القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 67
ماذا أصابك أيها البستاني
ماذا أصابك أيها البستاني / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
الأنَّ أهلكَ أورثوك نسيتَ ما / وهبوا وما ابتدعوا من الاحسان
لا خيرَ في الانسانِ من ميراثه / الا الدمُ المحَيبه للانسان
ضَيَّعتَ غَرساً صوحَّت أفنانُه / وَشغلتَ بين مهازلٍ وغواني
الليلُ ينفقُ في القمار وفي الزنى / رجسان ماثورانِ للشيطان
ومن الفراش شكا النهارُ تُذيلهُ / وكأنه نَجسٌ من العبدان
تتضاءل الحسناتث منك وتمحى / في حين جمسك بعدها جسمان
ماذا دَهَى الأملَ العريضَ فطالما / أوحى لنا والآن لطمةٌ عانِ
كنا نرى ذاك الشباب ملاذَنا / مُذ خاننا الجبناءُ لا الحدثان
كنا نثشيد به وُنزجى حُبَّنا / سَمحاً إليه فشال في الميزان
كنا نرى الوجه الصبيحَ كأنه / رمزٌ لكل تطلع روحاني
ونصيخ للعذب الحديث كأنه / تفسيرُ أحكامٍ من القرآن
كنا حواليه نطوف بفرحةٍ / مترّنمين بأعذب الايمان
ماذا دَهَى هذى الغوالي كلَّها / وشخُوصها ما زلن في وجداني
ماذا أصابك أيُّها البساتي / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
كنا نزفُ إِليك أحلام العلى / والآن ليس سوى الرثاءِ يُداني
ما بالكم صرتم زبانيةً وقد / كنتم ملائكة ورُسلَ حنان
أُهوَ الخضوعُ الى الدخيل وَكم له / جولاتُ خَدّاعٍ لكسب رهان
الأجنبيث مسيطرٌ في بيتكم / ومبيحُ عرضكمو لكل لسان
مزقٌ بحيث يُعُّد اى مُدافع / عنه قرينَ سفاهةٍ وهوانِ
حين الورودُ تناثرت وتعثَّرت / في شوكها القدمانِ والعينان
هذا انتحارٌ لو دَريتض فهلُ ترى / تدري أم استسلمتَ للبهتان
هيهاتَ يُفلح فاسقٌ مستهترٌ / أو يستقُّل بعزةٍ ومكان
ما زلتُ أخلصكَ النصيحة فاتعظ / وتحاشَ من خُّروا الى الأذقان
فإذا أَبيتَ فأنت آخرُ هادمٍ / ويظل ذكرك عبرةَ الأزمان
واذا انتصحتَ ملكتَ عمراً ثانياً / وَغدوتَ في الأحياءِ أعقلَ بان
هيهاتَ ينفعكَ التمُّلق والرقىَ / وجميعُ ما يوحى جنونُ أناني
مهلاً ومهلاً أيها البستاني / ارجعِ لغرسكَ أيها البستاني
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل / ورقدتَ أنت صريع هذا الساحل
اصغرتَ آلافَ الفراسخ جائزا / هذا العباب كعابر لجداول
وقدمتَ تُزجيك المحبة والوفا / هَزِجاً تدوس على عديد حوائل
أنَّى ترحَّل أو أقام فَحوله / زُمَرٌ تَحَّدثُ عن نهىً وشمائلِ
متهللاً معنى الشباب رواوءه / وخلاله كحديثه المتفائل
تتفيأُ الألبابُ في آدابه / وكأنَّها من أنسه بخمائل
ماذا دهاك وأنتَ زينةُ مجلسٍ / ورجاءُ أحبابِ ونفحةُ بابل
حتى سكنت الى الممات وطالما / قد كنت تهزأ بالممات الهازل
كنتَ الرياضيَّ العفيفَ مُساجلاً / فسقطت من غدر المصاب الهائل
كنت المثقف والأديب حياتهُ / هبةُ الفنونِ لأمةٍ ومحافل
وذهبت لا هذى الدموع سخينة / تكفى لتبيان العذاب الجائل
كلا ولا الأديان فيما فسرت / لتجيب عن ظُلم القضاءِ الخاذل
أو حيرةُ المتبادلين عزاءهم / لتحَّد من ذُعر الحزين الذاهل
جاء الممات من الحياة وقبله / جاء الوجود من الفناء الشامل
صور تضل لها العقول وربما / أغنى الغبُّى عن الحصيف العاقل
والعمرُ كيف العمر حظّ مقامرٍ / والحُّق كيف الحُّق أفظع باطل
ضيعتُ فلسفتي مراراً صاغرا / ووأدتُ تعزيتي أمام القاتل
إن كان إعزازُ الكمال فناءَه / فالحمقُ ان نحيا حياة الكامل
ونرى السوائم راتعين بنعمةٍ / ونرى المواهب في الحضيض السافل
ونرى الصباحَةَ والقسامَةَ في الثرى / ونرى الحقارة في أعزّ منازل
يا من عَددتُكَ في صميم جوارحي / ولدى ومن زودتُ منه فضائلي
فيمَ الرثاءُ وذاك عُرسكُ قادمٌ / أيصير عرسك لحن قلب الثاكل
كنا نهيئ مسعدين شرابه / فسقى الردى نخب الشباب الآفل
