المجموع : 27
بين العذيب فبانه المتناوح
بين العذيب فبانه المتناوح / والسفح مورد دمع عيني السافح
فاخلل به فهناك أول نظرةٍ / بل خطرة سكن الجوى بجوانحي
وتوقّ أن ترد الظماء فإنما / قد غاله دم جفني المتسامح
واقصص معي أثر الخليط فإنّما / جرح النوى منهم جميع جوارحي
لم أدر ما أصمى فؤادي رشقة / من نابلٍ أو مشقة من رامح
ومهفهفٍ قلبي بنارٍ لافحٍ / بجفاه إذ جفني بماء سافح
ما زلت القاه بودٍ كادحٍ / أبداً ويلقاني بوجهٍ كالح
فسقام جسمي في هواه وصحّتي / بنواه بين مغالق ومفاتح
لا أرعوي فيه للومة لائم / كلا ولا أصغي الكشحة كاشح
بين الجفون من النوى ورقادها / ما بين قلبي والسلو الجامح
يا ملبسي توب النحول ومنزل ال / همّ المقيم على اصطبار نازح
غادرتني ما بين قلب كاتمٍ / للوجد والبلوى وجفن بائح
وأبيك ما خطر السلوّ بخاطري / كلا ولا أنا عن هواك ببارح
ويزيد وجدي أن دعت بأراكة / ورقاء في غسق الظلام الجانح
جلب الحمام لنا الحمام وإنما / يهفو الفؤاد لصادعٍ أو صادح
ما كان يحكم بالجوى قاضي الهوى / لولا مغازلة الغزال السانح
عذب العذاب به كما طابت لنا ال / دنيا بأيّام المليك الصالح
ملك إذا ما الغيث أخلف صوبهُ / جاءت أنامله بجود طافح
عاد الندى بندى يديه وعودهُ / ريّان يقطر بالنوالِ السائح
ورود أنعمه إذا ما جئتهُ / بنوازع تولى اللهى ونوازح
أهلَت ربوع الكرمات بجوده / من بعد ما عهدت برسمٍ ماصح
تليث مناقبه وسيرّ ذكرهُ / بين الرواة وكلّ غارٍ رائح
لعدوّه ووليّه من كفّه / سعد السعود وذاك سعد الذابح
ملك تضيقُ الأرض عنه برحبها / إذ همّه ملء الفضاء الفاسح
نشوان من طرب السؤال فدأبهُ / أبداً يعربدُ بالنوالِ السافح
كم قد أقام على التفرد بالعلا / بين البرية من دليلٍ واضح
أبدا يبالغ في افتناء مناقبٍ / ومدائح بمواهبٍ ومنائح
يوماه يوما أنعم ومنائح / تولى ويوم تطاعنٍ وتكافح
في كل محكمة له فضفاضة / تغشى الوغى وبكُلّ نهدٍ قارحِ
ومد ججين كأنهم آل الوغى / وأقارب البيض الرقاق جحاجح
تلقاهم كالقور يخفق حولها / لمع السراب بكل حربٍ لافح
غدرُ يصفّقُها النسيم ترفّعت / في ظهر سابحة وأجرد سابح
خلقوا على صهوان كلّ طمّرة / جرواء بين أسنّةٍ وصفائحِ
يا أيّها الملك الذي أوصافهُ / راح الزمان بها بقرف فائح
إني أتيتك إذ سمعت مناقباً / يثنى عليك بها وغرّ مدائح
وأردت تأخذ منك عيني حظّها / مأري ومختبرا بغير تسامح
ولئن أتيت مقصرا في مدحتي / فلأنت حقا فوق مدح المادح
أرأيت ما صنعت لحاظ الغيد
أرأيت ما صنعت لحاظ الغيد / ما بين منعرج اللوى نزرود
سنحت فكم جرحت فؤاداً لم يكن / يصغي إلى عذل ولا تفنيد
ومرنح الأعطاف في ألحاظه / ما في الصوارم والقنا الأملود
سكران من خمر الصبا لكنما / فرقي لفتكة طرفه العربيد
أنا منه بين مفارقٍ ومواصلٍ / زورا وقال في الهوى وودود
إن شدّ فوق الخصر بند قبائه / حلّت عرىً من دمعيَ المعقودِ
أو كان ينكرني دمي في حبّه / ظلما فحمرة وجنيته شهودي
أمحملى عيب الهوى لقد اشتفى / داء الجوى من قلبيَ المعمودِ
أتروم مني في هواك زيادةً / هذا الغرام ولان حين مزيد
أتا بين جفن ليس يرقاد معه / أبدا وقلب فيك غير جليد
فرقت ما بين الفؤاد ومصبره / وجمعت بين الجفن والتسهيد
رام العواذل سلوتي ولطالما / جاء الملام من الهوى بجنود
والحبّ داء لا يرامُ لبرئه / طول الملام وكثرةُ التفنيد
فيه تطيشُ سهام كل مسددٍ / ويضِلّ راي المرء ذي التسديد
يا عيشة سلفت بجرعاء الحمى / إن عاد لي زيمن الشبيبة عودي
أيام أسري نحو أسري في الهوى / غيّا وعودي مورق بو عود
وأرى صباح الشيب أسفر عن دجى / ليل الشبيبة منذراً بوعيد
أودى الشباب فعادتي من بعده / عيد نصيبي منه في التعدير
ولي حميدا فالمدامع بعدهُ / والشقو في التصبيب والتصعيد
عمري لقد صدق الزمان وعودَهُ / عندي بجورٍ للخطوب عنيدِ
صُن ماء وجهك أن يذال بذلّة / لا خير في ذل بنيل خلود
واختر ظهور اليعملات محلّةً / حتى تبيد بها ظهور البيد
فإذا بدت لك نار موسى فاستعد / أبدا بظلّ رواقه الممدود
فهناك يهتؤك الزمان بعزةٍ / قعساء تحت لوائه المعقود
سحب المنى بيض لديه وطالما / نزجي بسحبٍ للمنيّة سودِ
ما زال يبتدعُ الندى حتى اغتدى / ونوالهُ يربي على المقصود
وإذا المكارم أرتجت أبوابها / جادت لها كفّاه بالأقليد
جازت مناقبه عن الأحصاد وال / تعداد والتكييف والتحديد
يعطي ولو سئل الحياة أو الحيا / أتيا لمن يعفوه غير بعيد
فيروقه نائي وعودٍ أنجزت / بالجود لا ناي يرُفّ بعود
يا من تلا العلماء سودد مجده / بالعلم والجهالُ بالتقليدِ
عاضت بك الأفهام بعد إياسها / عن كلّ منزور النوالِ زهيدِ
وسفينة الآمال دونك لجّجت / حتى استوت بالجود فوق الجودي
وطريدة الإسلام أنت أعدتها / من بعد طوال تشرّد وندو
أيام صافياء يقصر دونها / وصف البليغ بخطبة وقصيد
بدّدت جمع الكفر وهو مؤثّل / منهم بعزم في الأمور رشيد
ونهضت إذ عجز الانام بأرعن / ملأ الملا عدداً بغزر عديد
شاروا من الاسلام شهدا عنوة / فأعدته من حنظل وهبيد
وسقيتهم كأس المنية بعدما / شربوا بكاس النصر والتأييد
والروم راموا نصرة فجعلتهم / ما بين مقتول إلى مصفود
