القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : رِضا الهِندي الكل
المجموع : 24
يا دمع سحَّ بوبلك الهتنِ
يا دمع سحَّ بوبلك الهتنِ / لتحول بين الجفن والوَسَنِ
كيف العزاء وليس وجدي من / فقد الأنيس ووحشة الدمن
بل هذه قوس الزمان غدا / منها الفؤاد رَمِيَّةَ المحن
واستوطنت قلبي نوائبه / حتى طفقت أهيم في وطني
وأذلت دمعاً كنت أحبسه / وأصون لؤلؤه عن الثمن
ما الصبر سهلاً لي فأركبه / فدع الفراد يذوب بالحزن
ما للزمان إذا استلنت قسا / ورُميتُ منه بجانب خشنِ
أَوَكان ذنبي أن ألنت له / جنبي ولولا الحلم لم يلن
أم دهرنا كبنيه عادتهم / يجزون بالسوأى عن الحسن
أم كل من تنميه هاشم لا / ينفك في حرب مع الزمن
أوَما نظرت على صفيِّ بني / مضر الكرام وخير مؤتمن
شبل الوصيِّ وفرخ فاطمة / وابن النبيّ وسبطه الحسن
كم نال بعد أبيه من غصص / يطوي الضلوع بها على شجن
حُشدت لنصرته الجنود وهم / بين البغاة وطالبي الفتن
ومحكم ومُؤَمِّل طمعاً / ومشكك بالحق لم يدن
حتى إذا امتحن الجموع لكي / يمتار صفوهمُ من الأَجِنِ
نقضوا مواثقهم سوى نفرٍ / نصحوا له في السرِّ والعلنِ
وبما عليه ضلوعهم طويت / من لاعج للحقد مكتمن
نسبوا إليه الشرك وهو من ال / إيمان مثل الروح للبدن
جذبوا مصلاَّه فداه أبي / من كاظم للغيظ مُمتَحن
قسماً بسؤدده ومحتده / وبحلمه الموفي على القنن
لو شاء أفناهم بمقدرة / لو لم تكن في الكون لم يكن
لهفي له من واجدٍ كَمدٍ / مستضعفٍ في الأرض ممتهن
ما أبصرت عين ولا سمعت / أذن بمن ساواه في المحن
يرعى عداه بعينه ويعي / شتم الوصي أبيه في أذن
ويرى أذلَّ الناس شيعته / وأعزّهم عبَّادة الوثن
وقد ارتدى بالصبر مشتملاً / بالحلم محتفظاً على السنن
حتى سقوه السم فاقتطعوا / من دَوحِ أحمد ايَّما غصن
سمّاً يقطِّعُ قلب فاطمة / وجداً على قلب ابنها الحسن
وهوى شهيداً صابراً فهوت / حزناً عليه كواكب الدجن
وتجهزت بالجند طائفة / مقتادة للبغي في شطن
يا للورى لصدور طائفة / شُحِنَت من الشحناء والإِحن
أقصت حشا الزهراء عن حرم ال / هادي وأدنت منه كل دني
أفسبع أثمان تضيق وقد / وسع العدى تسعان من ثُمُن
الله من صبر الحسين به / حاطت ذوو الأحقاد والضغن
تركوا جنازة صنوه غرضاً / للنُبلِ يثبت منه في الكفن
ويصده عنهم وصيته / حاشاه من فشل في الكفن
فمضى به نحو البقيع الى / خير البقاع بأشرف المدن
واراهُ والأرزاء مورية / بحشاه زند الهَمِّ والحزن
ودعا وأدمعه قد انحدرت / من أعين نابت عن المزن
أيطيب بعدك مجلس لي أم / عيشي الهنيُّ وقد فقدت هني
أفديك من ثاوٍ بحفرته / مستودع في الأرض مرتهنِ
أوَ بعدما ابيضَّ القذال وشابا
أوَ بعدما ابيضَّ القذال وشابا / أصبو لوصل الغيد أو أتصابي
