القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : فَهد العَسْكَر الكل
المجموع : 22
كَفكِف بربّك دمعكَ الهتّانا
كَفكِف بربّك دمعكَ الهتّانا / وافرَح وهنّىء قلبكَ الولهانا
واهتِف وصفّق واحسُ من راح الل / قا كأساً لكيما تطرد الأحزانا
واسكُب أناشيدَ اللقاء بمَسمَع ال / دهر المصيخ وردّدِ الألحانا
بُشراكَ ذا يومُ الولادةِ قد أتى / فعساهُ يوقظُ روحَك الوسنانا
أو ما رأيتَ صفاءهُ وبهاءَهُ / وجلالهُ وجمالَهُ الفَتّانا
قُم يا أخا الشوق الملح وحيّه / وانثُر عليه الوردَ والريحانا
الورقُ تشدو والبلابلُ سُجّع / والروضُ يرقُص ضاحكا نَشوانا
وعلى الأزاهرِ وهي تبسِمُ للضحى / نثَر الصباح زُمُرّدا وجمانا
هبّت نسائِمُه لتَنثُر طيبها / وتُداعِب الأوراد والأغصانا
والكونُ يبدو مشرقاً مُتَهلّلا / متَبسّما للقائِه مزدانا
وعرائس الإلهامِ قد طلَعَت فقُم / وابن القوافي وارسُم الأوزانا
انظُم لآلِئَها لهُ وعقيقَها / ثمّ انثُر الياقوت والمرجانا
يا أسعدَ الأيام يا عنوانَها / أنعِم وأكرِم إن تكُن عنوانا
لَم تَشفِ راحُ الذكرياتِ أوامَنا / فعَسى نبُلُّ من اللقاءِ صدانا
يا أبرَك الأعياد ألفُ تحيّةٍ / منّا تفيضُ عواطِفاً وحنانا
أرواحنا رَشَفَت بفجركَ حلمَها / وقلوبُنا قد صفَّقَت مُذ بانا
عَشِق الملائِكُ بالسماءِ جمالَهُ / وسبى سناهُ الحور والوِلدانا
يا فجرَ يومِ ولادةِ الهادي أطِ / لَّ على النفوسِ وبدّدِ الأشجانا
وابعَث بها ميتَ العواطفِ واطرد / اليأسَ المُضّ وأيقظِ الإيمانا
بك أشرقَ المختارُ في رادِ الضُحى / شمساً أنارَ سناؤُها الأكوانا
إنّي لألمحُ في جمالِكَ مسحةً / من حُسنهِ أغرَت بكَ الوجدانا
وعلى جبينِكَ من سناهُ غُرَّةٌ / لم تعدَمِ اللالاءَ واللمَعانا
يا مَن بهذا اليومِ أشرقَ نورهُ / وأضاءَ في قبسِ الهدى الأذهانا
وأنارَ بالإيمانِ أفئِدةَ الورى / وأزالَ عنها الغشّ والأدرانا
وبنى منارَ العدلِ بعدَ سقوطهِ / فمحا ضياهُ الظلمَ والطغيانا
قُم يا رسولَ اللَهِ كي نشكو إليك / فمن سواكَ نبثّهُ شَكوانا
قُم يا رسولَ اللَهِ وانظُر هل ترى / إلا شُعوباً تعبُدُ الأوثانا
قُم وانظر الدينَ الحنيفَ وأهلَهُ / أعزِز وأكبِر أن تراهُ مُهانا
قُم واهدِنا واعمر خرابَ قُلوبنا / إنّا نَبَذنا الدينَ والقرآنا
إنّا نسينا اللَهَ حتى سلّطَ / الباري علينا يا نبيُّ عِدانا
ويلاهُ أهمَلنا التعاليمِ التي / جاءَ الكتابُ بها فما أشقانا
ما أن ترَكنا البرَّ والتقوى معاً / حتّى ألِفنا الإثمَ والعُدوانا
نعصى أوامِرَ كلّ فردٍ مُصلحٍ / والدينُ عن عِصيانهِ ينهانا
والختلُ والتدجيلُ قد فتكا بنا / وتقودُنا أطماعُنا عميانا
كلّ بميدان اللذائذِ والهوى / يجري وما تلقى لديهِ عنانا
أما الفقيرُ فلا تسل عن حالهِ / حال تُثيرُ الهم والأحزانا
مسكينُ لا يشكو ويندبُ حظه / ونصم دون شكاتهِ الآذانا
أما الغنِيُّ فقلبهُ ويمينهُ / لا يعرفانِ العطفَ والإحسانا
يختالُ في حُلَلِ الهنا بينا ترى / ألفَ التعاسَة ذاك والحرمانا
المالُ سيدُنا ونحنُ عبيدهُ / أو لَم ترَ التسليمَ والإذعانا
أو ما ترانا بالمبادىء والضمائِرِ / كيف نفدي الأصفرَ الرنّانا
والكلّ منا بالموائدِ والملابس والأث / اثِ يُفاخِر الأقرانا
أطفالُنا اتّخَذوا الشوارع مسكناً / أفَينبَغي أن نُهمِلُ الصبيانا
آباؤُهُم لا يرحمونَهُمُ ولَم / يجدوا بصَدرِ الأمّهاتِ حنانا
فيشِبّ والفحشاءُ ضرعُ لبانهِ / والذِنبُ ذنبُ رجالنا ونِسانا
هذي جرائِمنا وهل أربابُها / يرجونَ بعدُ الصفحَ والغُفرانا
يا عيدُ إن نَشكو إليكَ فإنّما / نَشكو إلى من جاءَنا فهَدانا
ألعالمُ العربيُّ يرنو حائِراً / قَلِقاً إلى مَن أَوقَدوا النيرانا
وَيلاهُ قد جَهِلَ المصيرَ فواسِه / يا عيدُ وامسَح دمَعُ الهَتّانا
حدّثهُ قد طابَ الحديثُ عن الألى / فعسى تُثيرُ بنَفسهِ البُركانا
عن مجدِنا وملوكِ أهلِ الأرض / هلا نَكّسوا الأعلامَ والتيجانا
حدّث عن الفاروقِ عنوانِ العدا / لةِ كيفَ شاد الملكَ والسلطانا
وعن الغضنفَرِ سعدِ هلّا زَلزَلَت / بزَئيرِها أشباله الإيوانا
وعن الفتى المقدام أعني خالداً / أيّامَ مَزَّقَ جيشُه الرومانا
وعن الشام وعن معاويَةَ الذي / أعلى البناءَ وشَيّدَ الأركانا
وأدِر على أسماعِنا ذكرَ الذي / للصينِ قادَ الصيدَ والشجعانا
والضيغمِ ابن زياد طارقَ كيف / قادَ السُفن لمّا أن غزا الإسبانا
رجَع بربك قوله إن العدو / أمامنا أمّا الخِضَمُّ وَرانا
وعن الرشيد وكيفَ أشرقَ تاجُه / شمساً أنارَ سناؤُها البلدانا
في عصرِهِ الذهبي صفّقَ راقصاً / طرِباً على هامِ السماكِ لِوانا
والمجدُ مزدَهِرٌ مطلٌّ من عل / عشقَ الوجودُ شبابَهُ الرّيّانا
كانوا على وَجه البَسيطة سادة / أبداً وكنّا بعدَهُم عبدانا
عبثَ الفسادُ بنا فبَعثرَ ملكَنا / والجهل شَتَّتَ شملَنا فكَفانا
أبناءَ يَعربَ والكواربُ جمَّةٌ / هيّا انبذوا الأحقادَ والأضغانا
وتآلفوا وتكاتفوا وتساندوا / مُتَراصفينَ وحرّروا الأوطانا
إنّا بعصر لا يعيشُ به سوى / من كان يملِكُ صارماً وسِنانا
هُم أعلَنوا الحربَ العوانَ على سِ / واكَ وأعلنوا حربا عليكَ عوانا
الأرضُ ترجفُ والسما مغبَرّةٌ / وبكل ناحيةٍ ترى شَيطانا
والبحرُ يبدو عابساً مُتَجَهّماً / أينَ الأمانُ لِنَسألَ الرحمانا
غازٌ وألغام بها كمنَ الردى / والطائرات تُطاردُ الإنسانا
ومدافعٌ والموتُ من أفواهها / أجرى الدماءَ وفرّقَ الأبدانا
وقنابلٌ صرعَ القلوبَ صراخُها / ويلاهُ تمحو الدورَ والسكانا
لم يسلَمِ الطفل الرضيع وأمّه / منها وتُردي الشيبَ والشبانا
أنّى التفتّ فلا ترى إلا حديداً / أو شواظاً محرِقاً ودُخانا
نارٌ ولكنّ الضعيفَ وقودُها / واحَسرتا إن أعلنَ العصيانا
هذي ميادينُ القتالِ تعدّدت / وبكلّ ناحيةِ ترى ميدانا
فقد انبرى العُقبانُ ينفثُ سمّهُ / في كلّ جو فاحذروا العُقبانا
رحماكَ ربّي فالدما مستنقعاتٌ / خضّبَت وجه الثرى العُريانا
طفَتِ الجماجمُ فوقَها وتناثرَت / من حولها الأشلاءُ يا مولانا
يا عيدُ أينَ السلمُ طالَ غيابُه / فمَتى يعودُ وهل يخيبُ رجانا
أفرادَ يعرُبَ والعروبةُ تَشتكي / هلّا شفَيتُم قلبَها الحرانا
هيَ تستجيرُ بكم فقوموا وأقسِموا / يا قومُ ألّا تُغمِضوا الأجفانا
واستَمسِكوا بالعروَةِ الوُثقى وكونوا / صادقينَ عقيدةٌ ولِسانا
كلّ الشعوبِ تقدّمَت وتحَرّرت / أيروقكُم سجنُ الحياةِ مكانا
يا نشءُ أمّة يعرُبٍ عقدت عليك / رجاءَها قم قدّم القربانا
يا نشءُ يا أملَ البلاد وسؤلَها / أقسِم على أن لا تطيقَ هوانا
أقسم لها أن لا تنامَ وأن تظلّ / على الولاءِ لها وأن تتفانى
أقسم على أن لا يعيشَ بأرضِها / من باعَ مبداهُ وشَذّ وخانا
أقسِم إذا ما الخصمُ حاولَ أن / يهاجِمَها على أن لا تكون َجيانا
أقسِم لها يا نشءُ إن نادى المنادي / للوَغى أن تلبِسَ الأكفانا
وأعِد سعادَتها إليها أيّها الن / شءُ الجديدُ وأعِطها البُرهانا
فاللَهُ نِعَم العون جلّ جلالُه / إن تعدَمِ الأنصارَ والأعوانا
حيّ الأساتِذةَ الكرامَ تحيّةً
حيّ الأساتِذةَ الكرامَ تحيّةً / تُزري بعرفِ المسك والريحانِ
عذراءَ مصدَرُها سُوَيداءُ الحشا / أحلى وأشهى من عروسِ الحانِ
وأرقُّ من نَغَم البلابلِ عندما / تستَقبِلُ الأصباحَ بالألحانِ
وأخَف من نسَماتِ نيسانٍ وَقد / خَطَرت مُداعبَةً غُصونَ البانِ
وأحرّ من قلبِ المشوقِ إذا دعا / داعي الفراقِ ومُهجةِ الغيرانِ
