المجموع : 171
زَعَمَ الغُرابُ مُنَبِّئُ الأَنباءِ
زَعَمَ الغُرابُ مُنَبِّئُ الأَنباءِ / أَنَّ الأَحِبَّةَ آذَنوا بِتَناءِ
فَاِثلِج بِبَردِ الدَمعِ صَدراً واغِراً / وَجَوانِحاً مَسجورَةَ الرَمضاءِ
لا تَأمُرَنّي بِالعَزاءِ وَقَد تَرى / أَثَرَ الخَليطِ وَلاتَ حينَ عَزاءِ
قَصَرَ الفِراقُ عَنِ السُلُوِّ عَزيمَتي / وَأَطالَ في تِلكَ الرُسومِ بُكائي
زِدني اِشتِياقاً بِالمُدامِ وَغَنِّني / أَعزِز عَلَيَّ بِفُرقَةِ القُرَناءِ
فَلَعَلَّني أَلقى الرَدى فَيُريحُني / عَمّا قَليلٍ مِن جَوى البُرَحاءِ
أَخَذَت ظُهورُ الصالِحِيَّةِ زينَةً / عَجَباً مِنَ الصَفراءِ وَالحَمراءِ
نَسَجَ الرَبيعُ لِرَبعِها ديباجَةً / مِن جَوهَرِ الأَنوارِ بِالأَنواءِ
بَكَتِ السَماءُ بِها رَذاذَ دُموعِها / فَغَدَت تَبَسَّمُ عَن نُجومِ سَماءِ
في حُلَّةٍ خَضراءَ نَمنَمَ وَشيَها / حَوكُ الرَبيعِ وَحُلَّةٍ صَفراءِ
فَاِشرَب عَلى زَهرِ الرِياضِ يَشوبُهُ / زَهرُ الخُدودِ وَزَهرَةُ الصَهباءِ
مِن قَهوَةٍ تُنسي الهُمومَ وَتَبعَثُ ال / شَوقَ الَّذي قَد ضَلَّ في الأَحشاءِ
يُخفي الزُجاجَةَ لَونُها فَكَأَنَّها / في الكَفِّ قائِمَةٌ بِغَيرِ إِناءِ
وَلَها نَسيمٌ كَالرِياضِ تَنَفَّسَت / في أَوجُهِ الأَرواحِ وَالأَنداءِ
وَفَواقِعٌ مِثلُ الدُموعِ تَرَدَّدَت / في صَحنِ خَدِّ الكاعِبِ الحَسناءِ
يَسقيكَها رَشَأٌ يَكادُ يَرُدُّها / سَكرى بِفَترَةِ مُقلَةٍ حَوراءِ
يَسعى بِها وَبِمِثلِها مِن طَرفِهِ / عَوداً وَإِبداءً عَلى النُدَماءِ
ما لِلجَزيرَةِ وَالشَآمِ تَبَدَّلا / بِكَ يا اِبنَ يوسُفَ ظُلمَةً بِضِياءِ
نَضَبَ الفُراتُ وَكانَ بَحراً زاخِراً / وَاِسوَدَّ وَجهُ الرَقَّةِ البَيضاءِ
وَلَقَد تُرى بِأَبي سَعيدٍ مَرَّةً / مُلقى الرِحالِ وَمَوسِمَ الشُعَراءِ
إِذ قَيظُها مِثلُ الرَبيعِ وَلَيلُها / مِثلُ النَهارِ يُخالُ رَأدَ ضَحاءِ
رَحَلَ الأَميرُ مُحَمَّدٌ فَتَرَحَّلَت / عَنها غَضارَةُ هَذِهِ النَعماءِ
وَالدَهرُ ذو دُوَلٍ تَنَقَّلُ في الوَرى / أَيّامُهُنَّ تَنَقُّلَ الأَفياءِ
إِنَّ الأَميرَ مُحَمَّداً لَمُهَذَّبُ ال / أَفعالِ في السَرّاءِ وَالضَرّاءِ
مَلِكٌ إِذا غَشِيَ السُيوفَ بِوَجهِهِ / غَشِيَ الحِمامَ بِأَنفُسِ الأَعداءِ
قَسَمَت يَداهُ بِبَأسِهِ وَسَماحِهِ / في الناسِ قِسمَي شِدَّةٍ وَرَخاءِ
مُلِئَت قُلوبُ العالَمينَ بِفِعلِهِ ال / مَحمودِ مِن خَوفٍ لَهُ وَرَجاءِ
أَغنى جَماعَةَ طَيِّئٍ عَمّا اِبتَنَت / آباؤُها القُدَماءُ لِلأَبناءِ
فَإِذا هُمُ اِفتَخَروا بِهِ لَم يَبجَحوا / بِقَديمِ ما وَرِثوا مِنَ العَلياءِ
صَعِدوا جِبالاً مِن عُلاكَ كَأَنَّها / هَضَباتُ قُدسَ وَيَذبُلٍ وَحِراءِ
وَاِستَمطَروا في المَحلِ مِنكَ خَلائِقاً / أَصفى وَأَعذَبَ مِن زُلالِ الماءِ
وَضَمِنتَ ثَأرَ مُحَمَّدٍ لَهُمُ عَلى / كَلَبِ العِدى وَتَخاذُلِ الأَحياءِ
ما اِنفَكَّ سَيفُكَ غادِياً أَو رائِحاً / في حَصدِ هاماتٍ وَسَفكِ دِماءِ
حَتّى كَفَيتَهُمُ الَّذي اِستَكفَوكَ مِن / أَمرِ العِدى وَوَفَيتَ أَيَّ وَفاءِ
مازِلتَ تَقرَعُ بابَ بابَكَ بِالقَنا / وَتَزورُهُ في غارَةٍ شَعواءِ
حَتّى أَخَذتَ بِنَصلِ سَيفِكَ عَنوَةً / مِنهُ الَّذي أَعيا عَلى الخُلَفاءِ
أَخلَيتَ مِنهُ البَذَّ وَهيَ قَرارُهُ / وَنَصَبتَهُ عَلَماً بِسامُرّاءِ
لَم يُبقِ مِنهُ خَوفُ بَأسِكَ مَطعَماً / لِلطَيرِ في عَودٍ وَلا إِبداءِ
فَتَراهُ مُطَّرِداً عَلى أَعوادِهِ / مِثلَ اِطِّرادِ كَواكِبِ الجَوزاءِ
مُستَشرِفاً لِلشَمسِ مُنتَصِباً لَها / في أُخرَياتِ الجِذعِ كَالحِرباءِ
وَوَصَلتَ أَرضَ الرومِ وَصلَ كُثَيِّرٍ / أَطلالَ عَزَّةَ في لِوى تَيماءِ
في كُلِّ يَومٍ قَد نَتَجتَ مَنِيَّةً / لِحُماتِها مِن حَربِكَ العُشَراءِ
سَهَّلتَ مِنها وَعرَ كُلِّ حُزونَةٍ / وَمَلَأتَ مِنها عَرضَ كُلِّ فَضاءِ
بِالخَيلِ تَحمِلُ كُلَّ أَشعَثَ دارِعٍ / وَتُواصِلُ الإِدلاجَ بِالإِسراءِ
وَعَصائِبٍ يَتَهافَتونَ إِذا اِرتَمى / بِهِمُ الوَغى في غَمرَةِ الهَيجاءِ
مِثلَ اليَراعِ بَدَت لَهُ نارٌ وَقَد / لَفَّتهُ ظُلمَةُ لَيلَةٍ لَيلاءِ
يَمشونَ في زَغَفٍ كَأَنَّ مُتونَها / في كُلِّ مَعرَكَةٍ مُتونُ نِهاءِ
بيضٌ تَسيلُ عَلى الكُماةِ فُضولُها / سَيلَ السَرابِ بِقَفرَةٍ بَيداءِ
فَإِذا الأَسِنَّةُ خالَطَتها خِلتَها / فيها خَيالَ كَواكِبٍ في ماءِ
أَبناءُ مَوتٍ يَطرَحونَ نُفوسَهُم / تَحتَ المَنايا كُلَّ يَومِ لِقاءِ
في عارِضٍ يَدِقُ الرَدى أَلهَبتَهُ / بِصَواعِقِ العَزَماتِ وَالآراءِ
أَشلى عَلى مَنويلَ أَطرافَ القَنا / فَنَجا عَتيقَ عَتيقَةٍ جَرداءِ
وَلَوَ انَّهُ أَبطا لَهُنَّ هُنَيهَةً / لَصَدَرنَ عَنهُ وَهُنَّ غَيرُ ظِماءِ
فَلَئِن تَبَقّاهُ القَضاءُ لِوَقتِهِ / فَلَقَد عَمَمتَ جُنودَهُ بِفَناءِ
أَثكَلتَهُ أَشياعَهُ وَتَرَكتَهُ / لِلمَوتِ مُرتَقِباً صَباحَ مَساءِ
حَتّى لَوِ اِرتَشَفَ الحَديدَ أَذابَهُ / بِالوَقدِ مِن أَنفاسِهِ الصُعَداءِ
أَمَواهِبٌ هاتيكَ أَم أَنواءُ
أَمَواهِبٌ هاتيكَ أَم أَنواءُ / هُطُلٌ وَأَخذٌ ذاكَ أَم إِعطاءُ
إِن دامَ ذا أَو بَعضُ ذا مِن فِعلِ ذا / فَنِيَ السَخاءُ فَلا يُحَسُّ سَخاءُ
لَيسَ الَّتي ضَلَّت تَميمٌ وَسطَها ال / دَهناءَ لا بَل صَدرُكَ الدَهناءُ
مَلِكٌ أَغَرُّ لِآلِ طَلحَةَ فَخرُهُ / كَفّاهُ أَرضٌ سَمحَةٌ وَسَماءُ
وَشَريفُ أَشرافٍ إِذا اِحتَكَّت بِهِم / جُربُ القَبائِلِ أَحسَنوا وَأَساؤوا
لَهُمُ الفِناءُ الرَحبُ وَالبَيتُ الَّذي / أُدَدٌ أَواخٍ حَولَهُ وَفِناءُ