أغناك بأسك عن قراع كتيبة / أو نشر رايات وخفق بنود
علموا بأنك كالدجى لا مهرب / منه ويدرك شأو كلّ شهيد
فاستسلموا طوعا لأمرك بعدما / أسكنت أكثرهم بطون لحودِ
وفتحت ما افتتحوا بعزمٍ قاهرٍ / فأعذت معدوما إلى موجود
وأتيت إذ دميا بدّل ربعها / كفرا عن الإيمان والتوحيد
تلقى جيوش المشركين بعزمة / عظمت عن التكييف والتحديد
فرعون كفرهم طغى فأتاهمُ / موسى لإغراقٍ ببحر جنود
جاشت غواربه بموج مزبدٍ / متلاطم آذيّه بحديد
موسى وعيسى أرسلا لمحمد / ومحمد بالنصر والتأييد
فالله يشكر عنكم السعيّ الذي / يرضيه بين إقامة ونهودِ
يا أيّها الملك الذي أخلاقه / رصفَت وقد وصفت نظام عقودي
يا كعبة إن كان تقبل حجتي / فلها ركوعي دائما وسجودي
ما بال مثلي خاملا من بعدما / قد كان في ملّل العلاء صعودي
أيجوز لي خوض الخضمّ وأنثني / عن مائه متيمّما بصعيد
إن كان قُلّ النيل يحمد ربّه / فالمستنيل لذاك غير حميد
كانت تمنّي النفسُ ظلّك جهدا / لا ظلّ زنكيّ ولا مسعود
والأشراف المنصور أشرف همة / من أن أراني ليس يورق عودي
خذ واسمع مني نظام غريبة / جاءتك بالتعظيم والتمجيد
حلبت بمسمع كل ذي سمع فما / تنفكّ بين ترنّ ونشيد
ولئن تأخر عصرها فلطالما / هزئت بنظمي جرول ولبيد
عذبت على الأفواه حتى أطربت / بحدائها بزل المطايا القود
لله أيّ غريبة وعجيبة / في مغرب في بأسه والجود
كفل الإله له بطول بقائها / لرضى محبّ أو لكبتِ حسودِ
يا أيها المولى الوزير ومن له
يا أيها المولى الوزير ومن له / عزم منال النجم دون مناله
يا ذا الذي عم الأنام فضائلاً / وفواضلا فالخلق في إفضاله
أنت أمرؤ ما أمه ذو فاقة / إلا ولاح النجح في آماله
ألحقّ في آرائه والصدق في / أقواله والجود في أفعاله
أثنى بنعمتك التي شكري لها / شكر الرياض الغيث في تهطاله
إن رنقت وردى الحوادث لم يزل / وردي لدى جدواه عذب زلالهِ
عصبّية جازت مدى أملى ولا / أنفكّ أرتع في حدائق ماله
مولاي مجد الدين دونك مدحة / تبقى بقاء الدهر في إقباله
كن لي كعادتك التي عودتها / عند الملك منجزاً لنواله
فإذا امرؤ أسدى إليكَ صنيعةً / من جاههِ فكأنّها من ماله
يا من تحلى الدهر من اخلاقه / حللا فابدى عن جميل خلاله
ما زال عبدك يرتجيك لأمره / في كثره حقا وفي إقلاله
وشريف رأيك عالم ما يقتضي / الإسلام من حقّ النبي وآله
أينَ الخليطُ وأية سلكوا
أينَ الخليطُ وأية سلكوا / بانوا فلم يلووا بمن فتكوا
سلبوا الفؤاد فمذ نأت بهمُ / أجمالهم أخذوا الذي تركوا
ظلموا بإبعادي وقد علموا / أني بذيل العفو أمتسك
جاروا على ضعفي وليس لهم / أن يقتلوا مثلي وإن ملكوا
لكن قتل العبد ليس على / ملاكه في فعله درك
كم لي أني النفس قربهم / دهراً فما اقتربوا ولا امتسكوا
إن الأماني مطلب خطر / خبل المنايا فيه تعترك
قريتهم بعدوا وصلتهم / صدوا بكيت لهجرهم ضحكوا
أكذبت من حبي ويقضهم / من قال إن الحبّ مشترك
يا قائلاً خسّ الزمان فاه / لوه لطرق اللوم قد سلكوا
أيجوز أن تنحوا مقالة من / ضلوا بما قالوه بل أفكوا
والله سنحرفوفهم فلكا / يعطي وهذا فيهم الفلك
صدر الممالك رب ملحمةٍ / فيها صنوف القول متشتيك
عزم يقرّب ما نأى ويد / منها بعبد الرزق يمتلك
إحسانه المجدّ نا عقل / وحديثه لنفوسنا شركُ
عرض تأرّج نشره عطرٌ / أبدا وعرضُ حسوده سهك
فالغيث من معروفه خجِل / والبحر في جدواه مرتبك
عرض يصان يفيض أنعمهِ / والمال من جدواه ينتهك
وكذا الغمائم إذ تساجلهُ / فببعض ما يوليه تنهنك
إيعاده متأخر أبداً / ووعودهُ فيها له رتك
ما شيّد الماضون مكرمةً / مما يشيّد لا ولا تتمكوا
يفديه أقوام ألو نحلٍ / لؤماً لحبل الجود قد بنكوا
صدوا عن الإحسان وانقطعوا / وعلى معايبهم قد انهمكوا
قد قيل رد بحراً وزر ملكاً / تحظى وأنت البحر والملكُ
لك يا محمد نائل
لك يا محمد نائل / في الناس جمّ ليس يُحصر
ومكارم تطوى مآ / ثر للأكارم حين تنشر
ومودّتي معروفة / لك والمعارف لا تنكّر
فابعث بماء الورد لا / وإن وأعقبتهُ بعنبر
عطر كعرضك أو كلف / ظك أو كمدحك حين يذكر
فأروح منك معطّراً / وتروح من مدحي معطّر
وتظلّ محسودا علي / يّ وحاسديّ عليك أكثر
لا تعجبي لمشيب نودي إنه
لا تعجبي لمشيب نودي إنه / وسم من الأيام غير وسيم
فلو استطعت نضوت جدة برده / ورميت شهب نجومه برجوم
إن اسوداد مغارقي لوسيلة / عند المها للقرب والتسليم
وأرى المشيب طليعة من بعدها / يأتي مشتّت شمل كلّ حميم
وإذا نظرت إلى الزمان وجدتهُ / تعب الكريم وراحة للئيم
أينَ الديار فهذه الجرعاء
أينَ الديار فهذه الجرعاء / درست معالم آيها الأنواء
أم أين تلك ظبا الصريم فماثوت / بربوعها هند ولا أسماء
دمن مثلن ومحصت آثارها / أيدي البوارح زعزع ورخاء
إن كان أخلقها الهواء فللهوى / في عرصتيها جدّة وبقاء
أو كان أخلفها الندى فلمقلتي / أبداً على أطلالها أنداء
يا عاذليّ دعاملا مكما الذي / زادت به في قلبيَ الأهواء
واستطلعا شوفي فما برح الجوى / يبدي الذي أخفيه والبرحاء
أين الوصول إلى الوصال ودون من / يهوى المحبّ لقاءه البيداءُ
أم كيف يبغي القرب من بعدت به / أيدي النوى ومفازة يهاء