فأزفّها لكمُ يشارِكُني بها / الشَعبُ الكريمُ وصفوةُ الشبّانِ
والقَلبُ من فَرط السرور مُصَفّقٌ / والروحُ ترقُصُ رقصةَ النشوانِ
والكلُّ مغتَبطٌ بيومِ إيابكُم / فَرِحٌ وهذي حالةُ الوَلهانِ
فلو أنّنا نَستقبلُ العيدَين في / أَفراحهِ لاستَبشَرَ العيدانِ
زَهَتِ المدارسُ وانثَنى طلّابُها / لقُدومِكُم يتَبادلونَ تهاني
لا غروَ فالطلابُ قد عَشِقوا بكُم / صِدقَ الوفا وطهارةَ الوجدانِ
والعطفَ والميلَ البريءَ ولا / غرابةَ فالمُعلّمُ والدٌ متفانِ
شكَتِ الأوامَ نُفوسُهُم فتذَوَّقَت / تلكَ النفوسُ حلاوةَ الإيمانِ
وأمامَ مصباحِ الثقافةِ قد تلاش / تِ ظلمَةُ الأفكارِ والأذهان
وغَرَستمو بحدائِقِ الأرواحِ كل / حميدةٍ والروحُ كالبُستان
فالمرءُ بالعَقل المنيرِ وإن دجا / ما الفرقُ بين المرءِ والحيوانِ
إنّ الشباب إذا زكَت أخلاقهُ / والنفسَ طهّرَها من الأدرانِ
هُوَ في البلادِ ولا إخالكَ جاهلاً / بمثابةِ الأرواحِ بالأبدانِ
هوَ قلبُها الخفّاقُ والركنُ القوي / مُ وَسورُها الحامي من العدوان
باللَهِ يا رُسلِ الثقافةِ خبّرو / نا كيف حالُ الأختِ يا إخواني
أعني فلسطيناً وكيف أمين / نُها وجنودُه وبقيّةُ السكّانِ
بعدَ الكفاحِ وبعدما بثّ اليهو / دُ شُرورَهم فيها بكُلّ مكان
إنّي سمِعتُ نداءَها وسمِعتُ تَل / بيةَ الضياغمِ من بني عدنان
وزئيرَ أشبالِ العروبةِ من بَني / غسّانَ لا نُكِبوا بنو غسّان
وتقولُ يا أشبالَ آسادِ الشرى / جاءَ اليهودُ ودنّسوا أحضاني
لا درّ درّ الغادرين فإنّهُم / وعدوا اليهودَ بقسمةِ البُلدانِ
وبنيَّ كالغرباءِ في أوطانِهِم / أو ليسَ هذا مُنتهى الطغيان
فهناكَ فاضَت بالدموع محا جرى / وَأَجبتُها بتوَجِّعٍ وحنانِ
يا مَهبطَ الوَحي القديم ومَرقدَ / الرُسلِ الكرامِ ومَنبعَ الأديان
لا تحزني ليسَت بصفقةِ رابحٍ / يا أُختُ بل هيَ صفقةُ الخسرانِ
ما وَعدُ بلفورٍ سوى أُمنيةٍ / ونداؤُهُ ضربٌ منَ الهذَيانِ
أبناءُ عدنانٍ وغسّانٍ وما / نادَيتُ غيرَ الصيدِ والشجعان
الصامدونَ إذا الصفوفُ تلاحَمَت / وتصادمَ الفُرسانُ بالفُرسان
والضاحكونَ إذا الأسنّةُ والظبا / هتَكَت ظلامَ النَقع باللمعان
والهاتِفونَ إذا الدماءُ تدفّقَت / أعني دما الأبطالِ بالميدانِ
وإذا الصوارمُ والقَنا يومَ الوغى / ذَرَفَت على الشهداءِ دمعاً قاني
آنَ الأوانُ وقيتُمو كيدَ العِدا / والخَصمُ بالمرصادِ كالثُعبانِ
ثوروا وَرُدوا كَيدَهُ في نَحرهِ / وذيولهِ لا عاشَ كلُّ جَبانِ
ما كانَ بالحسبانِ أن يهبوا / اليهودَ بلادَنا ما كانَ بالحسبانِ
لتُبَرهنوا أنّ النفوسَ أبيّةٌ / وليرجِعوا بالذلِّ والخذلانِ
يانشءُ هل من نهضةٍ نُحيي بها / المجدَ الأثيلَ كنَهضةِ الجابانِ
يا نشءُ هل من وثبةٍ نشفي بها / هذا الغليلَ كوثبةِ الطليان
يا نشءُ هل من صرخةٍ تدع العِدا / صرعى الذهولِ كصرخَةِ الألمان
يا نشءُ عَرقَلَتِ العمائمُ سيرنا / والدينُ أضحى سُلّماً للجاني
يا نشءُ وا أسفا على دينٍ غدا / أحبولةً للأصفر الرنانِ
فجرائمُ العلماءِ وهيَ كثيرةٌ / تنمو بظلّ الصفحِ والغُفران
كيفَ النهوضُ بأمَّةٍ بلهاءَ لا / تنفَك عاكِفَةً على الأوثان
هيهات نبني ما بناه جدودنا / وننال في هذي الحياة أماني
وشريعةُ الهادي غدت واحسرَتا / في عالمِ الإهمالِ والنسيانِ
نرجو السعادةَ في الحياة ولم نُنَفِّ / ذ في الحياة أوامر القرآن
بالدينِ قد نالَ الجودُ مناهمُ / وغدوا وربي بهجةَ الأزمان
فتحوا الفتوحَ ومهّدوا طُرق العلا / واستسلَمَ القاصي لهم والداني
طرَدوا هِرقل فراح يندبُ ملكهُ / وقَضوا على كسرى أنوشروانِ
وعَنَت إلى الخطابِ تخطبُ ودَّهُ / رُسلُ الملوكِ لهيبَةِ السلطانِ
والسعدُ رافقَ سعدَ في غرواتهِ / فقَضى صلاةَ الفتحِ بالإيوانِ
وتقَهقرت ذعراً لصولةِ خالدٍ / يومَ النزالِ كتائبُ الرومانِ
قادَ الجيوشَ بهمّةٍ وثّابَةٍ / وبهِ تحُفُّ ملائِكُ الرحمنِ
والمجدُ تَوَّجهُ بتاجٍ زاهِرٍ / ما مثلهُ تاجٌ من التيجانِ
وغزا صميمَ الشرقِ جيشُ قُتَيبَةٍ / وتوَغّلَ ابنُ زيادِ في الأسبانِ
وبنى معاويةٌ بجلَّقَ عرشَهُ / فأضا سماءَ الشرقِ تاجُ الباني
وحنَت لهَيبَتِهِ الملوكُ رؤوسَها / ولمن تلاهُ من بني مروانِ
وأقامَ هرونُ الرشيدُ وإبنُهُ / المأمونُ صرحَ العلم في بغدان
ومجالسُ العلماءِ والعظماءِ والأد / باءِ والشعراء والندمان
واليومَ أينَ حضارةُ العربِ التي / أنوارُها سطَعَت على الأكوانِ
وبنايةُ المجد التي قد ناطحَت / هامَ السماكِ ومشعلَ العِرفانِ
عصفَت بها ريحُ الفساد فهدّتِ / الأركانَ رغمَ مناعةِ الأركان
وطني وصيّرنا الزمان أذلّةً / لنعيشَ في الأوطان كالعبدانِ
نعصي أوامرَ كلّ فردٍ مُصلحٍ / والدينُ ينهانا عن العِصيان
والختلُ والتدجيلُ قد فتكا بنا / وتَقودُنا الأطماعُ كالعميانِ
كلٌّ بميدانِ للذائذِ والهوى / تَلقى عواطِفَه بغيرِ عنانِ
ذو المالِ نغفرُ ذنبَهُ ونُجِلّهُ / أبداً فتلقاهُ عظيمَ الشانِ
أمّا الفقيرُ فلا تسَل عن حالهِ / حالٌ تُثيرُ لواعجَ الأشجانِ
والحُرُّ نُشبعهُ أذىً ونُذيقهُ / سوءَ العذابِ ولا يزالُ يُعاني
ونُحيطُ بالتعظيمِ كلّ منافقٍ / باعَ الضميرَ بأبخسِ الأثمانِ
ما نحنُ في وطنٍ إذا صرخَ الغيورُ به / يرى نفراً من الأعوانِ
ما نحنُ في وطنٍ إذا نادى الأب / يُّ به يُجابُ نداهُ يا أقراني
وطنٌ بهِ يتجرَّعُ الأحرارُ وا / أسفاهُ صابَ البُؤسِ والحرمانِ
ويلاهُ أجنِحَةُ الصقورِ تكسَّرَت / والنسرُ لا يقوى على الطيران
وأرى الفضاء الرحبَ أصبحَ مسرَحاً / واحسرَتا للبوم والغربانِ
والليثُ أمسى بالعرينِ مُكَبَّلا / والكَلبُ يرتَعُ في لحومِ الضانِ
ما أن يُطَبِّلُ في البلادِ مُطبِّلٌ / حتى تُصَفّقُ عصبَةُ الشيطانِ
أو كلّما نعبَ الغُرابُ وغصَّ في / تنعابهِ نعبَ الغُرابُ الثاني
فلمَ التخاذلُ والعروبةُ أُمُّنا / ولمَ الشقاقُ ونحنُ من عدنانِ
ولم التفاخرُ بالموائدِ والملاب / سِ والأثاثِ وشاهقِ الجُدرانِ
ولمَ التعصّبُ بالمذاهبِ يا بَني الأ / وطانِ وهوَ أساسُ كلِّ هوانِ
فقلوبُنا للَهِ والأجسامُ / للغَبراِْ والأرواحُ للأوطانِ
فتعاضدوا وتكاتَفوا وتآلفوا / وتساندوا كتسَاندِ البُنيانِ
وتآمروا بالبرِّ والتقوى ولا / تتآمروا بالإثمِ والعدوانِ
تجري السفينةُ في مُحيطٍ هائلٍ / وعُيونُنا ترنو إلى الربانِ
كيفَ السبيلُ إلى النجاةِ ولم تَزل / عُرضَ الخضمّ سفائنُ القُرصانِ
ربّاهُ جارَ الأقويا فانظُر إلى / ما يفعَلُ الإنسانُ بالإنسانِ
كُفّي الملامَ وعَلّليني
كُفّي الملامَ وعَلّليني / فالشَكُّ أودى باليقينِ
وتناهَبَت كبدي الشجونُ فم / ن مجيري من شجوني
وأمضّني الداء العياء فم / ن مُغيثي من معيني
أينَ التي خُلِقَت لتَه / واني وباتَت تجتَويني
أُمّاهُ قد غَلَبَ الأسى / كُفّي الملامَ وعلّليني
اللَه يا أمّاهُ فيّ / ترَفّقي لا تعذُليني
أرهَقتِ روحي بالعتابِ / فأَمسِكيه أو ذَريني
أنا شاعرٌ أنا بائسٌ / أنا مستهامٌ فاعذُريني
أنا مِن حنيني في جحيمٍ / آهِ من حرّ الحنينِ
أنا تائه في غيهَبٍ / شبحُ الردى فيه قريني
ضاقَت بيَ الدنيا دَعيني / أندبُ الماضي دَعيني
وأنا السجينُ بعقرِ داري / فاسمَعي شكوى السجينِ
بهزالِ جسمي باصفراري / بالتجعّدِ بالغُصونِ
وطَني وما أقسى الحياةَ / بهِ على الحُرّ الأمين
وَأَلَذُّ بينَ رُبوعهِ / من عيشتي كاسُ المنونِ
قد كنتَ فردوسَ الدخيل / وجنّةَ النّذلِ الخئونِ
لَهَفي على الأحرارِ فيك / وهم بأعماقِ السجون