وَخُؤولَةٌ في هاشِمٍ وَدَّ العِدى / أَن لَم تَكُن وَلَهُم بِها ما شاؤوا
بَينَ العَواتِكِ وَالفَواطِمِ مُنتَمىً / يَزكو بِهِ الأَخوالُ وَالآباءُ
أَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ اِسمَع عِذرَةً / فيها دَواءٌ لِلمُسيءِ وَداءُ
ما لي إِذا ذُكِرَ الوَفاءُ رَأَيتُني / ما لي مَعَ النَفَرِ الكِرامِ وَفاءُ
يَضفو عَلَيَّ العَذلُ وَهوَ مُقارِبٌ / وَيَضيقُ عَنّي العُذرُ وَهوَ فَضاءُ
إِنّي هَجَرتُكَ إِذ هَجَرتُكَ وَحشَةً / لا العَودُ يُذهِبُها وَلا الإِبداءُ
أَحشَمتَني بِنَدى يَدَيكَ فَسَوَّدَت / ما بَينَنا تِلكَ اليَدُ البَيضاءُ
وَقَطَعتَني بِالجودِ حَتّى إِنَّني / مُتَخَوِّفٌ أَلّا يَكونَ لِقاءُ
صِلَةٌ غَدَت في الناسِ وَهيَ قَطيعَةٌ / عَجَباً وَبِرٌّ راحَ وَهوَ جَفاءُ
لَيُواصِلَنَّكَ رَكبُ شِعرٍ سائِرٍ / يَرويهِ فيكَ لِحُسنِهِ الأَعداءُ
حَتّى يَتِمَّ لَكَ الثَناءُ مُخَلَّداً / أَبَداً كَما تَمَّت لِيَ النَعماءُ
فَتَظَلُّ تَحسُدُكَ المُلوكُ الصيدُ بي / وَأَظَلُّ يَحسُدُني بِكَ الشُعَراءُ
طَيفُ الحَبيبِ أَلَمَّ مِن عُدَوائِهِ
طَيفُ الحَبيبِ أَلَمَّ مِن عُدَوائِهِ / وَبَعيدِ مَوقِعِ أَرضِهِ وَسَمائِهِ
جَزَعَ اللِوى عَجِلاً وَوَجَّهَ مُسرِعاً / مِن حَزنِ أَبرَقِهِ إِلى جَرعائِهِ
يُهدي السَلامَ وَفي اِهتِداءِ خَيالِهِ / مِن بُعدِهِ عَجَبٌ وَفي إِهدائِهِ
لَو زارَ في غَيرِ الكَرى لَشَفاكَ مِن / خَبَلِ الغَرامِ وَمِن جَوى بُرَحائِهِ
فَدَعِ الهَوى أَو مُت بِدائِكَ إِنَّ مِن / شَأنِ المُتَيَّمِ أَن يَموتَ بِدائِهِ
وأَخٍ لَبِستُ العَيشَ أَخضَرَ ناضِراً / بِكَريمِ عِشرَتِهِ وَفَضلِ إِخائِهِ
ما أَكثَرَ الآمالَ عِندي وَالمُنى / إِلّا دِفاعُ اللَهِ عَن حَوبائِهِ
وَعَلى أَبي نوحٍ لِباسُ مَحَبَّةٍ / تُعطيهِ مَحضَ الوُدِّ مِن أَعدائِهِ
تُنبي طَلاقَةُ بِشرِهِ عَن جودِهِ / فَتَكادُ تَلقى النُجحَ قَبلَ لِقائِهِ
وَضِياءُ وَجهٍ لَو تَأَمَّلَهُ اِمرُؤٌ / صادي الجَوانِحِ لَاِرتَوى مِن مائِهِ
يا غادِياً وَالثَغرُ خَلفَ مَسائِهِ
يا غادِياً وَالثَغرُ خَلفَ مَسائِهِ / يَصِلُ السُرى بِأَصيلِهِ وَضَحائِهِ
أَلمِم بِساحَةِ يوسُفِ بنِ مُحَمَّدٍ / وَاِنظُر إِلى أَرضِ النَدى وَسَمائِهِ
وَاِقرَ السَلامَ عَلى السَماحَةِ إِنَّها / مَحشورَةٌ مِن دونِهِ وَوَرائِهِ
وأَرى المَكارِمَ أَصبَحَت أَسماؤُها / مُشتَقَّةً في الناسِ مِن أَسمائِهِ
كَلغَيثِ مُنسَكِباً عَلى إِخوانِهِ / كَالنارِ مُلتَهِباً عَلى أَعدائِهِ
فارَقتُ يَومَ فِراقِهِ الزَمَنَ الَّذي / لاقَيتُهُ يَهتَزُّ يَومَ لِقائِهِ
وَعَرَفتُ نَفسي بَعدَهُ في مَعشَرٍ / ضاقوا عَلَيَّ بِعَقبِ يَومِ قَضائِهِ
ماكُنتُ أَفهَمُ نَيلَهُ في قُربِهِ / حَتّى نَأى فَفَهِمتُهُ في نائِهِ
يَفديكَ راجٍ مادِحٌ لَم يَنقَلِب / إِلّا بِصِدقِ مَديحِهِ وَرَجائِهِ
وافاهُ هَولُ الرَدِّ بَعدَكَ فَاِنثَنى / يَدعوكَ وَاللُكّامُ دونَ دُعائِهِ
وَمُؤَمَّلٍ صارَعتُهُ عَن عُرفِهِ / فَوَجَدتُ قُدسَ مُعَمَّماً بِعَمائِهِ
جِدَةٌ يَذودُ البُخلُ عَن أَطرافِها / كَالبَحرِ يَدفَعُ مِلحُهُ عَن مائِهِ
أَعطى القَليلَ وَذاكَ مَبلَغُ قَدرِهِ / ثُمَّ اِستَرَدَّ وَذاكَ مَبلَغُ وائِهِ
ماكانَ مِن أَخذي غَداةَ رَدَدتُهُ / في وَجهِهِ إِذ كانَ مِن إِعطائِهِ
وَعَجِبتُ كُلَّ تَعَجُّبي مِن بُخلِهِ / وَالجودُ أَجمَعُ ساعَةٌ مِن رائِهِ
وَقَدِ اِنتَمى فَاِنظُر إِلى أَخلاقِهِ / صَفحاً وَلا تَنظُر إِلى آبائِهِ
خَطَبَ المَديحَ فَقُلتُ خَلِّ طَريقَهُ / لَيَجوزَ عَنكَ فَلَستَ مِن أَكفائِهِ
يا بَرقُ أَفرِط في اِعتِلائِك
يا بَرقُ أَفرِط في اِعتِلائِك / أَو صُب بِجودِكِ وَاِنهِمائِك
أَو كَشِّفِ الظَلماءَ بِال / نورِ المُضيءِ مِنِ اِنجِلائِك
ما أَنتَ كَالحَسَنِ بنِ مَخ / لَدَ في اِقتِرابِكَ وَاِنتِوائِك
إِنّي وَجَدتُ ثَناءَهُ / في الناسِ أَشرَفَ مِن ثَنائِك
وَأَرى نَداهُ بِمالِهِ / يَعلو نَداكَ لَنا بِمائِك
وَضِياؤُهُ في البِشرِ أَو / لى بِالفَضيلَةِ مِن ضِيائِك
وَسُمُوُّهُ لِلمَجدِ أَز / كى مِن سُمُوِّكَ وَاِرتِقائِك
نَفسي فِداؤُكَ إِنَّ حَظ / ظي كَونُ نَفسي مِن فِدائِك
قَد سارَتِ الرُكبانُ بِال / خَبَرِ المُعَجِّبِ عَن وَفائِك
وَتَحَدَّثوا عَن نُجحِ وَع / دِكَ في السَماحِ وَصِدقِ وائِك
فَعَلامَ أَغدو لِاِحتِثا / ثِكَ أَو أُهَجِّرُ لِاِقتِضائِك
سِيَما وَما أَولَيتَهُ / بِالأَمسِ كانَ عَلى اِبتِدائِك
وَيَسوؤُني تَركُ اِعتِما / دِكَ وَالتَأَخُّرُ عَن لِقائِك
وَنَقيصَةُ السيبِيِّ سَي / بَكَ وَالمُتَمَّمَ مِن عَطائِك
بِمِطالِهِ إِنّي أَعُد / دُ مِطالَهُ مِن غَيرِ رائِك
يَأبى سُمُوُّكَ وَاِعتِلاؤُك
يَأبى سُمُوُّكَ وَاِعتِلاؤُك / إِلّا الَّتي فيها سَناؤُك
عَمري لَقَد فُتَّ الرِجا / لَ وَفاتَ يَومَ السَبقِ شاؤُك
يا اِبنَ المُدَبِّرِ وَالنَدى / وَبلٌ تَجودُ بِهِ سَماؤُك
عَظُمَ الرَجاءُ وَرُبَّ يَو / مٍ حَقَّ فيهِ لَنا رَجاؤُك
وَيَفوتُني نَيلٌ مَسا / فَتُهُ كِتابُكَ أَو لِقاؤُك
فَغَناءُ مَن يُرجى إِذا / لَم يُرجَ في حَدَثٍ غَناؤُك
وَعَطاءُ غَيرِكَ إِن بَذَل / تَ عِنايَةً فيهِ عَطاؤُك
نَفسي تَقيكَ وَوالِدايَ كِلاهُما
نَفسي تَقيكَ وَوالِدايَ كِلاهُما / وَجَميعُ مَن وَلَدا مِنَ الأَسواءِ
ثِقَلُ الخَراجِ عَلَيَّ دَينٌ مُؤلِمٌ / وَلَدَيكَ مِمّا أَشتَكيهِ دَوائي
أَنتَ الطَبيبُ لِداءِ جُرحي وَالَّذي / بِدَوائِهِ لا شَكَّ أَدفَعُ دائي
وَالوَعدُ فيهِ مِنكَ لي مُتَقَدِّمٌ / فَاِمنُن عَلَيَّ بِأَن تُخِفَّ أَدائي
