المجموع : 67
ماذا أصابك أيها البستاني
ماذا أصابك أيها البستاني / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
الأنَّ أهلكَ أورثوك نسيتَ ما / وهبوا وما ابتدعوا من الاحسان
لا خيرَ في الانسانِ من ميراثه / الا الدمُ المحَيبه للانسان
ضَيَّعتَ غَرساً صوحَّت أفنانُه / وَشغلتَ بين مهازلٍ وغواني
الليلُ ينفقُ في القمار وفي الزنى / رجسان ماثورانِ للشيطان
ومن الفراش شكا النهارُ تُذيلهُ / وكأنه نَجسٌ من العبدان
تتضاءل الحسناتث منك وتمحى / في حين جمسك بعدها جسمان
ماذا دَهَى الأملَ العريضَ فطالما / أوحى لنا والآن لطمةٌ عانِ
كنا نرى ذاك الشباب ملاذَنا / مُذ خاننا الجبناءُ لا الحدثان
كنا نثشيد به وُنزجى حُبَّنا / سَمحاً إليه فشال في الميزان
كنا نرى الوجه الصبيحَ كأنه / رمزٌ لكل تطلع روحاني
ونصيخ للعذب الحديث كأنه / تفسيرُ أحكامٍ من القرآن
كنا حواليه نطوف بفرحةٍ / مترّنمين بأعذب الايمان
ماذا دَهَى هذى الغوالي كلَّها / وشخُوصها ما زلن في وجداني
ماذا أصابك أيُّها البساتي / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
كنا نزفُ إِليك أحلام العلى / والآن ليس سوى الرثاءِ يُداني
ما بالكم صرتم زبانيةً وقد / كنتم ملائكة ورُسلَ حنان
أُهوَ الخضوعُ الى الدخيل وَكم له / جولاتُ خَدّاعٍ لكسب رهان
الأجنبيث مسيطرٌ في بيتكم / ومبيحُ عرضكمو لكل لسان
مزقٌ بحيث يُعُّد اى مُدافع / عنه قرينَ سفاهةٍ وهوانِ
حين الورودُ تناثرت وتعثَّرت / في شوكها القدمانِ والعينان
هذا انتحارٌ لو دَريتض فهلُ ترى / تدري أم استسلمتَ للبهتان
هيهاتَ يُفلح فاسقٌ مستهترٌ / أو يستقُّل بعزةٍ ومكان
ما زلتُ أخلصكَ النصيحة فاتعظ / وتحاشَ من خُّروا الى الأذقان
فإذا أَبيتَ فأنت آخرُ هادمٍ / ويظل ذكرك عبرةَ الأزمان
واذا انتصحتَ ملكتَ عمراً ثانياً / وَغدوتَ في الأحياءِ أعقلَ بان
هيهاتَ ينفعكَ التمُّلق والرقىَ / وجميعُ ما يوحى جنونُ أناني
مهلاً ومهلاً أيها البستاني / ارجعِ لغرسكَ أيها البستاني
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل / ورقدتَ أنت صريع هذا الساحل
اصغرتَ آلافَ الفراسخ جائزا / هذا العباب كعابر لجداول
وقدمتَ تُزجيك المحبة والوفا / هَزِجاً تدوس على عديد حوائل
أنَّى ترحَّل أو أقام فَحوله / زُمَرٌ تَحَّدثُ عن نهىً وشمائلِ
متهللاً معنى الشباب رواوءه / وخلاله كحديثه المتفائل
تتفيأُ الألبابُ في آدابه / وكأنَّها من أنسه بخمائل
ماذا دهاك وأنتَ زينةُ مجلسٍ / ورجاءُ أحبابِ ونفحةُ بابل
حتى سكنت الى الممات وطالما / قد كنت تهزأ بالممات الهازل
كنتَ الرياضيَّ العفيفَ مُساجلاً / فسقطت من غدر المصاب الهائل
كنت المثقف والأديب حياتهُ / هبةُ الفنونِ لأمةٍ ومحافل
وذهبت لا هذى الدموع سخينة / تكفى لتبيان العذاب الجائل
كلا ولا الأديان فيما فسرت / لتجيب عن ظُلم القضاءِ الخاذل
أو حيرةُ المتبادلين عزاءهم / لتحَّد من ذُعر الحزين الذاهل
جاء الممات من الحياة وقبله / جاء الوجود من الفناء الشامل
صور تضل لها العقول وربما / أغنى الغبُّى عن الحصيف العاقل
والعمرُ كيف العمر حظّ مقامرٍ / والحُّق كيف الحُّق أفظع باطل
ضيعتُ فلسفتي مراراً صاغرا / ووأدتُ تعزيتي أمام القاتل
إن كان إعزازُ الكمال فناءَه / فالحمقُ ان نحيا حياة الكامل
ونرى السوائم راتعين بنعمةٍ / ونرى المواهب في الحضيض السافل
ونرى الصباحَةَ والقسامَةَ في الثرى / ونرى الحقارة في أعزّ منازل
يا من عَددتُكَ في صميم جوارحي / ولدى ومن زودتُ منه فضائلي
فيمَ الرثاءُ وذاك عُرسكُ قادمٌ / أيصير عرسك لحن قلب الثاكل
كنا نهيئ مسعدين شرابه / فسقى الردى نخب الشباب الآفل
إن كان هذا عدل دنيا حرةٍ / بئسَ الجزاء من القضاء العادل
