ وَالبُرهانِ
فَاِسلَم سَلامَة من حَنَت مِن فَوقِهِ / وَتَكَنَّفَتهُ حِياطَةُ الرَّحمنِ
سَيفُ الخِلافَةِ وَالمُقَدَّم دونه / وَنَصيحه في السِرِّ وَالإِعلانِ
وَالحَمدُ لِلَّهِ المُقَرِّب بَيننا / مَنَّاً مِنَ المُتَفَضِّلِ المَنَّانِ
جَمَعَ القُلوبَ عَلى الرِّضى فَتَعاوَنَت / بِالنُّصحِ وَاِتَّفَقَت عَلى الإيمانِ
سَيفٌ يُهَزُّ وَحاكِمٌ قامَت بِهِ / سُنَنُ الكِتابِ وَحُجَّةُ الفُرقانِ
وَأَخو مُحافَظَةٍ يَنوءُ إِذا غَدا / بِالثِّقلِ بَينَ يَدي وَبَينَ لِساني
يا ذا الَّذي لا أَهجُرُه
يا ذا الَّذي لا أَهجُرُه / وَعَلى القلى لا أَعذُرُه
ماذا يُريبُكَ مِن فَتىً / يَهوى هَواكَ وَتَقهَرُه
أَمسَيتُ عَنهُ مُعرِضاً / مِن غَيرِ ذَنبٍ يَذكُرُه
فَبَكى فَبَلَّ جُيوبَهُ / دَمعٌ عَلَيهِ يَحدرُه
وَأَتاهُ مِن إِعراضِكُم / ما كانَ مِنهُ يَحذرُه
أَمسى قَتيلاً لِلهَوى / مُتَعَفِّراً لا يقبرُه
فَإِلى مَتى وَإِلى مَتى / مَوجُ الصَّبابَةِ يَطمرُه
سالَت عَلَيهِ بُحور عذ / رِ مِن حَبيبٍ يَقهَرُه
فَيَظَلُّ يَسطو وسطها / طَوراً وَطَوراً تَغمُرُه
قَد قالَ لَما شَفَّهُ / مِنكَ الجَفاءُ وَأَضمرُه
إِن كُنتُ قَد أَذنَبتُ ذَنْ / بَاً نورَ عَيني فَاِغفِرُه
وَلقَد صَنَعتَ إِلَيَّ في / ما فاتَ ما لا أَكفُرُه
وَشَكَرتُ ما أَولَيتَني / وَالحَقُّ مِثلي يَشكُرُه
فَاِرحَم أَسيرَكَ إِذ دَعا / كَ نَصيرُهُ لا تَنهرُه
إِن كُنت مالِكَ رِقِّهِ / فَالطُف بِهِ لا تَغدرُه
لا تَجفُهُ فَيَسوءُهُ / وَإِذا دَعا لا تَزجُرُه
إِنَّ الفُؤادَ عَلَيهِ كَف / فُ هَوىً لِحُبِّكَ تَعصُرُه
يدميهِ مِنها ظفرُها / وَإِذا تَضَرَّعَ تقشرُه
وَبِطَرفِ عَينِكَ ساحِرٌ / فَفُتور عَينِكَ يسحرُه
وَلِكَأسِ عُذرِكَ شربَةٌ / فيها تَصولُ فَتُسكِرُه
قَد كادَ يظهرُ سِرُّهُ / لَولا الحِفاظُ يُغَيِّرُه
اذكُر جَميلَ حِفاظِهِ / وَوَفائِهِ لا تكفرُه
بِاللَّهِ لا تُغلِظ لَهُ / في القَولِ مِنكَ فَتكسرُه
وَلَقَد كَسَرتَ نَشاطَهُ / وَأَذَقتَهُ ما أَسهرُه
يا بايَخست أَلَست الأَمَ مَن بَرى
يا بايَخست أَلَست الأَمَ مَن بَرى / ذو العَرشِ مِن إِنسٍ وَمِن جانِ
أَطعَمتَنا كشلِيَّةً حَولِيَّةً / وَجَرادِقاً مُسوَدَّة الأَلوانِ
ذُخِرت وَلكِن في ختانِ بَناتِهِ / فَتُورِّثَت مِن فَضلَةِ الختّانِ