إِنَّ البَقِيَّةَ مِن خَراجي قَدرُها / ما إِن يَكونُ لَدَيكَ قَدرَ غَداءِ
فَاِمنُن عَلَيَّ بِصَومِ يَومٍ واحِدٍ / وَاِجعَل غَداءَكَ لي فَفيهِ غَنائي
عَزمي الوَفاءُ لِمَن وَفى
عَزمي الوَفاءُ لِمَن وَفى / وَالغَدرُ لَيسَ بِهِ خَفا
صِلني أَصِلكَ فَإِن تَخُن / فَعَلى مَوَدَّتِكَ العَفا
عارَضنَنا أُصُلاً فَقُلنا الرَبرَبُ
عارَضنَنا أُصُلاً فَقُلنا الرَبرَبُ / حَتّى أَضاءَ الأُقحُوانُ الأَشنَبُ
وَاِخضَرَّ مَوشِيُّ البُرودِ وَقَد بَدا / مِنهُنَّ ديباجُ الخُدودِ المُذهَبُ
أَومَضنَ مِن خَلَلِ الخُدورِ فَراعَنا / بَرقانِ خالٌ ما يُنالُ وَخُلَّبُ
وَلَوَ اَنَّني أَنصَفتُ في حُكمِ الهَوى / ماشِمتُ بارِقَةً وَرَأسي أَشيَبُ
وَلَقَد نَهَيتُ الدَمعَ يَومَ سُوَيقَةٍ / فَأَبَت غَوالِبُ عَبرَةٍ ماتُغلَبُ
وَوَراءَ تَسدِيَةِ الوُشاةِ مَلِيَّةٌ / بِالحُسنِ تَملُحُ في القُلوبِ وَتَعذُبُ
كَالبَدرِ إِلّا أَنَّها لا تُجتَلى / وَالشَمسِ إِلّا أَنَّها لا تَغرُبُ
راحَت لِأَربُعِكِ الرِياحُ مَريضَةً / وَأَصابَ مَغناكِ الغَمامُ الصَيِّبُ
سَأَعُدُّ ما أَلقى فَإِن كَذَّبتِني / فَسَلي الدُموعَ فَإِنَّها لا تَكذِبُ
أَعرَضتِ حَتّى خِلتُ أَنّي ظالِمٌ / وَعَتَبتِ حَتّى قُلتُ أَنّي مُذنِبُ
عَجَباً لِهَجرِكِ قَبلَ تَشتيتِ النَوى / مِنّا وَوَصلُكِ في التَنائي أَعجَبُ
كَيفَ اِهتَدَيتِ وَما اِهتَدَيتِ لِمُغمَدٍ / في لَيلِ عانَةَ وَالثُرَيّا تُجنَبُ
عَفَتِ الرُسومُ وَما عَفَت أَحشاؤُهُ / مِن عَهدِ شَوقٍ ما يَحولُ فَيَذهَبُ
أَتَرَكتِهِ بِالحَبلِ ثُمَّ طَلَبتِهِ / بِخَليجِ بارِقَ حَيثُ عَزَّ المَطلَبُ
مِن بَعدِ ما خَلُقَ الهَوى وَتَعَرَّضَت / دونَ اللِقاءِ مَسافَةٌ ما تَقرُبُ
وَرَمَت بِنا سَمتَ العِراقِ أَيانِقٌ / سُحمُ الخُدودِ لُغامُهُنَّ الطُحلُبُ
مِن كُلِّ طائِرَةٍ بِخَمسِ خَوافِقٍ / دُعجٍ كَما ذُعِرَ الظَليمُ المُهذِبُ
يَحمِلنَ كُلَّ مُفَرَّقٍ في هِمَّةٍ / فُضُلٍ يَضيقُ بِها الفَضاءُ السَبسَبُ
رَكِبوا الفُراتَ إِلى الفُراتِ وَأَمَّلوا / جَذلانَ يُبدِعُ في السَماحِ وَيُغرِبُ
في غايَةٍ طُلِبَت فَقَصَّرَ دونَها / مَن رامَها فَكَأَنَّها ما تُطلَبُ
كَرَماً يُرَجّى مِنهُ مالا يُرتَجى / عُظماً وَيوهَبُ فيهِ مالا يوهَبُ
أَعطى فَقيلَ أَحاتِمٌ أَم خالِدٌ / وَوَفى فَقيلَ أَطَلحَةٌ أَم مُصعَبُ
شَيخانِ قَد عَقَدا لِقائِمِ هاشِمٍ / عَقدَ الخِلافَةِ وَهيَ بِكرٌ تُخطَبُ
نَقَضا بِرَأيِهِما الَّذي سَدّى بِهِ / لِبَني أُمَيِّةَ ذو الكَلاعِ وَحَوشَبُ
فَهُما إِذا خَذَلَ الخَليلُ خَليلَهُ / عَضُدٌ لِمُلكِ بَني الوَلِيِّ وَمَنكِبُ
وَعَلى الأَميرِ أَبي الحُسَينِ سَكينَةٌ / في الرَوعِ يَسكُنُها الهِزَبرُ الأَغلَبُ
وَلِحَربَةِ الإِسلامِ حينَ يَهُزُّها / هَولٌ يُراعُ لَهُ النِفاقُ وَيَرهَبُ
تِلكَ المُحَمِّرَةُ الَّذينَ تَهافَتوا / فَمُشَرِّقٌ في غَيِّهِ وَمُغَرِّبُ
وَالخُرَّمِيَّةُ إِذ تَجَمَّعَ مِنهُمُ / بجِبالِ قُرّانَ الحَصى وَالأَثلَبُ
جاشوا فَذاكَ الغَورُ مِنهُم سائِلٌ / دُفَعاً وَذاكَ النَجدُ مِنهُم مُعشِبُ
يَتَسَرَّعونَ إِلى الحُتوفِ كَأَنَّها / وَفرٌ بِأَرضِ عَدُوِّهِم يُتَنَهَّبُ
حَتّى إِذا كادَت مَصابيحُ الهُدى / تَخبو وَكادَ مُمَرُّهُ يُتَقَضَّبُ
ضَرَبَ الجِبالَ بِمِثلِها مِن رَأيِهِ / غَضبانُ يَطعَنُ بِالحِمامِ وَيَضرِبُ
أَوفى فَظَنّوا أَنَّهُ القَدَرُ الَّذي / سَمِعوا بِهِ فَمُصَدِّقٌ وَمُكَذِّبُ
ناهَضتَهُم وَالبارِقاتُ كَأَنَّها / شُعَلٌ عَلى أَيديهُمُ تَتَلَهَّبُ
وَوَقَفتَ مَشكورَ المَكانِ كَريمَهُ / وَالبيضُ تَطفو في الغُبارِ وَتَرسُبُ
ما إِن تَرى إِلّا تَوَقُّدَ كَوكَبٍ / في قَونَسٍ قَد غارَ فيهِ كَوكَبُ
فَمُجَدَّلٌ وَمُرَمَّلٌ وَمُوَسَّدٌ / وَمُضَرَّجٌ وَمُضَمَّخٌ وَمُخَضَّبُ
سُلِبوا وَأَشرَقَتِ الدِماءُ عَلَيهِمُ / مُحمَرَّةً فَكَأَنَّهُم لَم يُسلَبوا
وَلَوَ اَنَّهُم رَكِبوا الكَواكِبَ لَم يَكُن / لِمُجِدِّهِم مِن أَخذِ بَأسِكَ مَهرَبُ
وَشَدَدتَ عَقدَ خِلافَتَينِ خِلافَةً / مِن بَعدِ أُخرى وَالخَلائِفُ غُيَّبُ
حينَ التَوَت تِلكَ الأُمورُ وَرُجِّمَت / تِلكَ الظُنونُ وَماجَ ذاكَ الغَيهَبُ
وَتَجَمَّعَت بَغدادُ ثُمَّ تَفَرَّقَت / شِيَعاً يُشَيِّعُها الضَلالُ المُصحِبُ
فَأَخَذتَ بَيعَتَهُم لِأَزكى قائِمٍ / بِالسَيفِ إِذ شَغِبوا عَلَيكَ فَأَجلَبوا
وَاللَهُ أَيَّدَكُم وَأَعلى ذِكرَكُم / بِالنَصرِ يُقرَأُ في السَماءِ وَيُكتَبُ
وَلَأَنتُمُ عُدَدُ الخِلافَةِ إِن غَدا / أَو راحَ مِنها مَجلِسٌ أَو مَوكِبُ
وَالسابِقونَ إِلى أَوائِلِ دَعوَةٍ / يَرضى لَها رَبُّ السَماءِ وَيَغضَبُ
وَمُظُفَّرونَ إِذا اِستَقَلَّ لِواءُهُم / بِالعِزِّ أَدرَكَ رَبُّهُ ما يَطلُبُ
جَدٌّ يَفوتُ الريحَ في دَرَكِ العُلا / سَبقاً إِذا وَنَتِ الجُدودُ الخُيَّبُ
ما جُهِّزَت راياتُكُم لِمُخالِفٍ / إِلّا تَهَدَّمَ كَهفُهُ المُستَصعَبُ
وَإِذا تَوَثَّبَ خالِعٌ في جانِبٍ / ظَلَّت عَلَيهِ سُيوفُكُم تَتَوَثَّبُ
وَإِذا تَأَمَّلتُ الزَمانَ وَجَدتُهُ / دُوَلاً عَلى أَيديكُمُ تَتَقَلَّبُ
رَحَلوا فَأَيَّةُ عَبرَةٍ لَم تُسكَبِ
رَحَلوا فَأَيَّةُ عَبرَةٍ لَم تُسكَبِ / أَسَفاً وَأَيُّ عَزيمَةٍ لَم تُغلَبِ
قَد بَيَّنَ البَينُ المُفَرِّقُ بَينَنا / عِشقَ النَوى لِرَبيبِ ذاكَ الرَبرَبِ
صَدَقَ الغُرابُ لَقَد رَأَيتُ شُموسَهُم / بِالأَمسِ تَغرُبُ في جَوانِبِ غُرَّبِ
لَو كُنتَ شاهِدَنا وَما صَنَعَ الهَوى / بِقُلوبِنا لَحَسَدتَ مَن لَم يُحبِبِ