هبني صبوت فمن يعيد غوانياً / يحسبن بازيَّ المشيب غرابا
قد كان يهديهنّ ليل شبيبتي / فضللن حين رأين فيه شهابا
لا يبعدنَّ وإن تغيَّر مألف / بالجمع كان يؤلف الأحبابا
ولقد وقفت فما وقفن مدامعي / في دار زينب بل وقفن ربابا
فسجمت فيها من دموعي ديمة / وسجرت من حرّ الزفير شهابا
واحمرَّ فيها الدمع حتى أوشكت / تلك المعاهد تنبت العنابا
وذكرت حين رأيتها مهجورة / فيها الغراب يردد التنعابا
أبيات آل محمد لما سرى / عنها ابن فاطمة فعدن يبابا
ونحا العراق بفتية من غالب / كل تراه المدرك الغلابا
صِيدٌ إذا شبَّ الهياج وشابت ال / أرض الدما والطفل رعباً شابا
ركزوا قناهم في صدور عداتهم / ولبيضهم دعلوا الرقاب قرابا
تجلو وجوههم دجى النقع الذي / يكسو بظلمته ذكاء نقابا
وتنادبت للذبِّ عنه عصبة / ورثوا المعالي أشيباً وشبابا
من ينتدبهم للكريهة ينتدب / منهم ضراغمة الأسود غضابا
خفوا لداعي الحرب حين دعاهم / ورسوا بعرصة كربلاء هضابا
أُسدٌ قد اتخذوا الصوارم حلية / وتسربلوا حلق الدروع ثيابا
تخذت عيونهمُ القساطل كحلها / وأكفهم فيضَ النحور خضابا
يتمايلون كأنّما غنّى لهم / وقع الظُبى وسقاهم أكوابا
برقت سيوفهم فأمطرت الطُلى / بدمائها والنقع ثار سحابا
وكأنّهم مستقبلون كواعباً / مستقلبلين أسنَّة وكعابا
وجدوا الردى من دون آل محمد / عذباً وبعدهم الحياة عذابا
ودعاهم داعي القضاء وكلهم / ندب إذا الداعي دعاه أجابا
فهووا على عفر التراب وإنّما / ضموا هناك الخُرَّدَ الأترابا
ونأوا عن الأعداء وارتحلوا الى / دار النعيم وجاوروا الأحبابا
فأقام عين المجد فيهم مفرداً / عقدت عليه سهامهم أهدابا
أحصاهم عدداً وهم عدد الحصى / وأبادهم وهم الرمال حسابا
يومي إليهم سيفه بذبابه / فتراهم يتطايرون ذبابا
لم أنسه إذ قام فيهم خاطباً / فإذا همُ لا يملكون خطابا
يدعو ألستُ أنا ابن بنت نبيّكم / وملاذكم إن صرف دهر نابا
هل جئت في دين النبيّ ببدعة / أم كنت في أحكامه مرتابا
أم لم يوصِّ بنا النبيُّ وأودع ال / ثقلين فيكم عترة وكتابا
إن لم تدينوا بالمعاد فراجعوا / أحسابكم إن كنتم أعرابا
فغدوا حيارى لا يرون لوعظه / إلا الأسنَّة والسهام جوابا
حتى إذا أسفت علوج أمية / أن لا ترى قلب النبيّ مصابا
صلَّت على جسم الحسين سيوفهم / فغدا لساجدة الظبى محرابا
ومضى لهيفاً لم يجد غير القنا / ظلاً ولا غير النجيع شرابا
ظمآن ذاب فؤاده من غلة / لو مسَّت الصخر الأصمّ لذابا
لهفي لجسمك في الصعيد مجرداً / عريان تكسوه الدماء ثيابا
تَرِبَ الجبين وعين كل موحد / ودَّت لجسمك لو تكون ترابا
لهفي لرأسك فوق مسلوب القنا / يكسوه من أنواره جلبابا
يتلو الكتاب على السنان وإنما / رفعوا به فوق السنان كتابا
ليَنُح كتابُ الله مما نابَهُ / ولينثن الإسلام يقرع نابا