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي / تمضى ولا تمضى بها آلامي
فِيمَ التجُّلدُ كالخُضابِ للمَّةٍ / نصلت وفيم السَّلم دون سلامِ
نفسي على حربٍ وبُعدُكَ كارثى / وعواطفي ثكلى عليك دوامى
ليست حروبُ الدهر في أَجرامه / أقسى وأفظعَ من عميقِ كلاَمى
في كل يوم بل بكل هنيهةٍ / هذا خيالك ما يزال أمامي
قلبي يحادُثه وأسمعُ صوَته / أدباً تَّنزهَ عن أذىً وخصام
مستغرقا فيما يقول كراهبٍ / مستغرقٍ بنوافح الإلهام
وجرت بلاغتهُ بحلو تسلسلٍ / كتسلسلِ الغدَران بالأنغامِ
وَحَوت وداعتهُ الترفع مثلما / حوت المرؤة عزّةَ المتسامى
يُدلى برائعة المعاني للنُّهى / وكأنَّها نَخبُ الشرابِ لظامى
إلاّ نُهاىَ فما يُبُّل ظَماؤه / وتردني الأحزانُ عن أوهامى
قد كنتَ لي مثلَ الجمال بما وَعَى / من فطنةٍ وعواطفٍ ومرامى
وُسمِّو أخلاقٍ وصحةِ بنيةٍ / عَّزت على الأرواح والأجسام
قد كنتَ لى الأملَ الجديد بحاضري / وبمقبلي فتبددت أعوامى
وحسبتُ في كف القضاء سعادي / فإذا الشقاء لديه فضلُ زمامي
يا للمصاب وقد تقَّنعَ ساخرا / بالحب والأمل العريض النامى
متظاهراً في الأصدقاء فَغَّرنا / هذا الشمولُ لبسمةِ الأّيام
حتى دُهِينا ذاهلينَ بخطبنا / في كل ما صُنَّاه من أحلام
وكأنّما تلك المواهبُ لم تكن / وكأنما الإنصاف جِدُّ حرِام
هذا طوافي حول قبركَ خاشعاً / أبكى كأنَّ الدمعَ من إحرامي
وأسيرُ فوق ثَرَاكَ لا مترفقاً / ورعاً فحسبُ بل الشهيدَ الدامى
أمشى كأنَّ جواهراً مبثوثةً / هذا الثرى فيردّني إقدامى
يا عقلُ لا تفكر فذاك ضلالةٌ / واخسأ وياعينَ الحبيب تَعامى
هذى عدالة عاَلمٍ مُتبجحٍ / بالشرّ بل عدل الآله السامى
هذا مآلُ الألمعية والهدَى / والنبلِ تحت جنادلٍ ورغام
هذى هي العقبىَ لأحلام الصبىَ / ونهايةُ الايمانِ والأحلام
كنا نُهيئُ كيف شئتَ معالماً / للعرس فانقلبت شهودَ حِمامِ
فلمت تركت الفاقديك تفجعوا / وهم الرجالُ عليك كالأيتامِ
لهفى بُنَّى وأنتَ بين نوابتٍ / نجمت عواطفَ لوعةٍ وغرام
رفَّت على ريح الغروب حزينةً / وتلهفت بمرارةٍ وأوام
ما كان أجدرَ منك بين جُموعنا / حّياً وأبعد منك عن نُّوامِ
غَدرَت بك الدنيا كأنَّك لم تكن / كنزاً لها بشبابهِ المقدام
أو أن لُطفك ما أمدَّ جمالها / بجماله وحنانه البسَّامِ
يا تاركي في لَوعةٍ لم يشفها / جَلدِى ولم يذهب بها إسلامي
دعني أزورك شاكياً ومُسائلاً / بل لاجئاص من لوعتي وضراميِ
على وعلك في التحادثِ نرتضى / بعضَ العزاءِ وأستقيه مُدامي
أي الحوادث جندلتك بِختلهَا / فُقتلتَ قتلَ الزهرِ في الأكمام
أي المظالم فرّقتك عن التي / قَدستَ للآباد لا الأعوام
أى الفواجع جُمِّعت في ليلةٍ / ظلماءَ قادتنا لدهر ظلام
حتى تنفستَ السموم مُسالما / ففقدتَ حين فقدُت كَّل سلامى
سأعيش ذكراك الحَّب وكلُّنا / ذاك المحُّب على مدى أيامى
وأجئ زائركَ الوفَّى كأنني / لم افتقدكَ ولم يكن إلمامي
على بحبي واندماجي أشتفى / بعضَ الشفاءِ ويهتدى لوَّامى
وأنالُ ثأرى من زمانٍ فاجرٍ / فَلذَاك أكرمُ لي من استسلامي
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ / قبل الحسابِ وقد يحجّ الفاجرُ
عجباً أينسىِ الغافلينَ هو أنهمُ / عما جَنتهُ ضغائنٌ وصغائرُ
ايقامر المتسامحون بفكرهم / ان جاز أن يهب الثراءَ مقامر
أيخادعون مخادعاً إحسانُه / عبثٌ وأسخفُ ما حكاه مهاتُر
من مَّرغ الأدب اللبابَ جنونُه / وعلى يديه غدا الخرابُ العامرُ
وتحجرَ الشعرُ الكريم بنظمه / فشكت أذاهُ مَقاولٌ ومشاعر
سَرقَ الروائعَ من مفاخرِ غيره / وأماتهَّن ولا يزال يفاخر
ما خفَّفَ الإثمَ الكبير سوابق / حاكى مقابحها وراح يكابر
رُزءٌ تكَّررَ فالسفاهُة ملكها / إرثٌ على السفهاء وَقفٌ دائر