شُغِلَ الرَقيبُ وَأَسعَدَتنا خَلوَةٌ / في هَجرِ هَجرٍ وَاِجتِنابِ تَجَنُّبِ
فَتَلَجلَجَت عَبَراتُها ثُمَّ اِنبَرَت / تَصِفُ الهَوى بِلِسانِ دَمعٍ مُعرِبِ
تَشكو الفِراقَ إِلى قَتيلِ صَبابَةِ / شَرِقِ المَدامِعِ بِالفِراقِ مُعَذَّبِ
أَأُطيعُ فيكِ العاذِلاتِ وَكِسوَتي / وَرَقُ الشَبابِ وَشِرَّتي لَم تَذهَبِ
وَإِذا التَفَتُّ إِلى سِنِيَّ رَأَيتُها / كَمَجَرِّ حَبلِ الخالِعِ المُتَصَعِّبِ
عِشرونَ قَصَّرَها الصِبا وَأَطالَها / وَلَعُ العِتابِ بِهائِمٍ لَم يُعتَبِ
ما لي وَلِلأَيّامِ صَرَّفَ صَرفُها / حالي وَأَكثَرَ في البِلادِ تَقَلُّبي
أُمسي زَميلاً لِلظَلامِ وَأَغتَدي / رِدفاً عَلى كَفَلِ الصَباحِ الأَشهَبِ
فَأَكونُ طَوراً مَشرِقاً لِلمَشرِقِ ال / أَقصى وَطَوراً مَغرِباً لِلمَغرِبِ
وَإِذا الزَمانُ كَساكَ حُلَّةَ مُعدِمٍ / فَاِلبَس لَهُ حُلَلَ النَوى وَتَغَرَّبِ
وَلَقَد أَبيتُ مَعِ الكَواكِبِ راكِباً / أَعجازَها بِعَزيمَةٍ كَالكَوكَبِ
وَاللَيلُ في لَونِ الغُرابِ كَأَنَّهُ / هُوَ في حُلوكَتِهِ وَإِن لَم يَنعَبِ
وَالعيسُ تَنصُلُ مِن دُجاهُ كَما اِنجَلى / صِبغُ الشَبابِ عَنِ القَذالِ الأَشيَبِ
حَتّى تَجَلّى الصُبحُ في جَنَباتِهِ / كَالماءِ يَلمَعُ مِن وَراءِ الطُحلُبِ
يَطلُبنَ مُجتَمَعَ العُلا مِن وائِلٍ / في ذَلِكَ الأَصلِ الزَكِيِّ الأَطيَبِ
وَبَقِيَّةَ العُربِ الَّذي شَهِدَت لَهُ / أَبناءُ أُدٍّ بِالفَخارِ وَيَعرُبِ
بِالرَحبَةِ الخَضراءِ ذاتِ المَنهَلِ ال / عَذبِ المَشارِبِ وَالجَنابِ المُعشِبِ
عَطَنِ الوُفودِ فَمُنجِدٌ أَو مُتهِمٌ / أَو وافِدٌ مِن مَشرِقٍ أَو مَغرِبِ
أَلقَوا بِجانِبِها العِصِيِّ وَعَوَّلوا / فيها عَلى مَلِكٍ أَغَرَّ مُهَذَّبِ
مَلِكٌ لَهُ في كُلِّ يَومِ كَريهَةٍ / إِقدامُ غِرٍّ وَاِعتِزامُ مُجَرِّبِ
وَتَراهُ في ظُلَمِ الوَغى فَتَخالُهُ / قَمَراً يَكُرُّ عَلى الرِجالِ بِكَوكِبِ
يا مالِكَ اِبنَ المالِكِيّينَ الأُلى / ما لِلمَكارِمِ عَنهُمُ مِن مَذهَبِ
إِنّي أَتَيتُكَ طالِباً فَبَسَطتَ مِن / أَمَلي وَأَنجَحَ جودُ كَفِّكَ مَطلَبي
فَشَبِعتُ مِن بِرٍّ لَدَيكَ وَنائِلٍ / وَرَويتُ مِن أَهلٍ لَدَيكَ وَمَرحَبِ
وَغَدَوتَ خَيرَ حِياطَةٍ مِنّي عَلى / نَفسي وَأَرأَفَ بي هُنالِكَ مِن أَبي
أَعطَيتَني حَتّى حَسِبتُ جَزيلَ ما / أَعطَيتِنيهِ وَديعَةً لَم توهَبِ
فَلتَشكُرَنَّكَ مَذحِجُ ابنَةُ مَذحِجٍ / مِن آلِ غَوثِ الأَكثَرينَ وَجُندَبِ
وَمَتى تُغالِب في المَكارِمِ وَالنَدى / بِالتَغلِبِيّينَ الأَكارِمِ تَغلِبِ
يُنسيكَ جودَ الغَيثِ جودُهُمُ إِذا / عَثَرَت أَكُفُّهُمُ بِعامٍ مُجدِبِ
قَومٌ إِذا قيلَ النَجاءَ فَما لَهُم / غَيرُ الحَفائِظِ وَالرَدى مِن مَهرَبِ
يَمشونَ تَحتَ ظُبا السُيوفِ إِلى الوَغى / مَشيَ العِطاشِ إِلى بَرودِ المَشرَبِ
حَصَّ التَريكُ رُؤوسَهُم فَرُؤوسَهُم / في مِثلِ لَألاءِ التَريكِ المُذهَبِ
يَتَراكَمونَ عَلى الأَسِنَّةِ في الوَغى / كَالصُبحِ فاضَ عَلى نُجومِ الغَيهَبِ
حَتّى لَوَ انَّ الجودَ خُيِّرَ في الوَرى / نَسَباً لَأَصبَحَ يَنتَمي في تَغلِبِ
هَل لِلنَدى عَدلٌ فَيَغدو مُنصِفاً
هَل لِلنَدى عَدلٌ فَيَغدو مُنصِفاً / مِن فِعلِ إِسماعيلِهِ اِبنِ شِهابِهِ
العارِضِ الثَجّاجِ في أَخلاقِهِ / وَالرَوضَةِ الزَهراءِ في آدابِهِ
أَزرى بِهِ مِن غَدرِهِ بِصَديقِهِ / وَعُقوقِهِ لِأَخيهِ ما أَزرى بِهِ
في كُلِّ يَومٍ وِقفَةٌ بِفِنائِهِ / تُخزي الشَريفَ وَرِدَّةٌ عَن بابِهِ
اِسمَع لِغَضبانٍ تَثَبَّتَ ساعَةً / فَبَداكَ قَبلَ هِجائِهِ بِعِتابِهِ
تاللَهِ يَسهَرُ في مَديحِكَ لَيلَهُ / مُتَمَلمِلاً وَتَنامُ دونَ ثَوابِهِ
يَقظانَ يَنتَخِبُ الكَلامَ كَأَنَّهُ / جَيشٌ لَدَيهِ يُريدُ أَن يَلقى بِهِ
فَأَتى بِهِ كَالسَيفِ رَقرَقَ صَيقَلٌ / ما بَينَ قائِمِ سِنخِهِ وَذُبابِهِ
وَحَجَبتَهُ حَتّى تَوَهَّمَ أَنَّهُ / هاجٍ أَتاكَ بِشَتمِهِ وَسِبابِهِ
وَإِذا الفَتى صَحِبَ التَباعُدَ وَاِكتَسى / كِبراً عَلِيَّ فَلَستُ مِن أَصحابِهِ
وَلَرُبَّ مُغرٍ لي بِعِرضِكَ زادَني / غَيظاً بِجَيئَةِ قَولِهِ وَذَهابِهِ
لَولا الصَفاءُ وَذِمَّةٌ أَعطَيتُها / حَقَّ الوَفاءِ قَضَيتُ مِن آرابِهِ
يا حارِثِيَّ وَما العِتابُ بِجاذِبٍ
يا حارِثِيَّ وَما العِتابُ بِجاذِبٍ / لَكَ عَن مُعانَدَةِ الصَديقِ العاتِبِ
ما إِن تَزالُ تَكيدُهُ مِن جانِبٍ / أَبَداً وَتَسرُقُ شِعرَهُ مِن جانِبِ
أَمُخَلِّفي يا فَتحُ أَنتَ وَظاعِنٌ
أَمُخَلِّفي يا فَتحُ أَنتَ وَظاعِنٌ / في الظاعِنينَ وَشاهِدٌ وَمُغَيِّبي
ماذا أَقولُ إِذا سُئِلتُ فَحَطَّني / صِدقي وَلَم يَستُر عَلَيَّ تَكَذُّبي
ماذا أَقولُ لِشامِتينَ يَسُرُّهُم / ما ساءَني وَلِمُنكِرٍ مُتَعَجِّبِ
أَأَقولُ مَغضوبٌ عَلَيَّ فَعِلمُهُم / أَن لَستُ مُعتَذِراً وَلَستُ بِمُذنِبِ
أَم هَل أَقولُ تَخَلَّفَت بِيَ عِندَهُ / حالٌ فَمَن ذا بَعدَهُ مُستَصحِبي
سَأُقيمُ بَعدَكَ إِن أَقَمتُ بِغُصَّةٍ / في الصَدرِ لَم تَصعَد وَلَم تَتَصَوَّبِ
وَسَأَرفُضُ الأَشعارَ إِنَّ مَذاقَها / بِمَديحِ غَيرِكَ في فَمي لَم يَعذُبِ
لا أَخلِطُ التَأميلَ مِنكَ بِغَيرِهِ / أَبَداً وَلا أَلقى دَنِيَّ المَكسَبِ
ما أَنتَ لِلكَلِفِ المَشوقِ بِصاحِبِ
ما أَنتَ لِلكَلِفِ المَشوقِ بِصاحِبِ / فَاِذهَب عَلى مَهَلٍ فَلَيسَ بِذاهِبِ
عَرَفَ الدِيارَ وَقَد سَئِمنَ مِنَ البِلى / وَمَلَلنَ مِن سُقيا السَحابِ الصائِبِ
فَأَراكَ جَهلَ الشَوقِ بَينَ مَعالِمٍ / مِنها وَجِدَّ الدَمعِ بَينَ مَلاعِبِ