وليبك دين محمد من أمَّةٍ / عزلوا الرؤوس بوأَمَّروا الأذنابا
هذا ابن هند وهو شرٌّ أميةٍ / من آل أحمد يستذلّ رقابا
ويصون نسوته ويبدي زينباً / من خدرها وسكينة وربابا
لهفي عليها حين تأسرها العدى / ذلاًّ وتُركبها النياق صعابا
وتبيح نهب رحالها وتنيبها / عنها رحال النيب والأقتابا
سلبت مقانعها وما أبقت لها / حاشة المهابة والجلال حجابا
إن كان عندك عبرة تجريها
إن كان عندك عبرة تجريها / فانزل بأرض الطف كي نسقيها
فعسى نَبُلُّ بها مضاجع صفوة / ما بُلَّتِ الأكباد من جاريها
ولقد مررت على منازل عصمة / ثقل النبوة كان ألقى فيها
فبكيت حتى خلتها ستجيبني / ببكائها حزناً على أهليها
وذكرت إذ وقفت عقيلة حيدرٍ / مذهولة تصغي لصوت أخيها
بأبي التي ورثت مصائب أمِّها / فغدت تقابلها بصبر ابيها
لم تَلهُ عن جمع العيال وحفظهم / بفراق إخوتها وفقد بنيها
تدعو فتحترق القلوب كأنّما / يرمي حشاها جمره من فيها
هذي نساؤك من يكون إذا سرت / في الأسر سائقها ومن حاديها
أيسوقها زجرٌ بضرب متونها / والشمر يحدوها بسبِّ أبيها
عجباً لها بالأمس أنت تصونها / واليوم آل أمية تبديها
حسرى وعزَّ عليك أن لم يتركوا / لك من ثيابك ساتراً يكفيها
وسروا براسك في القنا وقلوبها / تسمو إليه ووجدها يضنيها
إن أخَّروه شجاه رؤية حالها / أو قدموه فحاله يشجيها
حتام قلبي من بعادك خائفُ
حتام قلبي من بعادك خائفُ / أو ليس يامن في حماك الطائف
ومتى يقضيّ نسكه صبٌّ له / بمشاعر الشوق الشديد مواقف
حاشاك تطرد من فناك نزيله / وسواءٌ البادي به والعاكف
ولي الهيام من الغزال وإنّما / لك منه جيدٌ أتلعٌ وسوالف
يا من تخالف طبعه بقطيعتي / وعليه طبعي مثله متخالف
فشمائل منهنّ طرفي مربع / ولهيب شوق فيه قلبي صائف
حالفت غيري إذ قطعت مودَّتي / فالهمُّ لي أبد الزمان محالف
فكأنّه المجد الأثيل ومهجتي / عبد الحسين لكل مجد آلف
وسع القوافي مجده فعلاؤه / متواتر وعطاؤه مترادف
يهنيك ما عين الرشاد قريرة / فيه وأنف الغيّ منه راعف
جبتَ القفار على مضمَّرة بها / للبيد تُقطَعُ أظهرٌ وتنائف
كالريح تستاق الغبار سحابة / وتمرُّ فيها وهي برق خاطف
هي صرح بلقيس وزجرك مذ غدا / علم الكتاب علمت أنك آصف
ما مسَّها جوع وروضك ناضر / كلا ولا ظمأ وغيثك واكف
فأطفت بالبيت الحرام ملبياً / وبودِّه لو أنه بك طائف
يبني خباؤك للمؤمل كعبة / وطوائف الحجاج فيه طوائف
أما لائذ في طود عزّك واثق / أن لا يمرَّ عليه ريح عاصف
والدهر يمثل حول بيتك قائلاً / بالباب عبد من عبيدك واقف
بسطت عصاك لمن عصاك مخالفاً / هيهات ليس لما تقول مخالف
فالخائف اللاجي لعدلك آمن / والآمنُ العاصي لأمرك خائف
عجباً وأنت لكل حق حافظ / من ان يضيع فما لمالك تالف