ودُموعُهُم مُهَج وأكبادٌ / تَرَقرَقُ في العيونِ
ما راعَ مثلُ الليثِ يُؤسَ / رُ وابنُ آوى في العرينِ
والبُلبُلُ الغريدُ يهوي / والغُرابُ على الغُصونِ
وطَني وأدتُ بكَ الشباب / وكلَّ ما ملَكَت يَميني
وقَبَرتُ فيكَ مواهبي / واستَنزَفَت غُللي شُؤوني
ودَفَنتُ شتّى الذكرياتِ / بِغورِ خافِقيَ الطعينِ
وكسَرتُ كأسيَ بَعدَما / ذابَت بأحشائي لحومي
وسكَبتها شعراً رثيتُ / بهِ الروح الحَزينِ
وطَوَيتُها صُحُفاً ضَنَتُ / بها وما أنا بالضنينِ
وَرجعتُ صفرَ الكفِّ مُنطَوِ / ياً على سرٍّ دَفينِ
فلأنتَ يا وَطني المدينُ / وما هزارُكَ بالمدينِ
وَطَني وما ساءَت بِغَير بن / يكَ يا وَطني ظُنوني
أنا لَم أجد فيهم خَديناً / آهِ مَن لي بالخدينِ
واضَيعةَ الأملِ الشريد / وخَيبةَ القلبِ الحَنونِ
رقَصوا على نوحي وإعوا / لي واطرَبَهُم أنيني
وتَحامَلوا ظُلماً وعذواناً / عليّ وأرهقوني
فعرفتهُم ونَبَذتُهُم / لكنّهم لم يعرفوني
وهناكَ منهُم معشرٌ / أُفٍّ لهُم كم ضايَقوني
هذا رماني بالشذوذِ / وذا رماني بالجنونِ
وهُناكَ مِنهُم من رماني / بالخلاعةِ والمجونِ
وتطاولَ المتعصّبون / وما كفَرتُ وكفّروني
وأنا الأبيُّ النفسِ / ذو الوجدانِ والشرفِ المصونِ
اللَهُ يشهدُ لي وما / أنا بالذليلِ المستكينِ
لا درّ درهمُ فلَو / حُزتُ النضارَ لأكرموني
أو بعتُ وجداني بأس / واقِ النفاقِ لأكرموني
أو رحتُ أحرقُ في الدواو / ينِ البخورَ لأنصفوني
فعرفتُ ذنبي أن كبش / ي ليسَ بالكبش السمين
يا قومُ كُفّوا دينُكُم / لكمُ ولي يا قَومُ ديني
ليلايَ يا حُلمَ الفؤادِ / الحلوَ يا دنيا الفُنونِ
يا ربَّةَ الشرفِ الرفيعِ / البكرِ والخُلُقِ الرصينِ
يا خمرةَ القلبِ الشجي / وحجّةَ العقلِ الرزينِ
صُنتُ العهودَ ولَم أحِد / عنها فيا ليلايَ صوني
عودي لقَيسِك بالهوى / العُذريِّ بالقلبِ الرهينِ
عودي إليه وشاطريهِ / الحبَّ بالدمعِ السخينِ
عودي إليه واسمعي / نجواهُ في ظلّ السكون
فهو الذي لهواكِ ضحّى / بالرخيصِ وبالثمينِ
ليلى تعالَي زوّديني / قبلَ المماتِ ووَدّعيني
ليلايَ لا تتمَنّعي / رُحماكِ بي لا تخذُليني
ليلى تعالَي واسمعي / وحيَ الضميرِ وحدّثيني
ودعي العتابَ إذا التقَينا / أو فَفي رفقٍ ولينِ
لم لا وَعُمرُ فتاكِ أطوَلُ / منهُ عُمرُ الياسَمينِ
لِلَهِ آلامي وأوصابي / إذا لم تُسعِفيني
هيمانَ كالمجنونِ أخبِطُ / في الظلامِ فأخرجيني
مُتَعَثِّراً نهبَ الوساوِسِ / والمخاوِفِ والظنونِ
حَفَّت بيَ الأشباحُ / صارخةً بربِّكِ أنقِذيني
واشفي غليلي وابعثي / ميتَ اليَقينِ ودَلّليني
ليلى إذا حُمَّ الرحيلُ / وغَصَّ قَيسُكِ بالأنينِ
ورَأيتِ أحلامَ الصَبا / والحُبّ صرعى في جُفوني
ولَفَظتُ روحي فاطبعي / قبلَ الوداعِ على جَبيني
وإذا مشَوا بجنازَتي / بِبَناتِ فكري شَيّعيني
وإذا دُفِنتُ فَبلّلي / بالدمعِ قَبري واذكُريني
قومي اسمعي يا بنتَ جاري
قومي اسمعي يا بنتَ جاري / شكوى الهزار إلى الهزارِ
شكوى الحبيسِ المستجير / منَ الطليقِ المستطارِ
شكوى صريعِ الكاسِ كأسِ الص / ابِ لا كأسِ العُقارِ
شكوى لها اضطرَبَت لفَ / رط الحُزنِ احشاءُ الدراري
والبدرُ كم ودَّ الهُوِيَّ / لمسحِ أدمعهِ الجَواري
صبَّت عليهِ طُيوفُ ماضي / هِ القريبِ سياطَ نارِ
للَهِ ما لاقى وكابَد / في جحيمِ الإدّكار
يا ابنَ النهارِ وكَم شكا اب / نُ الليلِ من طولِ النهارِ
أيّامَ كُنّا والكواشِحُ / هُجَّعٌ خَلفَ الستارِ
هل كان منّا حظّهُم / إذ ذاكَ غيرُ الإندِحارِ
في معقلٍ لم نَخشَ قطّ / بهِ الطوارقَ والطواري
والسعدُ خُدنٌ والصِبا / ريّانٌ في قربِ المزارِ
لا روضُهُ استسقى السم / ماءَ ولا خمائِلُه عواري
والطيرُ نشوى في مناب / رِهِ فمن مُصغٍ وقاري
وزمامُ مَن أهواهُ في / اليُمنى وكاسي في يَساري
لا أشتكي برحَ الصدودِ / ولم أذُق ألمَ الخمار
فبذاكَ تجنيحُ المُنى / وبتلكَ إطفاءُ الأوارِ
من جُلّنارِ خدودهِ / نُقلي ومن آسِ العذارِ
وأقاحِ ثَغرِ كم نظَم / تُ ببنتهِ إكليلَ غاري
قُبَلٌ بها رفَّت منى / نَفسي على قدَحي المدارِ
بأبي بياضاً في احمرارٍ / واحمِراراً في اخضِرارِ
وبِمُهجَتي خَفَراً ودَلّاً / دونَهُ دَلُّ العذاري
ذَوبُ اللجينِ غبوقُنا / وصَبوحُنا ذَوبُ النُضارِ
لم تخبُ من بنتِ النخيلِ / ولا ابنَةِ العُنقودِ ناري
كم بينَ تلكَ وهذهِ / مِن حجَّةٍ لي واعتمارِ
يصحو فيَهتفُ بي بدارِ / وكم هتَفتُ بهِ بدارِ
فَرَنا وهبَّ فجنَّحَت / قلبي حُمَيّا الإحوِرارِ
ولَثمتُهُ وبثَثتهُ / شَكوايَ همساً من حذارِ
وهَصَرتُ بانةَ قدّهِ / فحَسا الصبوحَ على اهتِصاري
وافتَرَّ مَبسمهُ فيا / لجمالِ ذاكَ الإفترارِ
فيَخالُنا الرائي قُبَيلَ / العودِ من رميِ الجمارِ
ملَكَين في دُنيا الغرامِ / منَ الملائكَةِ الخيارِ
هبَطا بأجنِحَةِ الهوى / والوجدِ والشوقِ المثارِ
أحضانهُ حرمي الشريفُ / وضوءُ مفرقهِ مناري
وجمالُه فردَوسُ روحي / كم جنَت أشهى الثمارِ
وعُيونهُ توحي على / همسِ النسيماتِ السواري
فأصوغُ من إلهامِها / غُرَراً ولم أعدِم قراري
بلباقةٍ ورشاقَةٍ / ووضوحِ معنىً باقتِدارِ
أشدو وكَم أسكَرتُ أرواحنا / بموسيقى ابتِكاري
وسَكَبتُ لحناً عسكريّاً / دونهُ وقَفَ المُباري
فَسَلِ البلابِلَ في الجنائنِ / عن لحوني والقماري
تُنبيكَ عن إعجابها / بجَمالِ ذوقي واختياري
ومُعَنِّفٍ وافى فأخرَسَهُ / انتِهاري وازوِراري
يا لائِمي هذا شعاري في / الهوى هذا شِعاري
ثَكِلَتكَ أمُّكَ أيّ إثمٍ / في التمازجِ أيُّ عارِ
ما للأحِبَّةِ في الوصال / وللتَزَمُّتِ والوقارِ
ما جنَّحَ الأرواحَ فانطَلَقَت / سوى خلعِ العذارِ
يا ابن النهارِ وكم شكا اب / نُ الليلِ من قِصَرِ النهار
لمَ لا وبَدري غَيَّبوه / بما أثاروا من غُبار
فهوَيتُ من أفقِ الرُؤى / وهَبَطتُ من أوجِ ازدِهاري
لهفان مشبوبَ الحشا / مُتمَلمِلاً في عُقر داري
أبني القوافي ذاهلاً / من وَحي أدمُعيَ الغِزارِ
لم أدرِ حينَ يُقيمُني / فَزَعي ويُقعِدُني افتِقاري
واليَأسُ يَدفَعُني ويجذِ / بُني ازدِرائي واحتِقاري
أأنا شَريدٌ في المهامَهِ / أم غريقٌ في البحارِ
فكَأَنّني الكُرَةُ الكبيرةُ / بين صِبيانٍ صِغارِ
أو أنَّني قلبُ المجازِفِ / حولَ مائدَةِ القمارِ
أو أَنَّني روحُ المف / ارِقِ في فِراشِ الإحتَضار
ومُهَفهفٍ لم يَرعَ لي / حقَّ المودّةِ والجوارِ
لم أجنِ من غرسي لهُ / غير التنكُّرِ والنفارِ
هيهات لا علمي افادَ به / ولا أغنى اختباري
كلّا ولا أجدى اصطباري / لا ولا طولُ انتِظاري
رشأٌ وهَبتُ لهُ الشب / بابَ فكان عنوانَ افتِخاري
فطغى ويا لِتَحَكُّمِ الغِزلانِ / بالأُسدِ الضواري
هل يطّبيهِ حين يكسِ / رُ جفنَهُ إلّا انكساري
أو يَنتَشي إلّا بدَمعي / حينَ يُذنِبُ واعتِذاري
أو يَرتجي إلّا قُنوطي / ليسَ إلّا وانتِحاري
أو يَبتَغي إلّا انقِباضي في / التداني وانِحصاري
أو حينَ يوقدُ نارَها / هل حازَ غيرَ الإنتِصارِ
أو سرَّهُ إلّا نُحولي / في هواهُ واصفِراري
يا للتَصلّبِ والتمرّدِ / والعِنادِ والاغتِرارِ
يا بنتَ جاري آهِ من / بجورِ القضا يا بنتَ جاري
في ذمَّةِ الأقدارِ ما / شيَّعتُ في ذاكَ الحوارِ
دُنيا من الأحلامِ أسلَمَها / القضاءُ إلى الدمارِ
وصُروحُ آمالٍ عَلَيها / قد قضى بالإنهيارِ
يا للشقاءِ وللِعناءِ / وللضياعِ وللخَسار
لهفي على تلكَ اللُييلاتِ / المنوِّرَةِ القِصار
شوقي لها مُذ غُيِّبَت / شوق الفقير إلى اليَسارِ
