القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 73
يا سيّدي أَسْعِفْ فَمِي لِيَقُولا
يا سيّدي أَسْعِفْ فَمِي لِيَقُولا / في عيدِ مولدِكَ الجميلِ جميلا
أَسْعِفْ فَمِي يُطْلِعْكَ حُرّاً ناطِفَاً / عَسَلاً وليسَ مُدَاهِنَاً مَعْسُولا
يا أيّها المَلِكُ الأَجَلُّ مكانةً / بين الملوكِ ويا أَعَزُّ قَبِيلا
يا ابنَ الهواشِمِ من قُرَيشٍ أَسْلَفُوا / جِيلاً بِمَدْرَجَةِ الفَخَارِ فَجِيلا
نَسَلُوكَ فَحْلاً عَنْ فُحُولٍ قَدَّموا / أَبَدَاً شَهِيدَ كَرَامَةٍ وقَتِيلا
للهِ دَرُّكَ من مَهِيبٍ وَادِعٍ / نَسْرٍ يُطَارِحُهُ الحَمَامُ هَدِيلا
يُدْنِي البعيدَ إلى القريبِ سَمَاحَةً / ويُؤلِّفُ الميئوسَ والمأمُولا
يا مُلْهَمَاً جَابَ الحياةَ مُسَائِلاً / عَنْها وعَمَّا أَلْهَمَتْ مَسْؤُولا
يُهْدِيهِ ضَوْءُ العبقريِّ كأنَّهُ / يَسْتَلُّ منها سِرَّهَا المجهولا
يَرْقَى الجبالَ مَصَاعِبَاً تَرْقَى بهِ / ويَعَافُ للمُتَحَدِّرينَ سُهولا
ويُقَلِّبُ الدُّنيا الغَرُورَ فلا يَرَى / فيها الذي يُجْدِي الغُرُورَ فَتِيلا
يا مُبْرِئَ العِلَلَ الجِسَامَ بطِبّهِ / تَأْبَى المروءةُ أنْ تَكُونَ عَلِيلا
أنا في صَمِيمِ الضَّارِعينَ لربِّهِمْ / ألاّ يُرِيكَ كَرِيهةً وجَفِيلا
والضَّارِعَاتُ مَعِي مَصَائِرُ أُمَّةٍ / ألاّ يَعُودَ بها العَزِيزُ ذَلِيلا
فلقد أَنَرْتَ طريقَهَا وضَرَبْتَهُ / مَثَلاً شَرُودَاً يُرْشِدُ الضلِّيلا
وأَشَعْتَ فيها الرأيَ لا مُتَهَيِّبَاً / حَرَجَاً ولا مُتَرَجِّيَاً تَهْلِيلا
يا سَيِّدي ومِنَ الضَّمِيرِ رِسَالَةٌ / يَمْشِي إليكَ بها الضَّمِيرُ عَجُولا
حُجَجٌ مَضَتْ وأُعِيدُهُ في هَاشِمٍ / قَوْلاً نَبِيلاً يَسْتَمِيحُ نَبِيلا
يا ابنَ الذينَ تَنَزَّلَتْ بِبُيُوتِهِمْ / سُوَرُ الكِتَابِ ورُتّلَتْ تَرْتِيلا
الحَامِلِينَ مِنَ الأَمَانَةِ ثِقْلَهَا / لا مُصْعِرِينَ ولا أَصَاغِرَ مِيلا
والطَّامِسِينَ من الجهالَةِ غَيْهَبَاً / والمُطْلِعِينَ مِنَ النُّهَى قِنْدِيلا
والجَاعِلينَ بُيوتَهُمْ وقُبورَهُمْ / للسَّائِلينَ عَنِ الكِرَامِ دِلِيلا
شَدَّتْ عُرُوقَكَ من كَرَائِمِ هاشِمٍ / بِيضٌ نَمَيْنَ خَديجةً وبَتُولا
وحَنَتْ عَلَيْكَ من الجُدُودِ ذُؤابَةٌ / رَعَتِ الحُسَيْنَ وجَعْفَراً وعَقِيلا
هذي قُبُورُ بَنِي أَبِيكَ ودُورُهُمْ / يَمْلأنَ عُرْضَاً في الحِجَازِ وطُولا
مَا كَانَ حَجُّ الشَّافِعِينَ إليهِمُ / في المَشْرِقَيْنِ طَفَالَةً وفُضُولا
حُبُّ الأُلَى سَكَنُوا الدِّيَارَ يَشُفُّهُمْ / فَيُعَاوِدُونَ طُلُولَها تَقْبِيلا
يا ابنَ النَبِيّ وللمُلُوكِ رِسَالَةٌ / مَنْ حَقَّهَا بالعَدْلِ كَانَ رَسُولا
قَسَمَاً بِمَنْ أَوْلاكَ أوْفَى نِعْمَةٍ / مِنْ شَعْبِكَ التَّمْجِيدَ والتأهِيلا
أَني شَفَيْتُ بِقُرْبِ مَجْدِكَ سَاعَةً / من لَهْفَةِ القَلْبِ المَشُوقِ غَلِيلا
وأَبَيْتَ شَأْنَ ذَوِيكَ إلاّ مِنَّةً / لَيْسَتْ تُبَارِحُ رَبْعَكَ المَأْهُولا
فوَسَمْتَني شَرَفَاً وكَيْدَ حَوَاسِدٍ / بِهِمَا أَعَزَّ الفَاضِلُ المَفْضُولا
ولسوفَ تَعْرِفُ بعدَها يا سيّدي / أَنِّي أُجَازِي بالجَمِيلِ جَمِيلا
أرجُ الشبابِ وخمرُه المسكوبُ
أرجُ الشبابِ وخمرُه المسكوبُ / لَيفوحُ من أردانِكُمْ ويطيبُ
ومنَ الربيعِ نضارةٌ بوجوهكم / تَنْدىَ ومن شهدِ الحياةِ ضَريبُ
ومنَ الفُتوّةِ سَلْسَلٌ متحدرٌ / مما يفيضُ يكادُ يُترَعُ كوبُ
وَلأنتُمُ إن غاب نجمٌ يُقتدى / أو حُمَّ خَطبٌ حالِكٌ غِرْبيب
وتأزمت كُرَبٌ وضاقت خطّةٌ / واستوحشتْ طرقٌ لنا ودُروب
سُرُجٌ تنير الخابطين وأنْجُمٌ / نغدو على أضوائها وَنَؤُوب
تتجهّمُ الدُّنيا ويعبسُ باسمٌ / منها ويعتوِرُ الحياةَ قُطُوب
حتى إذا ابتسمَ الشبابُ تذَوَّبَتْ / كالغيمِ في الصّحوِ الجميلِ يذوب
يا عاكفينَ على الدُّروس كأنَّهُم / غُلْبُ الصُّقورِ من الظَماء تلوب
والعازفين عن اللذائذِ همُّهمْ / جَرَسٌ يُدقُّ ومِنبرٌ وخطيب
تركوا مواعيدَ الحِسانِ وعندَهُم / بين المقاعدِ مَوْعدٌ مَضروب
أشهى من الوجهِ الجميلِ إليهمُ / وجهُ الكتابِ وَوُدُّهُ المخطوب
إن العراقَ بلا نصيرٍ منكم / وبلا مُجيرٍ مُقفِرٌ وجديب
عاشت سواعدُكُم فهن ضوامنٌ / أن يُسْتَرَدَّ من الحقوقِ سليب
وَزَكتْ عواطِفُكُمْ فأَيةُ ثروةٍ / منها نكافيءُ مُخلِصاً ونُثيب
وَلأْنتُمُ أنْتُمْ وليس سواكمُ / أملُ البلادِ وذُخْرُها المطلوب
وَلأْنتُمُ إذ لا ضمائرَ تُرْتَجَى / للرافدَيْن ضمائرٌ وقلوب
ولأنتُمُ إن شوّشتْ صفحاتِنا / مما أُجِدَّ نقائصٌ وذُنوب
الطّاهرونَ كأنهمْ ماءُ السّما / لم يَلْتَصِقْ دَرَنٌّ بِهِمْ وعيوب
إنّا وقد جُزْنا المَدَى وتقاربتْ / آجالُنا وأمضّنا التجريب
وتحالفتْ أطوارُنا وتمازَجَتْ / ونبا بنا التَقريعُ والتأنيب
وتخاذَلَتْ خُطواتُنا من فَرْط ما / جَدَّ السُّرى والشدُّ والتقريب
لنَراكُمُ المثلَ العليَّ لأمّةٍ / ترمي إلى أهدافها وتُصيب
هي أُمّةٌ لم تحتضن آمالها / وغداً إلى أحضانِكُمْ ستؤوب
وغداً يُكفَّرُ والدٌ عما جنى / ظلماً على يدِ إبنه ويتوب
فتماسكوا فغدٌ قريبٌ فَجْرُهُ / منكم وكلُّ مُؤمَّلٍ لَقَريب
وِتَطلّعوا يُنِرِ الطريقَ أمامَكم / قَبَسٌ يشعُّ منارهُ مَشبوب
وتحالفوا أنْ لا يُفّرِقَ بينكم / غاوٍ .ولا يَنْدسَّ فيكُمْ ذيب
وتذكّروا المستعمرينَ فانَّهُمْ / سَوْطٌ على هذي البلادِ وحُوب
فتفهمّوا إنَّ العراق بخيره / وثرائه لطَغامِهِمْ منهوب
وتميزوا فهناك وجهٌ سافرٌ / منهمْ وآخرُ بالخنا محجوب
وسويّة في خِزيّةٍ مستعمرٌ / أو مَنْ يُقيمُ مقامَه ويُنيب
إياكُمُ أنْ تُخدعوا بنجاحكم / فيما هو المقروءُ والمكتوب
أو تَحْسَبوُا أن الطريقَ كعهدِكم / بين الصفوفِ " معبّدٌ " ورحيب
ان الحياة سيبلوَنَّ جهادَكم / منها نجاحٌ مرهِقٌ ورسوب
ومُسَهَّدينَ جزاهُمُ عن ليلِهِمْ / اللهُ والتعليمُ والتدريب
أضناهُمُ تعبٌ وخيرُ مجاهدٍ / مُضنى يُعَبِّئُ أمّةً " متعوب "
أأُخيَّ " عبودٌ " ولستَ بمُعوِزٍ / مدحاً ولكنَّ الجُحودَ مَعيب
إن كان مسَّك و الحسينَ كلالةٌ / أو كان نالكما عناً ولُغُوب
فلأنتما والشاعرون سويةٌ / كالشمع يَهدي غيرَه ويذوب
أُلاء غرسُكما فهل مِنْ غارسٍ / يزكو كهذا غرسُه ويَطيب
وهلِ الخلودُ ألَذُّ مما أنتما / فيه وأمرُ الخالدينَ عجيب
لا يحسبون وجودَهم ووجودُهم / قبلَ الوجودِ وفوقه محسوب
لا درّ درّك من ربوع ديار
لا درّ درّك من ربوع ديار / قُرْبُ المزار بها كُبعْد مزار