ألَهُم عليك غرامة بالضعف قد / شرطت فأنت تفيهم وتضاعف
أم أنت والراجي نداك كلاكما / أخوان فهو لما ورثت مناصف
لم تبق للأجواد من أثر فلم / تقتصَّهُ حتى كأنّك قائف
جَمَّعتَ تالد مجدهم وفضلتهم / إذ فيك قد شفع التليد الطارف
أبدعت في العليا صفات لم تكن / في الأولين فما يقول الواصف
لم أَلفِ فيهم من يقول عجزت عن / عرفانه لأقول هذا العارف
وبقيت كهفاً للعفاة ومأمناً / أوَ ليس يأمن في حماك الطائف
عن ريقة روت الشمول
عن ريقة روت الشمول / معنى تطيش به العقولُ
وبجفنه مرَّ النسيم / الغضُّ فهو به عليل
وبخده ولع الشقي / قُ فشفَّ نضرته الذبول
والغصن ما لقدِّه / ذلاًّ كذا من يستطيل
والطود حاول أن يوا / زنَ ردفه وكذا الثقيل
رشأ كحيل الناظري / نِ فداؤه الرشأ الكحيل
حكَّمت عدل قوامه / في مهجتي فغدا يميل
فسأرفض التحكيم إن / كانت كقامته العدول
إن قلت أضناني النحو / لُ يقول بل خصري النحيل
أو قلت قد طال الصدو / دُ يقول عادته يطول
أو قلت أجمل قال لي / أولى بك الصبر الجميل
لا تكثرنَّ من الشكا / يةِ إنني ظبيٌ ملول
أنا عالم بجميع ما / تخفي فقل ماذا تقول
اقنع بلقيا ساعة / فالصب يرضيه القليل
يا سعد قد سمح الزما / نُ وقلما يسخو البخيل
فأدر بكأسك جذوة / بلهيبها يُطفى الغليل
واشرب فقد رقَّ الشما / لُ ضحى وروقت الشمول
والروض جنات من ال / أنهار فيها سلسبيل
والعندليب بلحنه للغصنِ / أصبح يستميل
يروي لنا عرس الحسي / نِ فكلنا طرباً نميل
فرع نماوكذا الفرو / ع إذا زكت منها الأصول
فغدا مثالاً للعلا / فلذاك عزَّ له المثيل
ماضي الجراز ولحظه سيان
ماضي الجراز ولحظه سيان / هذا يُسَلُّ وذاك في الأجفان
يرنو إليَّ بلحظه فيصيبني / ومن العجائب أن يصيب الراني
رشأ لطلعة وجهه ولجيده / ما للبدور سناً وللغزلان
وبخده خال كأنَّ سواده / خال بخد شقائق النعمان
فإذا تثنى بين أغصان النقا / فضح الغصون بقدِّه النشوان
وإذا رنا بين الظباء بطرفه / فتن الظباء بطرفه الفتان
وإذا تكلّم خلت دراً لفظه / وإذا تبسم خلت عقد جمان
لو كان للأوثان بعض صفاته / جازت لديَّ عبادة الأوثان
ما زلت أشكو للتصابي منَّةً / حتى جفاني ناعس الأجفان
لم يصف لي من بعد طول صدوده / إلا بعرس للجواد زماني
فلذاك عرس عمّني بسروره / وبه بلغت مقاصداً وأماني
فاهنأ بعيش يا جواد مرغَّدٍ / ما غرّدت ورق على الأغصان
فالأنس نحوك مقبل لا مدبر / والبؤس ناءٍ عنك ليس بداني
زُفَّت إلى بدر الدجى شمس فقل / قمران باتا ليلة بقران
شمس الضحى قد أدركت قمر الدجى / فهما إذاً ضدّان مجتمعان
منحته وصلاً بعد طول صدودها / ولطالما قتلته بالهجران
وأتت تثنى والدلال يهزها / فقل النسيم يهزّ غصن البان
هب أن دهرك قد جنى ببعادها / فالآن تاب وليس بعدُ بجان