شقيت بهم مصرُ الأسيفهُ حقبةً / طالت وكلُ بالغرور يجاهر
من كل أرعن مالهُ أو كيدهُ / سيفٌ على الأحرار صَلتٌ باتر
حتى أتى البطل الأشمّ كأنّه / تُّل الخرائبِ جَفَّ فيه النَّاضرُ
فَرضَ الضريبةَ للسلامة من أذَّى / سُوَرَ التملق والتملقُ آسرُ
فتكاثر الغلمان حول سريره / مترنمين كما يشاء الساحر
ومرتلين له الخشوع كأنّه / في كل شعوذةِ إمامٌ نادر
وهو الممثل كم يسئ ويشتكى / أنَّ المساء هو النبيلُ الطَّاهر
جيلٌ من الأدباء ضُحىَ نَفعهُ / كيما تُعبَّقَ بالنفاق مجامر
تَخذَ السفيهُ من التبجح حُجَّةَ / للعبقريةِ وهو لاهٍ ساخر
وَجنىَ كما يجني الوباءُ على الحجى / وعلى التفوّقِ سُمُّهُ المتطايرُ
سَدَّ الطريقَ على مدى إبداهم / فالفُّن قبلهمو الفقيرُ الخاسرُ
جَعلَ السياسةَ سُلَّماً لصعوده / ولكم تصاعد بالسياسة عاثر
مَن ذا يعوّضهم وماذا يَرتَجىِ / إن غُيبوا يومَ الرثاءِ الشاعر
بل أى تكفير لجانٍ كافر / إن راحَ يبكى أو تباكي الكافر
أسفى على وطني المذَال عَظيمهُ / يَشقىَ وينعمُ بالنفاق الصاغر
والمخلص الحر الغيور مآله / نفىٌ تنوع أو مماتٌ جائر
الظلم مهما زُينت الوانه / ظلمٌ وظلمُ الفكر عاتٍ عاهر
واذا تنكر للمواهب مُدَّعٍ / سفهاً وصفق للدعىِ القادرُ
وغدا التصُّنعُ فوقَ كل أصالةٍ / واِلغُّر دان له الأبُّى الثائر
وَتخاذَل الأدباءُ يوم تعاونٍ / ومشى علهيم فاجرٌ وُمغامر
فالعدل ظلمٌ والمهانةُ ربُمَّا / هينت بهم ولقد تُهان مقابِر
هل كان قانون ابن سي
هل كان قانون ابن سي / نا غير قانون الحياه
نسختهُ أبحاثٌ واحدا / ثٌ وما نَسخت هُداه
وتظل ذكراه تدو / رُ على الخواطر والشفاه
فانعم به يا صاحبي ال / حلبي كنزاً للعفاه
واذخره مثل أشعةِ ال / شمس المنيرة للحياة
لو أن تجربةَ الحياةِ وحَّظها
لو أن تجربةَ الحياةِ وحَّظها / أني أَنالُ نَداكَ ثم أموتُ
لكفت لتفسير الحياة وخيرها / إنَّ الحنانض لمثل روحي قوت
أيهاً ليونُ جمعتَ ذخرَ فضائل / وحجىً أقُّل جمالهِ ملكوتُ
وحمىً أردِّدُ في عُلاهُ عواطفي / ويطيرُ فيه شعورىَ المكبوتُ
أنت المسيح وقد تقمصُ حبُّهُ / دُنيا الجمالِ وخافَه الطاغوتُ
ما كنت إلاّ للحقيقة وحدَها / والحُّق أكثرُ حظهِ موقوتُ
فلئن سَكت فما سَكت مُخيَّراً / ولرُبَّ سخطٍ للحكيم سكوت
في عالمٍ قد باتَ يُغبطُ من به / عُّى وضَيَّعَ سَّرهُ الكهنوت
وتشردت فيه المحبةُ مثلما / قد ضاع أوزيريسُ والتابوتُ
فمتى يَعُودُ وإن رأيتكَ رمزهُ / ومتى يسُودُ وَخصمهُ ممقوتُ
من مبلغٌ وطني الحبيب تلُّهفي
من مبلغٌ وطني الحبيب تلُّهفي / للقائه كتأسفي للقائه
لَّج الحنينُ وما عرفتُ بهجرتي / أن استخفَّ بعنفهِ وزكائه
وطني الذي رُبِّيتُ تحت سمائه / ووهبتهُ فني نجومَ سمائِه
ورضعتُ من أزهاره وسكرتُ من / أسماره وشربتُ من أضوائه
من ليس بَعدِ له سوى حِّبي له / حبَّاً تشرَّد كاليتيمِ التائه
من عنده الخبزُ القفارُ ولائمٌ / وولائمُ الأرواح ملءُ رُوائهِ
من طالما غنيتُ في افيائه / بروءاى حين سجنتُ في أفيائه
من لم يمكني لأرفعَ مجدّه / ولواءه وخذلتُ تحت لوائه
من لم ينهنه زجره جهدِي له / وأنا المكبل في مديد بلائه
من ظلَّ لا يجد الثمالَ سوى الألى / خانوه واعتبروا مناطَ رجائهِ
من لا يبالي أن يُشاهدَ أهله / يشقونَ والأبرارَ من شُهدائه
من مكن الإقطاعَ من تقطيعه / وأباح عَّزتهُ رضىَّ سُفهائهِ
من لم يَصن تاريخه بفعاله / وهَوتَ زعامتهُ لدى زُعمائه
من عفَّرَ الرأسَ المنّزه في الثرى / للفاسقين الصُّمِّ من رؤسائه
كُنَّا نُرجِّى الأمسَ صِدقَ بلائهم / فغدوا رزيئتهُ وسرَّ بلائه
من كلِّ أرعنَ لا يصِّعرُ خَدِّهُ / إلا وتلطمه أحُّط نسائه
ينضىِ الركائبَ في الطِّلاب لشهوةٍ / ولِضمِّ أهواءٍ إلى أهوائه