يهفو الدّوار برأس من يشتاقها / ويصابُ وهو يخافها بدوار
لكأن طَيفكِ إذ يطوف بجنةٍ / غّناء يمسخها بسوح قفار
لا درّ درّكِ عرية غطى بها / من لعنة التاريخ شرُّ دثار
واستامها فلك النحوس وشوّهت / مما يدوّرُ دورة ُ الأقمار
عشرون قرناً وهي تسحب فوقها / بدم ٍ ذيول مواكب الأحرار
لم يْرو ِ فيها (الراقدين) على النهي / وعلى النبوغ غليل حقد وار
هوت الحضارة فوقها عربية ً / وتفردت (آشورُ) بالآثار
ومشت لوادي(عبقر ٍ) فتكفَّلت / بعذاب كل مدوّخ ٍ قهار
بابن المقفع ِ وابن قدوس / وبا لحلاّج والموحى له بشَّار
وبمالئ الدنيا وشاغل أهلها / وبأيما فلك لها دوّار
بأبي(مُحَسَّدَ ) وهي تقطع صلبه / لم يدري عارٌ مثل هذا العار
ديست رؤوس الخيريين وعُطّرت / أقدام فجّار ِ بها أشرار
وتُنوهبت مِزقاً لكل مُخنثٍ / أوصال فحل ٍ خالق هدّار
لا كنت من حجر ٍ(تبغدد) حوله / عّبادُ أصنام ٍ به أحجار
نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي
نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي / حَرَسَتْكِ آلِهة ُالطَّعامِ
نامي فإنْ لم تشبَعِي / مِنْ يَقْظةٍ فمِنَ المنامِ
نامي على زَبَدِ الوعود / يُدَافُ في عَسَل ِ الكلامِ
نامي تَزُرْكِ عرائسُ الأحلامِ / في جُنْحِ الظلامِ
تَتَنَوَّري قُرْصَ الرغيفِ / كَدَوْرةِ البدرِ التمامِ
وَتَرَيْ زرائِبَكِ الفِساحَ / مُبَلَّطَاتٍ بالرُّخَامِ
نامي تَصِحّي! نِعْمَ نَوْمُ / المرءِ في الكُرَبِ الجِسَامِ
نامي على حُمَةِ القَنَا / نامي على حَدِّ الحُسَام
نامي إلى يَوْمِ النشورِ / ويومَ يُؤْذَنُ بالقِيَامِ
نامي على المستنقعاتِ / تَمُوجُ باللُّجَج ِ الطَّوامِي
زَخَّارة ً بشذا الأقَاحِ / يَمدُّهُ نَفْحُ الخُزَامِ
نامي على نَغَمِ البَعُوضِ / كأنَّهُ سَجْعُ الحَمَامِ
نامي على هذي الطبيعةِ / لم تُحَلَّ به ميامي
نامي فقد أضفى العَرَاءُ / عليكِ أثوابَ الغرامِ
نامي على حُلُمِ الحواصدِ / عارياتٍ للحِزَامِ
متراقِصَاتٍ والسِّيَاط ُ / تَجِدُّ عَزْفَاً رْتِزَامِ
وتغازلي والنَّاعِمَات / الزاحفاتِ من الهوامِ
نامي على مَهْدِ الأذى / وتوسَّدِي خَدَّ الرَّغَامِ
وا;ستفرِشِي صُمَّ الحَصَى / وَتَلَحَّفي ظُلَلَ الغَمَامِ
نامي فقد أنهى مُجِيعُ / الشَّعْبِ أيَّامَ الصِّيَامِ
نامي فقد غنَّى إلهُ / الحَرْبِ ألْحَانَ السَّلامِ
نامي جِيَاعَ الشَّعْبِ نامي / الفَجْرُ آذَنَ بانْصِرامِ
والشمسُ لنْ تُؤذيكِ بَعْدُ / بما تَوَهَّج من ضِرَامِ
والنورُ لَنْ يُعْمِي! جُفوناً / قد جُبِلْنَ على الظلامِ
نامي كعهدِكِ بالكَرَى / وبلُطْفِهِ من عَهْدِ حَامِ
نامي.. غَدٌ يسقيكِ من / عَسَلٍ وخَمْرٍ ألْفَ جَامِ
أجرَ الذليلِ وبردَ أفئدةٍ / إلى العليا ظَوَامِي
نامي وسيري في منامِكِ / ما استطعتِ إلى الأمامِ
نامي على تلك العِظَاتِ / الغُرِّ من ذاك الإمامِ
يُوصِيكِ أن لا تطعمي / من مالِ رَبِّكِ في حُطَامِ
يُوصِيكِ أنْ تَدَعي المبا / هِجَ واللذائذَ لِلئامِ
وتُعَوِّضِي عن كلِّ ذلكَ / بالسجودِ وبالقيامِ
نامي على الخُطَبِ الطِّوَالِ / من الغطارفةِ العِظَامِ
نامي يُسَاقَطْ رِزْقُكِ المو / عودُ فوقك بانتظامِ
نامي على تلكَ المباهجِ / لم تَدَعْ سَهْمَاً لِرَامِي
لم تُبْقِ من نُقلٍ يسرُّكِ / لم تَجِئْهُ .. ومن إدَامِ
بَنَتِ البيوتَ وَفَجَّرَتْ / جُرْدَ الصحارى والموامي
نامي تَطُفْ حُورُ الجِنَانِ / عليكِ منها بالمُدَامِ
نامي على البَرَصِ المُبَيَّضِ / من سوادِكِ والجُذَامِ
نامي فكَفُّ اللهِ تغسلُ / عنكِ أدرانَ السَّقَامِ
نامي فحِرْزُ المؤمنينَ / يَذُبُّ عنكِ على الدَّوَامِ
نامي فما الدُّنيا سوى جسرٍ! / على نَكَدٍ مُقَامِ
نامي ولا تتجادلي / القولُ ما قالتْ حَذَامِ
نامي على المجدِ القديمِ / وفوقَ كومٍ من عِظَامِ
تيهي بأشباهِ العصامِيّينَ! / منكِ على عِصَامِ
الرافعينَ الهَامَ من جُثَثٍ / فَرَشْتِ لَهُمْ وهَامِ
والواحمينَ ومن دمائِكِ / يرتوي شَرَهُ الوِحَامِ
نامي فنومُكِ خَيْرُ ما / حَمَلَ المُؤَرِّخُ من وِسَامِ
نامي جياعَ الشعبِ نامي / بُرِّئْتِ من عَيْبٍ وذَامِ
نامي فإنَّ الوحدةَ العصماءَ / تطلُبُ أنْ تنامي
نامي جِيَاعَ الشَّعْبِ نامي / النومُ مِن نِعَمِ السلام
تتوحَّدُ الأحزابُ فيه / ويُتَّقَى خَطَرُ الصِدامِ
تَهْدَا الجموعُ بهِ وتَستغني / الصُّفوفُ عَنِ انقسامِ
إنَّ الحماقةَ أنْ تَشُقِّي / بالنُهوضِ عصا الوئامِ
والطَّيْشُ أن لا تَلْجَئِي / مِن حاكِمِيكِ إلى احتكامِ
النفسُ كالفَرَسِ الجَمُوحِ / وعَقْلُها مثلُ اللجامِ
نامي فإنَّ صلاحَ أمرٍ / فاسدٍ في أن تنامي
والعُرْوَةُ الوثقى إذا استيقَظْ / تِ تُؤذِنُ بانفصام
نامي وإلا فالصُّفوفُ / تَؤُول منكِ إلى انقِسامِ
نامي فنومُكِ فِتْنَة ٌ / إيقاظُها شرُّ الأثامِ
هل غيرُ أنْ تَتَيَقَّظِي / فتُعَاوِدِي كَرَّ الخِصامِ
نامي جياعَ الشعبِ نامي / لا تقطعي رِزْقَ الأنامِ
لا تقطعي رزقَ المُتَاجِرِ / والمُهَنْدِسِ والمُحَامِي
نامي تُرِيحِي الحاكمينَ / من اشتباكٍ والتحَامِ
نامي تُوَقَّ بكِ الصَّحَافَةُ / من شُكُوكٍ واتِّهَامِ
يَحْمَدْ لكِ القانونُ صُنْ / عَ مُطَاوِعٍ سَلِسِ الخُطَامِ
خَلِّ الهُمَامَ! بنومِكِ / يَتَّقِي شَرَّ الهُمَامِ
وتَجَنَّبِي الشُّبُهَاتِ في / وَعْيٍ سَيُوصَمُ اجْتِرَامِ
نامي فجِلْدُكِ لا يُطِيقُ / إذا صَحَا وَقْعَ السِّهَامِ
نامي وخَلِّي الناهضينَ / لوحدِهِمْ هَدَفَ الرَّوَامِي
نامي وخَلِّي اللائمينَ / فما يُضِيرُكِ أن تُلامِي!
نامي فجدرانُ السُّجُونِ / تَعِجُّ بالموتِ الزُّؤَامِ
ولأنتِ أحوجُ بعدَ أتعابِ / الرُّضُوخِ إلى جِمَامِ
نامي يُرَحْ بمنامِكِ الزُّ / عَمَاءُ! من داءِ عُقَام
نامي فحقُّكِ لن يَضِيعَ / ولستِ غُفْلاً كالسَّوَامِ
إن الرُّعَاةَ! الساهرينَ / سيمنعونَكِ أنْ تُضَامِي
نامي على جَوْرٍ كما / حُمِلَ الرَّضِيعُ على الفِطَامِ
وَقَعي على البلوى كما / وَقَعَ الحُسامُ! على الحُسامِ
نامي على جَيْشٍ مِنَ / الآلامِ محتشدٍ لُهَامِ
أعطي القيادةَ للقضاءِ / وحَكِّمِيهِ في الزِّمَامِ
واستسلمي للحادثاتِ / المشفقاتِ على النِّيَامِ
إنَّ التيقظَ - لو علمتِ- / طليعةُ الموتِ الزؤامِ
والوَعْيُ سَيْفٌ يُبْتَلَى / يومَ التَّقَارُعِ انْثِلامِ
نامي شَذَاةَ الطُّهْرِ نامي / يا دُرَّةً بينَ الرُّكَامِ
يا نبتةَ البلوى ويا / ورداً ترعرعَ في اهتضامِ
يا حُرَّةً لم تَدْرِ ما / معنى اضطغانٍ وانتقامِ!