فبه أهني واحد الزمن الذي / ساد الأنام وماله من ثاني
وبه أهني عمه الندب الذي / جاز المدى فغدا بلا أقران
دمتم جميعاً والهنا حلف لكم / تشدو به الورقاء بالألحان
حكَمٌ تسيل على فم الأقلام
حكَمٌ تسيل على فم الأقلام / أم ذي لآل في يدي نظَّام
ورسالة قالوا أتانا المصطفى / فيها فقلت بشارة الإسلام
قل لابن يعقوب الذي
قل لابن يعقوب الذي / ثوب الكمال عليه يضفو
من ارتجي منه الصفا / إن كان ودك ليس يصفو
أأخي ما عودتني / منك الجفا فإلى مَ تجفو
أبتاه حسبك رقدة الوسنان
أبتاه حسبك رقدة الوسنان / فالليل منه قد انقضى ثلثان
قم للقراءة والتهجد والبكا / والذكر والدعوات والقرآن
قم للصلاة فقد أتتك محافظاً / أن لا تضيع وديعة الرحمن
أولم تكن مهما دنت أوقاتها / متحفزاً تصغي لصوت أذان
لازمتها حتى الممات فلم تكن / لك في سواها أطبقت شفتان
لو لم يكن لك غيرها رجحت على ال / أعمال يوم تحط في الميزان
أنّى وقد ملأ الزمان فضائلاً / لك ليس يفني ذكرها الملوان
وعليك يا أماه ألف تحية / مشفوعة بالعفو والرضوان
وقف على الزفرات فيك جوانحي / ونواظري وقف على الهملان
ما كنت منفرداً برزئك في الورى / لو كان تعرفك الورى عرفاني
أولم تعان في رضاء محمد / ما لا تكاد له الرجال تعاني
هيهات لا أقضي حقوقك إن يُذب / قلبي الجوى ويذِله من أجفاني
أنّى وقد ربيتني وكفلتني / وغذوتني بالبر والإحسان
وحملت ثقلي نحو عشرة أشهرٍ / وبمص ثديك تمَّ لي حولان
فعليَّ يا أماه شكرك واجب / من بعد شكر الواحد الديّان
وإليك منّي يابن أمِّ شكاية / لو كنت تسمع منطقي وتراني
ما بالك استأثرت في ورد الردى / دوني الغداة وإنّنا أخوان
وسكنت في غرف الجنان منعماً / وطويت أضلاعي على النيران
أقصاكَ عن قربي الحمام وليته / من قرب دارك عاجلاً ادناني
فلئن أمت فهو المنى ولئن أعش / فلأقضين العمر بالأشجان
ولأجرين الدمع طوفاناً على / ترب أهالوه على طوفان
حتى يعدَّ الدمع في قطراته / ما كنت توليني من الإحسان
وأحيل رمسك روضة تحكي بها / حمر الدموع شقائق النعمان
ولسوف أغدو في رثاك متمماً / عمري لأنك مالك لعناني
وتهيج في صدري بلابل للجوى / فأنوح نوح حمائم الإغصان
يا راية التوحيد لا تنفك لي / كبد عليك شديدة الخفقان
يا مخذم الإِسلام ليس يزال في / قلبي لفقدك مثل وخز سنان
يا جُنَّة الإِيمان بعدك مهجتي / أضحت رمية أسهم الحدثان
سرعان ما قد عاد ربعي بلقعاً / وهتفن فيه نواعب الغربان
سرعان ما اختلستك أنياب الردى / مني وأضلاعي عليك حوان
أبقت فؤادي وانتقتك وكنتما / متعادلين ككفتي ميزان
ما كان ضرَّ فوادح الحدثان
ما كان ضرَّ فوادح الحدثان / لو كان قبلك سهمهن رماني
ما ضر لحداً قد ذكا بك نشره / لو أنه لما طواك طواني