قف حيث أوقفك الهوى في موقف / ذلّت لوقفتها به العظماء
وأخلص ودادك للتي قد أوطنت / وادي الفضا وديارهم الخلصاء
أفتبكينّ عساك تنقع غلّةً / هيهات أن يشفي الغليل بكاءُ
لا تكلفن بسؤال ربع شانهُ / أن لا يجاب لسائليه دعاء
للّه ليلة زارني من نحوهم / طيف عليه من الظلام رداء
والدهر في سنة وفادح خطبهِ / وانٍ ولم تغطن بنا الرقباء
فخطيت من زور الخيال بخطرةٍ / في رقدة فله إليّ حباء
ومن العجائب أن طيف خبالهم / تمت لناس زوره النعماء
فتبدلت نعمي الزمان ببؤسهِ / ولدهرنا النعماءُ والبأساءُ
مزجت لنا خمر الفراق صروفهُ / فقضى علينا البين والعدواءُ
خذ في سوى ذمّ الخطوب بمدح من / قد أفصحت بمديحه الخطباءُ
الناصر الدين الحنيف ومن سمت / بوجوده وبجوده الخلفاء
فالحجّ نحو البيت فرض لازم / وكذا تزار لقصيده الزوراءُ
ملك كأنّ العالمين بما حوت / كرما وإجلالا لديه هباء
فكأنّه سبب الوجود بأسره / فلأجله تتكوّن الأشياء
وكأنما عقدَ القضاء بأمرهِ / فيصرّفُ الأقدار كيف يشاء
فالجود أعشار فجزء في الورى / ولديه تلك التسعة الأجزاء
في كل وقتٍ من سحائب جوده / في راحتيه ديمة وطفاء
أعطى فراح البحر منه مبرقعاً / خجلا وأحدث للحيا استحياء
فمكارم خطبت كريمة خاطري / وبمثلها لم توصف الكرماء
وخلائق يعي الخلائق وصفها / ومديحها ومناقب عذراء
برضاك ألبست الغزالة نورها / وبسخطك انسدلت لنا الظلماء
لولاك لم تكن البسيطة والورى / شيئا ولم يسمك عليه سماء
وبسابق التقدير أنك كائن / في الناس جاءت آدم الأسماء
وبكم نجانوح وفاز بفلكه / جن استوت حقا وغيض الماء
وبكم غدت نارُ الخليل وحرّها / بردا وعجّل للذبيح فداء
وبنوركم أنس الكليم فظنّهُ / نارا وكان به عليه خفاء
وبسرّكم راح بن مريم ىيةً / للناس معجز فعله الإحباء
يا آل عباس وأنتم صفوة ال / سرّ المصون وأنتم الشفعاء
من دوحة التقديس منبت أصلكم / من سرّ علم الله وهو ضياء
من حيث يقتبس الهدى ويكّون ال / تكوين بل تتنزّل الأنباء
بعث النبيّ مبلغا من ربّه ال / دين الأنام وأنتم الأمناء
بأبيكم العباس عمّ محمد / سقي الأنام وجادت الأنواء
وبما تفرّق من يسير علومكم / بين الورى افتخرت به العلماء
ما أم ذو أمل نداكم قاصداً / إلا وتشكر سعيه الفيغاء
لما شممت أريج عرف صفاتكم / وأضاء منها نورها الوضّاء
جرّدت آمالي لحجّ جنابكم / غذ وفقت في قصدي الآراء
وأتيت أسأل أن أجاز موجّهاً / علما وتعقبه يد بيضاء
وأعود من حلل الفتوة حاليا / ما تقتضيه المهمّة الغراء
فاسلم أمير المؤمنين لأمة / إن ناب خطب فهيَ عنك وفاء
لك أعلن الخطباء في أعوادها / بالشكر لما أفصح الفصحاء
وبما نظمت من القريض تعلّمت / مني وإن سبقتني الشعراء
لن تجسر الفهماء تجري في مبا / دين جريت بها ولا البلغاء
فانعم على مر الزمان مخلّداً / واسلم إذا اخترم النفوس فناء
سفها بكيت بدمع عين هام
سفها بكيت بدمع عين هام / بمرابع أقوت من الأرآم
وأطلت في الأطلال وقفة حائر / لا يرعوي عن دمنة وخيام
أضللت حلمك في الديار ولم يجز / تخيبك ذلك منك في الأحلام
ما الربع مما يرعوي لملامةٍ / كلا ولا يصغي لرجع كلام
للّه أيّ سوالفٍ عرضت لنا / بلوى الكثيب بسالف الأيام
أقبلن في خفر الدلال وإنّما / لم يسمموا بتحية وسلام
يا عاذلي أزعمت أنّك ناصحي / مهلا اسأت الفعل في الإفهام
إن رحت في إثر الخليط فطالما / خلط التفرّقُ صحبتي بسقام
وحمائمٍ غردنّ في غسق الدجى / فبعثن شوقي إذ اعدن غرامي
أذكرنني زمنَ العقيق وإنما / نوح الحمام مفاجىء بحمامي
يا قاتل الله النوى فلكم ونى / في إثرها متعثّرُ الأفهام
أأذُمّ بارح طيرها أم اشتكي / زمني فقد أقصى بلوغ مرامي
ما أصفت الأيام ورد مشاربي / كلا ولا نقعت غليل أوامي
رفّعَن ما أسأرن لي من مشربي / ونزلن بي بمزلّة الأقدام
أتروم خفضي حين تأبى همتي / إلا ارتفاع محلّتي ومقامي
أفمن ملوك الخافقين عزيمة / تنتاشُني من ضيغم الإعدامِ
قومي الذين تسموا قللَ العلا / بالفضلِ والإفضالِ والإكرامِ
طلعت نجوم علومهم زمناً وقد / سحب الضلال عليه فعل ظلالم
وسمضوا وقد وسَموا حباه مكارمٍ / نزلت بهم بمنازل الإعظام
وأنا الذي علمَ الفضائلَ يافعا / حقا فشبّه ذاك بالإلهام
أدركت ما لو طال عمر مؤمّلٍ / ما قام فيبعض العلوم قامي
أنا فارسُ الفرسان إن علم جرى / لكن لساني في النزال حسابي
أبقيت للعلماء بعد ذهابهم / شرفا بنى شرفا على بهرامِ
شهدت لي الأيام كلّ فضيلةٍ / وأضاعني زمني بنقض ذمامي
فالعقر أيتّها الجيادُ فإنه / يشفيك من عقرٍ ومن آلامِ
وإذا عماد الدين جئت فشيمتي / لثم الصعيد وقد حسرت لثامي
ورضيت عن زمني بحسن صنيعه / وغفرت عظم إساءة الأيّام
قرّبنني من بحر جود قطرة / منه يبرّ على السحاب الهامي
ملك إذا أثنت علاه بجوده / ثنت المقاول فيه بالإفحام
ملك لأحكام القضاء مقدّر / في الحالتين النقض والإبرام
فكحاتم في جوده وكأصنف / في الحلم بل عمر ولدى الإقدام
تنميه في العلياء غرّ مكارم / يغنى بها عن هاشم وهشام
لو سئلت عنه المكارم والعلا / نطقت بما أولى منَ الإنعام
فلسيفه ولسيبه ببن الورى / حكمان حكمُ صواعق وغمام
ولذكره في قلب كلّ مخالفٍ / وموافق فرق من الأقوام