يا شُعْلَةَ النُّورِ التي / تُعْشِي العُيُونَ بلا اضطرامِ!
سُبحانَ رَبِّكِ صُورةً / تزهو على الصُّوَرِ الوِسَامِ
إذْ تَخْتَفِينَ بلا اهتمامٍ / أو تُسْفِرينَ بلا لِثَامِ
إذْ تَحْمِلِينَ الشرَّ صا / برةً مِنَ الهُوجِ الطَّغامِ
بُوركْتِ من شَفْعٍ فإنْ / نزلَ البلاءُ فمن تُؤَامِ
كم تصمُدِينَ على العِتَابِ / وتَسْخَرينَ من الملامِ!
سُبحانَ ربِّكِ صورةً / هي والخطوبُ على انسجامِ
نامي جياعَ الشعبِ نامي / النومُ أَرْعَى للذِّمَامِ
والنومُ أَدْعَى للنُزُولِ / على السَّكِينَةِ والنِّظَامِ
نامي فإنَّكِ في الشَّدائدِ / تَخْلُصِينَ من الزِّحَامِ
نامي جياعَ الشَّعْبِ لا / تُعْنَيْ بِسَقْطٍ من كلامي
نامي فما كانَ القَصِيدُ / سوى خُرَيْزٍ في نظامِ
نامي فقد حُبَّ العَمَاءُ / عَنِ المساوىء والتَّعَامِي
نامي فبئسَ مَطَامِعُ الوا / عِينَ! من سَيْفٍ كَهَامِ
نامي: إليكِ تحيّتِي / وعليكِ نائمةً سلامي
نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي / حَرَسَتْكِ آلهةُ الطعامِ
يا علم قد سعدت بك الأوطان
يا علم قد سعدت بك الأوطان / فليسم منك على المدى سلطان
وليسق حبّيك العراق ليشتفي / منه الغليل ويرتوي الظمآن
هذِّب لنا أخلاق أهليه فقد / غشّى عليها الجهل والعدّوان
ياأيّها النشىء الجديد تسابقاً / بالعلم إن حياتكم ميدان
صونوا البلاد فانما عزماتكم / قضب ومن أقلامكم خرصان
يا شعب هل تخشى ضياعاً بعدما / حاطت عليك حياضك الشبان
شادوا المدارس بالعلوم تنافساً / فكأنَّما بين البلاد رهان
يا جهل رفقاً بالشعوب فأهلها / كادت تذيب قلوبها الأضغان
لا لن تفرقنا الحدود ولم تكن / تدري الحواجز اخوة جيران
ماذا يريد اللائمون فانّه / وطن يحبُّ وحبُّه إيمان
سنذود عنه بعزم حر صادق / منه ضمير يستوي ولسان
لا يرتضي إلا المنية منهلا / أو منزلاً من دونه كيوان
لي فيك آمال وصدق عزائم / لا بد تنشر طيَّها الأزمان
ولئن هتفت بما أجن فعاذر / فلقد اضر بصدري الكتمان
يا موطن النُّجد الغزاة هضيمة / كيف ارتقت عن شأنك الأوطان
ماذا التواني منك في شوط العلى / هلا نهضت وكلنا أعوان
إن تخش سطوة ظالم فلقد ترى / والغرب منه لحكمك الاذعان
غرُّوك اذ دارت كؤوس خداعهم / حتى سكرت فعقَّك النُّدمان
أمن المروءة أن تنال حقوقها / لقط وأنت نصيبك الحرمان
بئست علاقة واغلين وإنما / عيش الكريم مع اللئيم هوان
قد سرَّ اكناف الجزيرة ما رووا / يا مصر عنك ومادت الأركان
مديِّ برجك للعراق يبن له / نهج الرشاد أمدَّك الرحمن
يا أيها الوطن المفدى دونه / يوم الفداء الأرض والأوطان
فدّتك ناشئة البلاد وشمرت / لك عن سواعد عزمها الفتيان
زاحم بمنكبك النجوم ولا يطل / شرفا عليك ببرجه " كيوان "
وارع الشباب وصن كريم عهودهم / فهم لصفحة مجدك العنوان
الروح أشْقَتني وجُلَّ صَحابتي
الروح أشْقَتني وجُلَّ صَحابتي / ما أشقتِ الشعراءِ إّلا الروحُ
توسي الجروحُ وليس يوسي شاعرٌ / بصميم إحساساته مجروح
في القلب من أثرِ الهُموم ووَسْمِها / سِمةٌ على النَّفَسِ الحزينِ تلوح
فَنِيَتْ قوافٍ ما قرحن وإنما / خلدت بذكرى " ذى القروح " قروح
ولَكَمْ طَرِبتُ فما أجَدتُ وحسبكم / أني أُجيد الشعر حين أنوح
أما التباريحُ الحِرارُ فإنها / للنَفْس مما تشتكي ترويح
يا موطناً عَزّت به " خرطوشةٌ " / ذُلاًّ وهانَ دمٌ له مسفوح
لولا اتقاءُ رواصدٍ مبثوثةٍ / هتكتْ مُتونَ المجملات شروح
ولقد يَحسُ الشاعرون بأنهم / عبءٌ على أوطانِهِم مطروح
حتى مَ هذا الوعدُ والايعادُ
حتى مَ هذا الوعدُ والايعادُ / وإلام ذا الابراقُ والارعادُ
أنا إن غصصتُ بما أحسُّ ففي فمي / ماء وبين جوانجي إيقاد
يا نائمينَ على الأذى لا شامُكم / شامٌ ولا بغدادُكُمْ بغداد
تلك المروج الزاهراتُ تحولت / فخلا العرينُ وصوّح المرتاد
هُضِمت حقوقُ ذوي الحقوق وُضيِّعت / تلك العهودُ وخاست الآساد
أعزِزْ على الأجدادِ وهي رمائم / أن لا تُعزَّ تراثَها الأحفاد
فزِعت الى تلك المراقد في الثرى / لو كان يُجدي بالثرى استنجاد
قَرِّى شعوبَ المَشرقَيْنِ على الأسى / ميعادُ فكِّ أسارِك الميعاد
أخذوا بأسباب السماء تعالياً / واستنزلوكِ الى الثرى أو كادوا
يسمو الخيال بنا ويسمو جهُدهم / بِهمُ فكلُّ عنده منطاد
ايهٍ زعيم الشرق نجوى وامق / لَهجٍ بذكركَ هزَّهٌ الانشاد
ان فَتَّ في عضُدِ الخِلافة ساعدٌ / فلكَمْ هوت بسواعد أعضاد
ولكم تضرَّت في القلوب عواطفٌ / ثم انثنت وكأنهنَّ رماد
خُطَّت على صفحات عزمك آيةٌ: / إن الحياة ترفعٌ وجهاد
حاطت جلالَك عصبةٌ ما ضرّها / أن أبرقت أن يكثُر الارعاد
أأنا منكم حيث الضُّلوع خوافق / يهفو بها التصويبُ والاصعاد
انا شاعرٌ يبغى الوفاق موِّحد / بين الشُّعوب سبيلُه الارشاد
ما الفرسُ والأعراب إلا كَفتا / عدل . ولا الاتراكُ والأكراد
لم تكفنا هذي المطامع فُرقةٍ / حتى تُفرِّقَ بيننا الأحقاد
ألغات هذا الشرق سيري للعلى / جنباً لجنب رافقتك الضاد
جِدُّوا فان الدهرَ جَدَّا
جِدُّوا فان الدهرَ جَدَّا / وتراكضُوا شِيباً ومُرْدا
وتحاشَدوا خَيرُ التسابق / للعُلى ما كانَ حَشْدا
صولوا بعزم ليس يصدأُ / حدُّه والسيفُ يصدأ
لا تَقعُدوا عن شحنِها / هِمَماً تَئِدُّ الدهرَ أدَّا
أوَلستُمُ خيرَ المواطنِ / موطناً وأعزَّ جُنْدا
فاز امرؤٌ عرف التقلُّبَ / في الليالي فاستعَدَّا
في لَوح ربِّك "آيةٌ " / خُطَّت على من كانَ جلْدا
لا ييأسَنْ من خاب ممسىً / أن ينالَ الأمر مَغدى
ذَلَّ امرؤٌ قعَدَت به / آمالهُ قَيْداً وَشدّا
بَينْا يُمَنِّي المرء خيراً / نفسَه اذ قيلَ أودَى
أينَ الذين اذا انحتْهم / شِدَّةٌ كانوا الأشَدّا
واذا الخطوبُ عَرَتْهُمُ / لم يضْرَعوا للخطب حَدّا
تَخذِوا الثباتَ سلاحَهُمْ / وتدَّرعوا حَزْماً وجِدّا
أبني مَعدَّ بلادُكم / لا تُغضِبوا فيها مَعَدا
وطنٌ مُفَدىً خيرُ ما / حَضَن الفَتى وطنٌ مُفدَّى
" الرافدان " بجانبيه / تجارَيا خمراً وشُهْدا
والزاهراتُ من الرياض / تضوَّعت أرَجاً ونَدّا
وكِسِتْ رُباه يد الطبيعة / من بديعِ الحُسْن بُردا
فَرْدُ الجمال وفي الغُلُّوِ بحبِّه / أصبحتُ فَرْدا
صبّاً نشأتُ وكلَّما / زادتْ سنيني زدتُ وَجْدا
وَطَنٌ اذا ذكروه لي / وبيَ الغليلُ وَجَدت بَرْدا
ولو استَفْفتُ ترابه / لوجدْتُ عيشي فيه رَغْدا
أعزِزْ بأني لا أطيقُ / لما دَهَى وطني مَرَدَّا
" الله " يَشهَد أنني / لم آلُهُ في النصح جُهْدا
لا تأسفَنْ وطني وكُنْ / ثَبْتاً على الأيام صَلْدا
ظُلمْ تَعدَّى حدَّه / والظلم يُردى إن تَعَدّى
" الله " يَجِزي خيرَ ما / جازَى به مولىً وَعبْدا