يا ليت أخطأك الردى أوليته / لما أصابك لم يكن أخطاني
يا زينة النادي وناقع غلة ال / صادي ونجم هداية الحيران
يا واحداً فيه اتفقن مناقبٌ / لم يختلف في عدهن اثنان
يا أولا في المكرمات فما له / فيها وعنها في البرية ثاني
يا لهجة المداح بل يا بهجة ال / أرواح بل يا مهجة الإيمان
إن غبت عن بصري فشخصك حاضرٌ / أو تنأ عنه فأنت منه داني
ما إن أصرف أعيني في وجهةٍ / إلا رأيتك ماثلاً لعياني
لم يخل منك سوى مكان واحدٍ / وملأت في عيني كل مكان
نفسي فداؤك من قريب نازحٍ / أوحشتني إذ صرت من جيراني
فلسوف أغدو في رثاك متمماً / عمري لأنك مالك لعناني
أسهرت أجفاني وكم قد بت في / أرقٍ لتملأ بالكرى أجفاني
فلأرثينك باللواعج والأسى / إن كل عن نظم الرثاء لساني
ولأجرين الدمع طوفاناً على / تُرب أهالوهه على طوفانِ
حتى يعدَّ الدمع في قطراته / ما كنت توليني من الإحسان
وأحيل رمسك روضة تحكي بها / حمر الدموع شقائق النعمان
يا راية التوحيد لا تنفك لي / كبد عليك تلج الأغصان
يا من به افتخرت لويُّ ومن له / ألقت زعامتها بنو عدنان
طالت به العربُ الملوكَ وأصبحت / تزهو عمائمها على التيجان
الدين بعدك مستباح رحله / فابعث إليه بنصرة الغيران
قد نام عنه حماته ومضى الذي / يحمي حماه بناظر يقظان
بمَ يشمت الأعداء بعدك لا غفوا / إلاّ على حسكٍ من السعدان
ببقاء ذكرك في الزمان مخلداً / ام بالفناء وكل حيٍّ فان
أم بانتقالك من مجاورة العنا / والهمِّ نحو الروح والريحان
فليشمتوا فمصاب آل محمد / مما يُسَرُّ به بنو مروان
إن يشمتوا فلقد رغمت أنوفهم / بمفاخر شهدت بها الثقلان
قد عاد حزنك ملءَ كل حشاشة / وجميلُ ذكرك وردَ كلّ لسان
فارقتنا في شهر عاشورا فا / تصلت به الأحزان بالأحزان
نبكي المغسَّلَ بالقراح وتارة / نبكي المغسَّلَ بالنجيع القاني
وننوح للمطويِّ في أكفانه / أم للطريح لقىً بلا أكفان
أم للمقلب بالأكفّ أم الذي / قد قلَّبته الخيل بالجَوَلان
أم للمشيَّع بالسرير أم الذي / في رأسه طافوا برأس سنان
أم للموارى في التراب أم الذي / أمسى بلا دفن على الكثبان
إن تُمس في ظُلَمِ اللحود موسَّدا
إن تُمس في ظُلَمِ اللحود موسَّدا / فلقد أضات بهنَّ أنوار الهدى
ولئن يفاجئك الردى فلطالما / حاولت إنقاذ العداة من الردى
هذا مدى تجري إليه فسابقٌ / في يومه أو لاحق يمضي غدا
قد كنت أهوى أنّني لك سابق / هيهات قد سبق الجواد الى المدى
فليندب التوحيد يوم مماته / سيفاً على التثليث كان مجردا
وليبك دين محمد لمجاهدٍ / أشجت رزيته النبي محمدا
وليجر أدمعه اليراع لكاتب / أجراه في جفن الهداية مرودا
وجد الهدى أرِقاً فأسهر جفنه / حرصاً على جفن الهدى أن يرقدا
أأخيَّ كم نثرت يداك من الهدى / بذراً فطب نفساً فزرعك أحصدا