وَيَزيدُهُ وَحشاً تَقارُضُ وَحشِها / وَصلَينِ بَينَ أَحِبَّةٍ وَحَبائِبِ
تَرعى السُهُلَةَ وَالحُزونُ يَقينَها / حَدَّينِ بَينَ أَظافِرٍ وَمَخالِبِ
لَم يَمشِ واشٍ بَينَهُنَّ وَلا دَعا / بَيناً لَهُنَّ صَدى الغُرابِ الناعِبِ
ما كانَ أَحسَنَ هَذِهِ مِن وَقفَةٍ / لَو كانَ ذاكَ السِربُ سِربَ كَواعِبِ
هَل كُنتَ لَولا بَينُهُم مُتَوَحِّماً / أَنَّ اِمرَأً يُشجيهِ بَينُ مُحارِبِ
عَمري لَقَد ظَلَمَت ظَلومُ وَلَم تَجُد / لِمُعَذَّلٍ فيها بِوَعدٍ كاذِبِ
سَدَّت مُجانِبَةً وَخَلَّفَني الهَوى / عَن هَجرِها فَوَصَلتُ غَيرَ مُجانِبِ
وَإِذا رَجَوتُ ثَنَت رَجائِي سَكتَةٌ / مِن عاتِبٍ في الحُبِّ غَيرَ مُعاتِبِ
لَو كانَ ذَنبي غَيرِ حُبِّكِ إِنَّهُ / ذَنبي إِلَيكِ لَكُنتُ أَوَّلَ تائِبِ
سَأَروضُ قَلبي أَن يَروحَ مُباعِداً / لِمُباعِدٍ وَمُقارِباً لِمُقارِبِ
وَإِذا رَأَيتُ الهَجرَ ضَربَةَ لازِبٍ / أَبَداً رَأَيتُ الصَبرَ ضَربَةَ لازِبِ
وَشَمائِلُ الحَسَنَ بنِ وَهبٍ إِنَّها / في المَجدِ ذاتُ شَمائِلٍ وَجَنائِبِ
لَيُقَصِّرَنَّ لَجاجَ شَوقٍ غالِبٍ / وَليَقصُرَنَّ لَجاجُ دَمعٍ ساكِبِ
فَالعَزمُ يَقتُلُ كُلَّ سُقمٍ قاتِلٍ / وَالبُعدُ يَغلِبُ كُلَّ وَجدٍ غالِبِ
وَلَقَد بَعَثتُ العيسَ تَحمِلُ كِمَّةً / أَنضَت عَزائِمَ أَركُبٍ وَأَكائِبِ
يُشرِقنَ بِاللَيلِ التَمامِ طَوالِعاً / مِنهُ عَلى نَجمِ العِراقِ الثاقِبِ
يَمتُتنَ بِالقُربى إِلَيهِ وَعِندَهُ / فِعلُ القَريبِ وَهُنَّ غَيرُ قَرائِبِ
وَإِذا رَأَيتُ أَبا عَلِيٍّ فَالعُلا / لِمَشارِقٍ مِن سَيبِهِ وَمَغارِبِ
يَبدو فَيُعرِبُ آخِرٌ عَن أَوَّلٍ / مِنهُ وَيُخبِرُ شاهِدٌ عَن غائِبِ
بِطَرائِقٍ كَطَرائِقٍ وَخَلائِقٍ / كَخَلائِقٍ وَضَرائِبٍ كَضَرائِبِ
وَمَواهِبٍ كَعبِيَّةٍ وَهبِيَّةٍ / يُجِبنَ في الإِفضالِ فَوقَ الواجِبِ
يَعلو عَلى عُلَةٍ بِوَفدِ أُبُوَّةٍ / يُتَوَهَّمونَ هُناكَ وَفدَ كَواكِبِ
كانوا بِذاكَ عِصابَةً كَعَصائِبٍ / في مَذحِجٍ وَذُؤابَةً كَذَوائِبِ
وَأَرى التَكَرُّمَ في الرِجالِ تَكارُماً / ما لَم يَكُن بِمُناسِبٍ وَمَناصِبِ
يَرمي العَواذِلَ في النَدى مِن جانِبٍ / عَنهُ وَيَرميهِ النَدى عَن جانِبِ
حَتّى يَروحَ مُتارِكاً كَمُعارِكٍ / بِجَميعِهِ وَمُسالِماً كَمُحارِبِ
قَهَرَ الأُمورَ بَديهَةً كَرَوِيَّةٍ / مِن حازِمٍ وَقَريحَةً كَتَجارِبِ
فَلَّ الخُطوبَ وَقَد خَطَبنَ لِقائَهُ / فَرَجَعنَ في إِخفاقِ ظَنٍّ خايِبِ
هُتِكَت غَيابَتُها بِأَبيَضَ ماجِدٍ / فَكَأَنَّما هُتِكَت بِأَبيَضَ قاضِبِ
فَهمٌ أَرَقُّ مِنَ الشَآبِ وَفِطنَةٌ / رَدَّت أَقاصي الغَيبِ رَدَّ الهارِبِ
وَمَكارِمٌ مَعمورَةٌ بِصَنائِعٍ / فَكَأَنَّها مَمطورَةٌ بِسَحائِبِ
وَغَرائِبٌ في الجودِ تَعلَمُ أَنَّها / مِن عالِمٍ أَو شاعِرٍ أَو كاتِبِ
لِلَّهِ أَنتَ وَأَنتَ تُحرِزُ واحِباً / سَبقَينِ سَبقَ مَحاسِنٍ وَمَواهِبِ
في تَوبَةٍ مِن تائِبٍ أَو رَهبَةٍ / مِن راهِبٍ أَو رَغبَةٍ مِن راغِبِ
أَعطَيتَ سائِلَكَ المُحَسَّدَ سُؤلَهُ / وَطَلَبتَ بِالمَعروفِ غَيرَ الطالِبِ
عَلَّمتَني الطَلَبَ الشَريفَ وَرُبَّما / كُنتُ الوَضيعَ مِن اِتِّضاعِ مَطالِبي
وَأَرَيتَني أَنَّ السُؤالَ مَحَلَّةٌ / فيها اِختِلافُ مَنازِلٍ وَمَراتِبِ
وَبَسَطتَ لي قَبلَ النَوالِ عِنايَةً / بَسَطَت مَسافَةَ لَحظِيَ المُتَقارِبِ
وَعَرَفتُ وُدَّكَ في تَعَصُّبِ شيعَتي / وَوجوهِ إِخواني وَعَطفِ أَقارِبي
فَلَئِن شَكَرتُكَ إِنَّني لَمُعَذِّرٌ / في واجِبٍ وَمُقَصِّرٌ عَن واجِبِ
مَن سائِلٌ لِمُعَذِّرٍ عَن خَطبِهِ
مَن سائِلٌ لِمُعَذِّرٍ عَن خَطبِهِ / أَو صافِحٌ لِمُقَصِّرٍ عَن ذَنبِهِ
حُمِّلتُ لِلحَسَنِ بنِ وَهبٍ نِعمَةً / صَعُبَت عَلى ذِلِّ الثَناءِ وَصَعبِهِ
وَوَعَدتُهُ أَنّي أَقومُ بِشُكرِها / فَحَمَلتُ مِنهُ نَقاً فَلَم أَنهَض بِهِ
إِلّا أَكُن كُلِفتُ مِنهُ يَذبُلاً / فَلَقَد مُنيتُ بِخِدنِهِ أَو تِربِهِ
ما أَضعَفَ الإِنسانَ إِلّا هِمَّةً / في نُبلِهِ أَو قُوَّةً في لُبِّهِ
مَن لا يُؤَدّي شُكرَ نِعمَةِ خِلِّهِ / فَمَتى يُؤَدّي شُكرَ نِعمَةِ رَبِّهِ
وَهَبَ اِبنُ وَهبٍ وَفرَهُ حَطتى لَقَد / أَوفى عَلى شَرقِ الثَناءِ وَغَربِهِ
سَبّاقُ غاياتٍ إِذا طَلَبَ المَدى / بِرَسيلِهِ فَعَدُوُّهُ مِن حِزبِهِ
وَإِذا تُقُسِّمَ قَبرُ عَمرٍو في بَني ال / دَيّانِ صارَ إِلَيهِ أَزكى تُربِهِ
إِن شِئتَ أَن تَدَعَ الفَعالَ لِأَهلِهِ / فَاَعرِض لِمَجدِ سَعيدِهِ أَو وَهبِهِ
تِلكَ الخُصوصُ فَإِن عَمَمتَ أَمَدَّها / بِرَبيعَتَيهِ وَحارِثَيهِ وَكَعبِهِ
صيدٌ لِأَصيَدَ لَستَ تُبصِرُ جَمرَةً / في الناسِ لَم تَكُ قَطرَةً مِن صُلبِهِ
عَرَفَ العَواقِبَ فَاِستَفادَ مَكارِماً / يَفنى الزَمانُ وَذِكرُها في عَقبِهِ
وَكَفى الكَريمَ بِها أُولاءِ مَكارِماً / مَأثورَةً في سِلمِهِ أَو حَربِهِ
وَإِذا اِستَهَلَّ أَبو عَلِيٍّ لِلنَدى / جاءَ الغَمامُ المُستَهِلُّ بِسَكبِهِ
وَإِذا تَأَلَّقَ في النَدِيِّ كَلامُهُ ال / مَصقولُ خِلتَ لِسانَهُ مِن عَضبِهِ
وَإِذا اِحتَبى في عُقدَةٍ مِن حِلمِهِ / يَوماً رَأَيتَ مُتالِعاً في هَضبِهِ
وَإِذا دَجَت أَقلامُهُ ثُمَّ اِنتَحَت / بَرَقَت مَصابيحُ الدُجى في كُتبِهِ
بِاللَفظِ يَقرُبُ فَهمُهُ في بُعدِهِ / مِنّا وَيَبعُدُ نَيلُهُ في قُربِهِ
حِكَمٌ فَسائِحُها خِلالَ بَنانِهِ / مُتَدَفِّقٌ وَقَليبُها في قَلبِهِ
كَالرَوضِ مُؤتَلِفاً بِحُمرَةِ نورِهِ / وَبَياضِ زَهرَتِهِ وَخُضرَةِ عُشبِهِ