صِيداً " ليعرب " شَيِّدوا / عزاً وللأوطان مجدا
في ذمةِ الوطنِ الذي / بَذلوا له نَفْساً وَوُلْدا
رُوح بظلمٍ أُزِهقَت / وَدمٌ جَرَى ظُلْماً وَعَمدا
أفَكان عُقْبى مالَقوا / أن زادتِ النفقاتُ عَدّا
ويلي لغلِمة " يَعرُبٍ " / هدَّتْهم الأيامُ هَدّا
الجَور ألحَمَ بُردَة البَلوى / لَهم والضَيمُ سَدَّى
وَيلي لكّفٍ لم تجِدْ / عَضُدأً تصولُ به وزَنْدا
وَيلي لمن كانَتْ لهم / أيّامُهم خَصْماً ألَدّا
من أين دارُوا واجهوا / نكبِاتها سُودا ورُبْدا
هَوَتِ العروشُ كأنما / بعضٌ بشَرِّ البعضِ يُعدَى
فَقَدَتْ " دِمشقٌ " زَهوهَا / وجمالُ " بغدادٍ " تَرَدَّى
وجزيرةُ " العُرب " ازدرَتْ / نُورَ " النبوة " فاستُرِدَّا
باتت بها أحقادُها / يوسِعْنَ خَرقاً لن يُسَدّا
خلِّ النديم فما يكون رحيقُهُ
خلِّ النديم فما يكون رحيقُهُ / وأدر لَماك إذا غفا إبريقُهُ
لم يُصبني كأسُ النديم وخمرُهُ / لو دام لي ثغر الحبيب وريقه
أن تحمِ عن أهل الهوى كأس اللَّمى / فالخمرُ أجود ما يكون عتيقه
حاشا لعهدك بعد ما عوذتَه / بدقيق خصرك أن يُحَلَّ وثيقه
عين تؤرقها عدتك قروحها / وحشاً تؤججه عداك حريقه
حمّل فؤادي ما تشاء يُطق به / إلاّ جفاكَ فذاك لست أطُيقه
ما نسبة الخَصرْ النحيف مع الحشا / فهل استُعير من الوشاح خفوقه
أنا ليس لي عنه غنى فلو ارتضى / دينَ المسيح فانني بِطْريقه
لا أدّعي هجر الخيال وإنما / أرَّقْتُ اجفاني فَسُد َّ طريقه
طرف تنازعه هوىً ومهابة / هذاك يجذِ به وذاك يعوقه
أم كيف يسلو عنك نشوان ومِن / كأس الغرام صَبوحهُ وغَبوقه
قالوا : نَزالِ . فقلت : هل يخشى الوغى / قلبي واسمر قده معشوقه
كذَب الوُشاة فما يزال كعهده / رَغم الصدود يشوقني وأشوقه
ما راق في عيني سواه ولا انثني / شئ سواي عن الأنام يروقه
بالرغم مني بعد طول تواصل / أرضى بطيف منك عز طُروقه
وقف البيان عليكما فتغزُ لي / بك والثناء إلى " علي " أسوقه
ما أبعدَ الشأوين هذا إن يضيق / منه الحشا فبذا يُفَرَّج ضيقه
دع عنك من كعبٍ وحاتِم إنما / للّجود معنى عنده تحقيقه
المجد ما روجت فيه بضائعاً / للمكرُمات فما عُكاظُ وسوقه
نسب زهت بابي الجواد فروعُه / وإلى محمدِ ينتمين عروقه
ذو عزمة مشهورة لو طاردت / شُهْبَ السما ما عاقه عَيُّوقه
صال العدى فقست صلود صفاته / وسرى الندى فاهتز منه وريقه
لو يدَّعي الحساد شأوك في العلى / لعريق مجدك يُستَذمُّ عريقه
أنعم بليلتك التي قضَيتها / والبدرُ من بين السُّتور شروقه
لله أيُ رِتاج باب رمتَه / حتى استُبيح بهجمة مغلوقه
عجباً لقلبٍ بالوصال تروعه / ودمٍ بلا ذنب هناك تُريقه
لي فيك صوغٌ للبلاغة لو خلا / جيدُ الفتاة لزانها منسوقه
أرفدتُه لك لا كبائر سلعة / لكن كما هنّا الصديق صديقه
دُمتم على مر الزمان مباهيا / بكمُ وأخطي جمعكم تفريقه
أسفا تبيت رباك وهي مدرّة
أسفا تبيت رباك وهي مدرّة / للرزق رهن الفقر والاملاق
خدعوك إذ سمّوا قيودك حلية / ما أسبه الاصفاد بالأطواق
لك في العراق جوانح ملهوفة / تشكو الذي تشكينه وتلاقي
أني شآمي إذا نسب الهوى / وإذا نسبت لموطن فعراقي
ويذيع منك البرق كامن لوعتي / فيدي على قلبي من الاشفاق
رقت طباع بنيك فهي إذا انبرت / سألت كصفو نميرك الرقراق
كم في الجوانح لي إليهم زفرة / كمنت ليوم تزاور وتلاقي
ورسائل برقية مهزوزة / اسلاكها من قلبي الخفاق
أما الهوى فدليله شرقي متى / ذكروا رباك بدمعي المهراق
أرقت أجفاني فلو راودتها / غمضاً لما طاوعن في الاطباق
قالوا : دمشق فقلت : غاية الربى / قالوا : لذاك تطاول الاناق
أبن الشام سلام صب واجد / يهدي إليكم أكرم الأعلاق
يهفو إليكم لوعة لا مدَّعي / ما أهون الدعوى على العشاق
أنا ما بكيت الشعر ذل وإنما / أبكي الشعور يباع في الأسواق
أنا للتجاذب نقطة إن سَّرني / لقياكم ساء العراق فراقي
ما كان أصفى ما أسال من الهوى / هذا اليراع بهذه الأوراق
لمنِ المحافلُ جمّة الوُفّادِ
لمنِ المحافلُ جمّة الوُفّادِ / جَلَّ المَقام بها عن الانشادِ
مَنْ زان صدرَ المجلس الأعلى وقد / طفح الجلال بحيثُ فاض النادي
مِن صاحبُ السِّمة التي دَّلت على / أدب الحضارة في جمال البادي
يا نجلِ " سوريا " وتلك مزية / شهِدت بها بمهارة الأولاد
في كل يوم للمحافل رنةٌ / لك من نيويوركٍ إلى بغداد
ما قدرُ هذا الاحتفالِ وإنما / كلُ الزمان محافلٌ ونوادي
تَعْدادُ مجد المرء منقصة إذا / فاقت مزاياه عن التَّعْداد
يا كاشف الآثار زور أهلها / وكفت بذوُرك عندهم من زاد
رُحماكِ بالامم الضَّعاف هوت بها / إحنٌ فَمُدَّ لها يدُ الأسعاد
وأشفق على تلك الجوانح إنها / حُنيت أضالعُها على الأحقاد
وَّجدْ بدعوتك القبائل تهتدي / عن غَيِّها ولكل شعب هادي
إقرأ على " مصر " السلامَ وقل لها / حَيَّتْ رباكِ روائحٌ وغوادي
لا توحشي دارَ الرشيد فانها / وقفٌ على الإبراق والإرعاد
وتصافحي بيد الاخاء فهذه / كفُّ العراق تمُدُ حبل وداد
لا تْرهَبَنَّكِ قسوةٌٌ من غاصبٍ / عاتٍ فان الحق بالمرصاد
لا تَخْدعَنَّك حِليةٌ موهومة / ما أشبه الأطواقَ بالأقياد
ما أنصفوا التاريخ وهو صحائف / بيض نواصع لفعت بسواد
أمثقِفَ القلم الذي آلى على / أن ليس ترجَحُ كفهُ استعباد
ومشَّيداً ركناً يلتجى / منه بأمنعِ ذمة وعماد
أنصِفْ شكية شاعر قد حَّلقت / بالصبر منه فظائع الأنكاد
إني سمعت وما سمعت بمثله / نبأً يرن على مدى الآماد
سورية أمُّ النوابغ تغتذي / هدفَ العداة فريسةَ الأوغاد
تُّضحي على البلوى كما تُمسي وقد / خَفَت الزئيرُ فريسةَ الآساد
لم تكفِها الظُّلَمَ التي / غَشيتْ ولم تَهمُمْ بقدح زناد
أكذا يكون على الوداد جزاؤها / أم لست من ابنائها الأمجاد
حنَّت إليك مرابعٌ فارقتها / لو أن بُعداً هز قلبَ جماد
حدث عن الدنيا الجديدة إنها / أم الشعوب حديثة الميلاد
ماذا تقول غداً إذا بك حدَّقت / خُوْصُ العيون بمحضر الأشهاد
وتساءل الاقوامُ عنّا هل نما / فينا الشعور وما غناء الحادي
وتعجَّبوا من مهبِط الوحي الذي / سمِعوا وليس سوى قرارةِ وادي
وعلمت ما في الدار غيرُ تشاجر / وتطاحن ومذلة وفساد
أتذيع سرّ حضارةٍ ان غُيبَّت / منها السرائر فالرسوم بوادي
" كل المصائب قد تمر على الفتى / فتهون غير شماتة الحُسّاد"
قل إن سُئلتَ عن الجزيرة مُفصحاً / ما أشبهَ الأحفادَ بالأجداد
ما حُوِّلت تلك الخيامُ ولا عَدَتْ / فينا على تلك الطباع عوادي
نارُ القِرى مرفوعةٌ وبجنبها / نارُ الوغى مشبوبةُ الايقاد
أبقيةَ السلف الكريم عجيبةٌ / ما غيرتكِ طوارئ الآباد
ما لوَّثَتْ منك الحقائبُ مسحة / موروثةً لك قبلَ أعصر عاد