إن كنت لم تعقب بنين فكل من / يهديه رشدك فهو منك تولدا
اأخيَّ إن العيش أكدر موردٍ / قل لي فهل تحلو المنية موردا
صفها فإنّي بابتهاجك واثق / لكن على نفسي أخاف من الردى
هل خولوك من الشفاعة ما به / أحظى وأحيا في الجنان مخلدا
أأخيَّ إن الموت فرَّق بيننا / أتراك تجعل للتلاقي موعدا
حال الحمام فلا تلبي داعياً / يأتي فناك ولا تحيي الوُفَّدا
واعتدت أن تجفو محباً لم يكن / أبد الزمان على جفاك معودا
إنّي لأطمع في المنام بزورة / لو لم يكن جفني عليك مسهدا
يا من هدى المسترشدين بنوره / نم هادئاً فعليك قلبي ما هدا
لا تحذر السفر البعيد فلم تزل / بالباقيات الصالحات مزودا
قد خصَّك الرحمن في آلائه
قد خصَّك الرحمن في آلائه / فدعاك داعيه لدار لقائه
عمت رزيتك السما والأرض يا / داعي هداه بأرضه وسمائه
يا محيي الدين الحنيف تلافه / فالدين أوشك أن يموت بدائه
أوقدت أنوار الهدى من بعدما / قد جدَّ أهل الكفر في إطفائه
ورفعت للتوحيد راية باسل / ردَّ الضلال منكِّساً للوائه
يا باري القلم الذي إن يجرِ في / لوح أصاب الشرك حتم قضائه
ما السمر تشبه منه حسن قوامه / كلا ولا الأسياف حدَّ مضائه
عجباً له يملي بيانَك أخرساً / وترى الأصمَّ ملبّياً لدعائه
هو معجز طوراً ويسحر تارة / أهلَ الحجى إن شاء في إنشائه
قد نلت نمنه مشحطاً بمداده / أجر الشهيد مشحطاً بدمائه
كم من مريض ضلالةٍ أشفى وقد / كنت الضمين لبرئه وشفائه
يا من أغاث الدين عند ندائه / فكفاه ما يلقاه من خصمائه
اليوم أصبح شاكياً متألماً / لما انفصلت وأنت من أعضائه
لما ركدت وأنت ينبوع الهدى / أذويت غصن الحق بعد نمائه
كلاّ لقد أبقيت ذكراً خالداً / يفنى طويل الدهر قبل فنائه
لك عاد بطن الأرض أفسح منزل / والكون بعدك ضاق رحب فضائه
جاورت مرقد حيدر إذ لم تزل / ما عشت معتصماً بحبل ولائه
شقُّوا ضريحك في الصعيد وودَّ لو / قد شقَّه الإِسلام في أحشائه
لم تألُ جهدك بالجهاد كأنّما / خوطبتَ وحدك دوننا بأدائه
ووقفت نفسك في المواقف كلها / لحماية الإِسلام من أعدائه
ومنيت مدة ما حييت معانيا / إصلاح ما يلقاه من أبنائه
حتى بنفسك جُدتَ تفديه ومن / مثل الجواد بجوده وفدائه
إن كان صرح الدين هُدَّ فطالما / شيَّدتَ في الدنيا رفيع بنائه
لله رزؤك مذ أطلَّ على الهدى / أنساه ما قد مرَّ من أرزائه
ليس المجاهد عنه في أسيافه / مثل المجاهد عنه في آرائه
هذا ثري يحمي حماه حيدر
هذا ثري يحمي حماه حيدر / يخشى نكيرٌ من لقاه ومنكر
يعفو الإله عن الدفين برمله / وله ملائكة السما تستغفر
تستقبل الولدان روح دفينه / والحور من طلب اللقا تستبشر
وتميس طوبى من تباشرها به / وعليه أنواع الفواكه تنثر
والنار تغلق دونه أبوابها / ويبلُّ غلَّتَه الرحيق الكوثر