أو شوق من غاصَ البحارَ / إلى اللآلىءِ في المحارِ
أو شوق قيسٍ وهو يَطوي / في هوى ليلى البراري
أو شوق لَيثِ الغابِ في القفَصِ / الصغيرِ إلى القِفارِ
يا معشَرَ الشعَراءِ والأدبا / ءِ في شتّى الديارِ
هيضَ الجناحُ وضِقتُ / ذَرعاً بالجناحِ المستعارِ
ومضى الشبابُ وهذه / شكوى جريحٍ في الإسارِ
ما كُنتُ أشكو بل أُصيخُ / لمن شكا لولا اضطِراري
ماذا وراءَ الضغطِ إذ / يشتَدُّ غيرُ الإنفجارِ
واللَهِ لو يَشفي انتِقامي / غُلّتي لأخَذتُ ثاري
مِن معشَرٍ نَشاوا بأحض / ضانِ السفالةِ والشنارِ
لصَقوا المثالِبَ بي وكُلَّ / مثالبي عدمُ اتّجاري
ماذا أقولُ بهم وهُم / حُمُرٌ لربّاتِ الخمارِ
ما راعَ يا للغبنِ مثل / الليثِ يشكو من حمارِ
أسفاً على عمرٍ تقضّى / بين أطفالٍ كبارِ
بينَ المنافقِ والمخادعِ / والمداجي والمداري
غرسوا فَقُل لي هل جنَوا / غيرَ المذلّةِ والصغارِ
متذّئبونَ ولو ثغَت / شاةٌ للاذوا بالفِرارِ
يا ناسُ قد أدمى اغترابي / مهجتي والدار داري
أُصغي فلم أسمَع بها / غير النهيقِ أو الخوارِ
أنا لم أجد فيها غيوراً / قامَ من درَكِ العثارِ
فمظاهرٌ خلّابةٌ / والآلُ يخدعُ في الصحاري
أشجى الرفاقَ تأوّهي وتوَجّعي
أشجى الرفاقَ تأوّهي وتوَجّعي / وتمنّعي عن شُربها في المقوعِ
وأنا الذي بالأمسِ إن هيَ شُعشعَت / كم زُفّ لي قدَحي وغَير مُشَعشعِ
احنو عليهِ باسماً طرباً ولا / عجبٌ ولا حرجٌ حنوَّ المرضِعِ
وأضُمُّهُ شَوقاً قُبيلَ ترَشّفي / منهُ إلى كبدي وقلبي المولعِ
وأقولُ للاحي به ذَرنى ولا / تنهَق فما أنا من ذواتِ الأربعِ
يادنُّ لا تنضُب ويا نَدمانُ خُذ / وعليّ يا ساقي ويا قدَحُ أصرعِ
ولكمَ شدَوتُ يوحيهِ ولكم وكم / أطرَبتُ من خلّ أديبٍ لو ذعي
العَسكريّاتُ الرقاقُ شَواهدٌ / سلها تُجِبكَ عن الهزارِ المبدعِ
واليومَ قد آليتُ لا أحسو الطلا / رغمَ الصدى إلّا وأنتِ معي معي
ليلى أأشرَبُها وكاسُكِ فارغٌ / إني إذاً صبٌّ وحقِّكِ مُدّعي
أعلى زفيرِ جهنّمٍ وجهنّمٌ / بزفيرِها وشهيقَها في أضلُعي
أم وَحشتي يا للعناء وحيرتي / وأنا المشردُ في عراءٍ بَلقَعِ
أم حرقَتي وهواجسي ووساوسي / وتذمّري وتمَلملي في مضجعي
من لي بإنسانٍ يواسيني إذا / ما هاجتِ الذكرى ويَمسَحُ أدمعي
وطني وكيفَ يعيشُ مثلي بُلبُلٌ / ما بينَ ثُعبانٍ يفُجُّ وضِفدعِ
في أسرةٍ نَقَمَت عليَّ لرأفتي / بفقيرها وصَراحتي وترَفّعي
جار الزامانُ فيا أساوِدَها الدغي / وطغى القضاءُ فيا ضفادِعها اشبَعي
ما كان مورِديَ الحميمُ لو أنّني / مَيتُ المشاعرِ لا أحِسُّ ولا أعي
غبنٌ يشفُّ الروحَ أن تتفَتَّحَ / الأورادُ بين الوحلِ والمستنقَعِ
وطني ولي حقٌّ عليكَ أضعتَهُ / وحفِظتَ حقَّ الداعر المتسَكّعِ
فلو أنّ لي طبلاً ومِزماراً لما / أقصَيتَني أو أنّ لي في المخدعِ
هذي عقوبةُ مَوطني وجنايَتي / هيَ أنّني لتيوسِهِ لم أركَعِ
فَقَبَعتُ في داري كصَقرٍ شاكياً / ولو أنّنا في غيرهِ لم نَقبَعِ
فلسَوفَ أمكثُ فيه ما شاءَ القضا / ولسَوفَ أرحَلُ عنه غيرَ مودعِ
فاطوي شباكَكِ يا هلوكُ فما أنا / بالخائنِ المتلَوّنِ المتصَنّعِ
خُلِقَ الأثيمُ مُبَرقَعاً فثوى به / وأنا خُلِقتُ وعِشتُ غيرَ مُبَرقعِ
وَطني شكَوتُ لك الصدى فملأت لي / كاسي وغيرَ الصاب لم أتجَرَّعِ
وَوَأدتُ في فجرِ الشباب مآربي / وبكيتُها يا ليتَهُ لم يطلعِ
لهفي على قلبي الجريح ولَوعَتي / ماذا جنى يا لَيتَني لم أزرَعِ
ألقردُ أضحى لاعباً في ملعَبي / وغدا ابنُ آوى راتعاً في مَرتَعي
اللَهُ أكبرُ كيفَ يُحفَظُ حقُّ مَن / ركِبَ الخنا ويُداسُ حقّ الألمعي
بل كيفَ يُمسي ذلك الباغي وقد / ثَبَتَت إدانَتُهُ ويُصبحُ مُدّعي
أمنَ العدالة ربّ أن أشقى وأن / أشكو جراحي مُكرَهاً للمِبضَعِ
وطني وللدارِ الجديدةِ جارةٌ / لولا هواها عشتُ غيرَ مُضَيّعِ
لم تَبلُغِ العشرينَ ذات وسامَةٍ / ورشاقةٍ وتدَلّلٍ وتمَنّعِ
والحبّ قهّارٌ ولولا قيدهُ / لسَمِعتَ في الفَيحاءِ ما لم تَسمَعِ
من عَندليبٍ إذ رمَيتَ أصَبتَهُ / فهوى ومَن للعَندليبِ الموجَعِ
فلعلّ ليلاهُ تريشُ جناحَهُ / ما كان أشوَقهُ لتلكَ الأربُعِ
بكرومِها وظِبائِها وجنانها / بزُهورِها وعبيرَها المتَضَوّعِ
شوقي لها أوّاهُ من شوقي لها / شوقي لليلى والليالي الأربعِ
وطني وما يوم الرحيل بشاحطٍ / عن شاعرٍ مُتَوجّع مُتَقَطّعِ
قلقٍ آذابَ الهمُّ حبَّةَ قَلبهِ / فتَرَقرَقَت في مقلَةٍ لم تهجَعِ
ناجي رؤاهُ فيا بلابلُ ردّدي / وبكى مُناهُ فيا حمائِمُ رجّعي
يَستعرضُ الماضي بطرفٍ دامعٍ / وبخافقٍ في الذكرياتِ موزّع
ما خرّ قطّ لغيرِ ليلى ساجداً / ولغير سلطانِ الهوى لم يَخضَعِ
لم يَشدُ إلّا باسعِها وجمالِها / وبغير وحيِ ضميره لم يَصدَعِ
كم باتَ ينشدُ في الدياجي طيفَها / ويبثّهُ الأشواقَ حتّى المطلَعِ
مُتدلّهٍ يَبكي ويَلثُمُ رَسمَها / ويَضُمُّهُ لفؤادهِ المتقَطّع
وعلى شذا منديلها كم سَكرةٍ / لفؤادهِ المتلَهِّفِ المتطَلّعِ
فمتى يُحلّ إسارها ليحلَّ في / تلك الرياضِ مع الطيورِ السّجعِ
يا مَيُّ نابَ السمعُ عن بَصَري
يا مَيُّ نابَ السمعُ عن بَصَري / في الليلَةِ السوداءِ من صَفَرِ
ذَهَبَت فلا رجعَت مُخَلَّفةً / في غورِ روحي أسوا الأثَرِ
ماذا أقولُ وإن شكَوتُ فمِن / جورِ القضاءِ وقسوَةِ القدرِ
الصدرُ مُنقَبضٌ ولا عجَبٌ / والنفسُ نَهبُ الهمِّ والضَجَرِ
وأقامَ أحزاني وأقعدَها / في جانِحَيَّ تَرَنُّمُ الوَتَرِ
والكأسُ في يُمنايَ تَنظرني / شَزراً فأَشربُها على حَذَرِ
وأرَقتُها كرهاً على جزعٍ / فوقَ الرمالِ وبتُّ في سقرِ
والصحبُ راحوا حينَما شَرِبوا / يَتَبادلون طرائفَ السمَرِ
نعمَ الندامى لا عدِمتُهُمُ / يتألَّقونَ كأنجُمِ السحَرِ
يا ميُّ والأحلامُ شاردةٌ / رُحماكِ رُدّيها لمفتَقِرِ
يا ميّ والأيّامُ عابسةٌ / باللَهِ غنّي وارقُصي وذَري
يا ميُّ والأقدارُ ساخِرةٌ / منّا ولم نسخَر ولم نثُر
قومي لنَسخَرَ مثلَما سخِرَت / من كلِّ مُدَّخِرٍ ومُحتَكرِ
ما لي أحيّي الشمسَ مُغتَبطاً / عندَ الغروبِ بأروَعِ السورِ
ما لي أودّعُها إذا طلَعت / بمدامِعي وأعودُ بالكدَرِ
ما لي أرى الغربانَ طائرةً / والصقرَ دامي القلبِ لم يطِرِ
ما لي أرى جاري يكَفّرني / ويُقَدِّمُ القُربانَ للحجَرِ
ما لي أرى العُريانِ يسألُهُ / عن بيتِ ليلى كلُّ مؤتزرِ
ما لي أرى المسكين يلهَثُ في / هوج الرياح وهاطل المطر
ما لي أرى شمعونَ يظلمهُ / ويبيتُ مرتاحاً على السرر
ما لي أرى البير منتفِخاً / وقميصهُ قد قُدَّ من دُبُرِ
ما لي أرى ساسون يجرَحُني / ويقول لابنةِ عمِّهِ اعتذري
ما لي أرى حز قيل يقتُلُ مَن / يهواهُ من أنثى ومن ذكَرِ
قد طالَ هجرُكَ يا ربيعُ فيا / لتعاسَةِ الأطيارِ والزَهَرِ
دنيا المهازل والشذوذ غدَت / نار الليوثِ وجنّةَ الحُمُرِ
من لي بمشنَقَةٍ أحزُّ بها / بعضَ الرقابِ وصارمٍ ذكر
فلسَوف ينفُخُ يا لخيبتِهِم / بالصور إسرافيلُ فانتظري
فمُشَبّهو ليلى بوالدِها / شتّانَ بين الفحم والدُرَرِ
سرَقَ ابن آوى ديكَنا سحَراً / ودجاجُنا منه على خطَرِ
والفأرُ يشرَبُ بيضَها طَرباً / أبداً فيا لتبلبُلِ الفِكَر
إن جُعتَ يا صيّادُ ويحَكَ لا / تَتعَب وخلّ الطيرَ في الشجَرِ
وتعالَ حدّثنا وصلّ بنا / وأكُل كغيركَ أطيبَ الثمَرِ
لا تحسَبي يا ميُّ أن يدي / مغلولةٌ غُلَّت يَدُ الأشِرِ
فالحرّ من جورِ الزمانِ هنا / وهُناكَ بين النابِ والظُفُرِ
حسناءُ هاكِ وحطّمي قدحي / فالكأسُ قد دارَت على البَقَرِ