ما للحوادث فاجأتكِ كأنها / كانت على وعد من الأوعاد
نام " الرشيد " عن العراق وما درى / عن مصره فرعون ذو الأوتاد
حالت عن العهد البلاد كأنها / لبست لفقدِهُمُ ثياب حِداد
واستوحشت عرصاتُها ولقد تُرى / دارَ الُوفادة كعبة الوُفاد
إذ مُلْكُها غض الشباب وروُضها / زاهي الطراز مفوف الأبراد
وعلى الحِمى للوافدينَ تطلع / بتعاقب الاصدار والايراد
أغرى بها الاعداءَ صيقلُ حسنها / وجنت عليها نَضْرةُ المرتاد
فتساندوا بعد اختلاف مطامع / أن لا يقيمَ الشرقَ أيَّ سناد
وإذا أردتَعلى الحياة دلائلا / لم تلق مثلَ تآلف الأضّداد
إن هزكمْ هذا الشعورُ فطالما / لانَ الحديدُ بضربة الحداد
او تنكروا مني حماسة شاعر / فالقومُ قومي والبلاد بلادي
عَجِلَتْ على وطني الخطوبُ فحتَّمت / ان لا يقَرَّ وسادهُ ووسادي
عاودتُ بعد تغيُّبٍ لُبنانا
عاودتُ بعد تغيُّبٍ لُبنانا / ونزلتُ رَحْبَ فِنائه جَذلانا
ودَرَجتُ اقتنصُ الشباب خَسِرتُه / ذا رِبحةٍ ورَبِحته خسرانا
فوجدتُ رَيْعان الجمالِ ولم أسَأ / أني أضعت من الصبا ريعانا
ووجدتُ في مرح الحياة طفولتي / وشبيبتي وكهولتي سِيّانا
ونقضتُ بيني والكوارثِ مَوثِقاً / وأخذت من عَنَتِ الزمان أمانا
وأقَمت من يَومي لأمسيَ حاجزاً / وضَرَبت سَداً بينَنا النِسيانا
وطلَبتُ عونَ قريحتي فوجدتُها / سمحاءَ تبذُل خيرَها مِعوانا
وأثرتُ هاجعةَ القوافي لم تجد / في الراقدين لركضة ميدانا
قام الجفافُ بعذرها واستامَها / خِصبُ الجبال مرونةً ولِيانا
وأريتها " حَمّانة " فرأتْ بها / مَلَكاً يمُدُّ الشعرَ لا شيطانا
وأردتُها تَصِف الحياة رقيقةً / وجليلةً وتُجيدها إتقانا
فشكَتْ إلى لُغىً تضيقُ حروفُها / عن أن تُسيغ السجعَ والأوزانا
" شاغورُ حمانا " ولم يَرَ جنةً / من لم يشاهدْ مرةً " حمانا "
مرْجٌ أرادتْه الطبيعةُ صورةً / منها على إبداعها عُنوانا
فحبتْه بالمُتَع الروائعِ كلِّها / ورَمَت عليه جمالَها ألوانا
المنتقاةَ من الحياة طبيعةً / والمصطفاة من البلاد مكانا
والخافقاتِ ظلالُها عن سَجسَجٍ / يَشفى الغَليل ويُثلجُ الظمأنا
والغامراتِ عيونُها وديانَها / وجبالَها وبقيعَها الفينانا
والغارقاتِ مروجُها في سُندُسٍ / خُضرٍ تَفوح من الشَذا أردانا
وادٍ تَلَفَّت ناشئاً فاذا به / بين الجبال تكفَّلَته حَنانا
واذا بها بمياهه وغياضِه / جاءَت تحوِّطُ مَرْجه بستانا
انظر إلى الجبل الأصمِّ بزرعِه / متبختراً وبضرعِه رَيّانا
لامستِ بالشك اليقينَ وزعزعَتْ / مرآكِ نفساً تنشُدُ الإيمانا
أمِنَ الجنان وخمرها لكِ صورةٌ / صوِّرَت عنكِ الجنانُ جنانا
عاودتُ ماءَكِ ناهلاً وحسبتُني / عاودتُ بعدَ تعفُّفٍ إدمانا
يا اختَ " لا مرتين " ارهفَ جوُك / الإحساسَ منه ولطَّفَ الوجدانا
هذي الينابيعُ الحسانُ تفجَّرتْ / منها ينابيعُ البَيان حِسانا
الخالداتُ خلودَ شمسك طلقةً / والسامياتُ سموَّ هضبِك شانا
والباعثاتُ من العواطف خيرَها / إيناسةً . وأرقَّها أحزانا
وحيٌ تنزَّلَ والندى ورسالةٌ / هَبَطتْ وأضواء النجوم قِرانا
في ساعةٍ أزَليةٍ بهباتِها / شأت الوحاة وبَزَّتِ الأزمانا
يا أيها النهرُ الذي بخريره / وَعَتِ العصورُ نشيدَهُ الرنّانا
يا أيها الجبلُ المَهيبُ بصمته / مترهِّباً يستلهمُ الأكوانا
يا أيها الشجَرُ الذي بحفيفِه / وفَّى الحياة ونورها شُكرانا
ما ضرَّ انك ما مَلَكتَ لسانا / ولأنت أفصحُ مَنطِقاً وبيانا
" شاغور حَمّانا " أثارَ بلُطفه / قِممَ الجبال وأرقَصَ الوديانا
فرشت له صُمُّ الصفا أذيالها / وتفتحَّت ثَغَراتُها أحضانا
ومَشَى عليها مالكاً ادراجها / متشوقاً لمسيله عَجْلانا
غَنِنَتْ به غُرُّ الضِفاف فخورةً / وزَهَا به يَبَسُ الثَرى جذلانا
وكسا الحشائشَ رونقاً لم تُعطَهُ / وجلا رُواءُ نميره العيدانا
وبدا الحَصَى اللمّاعُ في رَقراقه / دُرراً غواليَ تزدهي وجُمانا
تَرَكَ الجبالَ وعُريَها وهَجيرَها / وتقمَّصَ الاشجارَ والأغصانا
ورمى الخيالَ بمعجزٍ من حُسْنِهِ / في حالتَه كاسياً عُرْيانا
واستقبلته على الضِفاف بلابلٌ / نَشْوى تُغَنِّى مثلَه نَشْوانا
مُتَلوِّياً يُعطيك في لَفتاته / بين المسارب تائهاً حيرانا
ألقت عليه الشمسُ نُوراً باهتاً / زان الظلال رقيقةً وازدانا
وارتد إبّان الظهيرة غائماً / كالفجر يُعلن ضجةً اِيذانا
أوغَلتُ في أحراجه وكأنني / أصبحت أولَ مرَّةٍ فنّانا
وكأنني فيما أُحاولُ هاربٌ / حَذِرٌ مخافةَ ان يَرَى إنسانا
ووجدتُ نفسي والطبيعة ناسيا / ماذا يضمّ العالمان سوانا
ورميتُ أثقال المطامحِ جانباً / ووجدت عن خُدُعاتِها سُلوانا
وحسِبت عصفوراً يُلاعب ظلَّه / في الماءِ ينعمُ راحةً وأمانا
واستسلمتْ نفسي لاحلامِ الصبا / ولمَسْت طيف خيالها يقظانا
ومَزَجْتُ بين الذكريات خليطةً / فوجدتُني متلذِّذاً أسيانا
وتسلَّلتْ بالرَغم مني مرَّةً / صُورُ الحقائق تبعثُ الأشجانا
فإذا الخيال المحضُ يلمعُ زاهياً / وإذا الحقيقةُ تُطفىءُ اللمَعَانا
يا مستثيراً دمعةً صَمدتْ
يا مستثيراً دمعةً صَمدتْ / لطوارئِ الدّنيا فلم تَثُرِ
إنَّ التي صَعُبَتْ رياضتُها / أنزلتَها قسراً على قَدَر
وأسَلْتَها وهي التي عَجَزَتْ / عن أن تُسيلَ فوادحَ الغِيَر
ردتْ نداءَ كوارثٍ عَظُمَتْ / ودعا فلبَّتْ مَنطِقَ الوَتَر
هل عند أنْمُلَةٍ تُحَرِّكُها / باللطفِ إنَّ الدمعَ بالأثر
وهل الدموعُ ودفعُها وطرٌ / للناسِ تَدْري أنَّها وطري
ما انفكّتِ البلوى تُضايِقُني / حتى شَرَيْتُ النفعَ بالضرر
وَوَجَدْتُني بالدمعِ مبتهجاً / مثلَ ابتهاجِ الزرع بالمطر
غطّى العيونَ فلم تَجِدْ نَظَراً / دمعٌ أعزُّ عليّ من نَظَري
يا دمعةً غراءَ غاليةً / يَفْديكِ ما عندي من الغُرَر
من قابلاتٍ حكمَ مُنْتَقِدِ / وشجارِ مفتَخرٍ ومحتَقَر
لغة العواطفِ جلَّ مَنْطِقُها / عن أن يُقاسَ بمنطقِ البشر
فتّشتُ عنكِ فلم أجِدْ أثراً / حتى ظننتُ العينَ من حجر
ومَرَيْتُ جَفْني مَريَ ذي ثِقَةٍ / ورجعتُ عنك رجوعَ مُنْدَحِر
وغدوتُ أحْسُدُ كلَّ مكتئبٍ / ذي محجَرٍ بالدمع مُنْفَجِر
كم أزمةٍ لو كنتِ حاضرةً / فَرَّجْتِها بمسيلِك العَطِر
لو كنتِ عندي ما ثَقلتُ على / كأس الشراب ومجلس السَّمر
لغسلتُ جَفْناً راح من ظمأٍ / مُتَلَهباً مُتَطايِرَ الشَّرر
أنا بانتظارِكِ كلَّ آونةٍ / علماً بأن الحزنَ مُنْتَظِري
طال احتباسُكِ يسن مُخْتَنَقي / ومحاجري والآن َ فانحدري
كنتِ الأمينةَ في مخابِئها / وأراكِ بعدَ اليومِ في خطر
واذا امتنعتِ عليّ فاقتنعي / أنَّ " الكمنجةَ " خيرُ مُعْتَصَر
سيلي فلا تُبقي على غُصَصٍ / رانتْ على قلبي ولا تذَري
واستصحبِي جَزَعا يلائِمُني / وخذي اصطباري إخْذَ مُقْتَدر