وإذا الكريهة أخمدت أخدمتها / بمثقّف وبصارم خذّام
فلسيفه وسنانه وبنانه / حكم يشقّ على الطلى والهام
واخالفته أعزّة إلّا عذَت / منه رؤوسهم بلا أجسام
يا أيها الملك الذي من عدلهِ / ثبتت دعائم قبّة الإسلام
أثّلتَ مجدا لم يطل لصفاته / شعري فقصّر عنه شأو كلامي
ورعيت هذا الملك منك بمقلةٍ / لم تكتحل أجفانها بمنام
وبنيتَ داراً للمناقب والعلا / سُمكت قواعدها بخير دعام
شيدت كما شيدت بهّمتك العلل / ورست لديك قواعد الأحكام
أسكنتها الكرم التلاد فما انضوى / إلا إليها منتهى الأفهام
وكسوتها من نور مجدك بهجةً / فجلوت منه حنادس الإظلام
ورفعت في شرفاتها شرفا لها / علما وفي عن ذروة الأعلام
بعزيمة أركانها بركونها / ثبتت فآذن سعدها بدوام
احجارها من مرمر ونقوشها / من جوهر فاعجب الحسن نظام
وكأنّ منها الشيد قد كحلت به / أجفانُنا بمراود الإعظام
ما بال دجلة إذ أطلّ بناؤُها / متشرّفا في خجلة وغرام
تبدو بتجعيدٍ وحقّ لمثلها / حقا يغار من الخضمّ الطامي
فالجود في عرصاتها والأمن في / أبوابها بالفضل والإكرام
فهي الأحقّ بأن تسمى جنّةً / أو أن يقال الدهر دار سلام
يا ابن الغطارفة الذين أكفّهم / موت لحيّ الجور والأعدام
إنّي اتخذتّك شافعا لي في الدُنا / وتخذت حيدر شافعا لأثامي
ولأنت في دنيايَ خير مؤمّلٍ / ولحيدر في الحشر خير إمام
فبقيت يا خير الورى ما غرّدت / في مورق الأغصان ورقُ حمام
أفنيت صبري في الهوى وتجلّدي
أفنيت صبري في الهوى وتجلّدي / يا منتهى سؤلي وغاية مقصدي
وصددتني من غير جرمٍ عامدا / فانقع بوصلك غلّة القلب الصدي
أضرمت في كبدي لبعدك لوعة / حنتِ الضلوعَ على جوى متوقّد
ما مرّ يوم من بعادك ذاهباً / إلا وأرقب قرب بعدك في هدر
أغريت بي العذال حتى لذّ لي / حبّا لذكرِكَ لؤم كلّ فضني
يا صاحبي صح بي إذا برقُ الحمى / خفقت ذوائبهُ ببرقه ثهمد
وانشُد فؤاداً مذ عفا ربع اللوى / ما زال مأوىً للغزال الأغيدِ
رشأُ منَ الأتراك أتلف مهجتي / من لحظة فتكا بحدّ مهندّ
ورمى فأصمى القلبَ لما أن رمى / من جفنه حقّا بسهم مصرر
أجرى دمي ظلما ولمّا اقترف / ذنبا لديه وها يدي أن لا يدري
أسر اللحاظ وقد رنت لجماله / بلا سل من صدغه المتجعّد
قسماً بحبّك وهو غاية حلفتي / وأليّتي يا فتنة المتعبّد
لولا رجائي فيك لم يبق الهوى / والشوق فيّ بقيّة لتجلّد
فعلام تغرب في اختلاس حشاشة / فعدت لها خيل الغرام بمرصد
ماذا يضرّكَ لو تجودُ برشفةٍ / أو عطفة من عطفكَ المتأوّدِ
ولقد حفظتُ لك المودّة جاهداً / وودتّ لو ترعى حقوق تودّدي
ما أسعدتني غير عبرة مقلتي / يوم النوى إذ لم أجد من مسعد
ولكم بخلت عليّ منك بلفظةٍ / من لفظك العذب اللذيذ المورد
مهلا بني خاقان إن لظبيكم / عدوى الجاذر من ظباء بني عدي
لما رنا نحوي رمى طرفي فما / أخطا وقد أصمى بطرف أسود
ظفرت يداه بمهجتي فتكاكا / ظفرت بجود الملك زنكيّ يدي
ملك أقام الفرع منه أدلّة / قطعت شواهدها بطيب المحتد
أعطى فلو خلقَ السحابُ كجودهِ / لم يبق خلق في البريَة بجندي
جود يجدّدُ للزمان مناقباً / وندى ينادي في مكارمه ازددي
ثبتت له أطواد مجد لم يزل / متأبّدا والدهر غير مؤبّد
تنميه في قلل العلاء عصابة / أخذوا المناقب أوحد عن أوحد
فرضوا وقد فرضوا اللهى حسن الثنا / وسموا وقد وسموا جباه الورد
أموالهُ نهب العفاة وذكرهُ / رأب الرواة المتهم أو منجد
أبوابهُ ما زال في عرصاتها / عزّ الملمّ بها وذلّ العسجد
كفّ يكفّ الخطب عن قصريفه / بالمعتلي والمعتفي والمجتدي
كملت له غرّ الخلال فزانها / بين الورى بولاء آل محمّد
يا أيّها الملك الذي لولاه ما / مرف الندى والجود حقا في الندي
أجمهت جردَ الصافنات ولم تكن / معتادةً فاضرب لها بالموعد
فمتى أراها وهي في وهج الوغى / تجرى وقد حمل الجواد الجبر
والطعن يخترد النقوس من العدى / والضرب يغري راس كل بلندر
وارى لواءك بالسعادةِ عقدهُ / ولواء غيركَ ناكصاً لم يعقد
قسماً بربّ البيت إني شيّق / حتى أراك مظفّراً بالأعبد
وتكون محتسبا لنا من ظالمٍ / قد صار محتسبا على الدين الروي
وأراك تنهلنا دما من نحرهِ / عجلا فذاك لنا لذيذ الموردِ
ما زال يقصدني بكلّ أزيّةٍ / من غير ما حرم بأقبح مقصدِ
ويظلّ ينبزّني بكفرٍ دائماً / فكأنّه متعبد في مسجد
والله ثمّ الله ما لي عندهُ / ذنب سوى حبي لكم وتودّدي
كن لي فرالي غير رابك في الورى / أبداً لترعم بالعطايا حسّدي
فلأبقين مدحاً على طول المدى / فيكم تلذّ لسامع ولمنشد
وإذا عجاجُ الحرب ثارَ رأيتني / أروى العدى بمثقّفٍ ومهنّد
ولديّ أنواع الفضائلِ فاختبر / ما أدعيهِ فمثلكم لم يوجد
واستجلها بكرا ويخنيريّة / رفّت فراقت سمع كل مغرّد
ما أنشدت في مجلس إلإنسي / طرب الفريضِ بها ونغمة معبد
إن فضّلت فلأنّها ما فصّلَت / إلا عليك بلؤلؤٍ وزبرجد
وتملّ ملكك فالإ له يديمهُ / أبد الليالي في نعيم سرير
الحسنُ حيثُ المقلةُ الكحلاء
الحسنُ حيثُ المقلةُ الكحلاء / والقدّ حيثُ القامة الهيفاء
والحب حيث يلوم فيه معشر / فيز يدمنه الوجد والبرجاء
ما للمحبّ لظى الغرام وإنَّما / أودى به الهجران والعدواء