لا تعجبي مما صدعتُ بهِ / فالنارُ لا تخلو من الشَررِ
حسناءُ والأجفانُ قد ثَقُلَت / هاتي الدواء وكحّلي بصَري
قبّل فدَيتُكَ مبسمي دَع جيدي
قبّل فدَيتُكَ مبسمي دَع جيدي / وإلى اللقاءِ صباح يوم العيد
لم لا وأهلي ويحَ أهلي وبالغوا / باللومِ والتعنيفِ والتهديدِ
لا تقتَرِب من دارِنا هم اقسموا / أن يقطعوا إن جئتَ حبلَ وريدي
يا ليتَ شعري هل أثارَ شكوكَهُم / حولي قيامي بالدجى وقعودي
وتأفّفي وتلَهّفي وتبَرّمي / بهم وهذا ديدَنُ المفؤودِ
يا للحماقةِ والرعونَةِ فرّقوا / بيني وبين الوامقِ المعمودِ
يا للتّعاسةِ من يواسيني ويسل / يني بأيّام الفراقِ السود
أكثيرةَ الشكوى حنانيكِ أهدأي / وترفّقي بالشاعر المنكودِ
الصبحُ لم يُسفِر وأهلُكِ نوّمٌ / قومي معي نحسو المدام وعودي
فترَدَّدت وتمَلمَلَت وتنهَّدَت / وبكت وطوَّقَ ساعِداها جيدي
فنظَمتُ من وحيِ الدموعِ قصيدةً / وعرائسُ الإلهامِ دمعُ الغيدِ
وسجدتُ إجلالاً وتعظيماً لها / واستعبَرَت روحي وطال سجودي
فتأوّهَت واستسلمَت واغرَورَقَت / عينايَ رغمَ تجلّدي وصمودي
قالت هلُمَّ إلى الشُوَيطيءِ قلتُ لا / فهُناكَ كل مفَنِّدٍ وحسودِ
وهنا الأمانُ وها هنا ما شئتِ من / بنتِ النخيلِ أو ابنَةِ العنقودِ
فسقَيتُها وحسَوتُها من ثغرِها / يا مَن حساها من ثغورِ الخودِ
بيضاءَ من خمرِ العراقِ تُثيرُ / روحَ العزمِ والإقدامِ بالرَعديدِ
ما أن أقولُ لها خذي معبودَتي إلا / وقالت هات يا معبودي
هاتِ اسقنيها لا تُعَكّر صفوَها / دعها بلا مزجٍ ولا تبريدِ
دعها لتَخرُجَ بي إلى دنيا المنى / من عالمِ الأطماعِ والتنكيد
واصدَع بنَشوَتِها وفَرطِ سرورِ / ها شملَ الضنى والهمّ والتسهيد
فضّيةُ أحلامُها ذهبيّةٌ / كم رفّهت عن خاطري المكدود
ولكم أثارَت غافِيَ الإحساسِ بي / وكم اعتَرَفتُ أمامها بوجودي
دعنا نفضّ معا بكارَتها على / همسِ الصبا سحراً وشدوِ العودِ
أشجاكِ منذُ هُنَيهَةٍ نوحي / وأشجاني نواحُكِ فاسمَعي تغريدي
لم لا وقد دبّ الدبيبُ وحلّقَت / روحي بأفقٍ للخيالِ بعيدِ
بأبي وأمّي من مدَدتُ لها يدي
بأبي وأمّي من مدَدتُ لها يدي / بعدَ العِشاءِ مصافحاً في الأحمدي
غيداءُ عرَّجَ بي عليها أغيدٌ / في دارها أنعِم بذاكَ الأغيدِ
لبيتُ داعيها وصافحَ قلبَها / قبلَ اللقا قلبي وقبلَ تقيّدي
ذُقتُ الهوى وكأنّني ما ذُقتُه / حتى دخَلتُ ولامست يدها يدي
ألَّفتُ بينَ جمالهِ وجمالِها / في ليلَةٍ أدمَت قلوبَ الحُسّدِ
قد كان لي رأي فلما زرتُها / أيقنت أن الحسن حسن الخرّد
أكذا الهوى ومذاقه في فجره / ما كان أحلى الحب عند المولدِ
الآن طب يا قلبُ وارقص في السما / فلقد سقتك وجنّحَتكَ وعربد
والآن يا روحي الحبيسة رفرفي / واستلهميها في السماء وأوردي
والآن يا نفس اطمئني واشهدي / أن لا حبيب سوى فتوح وأشهدي
إني أعود بحسنها وبقلبها / وبروحها من كل واشٍ مفسدِ
وألوذ من كبد الحسود بجفنها / وبقدها من شر كل مفند
شرقيةٌ تسبيك لا غربية / بجمالها الموهوب فاعشق وافتد
ملكت علي مشاعري بحديثها / وبلطفها وذكائها المتوقد
فملاحةٌ وسماحة وصراحةٌ / ورجاحةٌ بالعقل فاشكر واحمد
دنيا من الأشذاء والأضواء في / فستانها الزاهي الرقيق الأسود
أين الغزالة في الضحى من دلها / وبهائها فاخشع وكبّر واسجد
أينَ الزهور إذا الزهور تفتحت / عن لؤلؤٍ في طيبها وزمرد
أين القطا والبان إن هيَ أقبَلَت / بتمايل أو أدبرت بتأود
بمهفهف وبأتلع وبناعس / وبأشقرٍ ومقرمزٍ ومورد
أينَ الأسنّةُ والظبي من جفنِها / ذرها تصولُ على القلوبِ وتعتدي
وتثيرُ في أغوارها ميتَ الهوى / لتعيشَ في نور الإله وتهتدي
ما قيمة الأرواح إن لم ترتشف / خمر الغرام وتحترق في المعبد
فهنا السمو هنا النعيم هنا المنى / وهنا السعادة والخلود السرمدي
حسناء إن أشكو الزمان فإنه / حربٌ على الحر الأبيّ الأمجد
قد أوصد الأبواب في وجهي فكم / من مأربٍ لي لم أنله ومقصد
والنحس منذ طفولتي خدني فيا / لشقاء موتور الفؤاد المبعد
حوراء يا دنيا العرائس والرؤى / أنا في الكويت أخو الشقاء فأسعدي
اللَه في ابن الأرض يا بنت السما / قد تاه في القفر المخيف فأرشدي
قضى ربيع العمر فيه معذبا / يشكو أذى الدنيا وجور الأعبد
يستعرض الأحلام وهيَ عوابس / طوراً ويهتف بالطيوف الشرّد
وبه كبا عند السباق جواده / يا للتعاسة والعذاب المقعد
ما راع مثل الشمس تكسفُ في الضحى / والورد يسقط وهو فواحٌ ندى
فصيلهِ يا دنيا الأماني واصدعي / في قلبه شمل الشجون وبدّدي
وبحقّ مريمَ كفكفي عبراتهِ / وبحقّ عيسى علّليه وزوّدي
قالت وقد مسحت دموعي لا تنُح / ومعي اغتبق يا عندليبُ وغرّد
قد قيل لي بالأمس إنك شاعر / فاشرب على نخبي فلم أتردّد
ما كان أرخم صوتها وأرقّه / حين انتشت وشددت وقالت أنشد
فشربتُ ثانيةً وثالثةً إلى / سبعٍ فقالَت خذ وزد وبي اقتد
أنشدتُها والكأسُ في كفّي ولي / قلب يحوم على مراشفها صدي
فترنّحت طرباً وكم من كاعبٍ / طارَت بألحاني وكم من أمرد
فإذا بثالثنا يفيقُ منبّها / ومحيّياً بصبوحه صُبحَ الغد
فتَنهّدت لتنهّدي وأثار في / أعماقها ما قد أثار تنهّدي
وهناك قمنا للوداع ويا لها / من ليلة فيها صفا لي موردي
مرت مرور الريح واشوقي لها / من مسعفي إن لم تعُد من منجدي
فلِحُسنِ حظي أنني لم أنصرف / حتى ظفرت بقبلةٍ وبموعد
يا صاحبي قد كان من شاء الهوى / فإلى الكنيسة سر بنا لا المسجد
إن قيلَ جنّ فإنّ عذري واضح / أو قيل تاه ففي يديها مقودي
أو قيل ضل فلست قبل زيارتي / وتدلهي بالزاهد المتعبد
يا معشر المتعصبين رويدكم / أمن الرغام قلوبكم والجلمد
بالله هل تطوى السماء إذا هفا / وصبا لمشركة فؤاد موحد
فاليوم قادت من تحبّ لدينها / وغداً يعود بها لدين محمد
حيّ الصباح إذا تبسم
حيّ الصباح إذا تبسم / وصغ العقود إذا تكلم
واعبد بمملكة الجمال / جلالة الملك المعظم
فالحسن حين يصان يعبد / فيه خالقهُ ويكرَم
وإذا سألت وجاد يوما / ما بوعد أو تكرّم
فاستقبل الدنيا بزينتها / ولا تشرك فتندم
واستوحه واستلهمنه / فكم وكم أوحى وألهم
وإذا حسا الكأس اركعنّ / له وبالأخرى تقدّم
وإذا استزادك زده واسجد / واقترب لا عاش من لم
وعليه صلّ إذا انتشى / فاللَه قد صلى وسلم
لا العود لا القيثار لا / المزمار إذ يشدو بأرخم
فاسمع لحون مخارق / والموصلي إذا ترنم
واشرب على تصفيق قلبك / يا أخا الأشواق واغنم
وإذا تلعثم صوتهُ / وكبا اللسان وعربد الدم
هلل وكبر باسمه / فاللَه فضله وعظم
واشك الغرام لعله / بك يا هزار الحي مغرم
أو علّه يرثي فقد / أمسى بحالك منك أعلم
ولعل بنت النخل تدنى / قلبه النائي فيرحم
ويجود إذ ذاك العظيم / بحسنه بالخد والفم
فتبيت تحتضن المنى / سكران بين اللثم والضم
تترشّف ابنة ثغره / متداويا والريق بلسم
ومدامة لا الهمّ يطرق / قلب راشفها ولا الغم
ظبيّ تحكّم بي ولا / تلُم الغزالَ إذا تحكّم
فكم استعاذ ولاذ منه / به إذا ما صال ضيغم
قسما بردفيه وكم / من مدنفٍ بالردف أقسم
لو عامر أو عمرو / شاهد بطش جفنيه لأحجم
أو أبصرت عينُ ابن أدهم / حسنهُ لغوى ابن أدهم
أو أنه نشر الشباك / لما رأيت بنا معمّم
أشكو القوام لخصره / متظلّما والخصر أظلم
أين القنا من فعل / ذاك فيا لمعوجٍّ مقوّم
وكم استجرت بطرفه / من ردفه والطرف أغشم
للَه ما أودى وما / أصلى وما اصمى وأسقم
أين الجآذر والدمى / ممن عليه اللَه أنعم
أين الأقاحُ إذا تبسّم / واللآلىء حين تنظَم
رمزُ الفضيلةِ والعفاف فأ / ينَ يوسف أين مريَم