ويخال صَخبَ الموبقاتِ حيا لهُ / إعجابَ من عَانوا من استهزائه
أسفىِ على المُلكِ المذالِ وطالما / حامت قلوبٌ حوله لفدائه
كنا نلوذُ به ليوم كريهةٍ / فإذا بنا ما شاءَ من أشلائه
أسفى وكم يَطغَى الحنينُ كأنني / عبدٌ وإن حِّررتُ بين إمائه
ولربما كان النساءُ بأرضهش / هُنَّ الرجالَ وكنَّ من أدوائه
كم عابثٍ يرثى لحالي ساخراً / وهو الأحُّق بسخره ورثائه
والشعبُ إن باع الكرامةَ صاغراً / أو فاجراً فبقاؤه كفنائه
من أنبأ الغيدَ الحمائمَ أنَّهُ
من أنبأ الغيدَ الحمائمَ أنَّهُ / آتٍ لنا فَخففن لاستقبالهِ
هُنَّ الوداعةُ مثلض شكلِ قصيدةٍ / شمخت معانيها لقلبِ الواله
يرقصنَ في ضوء الربيعِ كأنما / جاءت أشعَّتهُ نشيدَ ظِلالِهِ
والقطرُ مِثلَ الحبِّ ينثرُ حولها / فَرِحاً ومثلَ الحبِّ في إقباِلهِ
متزحلقاتٍ كالغواني قُربها / فوقَ الجليدِ يرف مِلءَ جمالِهِ
والزهر في الأحواضِ وهو مُقيَّدٌ / حُرُّ يطيرُ بِعطرِهِ وخيالهِ
صورٌ توَحدت الطبيعةُ وانتشت / فيها فكُّل شاعرٌ بمثالِهِ
بمدينةٍ تاهَ الجمالُ بمجدِها / شعراً تلألأ ساحراً بكمالِهِ
أنَّى مشيت بها لمستَ جلالها / متواضعاً حتى لدى جُهّالهِ
سمقت كنفحِ روائع علويَّةٍ / للفنِّ وانتصرت على خُذَّاله
مهما وَصَفتُ لهن أوّفى حَقَّها / أو حَقَّهُ بنوا لها نواله
وَعَلامَ وصفي حين من أُهدى له / شعرِي يُحُّس بما أحُّس كآلِهِ
قالوا أَحب حديثها
قالوا أَحب حديثها / أصداء شعرِ الناس
وأنا أحسُّ بوقعه / نَبعاً من الإحساسِ
ليس الأصالةُ في الحيا / ةِ رهينةً بالمبدع
أو أنَّ ما يَحكى الَمرا / ئِي من جمالِ لا يَعى
فَترَّنمي وتضكي / يا ببغائي الساخره
يكفيك أنك كيف كنتِ / وكيف قُلتَ الساحره
أين ابتسامُكَ يا حبيبي
أين ابتسامُكَ يا حبيبي / فالثلج أقسى من مَشيبي
في غُربتي لهفانُ أس / ألُ عنك كل هوىً غريبِ
هيمانُ أنظر للسما / ءِ فلا ترد على وجيبي
ماتت أشعتها كمو / ت الثلج في كَفنٍ رهيبِ
وغدت مناحتها مناح / حةَ كلُ مغتربٍ كئيبِ
ما لي وقد خُلقَ التف / اؤل من حناني كالمريبِ
ما لي أُرجِّعُ آهتي / سهمانَ كالروض الجديبِ
ما لي ظمئتُ وكُّل ما / حولي مناهلُ للقلوبِ
من كلّ فنٍ عبقر / يٍ للمحِّب وللحبيبِ
خلقته آلهةُ الجما / لِ لكلّ ذى وترٍ عجيبِ
وَحَبت فؤادي فوقَ مر / جِّو المؤصَّل والجنيبِ
مالي أُعُّب ولا أَبُ / ل ظَماءَ روحي يا حبيبي
وَعَلامَ تَسآلي وحو / لي في الطبيعةِ من نحيبي
ومنَ الأَسى لَفراقِ آ / ياتِ الربيع المستجيبِ
ومنَ العذابِ بكل جا / رحةِ لصمت العندليب
ومن التجهم للغيو / م بَدَت كأسرارِ الغيوبِ
رضوانُ ناداني لجن / تك الزكيةِ يا حبيبي
حاشاهُ أن يَنسى عَذا / بي من عنائِكَ أو لهيبي
وَدَمي على شعري الجري / حِ دميِ على الشَّفق الخضيبِ
ما قيمةُ الجنَّاتِ في / داجٍ من البطِش العصيبِ
ليست وإن نُسبت إلي / ك بها لسحرك غيرُ طيبِ
ذكى بقايا من جلا / لٍ غابَ في المجدِ السليبِ
يا قلما ألقى المدَا / فِع عنه في وجه الخطوب
يا قلما يَأسَى وذا / كَ أساىَ جبَّاراً مُذيبي
يا قلما ضَحَّى وقد حُمَ / ملتُ من رُزئي صليبي
كمَ من تَمسَّح في الوفا / ءِ ممثلاً زُهد الخطيب
ووفاؤهم هو للحطا / م الدّونِ والصَّلفِ الخلوبِ
وطنيةٌ ملءُ اللسا / نِ تُشامُ أو ملءُ الجيوب
غَلبت منافعهم علي / هم والنِّفاقُ على ضروبِ
متهالكينَ على التظا / هُرِ وهو كالفجرِ الكذُوبِ
متآمرينَ على المواه / بِ عُوقبت مِثلَ الذنوب
فاستهزوَؤا بالشعرِ وا / لأدب اللبُّابِ واللبيبِ
وتفننوا في كلّ تز / ويرٍ على حق الأريب
وكأنمَّا التاريخُ والأح / داثُ نَدَّت عن حسيبِ
وكأنّما الوطنُ الغبي / نُ مراتعُ العبث الجليبش
وكأنّما الَّدخلاءُ أه / لُ البيتِ من كلّ الشعوبِ
عابوا علىَّ تغربّي / وأنا ببعدي كالتريب