أيروم وصل الغانيات وقد عذت / من دونهنّ مفازة يهماء
أم يبتغي طيب اللقاء وقد نأت / بحبيبه الشدنيّة الوجناء
ظعنت مودّعة فصبر طاعن / يوم النوى ومدامع أنواء
وظللت أسألُ بعدها دمنا غدا / قلبي بها المأهول وهي خلاء
وأطيل تسآل الديار وقلّما / يجدي سؤال الربع وهو قواء
فلأنزعنّ عن البكاء بدمنة / درست فما يدني المراد بكاء
فالعيش أن تهفو بقلبك قينة / وتغوك لبّك قهوة صهباء
أو أن يهج هواك ظبي أغيد / غنج اللحاظ وظبية غيداء
أنى انثنت فالغصن يخجل دونها / فكأنّها اليزنيّة السمراء
وكأنّما الليل النهار إذا بدت / من نورها تتبلّج الظلماء
في روضة حاك الربيع برودَها / فتقت بها نوارها الأنواء
وغديرها يحكي اللجين صفاؤهُ / فكأنّما البلور فيه الماء
وكأن نور الشمس في جنباته / شبكُ النضار تهزّها الأهواء
وكأنّ كلّ أراكة من دوحه / قدّ عليه غلالة خضراء
وترنّمُ الأطيار من ألحانها / فيه دواء للغرام وداء
والعزّ أطرافُ الأسنة والقنا / يوم الوغى وعجاجة شهباء
والبيض والبيض القواض أنجم / عند الكريهة والقتام سماء
ومقانب وكتائب ومفاضة / ومطهّم وطمّرة جرداء
وقراع كل كتيبة بكتيبة / فتبين روح أو تسيل دماء
والفخر والشرف الرفيع فضائل / تقنى فتكسبُ عندها العلياء
والمجد حيث العزّ فيه موطّد / والجود حيث الموصل الحدباء
فبها ابن عبد الله أحمد منعم / يل طما مناقت به البيداء
الواهب البدر العظام كأنما ال / أفلاك والدنيا لديه غثاء
إن جئته لم تلق إلا نعمة / عمم الورى منها حيا وحياء
يعطي وليس الوجه منه مقطّبا / أبدا ولا أنفاسه الصعداء
سبق الألى للمكرمات وإنما / منه استفاد السؤدد الكرماء
شرفت بك الدول التي شيّدتها / وتفاخرت تيها بك الأمراء
فالأرض تحسدها السماء لمجدكم / فتودّ لو كانت هيَ الغبراء
في كل وقتٍ منحة وعطيّة / ليست تطاق بها لك الأعباء
نطقت بسؤددك المكارم والعلا / إذا أفحمت في وصفك الفصحاء
فطن إذا ما المشكلات تعرّضت / عرضت لها العزمات والأراء
فذكاؤهُ إن عنّ أمر معضل / يلغى لدى ظلم الأمور ذكاء
فيذود عن نفسٍ لديه أبيّةٍ / يأبى الدنيّة نورها الوضاء
والسيف يعرف منه ما هو صانع / والرمح والأبطال والهيجاء
ضرّاب هامات العدى مستأصل ال / أرواح ترجف خوفهُ الأعضاء
تجرى الدماء على يديه من العدى / أبدا كما تجري بها النعماء
فالحرب يفني آخذي أمواله / فيزيد ما قد نقّص الإعطاء
يغني ويغني من يديه كأنما / جمع بها السراء والضراء
يا من به ركن الحنيفة ثابت / وله به مر كالزمان بقاء
البيت يهوى أن يراك تزورهُ / فرحاً بكم والركن والبطحاء
والخمر عادت مذ هجرت كؤوسها / مربّدةً فكأنّها سوداء
كيف الهناء ولم يلق بك منزل / في الأرض لكنّ السماء بناء
ولو أن أحجار البناء كواكبُ / لم ترضكم ولو أنها الجوزاء
لكن أهنيّ الدار منك بمالكٍ / شرفت به بشرى وساد هناء
خذها فللشعراء يعجزُ تنظمها / حقّا ويفحم دونها الخطباء
فكأنها لمعات وشيء أبهجت / وكأنما فكرى لها صنعاء
فلو أنّ عقد نظامها متقدّم / نطقت بحسن صفاتها الأنباء
واستجل بكرا لو بذلت لمهرها / مصرا لقلّ لها المهور هداءُ
أنّى تنوشدَ نظمها في مجلس / فيخال فيه مندل وكباء
لا يستطيع ذوو الفضائل مثلها / أبدا ولو جمعت لها الشعراء
فاسلم فما في الناس من يلوى به / أمل ولا يلغى لديه رجاء
إلّاك يا ملكا تهدّل جوده / للخلق حتى عمّت النعراء
يا حادياً هلا وقفت قليلا
يا حادياً هلا وقفت قليلا / فعساي أبرد بالحمول غليلا
أما يضرّك لو حبست فإنّ لي / قلبا غدا يوم الفراق عليلا
لأبثّ ما ألقاه من ألم الهوى / جملا وأوضح شرحها تفصيلا
وصلوا السرى بالسر حتى غادروا / قلبي ليعد مزارهم متبولا
واستقبلوا بخدا فليس لأدمعي / إن لم تقض عذرا يرى مقبولا
حثّوا المطايا واستقلّوا فاغتدى / صبري لتعذيبِ الغرام قليلا
وظلَلتُ أسأل ربعهم من لوعتي / وكفي المحبّ معالما وطلولا
ماذا عسى الأطلال تغنى إذ غدا / من بعد فرقتهم رمي مطلولا
يا جيرة الزوراء هل زور به / يفدى أسير لم يزل مفلولا
فالنوم أشبهكم بعادا إذ غدا / شبهي الخيال يخافة ونحولا
أهملتموني حيث لاح بمفرقي / شيب غدت منه الدموع همولا
لو رمت عنكم سلوة وأبتغي / بدلا سواكم ما وجدت بديلا
ولقد حمدت قصير ليلي بعدكم / وذممت من يوم الفراق طويلا
عينايَ أسبلتا الدموع فلو أرى / أنّي الفلق ما استطعت سبيلا
فكأنّ شمان كالدموع تفرّقاً / إذ راح جسمي كالخيال ضئيلا
أنّى تروم من القواني ذمَةً / أم كيف تثأر عندهُنّ قتيلا
ولقد خلقن ولا وفاء يرتجى / من ودّهنّ ولا منحن عقولا
خذ في سوى ما أنت فيه فللهوى / سمة يصير بها العزيز ذليلا
ما كنت أعهد منك تسحب للأذى / ذيلا فيعقب بعده تذليلا
كلا ولكن من عزيمك همّة / بخمت فاكسبت النجوم أفولا
لولا المساعي الغرّفي طلب العلا / ما رمت من دنيايَ حقا سؤلاء
وكذاك لولا مدح آل محمد / ما كنت في نظم العريض قؤولا
قوم لهم خلق الزمان واهلهُ / رب الأنام وأنزلَ التنزيلا
قوم إذا هجدوا يكون وقاؤهمُ / من كل ما يعروهم جبريلا
فلبكر مجدهم الأصيل ومدحهم / تتلوا الملائك بحكرة وأصيلا
لولاهم ما كان خلق في الدنا / كلا ولا بعث الإله رسولا