أَو كَالبُرودِ تُخُيِّرَت لِمُتَوَّجٍ / مِن خالِهِ أَو وَشيِهِ أَو عَصبِهِ
وَكَأَنَّها وَالسَمعُ مَعقودٌ بِها / شَخصُ الحَبيبِ بَدا لِعَينِ مُحِبِّهِ
كاثَرتُهُ فَإِذا المُروءَةُ عِندَهُ / تُعدي المُفاوِضَ مِن أَقاصي صَحبِهِ
وَوَجَدتُ في نَفسي مَخايِلَ سُؤدُدٍ / أَن كُنتُ يَوماً واحِداً مِن شَربِهِ
فَصَبَغتُ أَخلاقي بِرَونَقِ خُلقِهِ / حَتّى عَدَلتُ أُجاجَهُنَّ بِعَذبِهِ
قَومي فِداؤُكَ قَد أَضاءَ لِناظِري / بِكَ كُلُّ مُنكَسِفِ الأَصيلِ مُضِبِّهِ
في لُلِّ يَومٍ مِنَّةٌ ما بَعدَها / مَنٌّ يُعابُ الصادِرونَ بِغِبِّهِ
كَم آمِرٍ أَلّا تَجودَ وَعاتِبٍ / في أَن تَجودَ أَبَتَّهُ في عَتبِهِ
حاشاكِ مِن ذَكَرٍ ثَنَتهُ كَئيبا
حاشاكِ مِن ذَكَرٍ ثَنَتهُ كَئيبا / وَصَبابَةٍ مَلَأَت حَشاهُ نُدوبا
وَهَوىً هَوى بِدُموعِهِ فَتَبادَرَت / نَسَقاً يَطَأنَ تَجَلُّداً مَغلوبا
وَإِنِ اِتَّخَذتِ الهَجرَ دارَ إِقامَةٍ / وَأَخَذتِ مِن مَحضِ الصُدودِ نَصيبا
أَعَداوَةً كانَت فَمِن عَجَبِ الهَوى / أَن يُصطَفى فيهِ العَدُوُّ حَبيبا
أَم وُصلَةً صُرِفَت فَعادَت هِجرَةً / أَن عادَ رَيعانُ الشَبابِ مَشيبا
أَرَأَيتِهِ مِن بَعدِ جَثلٍ فاحِمٍ / جَونِ المَفارِقِ بِالنَهارِ خَضيبا
فَعَجِبتِ مِن حالَينِ خالَفَ مِنهُما / رَيبُ الزَمانِ وَما رَأَيتِ عَجيبا
إِنَّ الزَمانَ إِذا تَتابَعَ خَطوُهُ / سَبَقَ الطَلوبَ وَأَدرَكَ المَطلوبا
فاتَ العُلا بِأَبي سَعيدٍ صِنوِها ال / أَدنى وَأَعقَبَها أَبا يَعقوبا
كَالبَدرِ جَلّى لَيلَهُ ثُمَّ اِبتَدَت / شَمسُ المَشارِقِ إِذ أَجَدَّ غُروبا
أَو كَالسِماكِ إِذا تَدَلّى رُمحُهُ / كانَت لَهُ الكَفُّ الخَضيبُ رَقيبا
أَو كَالخَريفِ مَضى وَأَصبَحَ بَعدَهُ / وَشيُ الرَبيعِ عَلى النَجادِ قَشيبا
أَو كَالسَحابِ إِذا اِنقَضى شُؤبوبُهُ / أَنشى يُؤَلِّفُ بَعدَهُ شُؤَبوبا
أَو كَالحُسامِ أُعيرَ حَدّاهُ الرَدى / إِن كَلَّ هَذا كانَ ذاكَ قَضوبا
فَاليَومَ أَصبَحَ شَملُنا مُتَجَمِّعاً / يُشجي العَدُوَّ وَصَدعُنا مَرؤوبا
كَرُمَت خَلائِقُ يوسُفَ بنَ مُحَمَّدٍ / فينا وَهُذِّبَ فِعلُهُ تَهذيبا
أَلوى إِذا طَعَنَ المُدَجِّجَ صَكَّهُ / لِيَدَيهِ أَو نَثَرَ القَناةَ كُعوبا
أَعلى الخَليفَةُ قَدرَهُ وَأَحَلَّهُ / شَرَفاً يَبيتُ النَجمُ مِنهُ قَريبا
وَرَمى بِثُغرَتِهِ الثُغورَ فَسَدَّها / طَلقَ اليَدَينِ مُؤَمَّلاً مَرهوبا
وَأَنا النَذيرُ لِمَن تَغَطرَسَ أَو طَغى / مِن مارِقٍ يَدَعُ النُحورَ جُيوبا
وَلَقَد عَذَلتُ أَبا أُمَيَّةَ لَو وَعَت / أُذُناهُ ذاكَ العَزلَ وَالتَأنيبا
بِالسَيفِ أَرسَلَهُ الخَليفَةُ مُصلِتاً / وَالمَوتُ هَبَّ مِنَ العِراقِ جَنوبا
قَصَدَ الهُدى بِالمُعضِلاتِ يَكيدُهُ / وَدَعا إِلى إِذلالِهِ فَأُجيبا
حَتّى تَقَنَّصَ في أَظافِرِ ضَيغَمٍ / مَلَأَت هَماهِمُهُ القُلوبَ وَجيبا
وَنَهَيتُ آشوطَ بنِ حَمزَةَ لَو نَهى / أَمَلاً كَبارِقَةِ الجَهامِ كَذوبا
ظَنَّ الظُنونَ صَواعِداً فَرَدَدنَهُ / خَزيانَ يَحمِلُ مَنكِباً مَنكوبا
مُتَقَسَّمُ الأَحشاءِ يَنفُضُ رَوعُهُ / قَلباً كَأُنبوبِ اليَراعِ نَخيبا
كَلِفاً بِشِعبِ نُقانَ يَعلَمُ أَنَّهُ / لاقٍ مَتى مازالَ عَنهُ شَعوبا
ثَكِلَتكَ كافِرَةٌ أَتَت بِكَ فَجرَةً / أَلّا اِجتَنَبتَ العارِضَ المَجنوبا
حَذَّرتُكَ المَلِكَ الَّذي اِجتَمَعَت لَهُ / أَيدي المُلوكِ قَبائِلاً وَشُعوبا
ساداتُ نَبهانَ بنِ عَمرٍ أَقبَلوا / يُزجونَ قَحطَبَةً بِهِ وَشَبيبا
وَجَحاجَحُ الأَزدِ بنِ غَوثٍ حَولَهُ / فِرَقاً يَهُزّونَ اللِحاءَ الشيبا
وَالصَيدُ مِن أَودِ بنِ صَعبٍ إِنَّهُم / باتوا عَلَيكَ حَوادِثاً وَخُطوبا
وَحُماةُ هَمدانَ بنِ أَوسَلَةَ الَّتي / أَمسَيتَ مَأكولاً بِهِم مَشروبا
عُصَبٌ يَمانِيَةٌ يَعِدنَكَ إِن تَعُد / يَوماً كَأَيّامِ الحَياةِ عَصيبا
لا يُحجِمونَ عَنِ الفَلا أَن يَقطَعوا / مِنها إِلَيكَ سَباسِباً وَسُهوبا
مُتَوَقِّعينَ لِأَمرِ أَغلَبَ لَم يَزَل / جُرحُ الضَلالِ عَلى يَدَيهِ رَحيبا
أَفضى إِلى إيدامِ جِردَ وَدونَها / لَيلٌ يَبيتُ اللَيلُ فيهِ غَريبا
فَأَفاءَها وافي العَزيمَةِ صَدَّقَت / أَيامُهُ التَرغيبَ وَالتَرهيبا
وَلَوَ اَنَّها اِمتَنَعَت لَغادَرَ هَضبَها / بِدَمِ المُحاوِلِ مَنعَها مَهضوبا
يا أَهلَ حَوزَةِ أَذرَبيجانَ الأُلى / حازوا المَكارِمَ مَشهَداً وَمَغيبا
ما كانَ نَصرُكُمُ بِمَذمومٍ وَلا / إِحسانُكُم بِالسَيِّئاتِ مَشوبا
لَم تَقصُرِ الأَيدي وَلَم تَنبُ الظُبا / مِنكُم وَلَم تَكُنِ المَقالَةُ حوبا
وَأَرى الوَفاءَ مُفَرَّقاً وَمُجَمَّعاً / يَحتَلُّ مِنكُم أَلسُناً وَقُلوبا
ها إِنَّ نَجمَكُمُ عَلى كَرهي العِدى / يَعلو وَريحَكُمُ تَزيدُ هُبوبا
يَكفيكُمُ حَسَباً وَواسِطُ دارِكُم / نَسَباً إِذا وَصَلَ النَسيبُ نَسيبا
وَلِيَ البِلادَ فَكانَ عَدلاً شائِعاً / يَنفي الظَلامَ وَنائِلاً مَوهوبا
وَغَدَت نَوافِلُهُ لَكُم مَبذولَةً / وَشَذاهُ عَنكُم نائِياً مَحجوبا
فَأَفادَ مُحسِنَكُم وَقالَ لِمُخطِئٍ / لا لَومَ في خَطَإٍ وَلا تَثريبا
كَم بِالكَثيبِ مِنِ اِعتِراضِ كَثيبِ
كَم بِالكَثيبِ مِنِ اِعتِراضِ كَثيبِ / وَقَوامِ غُصنٍ في الثِيابِ رَطيبِ
وَبِذي الأَراكَةِ مِن مَصيفٍ لابِسٍ / نَسجَ الرِياحِ وَمَربَعٍ مَهضوبِ
دِمَنٌ لِزَينَبَ قَبلَ تَشريدِ النَوى / مِن ذي الأَراكِ بِزَينَبٍ وَلَعوبِ
تَأبى المَنازِلُ أَن تُجيبَ وَمِن جَوىً / يَومَ الدِيارِ دَعَوتُ غَيرَ مُجيبِ
هَل تُبلِغَنَّهُمُ السَلامَ دُجُنَّةٌ / وَطفاءُ سارِيَةٌ بِريحِ جَنوبِ