لكن غناىَ غنىً لرو / حس لا تُفاخِرُ بالعيوبِ
صَلواتُها للموطنِ ال / عانيً بأنواع الكروبِ
ما كنتُ نَاسيهث ولا المق / دامُ بالثَّلبِ المعيبِ
مَن لا يضحىّ بالمبا / دىءِ وهو في بؤسِ الحريب
بل يَحسبُ الخسرانَ إج / لالاً على رغمِ الحسيبِ
يا ليتني ذاكَ الخبي / رُ بكلِّ آياتِ الطبيب
يا ليتني من يستطي / عُ اعادةَ المجدِ المهيبِ
قد ضاعَ بين الهازل / ين من الحسيب إلى النسيبِ
قد ذاقَ من نفيي وشا / خَ ودبَّ في نفىٍ دبيبي
أكرم بنبلكَ يا أد / يبٌ تاقَ للحرِّ الأديبِ
وَأبى لمثلى الاغترا / بَ فباتُ يشغلهُ أبيبي
هَون عليكَ فكُّل أر / ضٍ أو سماءٍ من نَصيبي
هيهاتَ يسجنني نطا / قٌ للغريب أو القريبِ
ولقد أعيشُ بعالَمٍ / هو من خيالي أو نسيبي
مُستصغراً ذاك التنا / حُرَ للزَّعيمِ وللنقيبِ
فَرضاَ على الأدباءِ / اذلال المبايِعِ والمنيب
وتمرَّغا في حمأ / ةٍ مفضوحةٍ للمستريبِ
مالي وهذا الخبثَ شُ / غلاً لابن آوى أوِ لذِيبِ
مالي وساعاتي أَج / لٌ من التطاحُن والحروبِ
ومنَ الحياةِ وإن بَدت / حيناً كفاتنةٍ لعوبِ
رُوحي بإيحائي وما عُم / رِي سوى لحنىِ وطيبي
إن سَاءَني قومي فُهم / قومي تعالوا عن ضريبِ
نقدىٍ لعَّزِتهم كَصو / نِ التُبرِ من شَوبِ الغريب
أَخلصتهم جُهدى فَصُّ / وني بإرهاقٍ رتيبِ
وكأنّما سُخفُ الدَّعىِ / ى أَجلِ من فكرِ المصيبِ
وطني حبيبي هل تَظُّ / ن تَعمُّى هَجرِ حبيبي
حاشاكَ يَا من شع / رُهُ مَجنىً من الشَّهد الصبيب
أنا ما نَزَحتُ لغيره / ما دامض في البؤسِ الرتيبِ
وكأنَّ مَدحَ الحاكمي / نَ لصبره جودُ المثيبِ
وكأنّما عهدُ الفراعي / نِ استطالَ بلا رقيبِ
يَرضَى الفتاتَ جوائزاً / والموتَ كالعيشِ القشيبِ
وأظلُ عمري مَن يناِ / فحُ دون عونٍ أو مُجيبِ
حَسبيِ ندائي للشبا / بِ إذا تَثاقَلَ خطوُ شيبِ
سيصونُه سمعُ الزما / نِ وجائلُ النسَّمِ الرَّطيبِ
وَلئن يُزفَّ لىَ الجحو / د فليس بالحظِّ العجيبِ
ولئن توسَّدتُ الترا / بَ فليس موتى كالمغيبِ
ستظل أحلامي تُطوَ / وفُ كالأشعة والطيوبِ
ويظلِ شعري بعد أن / فاسيِ كإلهامِ الغروب
يا مُنطقَ الموتى إليك هدية
يا مُنطقَ الموتى إليك هدية / من شاعرٍ عملوا على إخراسه
عدَّت مواهبه جنايةَ عصرِه / فتآمروا للحدِّ من أنفاسهِ
وتفننوا في وأدِ كل كريمةٍ / ويتيمةٍ وقفتن على إحساسه
وتعقبوه وطاردوه ففاتهم / ودموعه طفحت بثورةِ كاسه
وأتى إلى المنفى فما رحموا له / فكراً ولا قلباً يُدق بياسهِ
حتى هَرعت إليه تنقذُ وشلةً / بقيت وُترجعه إلى قِرطاسه
وُتعِّنفُ الزمنَ الغشومَ مهذِّباً / لقياسِه بل ضارباً بقياسِه
ومقدّراً غُرر المآثرِ وحدَها / لا حاسداً يختالُ في أدنِاسه
ومُخلصا مثلي الذي يا طالما / أَسدى من الموتى ومن وَسواسِه
جحدت عوارَفهُ وليس لمثله / مهما أُسئ سوى الوفاءِ لناسِه
ذكرى يُرددُها الزمانُ الوافي
ذكرى يُرددُها الزمانُ الوافي / أَلقُ الشموسِ لها من الأفوافِ
شعت على مرّ السنينِ وَعمرُها / عمرُ البطولهش نالض كلَّ شِغافِ
متغلغلا بِنهىَ الفوارسِ دافعاً / من يُحجمون إلى الخلود الضافي
اليومُ يومُ صلاتنا لجلالها / واليومَ نُقرؤها الحنانَ الوافي
وعلى الثرى نجثو نقبل تُربةً / عبقت بِحرِّ شعورها الرَّفافِ
ما كان بالخافي على مُستلهم / شَهمٍ وليس على الأبىّ بخافَ
إنَّا بنى الأحرار نعرفُ قدَرَهاً / وَنشيمها في النُّور والأطياف
وبكلّ معنىً للعظائمِ شامخٍ / وبكلّ نبعٍ للحقيقة صافِ
لا مَجدَ غيرَ الحِّق يبقى ناصعاً / سَمحاً على رغم الرَّدىَ المتلاف
هذى مقابرُهم وتلك دماؤُهم / مثلُ النجوم ونوِرها الشَّفافِ
هياتَ يُدركها الطغاةُ وربمُّا / سجدوا لها رغماً عن الآنافِ
سيجئ يومٌ للحسابِ قُضاتُهم / تِلكَ العِظامُ بِغضبةِ الإنصافِ