لولاهم ما كان نوح هاديا / حقا ولا اتخذ الإله خليلا
ولما غدا مرسى فكلّم ربّه / جهراً ولم يشف المسيح عليلا
بهم هدى الله الأنام وفصّل ال / قرآن والتوراة والإنجيلا
ويسير علمهم غدا في الخلق مب / ثوثاً فانقذها لكا ضلّيلا
مستودعو علم الإله وستره / والقائمون على البخاة دليلا
علموا بسرّ العالمينِ فعلمهم / لم يأت جبريلاً وميكائيلا
قوم تجلّى الله في ملكوته / فرأى محلّهم الجليل جليلا
شكرا الإله مساعيا لهم فقد / أبقوا النيل المكرمات سليلا
وتبّوؤا الفردوسَ مبدأ خلقهم / وتفيّؤوا ظلّ الإله ظليلا
فلقد أقاموا بالمعمّر حجّةً / شهدت بفضلهم الورى تفضيلا
ما شمت برقا من جميل خلاله / إلا رددت الطرف عنه كليلا
أعطى فلا حصر يحيط بجوده / حتى لقد أضحى السحاب بخيلا
يا ابن الوصيّ ويا ابن بنت محمد / أدركت من زمني بك التأملا
لولا نوالك في البرية صرّحت / زهر الأماني واكتسين ذبولا
ولو أن علمك لم يكن ما بيننا / رحنا ضلالا عالما مجهولا
أرعيتنا روض العلوم كأنّما / ردّ الإله لنا القرون الأولى
لا تلحني إن كنت عنك مقصّرا / لا استطيع إلى علاك وصولا
أضحت مناقب للنقيب تدلّني / سبل المديح فقد سلكت سبيلا
أوليت ما أملت صفاتك في العلا / حتى عجزتُ فلم أطق تطويلا
لو لم ألم دينا وأبنز كافرا / لمختك التكبير والتهليلا
فليهن شهر الصوم منك مؤمّل / أعطى المراد وبلّغ المأمولا
قل للمعمّر ذي الحجا
قل للمعمّر ذي الحجا / رب السماحة والمروّه
ماذا أقول ومنكم / أصل الوصيّة والنبوّه
وعليكم نزل الكتا / ب وفيكم محض الفتوّه
ولأنتم سر الورى / عند البنوّة والأبوّه
قد عاد منك الدهر من / بعد المشيب إلى صبوّه
لا زال ركن المجد منا / ك يزيد تشييداً وقوّه
ربّ السماء يزيد من
ربّ السماء يزيد من / عمري على عمر المعمّر
فلقد أضاء الدهر من / بعد الظلام به وأسفر
وتحلّت الأيّامُ من / معروفهِ ما ليسَ ينكر
فالعرض مسك والفعا / لُ مكارم والقول جوهر
وإذا انتمى فمحمّد / جدّ له وأبوه حيدر
يا من من البحر الخض / م نوالهُ قد راح أغزر
الجود منك معجّلُ / ونوال غيركم مؤخّر
فانبعث بمنديل تزي / ن يدي وطيّبها بعنبر
يوكي نداك وعرضك ال / موفور والحسب المطهّر
لابثّ فيك مدائحاً / يُطرى المديح إذا تنَشّر
فنظنّ تذكر بالمدي / ح ومن ولائي فيك اذكر
شكراً لما تولى من الإنعام
شكراً لما تولى من الإنعام / أبداً على الأيّام والأعوام
يا ابن النبي ومن يجود أكفّه / غفرت إساءة سالف الأيام
خلقت طباعك للذي من طينة / جبلت على الإحسان والإكرام
أعطيت فوق منى النفوس فأبهجت / بجزيل ما تولي من الإنعام
فنهاية الآمال عندك قطرة / من ذلك البحر الخضمّ الطامي
شيدت ركن المكرمات وإنما / سمكت قواعدها بخير دعام
فبجدّك المبعوث في هذا الورى / ثبتت دعائم قبّةِ الاسلام
وبحيدر ختمت فواتح دينه / يا حبذا دين بخير ختام
إذ أنت سرهما ونورهما الذي / صبّت مجاجته إلى الأرحام
فعليك يا نجل النبيّ وصنوهُ / متأرجات تحيّة وسلام
نظرا الآنام إلى علاك بأعينٍ / مكحولةٍ بمراود الإعظام
عمرت بجودك يا معمّر أنفس / طويت لغيركم على الأوغام
فقحتم فكر المديح لمجدكم / منّي وكنت عقلت بالإفحام
فمتى غدوت مقصر في مدحكم / فحرمت من جدوى يديك مرامي
وبأصلك الزاكي وثقت وإنكم / تصفون لي ورداً من الإكرام
عمّ الندى وتواتر الإنعام
عمّ الندى وتواتر الإنعام / والجود لما وطد الإسلام
وافتر ثغر المكرمات وأشرقت / من بعد ظلمتها بك الأيّام
يا ابن النبي وخير من عذقت به ال / آمال أو لجأت به الأقوام
لو أن بيت الله ينطق لم تزل / منه إليك تحيّة وسلام
أو كانت الأقدار تسعى ما انثنى / إلا إليك من القضاء زمام
بكم اهتدى هذا الأنام ودينكم / نطقت به من قبله الأحكام
أنتم ثقات الله في تفضيلكم / يا سين والفرقانُ والأنعامُ
فقديمكم يتلوه فضل حديثكم / في المكرمات فتستوى الأقدام
شكراً لدهرٍ خصّني بلقائكم / إذ عمّني التبجيل والإعظام
ولقد حللت من العلاء بمنزل / ما حلّه في سعده بهرام
ولقد شكرت صنيع دهري عالما / إن الزمان له عليّ ذمام
إني عجبت وجودكم عم الورى / كيف اغتدى في حالي الإعدام
ويسوؤني نظر اللئام وإنما / نظر اللئام على الكرام حرام
أكرمتني ولأنت خير مؤمّل / من شأنه الإحسانُ والإكرام
مولايَ محي الدين يا من رأيه / ماض يفلّ السيف وهو حسام
غوّدتني بندي يديك فصار لي / في مدحكمُ أمد الزمان غرام
في كلّ وقتٍ من عطائك نائل / يولي ويمطر من نداك غمام
وتعمّ منك فواضل وفضائل / فصُرت إذا عن كنهها الإفهام
أحرزت أخلاق النبيّ كأنما / حسن التخلق فيكم إلهام
كتب الإله لك المكارم والعلا / في اللوح حتى جفّت الأقلام
فلك الزمان من الحوادث جنّة / ولك القضاء لما تشاء غلام
ولى فأسرع في الفراق وما شفى
ولى فأسرع في الفراق وما شفى / صبّا أقام من السقام على شفا
ريم صفا ماء الجمال بوجه / لما غدا والقلب منه كالصفا
راثت لواحظه لقتلى اسهما / واستلّ منه القدّ سيفا مرهفا
فأصاب قلبي دون جسمي سهمه / وأذاب جسمي إذ غدا متحيفا
وسألته صفحا بردّ صفيحه / فعفا ولكن بعد جسم قد عفا
عجبوا الدقة خصره وقد اغتدى / جسدي على حبيه منها أنحفا