أَو تُدنِيَنَّهُمُ نَوازِعُ في البُرى / عُجُلٌ كَوارِدَةِ القَطا المَسروبِ
فَسَقى الغَضا وَالنازِليهِ وَإِن هُمُ / شَبّوهُ بَينَ جَوانِحٍ وَقُلوبِ
وَقِصارَ أَيّامٍ بِهِ سُرِقَت لَنا / حَسَناتُها مِن كاشِحٍ وَرَقيبِ
خُضراً يُساقِطُها الصَبا وَكَأَنَّها / وَرَقٌ يُساقِطُها اِهتِزازُ قَضيبِ
كانَت فُنونَ بَطالَةٍ فَتَقَطَّعَت / عَن هَجرِ غانِيَةٍ وَوَخطِ مَشيبِ
إِمّا دَنَوتُ مِنَ السُلُوِّ مُرَوِّياً / فيهِ وَبِعتُ مِنَ الشَبابِ نَصيبي
فَلَرُبَّما لَبَّيتُ داعِيَةَ الصِبا / وَعَصَيتُ مِن عَذَلٍ وَمِن تَأنيبِ
يَعشى عَنِ المَجدِ الغَبِيُّ وَلَن تَرى / في سُؤدُدٍ أَرَباً لِغَيرِ أَريبِ
لا تَغلُ في جودِ الرِجالِ فَإِنَّهُ / لَم أَرضَ جوداً غَيرَ جودِ أَديبِ
وَالأَرضُ تُخرِجُ في الوِهادِ وَفي الرُبى / عَفوَ النَباتِ وَجُلُّ ذَلِكَ يوبي
وَإِذا أَبو الفَضلِ استَعارَ سَجِيَّةً / لِلمَكرُماتِ فَمِن أَبي يَعقوبِ
لا يَحتَذي خُلُقَ القَصِيِّ وَلا يُرى / مُتَشَبِّهاً في سُؤدُدٍ بِغَريبِ
تُمضي صَريمَتَهُ وَتوقِدُ رَأيَهُ / عَزَماتُ جوذَرزٍ وَسَورَةُ بيبِ
شَرَفٌ تَتابَعَ كابِراً عَن كابِرٍ / كَالرُمحِ أُنبوباً عَلى أُنبوبِ
وَأَرى النَجابَةَ لا يَكونُ تَمامُها / لِنَجيبِ قَومٍ لَيسَ بِاِبنِ نَجيبِ
قَمَرٌ مِنَ الفِتيانِ أَبيَضُ صادِعٌ / لِدُجى الزَمانِ الفاحِمِ الغِربيبِ
أَعيى خُطوبَ الدَهرِ حَتّى كَفَّها / وَالدَهرُ سِلكُ حَوادِثٍ وَخُطوبِ
قَولٌ كَما صَدَقَت مَخايِلُ بارِقٍ / يَهمي وَفَضلٌ ناصِعُ التَهذيبِ
وَإِذا اجتَداهُ المُجتَدونَ فَإِنَّهُ / يَهَبُ العُلا في نَيلِهِ المَوهوبِ
نُشِرَت عَطاياهُ فَصِرنَ قَبائِلاً / لِقَبائِلٍ مِن زَورِهِ وَشُعوبِ
كَم حُزنَ مِن ذِكرٍ لِغُفلٍ خامِلٍ / وَبَنَينَ مِن حَسَبٍ لِغَيرِ حَسيبِ
دانٍ عَلى أَيدي العُفاةِ وَشاسِعٌ / عَن كُلِّ نِدٍّ في العُلا وَضَريبِ
كَالبَدرِ أَفرَطَ في العُلُوِّ وَضَوءُهُ / لِلعُصبَةِ السارينَ جَدُّ قَريبِ
يَهني بَني نَوبُختَ أَنَّ جِيادَهُم / سَبَقَت إِلى أَمَدِ العُلا المَطلوبِ
إِن قيلَ رِبعِيُّ الفَخارِ فَإِنَّهُم / مُطِروا بِأَوَّلِ ذَلِكَ الشُؤبوبِ
أَو تُجتَبى أَقلامُهُم لِكِتابَةِ / فَلَقَبلُ ما كانَت رِماحَ حُروبِ
إِمّا أَلَمَّ فَبَعدَ فَرطِ تَجَنُّبِ
إِمّا أَلَمَّ فَبَعدَ فَرطِ تَجَنُّبِ / أَو آبَهُ هَمٌّ فَمِن مُتَأَوِّبِ
هَجَرَ المَنازِلَ بُرهَةً حَتّى اِنبَرَت / تَثني عَزيمَتَهُ مَنازِلُ زَينَبِ
وَهوَ الخَلِيُّ وَإِن أُعيرَ صَبابَةً / حَتّى يُطالِعَ مَشرِقاً مِن مَغرِبِ
إِنَّ الفِراقَ جَلا لَنا عَن غادَةٍ / بَيضاءَ تَجلو عَن شَتيتٍ أَشنَبِ
أَلوَت بِمَوعِدِها القَديمِ وَآيَسَت / مِنهُ بِلَيِّ بَنانَةٍ لَم تُخضَبِ
وَأَرى عُهودَ الغانِياتِ صُبابَتي / آلٍ جَرى وَوَميضَ بَرقٍ خُلَّبِ
فَعَلامَ فَيضُ مَدامِعٍ تَدِقُ الجَوى / وَعَذابُ قَلبٍ بِالحِسانِ مُعَذَّبِ
وَسُهادُ عَينٍ مايَزالُ يَروقُها / أَجيادُ سِربٍ أَو نَواظِرُ رَبرَبِ
جُزتُ البَخيلَ وَقَد عَثَرتُ بِمَنعِهِ / صَفحاً وَقُلتُ رَمِيَّةٌ لَم تُكثِبِ
وَعَذَرتُ سَيفي في نُبُوِّ غِرارِهِ / أَنّي ضَرَبتُ فَلَم أَقَع بِالمَضرَبِ
كَم مَشرِقِيٍّ قَد نَقَلتُ نَوالَهُ / فَجَعَلتُهُ لي عُدَّةً بِالمَغرِبِ
وَأَحَبُّ آفاقِ البِلادِ إِلى الفَتى / أَرضٌ يَنالُ بِها كَريمَ المَطلَبِ
وَلَدى بَني يَزدادَ حَيثُ لَقيتُهُم / كَرَمٌ كَغادِيَةِ السَحابِ الصَيِّبِ
فَإِذا لَقَيتَهُمُ فَمَوكِبُ أَنجُمٍ / زُهرٍ وَعَبدُ اللَهِ بَدرُ المَوكِبِ
قاسي الضَميرِ عَلى التِلادِ كَأَنَّما / يَغدو عَلى تَفريقِ مالٍ مُذنِبِ
حاطَ الخِلافَةَ ناصِراً وَمُدَبِّرا / بِوَفاءِ مُجتَهِدٍ وَحَزمِ مُجَرِّبِ
وَلَوَ انَّهُم نَدَبوهُ لِلأُخرى إِذاً / دُفِعَ اللِواءُ إِلى الشُجاعِ المِحرَبِ
أَفديكَ مِن عَتَبِ الصَديقِ فَإِنَّهُ / لَأَشَدُّ مِن كَيدِ العَدُوِّ المُجلِبِ
لاقَيتُ جودَكَ بِالسَماعِ وَدونَنا / شُغلُ المَهاري مِن فَضاءٍ سَبسَبِ
وَرَأَيتُ بِشرَكَ وَالتَنائِفُ دونَهُ / وَاللَيلُ يَكشِفُ غَيهَباً عَن غَيهَبِ
وَتَبَسُّماتِكَ لِلعَطاءِ كَأَنَّها / زَهرُ الرَبيعِ خِلالَ رَوضٍ مَعشِبِ
هَل أَنتَ مُبلِغِيَ الَّتي أَغدو لَها / بِمُقَلِّصِ السِربالِ أَحمَرَ مُذهَبِ
لَو يوقَدُ المِصباحُ مِنهُ لَسامَحَت / بِضِيائِهِ شِيَةٌ كَضَوءِ الكَوكَبِ
إِمّا أَغَرُّ تَشُقُّ غُرَّتُهُ الدُجى / أَو أَرثَمٌ كَالضاحِكِ المُستَغرِبِ
مُتَقارِبُ الأَقطارِ يَملَأُ حُسنُهُ / لَحَظاتِ عَينُ الناظِرِ المُتَعَجِّبِ
وَأَجَلُّ سَيبِكَ أَن تَكونَ قَناعَتي / مِنهُ بِأَشقَرَ ساطِعٍ أَو أَشهَبِ
وَإِذا التَقى شِعري وَجودُكَ يَسَّرا / نَيلَ الجَزيلِ وَثَنَّيا بِالمَركَبِ
قَد كانَ طَيفُكَ مَرَّةً يُغرى بي
قَد كانَ طَيفُكَ مَرَّةً يُغرى بي / يَعتادُ رَكبي طارِقاً وَرِكابي
فَالآنَ ما يَزدارُ غَيرَ مَغَبَّةٍ / وَمِنَ الصُدودِ زِيارَةُ الإِغبابِ
جِئنا نُحَيّي مِن أُثَيلَةَ مَنزِلاً / جُدُداً مَعالِمُهُ بِذي الأَنصابِ
أَدّى إِلَيَّ العَهدَ مِن عِرفانِهِ / حَتّى لَكادَ يَرُدُّ رَجعَ جَوابي
سَدِكَ النِساءُ بِنا مَلامَةَ عانِسٍ / نُلحى عَلى غَزَلٍ وَصَدِّ كَعابِ
مازالَ صَرفُ الدَهرِ يوكِسُ صَفقَتي / حَتّى رَهَنتُ عَلى المَشيبِ شَبابي
أَفَحَظُّ نَفسي ظَلتُ أُنقِصُ أَم عَلى / نَفسي غَداتَئِذٍ غَدَوتُ أُحابي
وَعَذَلتَني أَن أَدرَكَتني صَبوَةٌ / خَلَصَت إِلى داوُدَ في المِحرابِ
وَمُلَوَّمٍ في الحُبِّ قُلتُ وَأَرسَلَت / عَيناهُ واكِفَ أَدمُعٍ أَسرابِ