يا أمَّةَ الأحرار دومي حُرَّةً / والتضحيات لكِ الجلال الكافي
وبحسبك الشهداءُ ضمَّحِ ذكرهم / هذا الأثيرَ وشاعَ في الألطاف
يومٌ كهذا اليوم تهتف عنده / مُهجُ الشعوبِ العانياتِ هُتافي
وَتعُّزهُ الدنيا التي حَلمت به / حُلمىِ وتزأرُ وثبةُ الآلافِ
أمواكبَ الذكرى تَأَنى واهتفي
أمواكبَ الذكرى تَأَنى واهتفي / كالرَّعدِ يهتفُ للسماءِ مرارا
تتجاوبُ الأجيالُ حولكِ مثلما / تتجاوبُ السبَّع الطباقُ جهارَا
مرفوعةَ الأعناقِ ليس لزهوها / معنى الغرور بل السموِّ شِعاراَ
سيرى ملاحمَ للفخار وأنشدي / للخالدينَ الحبَّ والأشعارا
سير مآثر للتحرّر والعلى / فاليومَ يُلهمُ حَظُّكِ الأحرارا
ويصوغُ للأقدار سيرتها غداً / فَتكيفُ الأحلامَ والأقدارا
يصغى الزمانُ إلى نشيدك واعياً / ما كان في ماضي الزمان مُعارا
لا حُكمَ بعدَ اليوم إلاّ ما قضت / شِيمُ الشعوب به وإلاّ انهارا
سَترَّددُ الأقطارُ صوتك قاهراً / خورَ النفوسِ وسائحاً جبارا
سيرُ البطولةِ كالمعارفِ للنُّهى / تغذو الشعورَ وتخلق الأفكارا
رَوَّى الدمُ الغالي مآثرها كما / شَعَّت بأبهى التضحياتِ منارا
وجلاُلها حيُّ وإن هي وُوريت / حِقباً من التاريخ لا تتوارى
عيدٌ يقدّسهُ ذووه تفانياً / ويظل فيهم حاكماً قهارا
هو للبرَّيةِ كلها إيمانُها / أَو ثارُها أيانَّ تطلب ثارا
صانت مبادئه السلامَ وإن تكن / حملت إباءَ الصُّلبِ يقدحُ نارا
يا ويلَ من عملوا على إرهاقه / مِثلُ الحليم على التعسفِ ثارا
تَخذَ النجومَ شعارَه ولعلَّها / أَولى به في فهمها الأسرار
فَلتنصت الدنيا لما هو قائلٌ / فَتضف إلى أعمارِها أعمارا
عيدَ الضحيةِ مرحباً بك عيدَا
عيدَ الضحيةِ مرحباً بك عيدَا / تُحيى لنا الأملَ القديمَ جديدَا
إنَّا أَضفنا للضحية بيننا / ما كان ذُخراً لا يُمسُّ فريدَا
نُزجِيه قبل التهنئاتِ إلى الفدى / فإذا به عَصرُ الجلالِ أُعيدَا
في هيكلِ الحبِّ المقدِّسِ ذَبحهُ / بل ذبحها فلقد يلوحُ عديدَا
هذى ظواهره وكم عبثت بنا / دهراً وكم قد أسرفت تهديدا
الحقدُ والحسدُ البغيضُ وكل ما / جعلَ الشعوبَ النابهاتِ عبيدا
يا عيدُ إنَّا قد ذبحناها هُدىً / لنوِّفر الشُّمَّ الجدودَ الِصيدا
مَن كان ذبحُ الشاةِ رمزاً عندهم / وَتَطُّهرُ الوجدانِ كان العيدا
عاشوا بسيرِتهم ونحن بعيشنا / موتى إذا عفنا لهم تأييدا
هتف الحجيجُ مكبرين وهللوا / وتشربّوا نورَ اليقينِ مديدا
اليومُ يومُ محمدٍ وكتابِه / بين التنافُر أبدعَ التوحيدا
وغدا إخاءُ الناسِ روح شريعةٍ / غرّاءَ تُلهمُ خالداً وشهيدا
غَذَّت محاسنها الحضارةَ فارتقت / في حينِ كانوا صائداً وَمصيدَا
شَرفَاً بنى الاسلامِ ما وُرِّثتمو / شَرَفاً بكم سينال بعدُ مزيدا
لاحظَّ للمجد الذي هو غافلٌ / كالنجم يُسحقُ لو يسيرُ وئيدا
فتسابقوا نحو السموِّ وسدّدوا / هِممَ الهدَاةِ القاهرينَ سُدودا
ولتجعلوا العيدَ المرَّجب دائماً / فتحاً جديداً يستحُّث جديدا
طَرَفت فلما أغرورقت عيني
طَرَفت فلما أغرورقت عيني / وصحت صحوتُ للوعة البينِ
خمسٌ من السنوات قد ذهبت / بأعزِّ ما سميتهُ وطني
ما زالت الأفراح تنهبهُ / وهي المآتمُ في رؤَى الفطنِ
أفراحُ ساداتٍ له نُجبٍ / من كلِّ صُعلوكٍ وُممتنِّ
طالت أياديهم واذ لمسوا / أعلى الُّذَرى سقطوا عن القنن
ياليتهم سقطوا وما تركوا / زُمَراً تُتابعهم بلا أَينِ
تركوا الوصوليين صاعدهم / صنوٌ لها بطهم أخو ضَغنِ
وكأنَّهم أكوازُ ساقية / دوَّارةٍ بالشِّر للفطنِ
لا شئَ يشغلهم ويُسعدهم / إلاّ الأذَى في السِّر والعلن
عبثوا بنا وبكل ما ورثت / مصرُ العزيزةُ من غِنىَ الزَّمن
هذا الربيعُ السمحُ واكفهُ / دمعي ودمعُ البؤسِ في وطني
خَلفَّته أسوانَ قد سلبوا / قَهراً وشائجَ نفعهِ مِنِّى