أنا لا أقول هو الهلال / كما يقالُ إذا تلثّم
أو حين يسفرُ قد تبدّت / أختُ يوشع فهو أعظم
ركعت له فينوس حين / هوت وخرّت إذ تسنّم
مولايَ طوّح بي التدلّه / بعدَ أن أدمى وقلّم
وهوى بشيطاني القنوط / وأفق إلهامي تجهّم
وكبا جواد الحظ بي / وحسام بأسي قد تثلّم
اللَه فيّ فإنّ كاسي / ملؤها بهواك علقَم
اللَه في قلبي الكليمِ / فجرحه الدامي تسمّم
وكتمتُ حبّك مرغما / والحبّ يقتل حين يكتم
كيف السبيلُ إلى الشكاة / وكل من في الحيّ لوّم
اللَه أكبر كيف تصلي / شاعراً مثلي جهنّم
هيمان أعمى في هواك / أصمّ لا يصغي وأبكَم
يطوي الليالي ذاهلاً / متحسّراً والناس نوّم
متبرّم بنهارهِ / قلق إذا ما الليلُ خيّم
قد جنّ بين فؤادهِ / الملتاع والأمل المحطّم
فتعال بادله الوداع / وعش قرير العين واسلم
ولهان يفترش الرمال أصيلا
ولهان يفترش الرمال أصيلا / فيخاله الرائي هناك عليلا
طورا يئنّ وتارة يبكي / وآونةً تراه صامتاً مذهولا
كالطفل أشجاهُ الفطامُ فطرفُهُ / أبداً تراه بالدموع بليلا
أو كاليتيم وقد تملكهُ الأسى / فبكى وهل تشفي الدموع غليلا
وارحمتاه له فلم ير راحماً / في قومه ومواسياً ومقيلا
مسكين لا حرجٌ عليه إذا بكى / وإذا هنالك راح ينشد سولا
فالشاطىء الرملي مهبط حبه / ولكم هنالك رتل الإنجيلا
ويبث كل نسيمةٍ مرت به / شكوى تسيل لها النفوس مسيلا
لا غرو إن راح النسيم بسره / فإليه من يهوى اصطفته رسولا
أوّاه من ذكراي ليلة أقبلَت / سكرى تجرُّ على الرمال ذيولا
فالقلب صفّق هاتفا ومرتّلا / للقائها نغم الهوى ترتيلا
رددت تقديسا وتعظيما لها / بسجودي التكبير والتهليلا
وطفقت أقطف من شقائق خدّها / ولكم رشفت رضابها المعسولا
فتقول لي والكأس خصّب كفّها / إنّي لأهوى الضم والتقبيلا
فأجبت أخشى البدر يفشي سرنا / فأضفي علينا شعرك المسدولا
ما أن أداعبُ نهدها بأناملي / حتى أطوّق خصرها المهزولا
فتخالنا فوق الرمال ونحن في / سكر الغرام يثينةً وجميلا
قسماً سواها ما اتخذت خليلة / كلا ولا اختذت سواي خليلا
قدمت قربانا لمذبح حبها / روحي متى كان المحب بخيلا
حواء والهفي عليك فما سلا / قلبي ولا أرضى سواك بديلا
أهلوك قد جاروا عليك وعافني / أهلي وما أزمعت بعد رحيلا
تذكارك المحبوب معبودي متى / ينساك صبّ يعبد المنديلا
نوحي بعقر السجن نوحي
نوحي بعقر السجن نوحي / فصداهُ في أعماق روحي
نوحي فقد سالت جرو / حك مثلما سالت جروحي
نوحي فما أغنى غبو / قك لا ولا أجدى صبوحي
نوحي وبالسرّ المق / دس لا تبوحي أو فبوحي
نوحي فجسمك مثل جس / مي قد طواه اليأس طيّا
نوحي فروحك مثل رو / حي كم كواها الوجد كيّا
نوحي فنفسك مثل نف / سي لم تجد زاداً وريا
يا للشقاء ويا لبؤ / س شقيقة تهوى شقيا
نوحي فقلبك مثل قل / بي لم يبلّ أوامه
نوحي على طلل الصبا / واستعرضي أيّامه
نوحي على الحب البري / ء وكفّني أحلامه
نوحي على القلب الجري / ح وشيعي أوهامه
نوحي على جدث المنى / في غورِ خافقك الكئيب
نوحي فقد ولّى الربي / ع وأجدب الوادي الخصيب
نوحي فكم قمريّة / فيه تنوح وعندليب
وهناك كم من زهرة / ذبُلَت وكم غُصن رطيب
ليلايَ يا نجوايَ يا / دنيايَ يا أملي الوحيد
طوت الفروقُ بساطنا / وتنكّر العيشُ الرغيد
والذكريات مطلبة / من كسوّةِ الماضي البعيد
ترنو لحاضرنا الشق / ي وتندب الماضي السعيد
يا بنت من وأد الفضيل / لة بين أحضان الرذيلة
وطغى فراح يبلّ من / دم كل منكوب غليله
لهفي على تلك المشا / عر والأحاسيس النبيله
وعلى جمالك والشبا / ب الغضّ لهفي يا خميله
يا للشراسة والرعو / نة والحماقة والجهاله
يا للدناءة والسفا / هة والسفالة والنذاله
باعوك بالثمن الزهي / د فأين يا ليلى العداله
وسقوك كأساً ملؤُها / صابُ الأسى حتى الثماله
زجوكِ واأسفاهُ في / سجنِ التقاليد القديمه
للَه ما كابدت في / هِ من الأساليب العقيمه
لا درّ درّك من أبٍ / فظٍّ ووالدةٍ لئيمه
يا قاتل اللَهُ التعص / ب كم تمخّض عن جريمه
حجبوك عن عيني وعي / ن القلب تخترق الحجاب
فليوصدوا سحقا لهم / بيني وبينك ألف باب
حربٌ وكم يا رب أع / لنها الثعالبُ والذئاب
تذكي المطامع نارها / ووقودها مهج الشباب
قد أرغموك على الزوا / ج بذلك الشيخ الوضيع
أغراهم بالمال وه / و المال معبود الجميع
فقضوا على آمالنا / وجنوا على الحب الرفيع
ما راع مثل الورد يذ / بل وهو في فصل الربيع
قد زينوا الأحداث وي / لهمو وسمّوها مخادع
كم ذوّبت فيها كبو / دٌ واكتوت فيها أضالع
وتحطّمت مهجٌ وسا / لت أنفسٌ وجرت مدامع
هذا وما من زاجرٍ / كلا ولا في الحيّ رادع
زقّت وهل زفّت فتا / ة الحي للزوج الحبيب
هل أخفقت أم حققت / بزفافها الحلم الذهيب
وارحمتاهُ لها فقد / زفت إلى السجن الرهيب
وغدت به نهب الجوى / والشجو والهمّ المذيب
هل كان في استقبالها / فيه سوى شبح الردى
قد أُدخلت ليلا علي / ه فكان ليلا سرمدا
شُلّت يداه فكم بها / عاثت ألا شلّت يدا
وحسا على صرخاتها / دمها الزكيّ وعربدا
أو كان أهلك يا فتات / ي والأقارب والصحاب
إلّا الأراقم والعقا / رب والثعالب والكلاب
قد شيعوك فخبري / ني بعدما طويَ الكتاب
ماذا لقيت بذلك ال / قبر المخيف من العذاب
ليلى وما لادنيا سوى / نار الكريمة والكريم
أوّاهُ من داء قد اس / تشرى وجرح في الصميم
رباه رفقا بالجدي / د فكم شكا جور القديم
وطغت أبالسةُ الجحي / م على ملائكة النعيم
يا للمهازل والجرائ / ئم والمآسي والمساخر
غدت العذارى كالعقا / ئد والمباديء والضمائر
سلعا تباع وتشترى / علنا بأسواق الحواضر
والرابحون بها لهم / منا التهاني والبشائر
حبّ تغلغل في الصميم
حبّ تغلغل في الصميم / فقضى على الحب القديم
لمهفهف الحسن رص / ع وجنتيه بالنجوم
جعلت رجوما للقلو / ب ولا كهاتيك الرجوم
يا لائميّ وقد غدا / هدفاً لها قلب الملوم
الظلم من شيم النفو / س وقاهُ ربّي من ظلوم
لم يبلغِ العشرينَ غ / ضّ الجسم ذو صوت رخيم
وعيونه عسليّةٌ / سكرى وذو شعر فحيم
والجيد أتلعُ والمرا / شف كم شكت قبل النسيم
ظبيٌ تغار الغيد من / هُ ولا كغزلان الصريم
والمرد تحسده على / ردفيه والكشحِ الهضيم
ما كان أغناه ببن / تِ الثغرِ عن بنتِ الكروم
شوقي له شوق القطا / ةِ إلى الفراخِ أو الظليمِ
يا ليلةً كالريح م / رّتِ أو كأحلام النؤوم
يتعثّر الواشي بها / كالغيظ في صدر الحليم
في جنحها عانقته / وحنوت كالأمِّ الرءوم
وصدَعتُ بابنةِ ثغره / شملَ الوساوس والهموم
فكأننا قيس وليل / ى إذ غرقنا في الحلوم
اللَهُ ثالثنا ورا / بِعنا ابنة الطلعِ الهضيم
فجرٌ أفقتُ على سنا / هُ من ذهولي والوجوم
لما أطلّ على سما / ءِ الروح من فرق الغريم
يا مرحبا بك يا بش / ر الوصل والفضل العميم
أهلاً وسهلاً بالغرا / م البكر والأملِ الوسيم
أنقذتَ روحي من برا / ئنِ ذلك الحبّ الأثيم
ورفتها من بعدما / كانت تمرّغُ في الأديم
وأرحتها من عربدا / تِ الشكّ والألم الأليم
وهدَيتني بعد الضلا / لِ إلى الصراطِ المستقيم
والحب إحساس يجي / شُ بخافق الحرِّ الكريم
والحبّ إلهام الجما / لِ المحضِ للذوقِ السليم
هو روعة الخلق الجمي / ل ازدانَ بالخلقِ القويم
هو الصغير شباك صي / دٍ وهو دينٌ للعظيم
هذا وهل كان الهوى / إلّا لذي قلب رحيم
قم يا حبيب اليوم واس / كبها وخلّ ابن الغيوم
وانضح بها كبدي فدي / تكَ فهيَ داميَةُ الكلوم
من سخريات الوضع والأ / قدارِ والدهر الغشوم
إني أعوذ بكأسها / من كل شيطان رجيم
وأعيذها ما شعشعت / من كل مأفون لئيم