لَو كُنتَ تُؤثِرُ بِالصَبابَةِ أَهلَها / لَتَرَكتَ ما بِكَ مِن جَواكَ لِما بي
مَن مُخبِري بِابنِ المُدَبِّرِ وَالوَغى / تُزجي أَواخِرَ قَسطَلٍ مُنجابِ
غَضبانُ تُجلى عَن وَقائِعِ سَيفِهِ / عَكَراتُ حُمسٍ في الحَديدِ غِضابِ
خِرقٌ تَغَيَّبَ ناصِروهُ وَأُحضِرَت / أَعداؤُهُ وَاليَومُ يَومُ غِلابِ
آساهُ نَصلُ السَيفِ لاصَدرُ الفَتى / حَرِجاً وَلا صَدرُ الحُسامِ بِنابِ
لَو أَنَّهُ اِستامَ النَجاةَ لِنَفسِهِ / وَجَدَ النَجاةَ رَخيصَةَ الأَسبابِ
لَو أَسعَدَتهُ خَيلُهُ لَتَتابَعَت / آلافُ قَتلى بَذَّةُ الأَسلابِ
إِنَّ المُشَيِّعَ لا يُبيرُ عَدُوَّهُ / حَتّى يَكونَ مُشَيَّعَ الأَصحابِ
نَصَبَت جَبينَكَ لِلسُيوفِ حَفيظَةٌ / جَرَّت عَلَيكَ نَفاسَةَ الهُرّابِ
وَأَبَيتَ إِعطاءَ الدَنِيَّةِ دونَهُم / إِنَّ الأَبِيَّ لِأَن يُعَيَّرَ آبِ
وَمُبينَةٍ شَهَرَ المُنازِلُ وَسمَها / وَالخَيلُ تَكبو في العَجاجِ الكابي
كانَت بِوَجهِكَ دونَ عِرضِكَ إِذ رَأَوا / أَنَّ الوُجوهَ تُصانُ بِالأَحسابِ
وَلَئِن أُسِرتَ فَما الإِسارُ عَلى اِمرِئٍ / نَصَرَ الإِسارَ عَلى الفَرارِ بِعابِ
لَو كانَ غَيرُكَ كانَ مُنخَزِلَ القُوى / عَمّا مَضى بِكَ ضَيِّقَ التِلبابِ
نامَ المُضَلَّلُ عَن سُراكَ وَلَم يَخَف / سِنَةَ الرَقيبِ وَنَشوَةَ البَوّابِ
وَرَأى بِأَنَّ البابَ مَذهَبُكَ الَّذي / يُخشى وَهَمُّكَ كانَ غَيرَ البابِ
فَرَكَبتَها هَولاً مَتى تُخبِر بِها / يَقُلِ الجَبانُ أَتَيتَ غَيرَ صَوابِ
ما راعَهُم إِلّا اِمتِراقُكَ مُصلِتاً / مِن مِثلِ بُردِ الأَرقَمِ المُنسابِ
تَحمي أُغَيلِمَةً وَطائِشَةَ الخُطى / تَصِلُ التَلَفُّتَ خَشيَةَ الطُلّابِ
تَرتاعُ مِن وَهَلٍ وَتَأنَسُ أَن تَرى / قَمَراً يَنوءُ بِباتِكٍ قَضّابِ
شَهِدَتهُ يَومَ الهِندُوانَ وَلَم تَكُن / لِتَبيعَهُ بِاليَومِ في دولابِ
وَرَأَت جِلادَ مُحَبَّبٍ لَم تُخزِهِ / يَوماً مَواقِفُهُ لَدى الأَحبابِ
قَد كانَ يَومُ نَدى بِطَولِكَ راهِنٌ / حَتّى أَضَفتَ إِلَيهِ يَومَ ضِرابِ
ذِكرٌ مِنَ البَأسِ اِستَعَرتَ إِلى الَّذي / أُعطيتَ في الأَخلاقِ وَالآدابِ
وَجَديدُ شُغلٍ لِلقَوافِيَ زائِدٌ / فيما اِبتَغَيتَ لَها مِنَ الإِسهابِ
وَفَريضَةٌ أَنتَ اِستَنَنتَ بَديئَها / لَولاكَ ماكُتِبَت عَلى الكُتّابِ
أَرُسومُ دارٍ أَم سُطورُ كِتابِ
أَرُسومُ دارٍ أَم سُطورُ كِتابِ / دَرَسَت بَشاشَتِها مَعَ الأَحقابِ
يَجتازُ زائِرُها بِغَيرِ لُبانَةٍ / وَيُرَدُّ سائِلُها بِغَيرِ جَوابِ
وَلَرُبَّما كانَ الزَمانُ مُحَبَّباً / فينا بِمَن فيهِ مِنَ الأَحبابِ
أَيّامَ رَوضِ العَيشِ أَخضَرُ وَالهَوى / تِربٌ لِأُدمِ ظِبائِها الأَترابِ
بيضٌ كَواعِبُ يَشتَبِهنَ غَرارَةً / وَيَبِنَّ عَن نَشوى الجُفونِ كَعابِ
تَرنو فَتَنقَلِبُ القُلوبُ لِلَحظِها / مَرضى السُلُوِّ صَحائِحَ الأَوصابِ
رَفَعَت مِنَ السِجفِ المُنيفِ وَسَلَّمَت / بِأَنامِلٍ فيهِنَّ دَرسُ خِضابِ
وَتَعَجَّبَت مِن لَوعَتي فَتَبَسَّمَت / عَن واضِحاتٍ لَو لُثِمنَ عِذابِ
لَو تُسعِفينَ وَماسَأَلتُ مَشَقَّةً / لَعَدَلتِ حَرَّ هَوىً بِبَردِ رُضابِ
وَلَئِن شَكَوتُ ظَمايَ إِنَّكِ لِلَّتي / قِدماً جَعَلتِ مِنَ السَرابِ شَرابي
وَعَتَبتِ مِن حُبّيكِ حَتّى إِنَّني / أَخشى مَلامَكِ أَن أَبُثَّكِ مابي
وَلَقَد عَلِمتُ وَلِلمُحِبِّ جَهالَةٌ / أَنَّ الصِبا بَعدَ المَشيبِ تَصابِ
وَأَما لَوَ انَّ الغَدرَ يَجمُلُ في الهَوى / لَسَلَوتُ عَنكِ وَفِيَّ بَعضُ شَبابي
لاتَغلُ في شَمسِ بنِ أَكلُبَ إِنَّها / ظُفري فَرَيتُ بِها العَدُوَّ وَنابي
وَدَعِ الخُطوبَ فَإِنَّهُ يَكفيكَها / مِن حَيثُ واجَهَها أَبو الخَطّابِ
خِرقٌ إِذا بَلَغَ الزَمانُ فِناءَهُ / نَكَصَت عَواقِبُهُ عَلى الأَعقابِ
نَصَرَ السَماحَ عَلى التِلادِ وَلَم يَقِف / دونَ المَكارِمِ وَقفَةَ المُرتابِ
لَيسَ السَحابُ بِبالِغٍ فيهِ الرِضا / فَأَقولَ إِنَّ نَداهُ صَوبُ سَحابِ
وَلَئِن طَلَبتُ شَبيهَهُ إِنّي إِذاً / لَمُكَلِّفٌ طَلَبَ المُحالِ رِكابي
صاحَبتُ مِنهُ خَلائِقاً لَم تَدنُ مِن / ذَمٍّ وَكُنتُ مُهَذَّبَ الأَصحابِ
وَاختَرتُهُ عَضبَ المَهَزِّ وَلَم أَكُن / أَتَقَلَّدُ السَيفَ الكَهامَ النابي
وُصِلَت بَنو عِمرانَ يَومَ فَخارِهِ / بِمَناقِبٍ طائِيَّةِ الأَنسابِ
قَومٌ يَضيمونَ الجِبالَ وَقَد رَسَت / أَعلامُها بِرَجاحَةَ الأَلبابِ
سَحَبوا حَواشي الأَتحَمِيِّ وَإِنَّما / وَشيُ البُرودِ عَلى أُسودِ الغابِ
نَزَلوا مِنَ الجَبَلَينِ حَيثُ تَعَلَّقَت / غُرُّ السَحائِبِ مِن رُباً وَهِضابِ
مُتَمَسِّكينَ بِأَوَّلِيَّةِ سُؤدُدٍ / وَبِمَنصِبٍ في أَسوَدانَ لُبابِ
يَستَحدِثونَ مَكارِماً قَد أَحسَروا / فيها نُفوسَهُمُ مِنَ الإِتعابِ
وَكَأَنَّما سَبَقوا إِلى قِدَمِ العُلا / في القُربِ أَو غَلَبوا عَلى الأَحسابِ
أَلقَوا إِلى الحَسَنِ الأُمورَ وَأَصحَبوا / لِمُباعِدٍ عِندَ الدَنِيَّةِ آبِ
يَغدو وَأُبَّهَةُ المُلوكِ تُريكَهُ / مُستَعلِياً وَجَلالَةُ الكُتّابِ
فاتَ الرِجالَ وَفي الرِجالِ تَفاوُتٌ / بِخَصائِصِ الأَخلاقِ وَالآدابِ
فَكَأَنَّما البَحرُ اِستَجاشَ يَمينَهُ / فَقَضى بِها أَرَباً مِنَ الآرابِ
وَالمَكرُماتِ مَواهِبٌ مَمنوعَةٌ / إِلّا مِنَ المُتَكَرِّمِ الوَهّابِ
بِكَ يا أَبا الخَطابِ أَسهَلَ مَطلَبي / وَأَضاءَ في ظُلَمِ الخُطوبِ شِهابي
وَلَئِن تَوَلَّتني يَداكَ بِنائِلٍ / جَزلٍ وَأَمرَعَ مِن نَداكَ جَنابي
فَأَنا ابنُ عَمِّكَ وَالمَوَدَّةُ بَينَنا / ثُمَّ القَوافي سائِرُ الأَنسابِ