فلو أنّ جسمي كان تحت هباءة / وعتمّدوا نظراً إليه لاختفى
يا قاتلي بمحاسن قد اعزبت / في الحسن حتى جاوزت أن توصفا
ضعفت عهودك لي ونحن بذي الحمى / لكن صبري راح منها أضعفا
فارحم فديتك مغرما أسلمتهُ / بعد الوصال إلى القطيعة والجفا
يخفي هواك عن الوشاة ودمعه / من شأنه سرّ الهوى أن يكشفا
أعربت في حبّي له ورفعتهُ / فعسى بواوي صدغه أن يعطفا
وسجيّتي حفظ الوداد له كما / أن الوفاء سجيّة لابي الوفا
من جودهُ طبع وإن رام امرؤٌ / جوداً لقاصده أماه تكلّفا
احا بنال كفّه ميت الندى / فغدا بطرق المكرمات معرّفا
تاللّه أي يد شكرت لبّره / تلق يدا منها أجلّ وأشرفا
يعطيك قبل سؤاله إن غيره / أبدى المطال لسائليه وسوّفا
وترى الصيانة والرصافة والتقى / كملت لديه والمروءة والوفا
يا ابن المعرّف والمحصّب من منى / والبيت حقا وابن زمزم والصفا
مدحي تقصّر عن مدى اوصافكم / إذ أنزل الرحمان فيها المصحفا
احرز تم غُرر المناقب والعلى / بوراثةٍ عن حيدر والمصطفى
أنتم مصابيح الهدى والعروة ال / وثقى لمن سلك الضلال وحرّفا
ولأنتم يا آل طه عصمة ال / لاجي إذا دهر غدا مخيّفا
أأبا الوفاء ضفت جلابب حبّكم / منّي وورد نوالكم لي قد صفا
ما كنت ممتدحا سواكم في الورى / إلا أتى مدحي له متكلّفا
يحكي نداه ولي مدائح فيكم / طبع كجودكم الذي منه الشفا
خذ بكر فكر أنت كفؤ نكامها / فلقد غدوت بها أحق وأحلفا
صب قتيلُ المقلتين
صب قتيلُ المقلتين / وصريعُ قدّ كالرديني
وسهام جفن أطلقو / ها عن قسيّ الحاجبين
ظعن الفؤاد وصبرهُ / فبكى البعد الظاعنين
يا ويك قلبي بين هج / ر قد وقعت وبين بين
عيني بكت فحسبت دم / عي إذ همى من فيض عين
خفق الفؤاد بذكرهم / من بعد ضيق الخافقين
دين الحبيب لشوقتي / في الحبّ أن يلوي بديني
دهري أرجّي وصلهُ / أو جود كفّ أبي الحسين
جود واصل طاهر / والفخر في الدنيا بذين
وعزيمة أدنى مكا / نتها محلّ الفرقدين
وندى بتجسّس باللهى / فرزى بنوء الشعريين
وكفاه من شرفٍ بأن / يدعى شريف الوالدين
من عصبةٍ لهم الفخا / ر على جميع العالمين
آل النبي ورهطهُ ال / أطهار أبناء الحسين
كاسون من حلل الثنا / عارون من عيب وشين
مولاي قد قال العدى / قولين من كذب ومين
إنّي سأحرمُ جودكم / وأعود صغر الراحتين
فأرغمهم كيلا اعو / د ومكبيي خفّي حُنين
واغنم ثنائي في الدنا / حتى ألاقي يوم حيني
أمّا الخليط فبان غير مودّع
أمّا الخليط فبان غير مودّع / فاسكب دموعك في المحلّ البلقع
وأطل وقوفك بالطلول عساك أن / تروي بواكفها رسوم الأربع
رحلوا فللأجفان دمع دائم / يهمي ووقد النار بين الأضلع
لعبت بهم أيدي النوى فكأنّهم / ركبوا على متن الرياح الأربع
ولربما اتخذوا منازل بالحمى / بين الشقيقة فاللوى فالأجرع
قد نفّروا طيب الكرى عن مقلة / قد وكّلت فيهم بنيض الأدمع
أترقّب الطيف الملمّ وأين من / فقد الكرى زوريلم بمضجعي
يا جيرة العلمين من وادي الغضا / زاد اشتياقي نحوكم وتفجّعي
إني أحقّ إذا سرت ربح الصبا / من نحوكم بتارّج وتضوّع
وأعلّل القلب المشوق وكلّما / علّلت قلبي عنكم لم يرجع
يا عاذليّ وليس قلبي عنهم / يسلو ولا يصغي للوم مسمعي
كم معذلوني والفؤادُ متيّم / بالمالكيّة لا يفيق ولا يعي
اغدو بجفن ساهرا من لوعتي / وأروح من كمدي بقلب موجعِ
وأظلّ في دولة وفرط صبابةٍ / من ساكيني هضب العقيق ولعلع
والشيب بارقه يلوح بمفرقي / والدهر يرمي شملنا بتصدّع
ويريبني وخط المشيب وإنما / عصر الشبيبة ليس بالمسترجع
ولقد عرفت الدهر إذ من شأنه / رفع الوضيع وخفض كل مرفّع
لكنّني لمّا لجأت ياحمد / لم يبق فيّ لحادث من مطمعِ
ملك غدا ورد العطايا والندى / منه لعافي الجود أعذب مشرع
أسد ولكن عند مشيخر القنا / ضار إذا ما هيج غير مدفّع
تاللّه ما أظلل الغمام معاقل / تغدو لديه وهي ذات تمنّع
ما زال يغشى الروم منه جحفل / لجب باطراف الرماح الشرّع
ويقود كل غشمشمٍ من قومه / صعب العريكة في الجلاد سميدع
كالأجدل المنقضّ لكن صيدهُ / تحت العجاج لحاسرٍ ومقنّع
حتى اغتدت منه البطارق عنوة / في الحرب بين تكبّلٍ ومكنّع
شهدت مواقف منه حتّى غودرت / وعيونها من خوفه لم تهجع
وردت مياه الذلّ وهيَ أعزّة / حتى ارتوت منه برفق المكرع
أنساهم طعم الحياة وطيبها / فغدوا لذلكم بحبل أقطع
أمشيّد الدين الحنيف بعزمة / أضحت مضاء كالبروق اللمع
قد جالت الأفهام فيك فأعجبت / بخلائق في المجد ذات تنوّع
فعنت لك الأبصار إذا دانت لك ال / أقدار من شرفٍ بكم وترفّع
أنت امرؤ ما زال يخشاه العدى / وفتّى لغير إلهه لم يخضع
كثّرت حسّادي بما أعددته / ذخري إذا بين الأنام ومفزعي
فظللت من نعماك أنبز بالغنى / من بعد فقر كنت فيه مدقع
لكنّني أبقيت فيك مدائحاً / تبقى خوالد كالنجوم الطلّع
لا اكفر النعماء منك وإنما / قابلتها بقصائد لم تسمع
فمتى غدوت مقصرا عن مدحكم / فبرئتُ من حبّ البطين الأنزع
فتمل من رجب هناء ودائما / وبألف شهرة مثله مترفّع
ولو انّني أنصفت كنت مهنّئا / رجبا بمجدكم الأثيل الممرع
فالدهر يهنأه بقاؤك والورى / ما عشت في سنن المعالي المهبع
أما الفراق فإنّ موعده غد
أما الفراق فإنّ موعده غد / فإلآمَ يعذل عاذل ويفند