إن كان هذا عدل دنيا حرةٍ / بئسَ الجزاء من القضاء العادل
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي / تمضى ولا تمضى بها آلامي
فِيمَ التجُّلدُ كالخُضابِ للمَّةٍ / نصلت وفيم السَّلم دون سلامِ
نفسي على حربٍ وبُعدُكَ كارثى / وعواطفي ثكلى عليك دوامى
ليست حروبُ الدهر في أَجرامه / أقسى وأفظعَ من عميقِ كلاَمى
في كل يوم بل بكل هنيهةٍ / هذا خيالك ما يزال أمامي
قلبي يحادُثه وأسمعُ صوَته / أدباً تَّنزهَ عن أذىً وخصام
مستغرقا فيما يقول كراهبٍ / مستغرقٍ بنوافح الإلهام
وجرت بلاغتهُ بحلو تسلسلٍ / كتسلسلِ الغدَران بالأنغامِ
وَحَوت وداعتهُ الترفع مثلما / حوت المرؤة عزّةَ المتسامى
يُدلى برائعة المعاني للنُّهى / وكأنَّها نَخبُ الشرابِ لظامى
إلاّ نُهاىَ فما يُبُّل ظَماؤه / وتردني الأحزانُ عن أوهامى
قد كنتَ لي مثلَ الجمال بما وَعَى / من فطنةٍ وعواطفٍ ومرامى
وُسمِّو أخلاقٍ وصحةِ بنيةٍ / عَّزت على الأرواح والأجسام
قد كنتَ لى الأملَ الجديد بحاضري / وبمقبلي فتبددت أعوامى
وحسبتُ في كف القضاء سعادي / فإذا الشقاء لديه فضلُ زمامي
يا للمصاب وقد تقَّنعَ ساخرا / بالحب والأمل العريض النامى
متظاهراً في الأصدقاء فَغَّرنا / هذا الشمولُ لبسمةِ الأّيام
حتى دُهِينا ذاهلينَ بخطبنا / في كل ما صُنَّاه من أحلام
وكأنّما تلك المواهبُ لم تكن / وكأنما الإنصاف جِدُّ حرِام
هذا طوافي حول قبركَ خاشعاً / أبكى كأنَّ الدمعَ من إحرامي
وأسيرُ فوق ثَرَاكَ لا مترفقاً / ورعاً فحسبُ بل الشهيدَ الدامى
أمشى كأنَّ جواهراً مبثوثةً / هذا الثرى فيردّني إقدامى
يا عقلُ لا تفكر فذاك ضلالةٌ / واخسأ وياعينَ الحبيب تَعامى
هذى عدالة عاَلمٍ مُتبجحٍ / بالشرّ بل عدل الآله السامى
هذا مآلُ الألمعية والهدَى / والنبلِ تحت جنادلٍ ورغام
هذى هي العقبىَ لأحلام الصبىَ / ونهايةُ الايمانِ والأحلام
كنا نُهيئُ كيف شئتَ معالماً / للعرس فانقلبت شهودَ حِمامِ
فلمت تركت الفاقديك تفجعوا / وهم الرجالُ عليك كالأيتامِ
لهفى بُنَّى وأنتَ بين نوابتٍ / نجمت عواطفَ لوعةٍ وغرام
رفَّت على ريح الغروب حزينةً / وتلهفت بمرارةٍ وأوام
ما كان أجدرَ منك بين جُموعنا / حّياً وأبعد منك عن نُّوامِ
غَدرَت بك الدنيا كأنَّك لم تكن / كنزاً لها بشبابهِ المقدام
أو أن لُطفك ما أمدَّ جمالها / بجماله وحنانه البسَّامِ
يا تاركي في لَوعةٍ لم يشفها / جَلدِى ولم يذهب بها إسلامي
دعني أزورك شاكياً ومُسائلاً / بل لاجئاص من لوعتي وضراميِ
على وعلك في التحادثِ نرتضى / بعضَ العزاءِ وأستقيه مُدامي
أي الحوادث جندلتك بِختلهَا / فُقتلتَ قتلَ الزهرِ في الأكمام
أي المظالم فرّقتك عن التي / قَدستَ للآباد لا الأعوام
أى الفواجع جُمِّعت في ليلةٍ / ظلماءَ قادتنا لدهر ظلام
حتى تنفستَ السموم مُسالما / ففقدتَ حين فقدُت كَّل سلامى
سأعيش ذكراك الحَّب وكلُّنا / ذاك المحُّب على مدى أيامى
وأجئ زائركَ الوفَّى كأنني / لم افتقدكَ ولم يكن إلمامي
على بحبي واندماجي أشتفى / بعضَ الشفاءِ ويهتدى لوَّامى
وأنالُ ثأرى من زمانٍ فاجرٍ / فَلذَاك أكرمُ لي من استسلامي
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ / قبل الحسابِ وقد يحجّ الفاجرُ
عجباً أينسىِ الغافلينَ هو أنهمُ / عما جَنتهُ ضغائنٌ وصغائرُ
ايقامر المتسامحون بفكرهم / ان جاز أن يهب الثراءَ مقامر
أيخادعون مخادعاً إحسانُه / عبثٌ وأسخفُ ما حكاه مهاتُر
من مَّرغ الأدب اللبابَ جنونُه / وعلى يديه غدا الخرابُ العامرُ
وتحجرَ الشعرُ الكريم بنظمه / فشكت أذاهُ مَقاولٌ ومشاعر
سَرقَ الروائعَ من مفاخرِ غيره / وأماتهَّن ولا يزال يفاخر
ما خفَّفَ الإثمَ الكبير سوابق / حاكى مقابحها وراح يكابر
رُزءٌ تكَّررَ فالسفاهُة ملكها / إرثٌ على السفهاء وَقفٌ دائر