حَتّى إِذا عَرِي الخِوانُ وَلَم يَكُن / يَعرَى وَإِن قَلَّ الطَّعامُ خِواني
لكِن كَفَّكَ في الخِوانِ وَقَد رمت / فيهِ بِآلامِ راحَةٍ وَبَنانِ
رُخٌّ يَحُشُّ بَنادِقا مَبثوثَةً / بَعُدَت عَنِ الفَرَسَينِ وَالفرزانِ
وَإِذا كَسَرتَ لبايَخست قُلَّةً / جاءَت كعوبُ بِكَفِّها عَصَوانِ
سَقياً لِمَجلِسِنا الَّذي جُمِعَت بِهِ
سَقياً لِمَجلِسِنا الَّذي جُمِعَت بِهِ / طُرَفُ الحَديثِ وَطاعَةُ الجُلاسِ
ظَلنا وَيَحيى كَالمُؤَمَّرِ بَينَنا / نُسقى وَنشرَبُ تارَةً بِالكَأسِ
نِصفَينِ يَشرَبُ بَعضُنا مِن قَهوَة / صرف تُضيءُ كَشُعلَةِ المِقياسِ
وَالآخَرونَ عَلى النَّبيذِ عُكوفُهُم / شَتّانَ إِن قِسناهُما بِقِياسِ
ثِنتانِ بَينَهُما الَّتي شَبَّهتُها / بِقَضيبِ آس بَينَ غُصنَي آسِ
ما كانَ عَيبٌ غَير أَنَّكَ لَم تَكُن / يا اِبن الذُّؤابَةِ مِن بَني العَبَّاسِ
وَإِذا ذَكَرتُكَ أَو عَليّا لَم أَزَل / حَزنانَ مِن كَمَد وَمِن وُسواسِ
ذوقوا حَلاوَةَ فَقدِها وَتَعَلَّموا
ذوقوا حَلاوَةَ فَقدِها وَتَعَلَّموا / أَنَّ الأَسِنَّةَ بَعدَ ذلِكَ شُرَّعُ
فَإِذا وَفيتُم فَهيَ خَيرُ بِلادِكُم / وَإِذا غَدَرتُم فَهيَ سمٌّ مُنقَعُ
أَعزِز عَلَيَّ بِأَن تَكونَ عَليلا
أَعزِز عَلَيَّ بِأَن تَكونَ عَليلا / أَو أَن يَكونَ بِكَ السِّقامُ نَزيلا
وَوَدِدتُ أَنِّي مالِكٌ لِسَلامَتي / فَأعيركاها بُكرَةً وَأَصيلا
فَتَكون تَسعى سالِماً بِسَلامَتي / وَأَكونُ مِمّا قَد عَراكَ بَديلا
وَأَنا أَخٌ لَكَ أَشتَكي ما تَشتَكي / وَكَذا الخَليلُ إِذا أَجَلَّ خَليلا
أَسَلُ الَّذي صَرَفَ الهَوى
أَسَلُ الَّذي صَرَفَ الهَوى / مِنّي إِلَيكَ وَمِنكَ عَنّي
أَن يَبتَليكَ بِما اِبتَلَو / ني مِنكَ يا إِنسانَ عَيني
فَتَكونُ مِثلي في الهَوى / مِثلُ الَّذي بِكَ كانَ ظَنّي
وَإِذا رَأَيتُ بِكَ الَّذي / بي قُلتُ يا نَفسُ اِطمَئِنّي
أَخنى عَلَيَّ الدَّهرُ كَلكَلَهُ
أَخنى عَلَيَّ الدَّهرُ كَلكَلَهُ / وَعَدا عَلى عَيشي فَبَدَّلَهُ
وَكأَنَّما جَهِدَت أَلِيَّتُهُ / أَن لا يَرى خَيراً فَيَفعَلَهُ
ما إِن يَزالُ يُجِدُّ داهِيَةً / تَحدو بِها نَحوي رَواحِلُهُ
وَيَنوبُني مِنهُ بِمعضِلَةٍ / يَرمي بِها جِسمي لِيُنحِلَهُ
فَإِذا رَتَقتُ الأَمرَ بادره / بِالفتقِ إِصراراً وَعاجلَهُ