فلقد أضرَّ بَسحنتي جَلَدي / فملامحي تُربي على عمري
كم في انكسار القلب من حِكَمٍ / لا عاش قَلْبٌ غَيرُ مُنْكَسِر
هذي الطبائعُ لا يُطَهِّرُها / مثلُ اصطلاءِ الهمِّ والكدر
وَلَرُبَّ نفسٍ بان رَوْنَقُها / جراءَ حُزْنٍ غير مُنْتَظَر
مُسَّ الكمنجةَ يَنْبَعِثْ نَفَسٌ / يمتدُّ في أنفاسِ مُحْتَضَر
في طوعِ كفكَ بَعْثُ عاطفتي / وخَلاصُها من رِبقةِ الضّجر
وأزاحني عن عالَمٍ قَذِرٍ / نَحْسٌ لآخرَ زاهرٍ نَضِر
بالسمعِ يَفْدي المرءُ ناظِرَهُ / وأنا فديتُ السَّمْعَ بالبصر
يا قلبُ – والنسيانُ مَضْيَعَةٌ - / هذا أوانُ الذِّكْر فادَّكِر
هذي تواقيعٌ مُحَلِّقَةٌ / بك في سماءِ تَخَيُّلٍ فَطِر
واستعرضِ الأيامَ حافةً / مكتظَّةً بِتَبايُنِ الصُّوَر
أذْكُر مسامَرَةً ومجْتَمَعاً / مزدانتين بقُبلَةِ الحَذر
مطبوعتين بقلبِ مثريةٍ / بالمغريات وقلبِ مُفْتَقِر
متفاهمين فما نبا وجل / لوقوعِ ذنبٍ غير مغتَفَر
أذْكُرْ تَوَسُّدَها ثنيَّتَها / وسنانةً محلولةَ الشعر
معسولةَ الأحلامِ ذاهبةً / بِخَيالِها لمدارجِ الصِّغَر
أذْكر يداً مرّتْ على بَدَنٍ / هي منهُ حتى الآن في ذُعُر
ولُيَيْلَةً بيضاءَ خالدةً / منها عرفت لذائذَ السفر
ثم اعطفِ الذكْرَى إلى جهةٍ / أُخرى تُرعْ بعوالِمٍ أُخَر
تُذْهلْ لمغتصَبٍ على مَضض / أمسى يقلَّبُ في يَدَيْ أشِر
بَدَنٌ بلا قلبٍ لدى أثِرٍ / عاتٍ على الشَّهَواتِ مُقْتَصِر
ثمرٌ بلا ظلٍ لديك كما / في أسرِهِ ظلٌّ بلا ثمر
كم مثلِ قلبِك ذاهبٌ هدَراً / لتحكُّماتِ الدين في البشر
سَلْمُ الزمانِ وإن حرصتً قَليلُ
سَلْمُ الزمانِ وإن حرصتً قَليلُ / لا بدّ أنْ سيغول شملَك غولُ
بالرغم مما رجفت أوهامُنا / ياتي المخوف ويُمنع المأمول
كم ذا يسرُّك أن تفوتَك ساعةٌ / طالت أأنت إلى الممات عجول
حقاً أقولُ وما الحِمامُ بتاركي / إني على كُرْه الرَّدَى مجبول
يكفي العقولَ جهالةً تعريفُها / للموت أنَّ سبيلَه مجهول
الليلُ مغبرُّ النجومِ حزينُها / والصبحُ في حبلِ الدُّجى موصول
والشمسُ كاسفةُ الجْببين مُُشيحةٌ / والبدرُ حيرانُ السُّرى مذهول
حزناً ليومَ أبي محمدَ إنّهُ / يومٌ على يومِ الحسابِ يطول
الله يَجْزيكَ الجميلَ فكلُّ ما / خلّفتَه في المسلمينَ جميل
المُعوِلاتُ عليك غُرُّ مكارمٍ / قامت عليها رنّةٌ وعويل
وطَنْتَ نفسَك للصِعاب فذُللت / إنّ الصعابَ يروضُها التذليل
وبذرتَ للأوطانِ أشرفَ بذرةٍ / ستطول أفراعٌ لها وأصول
أعمالُك الغُرُّ الحسانُ خوالدٌ / والمرءُ عن أعماله مسؤول
كن آمنا أن لا تضيع مَتاعبٌ / سيُقيمُها التِمثالُ والتَّمثيل
مهّدْتَ للنَشءِ الجديدِ سبيلَه / فليشكرنَّك بعد جيلِكَ جيل
وملكتَ لم تَقُدِ الرعيلَ وإنما / يُغنيك رأيُك أنْ يُقادَ رعيل
حَمَلَتْ لنا الأسلاكُ نعيَك موجزَاً / حتى كأنْ لم يوحَشِ التنزيل
أو أنَّ دينَ محمدٍ لم ينصدعْ / حتى بكى قرآنَه الانجيل
أعيت بما حملت فجاءت عَيَّةٌ / لا تستبينُ النطقَ حين تقول
منهوكة لم يبق فيها من ذماً / نبأٌ على سَمْعِ الزمانِ ثقيل
الله ما هذا الجلال حياتُهُ / ترنيمةٌ ومماتُه تبجيل
هل مدَ روحُ اللهِ عيسى روحَه / ام كان يَنْفُثُها به جبريل
قم وانعَ للبيتِ الحرامِ شعارَهُ / وقلِ انطوى التكبيرُ والتهليل
وتعطلتْ سُبُلُ المحامدِ والتقى / والمكرماتِ فما هناك سبيل
قد قلتُ فيك وقلتُ ثانيَ مَرَّةٍ / ولسوف أرجِع كرّتي فأقول
أما العراق وقد قضيتَ فكفُّهُ / مشلولةٌ وحسامُهُ مفلول
إنْ ينتفضْ فَبِقوةٍ مستغلبٌ / أو ينتهضْ فَبِذِلَّةٍ مغلول
الله والأوطان تعرِفُ نيّتي / وعليَّ فيما أدعيهِ وكيل
إني إذا شَغَل الغرامُ متَبَّلاً / فانا الذي ببلادِه مشغول
وطنٌ جميلٌ وجهُهُ بغدادُه ُ / ورُضابَهَ من دجلةٍ معسول
كيف السُّلُوُّ وليس تبرحُ بُكْرَةٌ / فيه تَهِيجُ صبابتي وأصيل
إني لأشتاقُ الفراتَ وأهلَهُ / ويَروقُني ظِلُّ عليه ظليل
وأُحبُّ شاطئَهُ وروعةَ سَفْحِهِ / تحنو على الأمواجِ فيه نخيل
أشفى على جُرف المهالك موطنٌ / بيديهِ لا يدِ غيره مقتول
آلامُه صدعُ الشقاق بأهله / وبلاؤهُ الأوهامُ والتضليل
في كل يوم ضجة ملعونة / أنْ يحدثَ التغييرُ والتبديل
يا شرقُ يا مهدَ السَّلامِ ألمْ يَئن / أنْ يستطيرَ إلى السلام رسول
إن يُسْرِجِ المستعمرون خيولَهم / فلهم تِراتٌ جمّةٌ وذُحول
أو تنس "عمور " وما دفعوا بها / لم تُنس " قرطبةٌ" ولا " إشبيل "
مَخَرَتْ بأشباهِ البُحور سفائنٌ / وعدت بأمثال الصُّقورِ خُيول
ناغيت " لُبناناً " بشِعريَ جِيلا
ناغيت " لُبناناً " بشِعريَ جِيلا / وضفرته لجبينهِ إكليلا
وردَدْتُ بالنغَمِ الجميلِ لأرزه / ظِلاًّ أفاءَ به عليَّ ظَليلا
أو مَا ترى شعري كأنَّ خِلالَه / نسيَ النسيمُ جناحَهُ المبلولا
وحِسانَ لُبنانٍ منحتُ قصائدي / فسحبنهنَّ كَدَلِّهنَّ ذُيولا
أهديتُهُنَّ عُيونَهنَّ نوافِذاً / كعيونِهِنَّ إذا رَمَيْنَ قتيلا
فردَّدنهنَّ من الأسى وجِراحِه / كِسَراً فَرُحْتُ المُّهنَّ فُلولا
ورَجَعْتُ أدراجي أجرُّ غنيمةً / من " بنتِ بيروتٍ " جوىً وغليلا
لُعنَ القصيدُ فأيُّ مُثرٍ شامخٍ / سرعانَ ما استجدى الحسانَ ذليلا
رَدَّتْ مطامِحُه البِعادَ دوانياً / وكثيرَ ما خَدعَ الخيالَ قليلا
ناغيتُ " لُبناناً " وهل أبقى الهوى / بُقيىً على قيثارتي لتقولا
طارحتُه النغماتِ في أعيادِه / بأرقَّ من سجعِ الحمامِ هديلا
ومَسحْتُ دمعَ الحُزنِ في أتراحِه / وجعلتُ مَحْضَ عواطفي مِنديلا
وكذاكَ كنتُ وما أزالُ كما بنى / أهلي أُجازي بالجميلِ جميلا
يا شيخَ " لُبنانَ " الأشمِّ فوارعاً / وشمائلاً ومناعةً وقبيلا
مثَّلثَهُ في كلِّهنَّ فلم يُردْ / بسواك عنكَ . ولن يريدَ بديلا
إنَّ العراقَ وقد نزلتَ رُبوعَهُ / لَيَعُدُّ ساكِنَه لديكَ نزيلا
بُشرى " بشارةُ " أنْ تجوسَ خِلالَها / وتُزيرَ طرَفك أهلَها وتُجيلا
قف في ضفافِ الرافدينِ وناجِها / وتفيَّ صَفصافاً بها ونخيلا
واسمَعْ غِناء الحاصدينَ حُقولَها / للحاصداتِ من القلوبِ حُقولا
سترى القريضَ أقلَّ مِن أنْ يَجتلى / لغةَ النفوسِ عواطفاً ومُيولا
وتلمَّسِ الآهاتِ في نَبَراتِهِمْ / يُشعِلْنَ من حَدَقِ العيونِ فتيلا
واستنطِقِ " الرَّمَلاتِ " في جَنَباتها / ولطالما استوحى النبوغُ رمولا
واستوحِ كُوفاناً وبصرةَ إذ هُما / يتصدَّرانِ العالَمَ المأهولا
يستورِدانِ حَضارةً ومواهباً / ويُصدِّرانِ فطاحلاً وفحولا
وتَقرَّ " بغداداً " فانَّ دُروبَها / ستُريكَ من سِفرْ الزمانِ فُصولا
ستُريكَ كيف إذا استتمّتْ دولةٌ / أعمى الغرورُ رجالَها لتدولا