شقيت بهم مصرُ الأسيفهُ حقبةً / طالت وكلُ بالغرور يجاهر
من كل أرعن مالهُ أو كيدهُ / سيفٌ على الأحرار صَلتٌ باتر
حتى أتى البطل الأشمّ كأنّه / تُّل الخرائبِ جَفَّ فيه النَّاضرُ
فَرضَ الضريبةَ للسلامة من أذَّى / سُوَرَ التملق والتملقُ آسرُ
فتكاثر الغلمان حول سريره / مترنمين كما يشاء الساحر
ومرتلين له الخشوع كأنّه / في كل شعوذةِ إمامٌ نادر
وهو الممثل كم يسئ ويشتكى / أنَّ المساء هو النبيلُ الطَّاهر
جيلٌ من الأدباء ضُحىَ نَفعهُ / كيما تُعبَّقَ بالنفاق مجامر
تَخذَ السفيهُ من التبجح حُجَّةَ / للعبقريةِ وهو لاهٍ ساخر
وَجنىَ كما يجني الوباءُ على الحجى / وعلى التفوّقِ سُمُّهُ المتطايرُ
سَدَّ الطريقَ على مدى إبداهم / فالفُّن قبلهمو الفقيرُ الخاسرُ
جَعلَ السياسةَ سُلَّماً لصعوده / ولكم تصاعد بالسياسة عاثر
مَن ذا يعوّضهم وماذا يَرتَجىِ / إن غُيبوا يومَ الرثاءِ الشاعر
بل أى تكفير لجانٍ كافر / إن راحَ يبكى أو تباكي الكافر
أسفى على وطني المذَال عَظيمهُ / يَشقىَ وينعمُ بالنفاق الصاغر
والمخلص الحر الغيور مآله / نفىٌ تنوع أو مماتٌ جائر
الظلم مهما زُينت الوانه / ظلمٌ وظلمُ الفكر عاتٍ عاهر
واذا تنكر للمواهب مُدَّعٍ / سفهاً وصفق للدعىِ القادرُ
وغدا التصُّنعُ فوقَ كل أصالةٍ / واِلغُّر دان له الأبُّى الثائر
وَتخاذَل الأدباءُ يوم تعاونٍ / ومشى علهيم فاجرٌ وُمغامر
فالعدل ظلمٌ والمهانةُ ربُمَّا / هينت بهم ولقد تُهان مقابِر
هل كان قانون ابن سي
هل كان قانون ابن سي / نا غير قانون الحياه
نسختهُ أبحاثٌ واحدا / ثٌ وما نَسخت هُداه
وتظل ذكراه تدو / رُ على الخواطر والشفاه
فانعم به يا صاحبي ال / حلبي كنزاً للعفاه
واذخره مثل أشعةِ ال / شمس المنيرة للحياة
لو أن تجربةَ الحياةِ وحَّظها
لو أن تجربةَ الحياةِ وحَّظها / أني أَنالُ نَداكَ ثم أموتُ
لكفت لتفسير الحياة وخيرها / إنَّ الحنانض لمثل روحي قوت
أيهاً ليونُ جمعتَ ذخرَ فضائل / وحجىً أقُّل جمالهِ ملكوتُ
وحمىً أردِّدُ في عُلاهُ عواطفي / ويطيرُ فيه شعورىَ المكبوتُ
أنت المسيح وقد تقمصُ حبُّهُ / دُنيا الجمالِ وخافَه الطاغوتُ
ما كنت إلاّ للحقيقة وحدَها / والحُّق أكثرُ حظهِ موقوتُ
فلئن سَكت فما سَكت مُخيَّراً / ولرُبَّ سخطٍ للحكيم سكوت
في عالمٍ قد باتَ يُغبطُ من به / عُّى وضَيَّعَ سَّرهُ الكهنوت
وتشردت فيه المحبةُ مثلما / قد ضاع أوزيريسُ والتابوتُ
فمتى يَعُودُ وإن رأيتكَ رمزهُ / ومتى يسُودُ وَخصمهُ ممقوتُ
من مبلغٌ وطني الحبيب تلُّهفي
من مبلغٌ وطني الحبيب تلُّهفي / للقائه كتأسفي للقائه
لَّج الحنينُ وما عرفتُ بهجرتي / أن استخفَّ بعنفهِ وزكائه
وطني الذي رُبِّيتُ تحت سمائه / ووهبتهُ فني نجومَ سمائِه
ورضعتُ من أزهاره وسكرتُ من / أسماره وشربتُ من أضوائه
من ليس بَعدِ له سوى حِّبي له / حبَّاً تشرَّد كاليتيمِ التائه
من عنده الخبزُ القفارُ ولائمٌ / وولائمُ الأرواح ملءُ رُوائهِ
من طالما غنيتُ في افيائه / بروءاى حين سجنتُ في أفيائه
من لم يمكني لأرفعَ مجدّه / ولواءه وخذلتُ تحت لوائه
من لم ينهنه زجره جهدِي له / وأنا المكبل في مديد بلائه
من ظلَّ لا يجد الثمالَ سوى الألى / خانوه واعتبروا مناطَ رجائهِ
من لا يبالي أن يُشاهدَ أهله / يشقونَ والأبرارَ من شُهدائه
من مكن الإقطاعَ من تقطيعه / وأباح عَّزتهُ رضىَّ سُفهائهِ
من لم يَصن تاريخه بفعاله / وهَوتَ زعامتهُ لدى زُعمائه
من عفَّرَ الرأسَ المنّزه في الثرى / للفاسقين الصُّمِّ من رؤسائه
كُنَّا نُرجِّى الأمسَ صِدقَ بلائهم / فغدوا رزيئتهُ وسرَّ بلائه
من كلِّ أرعنَ لا يصِّعرُ خَدِّهُ / إلا وتلطمه أحُّط نسائه
ينضىِ الركائبَ في الطِّلاب لشهوةٍ / ولِضمِّ أهواءٍ إلى أهوائه