ومن الجهول وكل ذي / ذوقٍ وإحساسٍ سقيم
فضيّةٌ ذهبيّة الأ / حلامِ كاشفةُ الغموم
من خمر عاصمة الرشي / د وكم صرعتُ بها نديمي
ولكم بها جنّحتُ أحلا / مي فطارت في النعيم
ولكم على بسماتها / سامرتُ من خلٍّ حميم
صعبت فلو فرعون عا / قرها لردّ عصا الكليم
أو ذاقها موسى لكا / نَ من الفصحاة في الصميم
يا من به حزتُ النعي / مَ وبات غيري في جحيم
لا تصغِ قطّ إلى أرا / جيفِ الكواشح والخصوم
ونميمة النذل الوضي / عِ وفريةِ الوغد الزنيم
فأنا وأنت بموطن / فيه الموارد من حميم
وطنٌ به كم أعلِنَت / حربٌ ومن بعد الهجوم
إلّا على ذي المال والما / ءِ المقطّرِ واللحوم
والحرُّ موؤودٌ به / كالسرِّ في قلب الكتوم
متوحّدٌ متململ / لهفي على الحر المضيم
هوت الصقور فلا أرى / في الأفق يسبح غير بوم
وأرى الأفاضل في جحي / مٍ والأراذل في نعيم
قد حار ذو الرأي الحصي / فِ وتاه ذو العقل الحكيم
فمتى تهبّ الريح عا / تيةً وتعصف بالهشيم
أمورّد الخدين حس / بك يا حبيبي من نظيمي
هذي القصائد وهي وح / يُ عرائس الحبّ المقيم
سلوى الحزين وراحة ال / عاني وتعزية اليتيم
تشدو بها الأطيار عن / دَ تراجع الليل البهيم
تستقبل الأصباح في / أبياتهنّ لدى القدوم
لك صغتها ورفتها / لمقامك السامي الكريم
وأنا العليم بما تك / نّ وأنت أعلمُ بالعلم
طال النوى يا قبلة الأنظار
طال النوى يا قبلة الأنظار / فترفقي بالوامق المتواري
حواء ما هذا التجني بالقلا / رحماك لست بعاشق صبار
حواء قد نشر الظلام رداءه / هلا سمعت بجنحه استغفاري
فنسائم الإمساء عنك سألتها / فسلي نسيم الصبح عن أخباري
حواء بين أضالعي نارٌ وعا / فَ زيارتي من حرها زواري
أو ما سمعت شهيقها وزفيرها / يوم الوداع فيا لها من نار
حواء أعشق ثغرها فلكم تطا / رحنا الغرام وثغرها خماري
حواء همت بصوتها حتى غدت / أذناي تكره نغمة الأوتار
حواء يا ذات الجمال ويا ضيا / هذا الوجود وربة الأشعار
ويلاه قد هجرت مجالس أنسنا / وخلت من الندماء والسمار
لا الراح بالكاسات مشرقة بها / فتبدد الظلماء بالأنوار
كلا ولا الأوتار صادحة فتلهمنا / الغناء بهدأة الأسحار
حوّاء قد صمتت بلابل روضنا / وسرى الذبول بأجمل الأزهار
لا الورد في جنباته متبسم / فيعطر الورد النسيم الساري
كلا ولا الأشجار مورقة فيشدو / الطير فوق ذوائب الأشجار
حواء وادي اللهو أصبح مقفرا / خال من الأزهار والأطيار
لا الريم يا حواء سارحة به / تختال بالآصال والأبكار
كلا ولا الغادات في أحضانه / يحملن بالأيدي كؤوس عقار
يا حب بين يديك نفسي تشتكي / أفما كشفت غوامض الأسرار
يا حب أنت ضيا الحياة وسرها / مزق بنورك كل كل ستار
يا حب أحلام الغرام جميلة / رحماك فهي قصيرة الأعمار
يا حب رفقا فالقلوب بريئة / والذنب للأسماع والأبصار
يا حب أنت الصارم القهار لست / بمشرك بالواحد القهار
صديان يغلي في حشاه المرجل
صديان يغلي في حشاه المرجل / ترثي الجنوب له وتحنو الشمأل
هيهات تلهيه الطيور بشدوها / ويبلّ غلّته الرحيق السلسل
كابن الملوح لا يفرّ قراره / أبدا إلى ليلى يحنّ ويسال
يا لائمه سقيتم صاب الأسى / كفّوا متى بلّ الأوام الحنظل
هيمان كم ذكر الحمى وأقامه / وله وأقعده الهوى المتغلغل
وأغرورقت عيناه أو كادت فيا / لهوّى تطيب به النفوس وتكمل
وتجود بالغالي وسحقا لامرىء / لا يبذل الغالي النفيس ويبخل
بسبيل موطنيه وحبّ بلاده / هذا ولا عاش الخؤون المبطل
لهفان ها هو والظلام مخيّم / متلهّف في جنحه متعلّل
متعطش والذكريات هواتفٌ / تهفو بخافقه الحنون وتنهل
وتعربد الأحلام فوق جفونه / سحرا ويقيها الهوى المسترسل
يصبو ويبعث والنسيم رسوله / قبلا يكاد يذوب فيها المرسل
لمسارح وملاعب ومراتع / ومرابع فيها البدور الكمّل
شطّت وعانقت الرؤى أطيافها / وعليه في وادي الكرى تتنزّل
ولهان قد طبع الحنين بذهنه / صورا فدعه غارقا يتخيّل
صورا مجنّحة بريشة وهمه / تغري وتدبر في الخيال وتقبل
منها أطلّت ذكريات حلوة / بيض يقصّ روّاه وهي تؤول
حفّت بها الآمال سكرى والمنى / ودنت فكاد يضمّها فتقبّل
فهنا الطفولة والصبا وهنا الهوى / وهناك ملعبه وهذا المنزل
وهنا الأحبّة ودّعوه ها هنا / ومضى وراح بحسنها يتغزّل
نشوان إذا أصغى بأذن خياله / والوهم يملى والوداد يسجّل
والوجد يرفض في قرارة روحه / والشوق يعزف والفؤاد يرتل
فشدا له ناي وغنى شاعر / وترنّمت ورق ورجّع جدول
وتساءلت أمّ وذكر والد / ودعا أخو روح وأمّن محفل
واستفرت أخت ونادت طفلة / والكل منهم شقة ما يجمل
دنيا من الأوهام غاب سويعة / فيها وعاد وقلبه يتململ
متفائل لا البأس يعرف مدخلا / لفؤاده وهو الشجيّ فيدخل
صرع الشكوكَ بحزمه ويقينه / ومن الوساوس ما يحرّ ويقتل
فاسمعه يا هذا يحيّى موطنا / في جانحيه له المقام الأوّل
وطني فديتك عش ودم واسلم وطب / فحمائم السلم القريب ستهدل
والمجد باسمك يا ربوع مسبّح / والفخر يهتف والزمان يهلل
جاء الربيع وأنت راقد
جاء الربيع وأنت راقد / قم واشد يا ربّ القصائد
ما للبلابل حين يبتسم / الصباح وللمراقد
لك في الرياض أسرّة / لا كالأسرّة والوسائد
قم حيّه فيها وصغ / ببهائه أسنى الفرائد
غرّاء يغضي النيران / لضوئها قبل الفراقد
والدر في الأصداف قب / ل الدر في جيد الخرائد
تروي محاسنها الكواكب / للعرائس والنواهد
غرّد فكم أطربت مع / بوداً وكم جنّحت عابد
أسكر بها الوادي على / فرح الأقارب والأباعد
ودع الحداة يرقّصون بها / الدراري في الفدافد
وذر الخليج بها يعيذ / عروسه من كل حاسد
وأضف إلى الغرر الخوالد / حليةً تسبي الخوالد
من درّك الغالي وغالي / الدر يهدى للأماجد
والشاعر الحرّ الأبيّ / يصونه والسوق كاسد
والشعر ما هفت النفوس / له وبعض الشعر فاسد
والشعر ما اضطرم الشعور / به وإلّا فهو بارد
والشعر في الأشراف حيّ / خالد والمال نافد
ولآلىء الوجدان ظلم / أن تصاغ لغير ناقد
والصائغ الموهوب تلمع / في قلائده قلائد
أهلاً وسهلاً بالربيع / بمن به دنت الشوارد
ولكلّ ملتاح صفت / شتّى المناهل والموارد
أهلا بعبد اللَه / أهلا بالمفاخر والمحامد
بفتى الكويت وذخرها / وأميرها الشهم المساعد
أهلاً وسهلاً بالمنار / والمآرب والمقاصد
أهلا ويا بشرى المدارس / والمكاتب والمعاهد
بعد الشواكي والبواكبي / والسواري والقواصد
يا فرحة الشعراء في / ظلم الفوادح والشدائد
مولاي يا أمل العزيزة / وابنها الحر المجاهد
يا من برفعة قدره / بعد السها باهت عطارد
ولحبّه بقلوبنا / ونفوسنا أبقى المعابد
وبمدحه هتف الزمان / وكم أصاخ وخرّ ساجد
يا كوثراً يشفي ولا / يلتاح بعد الورد وارد
يا نعمة للَه لم / تجحد وما في الشعب جاحد
بالأمس شيّعنا الفقيد / بدمعنا وبما نكابد
واليوم بين يديك تلقي / بالأعنّة والمقاود
فخذ الزمام وسر بنا / فالسعد بسام وصاعد
سر أيّها الفذّ الهمام / فأنت فينا اليوم واحد
ولديك عزم بالمصاعب / يستخفّ وبالمكايد
ولأنت أدرى بالطريق / وبالحواجز والمصايد
ولأنت أعرف يا ابن / سالم بالسياسة والأساود
ولأنت أعلم بالحقول / وما تدرّ وبالحواصد
ولأنت أخبر من سواك / بمن علا بعض المقاعد
ما كان أغنى المقلة الكح / لاء عن تلك المراود
يا ربّ ريح طوّحت / بسفينة والبحر راكد
وحمامة للسّلم قصّ / جناحها طمع المحايد
وصريع كأس في السرير / وكلبه ريّان راقد
فإذا أفاق حسا الصبوح / وألف طرف منه ساهد
ولربّ عقد طارف / لا تشتريه بسلك تالد
والنار في المصباح غير / النار في جوف المواقد
وهوى الدراهم إن تأصّ / ل علّة كهوى الموائد