إيهٍ " بِشارةُ " لم تكنْ لتَحُدَّ من / مهوى النفوسِ ولم تكنْ لتحولا
إني رَصَدتُكَ من بعيد لم أُرِدْ / إذناً عليكَ ولا بعثتُ رسولا
ودخلتُ نفسَك لم أزاحِمْ حاجباً / عنها ولم ألجِ " الرِواقَ " فضولا
وحَلَفْتُ لا أُوذي الملوك ولا أُرى / ظِلاًّ على بابِ " الأميرِ " ثقيلا
صَونٌ لمجدِ الشعرِ أوهمَ خاطئاً / أنّي خُلِقتُ على قِلىً مجبولا
ولربما ظنَّ الرواجمُ أنّهمْ / سيرَوْنَ من هذا " المنخَّل " غُولا
وعرفتُ فضلَكَ قبل كونِك عاهلاً / تُرخي عليكَ حِجابَك المسدولا
تَلِجُ العقولَ عباقراً ونوابغاً / وتُمحِّصُ المعقولَ والمنقولا
ووجدتُك المُعطي السياسةَ حقَّها / ترعى النُّصوصَ وتُحسِنُ التأويلا
والمستجيرَ بظلِّها من ظلِّها / تتخيرُ التحويرَ والتحويلا
ولمستُ يومَك حين ضجَّ ضجيجُها / ومشتْ تدُكُّ روابياً وسهولا
تستخدمُ المتفجراتِ لدافعٍ / عن حقِّهِ وتُسخِّرُ " الأسطولا "
وعُقابُ " لبنانٍ " تَضُمُّ جَناحَها / تحمي الفِراخَ وتحرُسُ الزُّغلولا
وبنوكَ أُسْدَ الغابِ في لبِداتِهِمْ / عُبْلُ السواعد يمنعونَ الغيلا
حتى إذا انجلتِ العَجاجةُ وارتمى / شِلْواً – ربيبُ " فَجارةٍ " منخولا
وتخلتِ الأقدارُ عن متجبِّرٍ / ملأ البلادَ وأهلَها تنكيلا
وبرزتَ مثلُ السيفِ لا مُستسلماً / جُبْناً ولا نِكْساً ولا مخذولا
وتزاحمتْ بالهاتفينَ شِعابُها / يُزجُونكَ التكبيرَ والتهليلا
كنتَ الجديرَ بكلِّ ذاكَ وفوقَه / إذ كنتَ سيفَ جهادِها المسلولا
يا شيخَ " لبنانٍ " وحَسْبُكَ خِبرةً / رَفَعَتْك شيخاً في الملوك جليلا
جرَّبتَ حنظلةَ الدخيلِ وطعمَها / وصميمَها وطِلاءَها المعسولا
ولمستَ من لَهَبِ السياطِ ووَقْعها / فوقَ الظهورِ على الطُّغاةِ دليلا
ورأيتَ كيف العِلْجُ يُسمِنُ أهلَهُ / يُقري بنيهِ شعبَك المهزولا
وعرفتَ قدرَ العاملينَ مبجَّلاً / شكراً وحظَّ العاملينَ جزيلا
رَنتِ العيونُ إليكَ تُكبِرُ موقفاً / من " شيخِ " لُبنانَ النبيل نبيلا
وتُريدُ منك وقد تقلَّصَ ظلُّهم / ألا تَميزَ على الدخيلِ دخيلا
فلقد خَبَرنا نحنُ قبلَك مِثلَهُ / وأشرَّ في لغةِ الطُغاةِ مثيلاً
فاذا ب " حنظلةٍ " تَحِنُ لأختِها / وإذا ب " شدقمَ " يستظلُّ " جديلا "
وإذا بأولاوءٍ تفرِّقُ بينَهم / شتى الدُّروبِ ويلتقونَ سبيلا
فاوِض فقد غَدَت العوالِمُ عالماً / ما زالَ حَبْلُ صِلاتهِ موصولا
وسيجرِفُ التاريخُ في تيّارِه / شعباً يَظَلُ مُجانِباً معزولا
وتُراثُ " لُبنانٍ " قديمٌ نشرهُ / في المشرقينِ مواهباً وعقولا
لكنْ تَوَقَّ من الوعودِ سلاسلاً / برّاقةً ومن العهودِ كُبولا
فاوِضْ وخلِّ وراءَ سمعِك مُغرياً / وأمامَ عينِكَ شامتاً وعَذولا
ولأنتَ أعلمُ إنْ تُزحْزَحْ عندَهم / شبراً فسوفَ يُزحزحونكَ ميلا
وإذا ارتختْ عُقَدٌ تيسّرَ حلُّها / جدُّوا لكم عُقَداً تُريدُ حُلولا
" عبدَ الاله " وليس عاباً أنْ أرى / عِظمَ المقَامِ مُطوِّلاً فأطيلا
كرَّمت صيفَك يستثيرُ جلاله / نُطقاً ويدفعُ قائلاً ليقولا
يا ابنَ الذينَ تنزَّلتْ ببيوتِهم / سُوَرُ الكتابِ فرُتِّلتْ ترتيلا
الحاملينَ من الأمانةِ ثقلَها / لا مُصعِرينَ ولا أصاغِرَ مِيلا
والناصبينَ بيوتَهم وقبورَهم / للسائلينَ عن الكرامِ دليلا
والطامسينَ من الجهالةِ غَيْهباً / والمُطلعينَ من النُّهى قِنديلا
ملكوا البلادَ عروشَها وقصورَها / واستعذبوا وعْث التراب مَقيلا
يا ابنَ النبيِّ وللملوكِ رسالةٌ / مَنْ حَقَّها بالعدلِ كانَ رسولا
يرجو العراقُ بظلِّ رايةٍ فيصلٍ / أنْ يرتقي بكما الذُّرى ويطولا
لا شك أنَّ وديعةً مرموقةً / عز الكفيلُ لها فكنت كفيلا
وكيانُ مُلكٍ في حداثةِ عهدِه / يتطلَّبُ التلطيفَ والتدليلا!
وسياسة حضنتْ دُعاةَ هزيمةٍ / وتبنَّتِ التفريقَ والتضليلا
تُغري المثقفَّ أن يكون مُهادِناً / وابنَ الجهالةِ أنْ يظَلَّ جَهولا
ألقت على كتِفيكَ من زَحَماتِها / عبءاً تنوءُ بهِ الرِّجالُ ثقيلا
شدَّتْ عروقَك من كرائمِ هاشمٍ / بيضٌ نمينَ خديجةً وبتولا
وحَنَتْ عليكَ من الجدودِ ذؤابةٌ / رَعَتِ الحسينَ . وجعفراً وعقيلا
قُدْتَ السفينةَ حين شَقَّ مقادُها / وتطلَّبتْ رُبَّانَها المسؤولا
أعْطتْكَ دَفَّتها فلم تَرجِعْ بها / خوفَ الرِّياحِ ولا اندفعتَ عَجولا
وَمنَحْتَها والعاصِفاتُ تؤودُها / مَتناً أزلَّ وساعداً مفتولا
أُعطِيتَ ما لم يُعطَ قبلَكَ مثلَه / شعباً على عِرفانِكُمْ مجبولا
إنَّ العراقَ يُجلُّ بيْعةَ هاشمٍ / من عهدِ جدِّكَ بالقرونِ الأولى
هذي مصارِعُ مُنجبيكَ ودورُهم / يملأنَ عَرضاً للعراقِ وطُولا
ما كانَ حجُّهُمُ وطوفُ جموعِهمْ / لقبورِ أهلِكَ ضَلَّةً وفُضولا
حبُّ الأُولى سكنوا الديارَ يَشفُّهم / فيعاوِدونَ طلولَها تقبيلا
يا شيخَ " لُينانٍ " شكيَّةَ صارخٍ / تتخلَّلُ الترحيبَ والتأهيلا
كنّا نُريدُك لا القلوب " مغيمة " / فينا . ولا خِصبُ النفوسِ مَحيلا
لنريكَ أفراحَ العراقَ شَمالَه / وجنوبَه وشبيبةً وكُهولا
جئتَ العراقَ ومِن فِلَسْطِينٍ به / وَجَعٌ مطببَّهُ يعودُ عليلا
والمسجدُ المحزونُ يُلقي فوقَه / ليلاً – على الشرقِ الحزينِ – طويلا
ذهبتْ فِلَسْطينٌ كأن لم تَعترِفْ / مِن كافليها ضامناً وكفيلا
وعفَتْ كأن لم يمشِ في ارجائها / " عيسى " و " أحمدُ " لم يَطِرْ محمولا
والمسجدُ الأقصى كأنْ لم يرتفعْ / فيهِ أذانٌ بُكرةً وأصيلا
وثرى صلاح ِالدينِ دِيسَ وأنعلتْ / منه جيوشُ الواغلِين خُيولا
و " الحنظلُّي " بحِلْفِهِ ووعُودهِ / ما زالَ كاذبُ وعدِه ممطولا
لم يرعَ شرعَ الكافرينَ ولا وفى / حقَّيهما القرآن َ والانجيلا
أعطى " إلَنْبي " أهلَها فاستامهم / بلفورُ فاستوصى بهم عِزريلا
واليومَ يفخرُ " بالحيادِ " كفاخرٍ / بالقتلِ إذ لم " يُسلَخِ " المقتولا
أهلاً بكُمْ رمزَ الشباب ومرحبا
أهلاً بكُمْ رمزَ الشباب ومرحبا / المُطلعين من " الفُتوة " كوكبا
الحاملينَ من " النضال " لواءه / والناهجِينَ به الطريقَ الألحبا
والناشرينَ من الأخوة مذهباً / هو خيرُ ما ارتَضتِ الشرائع مذهبا
يا من أُعينَ " قديمنُا " بقديمهم / و " حديُثنا " بحديثهم فتأشَّبا
وتَسلْسَلَ التاريخُ فيما بيننا / متقاسمينَ " أمَّره " و " الأعذبا "
إنا وانتُمْ – والتوجُع واحد - / لَيَزيدُنا المستعمرون تقرُّبا
لَيَزيدنا الألمُ الدفينُ تماسكاً / ليزيدُنا صَهرُ الخطوبِ تَصَلُّبا
وهواجس في الليل رامت حملها
وهواجس في الليل رامت حملها / شهب فعثن بشملها المجموع
ما أنصفت فيه الطبيعة حبّها / لما دعا للشوق غير سميع
أبت الجوانح أن تقر فمن يطق / ملكا فلست بمالك لضلوعي
حبّ الرجوع إلى الشباب ولم أجد / في مرِّه ما يرتجى لرجوع