ويخال صَخبَ الموبقاتِ حيا لهُ / إعجابَ من عَانوا من استهزائه
أسفىِ على المُلكِ المذالِ وطالما / حامت قلوبٌ حوله لفدائه
كنا نلوذُ به ليوم كريهةٍ / فإذا بنا ما شاءَ من أشلائه
أسفى وكم يَطغَى الحنينُ كأنني / عبدٌ وإن حِّررتُ بين إمائه
ولربما كان النساءُ بأرضهش / هُنَّ الرجالَ وكنَّ من أدوائه
كم عابثٍ يرثى لحالي ساخراً / وهو الأحُّق بسخره ورثائه
والشعبُ إن باع الكرامةَ صاغراً / أو فاجراً فبقاؤه كفنائه
من أنبأ الغيدَ الحمائمَ أنَّهُ
من أنبأ الغيدَ الحمائمَ أنَّهُ / آتٍ لنا فَخففن لاستقبالهِ
هُنَّ الوداعةُ مثلض شكلِ قصيدةٍ / شمخت معانيها لقلبِ الواله
يرقصنَ في ضوء الربيعِ كأنما / جاءت أشعَّتهُ نشيدَ ظِلالِهِ
والقطرُ مِثلَ الحبِّ ينثرُ حولها / فَرِحاً ومثلَ الحبِّ في إقباِلهِ
متزحلقاتٍ كالغواني قُربها / فوقَ الجليدِ يرف مِلءَ جمالِهِ
والزهر في الأحواضِ وهو مُقيَّدٌ / حُرُّ يطيرُ بِعطرِهِ وخيالهِ
صورٌ توَحدت الطبيعةُ وانتشت / فيها فكُّل شاعرٌ بمثالِهِ
بمدينةٍ تاهَ الجمالُ بمجدِها / شعراً تلألأ ساحراً بكمالِهِ
أنَّى مشيت بها لمستَ جلالها / متواضعاً حتى لدى جُهّالهِ
سمقت كنفحِ روائع علويَّةٍ / للفنِّ وانتصرت على خُذَّاله
مهما وَصَفتُ لهن أوّفى حَقَّها / أو حَقَّهُ بنوا لها نواله
وَعَلامَ وصفي حين من أُهدى له / شعرِي يُحُّس بما أحُّس كآلِهِ
قالوا أَحب حديثها
قالوا أَحب حديثها / أصداء شعرِ الناس
وأنا أحسُّ بوقعه / نَبعاً من الإحساسِ
ليس الأصالةُ في الحيا / ةِ رهينةً بالمبدع
أو أنَّ ما يَحكى الَمرا / ئِي من جمالِ لا يَعى
فَترَّنمي وتضكي / يا ببغائي الساخره
يكفيك أنك كيف كنتِ / وكيف قُلتَ الساحره
أين ابتسامُكَ يا حبيبي
أين ابتسامُكَ يا حبيبي / فالثلج أقسى من مَشيبي
في غُربتي لهفانُ أس / ألُ عنك كل هوىً غريبِ
هيمانُ أنظر للسما / ءِ فلا ترد على وجيبي
ماتت أشعتها كمو / ت الثلج في كَفنٍ رهيبِ
وغدت مناحتها مناح / حةَ كلُ مغتربٍ كئيبِ
ما لي وقد خُلقَ التف / اؤل من حناني كالمريبِ
ما لي أُرجِّعُ آهتي / سهمانَ كالروض الجديبِ
ما لي ظمئتُ وكُّل ما / حولي مناهلُ للقلوبِ
من كلّ فنٍ عبقر / يٍ للمحِّب وللحبيبِ
خلقته آلهةُ الجما / لِ لكلّ ذى وترٍ عجيبِ
وَحَبت فؤادي فوقَ مر / جِّو المؤصَّل والجنيبِ
مالي أُعُّب ولا أَبُ / ل ظَماءَ روحي يا حبيبي
وَعَلامَ تَسآلي وحو / لي في الطبيعةِ من نحيبي
ومنَ الأَسى لَفراقِ آ / ياتِ الربيع المستجيبِ
ومنَ العذابِ بكل جا / رحةِ لصمت العندليب
ومن التجهم للغيو / م بَدَت كأسرارِ الغيوبِ
رضوانُ ناداني لجن / تك الزكيةِ يا حبيبي
حاشاهُ أن يَنسى عَذا / بي من عنائِكَ أو لهيبي
وَدَمي على شعري الجري / حِ دميِ على الشَّفق الخضيبِ
ما قيمةُ الجنَّاتِ في / داجٍ من البطِش العصيبِ
ليست وإن نُسبت إلي / ك بها لسحرك غيرُ طيبِ
ذكى بقايا من جلا / لٍ غابَ في المجدِ السليبِ
يا قلما ألقى المدَا / فِع عنه في وجه الخطوب
يا قلما يَأسَى وذا / كَ أساىَ جبَّاراً مُذيبي
يا قلما ضَحَّى وقد حُمَ / ملتُ من رُزئي صليبي
كمَ من تَمسَّح في الوفا / ءِ ممثلاً زُهد الخطيب
ووفاؤهم هو للحطا / م الدّونِ والصَّلفِ الخلوبِ
وطنيةٌ ملءُ اللسا / نِ تُشامُ أو ملءُ الجيوب
غَلبت منافعهم علي / هم والنِّفاقُ على ضروبِ
متهالكينَ على التظا / هُرِ وهو كالفجرِ الكذُوبِ
متآمرينَ على المواه / بِ عُوقبت مِثلَ الذنوب
فاستهزوَؤا بالشعرِ وا / لأدب اللبُّابِ واللبيبِ
وتفننوا في كلّ تز / ويرٍ على حق الأريب
وكأنمَّا التاريخُ والأح / داثُ نَدَّت عن حسيبِ
وكأنّما الوطنُ الغبي / نُ مراتعُ العبث الجليبش
وكأنّما الَّدخلاءُ أه / لُ البيتِ من كلّ الشعوبِ
عابوا علىَّ تغربّي / وأنا ببعدي كالتريب