لَو كانَ يُعقِبُ مَرَّةً فَرَحاً / وَيَسوءُ أُخرى لاحتَمَلتُ لَهُ
وَلَخلتُ مِنهُ ذاكَ فائِدَةً / لكِن أَبى إِلَّا تحاملَهُ
فَلَئِن ذَمَمتُ العَيشَ آخِرَهُ / فَلَقَد حَمِدتُ العَيشَ أَوَّلَهُ
لِلَّهِ أَوَّلُنا وَآخِرُنا / ما كانَ أَجوَدَهُ وَأَعدَلَهُ
يا لَيتَ هذا كانَ أَوَّلنا / يَعدو لِآخِرنا فَيَقتُلَهُ
هَل أَنَت صاح أَو مُراجِعُ صَبوَةٍ
هَل أَنَت صاح أَو مُراجِعُ صَبوَةٍ / أَم أَنتَ فيما بَينَ ذاكَ تُفَكِّرُ
لا بَل أَظُنُّكَ قَد جَنحتَ إِلى الصّبا / وَإِذا صَبَوتَ فَلَيسَ مِثلُكَ يُعذَرُ
إِنِّي حَدَستُ وَقَد نَظَرتُ بِفِكرَةٍ / وَلَعَلَّ ما أخطي إِذا ما أَنظُرُ
يا ظالِماً نَحَل الإِساءَة غيرَه
يا ظالِماً نَحَل الإِساءَة غيرَه / إِنِّي لِذاكَ وَإِن عَنَفتَ لَقابِلُ
أَمّا اللِّسانُ فَمُنصِفٌ مُتَبَدِّلٌ / وَضَميرُ قَلبِكَ فيهِ داءٌ داخِلُ
فَإِذا نَطَقتَ خَصَمتَني فَكَأَنَّني / لَكَ قاطِعٌ حَبلاً وَأَنتَ الواصِلُ
بِاللَّهِ رَبِّكَ هَل يَسُرُّكَ أَنَّني / أَصبَحتُ مَقتولاً وَأَنتَ القاتِلُ
بَعُدَ القَريبُ وَأَعوَزَ المَطلوبُ
بَعُدَ القَريبُ وَأَعوَزَ المَطلوبُ / وَعَدَتكَ عَنهُ حَوادِثٌ وَخُطوبُ
وَمُنيتَ مِن بُعدِ الحَبيبِ بِعاذِلٍ / يَلحى وَيَعجَبُ أَن يَحِنَّ كَئيبُ
قالوا أَساءَ حَبيبُهُ فَأَجَبتُهُم / إِنَّ الحَبيبَ وَإِن أَساءَ حَبيبُ
إِنَّ المُحِبَّ وَإِن أَقامَ بِأَهلِهِ / ما لَم يَكُن فيمَن يُحِبُّ غَريبُ
لَم أَنسَ حُسنَ المَوقِفِ
لَم أَنسَ حُسنَ المَوقِفِ / وَعَلامَةَ النَّظَرِ الخَفي
فَإِذا أَرَدتُ وَداعَها / قالَت مَحاسِنُها قِفِ
فَأَجَبتُ لَستُ بِبارِح / مِن حَسرَةٍ وَتَلَهُّفِ
بِهَواكِ صافيتُ الجَوى / وَعَرَفتُ ما لَم أَعرِفِ
هَب ما أُكاتِمُ قَد عَلَن
هَب ما أُكاتِمُ قَد عَلَن / وَبَدا فَشاعَ كَما اِستَكَن
هَل بَين ذاكَ وَبَين ذا / إِلَّا المَماتُ أَوِ الحَزَن
لا تُضجِرَنَّكَ صَبوَتي / وَاِرفِق فديتُك بي وَلَن
فَلَقَد مَنَحتُكَ خُطَّةً / في القَلبِ لَيسَ لَها ثَمَن
أَمّا عَلَيَّ فَأَن أَمو / تَ وَلا أَهونُ فَلا تَهُن
جازَت هَواكَ جَوانِحي / فَنَطَقنَ فيكَ بِما أُجَن
يا مَن مَحاسِنُ وَجهِهِ / تعدى وَيَحسدُهُ الحَسَن
إِلَّا تَراني ناطِقاً / بِكَ في الهَوى أُخرى الزَّمَن
فَأجِر فَديتُكَ مِن هَوىً / دونَ الجَوانِحِ قَد كَمَن