بين الأضالع صخرة لكنّها / مما جنى الأحباب ذات صدوع
قلب عليه تحالفت زمر الهوى / فمنيعه للذُّل غير منيع
قالوا استقلَّ عن الهموم فقلت لا / فهو التبيع لظالم متبوع
لا أكذبَنّكِ إنّني بَشَرُ
لا أكذبَنّكِ إنّني بَشَرُ / جَمُّ المساوي آثِمٌ أشِرُ
لا الحبُّ ظمآناً يُطامِنُ مِنْ / نفسي وليس رفيقيَ النظَر
ولكم بَصُرْتُ بما أضيقُ به / فودِدْتُ أنّي ليس لي بصر
أو أنني حجر وربتَّمَا / قد بات أرْوَحَ منّيَ الحَجَر
لا الشيءُ يُعْجِبُهُ فَيَمْنَعُهُ / فإذا عداه فكلّهُ ضَجر
ولكم ظَفِرتُ بما بصرتُ به / فحَمِدْت مرأى بعدَهُ ظفَر
شفتاي مُطْبْقَتَانِ سيدتي / والخُبْرُ في العينينِ والخَبَر
فاستشهِدِي النظراتِ جاحِمَةً / حمراءَ لا تُبْقي ولا تَذر
ولرغبة في النفس حائرة / مكبوتة يتطايرُ الشرر
إنا كلينا عارفان بما / حَوَتِ الثّيابُ وضَمَّتِ الأزُر
وبنا سواءً لا حياءَ بنا / الجذوةُ الخرساءُ تستعر
فعلى مَ تَجتهدين مُرْغَمَةً / أن تَسْتري ما ليس يَنْسَتِر
كذب المنافقُ . لا اصطبارَ على / قدٍّ كَقَدِّكِ حينَ يُهتَصَر
ومُغَفَّلٌ من راح يُقنِعُه / منك الحديثُ الحلوُ والسمر
يُوهي الحجى ويُذيبُ كلَّ تُقىً / من مُدّعيهِ شبابُك النَّضِر
ويَرُدُّ حلمَ الحالمين على / أعقابِهِ التفتيرُ والخَفَر
النَّفْسُ شامخةٌ إذا سعُدَتْ / بك ساعةً والكونُ مُحْتَقَر
وفداء " محتضن " سمحتِ به / ما تفجع الاحداثُ والغير
حلم أخو اللذاتِ مفتقد / امثالُهُ وإليه مفتقِر
وسويعة لا أستطيعُ لها / وصفاً فلا أمْنٌ ولا حَذَر
يدها بناصيتي ومحْزَمُها / بيدي . فمنتَصِرٌ ومندَحِر
فلئن غَلَبْتٌ فَخَيْرُ متَّسَدٍ / للشاعرِ الأعكانُ والسُرَر
ولئن غُلِبْتُ فغالبي مَلَك / زاهٍ . بهِ صافحٌ عني ومغتفر
أمسكتُ " نهديها " وأحسَبُني / أشْفَقْتُ أن تتدحرجَ الأُكَر
عندي من استمتاعةٍ صُوَرٌ / ومِنَ التَّغنُّجِ عندَها صُوَر
قالت وقد باتَتْ تطاوعُني / فيما أُكَلِّفُها وتأتَمِر
أمعانياً حاولتَ تَنْظِمُها / تختارُ ما تَهْوى وتَبْتَكِر
إني وردتُ " الحوضَ "ممتلئاً / " شَهْداً " يفوحُ أريجُهُ العَطِر
ولقد صدرتُ وليس بي ظَمَأٌ / للهِ ذاكَ الوِردُ والصَّدَر
وإذا صدقتْ فانه بدَنٌ / لأطايب اللذاتِ مُخْتَبَر
يا زهرةً في ريعها قُطِفَتْ / كأرقِّ ما يتفَتَّقُ الزَّهَر
نِعْمَ القضاءُ قضى بمرتشَفٍ / لي من " لماك " وحبّذا القَدَر
ما إنْ أخَصِّصُ منكِ جارحةً / كلَّ الجوارحِ منكِ لي وطر
يُزرْي بفلسفةٍ مطّولةٍ / والعلمُ شيءٌ فيك " مُخْتَصَر"
" ومعبد " لم يبل منهجه / بالسالكيه . ولم يَلُحْ أثَر
إني لآسَفُ أنْ يجورَ على / خدّيكِ خدٌّ كلُّهُ شَعَر
وعلى إهابٍ منكِ ممتلئٍ / مَرحَا إهابٌ مِلؤُهُ كَدَر
هذا الحريرُ الغَضُّ مَلْمِسُهُ / حَيْفٌ يُخَدِّشُ جَنْبهُ الوبر
عيني فِدى قَدَمَيَكِ سيّدتي / عيناكِ قد أضناهُما السَّهَر
لا أكتفي بالروحِ أُزْهِقُها / عُذرا اليكِ فكيف أعتذر
قلبٌ تجمَّعَتِ الهُمُومُ به / نَفَّسْتُ عنه فهو مزدهِر
ضنكُ المنافذِ لا مكانَ به / لمَسَرَةٍ واليومَ ينتشر
لَوْ لَمْ تُحلِّيه على سعةٍ / من رُحْبِ صدركِ كانِ يَنْفَجِر
سَحَرٌ زماني كلُّهُ لِهَوَى / ليلٍ بقربِك كلُّه سَحَر
وأرى لياليَّ الطِوالَ بها / شَبَهٌ ففي ساعاتِها قِصَر
قد كنتُ أقربَ للرجا
قد كنتُ أقربَ للرجا / ء فصرت أقربَ للقنوطِ
كلُّ البلاد إلى صعو / دٍ والعراقُ الى هبوط
في كل يوم مبدأٌ / أُواهُ من هذا السُّقوط
وطنٌ أقامت ركنه / شباننا بدمٍ عبيط
يا للرجال تلاقفتـ / ـهُ يدُ الأعاجم والنَّبيط
سقط النشيط على افتقا / ر الخاملين الى النشيط
ولقد بَكَيْتُ على حُبو / طِكِ يا بلادي لا حبوطي
يا نائماً ما نَّبهَتْـ / ـهُ الحادثاتُ من الغطيطِ
لم يبقَ من نسج الأكـ / ـفِّ المحكمات سوى خُيوط
خُدِعت جموعٌ عن صريـ / ـح الحق بالكَلِمِ البسيط
أبداً تَقَرُّ على ضيا / عٍ في حقوق أو غموط
أما أنا فكما ترى / بين الطبيعة والمحيط
أُفٍ لها من عيشةٍ / ما بين وغدٍ أو لقيط
يا شعرُ ثُرْ إن الشعو / رَ مهدَّدٌ يا نفس شيطي
جِدُّوا فان الدهرَ جَدَّا
جِدُّوا فان الدهرَ جَدَّا / وتراكضُوا شِيباً ومُرْدا
وتحاشَدوا خَيرُ التسابق / للعُلى ما كانَ حَشْدا
صولوا بعزم ليس يصدأُ / حدُّه والسيفُ يصدأ
لا تَقعُدوا عن شحنِها / هِمَماً تَئِدُّ الدهرَ أدَّا
أوَلستُمُ خيرَ المواطنِ / موطناً وأعزَّ جُنْدا
فاز امرؤٌ عرف التقلُّبَ / في الليالي فاستعَدَّا
في لَوح ربِّك "آيةٌ " / خُطَّت على من كانَ جلْدا
لا ييأسَنْ من خاب ممسىً / أن ينالَ الأمر مَغدى
ذَلَّ امرؤٌ قعَدَت به / آمالهُ قَيْداً وَشدّا
بَينْا يُمَنِّي المرء خيراً / نفسَه اذ قيلَ أودَى
أينَ الذين اذا انحتْهم / شِدَّةٌ كانوا الأشَدّا
واذا الخطوبُ عَرَتْهُمُ / لم يضْرَعوا للخطب حَدّا
تَخذِوا الثباتَ سلاحَهُمْ / وتدَّرعوا حَزْماً وجِدّا
أبني مَعدَّ بلادُكم / لا تُغضِبوا فيها مَعَدا
وطنٌ مُفَدىً خيرُ ما / حَضَن الفَتى وطنٌ مُفدَّى
" الرافدان " بجانبيه / تجارَيا خمراً وشُهْدا
والزاهراتُ من الرياض / تضوَّعت أرَجاً ونَدّا
وكِسِتْ رُباه يد الطبيعة / من بديعِ الحُسْن بُردا
فَرْدُ الجمال وفي الغُلُّوِ بحبِّه / أصبحتُ فَرْدا
صبّاً نشأتُ وكلَّما / زادتْ سنيني زدتُ وَجْدا
وَطَنٌ اذا ذكروه لي / وبيَ الغليلُ وَجَدت بَرْدا
ولو استَفْفتُ ترابه / لوجدْتُ عيشي فيه رَغْدا
أعزِزْ بأني لا أطيقُ / لما دَهَى وطني مَرَدَّا
" الله " يَشهَد أنني / لم آلُهُ في النصح جُهْدا
لا تأسفَنْ وطني وكُنْ / ثَبْتاً على الأيام صَلْدا
ظُلمْ تَعدَّى حدَّه / والظلم يُردى إن تَعَدّى
" الله " يَجِزي خيرَ ما / جازَى به مولىً وَعبْدا
صِيداً " ليعرب " شَيِّدوا / عزاً وللأوطان مجدا
في ذمةِ الوطنِ الذي / بَذلوا له نَفْساً وَوُلْدا
رُوح بظلمٍ أُزِهقَت / وَدمٌ جَرَى ظُلْماً وَعَمدا
أفَكان عُقْبى مالَقوا / أن زادتِ النفقاتُ عَدّا
ويلي لغلِمة " يَعرُبٍ " / هدَّتْهم الأيامُ هَدّا
الجَور ألحَمَ بُردَة البَلوى / لَهم والضَيمُ سَدَّى
وَيلي لكّفٍ لم تجِدْ / عَضُدأً تصولُ به وزَنْدا
وَيلي لمن كانَتْ لهم / أيّامُهم خَصْماً ألَدّا
من أين دارُوا واجهوا / نكبِاتها سُودا ورُبْدا
هَوَتِ العروشُ كأنما / بعضٌ بشَرِّ البعضِ يُعدَى
فَقَدَتْ " دِمشقٌ " زَهوهَا / وجمالُ " بغدادٍ " تَرَدَّى
وجزيرةُ " العُرب " ازدرَتْ / نُورَ " النبوة " فاستُرِدَّا
باتت بها أحقادُها / يوسِعْنَ خَرقاً لن يُسَدّا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025