لكن غناىَ غنىً لرو / حس لا تُفاخِرُ بالعيوبِ
صَلواتُها للموطنِ ال / عانيً بأنواع الكروبِ
ما كنتُ نَاسيهث ولا المق / دامُ بالثَّلبِ المعيبِ
مَن لا يضحىّ بالمبا / دىءِ وهو في بؤسِ الحريب
بل يَحسبُ الخسرانَ إج / لالاً على رغمِ الحسيبِ
يا ليتني ذاكَ الخبي / رُ بكلِّ آياتِ الطبيب
يا ليتني من يستطي / عُ اعادةَ المجدِ المهيبِ
قد ضاعَ بين الهازل / ين من الحسيب إلى النسيبِ
قد ذاقَ من نفيي وشا / خَ ودبَّ في نفىٍ دبيبي
أكرم بنبلكَ يا أد / يبٌ تاقَ للحرِّ الأديبِ
وَأبى لمثلى الاغترا / بَ فباتُ يشغلهُ أبيبي
هَون عليكَ فكُّل أر / ضٍ أو سماءٍ من نَصيبي
هيهاتَ يسجنني نطا / قٌ للغريب أو القريبِ
ولقد أعيشُ بعالَمٍ / هو من خيالي أو نسيبي
مُستصغراً ذاك التنا / حُرَ للزَّعيمِ وللنقيبِ
فَرضاَ على الأدباءِ / اذلال المبايِعِ والمنيب
وتمرَّغا في حمأ / ةٍ مفضوحةٍ للمستريبِ
مالي وهذا الخبثَ شُ / غلاً لابن آوى أوِ لذِيبِ
مالي وساعاتي أَج / لٌ من التطاحُن والحروبِ
ومنَ الحياةِ وإن بَدت / حيناً كفاتنةٍ لعوبِ
رُوحي بإيحائي وما عُم / رِي سوى لحنىِ وطيبي
إن سَاءَني قومي فُهم / قومي تعالوا عن ضريبِ
نقدىٍ لعَّزِتهم كَصو / نِ التُبرِ من شَوبِ الغريب
أَخلصتهم جُهدى فَصُّ / وني بإرهاقٍ رتيبِ
وكأنّما سُخفُ الدَّعىِ / ى أَجلِ من فكرِ المصيبِ
وطني حبيبي هل تَظُّ / ن تَعمُّى هَجرِ حبيبي
حاشاكَ يَا من شع / رُهُ مَجنىً من الشَّهد الصبيب
أنا ما نَزَحتُ لغيره / ما دامض في البؤسِ الرتيبِ
وكأنَّ مَدحَ الحاكمي / نَ لصبره جودُ المثيبِ
وكأنّما عهدُ الفراعي / نِ استطالَ بلا رقيبِ
يَرضَى الفتاتَ جوائزاً / والموتَ كالعيشِ القشيبِ
وأظلُ عمري مَن يناِ / فحُ دون عونٍ أو مُجيبِ
حَسبيِ ندائي للشبا / بِ إذا تَثاقَلَ خطوُ شيبِ
سيصونُه سمعُ الزما / نِ وجائلُ النسَّمِ الرَّطيبِ
وَلئن يُزفَّ لىَ الجحو / د فليس بالحظِّ العجيبِ
ولئن توسَّدتُ الترا / بَ فليس موتى كالمغيبِ
ستظل أحلامي تُطوَ / وفُ كالأشعة والطيوبِ
ويظلِ شعري بعد أن / فاسيِ كإلهامِ الغروب
يا مُنطقَ الموتى إليك هدية
يا مُنطقَ الموتى إليك هدية / من شاعرٍ عملوا على إخراسه
عدَّت مواهبه جنايةَ عصرِه / فتآمروا للحدِّ من أنفاسهِ
وتفننوا في وأدِ كل كريمةٍ / ويتيمةٍ وقفتن على إحساسه
وتعقبوه وطاردوه ففاتهم / ودموعه طفحت بثورةِ كاسه
وأتى إلى المنفى فما رحموا له / فكراً ولا قلباً يُدق بياسهِ
حتى هَرعت إليه تنقذُ وشلةً / بقيت وُترجعه إلى قِرطاسه
وُتعِّنفُ الزمنَ الغشومَ مهذِّباً / لقياسِه بل ضارباً بقياسِه
ومقدّراً غُرر المآثرِ وحدَها / لا حاسداً يختالُ في أدنِاسه
ومُخلصا مثلي الذي يا طالما / أَسدى من الموتى ومن وَسواسِه
جحدت عوارَفهُ وليس لمثله / مهما أُسئ سوى الوفاءِ لناسِه
ذكرى يُرددُها الزمانُ الوافي
ذكرى يُرددُها الزمانُ الوافي / أَلقُ الشموسِ لها من الأفوافِ
شعت على مرّ السنينِ وَعمرُها / عمرُ البطولهش نالض كلَّ شِغافِ
متغلغلا بِنهىَ الفوارسِ دافعاً / من يُحجمون إلى الخلود الضافي
اليومُ يومُ صلاتنا لجلالها / واليومَ نُقرؤها الحنانَ الوافي
وعلى الثرى نجثو نقبل تُربةً / عبقت بِحرِّ شعورها الرَّفافِ
ما كان بالخافي على مُستلهم / شَهمٍ وليس على الأبىّ بخافَ
إنَّا بنى الأحرار نعرفُ قدَرَهاً / وَنشيمها في النُّور والأطياف
وبكلّ معنىً للعظائمِ شامخٍ / وبكلّ نبعٍ للحقيقة صافِ
لا مَجدَ غيرَ الحِّق يبقى ناصعاً / سَمحاً على رغم الرَّدىَ المتلاف
هذى مقابرُهم وتلك دماؤُهم / مثلُ النجوم ونوِرها الشَّفافِ
هياتَ يُدركها الطغاةُ وربمُّا / سجدوا لها رغماً عن الآنافِ
سيجئ يومٌ للحسابِ قُضاتُهم / تِلكَ العِظامُ بِغضبةِ الإنصافِ