والزهد يوجد في السماء / وقد يكون الذئب زاهد
هذا وبسام اللَه كم / أحبولة نصبت لصائد
والدين من نعم السماء / وباسمه الصياد راغد
وأبو التعصب والعقوق / الجهل وهو أبو المفاسد
والعلم نبراس على / أضوائه تجنى الفوائد
فإلى الأمام إلى الأمام / بنا ولا عذر لقاعد
وإلى الصراط المستقيم / ولن ترى في القوم حائد
والنار مثوى من يحيد / ومن يشذّ عن القواعد
واللَه بالمرصاد يخزي / كل شيطان ومارد
وعلى التكاتف والتفاني / كلّنا جند يعاهد
ولك التهاني من صميم / قلوبنا يا خير قائد
ولذخرنا آل الصباح / وإنّهم نعم السواعد
ولنا بعيد جلوسك / الميمون أعياد عوائد
يا ابن الأباة وللمجال فحو / له ولك الشواهد
كلّ يطير وللبزاة / سماؤها وكذا الهداهد
مولاي لا أشكو الزمان / وكان قبل اليوم حاقد
كلا ولا أخشى المباضع / وهي تدمي والمبارد
لي فيكم عين بها / بكم ألوذُ من الحواسد
يا ابن الصباح وما ابنه / إلّا الضياء لكلّ قاصد
دم للكويت ابنها لها / برّاً وعش للشّعب والد
للشيب منّا والشباب فكلّنا / سعد وخالد
هاك اليمين على المحبّة / والولا واللَه شاهد
يا من صهرت لهم شعوري
يا من صهرت لهم شعوري / فجراً على شدو الطيور
وتالّق البسمات من / ثغر الصباح المستنير
وطواف أحلام الحمائم / والبلابل بالزهور
ورفيفها بالأفق وهي / مضمّخات بالعطور
نشوى سقاها الفجر فهي / معربدات في الأثير
وسكبته من غور وجداني / وأعماق الضمير
بقصيدة واللَه يعلم / وحده ما في الصدور
أوحى بها حبّي / لموطنيَ العزيز وللأمير
يا من صهرت لهم شعوري / فجراً على شدو الطيور
باللَه معذرةً فديتكم / على عدم الحضور
قد حيل بين الماء / والعطشان في حرّ الهيجر
باللَه قف حيّ المعارف / بالنظيم وبالنثير
بفرائد تشدو بفضل / رئيسها الحرّ الغيور
وصحابه الأمجاد أع / ضاء المعاف والمدير
واشكر أساتذة سموا / بشبيبة الشعب الشكور
فالشعب مديون لهم / بثقافة النشء الفخور
وارفع لمعتمد الحكومة / خالص الشكر الوفير
إنّي لمغتبط بما / أبداه نحوي من شعور
فاليوم جائزة وقبل / اليوم أخرى في سطور
برسالة قد جنّحت / قلبي فطار من السرور
فارفع لمعتمد الحكومة / خالص الشكر الوفير
واستقبل الأمل الوحيد / على زغاريد البشير
واقطف لنا ورد المنى من / روضه الزاهي النضير
وانظم فديتك منه إكلي / لا على نفح العبير
واهبط به دسمان في راد / الضحى فخر القصور
واهتف لمولانا الأمير / الأوحد الفذّ الخبير
يا ليتني فوق الغصون حمامة
يا ليتني فوق الغصون حمامة / لأنوح بالآصال والأسحار
علي أرى في الروض من يفضي / إليّ بسرّه وأبثّه أسراري
أو أنّني بين النسائم نسمة / لأبشّر الأطيار في آذار
وأطوف بعد الأرض آفاق السما / لأرى مكان حبيبي المتواري
يا ليتني بين الورود فراشه / تروى الصدى من أكؤس الأزهار
حتّى إذا شفت الغليل تعطشست / للموت واندفعت بجوف النار
أو أنني يا فجر قبّرة أرف / رف في جناحي بالفضاء العاري
لأردّد النغمات سكرانا / بخمر الحسن قبل تألّق الأنوار
يا ليتني بين الروابي ربوة / خضراء مشرقة على الوديان
لأكون منمبر كل طير صادحٍ / ويكون سفحي مسرح الغزلان
أو أنني وسط الحدائق جدول / ينساب بين الورد والريحان
لترفرف الأطيار فوق مياهه / سكرى ترجّع أعذب الألحان
يا ليتني طير لأسبح في الفضا / وأؤوب مغتبطاً مع الأطيار
أو بلبل لأشنّف الأسماع بالن / غم الرقيق على ذرى الأشجار
أو أنني للعود أمسي ريشة / لتمرّ بي الأيدي على الأوتار
لأبثّها شكوى الهوى فلعلّها / ترثي لحال العاشق المحتار
يا ليتني يا ليتني قمريّة / لائنّ بالإصباح والإمساء
عليّ أثير بقلب كلّ مليحة / عطفا على البؤسا من الشعراء
أو أنّني وسط الرياض خميلة / لأعطّر الأجواء بالأشذاء
أو وردةٌ صاغ الربيع جمالها / لترشّني الأصباح بالأنداء
فلكم تراءى لي الخيال حقيقة / فيخالني الرائي صريع عقار
فأفيق مذهولاً وأهتف من أنا / فأجاب مجنون بعقر الدار
يا حبّ بين يديك نفسي تشتكي / أفما كشفت غوامض الأسرار
يا حبّ أحلام الغرام جميلة / رحماك فهي قصيرة الأعمار
إني بحبك كم عذول لامني
إني بحبك كم عذول لامني / كم مرّة بالنوم طيفك زارني
شرك الجمال لقيته فاصطادني / يا جارة الوادي طربت وعادني
ما يشبه الأحلام من ذكراك /
إياك والهجران فاتنة الورى / أخشى من الهجران ألتحف الثرى
قسما بربّ البيت مثلك لن أرى / مثّلت بالذكرى هواك وفي الكرى
والذكريات صدى السنين الحاكي /
أخت الفزالة هل أراك بخلوة / يوما من الأيام هل من زورة
إن كنت عاقبت المحبّ بجفوة / فلقد مررت على الرياض بربوةٍ
غنّاء كنت حيالها ألقاك /
تاللَهِ ما أحلى اللقا بعد النوى / قبل اللقاء تحطّمت منّي القوى
لما انتهى أمد الفراق وما حوى / لم أدر ما طيب العناق على الهوى
حتى ترفّق ساعدي فطواك /
نظرت إليّ فقلت رحماك اغمدي / هذا المهنّد لست جار معتدي
أنسيت يوم جعلت خدّك مسجدي / وتأوّدت أعطاف بانك في يدي
يا ظيبة الوادي وناهبة الحجى / أنسيت يوم بعثت في قلبي الرجا
أنسيت يوم أتيت في غسق سجا / ودخلت في ليلين فرعك والدجى
ولثمت كالصبح المنوّر فاك /
داعبتها فاستضحكت وتمايلت / وضممتها فترنّحت وتباعدت
أفتذكرين إذ الصدور تقاربت / وتعطّلت لغة الكلام وخاطبت
عينيّ في لغة الهوى عيناك /
قسما بحسنك وهو حسن مفرد / قسما بشعرك وهو فاحم أسود
قسما بخدّك بالحيا متورّد / لا أمس من عمر الزمان ولا غد
جمع الزمان فكان يوم لقاك /
يا جارة الوادي طربت وعادني
يا جارة الوادي طربت وعادني / ما زادني شوقا إلى مرآك
فقطعت ليلي غارقا نشوان في / ما يشبه الأحلام من ذكراك
مثّلت في الذكرى هواك وفي الكرى / لمّا سموت به وصنتُ هواك
ولكم على الذكرى لقلبي عبرةٌ / والذكريات صدى السنين الحاكي
ولقد مررت على الرياض بربوة / كم راقصت فيها رؤاي رؤاك
خضراء قد سبت الربيع بدلّها / غنّاء كنت حيالها ألقاك
لم أدر ما طيب العناق على الهوى / والروض أسكرهُ الصبا بشذاك
لم أدر والأشواق تصرخ في دمي / حتّى ترفّق ساعدي فطواك
وتأوّدت أعطاف بانك في يدي / سكرى وداعب أضلعي فطواك
أين الشقائق منك حين تمايلا / وأحمرّ من خفريهما خدّاك
ودخلت في ليلين فرعك والدجى / والسكر أغراني بما أغراك
فطغى الهوى وتناهبتك عواطفي / ولثمت كالصبح المنوّر فاك
وتعطّلت لغة الكلام وخاطبت / قلبي بأحلى قبلة شفتاك
وبلغت بعض مآربي إذ حدّثت / عينيّ في لغة الهوى عيناك
لا أمس من عمر الزمان ولا غد / بنواك آه من النوى رحماك
سمراء يا سؤلي وفرحة خاطري / جمع الزمان فكان يوم لقاك
حسب الغواني أنهنّه
حسب الغواني أنهنّه / حطّمن قلبي حسبهنّه
وبدا نحوس في الهوى / لمّا تألّق سعدُهُنّه
فملكن إحساسي عليّ / فطاف قلبي حولهنّه
صديان لا يشفي صدا / ه سوى اللمى يا ليلتهُنّه
قل للمريضات الجفو / ن رويدكنّ رويدكُنّه
اللَهَ في مهج برا / ها يا عذارى حبُّكُنّه
اللَهُ أعطاكنّ فالدن / يا وزينتُها لكنّه
رفقاً بأفئدة الشبا / بِ فقد شجاها صدّكنّه
حامت كما حام الفرا / شُ على شقيق خدودكُنّه
لمّا تبدى سربها / نّ اصطاد قلبي سربُهُنّه
لم أدر وا لهفي على / ليلايَ هل هيَ بينُهنّه
فنسيت ربّي كيف لا / وسجدت إجلالاً لهنّه
والشاطىءُ الرملي ص / فّق هاتفا فرحا بهنّه
والموج داعب حينَما / عانقنَهُ أردافهنّه
يا ليتَهُنّ عرفنني / يا صاح إذ غازَلتُهنّه
ما خطبهنّ نفرن من / ي حينما كاشفتُهُنّه
أو ما علمنَ بأنّ لي / قلباً يقدّس طهرهنّه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025