قد ازمعوا للبين حتى أنه / قرب البعاد وحان منه الموعد
فدموع عيني ليس ترقأ منهم / ولهيب قلبي في الهوى لا يخمد
أورثتموني بالنوى من عزكم / ذلا ومثل الذل ما يتعوّد
يا جيرة العلمين قلّ تصبّر / عن وصلكم حقا وعزّ تجلّد
أنى ذكرتكم فصبر غائر / عنكم وقلب في هواكم منجد
أوشمت بارقة الشآم فإنما / بين الأضالع زفرة تتوقّد
يا حبّذا ربع بمنبج إذ غدا / فيه يغازلني الغزال الأغيد
ربع يروح القلب فيه مروحا / والشوق نحو لقائه يتزيّد
ما لذّ لي عيش بغير ربوعه / إلا به عيش ألذّ وأرغد
يا من نأوا والشوق يدنيهم إلى / قلبي وإن بعدوا وإن لم يبعدوا
أصفيتكم في الحبّ محض مودمي / ولها وليس لكم إلّ تودّد
ولربّ لاح في هواكم لم يبت / والجفن منه للفراق مسهّد
قد زاد في عذ لي بكم فكأنّه / سيف عليّ مع الزمان مجرّد
أيروم أن أسلو وسمعي لم يصح / نحو الملام وسلوتي ما توجد
والشيب في رأسي يلوح ومفرقي / والشمل من ريب الزمان مبدّد
والنائباتُ تنوبني لكنما / لا خوف لي منها وذخري أحمد
ملك يدين له القضاء كأنّما / أمر القضاء بما يؤمّم يعقد
ملك على ايام منه سكينة / ولخفه قلب الحوادث يرعد
خفّت حلوم الناس وهو مثقف / وهفت عقول الخلق وهو مسدد
عري الأنام من الناقب فاغتدى / وله المكارم والعلى والسؤدد
نظر الأمور بجانب من طرفه / عزم يضيء وفكرة تتوقّد
اسد إذا احتدم الوغى فسيوفه / بطلى الأعادي منه حقا تغمد
فتكات أغلب في الكريهة باسل / قطعت فؤاد الخصم وهو يلندد
وعزيمة قطع الخطوب مضاؤها / من أن نلم به وراي محصد
شرفا بني مهران بالملك الذي / من دون همته السها والفرقد
الواهبُ الأموال غير مكدّر / ورد الندى فسروره إذ يرفد
فله العطايا الغرّ ليس يشويها / من ومنه أنعم لا تجحد
يهتزّ للمداح حتى أنه / طرب لنظم مديحه إذ ينشد
ثمل بإنشاد القريض كأنه / مصع يغنيه الفريض ويعبد
يا أيها الملك الذي يوجوده / وجد الورى للدهر فعلا يحمد
لو لم تكن في الناس لم يكن فيه / جود يرام ولا كريم يقصد
هنئت بالعيد الذي بكم له / عظم الهناء وللورى إذ غيّدوا
فانحروا ولا تنحر عداك فإنما / بعداوة لهم العيوب تعدّد
واسلم لتحيا في جنابك أنفس / والت وتكبت من بقائك حسّد
حتّام تقطع بالقطيعة والجفا
حتّام تقطع بالقطيعة والجفا / قلبا غدا يوم التفرق مدنفا
يخفي هواك وإن من سيما الهوى / لما أضرّ بجسمه أن يكشفا
لو عاذ لي يجد الذي بي لم يكن / يوم الرحيل مفندا ومعنّفا
ولقد حبست الدمع حتى لم أجد / عذرا لدمع العين أن لا يذرفا
وظللت غذ بان الخليط مودعا / اذري دما ما زلت منه مكفكفا
وأروم من بعد التفرق أن أرى / طيف الخيال يزورني متعطفا
سقم الجفون أعاد جسمي سقما / ولمى الشفاه اللعس أعدمني الشفا
ريم من الأتراك غادر مقلتي / قرحي وخلفني به متلهّفا
ثمل القوام تخال في أجفانه / سحرا وريق الثغر منه قرقفا
ما شدّ بند قبائه إلا وقد / حل اصطباري إذ يجور عن الوفا
ما إن شفى داء الغرام وإنما / أضحى المحبّ من الفراق على شفا
فالخدّ ورد زانه في وجهه / ماء الحياء فمنيتي أن أقطفا
والردف دعص نابت من فوقه / غصن يحاكي غصن بات أهيفا
كم قلت لما لج في هجرانه / وغدا يصدّ تجبّرا وتحيّفا
يا أيّها البدر الذي ببعاده / تلف المحب أما خشيت الموقفا
هلّا رحمت منى بحبك حاله / بين البرية قد غدا مستطرفا
قد بت أغضي الجفن منك على قذى / لما غدوت مواصلا لي بالجفا
أصليتني نار الصدود وإنني / قد كنت أقنع من وفائك باللفا
ووعدتني وصلا وقد أخلفتني / إن الكريم لوعده لني خلفا
لا تركننّ إلى الزمان وصرفه / إن الحوادث صرفها لن يصرفا
قمصتني ثوبي ضنني ومذلّة / حتى غدوت من الصبابة متلفا
غني ساصفيك الوداد كما غدا / قلبي لأحمد بالمودّة قد صفا
ملك إذا ما شمت عارض جوده / ألقيت أكبر همه أن يسعفا
ملك به اكتست الليال بهجة / وبجوده راح الزمان مشنّفا
إن جاد اخجل طيئا أوصال أع / جز مذحجا أو قال أفحم خذفا
كالغيث إلا أن ذلك هاطل / زمنا وذا في الجود أضحى مسرفا
كالليث إلا أنّ ذلك صافل / جهلا وأحمد للنوائب كشفا
شرفت بنو مهران منك بمالك / للدهر والأيام راح مشرّفا
أضحوا بخوم المكرمات وأحمد / شمسا ولكن نورها لن يكسفها
يا أيها الملك المسير ذكره / بين الأنام تصوّنا وتعفّفا
قد سرت أقوم سيرة من ضيّة / حتى سررت بذاك قلب المصطفى
شيّدت دين الله لما أن وهى / وأعدت برد الحق منك مفوّفا
وبخبت للإسلام مجدا باقيا / ورفعت ما بين الأنام المصحفا
لو أن بيت الله ذو قدم سعى / شوقا إليك لكي يروح مشرّفا
أو زرته لسررت منه محصبا / وعممت بالمعروف منك معرّفا
ومريت مروته بحسن شمائل / وبثثت أخلاق الصفا عند الصفا
أهلت ربوع المجد منك بمالك / ندب وقد كانت قفاراً أصفصفا
يا أيها المولى الذي بمديحه / شرّفت ألفاظي ومنتُ الأحرفا
غادرتني يعقوب بعد تقرّب / بعدا ورحت لسوء حظي يوسفا
شفيت أعدائي فصرت لديهم / من بعد شدّة قوّبي مستضعفا
لكنّني ارضى رضاك وكلّما / تاتي به فعساك أن تتعطّفا
لم آت جرما والكريم إذا أتى / عبد له ذنبا تعمّده عفا
سيّرت من غرر القوافي فيكم / ما جل عقد نظامه أن يوصفا
فسلمت للعافين غيثا هاطلا / أبدا وللأعداء سيفا مرهفا