يا أمَّةَ الأحرار دومي حُرَّةً / والتضحيات لكِ الجلال الكافي
وبحسبك الشهداءُ ضمَّحِ ذكرهم / هذا الأثيرَ وشاعَ في الألطاف
يومٌ كهذا اليوم تهتف عنده / مُهجُ الشعوبِ العانياتِ هُتافي
وَتعُّزهُ الدنيا التي حَلمت به / حُلمىِ وتزأرُ وثبةُ الآلافِ
أمواكبَ الذكرى تَأَنى واهتفي
أمواكبَ الذكرى تَأَنى واهتفي / كالرَّعدِ يهتفُ للسماءِ مرارا
تتجاوبُ الأجيالُ حولكِ مثلما / تتجاوبُ السبَّع الطباقُ جهارَا
مرفوعةَ الأعناقِ ليس لزهوها / معنى الغرور بل السموِّ شِعاراَ
سيرى ملاحمَ للفخار وأنشدي / للخالدينَ الحبَّ والأشعارا
سير مآثر للتحرّر والعلى / فاليومَ يُلهمُ حَظُّكِ الأحرارا
ويصوغُ للأقدار سيرتها غداً / فَتكيفُ الأحلامَ والأقدارا
يصغى الزمانُ إلى نشيدك واعياً / ما كان في ماضي الزمان مُعارا
لا حُكمَ بعدَ اليوم إلاّ ما قضت / شِيمُ الشعوب به وإلاّ انهارا
سَترَّددُ الأقطارُ صوتك قاهراً / خورَ النفوسِ وسائحاً جبارا
سيرُ البطولةِ كالمعارفِ للنُّهى / تغذو الشعورَ وتخلق الأفكارا
رَوَّى الدمُ الغالي مآثرها كما / شَعَّت بأبهى التضحياتِ منارا
وجلاُلها حيُّ وإن هي وُوريت / حِقباً من التاريخ لا تتوارى
عيدٌ يقدّسهُ ذووه تفانياً / ويظل فيهم حاكماً قهارا
هو للبرَّيةِ كلها إيمانُها / أَو ثارُها أيانَّ تطلب ثارا
صانت مبادئه السلامَ وإن تكن / حملت إباءَ الصُّلبِ يقدحُ نارا
يا ويلَ من عملوا على إرهاقه / مِثلُ الحليم على التعسفِ ثارا
تَخذَ النجومَ شعارَه ولعلَّها / أَولى به في فهمها الأسرار
فَلتنصت الدنيا لما هو قائلٌ / فَتضف إلى أعمارِها أعمارا
عيدَ الضحيةِ مرحباً بك عيدَا
عيدَ الضحيةِ مرحباً بك عيدَا / تُحيى لنا الأملَ القديمَ جديدَا
إنَّا أَضفنا للضحية بيننا / ما كان ذُخراً لا يُمسُّ فريدَا
نُزجِيه قبل التهنئاتِ إلى الفدى / فإذا به عَصرُ الجلالِ أُعيدَا
في هيكلِ الحبِّ المقدِّسِ ذَبحهُ / بل ذبحها فلقد يلوحُ عديدَا
هذى ظواهره وكم عبثت بنا / دهراً وكم قد أسرفت تهديدا
الحقدُ والحسدُ البغيضُ وكل ما / جعلَ الشعوبَ النابهاتِ عبيدا
يا عيدُ إنَّا قد ذبحناها هُدىً / لنوِّفر الشُّمَّ الجدودَ الِصيدا
مَن كان ذبحُ الشاةِ رمزاً عندهم / وَتَطُّهرُ الوجدانِ كان العيدا
عاشوا بسيرِتهم ونحن بعيشنا / موتى إذا عفنا لهم تأييدا
هتف الحجيجُ مكبرين وهللوا / وتشربّوا نورَ اليقينِ مديدا
اليومُ يومُ محمدٍ وكتابِه / بين التنافُر أبدعَ التوحيدا
وغدا إخاءُ الناسِ روح شريعةٍ / غرّاءَ تُلهمُ خالداً وشهيدا
غَذَّت محاسنها الحضارةَ فارتقت / في حينِ كانوا صائداً وَمصيدَا
شَرفَاً بنى الاسلامِ ما وُرِّثتمو / شَرَفاً بكم سينال بعدُ مزيدا
لاحظَّ للمجد الذي هو غافلٌ / كالنجم يُسحقُ لو يسيرُ وئيدا
فتسابقوا نحو السموِّ وسدّدوا / هِممَ الهدَاةِ القاهرينَ سُدودا
ولتجعلوا العيدَ المرَّجب دائماً / فتحاً جديداً يستحُّث جديدا
طَرَفت فلما أغرورقت عيني
طَرَفت فلما أغرورقت عيني / وصحت صحوتُ للوعة البينِ
خمسٌ من السنوات قد ذهبت / بأعزِّ ما سميتهُ وطني
ما زالت الأفراح تنهبهُ / وهي المآتمُ في رؤَى الفطنِ
أفراحُ ساداتٍ له نُجبٍ / من كلِّ صُعلوكٍ وُممتنِّ
طالت أياديهم واذ لمسوا / أعلى الُّذَرى سقطوا عن القنن
ياليتهم سقطوا وما تركوا / زُمَراً تُتابعهم بلا أَينِ
تركوا الوصوليين صاعدهم / صنوٌ لها بطهم أخو ضَغنِ
وكأنَّهم أكوازُ ساقية / دوَّارةٍ بالشِّر للفطنِ
لا شئَ يشغلهم ويُسعدهم / إلاّ الأذَى في السِّر والعلن
عبثوا بنا وبكل ما ورثت / مصرُ العزيزةُ من غِنىَ الزَّمن
هذا الربيعُ السمحُ واكفهُ / دمعي ودمعُ البؤسِ في وطني
خَلفَّته أسوانَ قد سلبوا / قَهراً وشائجَ نفعهِ مِنِّى