خَلفَّتهُ لا شئَ يَشغلني / إلاَّهُ وهو بِشغلهِ عَنِّي
وتركته الأَغلى الذي فُتنت / رُوحي به وأشاحَ عن فَنِّي
يا للربيعُ ممازِحاً فرِحاً / ولئن بكى ومُشنِّفاً أُذني
أصغي إليهِ ولا أحسُّ به / وَهوَاه في قلبي وفي عَيني
يَجريِ ويقفزُ في مُداعبةٍ / نشوانَ من فَننٍ إلى فَننِ
والشمسُ قد تَركَت غلائلها / نَهباً لديه فَلجَّ في الفِتنِ
وَبَدت عرائِسهُ وقد وُلِدت / في الفجرِ راقصةً تُغازُلني
عَرِيَت وكل كيانها عَبقٌ / ورؤىً وأطيافٌ من اللَّونِ
يا لطفها فيما تُبادلني / بمنَّوعٍ من سحرها الفنِّى
وأنا كأنيّ لم أَخصَّ بها / شعري ولم يزخر بها زمني
وكأنّما غفرت مُجانبتي / ورأت أساىَ أجلَّ من ديني
مَن ذا يُحسُّ شُعورَ مُغتربٍ / غيرُ الربيع بدمعهِ الهتن
غُير الطبيعةِ وهي حانيةٌ / تسعى وتمنحنا الذي تجني
هيَ بي وَلوعَةِ مُهجتي أدرَى / وبكلِّ ما ألقاهُ من مِحنِ
ولئن تكن عَصفت فَغضبتها / شِبهُ العتاب يُساق للوَسن
إن حالَ دوُنَ لقائِها مرضى / وغدا الفراشُ مُحاصِراً ذِهني
جارحةٍ لها شَغفي / وبها أَظل مُناجِياً وطني
أهل الحميةِ والحميةُ أنتمو
أهل الحميةِ والحميةُ أنتمو / لا تفعلوا فعلاً يلوثه الدمُ
هيهاتَ للعربِ الكرامِ برشدِهِم / أَن يستبيحوا ما يهون ويُذمَمُ
الخائفون اللاجئون إليكمو / زحفت عليهم في الجنانِ جهنمُ
وفدوا عليكم تحت راية حُبِّهم / وولائهم متبتلين وَأحرمُوا
جعلوا بكم آمالهم وتطلعوا / لحنانكم من بَعدِ ما قد أعَدمُوا
وتسابقوا ليدّعموا لفخاركم / مُلكاً ولو فيه الأشُّم المدعَمُ
أيقالُ أنتم خاذلوهم بعدَما / أنسوا إليكم صادقين وأسلموا
أيقالث قد أخَذ البرئُ بظلكِّم / ظُلماً بما صنعَ الخبيثُ المجرمُ
ما هذهِ شيمُ العروبةِ بل نرى / شيمَ العروبةَ كُلَّها يُستلهمُ
إن يجزع الاردن فهو بحزنه / مرآةُ أحزانٍ طفحنَ تُعمَّمُ
والحزنُ بالصبر الجميل مقامُه / أسمى من الحزن الذي يتجهَّمُ
شَقيت فلسطينُ العزيزةُ حقبةً / وبكلِّ جُرحٍ غائرٍ منها فَمُ
لا ترجموَها من جريرةِ مُذنبٍ / والمحسنون جموعُها لم يأثموا
جَادُوا بلا من بكلِّ يتيمةٍ / في الفكرِ حين تعَّذبوا وتيتموا
جادوا بما غَذَّى القلوب نبيلةً / وَهُمُ الجياعُ ونُبلهم لا يُهزمَ
سَكنوا العراءَ مع الصخور فروِّعَت / خجلاً وأشفقت الصخورُ عليهمو
هم بِضعةٌ منا فإن لم نَحمهم / فالعارُ يومَ مصابهم أن يرجَموا
ما كانَ للعمَّالِ يومٌ لم يكن
ما كانَ للعمَّالِ يومٌ لم يكن / عيدَ الحضارة كُلِّها معدودَا
هل قيمةُ الانسانِ إلاّ نفعهُ / حياً وميتاً قائداً ومقوَدا
إن عَاوَدَ الشمسَ الكسوفُ فإنَّهم / زادوا على مَرِّ الزمانِ صُعودا
جعلوا حقوقَ الناسِ حَّق كفايةٍ / وأبوا إباءً سيداً ومسودا
وَتَحُّررَ الأفراد نوراَ شاملاً / طَلقاً ومُجتازاً رُبىً وُسدوُدا
مهلاً وريقاتِ الخريفِ تَمتَّعى
مهلاً وريقاتِ الخريفِ تَمتَّعى / قبلَ الوداعِ بُموحياتِ العيد
اليومُ للعمَّالِ يومُ جلالةٍ / واليومُ للأحياءِ جُّد فريدِ
فَتسمَّعيِ صيحاتِ كُلِّ مُكَّرمٍ / لا زَجرَ ساداتٍ وَخوفَ عبيدِ
وَتزودى من كلِّ مرأىً باسمٍ / بِمنىَ الإخاءِ ونعمةِ التوحيدِ
هذى مواكبهُ تسير نوافحاً / بحرارةِ الإيمانِ كُلَّ نشيدِ
إنِّى وَأنت مُشردان بعالمٍ / حَظ التحُّرر فيه للتشريدِ
إلاّ بأرضٍ لم تزل تحمى الِحجا / وكرامةَ الإنسانِ بالتأييدِ
فلكلّ حرٍّ منبرٌ بربوعها / ولكلِّ جُهدٍ باعثٌ لمزيدِ
وتكافأت فُرصُ الحياةِ بظِّلها / لا سِجنُ محرومٍ وموتُ شهيد
مهلاً وريقاتِ الخريفِ فإننا / متشابهَان وأنصتي لنشيدي
حُبُّ الحياةِ يدوُم في وطنٍ به / شرفُ الحياةِ قرينُ كُلِّ وليت
مهلاً ففيكِ من الأَشعةِ ومضةٌ / تُرَجى فمن يؤذيكِ بالتهديد