يلقى نعيماً في الجنان ونضرة / والله يومئذٍ إليه ينظر
طوبى لمن يحمي الوصيُّ مقرَّه / وبه إذا بعث الخلائق يحشر
وعليه من نور الولاء علامة / غراء يعرفه بها من يبصر
فليهن فيه محمد الحسنُ الذي / حَسُنَت خلائقه وطاب العنصر
قد كان أيام الحياة بجوده / يحيى الفقير ويُنصَرُ المستنصر
فلذاك وفقه السلام الى حمى / وادي السلام فصار فيه يقبر
وأقام جاراً لابن عم محمد / يحبى بأصناف النعيم ويحبر
ما مات من أودى وخلف بعده / شبلاً به كسر الإمارة يجبر
الطيب الزاكي الجواد الباسل ال / سامي محمدٌ الحسين الأطهر
ناهيك فيه للإمارة حاكماً / ينهى على نهج الكتاب ويأمر
ينهلُّ من كفيه وبل سماحة / ينمو به غصن الرجاء فيثمر
ذهب الزمان بساعدي ومساعدي
ذهب الزمان بساعدي ومساعدي / وبكت لما ألقاه عين الحاسد
ولربَّ قائلة تصبَّر فالبكا / والحزن لا يشفي غليل الواجد
هَب أنّه عظم الفقيد فهل ترى / يسترجع المفقودَ دمعُ الفاقد
فأجبتها والدمع يسبق منطقي / فينوب عني في بيان مقاصدي
قد كنت أصبر في النوائب كلها / لو أن عندي قلب عبد الواحد
لما جرى قلمي بذكرك أينعت
لما جرى قلمي بذكرك أينعت / منه ثمار الودِّ في الأوراق
هذا بذكرك حال عود يابس / أتلومني إن طرت من أشواقي
لجَّ العذول بنا ولج
لجَّ العذول بنا ولج / والحب في قلبي ولج
كتب الغرام على جبا / هِ ذوي الصبابة لا حرج
الدهر أبدع فيك فعله
الدهر أبدع فيك فعله / حتى حباك الحسن كلَّه
ولقد ملكت نصابه / أفلا تزكيه بقبله
إنَّا توجهنا إليك / وأنت للعشاق قبله
عجباً لدين هواك شا / ع نظامه في كل ملَّه
ولَّهت قلبي في الهوى / عطفاً على قلبي المولَّه
ارحم عزيزاً لم يكن / لولاك يرضى بالمذله
دنفاً إذا نام الورى / سهر الدجى إلا أقلَّه
نعم النديم لمن يقضِّي وقته
نعم النديم لمن يقضِّي وقته / معه فإن جليسه لا يندم
حلو الحديث وليس يملك منطقاً / بل وجهه عما يكنُّ مترجم
ما مثله متبذل بالسرِّ قد / لزم السكوت كأنه متكتم
ولقد سألت من الملوك حديثهم / وقديمهم عما به أنا أعلم
أي الندامى راقكم تاريخه / قالوا النديم الساكت المتكلم
يا مرقد الطوسيِّ فيك قد انطوى
يا مرقد الطوسيِّ فيك قد انطوى / محيي العلوم فعدت أطيب مرقد
بك شيخ طائفة الدعاة الى الهدى / ومُجَمِّعُ الأحكام بعد تبدد
أودى بشهر محرم فأضافه / حزناً لفاجع رزئه المتجدد
وبكى له الشرع الشريف مؤرخاً / أبكى الهدى والدين فقد محمد
أمحمد الندب العلي ومن جرى
أمحمد الندب العلي ومن جرى / للناس زاخر فضله قاموسا
أضحى لسانك للهداية حارساً / فبقيت ما بقي الهدى محروسا
أطلقت أسر المكرمات بأسرها / فغدا عليك ثناؤها محبوسا
إن يطغ فرعون الهموم ببغيه / أرخ بلوغ مناك مولد موسى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025