خَلفَّتهُ لا شئَ يَشغلني / إلاَّهُ وهو بِشغلهِ عَنِّي
وتركته الأَغلى الذي فُتنت / رُوحي به وأشاحَ عن فَنِّي
يا للربيعُ ممازِحاً فرِحاً / ولئن بكى ومُشنِّفاً أُذني
أصغي إليهِ ولا أحسُّ به / وَهوَاه في قلبي وفي عَيني
يَجريِ ويقفزُ في مُداعبةٍ / نشوانَ من فَننٍ إلى فَننِ
والشمسُ قد تَركَت غلائلها / نَهباً لديه فَلجَّ في الفِتنِ
وَبَدت عرائِسهُ وقد وُلِدت / في الفجرِ راقصةً تُغازُلني
عَرِيَت وكل كيانها عَبقٌ / ورؤىً وأطيافٌ من اللَّونِ
يا لطفها فيما تُبادلني / بمنَّوعٍ من سحرها الفنِّى
وأنا كأنيّ لم أَخصَّ بها / شعري ولم يزخر بها زمني
وكأنّما غفرت مُجانبتي / ورأت أساىَ أجلَّ من ديني
مَن ذا يُحسُّ شُعورَ مُغتربٍ / غيرُ الربيع بدمعهِ الهتن
غُير الطبيعةِ وهي حانيةٌ / تسعى وتمنحنا الذي تجني
هيَ بي وَلوعَةِ مُهجتي أدرَى / وبكلِّ ما ألقاهُ من مِحنِ
ولئن تكن عَصفت فَغضبتها / شِبهُ العتاب يُساق للوَسن
إن حالَ دوُنَ لقائِها مرضى / وغدا الفراشُ مُحاصِراً ذِهني
جارحةٍ لها شَغفي / وبها أَظل مُناجِياً وطني
أهل الحميةِ والحميةُ أنتمو
أهل الحميةِ والحميةُ أنتمو / لا تفعلوا فعلاً يلوثه الدمُ
هيهاتَ للعربِ الكرامِ برشدِهِم / أَن يستبيحوا ما يهون ويُذمَمُ
الخائفون اللاجئون إليكمو / زحفت عليهم في الجنانِ جهنمُ
وفدوا عليكم تحت راية حُبِّهم / وولائهم متبتلين وَأحرمُوا
جعلوا بكم آمالهم وتطلعوا / لحنانكم من بَعدِ ما قد أعَدمُوا
وتسابقوا ليدّعموا لفخاركم / مُلكاً ولو فيه الأشُّم المدعَمُ
أيقالُ أنتم خاذلوهم بعدَما / أنسوا إليكم صادقين وأسلموا
أيقالث قد أخَذ البرئُ بظلكِّم / ظُلماً بما صنعَ الخبيثُ المجرمُ
ما هذهِ شيمُ العروبةِ بل نرى / شيمَ العروبةَ كُلَّها يُستلهمُ
إن يجزع الاردن فهو بحزنه / مرآةُ أحزانٍ طفحنَ تُعمَّمُ
والحزنُ بالصبر الجميل مقامُه / أسمى من الحزن الذي يتجهَّمُ
شَقيت فلسطينُ العزيزةُ حقبةً / وبكلِّ جُرحٍ غائرٍ منها فَمُ
لا ترجموَها من جريرةِ مُذنبٍ / والمحسنون جموعُها لم يأثموا
جَادُوا بلا من بكلِّ يتيمةٍ / في الفكرِ حين تعَّذبوا وتيتموا
جادوا بما غَذَّى القلوب نبيلةً / وَهُمُ الجياعُ ونُبلهم لا يُهزمَ
سَكنوا العراءَ مع الصخور فروِّعَت / خجلاً وأشفقت الصخورُ عليهمو
هم بِضعةٌ منا فإن لم نَحمهم / فالعارُ يومَ مصابهم أن يرجَموا
ما كانَ للعمَّالِ يومٌ لم يكن
ما كانَ للعمَّالِ يومٌ لم يكن / عيدَ الحضارة كُلِّها معدودَا
هل قيمةُ الانسانِ إلاّ نفعهُ / حياً وميتاً قائداً ومقوَدا
إن عَاوَدَ الشمسَ الكسوفُ فإنَّهم / زادوا على مَرِّ الزمانِ صُعودا
جعلوا حقوقَ الناسِ حَّق كفايةٍ / وأبوا إباءً سيداً ومسودا
وَتَحُّررَ الأفراد نوراَ شاملاً / طَلقاً ومُجتازاً رُبىً وُسدوُدا
مهلاً وريقاتِ الخريفِ تَمتَّعى
مهلاً وريقاتِ الخريفِ تَمتَّعى / قبلَ الوداعِ بُموحياتِ العيد
اليومُ للعمَّالِ يومُ جلالةٍ / واليومُ للأحياءِ جُّد فريدِ
فَتسمَّعيِ صيحاتِ كُلِّ مُكَّرمٍ / لا زَجرَ ساداتٍ وَخوفَ عبيدِ
وَتزودى من كلِّ مرأىً باسمٍ / بِمنىَ الإخاءِ ونعمةِ التوحيدِ
هذى مواكبهُ تسير نوافحاً / بحرارةِ الإيمانِ كُلَّ نشيدِ
إنِّى وَأنت مُشردان بعالمٍ / حَظ التحُّرر فيه للتشريدِ
إلاّ بأرضٍ لم تزل تحمى الِحجا / وكرامةَ الإنسانِ بالتأييدِ
فلكلّ حرٍّ منبرٌ بربوعها / ولكلِّ جُهدٍ باعثٌ لمزيدِ
وتكافأت فُرصُ الحياةِ بظِّلها / لا سِجنُ محرومٍ وموتُ شهيد
مهلاً وريقاتِ الخريفِ فإننا / متشابهَان وأنصتي لنشيدي
حُبُّ الحياةِ يدوُم في وطنٍ به / شرفُ الحياةِ قرينُ كُلِّ وليت
مهلاً ففيكِ من الأَشعةِ ومضةٌ / تُرَجى فمن يؤذيكِ بالتهديد
الناسُ تخشى من تَبسُّمِ فاجرٍ / وبسمت أنتِ ولا ابتسامَ الِغيد