الناسُ تخشى من تَبسُّمِ فاجرٍ / وبسمت أنتِ ولا ابتسامَ الِغيد
لمَ لا وكل الخلقِ يغمرهم رضىً / حتى الذين سعوا الى التزييدِ
شتانَ بين المرغمينَ كأنهم / سلعٌ بسوقٍ للطغاة مَشيدِ
والعائشين تضاعفت أعمارهم / في موطنٍ لبنى الكماةِ الصيِّدِ
ما زلتِ أهلاً للرسالةِ بيننا / ما بين أصباغٍ وبين قصيد
ما زلتِ رمزاً للكفاحِ وللمنى / مهما ذبلتِ يُخصُّ بالتمجيدِ
كُرِّمتِ للعملِ المجيدِ وحولنا / هتفَ الأولى فُتنوا بكل مجيدِ
فَتمهَّلىِ وتشربي مما أرى / صُوَرَ الجمالِ حَلت بأكرمِ عيد
فالعيشُ في هذا المجال سعادةٌ / والموتُ بعدُ يُعد في التخليد
يا مالكاً لا عن وراثة شامخٍ
يا مالكاً لا عن وراثة شامخٍ / بجدوده حين الجدودُ فخارُ
بل عن محبة شعبة وخياره / والشعبُ حُقَّ له الذي يَختارُ
الملك مُلك الشعبِ حين زعيمهُ / ملكٌ هو المأثورُ لا الجبار
مُتوِّهجٌ بدم الكفاح وإن يكن / سلماً وفي سَلمِ الكفاحِ النار
قالوا ألا تَصفُ المليكَ فقلت بل / وصفَ المليك سلوُكه القَّهارُ
هو واحدٌ من شعبه لم يغترر / يوماً ولا مجدٌ لديه مُعارُ
يحنو عليه فيستجيبُ لعطفه / ما فيه أضداد ولا أنصارُ
بل كلُّهُ يومَ الكريهةِ شُعلة / وجميعه يومَ السلام الغارُ
إن كان ماضيه الحضارة والعلى / فإلى غدٍ له تَشخصُ الأبصارُ
شبل الألى عمَّت حضارتُهم هدىً / أمماً ولم يمسسُ علاها العار
سطعت بأندلسَ العظيمةِ حُرةً / ومضت وظلَّ عبيدَها الأحرارُ
يستلهمون جمالها وشعارَها / إن أَعوز المستلهمين شعارُ
أمحمدٌ ما كنتَ خامس عاهلٍ يقظٍ / يَهابُ جلاله الفجَّارُ
يا رائداً للمكرمات وحَكمهُ / سِيرَ البطولةِ حولها الإعصار
ماذا اقدِّمُ يومَ عيدِك من حُلىً / وَحلاَكَ زاهيةٌ بها الآثارُ
ليس التمسُّح في الملوك سجيتي / إن صاحَ خلفهمو العفاةُ وساروا
بل للمبادئ وحدَها أزجى لها / ما ترتضي الأحلامُ والأشعارُ
عش مَضربَ الأمثالِ للأُمم التي / عانت ودوَّخَ حظَّها الأشرارُ
يا رُبَّ فردٍ قد يُضِّيعُ أمةً / سواه تَعمرُ حوَله الأعمارُ
هذي وصيتك النفيسةُ لم تزل
هذي وصيتك النفيسةُ لم تزل / أَلقاً تَرَ جرجً في الغمامِ الوادق
مُستلهمَ الأحرارِ بين عواصف / دُهمٍ وبين فواجعٍ وصواعق
وتظل في بحر الأثيرِ مصونةً / ولو أنها هبطت لنا من حالقِ
تجرى على أمواجه جريانَها / ملءَ العصورِ كزاحفاتِ فيالقِ
ولئن تكن خُلقت لبضعِ دقائقٍ / فسمت لنا خلقاً سموَّ الخالقِ
سَخرَت من الأحداثِ حتى أخرست / مُتصِّلفاً وأتت عل المتحامِق
تسعون عاماً أو تكادُ قد انقضت / لما نطقتَ بها كأحكمِ ناطق
وكأنَّها حُكمُ القرونِ فلم تزل / تَدوى لأخصامٍ لنا وأصادق
في كلّ لفظٍ لذعةٌ وتحرُّقٌ / وَيلٌ على الظلمِ العتىِّ الساحقِ
لم يعرف الموَتى حياةَ مثلها / ذُخرَت وَشَعَّت من أَعزِّ حقائقِ
وتعَّلقَ الأحياءُ حين تعلقوا / شغفاً بها بأعزِّ حُلمٍ صادقِ
واهتزّت الأجداثُ وهي خواشعٌ / بِيدِ الخريف من البيانِ الشائقِ
لا من رياحٍ سافياتٍ حوَلها / أو ذكرياتٍ مُرَّةٍ وبوائقِ
إن يفخر الموتى فَمن أسمعتهم / ما قلتَ قد عاشوا بفخرِ السابِقِ
تَكئوا على سُرُر الزمان قياصراً / متضوّعينَ من الحديثِ العابقِ
وكأنَّهم رُسُل المسيحِ بوعظهِ / حُراً على الجبل الفخور السامِقِ
تِيهى جِتسبرجُ العزيزةُ بالذي / حازت سماؤكِ بعدَ تُربٍ وامق
فكلاهما سَمعَ النداءَ وصانَه / روحاً وجسماً في صَدىً وخلائق
ميراثُ شعبٍ لم يزل وَطنَ العلى / وملاذَ أحرارٍ وملجأَ طارقِ
بلغت حضارَتهُ نهايةَ ذروةٍ / تُرَجى وما خَذلت تطلُّعَ واثق
ما ضَرهُ أن هَدَّدَ الجبروتُ أو / أَن هدَّد الحمقىَ بغضبةِ حانقِ
شتانَ بينَ الغاصبينَ شعارُهُم / سَفكُ الدماءِ وذبذباتُ منافِقِ
والرائدينَ المصلحينَ شعارُهُم / مُثلٌ تُرفرفُ كاللواءِ الخافقِ