لمَ لا وكل الخلقِ يغمرهم رضىً / حتى الذين سعوا الى التزييدِ
شتانَ بين المرغمينَ كأنهم / سلعٌ بسوقٍ للطغاة مَشيدِ
والعائشين تضاعفت أعمارهم / في موطنٍ لبنى الكماةِ الصيِّدِ
ما زلتِ أهلاً للرسالةِ بيننا / ما بين أصباغٍ وبين قصيد
ما زلتِ رمزاً للكفاحِ وللمنى / مهما ذبلتِ يُخصُّ بالتمجيدِ
كُرِّمتِ للعملِ المجيدِ وحولنا / هتفَ الأولى فُتنوا بكل مجيدِ
فَتمهَّلىِ وتشربي مما أرى / صُوَرَ الجمالِ حَلت بأكرمِ عيد
فالعيشُ في هذا المجال سعادةٌ / والموتُ بعدُ يُعد في التخليد
يا مالكاً لا عن وراثة شامخٍ
يا مالكاً لا عن وراثة شامخٍ / بجدوده حين الجدودُ فخارُ
بل عن محبة شعبة وخياره / والشعبُ حُقَّ له الذي يَختارُ
الملك مُلك الشعبِ حين زعيمهُ / ملكٌ هو المأثورُ لا الجبار
مُتوِّهجٌ بدم الكفاح وإن يكن / سلماً وفي سَلمِ الكفاحِ النار
قالوا ألا تَصفُ المليكَ فقلت بل / وصفَ المليك سلوُكه القَّهارُ
هو واحدٌ من شعبه لم يغترر / يوماً ولا مجدٌ لديه مُعارُ
يحنو عليه فيستجيبُ لعطفه / ما فيه أضداد ولا أنصارُ
بل كلُّهُ يومَ الكريهةِ شُعلة / وجميعه يومَ السلام الغارُ
إن كان ماضيه الحضارة والعلى / فإلى غدٍ له تَشخصُ الأبصارُ
شبل الألى عمَّت حضارتُهم هدىً / أمماً ولم يمسسُ علاها العار
سطعت بأندلسَ العظيمةِ حُرةً / ومضت وظلَّ عبيدَها الأحرارُ
يستلهمون جمالها وشعارَها / إن أَعوز المستلهمين شعارُ
أمحمدٌ ما كنتَ خامس عاهلٍ يقظٍ / يَهابُ جلاله الفجَّارُ
يا رائداً للمكرمات وحَكمهُ / سِيرَ البطولةِ حولها الإعصار
ماذا اقدِّمُ يومَ عيدِك من حُلىً / وَحلاَكَ زاهيةٌ بها الآثارُ
ليس التمسُّح في الملوك سجيتي / إن صاحَ خلفهمو العفاةُ وساروا
بل للمبادئ وحدَها أزجى لها / ما ترتضي الأحلامُ والأشعارُ
عش مَضربَ الأمثالِ للأُمم التي / عانت ودوَّخَ حظَّها الأشرارُ
يا رُبَّ فردٍ قد يُضِّيعُ أمةً / سواه تَعمرُ حوَله الأعمارُ
هذي وصيتك النفيسةُ لم تزل
هذي وصيتك النفيسةُ لم تزل / أَلقاً تَرَ جرجً في الغمامِ الوادق
مُستلهمَ الأحرارِ بين عواصف / دُهمٍ وبين فواجعٍ وصواعق
وتظل في بحر الأثيرِ مصونةً / ولو أنها هبطت لنا من حالقِ
تجرى على أمواجه جريانَها / ملءَ العصورِ كزاحفاتِ فيالقِ
ولئن تكن خُلقت لبضعِ دقائقٍ / فسمت لنا خلقاً سموَّ الخالقِ
سَخرَت من الأحداثِ حتى أخرست / مُتصِّلفاً وأتت عل المتحامِق
تسعون عاماً أو تكادُ قد انقضت / لما نطقتَ بها كأحكمِ ناطق
وكأنَّها حُكمُ القرونِ فلم تزل / تَدوى لأخصامٍ لنا وأصادق
في كلّ لفظٍ لذعةٌ وتحرُّقٌ / وَيلٌ على الظلمِ العتىِّ الساحقِ
لم يعرف الموَتى حياةَ مثلها / ذُخرَت وَشَعَّت من أَعزِّ حقائقِ
وتعَّلقَ الأحياءُ حين تعلقوا / شغفاً بها بأعزِّ حُلمٍ صادقِ
واهتزّت الأجداثُ وهي خواشعٌ / بِيدِ الخريف من البيانِ الشائقِ
لا من رياحٍ سافياتٍ حوَلها / أو ذكرياتٍ مُرَّةٍ وبوائقِ
إن يفخر الموتى فَمن أسمعتهم / ما قلتَ قد عاشوا بفخرِ السابِقِ
تَكئوا على سُرُر الزمان قياصراً / متضوّعينَ من الحديثِ العابقِ
وكأنَّهم رُسُل المسيحِ بوعظهِ / حُراً على الجبل الفخور السامِقِ
تِيهى جِتسبرجُ العزيزةُ بالذي / حازت سماؤكِ بعدَ تُربٍ وامق
فكلاهما سَمعَ النداءَ وصانَه / روحاً وجسماً في صَدىً وخلائق
ميراثُ شعبٍ لم يزل وَطنَ العلى / وملاذَ أحرارٍ وملجأَ طارقِ
بلغت حضارَتهُ نهايةَ ذروةٍ / تُرَجى وما خَذلت تطلُّعَ واثق
ما ضَرهُ أن هَدَّدَ الجبروتُ أو / أَن هدَّد الحمقىَ بغضبةِ حانقِ
شتانَ بينَ الغاصبينَ شعارُهُم / سَفكُ الدماءِ وذبذباتُ منافِقِ
والرائدينَ المصلحينَ شعارُهُم / مُثلٌ تُرفرفُ كاللواءِ الخافقِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025